-
13-01-2007, 06:31 AM
#211
رد: جناحا الذبابة
فنجان قهوة
النكتة الألمانية
ستة عقود ونيف مرت على انتحار هتلر الذي قادت سياسته التوسعية إلى الحرب العالمية الثانية التي دمرت أوروبا وجلبت للشعب الألماني الكثير من المآسي التي لا يزال يعاني منها حتى الآن، وإذا كان الألمان ينظرون بغضب إلى الحقبة النازية، فإنهم ينظرون بغضب أيضا إلى فيلم سيعرض في برلين بعد أيام بعنوان “أصدق الصدق الصادق عن أدولف هتلر” من إخراج اليهودي داني ليفي لأنه يتناول سيرة الزعيم النازي بطريقة ساخرة ويقدمه بصورة زعيم مدمن يعاني من التبول اللاإرادي والعديد من مركبات النقص. ويقول الألمان إن هذا الأسلوب ليس هو الأمثل للحديث عن مرحلة من تاريخهم. يضاف إلى ذلك انهم يرون أنه من الأفضل القول إنهم ساروا وراء هتلر وهم يعرفون أنه طاغية سيقودهم إلى مصير مجهول، عن القول إنهم ساروا وراءه وهم يعرفون انه مهرج لا يستحق إلا السخرية، إذ لا شعب يحترم نفسه يسير وراء مهرج.
وقبل أيام صدر في برلين كتاب من تأليف المخرج وكاتب السيناريو اليهودي، أيضا، رودولف هيرتزوغ عن النكتة خلال الحقبة النازية بعنوان “هايل هتلر”، ويقول هيرتزوغ في كتابه الذي جمع فيه كل ما وصل إليه من النكات التي أطلقها الألمان عن فترة حكم هتلر واعتمد في ذلك على روايات العديد من كبار السن الذين عاشوا الحقبة النازية إن الألمان كانوا يعرفون منذ وصول النازيين إلى الحكم أن هتلر طاغية، ولكنهم لم يكونوا يخافونه، ولو كانوا كذلك لما أطلقوا النكات عليه.
وفي بداية حكمه في أوائل الثلاثينات من القرن الماضي كان هتلر يطرب للنكتة ويحب سماعها، ويسأل مساعديه عن الجديد منها، ومن النكات التي انتشرت في تلك الفترة: “ان هتلر زار مستشفى للأمراض العقلية ليتفقد حالة المرضى، وكلما مر على جماعة منهم أدوا له التحية النازية، ولاحظ بينهم رجلاً لم يفعل ذلك فاقترب منه وسأله بغضب: لماذا لا تؤدي التحية مثل بقية زملائك؟ فقال الرجل: سيدي الفوهرر، أنا الممرض، ولست مجنونا مثلهم”. ونكتة أخرى تتحدث عن استئثار النازيين بالوظائف المهمة في القطاعين العام والخاص: “زار هتلر أحد المصانع، وأثناء الجولة سأل مدير المصنع: هل لديكم موظفون من الحزب الديمقراطي الاشتراكي؟ فقال المدير: 80% من موظفينا ينتمون إلى هذا الحزب سيدي؟ فقال هتلر، وهل لديكم موظفون من حزب الوسط؟ فقال المدير: 20% يا سيدي، فقال هتلر: وكم عدد الموظفين من الحزب النازي؟ فقال المدير: كلنا من الحزب النازي سيدي”. ونكتة أخرى: “قالت فتاة لصديقتها: والدي التحق بالصاعقة، وأخي الأكبر بالقوات الخاصة، والأصغر بتنظيم الشباب النازي وأمي بالجمعية النسائية النازية، وأنا التحقت بتنظيم الفتيات النازي. فقالت صديقتها: وهل يتوفر لكم من الوقت للقاءات عائلية؟ فقالت الفتاة: نعم، نلتقي في مؤتمر الحزب السنوي في نوريمبرج”.
ومعسكرات الاعتقال النازية كان لها نصيبها من النكات، ومن ذلك: التقى صديقان، فقال الأول: سعيد برؤيتك.. كيف كانت تجربتك في معسكر الاعتقال؟ فقال الثاني: رائعة، في الصباح كانوا يقدمون لنا إفطارا شهيا، وعند الغداء شوربا ولحماً وحلويات، وعند العصر نمارس هواياتنا الرياضية والفنية والموسيقية، وفي المساء يقدمون لنا عشاء شهيا ونحضر فيلما سينمائيا ثم نذهب للنوم. فاستغرب صديقه، وقال له: غريب لقد روى لي صديقنا ماير قصة مختلفة تماما، فرد الأول: ولهذا أعادوه إلى المعتقل.
وفي الفترة الأخيرة من حكمه منع هتلر النكات السياسية وأمر بمتابعة مطلقيها ومروجيها، وفي عام 1944 أعدمت فتاة تدعى ماريان إليس بسبب نكتة تقول إن هتلر كان يقف مع مساعده جورينج على سطح مبنى المستشارية في برلين، فقال هتلر: أتمنى أن أفعل شيئاً كبيراً لشعبي يسعد الجميع ويخلده التاريخ، فقال جورينج: تستطيع أن تفعل ذلك سيدي، فقال هتلر: كيف؟ فأجاب جورينج: بأن تلقي بنفسك من على سطح المستشارية إلى الشارع. ويقال إن أحد زملاء ماريان سمعها وهي تروي النكتة فوشى بها إلى السلطات.
أبو خلدون
-
14-01-2007, 11:09 AM
#212
رد: جناحا الذبابة
فنجان قهوة
مصالحة مع الذات
ذات يوم، استيقظ المفكر الأمريكي إيكهارت تول من نومه مغتماً. كان يشعر بالأسى، وبدا له أنه يحمل كل هموم العالم فوق كاهله، وأحس بأنه يكره الدنيا، ويكره الناس، ويكره حتى نفسه، وعندما استبد به اليأس، فكّر في الانتحار.
شيء مؤلم أن يشعر الإنسان بالعدمية، واللاشيئية، وأن الفشل هو كل نصيبه من الحياة، وأن المآسي هي الشيء الوحيد الذي يطرق بابه.
وفجأة، لمعت له فكرة، وقال في نفسه: إن الأفكار التي تتزاحم في مخيلتي هي التي تجعلني أشعر بهذا الإحباط، وهي التي تحاول الآن دفعي إلى الانتحار، وأعتقد أن حالتي ستتحسن إذا طردت هذه الأفكار عني، واستبدلتها بأفكار أكثر إيجابية، وعندما فعل ذلك استعاد توازنه وثقته بنفسه، وأصبح أكثر إقبالا على الحياة.
وكانت هذه التجربة نقطة تحول في حياته، فبدأ يطوف المدن الأمريكية ليلقي محاضرات يحاول فيها شحن الناس بالأمل، ويقول لهم إن الذين يبالغون في تضخيم مشاكلهم بحيث يجعلونها تستوعب حياتهم كلها وتغلق عليهم سبل التفكير، يقعون أسرى لهذه المشكلات، والذين ينظرون إلى النصف الفارغ من الكأس ويرون الجانب الأسود من الحياة حتماً تتغير نظرتهم إذا نظروا إلى النصف الممتلىء، ثم نشر كتابا بعنوان “قوة اللحظة” يحتل حاليا قائمة أكثر الكتب مبيعا في الولايات المتحدة يقول فيه: لا تجعل نفسك أسيرا للأفكار السوداوية، لأن عقلك الذي يطرح هذه الأفكار سيغيرها قريبا بأفكار أكثر تفاؤلا، وتصبح الأفكار القديمة التي نغّصت عليك حياتك شيئا من الماضي.
ويقول إيكهارت تول إن التفكير الإيجابي مسألة تعود، ومع الزمن تبتعد الأفكار السوداوية، حيثما وجدت، عن الذهن، وتحل مكانها أفكار إيجابية وتشيع السعادة في الحياة، والمفتاح الرئيسي لذلك هو الإيمان، وكلما كان إيمانك بالله أكبر، كان تفكيرك أكثر إيجابية، وحياتك أكثر سعادة، ثم يطرح في كتابه عددا من النصائح لجعل الحياة أكثر جمالا، هي:
* لا تحمل نفسك آلاماً جديدة، فحياتنا مليئة بالآلام، ولذلك ينبغي أن نبعد الأفكار التي تسبب لنا الألم عن عقولنا، والحياة تسير، سواء كنا إيجابيين أو سلبيين، فلنحاول الانضمام إلى ركب الحياة النابض، فالنبتة التي يتملكها اليأس تذبل وتموت.
* حاول أن تجعل لحياتك هدفا، واصرف كل جهدك لتحقيق هذا الهدف، ولا تنس أن كل لحظة من لحظات العمر ثمينة جدا، فلا تتركها تمر دون فائدة، ومهما كانت مشاكلك، والتضحيات التي تقدمها، فإن الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه كفيل بجعل هذه المشاكل والتضحيات ذات طعم آخر، وكلما خطوت خطوة جديدة باتجاه تحقيق الهدف ستنسى كل ما عانيت من متاعب في سبيلها.
* تذكر أن الهدوء والسعادة هما القاعدة الأساسية في الحياة، والهموم والنكد هما الاستثناء، وكلما داهمتك أفكار سوداوية ينبغي أن تدرك أن الحياة تريد أن تعلمك درسا جديدا، فحاول استيعاب الدرس بسرعة لتزول هذه الأفكار بسرعة أيضا.
ويقول إيكهارت تول في كتابه إن هنالك طاقة مذهلة في داخلنا ضعفت إلى حد كبير بسبب انصرافنا إلى الحياة المادية، وإذا استطعنا تنشيط هذه الطاقة فإنها ستوفر لنا حلاً لكل مشكلة تعترض سبيلنا. والوسيلة الوحيدة لتنشيط هذه الطاقة هي السلام الروحي، والاتجاه إلى الله بكل كياننا، إذ إن ذلك سيمنح كل لحظة من حياتنا قوة غير عادية، هي “قوة اللحظة”.
أبو خلدون
التعديل الأخير تم بواسطة -Cheetah- ; 14-01-2007 الساعة 11:19 AM
-
19-01-2007, 09:15 AM
#213
رد: جناحا الذبابة
فنجان قهوة
إرهاب من نوع آخر
أخطر أنواع الإرهاب الذي يتعرض له الفرد في المجتمعات الغربية ليس الإرهاب الآتي من الخارج، وإنما الإرهاب الذي يمارسه الناس ضد بعضهم بعضا تحت حماية القانون. والفرد الغربي الذي يشعر أن القانون سلاح قوي في يده، وأنه يستطيع أن يحصل على حقه من خصمه، كائنا من كان، يشعر أيضا أن القانون يحاصره ويحصي عليه حركاته وسكناته وأنفاسه، ويدرك تماما أن أي تصرف خاضع للتأويل يمكن ان ينتهي به إلى السجن، بسبب ظاهرة بدأت تنتشر على نطاق واسع في الغرب، وخصوصاً في الولايات المتحدة يطلق عليها علماء الاجتماع اسم “ظاهرة إساءة استغلال القانون”.
وهذه الظاهرة دفعت عدداً من الشخصيات البارزة في ميتشيجان إلى تشكيل جمعية أهلية هدفها “منع الإرهاب عن طريق القضاء”، أطلق عليها اسم: “جمعية ميتشيجان لمراقبة إساءة استغلال النظام القضائي” وبعد تشكيل الجمعية بأيام تعرضت للإرهاب عن طريق القضاء، فقد رفع أحدهم دعوى ضد أحد أعضائها لأنه دق بابه لجمع التبرعات واتهمه في الدعوى باقتحام المنزل دون إذن. وفي ما يلي أمثلة على بعض الدعاوى التي نظرت فيها المحاكم الأمريكية مؤخرا:
* رفع أحد السجناء دعوى ضد إدارة السجون في ولاية نيوجيرسي ادعى فيها أن الغذاء الذي تقدمه إدارة السجن له جعلته يصاب بانتفاخ بالبطن، وطالب بتعويض كبير مقابل ذلك.
* أخذت امرأة مفرقعة نارية (ألعاب أسهم نارية) من ابنها لتلهو بها، وعندما كانت العائلة تتناول طعام الغداء في نزهة في البر، أشعلت المرأة المفرقعة وحاولت إطلاقها في الهواء، ولكنها لم تطلقها بالطريقة الصحيحة، وأصابت يدها بحروق، وفي اليوم التالي رفعت دعوى ضد المحل التجاري الذي اشترى ابنها الأسهم النارية منه، قائلة انه ينبغي على المحل عدم عرض المفرقعة للبيع من دون وضع تحذيرات عليها، وبيانات حول الطريقة الصحيحة لإطلاقها.
* في ليلة رأس السنة شاهد أحد رجال الشرطة امرأة عجوزا في حالة سكر بينة، ولكنه قرر عدم احتجازها في المخفر، بسبب كبر سنها، وتشاء المصادفة أن تقع المرأة وتصاب برضوض مؤلمة في جسدها، فرفعت دعوى ضد الشرطي تطالبه بتعويض، وقالت في الدعوى: لو أن الشرطي احتجزني عندما لاحظ أنني في حالة سكر، لما وقعت، وحدث ما حدث.
* رفعت سيدة دعوى ضد أحد نوادي البولينج قائلة إنها وقعت، أثناء اللعب في النادي، مما أدى إلى إصابتها برضوض وآلام شديدة في ظهرها، وعندما عرضت المحكمة هذه المرأة على الأطباء المختصين للفحص، كشف تاريخها المرضي انها تعاني من آلام في الظهر منذ ما يزيد على عشر سنوات، كما كشفت التحقيقات أنها استمرت في ممارسة رياضة البولينج لمدة 14 أسبوعا بعد سقوطها.
والمحاكم الأمريكية، بالطبع، رفضت معظم هذه الدعاوى، ولكن المشكلة هي أن الشاكي والمشتكي في كل واحدة منها تعرضا للكثير من القلق والكوابيس، وتكلفا الكثير من الجهد والنفقات والرسوم القانونية وأتعاب المحامين، فضلا عن إضاعة الوقت، وإزعاج القضاة. ويلاحظ أن المواطن الأمريكي بات ينتظر كل فرصة تسنح له لابتزاز مواطن آخر، ولا يجد وسيلة لذلك إلا المحاكم.
ومنذ إنشائها، قررت جمعية ميتشيجان لمراقبة إساءة استغلال النظام القضائي في الولايات المتحدة إجراء مسابقة سنوية لأفضل لافتة تحذيرية، وقد فازت في المسابقة التي أجرتها الجمعية مؤخرا لافتة وضعت على عربة لنقل الأطفال كتب عليها: ارفع الطفل من العربة قبل طويها.
أبو خلدون
-
19-01-2007, 09:21 AM
#214
رد: جناحا الذبابة
فنجان قهوة
فرص ضائعة
كأنما الأيام تلقي أمامنا، نحن العرب، بالفرص التاريخية فنتردد في انتهازها لعدم تبصرنا. فقبل مدة نشر الصحافي البريطاني نيل ماكاي مقالا في الصنداي هيرالد، الواسعة الانتشار، ردد فيه بصوت مسموع ما يردده الكثيرون في الغرب بينهم وبين أنفسهم، وهم يخشون أن يكون هنالك من يسمع، وهو: إن الموساد “الإسرائيلي” كان على علم مسبق بتفجير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، ومع ذلك فإنه لم يفعل شيئا لإحباط العملية، وترك الآلاف من الأمريكيين يسقطون تحت الأنقاض، والاستنتاج الذي خرج به القراء من مقال نيل ماكاي هو: إن عملية نسف برجي مركز التجارة العالمي حدثت لجر الولايات المتحدة إلى المشاركة، في حرب “صراع الحضارات” الذي لا تستفيد منه الحضارة الغربية، كما حدث أثناء الحرب العالمية الثانية، عندما جرى جرها للمشاركة في حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل، كما خرج القراء باستنتاج هو أن الدولة التي تشارك في تنفيذ عملية إرهابية من نوع نسف البرجين، أو تعرف بوجود مخطط لعملية من هذا النوع ولا تتحرك لإحباطه (وهي في هذه الحالة “إسرائيل”) لا تستحق البقاء كدولة، لأن وجودها يشكل خطرا على السلام والأمن العالميين.
ولم يترك المقال أية ردود فعل سلبية لدى القراء، باستثناء الأقلية اليهودية في بريطانيا، التي وصفت نيل ماكاي باللاسامية.
ورفض نيل ماكاي الاعتذار، وقال إن مقاله يستند إلى تحقيق طويل ومضن أجراه خلال العامين الماضيين حول الحادث، وإلى شهادات الشهود والخبراء.
وفي بلجيكا التي استقبلت محاكمها دعوى رفعتها عائلات ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا ضد شارون، طالبوا فيها بمحاكمته كمجرم حرب، مما اضطر البرلمان البلجيكي إلى تعديل القانون الذي جرى تقديم الدعوى بموجبه، واشتكى وزير الخارجية “الإسرائيلية” من موجة العداء المناهضة لليهود و”إسرائيل”، وأعاد إلى الأذهان أن موجة مشابهة أدت إلى الهولوكوست في الماضي، وقال: “إن هذه الموجة مشكلة بالنسبة ل”اسرائيل” واليهود”. وفي كل مكان توجد فيه أقليات يهودية، ترتفع الأصوات شاكية ومنددة، وفي استفتاء أجري في دول السوق الأوروبية المشتركة، تبين أن أغلبية الأوروبيين يعتقدون أن “إسرائيل” هي الأكثر خطرا على السلام العالمي، وفي استفتاء أجرته صحيفتا جلوب وميل بالتعاون مع إحدى مؤسسات استطلاع الرأي طالب 63% من القراء بقطع المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة عن “إسرائيل” وكان عدد الذين طالبوا بالاستمرار في تقديم المساعدات هو 7% فقط. وكنا نتصور أن المشروع الأمريكي الذي يهدد بإسقاط الشرق الأوسط بأسره تحت اليهمنة “الاسرائيلية” سيتمكن من دفعنا إلى تجاوز خلافاتنا الداخلية والتوحد في مواجهته، ولكن ذلك لم يحدث. وها هو المشروع يسقط، وها هي دول العالم بأسره تستعد للمشاركة في إعلان وفاته، إلا نحن، إذ إننا لم نصدق، أو لا نريد أن نصدق، إنه سقط، ومن أجل ذلك ترتد البندقية الفلسطينية عن صدور “الإسرائيليين” إلى صدور رفاق الخندق الواحد، وتغزو أثيوبيا الصومال ولا تهتز شعرة في شنبات أي عربي، وينقسم العرب إلى عربين في لبنان ونحن نتفرج. وعندما نستفيق من غفوتنا ونصدق أن المشروع الأمريكي قد سقط، وأن هنالك تحولاً في الرأي العام العالمي تجاه “إسرائيل” يكون الوقت قد فات للاستفادة من ذلك.
أبو خلدون
-
19-01-2007, 09:24 AM
#215
رد: جناحا الذبابة
فنجان قهوة
عارض ملكة النحل
لا عزاء للسيدات، فقد فتحت كل دول العالم أبوابها واسعة أمام المرأة لكي تشارك الرجل في كل المجالات، وبعض الدول وصلت فيها المرأة إلى أرفع المناصب، فالهند كانت تحكمها امرأة هي أنديرا غاندي، وسيريلانكا كانت تحكمها باندرانايكه، وبريطانيا خضعت لحكم المرأة الحديدية مارجريت تاتشر، وفي ألمانيا تحتل أنجيلا ميركل الآن الكرسي ذاته الذي احتله من قبلها كونراد اديناور صانع المعجزة الألمانية، وبرلمانات العالم في كل مكان باتت تعج بصاحبات الوجوه الناعمة المصبوغة بالألوان، والشعر المميش، والأظافر الملونة بالمانيكير، وعندما أطلق الاتحاد السوفييتي كبسولته الفضائية المأهولة الأولى للفضاء وضع فيها كلبة أنثى اسمها “لايكا” ولم يضع فيها كلبا ذكرا اسمه “لايك”، وبعدما لف جاجارين حول الكرة الأرضية بضع ساعات ودخل التاريخ باعتباره أول إنسان يرى الأرض من الفضاء تبعته فالنتينا تيرشيكوفا على الأثر بجولة فضائية أطول حطمت فيها الرقم الذي سجله جاجارين في الفضاء.
ومن الافتراء أن نقول إن الرجل لا يزال يظلم المرأة ويسلبها حقوقها، ويعتبرها دونه منزلة وكفاءة، فقد أثبتت الدراسات أن المرأة هي التي تفعل ذلك، وإنها هي التي تعتبر الرجل أكثر كفاءة ومقدرة منها، وإذا تقدم اثنان بنفس الكفاءة لوظيفة شاغرة، أحدهما ذكر والآخر انثى، وكانت مديرة الشركة امرأة، فإنها تختار الرجل، أما إذا كان المدير رجلا فإنه غالباً ما يختار المرأة.
ويتحدث علماء النفس عما يطلقون عليه اسم “عارض ملكة النحل”، وهذا العارض يصيب المرأة العاملة، خصوصا إذا كانت تحتل مركزا مسؤولا، ويدفعها للشعور بعدم الاطمئنان لوجود امرأة أخرى إلى جانبها في العمل، ولذلك فإنها تسعى لكي تظل الأنثى الوحيدة بين الرجال. وقبل مدة أجرت البروفيسورة جارسيا ريتامارو وزميلتها البروفيسورة إستر لوبير زفرا دراسة نشرتها مجلة “أدوار الجنسين” المختصة حول تجربة المرأة في العمل، وشملت ما يزيد على 705 نساء ورجال يحتلون مراكز قيادية في شركات ومؤسسات رسمية في مختلف العواصم الأوروبية، وفي الدراسة عرض على هؤلاء طلبات لترقية عدد من الموظفين إلى منصب قيادي هو “مدير إنتاج”. ودرس المشاركون البيانات الخاصة بكل صاحب طلب، إلى جانب كفاءته وخبراته والخدمات التي قدمها للشركة، وامكانات تطوير نفسه في المستقبل ليحتل مركزا أعلى، ثم اختاروا الأشخاص الذين يرونهم مناسبين لهذا العمل، والغريب ان القسم الأكبر من الرجال لم يأبه كثيراً لجنس المرشح، ولكنه حابى النساء، واختار مرشحات من الجنس اللطيف، بينما القسم الأكبر من النساء كان يختار على أساس الجنس ووقع اختيارهن على مرشحين من الرجال، وبررن اختيارهن بالقول: “إن الصفات القيادية لدى الرجل أكثر أصالة وبروزا من تلك لدى المرأة”. وتقول البروفيسورة جارسيا والبروفيسورة استر في دراستهما: “كشفت الدراسة ان القياديات النساء أكثر ميلا للنظر إلى المرأة باعتبارها أقل كفاءة من الرجل، كما انهن يرين إن أداء المرأة في العمل سيصبح أكثر سوءا بكثير في المستقبل”.
طبعا، الجمعيات النسائية لم تعجبها نتائج الدراسة، وقالت كاثرين ريك، مديرة جمعية فاوست للمساواة بين الجنسين إن القيم التي يؤمن بها المجتمع الذكوري بأن الرجل أكثر كفاءة من المرأة لا تزال راسخة وعميقة الجذور حتى في أذهان النساء، وقال غيرها إن السبب الذي يدفع المرأة المسؤولة إلى تفضيل الذكر على الأنثى يعود لأسباب طبيعية لا علاقة لها بالكفاءة والقدرة وهي: الغيرة .. فالمرأة تغار من أية امرأة أخرى، بينما هي لا تغار من الرجل.
وحتى لو كان ذلك صحيحا، ألا يعني ظهور الغيرة في قضايا تتعلق باختيار الشخص المناسب لوظيفة ان المرأة، فطريا، غير مؤهلة للحكم؟
أبو خلدون
-
19-01-2007, 09:28 AM
#216
رد: جناحا الذبابة
فنجان قهوة
أهل الفن
كيف ينظر المشاهير من الفنانين إلى أنفسهم؟ وهل يرون أنهم جديرون بالهالة التي تحيطهم الجماهير بها؟
أحمد زويل، العالم العربي الفائز بجائزة نوبل، يقول: “الفنانون ينتمون إلى كوكب غير كوكبنا، إنهم ليسوا من كوكب الأرض”، وشيء من هذا القبيل تقوله مغنية البوب الممثلة بوينس نولز: “يندر أن تجد فنانا مشهورا طبيعيا، إن المشاهير يعيشون في عالمهم الخاص”. أما علماء النفس فإنهم يرون أن هؤلاء مجرد شخصيات فارغة من أي مضمون، وتافهة، ومغرورة، وهبهم الله أشكالا جميلة وأصواتا أجمل، أو قدرة على التمثيل، فظنوا أن ما يملكونه هو كل شيء في هذه الدنيا.
وتشير الإحصائيات في الدول الغربية إلى أن نسبة المعجبين بالفنانين الذين يعتبرون نجمهم المفضل مثلا أعلى، ويحاولون تقليده في سلوكه وتصرفه وحركاته تصل إلى 37% من السكان، وقبل مدة أجرى استاذان في علم النفس من جامعة كاليفورنيا هما مارك يونج ودرو بنسكي دراسة نشراها على موقعهيما على الانترنيت حول “النرجسية في الوسط الفني في هوليوود” كشفا فيها ان نسبة عالية جدا من الفنانين لا يتمتعون بأية ثقافة أو موهبة، وانهم مجرد إناس مسكونين بهاجس حب الذات. وفي الدراسة قابل العالمان ما يزيد على 200 فنان من الجنسين، وطلبا من كل واحد الإجابة عن مجموعة من الأسئلة مثل: ما رأيك بنفسك؟ وهل تعتقد انك تستحق الهالة التي يضعها الجمهور حولك؟ وهل تصر على أن يعاملك الآخرون معاملة خاصة، حيثما وجدت، وهل تضايقك عبارات الإعجاب التي تسمعها من الجمهور أم تشعر بالراحة عندما تسمع عبارات من هذا النوع؟ وخرج العالمان بنتيجة هي: ان كل الفنانين يعتبرون أنفسهم شخصيات استثنائية تستحق الإعجاب، وكلما كان الفنان يفتقر إلى موهبة حقيقية، كأن يكون موسيقيا مثلا، كان أقل تواضعا، والممثلون بشكل عام، الذين لا يجيدون إلا التمثيل، يعتبرون أنفسهم من طينة أرقى من طينة البشر ويصرون على أن يعاملهم الجميع على هذا الأساس، والنرجسية والغرور بين الممثلات أعلى بكثير من مثيليهما لدى الممثلين، ولكن الطرفين يحرصان على البقاء في دائرة الضوء.
وعشق الأضواء يدفع الفنانين إلى تصرفات غريبة في بعض الأحيان، لكي يظهروا في نظر الآخرين مختلفين، وبعضهم يحقق شهرة لا تدعمها موهبة، مما يشكل ضغوطا نفسية كبيرة عليهم تدفعهم إلى محاولة اجتذاب الأضواء بأي ثمن. ومن أكثر الفنانات عشقا للأضواء في هوليوود باريس هيلتون وبريتني سبيرز، وقد ارتبط اسما هاتين الفنانتين بالكثير من الفضائح التي لم تكن مقصودة لذاتها، وإنما لكي يظهر اسماهما في الصحف وصورهما على شاشة التلفزيون.
ويقول العالمان في دراستهما إن الابتسامة التي نراها على شفاه الفنانين في المناسبات العامة ليست حقيقية، إذ إنها تخفي وراءها الكثير من العقد النفسية والمعاناة والتعاسة.
والفنانون، في الغالب، أناس يفتقرون حتى إلى قدر بسيط من الثقافة العامة، وهم لا يعرفون الحد الفاصل بين العمل الذي يؤدونه، كالتمثيل والغناء، وبين المهارات الأخرى في الحياة، ويتصور الواحد منهم انه بمجرد كونه ممثلا أو مطربا ناجحا فإن ذلك يعني أنه يفهم في كل شيء، ويضرب العالمان مثلا على ذلك بالمغنية مادونا، فقد سمعت أن جين فوندا حققت شهرة بمناهضة الحرب، والأميرة ديانا حققت شهرة بمكافحة الألغام الأرضية، فأرادت ان تفعل مثلهما، ولكنها اختارت قضية “الإشعاع النووي” وتزعمت حملة لحث العلماء على اختراع وسيلة لإبطال مفعول الاشعاع، دون أن تدري أنه ليس هنالك وسيلة لذلك. ويقول العالمان في نهاية دراستهما: “هنالك فئة من الناس تعاني من نرجسية مرضية، وخواء عقلي، وحب الظهور، وقد وجد هؤلاء في هوليوود مكانا لتحقيق رغباتهم، ولكن هؤلاء لا يصلحون، بأي حال، أن يكونوا قدوة للآخرين”.
أبو خلدون
-
19-01-2007, 09:29 AM
#217
رد: جناحا الذبابة
فنجان قهوة
انهيار القيم العائلية
فقدت العائلة في المجتمعات الغربية، وفي الولايات المتحدة بشكل خاص، دورها التقليدي كمربية للنشء وحاضنة لهم، تزودهم بالقيم والمثل والأخلاق، وتبصرهم بحقائق الحياة، فالشاب او الفتاة في الغرب يستقل عن اسرته ويعيش بمفرده لا يشغل نفسه بأمور والديه وأشقائه بعد بلوغه الثامنة عشرة، وبعضهم قبل هذا السن، وتذكر نانسي ريجان انه عندما اشتدت وطأة مرض الزهايمر على زوجها الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريجان لم يسأل أولاده رون وباتي ومورين عنه.
وفي إحصائية غريبة نشرتها الصحف الأمريكية تبين أن 54% من النساء فوق سن الثامنة عشرة يعشن بمفردهن بعيدا عن أسرهن، وهذه النسبة تزيد على ضعف مثيلتها عام 1950 عندما انتشرت موجة الاستقلالية لدى الشباب بعد خروج العالم من حرب مدمرة.
وتقول البروفيسورة ستيفاني كونز، مديرة التثقيف في مركز الأسرة المعاصرة في واشنطن إن هذه النسبة لا مثيل لها إلا في أيام الرق عندما كان “الأسياد” يبيعون العبد ويفصلونه عن زوجته وأولاده، ثم يبيعون الزوجة والأولاد كلاً في جهة فلا يعلم الواحد منهم عن الآخر شيئا، وقد صرف الكاتب الروائي اليكس هالي الذي لم يفز بجائزة نوبل القسم الأكبر من حياته في تعقب أجداده فقط لمعرفة هويتهم والمعاناة التي عاشوها.
ويقول البروفيسور زوزيك بارتس، استاذ علم النفس: “إن العائلة تحولت إلى أقلية في المجتمع الأمريكي، فالمرأة لم تعد تعتمد على الرجل أو على مؤسسة الزواج، والشباب يفضلون الاستقلالية لأن الزواج لم يحقق لهم الآمال التي تراودهم، ولذلك فإنهم يتزوجون في عمر متأخر، ويلجأون للسكن بعضهم مع بعض دون ارتباط” وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة الزواج بين الزنوج لا تتعدى 15% في مقابل39% لدى الأمريكيين من أصل إسباني، و45% لدى البيض، و60% لدى الأمريكيين من أصول آسيوية، وتعلق البروفيسورة ستيفاني كونز على هذه الإحصائية بالقول: “إن هذه النسب لا تتيح لنا الاستمرار في الاعتقاد أن الزواج والعائلة هما اللذان ينظمان حياة الناس، فالأمريكي العادي بات يمضي ما يزيد على نصف حياته من دون زواج، ويعيش بعيدا عن عائلته”، وتقول الصحافية ليندا بيرث: “كنت أقسم صديقاتي إلى متزوجات وعازبات، أما الآن فقد توقفت عن ذلك”.
وفي الولايات المتحدة 117 مليون امرأة فوق الخامسة عشرة، 43 مليونا منهن متزوجات والبقية عازبات، ومن بين المتزوجات هنالك 5،3 مليون مطلقات و2،4 مليون غادر أزواجهن منزل الزوجية ولم يعودوا.
وخلال نصف القرن الماضي انخفضت نسبة المتزوجات من الفئة العمرية 15 الى 24سنة من 42% إلى 16%، ولدى الفئة العمرية 25 الى 34 سنة من 82% إلى 56%، ويعزو ويليام فري، الباحث الديمجرافي في معهد بروكنجز تراجع النسب إلى ثقافة الستينات التي أطلقت نوازع الشباب من عقالها وفتحت المجال واسعا لحياة أكثر استقلالية وحرية ومرونة للنساء، وخصوصا بعد عام 1965 عندما سارت النساء في مظاهرات صاخبة في واشنطن أحرقن خلالها حمالات الصدر.
ويحاول كبار السن من المصلحين الدعوة لإعادة إحياء القيم العائلية القديمة، وقد جرى تشكيل جمعية لهذا الهدف، كما شكل الشباب جمعية تدعو للطهارة والعفة تحت شعار “الحب الحقيقي ينتظر”، ولكن جهود هؤلاء وأولئك لم تثمر عن شيء، فالحرية مغرية، وعندما يجرف تيارها أحدا فإنه لا يرده ثانية.
أبو خلدون
-
20-01-2007, 10:03 AM
#218
رد: جناحا الذبابة
فنجان قهوة
نحن والمستشرقون
نستعيد ذلك الهيام الصوفي الذي شعر به المستشرق اغناطيوس كراتشكوفيسكي وهو يراجع المخطوطات العربية: “المخطوطات تهمس وأنا أدقق النظر فيها باهتمام”. وفي كتابه “مع المخطوطات” يقول: “ما إن تتذكر هذه المخطوطات أو تهم بالحديث عنها حتى تهب سلسلة من الشخصيات من القرون البعيدة الماضية، ومن الأعوام القريبة من حياتك الخاصة”. وفي الكتاب نفسه يقول: “أولئك الأصدقاء لا يستطيع أحد أن ينتزعهم منك، إن فصولا بأكملها من التاريخ كانت مجهولة ثم فتحت لك، وإن كثيرا من الشخصيات خرجت من صفحاتها وكأنها حية وتجسدت أمامك، فرأيتها رؤية العين”.
هذا هو ما كانت تهمس به المخطوطات لكراتشكوفيسكي، وهذا هو الهمس الذي كان يدقق النظر فيه باهتمام ولا يصغي له بأذنيه فقط، إنه لا يستعيد الماضي فحسب، ولا يتعامل معه كحقبة ميتة، وإنما يتفاعل معه باستعادة “الأعوام القريبة” من حياته، ويجعل الحياة تنبعث من بين ثناياه، وفي تعامله معه ينشط إحساسه بالمسؤولية العلمية والتاريخية التي تحتم عليه الموضوعية بغض النظر عن جنس ودين مبدعي وشخصيات هذا الماضي. وفي حديثة عن حرية الفكر في ظل الدولة الإسلامية يستشهد بقصيدة أنشدها الأخطل (وهو غير مسلم) أمام الخليفة الأموي يقول فيها:
ولست بصائم رمضان طوعا ***** ولست بآكل لحم الأضاحي
ويقول: “إن الأخطل مارس حرية التعبير التي كفلها الإسلام لاتباعه ولاتباع الديانات الأخرى بشكل متجاسر حتى أمام الخليفة الذي يمثل أعلى سلطة دينية وسياسية في ذلك الوقت، والخليفة لم يعاقب الأخطل، ولم يطالب بحرق كتبه أو حذف هذه القصيدة من شعره، بل إن العرب حفظوا هذه الأبيات على مر العصور، وهذا الموقف لا يصدر عن عقل منغلق متعصب وإنما عن عقل متفتح حر”.
وبشكل عام، ينظر المستشرقون الروس إلى الإسلام والعرب وتراثهم نظرة تقدير، ومع ذلك يتجاهلهم مفكرونا ويتعلقون بالمستشرقين والأدباء الغربيين الذين نظروا إلى تاريخنا وتراثنا من خلال الحقد الذي خلفته الحروب الصليبية التي فشلت في تحقيق غاياتها في نفوسهم، ومنهم شاتوبريان الذي يقول: “العرب لا يعرفون شيئا عن الحرية، وليس لديهم شيء من الاحتشام، والقوة هي معبودهم، وحين تمر بهم فترات طويلة لا يرون فيها فاتحين يبدون مثل جنود من غير قائد، مثل مواطنين غير شرعيين، مثل عائلة بلا أب” أو كرومر الذي يقول: “الدقة كريهة بالنسبة للعقل الشرقي، بينما الأوروبي منطقي مطبوع، وتقريره للحقائق خال من أي التباس رغم أنه قد لا يكون قد درس المنطق، أما الشرقي فإنه مثل شوارع مدنه يفتقر إلى التناظر، ومحاكمته العقلية تصدر عن طبيعة مهلهلة إلى أقصى درجة، وغالبا ما يعجز عن استخراج أكثر الاستنتاجات وضوحا من أبسط المقدمات التي يعترف هو بدءا بصحتها”.
والشرق في نظر هؤلاء الأوروبيين منغلق، كسول غارق في سباته الذي لا يوحي بالحياة، بل إن أحدهم زار مصر وكتب عنها يقول: “النقوش وزريق الطيور هما الشيئان الوحيدان اللذان يدلان على الحياة هنا”. وقد جرى تقديم هذه الصورة الحاقدة للأجيال المتعاقبة في أوروبا، والنظرة التي يحملها الغربيون عنا حالياً جاءت بسبب تأثرهم بما قرأوه عن هؤلاء. بل إن بعض المستغربين من مفكرينا وكتابنا ومريديهم تأثروا بهذه النظرة، ولذلك فإنهم لا يرون إننا نخوض معركة تحرر متواصلة من الاستعمار الغربي منذ بداية القرن الماضي حتى الآن هي أطول معركة يخوضها شعب من الشعوب من أجل التحرر عبر التاريخ، وينظر هؤلاء إلى ابناء شعبهم الذين قدموا تضحيات لم يقدمها شعب آخر على أنهم متخاذلون كسولون يستمرئون الذل ولا يتحركون. وشرقنا، قطعا، ليس الشرق الذي يراه هؤلاء.
أبو خلدون
-
22-01-2007, 09:41 PM
#219
رد: جناحا الذبابة
فنجان قهوة
كارتر وراكبو الدراجات النارية
في التقليد العسكري شيء اسمه “غبار الدراجات النارية” يقال إن الجنرال رومل، ثعلب الصحراء، هو الذي ابتكره، فقد كان رومل يخطط للانسحاب من مواقعه في شمال إفريقيا، أمام ضغط شديد من القوات البريطانية بقيادة الجنرال مونتجمري، وخشي إذا انسحب بشكل عادي أن يتعقبه مونتجمري ويقضي على ما تبقى من فلول جيشه المهزوم، ولذلك لجأ إلى حيلة ذكية هي: انه جمع المئات من راكبي الدراجات النارية من عناصر جيشه، وطلب منهم الدوران في حلقات حول القوات المنسحبة. وعندما بدأت الدراجات بالعمل، تعالت أصواتها حتى كادت تصم الآذان، وانعقد الغبار فوقها في الجو، وكون سحبا كثيفة تحجب الرؤية. وفي ذلك الحين كان مونتجمري يقف على رأس جيشه المنتصر، يراقب قوات رومل بمنظاره المكبر وهي تخلي مواقعها وتتراجع، وعندما شاهد سحب الغبار الكثيفة ترتفع في الجو هيئ له أن رومل لا يزال يحتفظ بآلاف الدبابات والعربات المدرعة، ومئات الآلاف من الجنود، إذ إن هذه السحب الكثيفة لا يمكن أن يثيرها إلا جيش كبير العدد والعدة، ولذلك تخلى مونتجمري عن مطاردة رومل، وتمكن ثعلب الصحراء من التراجع بسلام دون أن يخسر شيئا من قواته.
ويقول الجنرال مونتجمري إن تكتيك “غبار الدراجات النارية” كان من أنجح الخطط العسكرية التي اتبعها رومل، ولولاه لفقد كامل جيشه، ووقع هو أسيرا في أيدي الحلفاء. بل إن مونتجمري يقول إن خسائره في الحالات التي كان يطارد فيها رومل كانت تزيد على خسائر عدوه.
وفي السياسة، هنالك تكتيك شبيه بالتكتيك الذي اتبعه رومل في الحرب تتبعه بعض الجهات عندما تشعر بأن مصالحها تعرضت للخطر أو التهديد، أو عندما ترغب في ابتزاز بعض السياسيين وضمهم إلى صفها، وأكثر الجهات براعة في استخدام هذا التكتيك هي: الأقلية اليهودية في الولايات المتحدة. إذ يكفي أن يصدر تصريح، أو ينشر مقال، يمس مصالح هذه الأقلية أو “إسرائيل” ولو من طرف خفي، حتى يبدأ راكبو الدراجات النارية بالعمل، فتتدفق الرسائل على الصحف وشبكات البث الإذاعي والتلفزيوني، تستنكر، وتنهال المكالمات على صاحب التصريح أو المقال، منذ استيقاظه من النوم، وعند الظهر، وفي المساء، وفي ساعات متأخرة من الليل. وعندما يفتح بريده الإلكتروني يجده غاصا بالاستنكارات: رسائل من كل جنس ونوع، بعضها يناقش بهدوء، وبعضها يهدد بالقتل، أو بخطف الأبناء، حتى يشعر صاحب المقال أو التصريح بأنه محاصر تماما، وأن الكرة الأرضية بأسرها ضده، وأن السبيل الوحيد أمامه هو التراجع عن موقفه.
شيء من هذا القبيل يحدث حاليا للرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بعد صدور كتابه “سلام لا أبارتهيد” عن “إسرائيل” والفلسطينيين، فقد لجأ راكبو الدراجات النارية من أعضاء اللوبي الصهيوني في أمريكا إلى ممثليهم في مجالس الولايات والكونجرس يمطرونهم بالرسائل والمكالمات والرسائل الإلكترونية والفاكسات بحيث بات أعضاء الكونجرس يحسون بأن أمريكا بأسرها انقلبت ضد كارتر، ووجد كارتر نفسه محاصرا بحيث بات يواجهه، أينما ذهب، سؤال واحد لا يتغير: “ماذا فعلت يا رجل؟” بينما غبار الدراجات ينطلق من جهة واحدة فقط هو لوبي المتعاطفين مع “إسرائيل”.
ولكن الغبار الذي يثيرونه يعطيهم حجما أكبر من حجمهم، ويجعل الآخرين يتوهمون أنهم جيش كبير جرار.
وغبار الدراجات النارية يعمي الناس عن الحقيقة، ولكنه يعطي دائما مفعولا ويحقق نتائج بالنسبة لراكبي الدراجات.
أبو خلدون
-
22-01-2007, 09:42 PM
#220
رد: جناحا الذبابة
فنجان قهوة
مآزق أمريكية
حكومة الرئيس بوش أوقعت نفسها في ورطة مع مواطنيها الشباب، ومع عائلات الجنود الذين ترسلهم لتنفيذ مغامراتها العسكرية في الخارج، وخلال السنوات الماضية تدخلت الولايات المتحدة في كرواتيا والبوسنة والصومال وأفغانستان والسودان والعراق، وهي تستعد حاليا للتدخل في أماكن أخرى، ومشكلة عائلات الجنود وأقاربهم من الشباب هي: إنهم لا يعرفون مواقع هذه الدول على خرائط العالم، ولا يعرفون شيئا عنها، بل إنهم يجدون صعوبة بالغة في لفظ أسمائها، ويضطرون للعودة إلى دفاتر الملاحظات في جيوبهم في كل مرة يُسألون فيها عن المكان الذي يحارب فيه أبناؤهم.
والغزاة الأوروبيون، عندما اكتشفوا العالم الجديد، هاجروا إليه “زرافات ووحدانا”، وحملوا أسماء المدن والمقاطعات التي جاؤوا منها معهم، فقد أطلقوا على إحدى المقاطعات اسم يورك، وهي مقاطعة بريطانية، وأضافوا إلى الاسم كلمة “نيو” ليصبح “نيويورك” اي “يورك الجديدة” وأعطوا الاسم أيضا لمدينة بارزة هي مركز التجارة في العالم تكثر فيها التجمعات اليهودية، ولذلك يطلق الديبلوماسيون الأجانب عليها اسم “جيو يورك” أي “يورك اليهود”. ومقاطعة نيوهامبشاير حملت اسم “هامبشاير البريطانية” أيضا، وحيث إن كريستوفر كولمبوس كان يظن أنه وصل إلى الهند عندما وصل إلى الشاطىء الأمريكي، فقد أطلق الأمريكيون على منطقة بالقرب من لوس أنجلوس اسم “ليتل إنديا” أي “الهند الصغيرة” كما اطلقوا اسم “جزر الهند الغربية” على مجموعة من الجزر في مواجهة الساحل الامريكي، وهنالك “تشايناتاون” و”جابانيز تاون”، إضافة إلى أن العديد من المدن الأمريكية تحمل اسماء مدن معروفة في العالم.
ولم يكن بين الغزاة الأوروبيين الذين استعمروا العالم الجديد وأبادوا الهنود الحمر صوماليون أو أفغان أو سودانيون أو عراقيون، ولذلك فإنك لا تجد في أمريكا مدنا تحمل أسماء مثل الفالوجة وقندهار وجنجاويد، فهذه الأسماء جديدة تماما على أسماع الأمريكيين. وأتصور لو أن الكونجرس خصص جلسة استماع لعائلات الجنود وأقاربهم فإن هذه القضية ستكون محور النقاش الرئيسي، وربما يقول أحد مؤيدي سياسة بوش لأعضاء الكونجرس: “لست ضد الحرب، ولا ضد إرسال أولادنا للخارج، ولكنني شخصيا أشعر بالخجل عندما أعود إلى دفتر الملاحظات للبحث عن اسم الدولة التي يحارب فيها ابني، فلماذا لا ترسلون أولادنا لخوض حروب في دول معروفة لدينا؟” وربما يسأله أحد أعضاء الكونجرس: “مثل من؟” فيقول: “إيطاليا مثلا” فيقول العضو: “إيطاليا دولة صديقة ونظامها ديمقراطي، وتدخلنا فيها غير مبرر” فيرد الرجل: “إيطاليا ليست ديمقراطية، وهي خارجة عن الإجماع العالمي منذ وجودها، فهي الدولة الوحيدة في العالم التي تشبه على الخريطة شكل الحذاء ، ولو كانت ديمقراطية بالفعل لاتخذت شكلا يشبه الأشكال التي اتخذتها دول العالم الأخرى” ويقول عضو الكونجرس: “ولكن إيطاليا لا تشكل تهديدا لسلامتنا وأمننا” فيرد الرجل: “ومَن مِن الدول التي غزوناها أو تدخلنا فيها تشكل تهديدا لسلامتنا وأمننا؟”. وتطالب بعض عائلات الجنود بإجراء تعديلات بسيطة على خريطة العالم ونقل أفغانستان إلى جانب العراق ويقول أحدهم: “ابني يحارب في أفغانستان، وأحب أصدقائه إليه يحارب في العراق، ولا يستطيع الاثنان الالتقاء والتزاور أو حتى التحدث إلى بعضهما بعضا، فلماذا لا تنقلون أفغانستان إلى جانب الحدود العراقية ليتيسر لهما الاتصال”
ويطلب أحد الشباب الكلام، ويقول: “لماذا لا ترسلون قواتنا إلى أرولكو؟ هذه الدولة معروفة لدينا جيدا، وملكتها “ديدرانا” تتزعم التحالف المتعرج رقم 2 ضد الولايات المتحدة”. ويسأل عضو الكونجرس: “وأين تقع هذه الدولة” فيجيب الشاب: “إنها موجودة في إحدى ألعاب الكمبيوتر”. ويسأل العضو مستغربا: “وهل تريدنا أن نغزو دولة شبحا؟” فيرد الشاب: “وهل كانت جرينادا غير ذلك عندما أرسلنا قواتنا إليها؟”.
أبو خلدون
-
26-01-2007, 09:26 AM
#221
رد: جناحا الذبابة
فنجان قهوة
حرب الملوخية
الملوخية أكلة شعبية معروفة في كل الدول العربية، كانت الأكلة المفضلة لدى فراعنة مصر، وكانوا يطلقون عليها اسم “الملوكية”، وعندما زالت دولة الفراعنة وأصبحت “الملوكية” في متناول يد الفقراء، شعروا أنه ليس من حقهم أكل وجبات ملوكية فحولوا الإسم إلى “ملوخية”. ولكن هذه النبتة ظلت تحتفظ بتقاليد خاصة في زراعتها وطبخها، من بينها أن يكون العمال الذين يزرعونها في الأرض أثناء موسم الزراعة من الفتيات العذراوات، وأن يبتسمن طوال عملهن في الحقل ليأتي المنتوج جيدا. وعند إضافة الثوم إليها أثناء الطبخ ينبغي أن تشهق سيدة المنزل لكي تصبح وجبتها شهية.
وفي مصر طريق يطلق عليه اسم “درب الملوخية” وهو منسوب لأمير اسمه “ملوخية” كان صاحب ركاب الخليفة الحاكم بأمر الله، ومن مآخذ المصريين الكبيرة على هذا الحاكم إنه أصدر في 14 محرم عام 394 هجرية قرارا بمنع أكل الملوخية، وعندما سقطت دولة الفاطميين في مصر رد الشعب على هذا القرار الجائر بجعل الملوخية “الأكلة الشعبية المفضلة”، وصاروا يطبخونها بالأرانب التي كان الفاطميون يحظرون أكلها أيضا.
والملوخية ألهبت خيال الشعراء، فهذا هو الشاعر قاسم الكستي ينظم أرجوزة طويلة يتحدث فيها عن مزايا الملوخية ويصفها بأنها “ثمرة الحكمة” ويقول: “هي الملوخية ذات الشهرة/ ومن بها المعسور يلقى يسره/ بحسنها كل النفوس ابتهجت/ وألسن الناس بها قد لهجت” ثم يتحدث عن فوائدها الصحية والطبية، وما قاله أفلاطون وأبقراط وابن سينا والعديد من الحكماء عنها، وتفضيل المصريين لها، ويقول: “يفوح منها العطر كالعروس/ محبوبة الأوصاف للنفوس/ عنها سلوا مصر وتلك الخطة/ فإنهم أدرى بتلك النقطة/ إذ عندهم لها اعتبار زائد/ وقدرها تسمو به الموائد” أما ظافر الحداد فإنه يتغزل بالملوخية بقوله: “ملوخية سبقت وقتها/ وجاءت كهيئة خضر زغب/ وقد نُقِّيت بعد تقطيفها/ بكفي لبيب خبير درب/ وقد احكمت بفراخ الحمام/ ودهن الدجاج وصفر الكبب/ إلى أن تحرر تركيبها/ كما حرر الصيرفي الذهب”.
وفي الآونة الأخيرة أشعلت الملوخية حربا باردة تهدد بالتحول إلى ساخنة بين مصر واليابان، والحرب بدأت عندما تجاهل اليابانيون كل المعطيات التاريخية وسجلوا الملوخية باعتبارها منتجاً يابانياً وضربوا عرض الحائط بحقوق “الملكية الفكرية العربية” لهذا المنتوج.
وقصة اليابان مع الملوخية بدأت مع عالم النبات كوسوكي ايموري، من جامعة تاكو شوكو، فقد وصل هذا الرجل إلى مصر لدراسة اللغة العربية، وخلال ذلك وقع في عشق الملوخية، وأرسل بعضا منها إلى أسرته في اليابان مع رسالة توضح طريقة إعدادها. وبعد أن أنهى دراسته، حمل معه بعض البذور، وزرعها، وقام هو وزوجته بإجراء تحاليل عليها فاكتشفا إن بها مادة تقاوم الخلايا السرطانية متمثلة في مادة الكرياتين، إضافة إلى وجود جميع مركبات فيتامين “ب” مما يجعلها مستحضرا مناسبا للمحافظة على نضارة البشرة، ومن هنا تم تأسيس مؤسسة للملوخية في اليابان استوردت 45 طنا من مصر، كما استوردت بذورا وزرعتها، وأقامت بعد ذلك صناعات كاملة على الملوخية، مثل الخبز بالملوخية، والمعكرونة بالملوخية، ومستحضرات التجميل، وقد أطلقوا عليها لقب “ملكة الخضراوات” وهنالك العديد من الأطباء اليابانيين يعالجون مرضاهم حاليا بأقراص ملوخية. وتقول الصحف إن الملوخية أصبحت تمثل هوسا علميا وغذائيا وعلاجيا في اليابان. والأهم من ذلك أن اليابانيين ضربوا عرض الحائط بالتاريخ والواقع والآثار، وانتهزوا انشغال الدول العربية بمعركتها السياسية وسجلوها كمنتوج ياباني منتهكين بذلك حقوق الملكية العربية لها.
ولكن.. ليعلم اليابانيون إننا لن نسكت على هذا التجاوز وسنخوض معركة حماية حقنا الحصري في الملوخية حتى آخر.. رمق
أبو خلدون
-
26-01-2007, 09:30 AM
#222
رد: جناحا الذبابة
فنجان قهوة
قوات متعددة الإصابات
وصلت طلائع التعزيزات التي أرسلها بوش إلى العراق وبدأت بمباشرة مهماتها، وتشير إحصائيات وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إلى أن عدد القوات الأمريكية العاملة في العراق وصل، بعد التعزيزات الجديدة إلى 145500 جندي، ولكن هذه الإحصائيات غير دقيقة، لأنها أسقطت من حسابها 100 ألف جندي تطلق عليهم الصحف الأمريكية اسم “الجنود المنسيون”، وهؤلاء يعملون في شركات المقاولات الأمنية، ويقومون بحراسة الشخصيات الأمريكية والعراقية، ويشاركون الجنود الأمريكيين النظاميين في العمليات العسكرية ومداهمات المنازل واستجواب المعتقلين وتعذيبهم، فإذا أضفنا هؤلاء إلى الرقم الذي أعلنته وزارة الدفاع الأمريكية يصبح عدد الجنود الأمريكيين في العراق ،245،500 أي بمعدل جندي أمريكي واحد مزود بأحدث الأسلحة والتكنولوجيا لكل 60 عراقيا.
وتشير إحصائيات وزارة الدفاع الأمريكية إلى أن عدد القتلى من الجنود الأمريكيين في العراق وصل إلى 3051 قتيلا، وهذا الرقم غير دقيق أيضا لأنه لا يشمل عدد القتلى من عناصر شركات المقاولات الأمنية، باعتبار ان هؤلاء غير نظاميين وغير مسجلين في سجلات وزارة الدفاع، يضاف إلى ذلك ان عشرات آلاف المصابين الذين تصنفهم المصادر الأمريكية ضمن الجرحى هم في الواقع من الذين أصيبوا بعاهات دائمة. ويقول الضابط الدكتور فيتو إمباسيني، من الحرس الوطني في كاليفورنيا، بعد عودته من العمل في أحد المستشفيات العسكرية في ألمانيا، حيث يعالج جرحى الحرب في العراق وأفغانستان إن عدد الذين يعانون من إعاقات بسبب الحروب التي تخوضها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان وصل في يوليو/تموز الماضي إلى 152،669 جنديا. ويصف حالة أحد هؤلاء، بقوله: “دخلت غرفة العمليات حيث يعالج الجراحون جنديا من المارينز، كان الجراحون قد شقوا بطنه وبدأوا بفحص أمعائه، واكتشفت انه فقد ساقيه من تحت الركبة، وأحد ذراعيه”.
ونسبة مرتفعة من الجنود الأمريكيين الذين يعودون من العراق وأفغانستان يعانون مما يطلق عليه علماء النفس اسم “أمراض الحرب” كالهستيريا والهواجس والتوتر والعصبية الشديدة والكآبة، وتشير إحصائيات دائرة شؤون المحاربين إلى أن ما يزيد على 200 ألف جندي (ثلاثة أضعاف العدد المتوقع) ممن شاركوا في الحروب في العراق وأفغانستان قدموا طلبات للعلاج، و25% من هؤلاء يعانون من أمراض نفسية، وهنالك الآلاف من هؤلاء وضعت أسماؤهم على قوائم الانتظار لأن عددهم يفوق بكثير طاقة مراكز العلاج. وتعترف مصادر البنتاجون ان ما يزيد على 12% من الجنود الذين شاركوا في حرب الولايات المتحدة ضد الإرهاب في أفغانستان والعراق يعانون من أمراض نفسية حادة، كالكآبة والتوتر، من النوع الذي قد يدفع إلى الانتحار أو الجريمة، وقد سجلت دوائر الشرطة الكثير من الحالات التي اعتدى فيها مجند عائد من العراق أو أفغانستان على زوجته بالقتل.
والذين يعانون من الإعاقة يجدون صعوبة بالغة في الحصول على مستحقاتهم من الحكومة، وفي تقرير نشرته لوس أنجلوس تايمز قالت إن هؤلاء قد يضطرون للانتظار لفترة تصل إلى السنتين قبل بدء استلام رواتبهم التقاعدية، أما الذين يعانون من أمراض نفسية فإن مشكلتهم أكثر تعقيدا، فارتفاع عددهم يدفع الأطباء في مستشفيات وزارة الدفاع إلى تشخيص حالاتهم على انها اختلال عقلي، لكي تتخلص الوزارة من نفقات علاجهم. والمصابون باختلال عقلي يحصلون على تسريح فوري من الجيش ولذلك فإن الجندي لا يمانع بتشخيص حالته بهذا المرض، بل إنه يرحب بذلك، ولكنه في المقابل يظل فريسة للمرض، ولا يتلقى علاجا له. وقد وصفت الدكتورة بريجيت ويلسون، العاملة في أحد المستشفيات العسكرية الأمريكية هذا التشخيص بأنه “امتهان للطب”.
أبو خلدون
-
26-01-2007, 09:31 AM
#223
رد: جناحا الذبابة
فنجان قهوة
اليوم الآخر
تصور أن حربا نووية شاملة شاركت فيها كل دول العالم وكل دولة ألقت مخزونها النووي على الدول الأخرى.. ماذا ستكون النتيجة؟ ستيفن هوكنجز، أكبر عقل عرفته البشرية إلى جانب إينشتاين يقول إن تغير المناخ أكثر خطرا على البشرية من حرب من هذا النوع، فالعالم عرف الأخطار النووية عندما ألقت الولايات المتحدة قنبلتيها على هيروشيما وناجازاكي عشية انتهاء الحرب العالمية الثانية، بعد ذلك وقف العالم على حافة الكارثة عدة مرات، ولكنه لم يسقط فيها، ومن ذلك خمس إنذارات كاذبة في الولايات المتحدة كاد كل منها يجر العالم إلى اليوم الآخر، وتهديد بوش بمسح الدول المعارضة له عن الخارطة، وتهديد “إسرائيل” باستخدام السلاح النووي في حرب اكتوبر/ تشرين الأول، وتهديد كنيدي باللجوء إلى الخيار النووي في أزمة كوبا، ومطالبة الجنرال ماك آرثر، قائد القوات الأمريكية في شرق آسيا، بضرب الصين بالقنبلة الذرية لإنهاء الحرب الكورية، وقد أثار هذا الطلب غضب الرئيس ايزنهاور، فاستدعى ماك آرثر إلى واشنطن على الفور وأقاله من منصبه.
وناشد هوكنجز دول العالم السعي لمعالجة أزمة التغير المناخي وقال: “إننا نقف الآن على أبواب عصر نووي جديد يتزامن مع تغييرات لم يعرفها البشر من قبل، ومن واجب العلماء توعية الرأي العام وتقديم النصح للزعماء السياسيين حول المخاطر التي تواجهها البشرية”.
وعندما كان هوكنجز يلقي خطابه قدم العلماء ساعة اليوم الآخر دقيقتين بمناسبة دخول كوريا الشمالية النادي النووي وسعي بعض الدول لامتلاك السلاح النووي، وباتت الساعة تقف عند الثانية عشرة إلا خمس دقائق، وهذه الدقائق الخمس هي التي تفصلنا عن “اليوم الآخر” الذي يعيد البشرية إلى العصر الحجري، وهي تعادل 100 سنة. وساعة اليوم الآخر بدأت العمل عام ،1947 لحساب الزمن الذي يفصلنا عن الدمار الشامل للحضارة الإنسانية، وكلما برز حدث يهدد بهذا الدمار يقدمها العلماء بضع دقائق. وخلال السنوات الستين الماضية من عمرها، قدمها العلماء 17 مرة آخرها في 11 سبتمبر 2001 بعد نسف برجي مركز التجارة العالمي وانسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الحد من الصواريخ البالستية.
وخلال العقود الماضية حدث تغير ملحوظ في المناخ، ويقول العلماء إنه إذا استمر هذا التغير في معدلاته الحالية فإنه سيلحق بالبيئة التي يعتمد عليها الإنسان في حياته أضرارا لا يمكن معالجتها.
وقبل مدة أجرى العلماء بحثا حول تغير المناخ في العالم أشرفت عليه السويسرية ميشيلا باتيك، الباحثة في المعهد السويسري للتكنولوجيا، ونشرت مجلة “رسائل البحوث الجغرافية” المختصة عرضا موسعا له، وتضمن البحث إعداد خرائط للعالم توضح تأثير التغير المناخي على مختلف الدول، والتأثيرات التي ستحدث في المستقبل، مع الأخذ بعين الاعتبار العديد من العوامل الطبيعية، ومن بينها معدل سقوط الأمطار والجفاف ودرجة الحرارة، وفي خرائط الأطلس تبدو المناطق الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية ملونة باللون الأحمر، والأقل باللون البرتقالي، والتي ستتأثر بشكل معتدل باللون الأصفر، وفي الخرائط تبدو الدائرة القطبية وخط الاستواء باللون الأحمر الغامق، والولايات المتحدة وأوروبا باللونين البرتقالي والأصفر، بدرجات متفاوتة، وغابات الأمازون وحوض الكونجو باللون الأحمر، وقد سجلت 11 درجة على مقياس التغير، بينما سجلت أمريكا وأوروبا ما يتراوح بين 6 إلى 8 درجات. ويقول العلماء إن السنوات شديدة الحرارة التي كانت تأتي مرة كل 20 سنة ستكون شيئا عادياً في العام 2100.
والفساد كثر في البر والبحر، وإذا لم يخرج اليوم الآخر من مصانع إنتاج الأسلحة النووية، فإنه سيطل علينا من ظاهرة البيت الزجاجي أو من ثقب الأوزون.
أبو خلدون
-
26-01-2007, 09:32 AM
#224
رد: جناحا الذبابة
فنجان قهوة
منازل تحترق ذاتياً
لو اجتمع كل علماء العالم الذين يؤمنون بالحقائق العلمية الثابتة والتجارب المخبرية فقط، وحاولوا تفسير تلك الظاهرة التي تحدث في أحد المنازل في قرية الصفصافة قرب مدينة الرقة السورية لما توصلوا إلى نتيجة. والظاهرة هي: إن ذلك المنزل يتعرض منذ مطلع هذا العام للحرق بمعدل مرتين أو ثلاث مرات يوميا دون سبب ظاهر: لا تماس كهربائياً ولا بنزين وكبريت ولا أية مادة من المواد التي يمكن ان تصنع حريقا، ومع ذلك تشتعل النيران وتأتي على كل ما في المنزل من أثاث، وقد وصل عدد الحرائق خلال 13 يوماً فقط إلى 30 حريقا. والغريب أن ملابس زوجة صاحبة المنزل هي الأكثر تعرضا للحرق، وحتى بعد إخراج الملابس إلى خارج المنزل لحقتها النيران وأتت عليها.
وقال صاحب المنزل في إفادة أمام الشرطة إن الحريق الأول حدث مساء اليوم الأول من عام 2007 في الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا، وأضاف: “كنا نجلس في الصالون، وإذا بشقيقتي تصرخ وتقول إن هنالك حريقا في البيت، فهرعنا إلى مكان الحريق ونجحنا في إخماده، وفي الساعة الثانية عشرة من ظهر اليوم التالي اشتعلت النيران في المكان ذاته، وفي اليوم الثالث في المطبخ، حيث احترقت الغسالة بما فيها من ملابس، وأدوات المطبخ، وفي اليوم الذي تلاه انتقلت النيران إلى غرفة أخرى فيها بعض الأثاث، ثم بدأت تتنقل من غرفة إلى أخرى بمعدل مرتين إلى ثلاث مرات في اليوم” والغريب أنه في الكثير من الحالات تحضر سيارات الإطفاء لإخماد الحريق، وما إن تعود إلى مراكزها حتى تتلقى مكالمة جديدة من صاحب المنزل تقول إن حريقا جديدا قد نشب، فتعود السيارات ثانية، فاضطر صاحب المنزل إلى هجر منزله والسكن في منزل والديه، فتوقفت الحرائق وانتقلت إلى منزل الوالدين، ولكن أثاث وحاجات الوالدين لا تتعرض لأي مكروه، وحاجات الرجل وزوجته هي التي تحترق فقط.
ولو روى لي شخص هذه القصة لما صدقتها، ولكنها مثبتة لدى دوائر الشرطة والإطفاء في قرية الصفصافة ببلاغات رسمية، وقد نصح البعض صاحب المنزل بوضع أوان مليئة بالماء أمام باب منزله وأمام كل الأبواب الداخلية، ففعل، ليعود ويجد الأواني مقلوبة رأسا على عقب.
هل هو الجن؟ العلماء لا يؤمنون بوجود الجن، ولكن شيخ القرية عقد جلسة وقال بعدها إن المنزل مسكون من ثلاثة من الجن المسلمين أسماؤهم ابراهيم وخالد وعلي، وطلب الشيخ منهم مغادرة المنزل، فوافق اثنان، ورفض ابراهيم بحجة أن الأرض ملكه منذ سنين طويلة، مع أنه لا يملك “طابو” ولم يسجلها في الدوائر السورية الرسمية.
والطريف ان بعض الصحافيين راحوا يسألون في الدوائر العقارية فيما اذا كان “ابراهيم” هو المالك الحقيقي للأرض.
شيء من هذا القبيل حدث لعائلة ليبية قبل سنوات، فقد اشتعلت النيران في منزلها بدون سبب ظاهر، وبدأت الحرائق تتكرر على النحو الذي يجري حاليا في الصفصافة، وفي كل مرة تنتقل العائلة فيها إلى منزل جديد تلاحقها النيران وكأنها مستهدفة.
هل هو الجن؟ أم اضطرابات وعدم قدرة على التكيف في الجو العائلي تنشط قدرات كامنة لدى أحد أفرادها بحيث يشعل حريقة في المنزل بطاقته الروحية دون أن يشعر، ودون أن يقصد؟ أم الحسد من جانب الآخرين، وهل النار التي تشتعل في “الصفصافة” سببها طاقة تعرضت للتنشيط من جانب الزوجة، بدليل أن حاجاتها هي الأكثر تضررا؟ أم من طاقة نشطة من جانب حاسد، خصوصا وأن صاحب المنزل ميسور الحال.
لا جواب علمياً على هذه التساؤلات، ولكن تنشيط القدرات الكامنة لدى الإنسان قد يؤدي إلى نتائج من هذا النوع، كما يؤدي إلى تحريك الأشياء الساكنة وإيقاف عقارب الساعة وثني الملاعق والسكاكين بمجرد النظر إليها. وفي روسيا فتاة دون العاشرة تستطيع تحريك الأثاث بالنظر إليه، وقد غطى يوري جيلر هيكل سيارته الخارجي بأكمله بالملاعق والسكاكين التي ثناها بالنظر إليها.
أبو خلدون
-
27-01-2007, 09:14 PM
#225
رد: جناحا الذبابة
فنجان قهوة
الامبريالية الجديدة
نغرق في تبسيط الأمور عندما ننظر إلى العالم باعتباره “أحادي القطب” وأن الولايات المتحدة هي هذا القطب الواحد الذي يريد أن يهيمن على كل شيء، فالموجة الجديدة التي تجتاحنا حاليا غريبة عن الاعراف الدولية وعن المفاهيم التي عرفناها في العصر الحديث، وفي هذه الموجة، تدير الديمقراطيات ظهرها للشعوب، وتتصرف كأنها أنظمة ديكتاتورية من الدرجة الأولى، وها نحن نسمع أن 79% من الأمريكيين يعارضون مغامرات بوش في الخارج ويرفضون بقاء القوات الأمريكية في العراق.
والأمريكيون يدركون أن رئيسهم وصل إلى الحكم في فترته الأولى بلعبة انتخابية هي الأولى من نوعها في تاريخ الانتخابات الأمريكية، وتكررت لعبة مشابهة في انتخابات الفترة الثانية، وبعد فوزه نشر أحد المفكرين الامريكيين رسالة على الانترنت يعتذر فيها للعالم ويقول، باسم الأمريكيين: “لقد حاولنا كل ما في وسعنا، ولكننا لم ننجح” وفوجئ بعد أسابيع بأن رسالته تحولت إلى موقع على الانترنت يحتوي على رسائل من كل أرجاء الولايات المتحدة تحمل اعتذارات مشابهة، إلى جانب اعتذارات من مختلف الدول الغربية تقول للأمريكيين: “لا داعي للاعتذار، فالحال عندنا مثل الحال عندكم”. فهل نقول إن الرئيس الأمريكي بات يفرض على الشعب؟ وهل نقول إن الملايين التي تسير في مظاهرات في شوارع المدن الغربية تعارض الحرب لم يعد لها صوت؟
ويهيأ لي أن المجتمع العالمي بأسره، بما في ذلك الأمريكي، سقط تحت وطأة نوع جديد من الإمبريالية تحمل بعض ملامح الإمبريالية التي كانت سائدة في أوروبا بعد عصر النهضة، عندما كان أصحاب رؤوس الأموال يتصرفون بسياسات الدول كما يريدون، ويدفعون هذه الدولة إلى شن الحرب على تلك دون مبرر سوى أن مصالحهم المالية تتطلب ذلك، وخلال تلك الفترة حول روتشيلد وغيره من أصحاب رؤوس الأموال أوروبا إلى مستنقع يغرق بالدم.
والإمبريالية الجديدة التي يشهدها العالم حاليا ليست إمبريالية أصحاب المال فقط، وإنما إمبريالية الشركات متعددة الجنسيات التي تحاول أن تفرض نظاما جديدا على العالم يلغي “الآخر” كلياً، ويرفض أي مقاومة، فلا مجال للاعتراض على مايطلق عليه “الحرب ضد الإرهاب”، ليس لأن أمريكا هي التي تخوضها، فالمجتمع الدولي لم يعترض على حرب الشيشان رغم أن أوليجارشي روسي يهودي اعترف بأنه أشعلها لكي يتمكن من الحصول على امتياز بمد خط للنفط إلى البحر الأسود، وعندما كانت “إسرائيل” تنفذ أبشع المجازر ضد الفلسطينيين واللبنانيين تبرع رئيس وزراء دولة مثل الدنمارك اشتهرت باحترامها لحقوق الإنسان بتأييدها، وقال إنه لا يمانع أن تتجاهل “إسرائيل” قرارات الأمم المتحدة، وكم بدا غريبا أن يقف الرئيس الأمريكي جورج بوش عشية الإعداد للحرب ضد العراق ويقول: “من ليس معنا فهو ضدنا” إذ إن كلاما من هذا النوع لا يمكن أن يصدر عن رئيس دولة يعرف تماما بأنه ينبغي أن يترك هامشا للحوار.
وفي المجتمعات الدولية قرارات غير قابلة للنقض، وفي مقدمتها حقوق الإنسان، وحرياته، وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها، ولكن الإمبريالية الجديدة تدير ظهرها لكل ذلك.. وهي لا تريد أن يفلت أي جزء من الكرة الأرضية، مهما كان نائيا، عن سيطرتها، وحيثما تكون مصالحها يتحول سحق الشعوب وانتهاك الحريات إلى مجرد حدث عادي، فكل شيء يجب أن يوضع في خدمة احتكاراتها، بما في ذلك الكائن البشري، وعناصر البيئة، وليس غريبا أن نسمع في ظل النظام الجديد شخصاً يطالب جيرانه بدفع أتاوة مقابل عدم إزعاجهم، أو بمدرس يطالب الطلاب بمبلغ مالي مقابل احترامه قواعد الرقابة في الامتحانات
أبو خلدون
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى