..::||الجزء الثاني والعشرون ||::..
وفي اليوم التالي في العيادة النفسية، أخرج أحمد صورة قيس لشيماء وسألها
أحمد: أهذا هو قيس؟
شيماء متعجبة: أجل!! من أين أتيت بها؟
أحمد: ألن يتغير شكله؟ أهو كما في الصورة تماماً؟!
شيماء: أجل...
أحمد: ... أمر غريب *لا يوجد الآن سوى احتمالاً واحداً، ألا وهو أن قيس توفي ومن يزورها يومياً أحد الجن، فلا يمكنني تصديق قصته!! ولا يمكن لقيس أن يبقى في العمر نفسه!! ولكن أين ذهبت جثته؟ لماذا لم يجدها أحد حتى الآن؟*
شيماء: ألم تخبرني من أين أتيت بها؟
أحمد: إنه سر...
شيماء: سر؟؟!
أمسك أحمد برأسه ونظر إلى الأسفل: انتهت الجلسة اليوم، أراكم فيما بعد...
تعجبت شيماء ولم تغادر المكان ولكن والدتها أمسكت بيدها وسحبتها إلى الخارج وشيماء نتظر إلى الطبيب أثناء مغادرتها، وفور ركوبهما السيارة قام أحمد بالاتصال بوالدة شيماء...
الأم: *إنه الطبيب؟؟!!*
ثم أجابت عليه: خيراً...
أحمد: عليكما أن تخرجا من ذلك المنزل، قومي بتخطيط كل شيء والبحث عن منزل آخر دون إخبار شيماء بالأمر، قيس ليس إلا أحد الجن يود مضايقة ابنتك فقيس الحقيقي توفي منذ إثني عشرة سنة!!
الأم: ....أهذا يعقل!! ولكن سأفعل ما بوسعب...
أغلقت هاتفها وقادت سيارتها نحو المنزل، ومن يومها ووالدة شيماء تبحث عن سكن جديد لتنتقل إليه دون علم شيماء بالأمر، أما شيماء فلم يتغير حالها، كانت تجلس مع قيس كل ليلة يتحدثان ومن ثم تنقل حوارهما إلى أحمد، وبعد أربعة أشهر، حان وقت خروجهما من المنزل بعد أن قامت والدتها بتدبير جميع الأمور وجمع حاجياتهم، وكان ذلك في الساعة الرابعة عصراً
شيماء بتعجب: أمي... لِم لَم تخبريني من قبل بأننا سوف نغادر المنزل؟
الأم: الأمر لا يستدعي إخبارك
شيماء وبحزن: ولكن... قيس لا يعلم مكان منزلنا الجديد، كان عليكِ إخباري من قبل لأعلمه بالأمر!!
الأم: .....
شيماء: أمي... لننتظر يوماً واحداً على الأقل
الأم: لا، لا يمكننا الانتظار، غير أني قمت بنقل حاجياتنا، هيا لنذهب
شيماء: لحظة قليلاً... سأعود حالاً بعد دقيقة
ذهبت شيماء إلى غرفتها جرياً وقامت بكتابة رسالة لقيس على ورقة وألصقتها على سور الشرفة، وكتبت فيها (لقد انتقلنا إلى منزل جديد ولكن لا أعرف أين يقع، أتمنى لو أراك مرة أخرى هناك)، ثم عادت إلى والدتها وغادرتا المكان، وفي المساء لم يأتِ قيس إليها بالطبع وترك ذلك أثراً كبيراً في قلبها، أما أحمد فقد اطمأن بأن مشكلة قيس انتهمت وما عليه الآن سوى هدم ما بناه قيس فيها من أفكار، ولكن بعد ثلاثة أيام فقط... كانت شيماء جالسة على سريرها حزينة تلعب بالسكين، تفتحها وتغلقها، وفجأة دخل عليها قيس من النافذة
قيس ينفض ثوبه: هنا التسلق أصعب من الغرفة السابقة
نظرت شيماء إليه: قيس!!
نهضت من مكانها وجرت نحوه تضمه: لا أصدق عيناي!! كيف وجدت المنزل؟
قيس: حتى وإن ذهبتي فوق القمر سوف أجدك
شيماء: لا تعرف كم اشتقت إليك... أظن أنني سوف أخبر أبا يوسف بأنك أتيت هذه الليلة من شدة فرحي ^_^
وضع قيس سبابته اليمنى على شفتيها وقال: صه... لا أريدك أن تخبري أحداً
شيماء: لماذا؟
قيس: في الحقيقة، كان هدفهما -أعني والدتك والطبيب- من تغيير سكنكما هو أن لا أعرف مكانكِ، فهم لا يريدون مني مقابلتك أبداً
شيماء: لماذا؟
قيس: لأنهما يظنان بأني رجل سيء، على أية حال لا تخبريهما أو تخبري أي أحد اتفقنا؟
شيماء: حسناً، اتفقنا
قيس: ولكن خيراً فعلت والدتك، فهذا المنزل أقرب إلى ذلك المنزل المهجور الذي أستيقظ فيه ^_^
شيماء: هذا راااائع، أود رؤية ذلك المنزل
قيس: لا داعي لذلك فهو لا يحوي على أي شيء مميز، الآن أخبريني، ماذا فعلتِ في الثلاثة أيام الماضية؟
شيماء: كانوا مملين حقاً، لم أستطع النوم ولم أجد من يواسيني ولكن من الآن وصاعداً سوف نبدأ حياتنا من جديد ^_^
قيس: هذا صحيح
وبعد ثمان سنوات مضت وقيس يأتي إلى شيماء ليلياً ولم يكتشف أحد هذا الأمر... كانت شيماء جالسة على سريرها تحاول كتابة إنشاء لمادة اللغة العربية، وكانت ترتدي بنطال وقميص أسودان، وكتب عليهما باللون الأحمر بعض الجمل باللغة الأجنبية، أما شعرها فقد وصل إلى خصرها وكان ناعماً وغليضاً وقد ربطته ورفعته للأعلى. دخل عليها قيس من الشباك
قيس: السلام عليكِ ^_^
شيماء وبضيق: وعليك السلام
جلس قيس أمامها على السرير: ما بك؟
شيماء: كالعادة... لا أستطيع التعبير في كتابة هذا الإنشاء السخيف، إنه موضوع تافه
قيس: ما هو موضوعه؟
شيماء: الفرق بين الماضي والحاضر... إنه أتفه موضوع قابلته في حياتي، ويأتينا كل سنة دراسية
قيس: حسناً سأكتبه أنا لك ^_^
أعطته الكراسة والقلم فوراً وقالت بابتسامة: شكراً لمعاونتك ^_^
بدأ يكتب لها الموضوع ويتحدث معها في الوقت نفسه
قيس: كيف حال المدرسة معك؟ وكيف حال أصحابك؟
شيماء وهي تنظر إلى الأعلى: حمداً لله...
قيس: لم أسمعك يوماً تتحدثين عنها، أيضايقونك هناك؟
شيماء: لا لا، ولكن لا يوجد بها شيء مميز أتحدث عنه
قيس: فهمت...
ثم جثت على ركبيتيها وهي على السرير وقالت: ما رأيك ببذلتي الجديدة؟
رفع قيس رأسه عن الكراسة ونظر إليها: اممممم... في الحقيقة أنا لا أحب اللون الأسود... إنه كئيب جداً
شيماء: بل العكس، أنا أحبه كثيراً... يحسسني بالغموض وأني أختلف عن البشر، غير أنه يناسب الأحمر الدموي... أحبهما مع بعضهما
قيس: أنا أفضل الأحمر مع الأبيض، إنه أنصع أليس كذلك؟
اعتدلت شيماء في جلستها وقالت: عيناي حساستان ولا تحتمل الألوان الناصعة والأضواء القوية
قيس: ومنذ متى؟ لم تخبريني بهذا من قبل؟!
شيماء: شعرت بهذا منذ اسبوعين، وفي عصر هذا اليوم ذهبت إلى الطبيب... قال بأني أملك إلتهاب بسيط في الجفن السفلي
قيس بعتاب: كان عليكِ أن تفحصيها من قبل...
شيماء: لا بأس فالأمر ليس بتلك الخطورة ^_^
حل الصمت الغرفة لبضع ثوانٍ ثم بدأت شيماء بالحديث
شيماء: امممم... أتعلم... لقد وجدت لي هواية جديدة غير الرسم
قيس مبتسم: وما هي؟
شيماء: التصوير الفوتوغرافي... سألت نفسي يوماً هل بإمكاني تصويرك؟ أود فعلها حقاً...
قيس: لا أظنك تستطيعين
شيماء: ولكن... أنا قادرة على رؤيتك
قيس: ولكن الكاميرا غير قادرة على ذلك
شيماء: دعني أجرب
ثم أخرجت الكاميرا من تحت الوسادة ووجهتها نحوه
شيماء: انظر... استطيع رؤيتك بوضوح عبر العدسة
قيس: إذاً حاولي التقاط صورة
التقطت شيماء صورة له ومن ثم فتحت على الذاكرة لتراها
شيماء: أنت غير ظاهر بها
قيس: أخبرتك ^_^
شيماء: ولكن أود أن ألتقط لك صوراً أثناء القتل أو أثناء اتساخ ثوبك بالدم، تبدو حينها جذاباً حقاً ^_^
قيس بتعجب: جذاباً!!
شيماء: أجل ^_^
قيس وهو منزل من رأسه يكتب: لا أظن ذلك...
شيماء: لماذا؟
قيس: لم أسمع أحداً قط يرى الناس المتسخين جذابين!!
شيماء: ولكنك لست كباقي البشر ^_^
رفع قيس رأسه وابتسم لها دون أن يقول لها شيئاً... ثم أعطاها الكراسة
قيس: انتهيت
شيماء: بتلك السرعة!!
قيس: المطلوب خمسة عشر سطراً لا غير، وغير ذلك إنه موضوع سهل
نظرت إلى الكراسة وقالت: خطك رائع... لا يشبه خطي أبداً... يبدو وكأنني سوف أعيد كتابته -__-"، ولكن شكراً على كتابته لي... سوف أنقله كما كتبته
قيس: العفو... ولكن لا تعتمدي علي دائماً فهذا لن ينفعكِ لحظة الامتحان
شيماء: أجل بالتأكيد ^_^