«فريج» الناقد الساخر حديث الناس في البيوت والمجالس


لم يسبق أن حظيت دراما إماراتية بمثل هذا الانتشار والقبول بين الناس، ولم يسبق أن تطوعت قناة بث محلية لعرض مسلسل رسوم متحركة ناطق باللهجة المحلية، ولكن مسلسل «فريج» اليومي استطاع، عبر أثير «سما دبي»، أن يخطف الأضواء من الأعمال الأخرى، مخترقا بشخصياته الكرتونية المحببة العقول والقلوب لدى الكبار والصغار، ومحدثا بمادته الناقدة والساخرة أثرا إيجابيا أثار أحاديث تطول لساعات بين الناس في المقاهي والبيوت والأماكن العامة، وصارت «أم خماس» واحدة من بطلات المجتمع الإماراتي وعلامة فارقة للعمل.



تدور أحداث المسلسل حول أربع مواطنات إماراتيات، وهن: «أم خمّاس وأم سلّوم وأم علاوي وأم سعيد»، واللائي يقطُنّ في «فريج» (أحد الأحياء الشعبية القديمة على أطراف دبي)، حيث ينعمن بحياة هادئة في هذا الحي الصغير بعيداً عن زخم المدينة وإيقاع حياتها السريع. تتسم حياة كل شخصية منهن بميزات تجعل لكل واحدة فرادتها واختلافها عن الأخرى.



وأحيانا يكون هذا الاختلاف شديدا فتقع التناقضات الكوميدية ولكن تبرز الأحداث مدى قوة وصلابة الصداقة التي تجمع بينهن وتمكنهن من التغلّب على المواقف الصعبة وتمنحهن الفرصة لإثبات قدرتهن على القيام بما قد يعجز عنه الأقوياء من الرجال ضمن سياق درامي مشوق.



ويتميّز العمل بأنه إنتاج إماراتي خالص يشارك فيه عدد من الفنانين الإماراتيين مثل الشاعر علي الخوار والملحن الإماراتي المعروف فايز السعيد، اللذين تأتي مشاركتهما من خلال ثماني أغنيات يتضمنها المسلسل الذي يعد أضخم مسلسل كرتوني على مستوى الوطن العربي، وهذا العمل الذي يقوم على محتوى محلي بالكامل قدمته شركة «لم تر بيكتشرز» للإنتاج الفني بالتعاون مع مدينة دبي للإعلام والمجموعة العربية للإعلام.



3 أعوام من التحضير



البداية كانت قبل ثلاثة أعوام تقريبا، عندما عاد الشاب محمد سعيد حارب من الولايات المتحدة الأميركية إلى الإمارات، حيث كانت فكرة إنتاج مسلسل كارتوني تراوده منذ أن كان يدرس فن الرسوم المتحركة في جامعة نورث ايسترن يونيفرستي في بوسطن، وحينما أنهى محمد دراسته في قسم الإعلام هناك، ارتأى أن يستعير بعض الشخصيات الإماراتية ليجسدها في فيلم كارتوني ساخر.



وحينما فكر بالشخصية التي يستطيع من خلالها دغدغة المشاعر والأحاسيس وتوجيه رسائل إلى المجتمع الإماراتي حضرت الجدة كشخصية كاريكاتورية تعبر عن نضج الحياة والسخرية من الواقع المعاش بحال من الأحوال.



خضع «فريج» لدراسات مكثفة أهمها الجدوى الدرامية والاقتصادية لطرح صيغة كهذه في الدراما الإماراتية، وما بين العامين 2003 و 2005 تعرض المشروع لأخذ ورد، كما يقول محمد سعيد حارب في حديثه لـ «البيان»، والذي يعود الفضل له في إطلاق الفكرة وإخراجها وإنتاجها، ولكن الجهود الجبارة التي اجتمعت وتوحدت ساهمت في إطلاق العمل الذي بلغت ميزانيته ما يزيد على أربعة ملايين درهم.



طاقم العمل



بدأ الطاقم الذي اختاره حارب للعمل معه في هذا المشروع المغامرة مع بداية العام الحالي، وتجمع للعمل في هذه الدراما الكارتونية ما يزيد على خمسمئة مشارك، حيث ساعد المخرج في عملية الكتابة والإعداد الشابة نجلاء الشحي، ورافقهما في هذه الرحلة الطويلة الشاب خالد أبو حمدان منسق المشروع الذي من المقرر أن تبدأ بعد أيام قليلة التحضيرات للجزء الثاني منه الذي قد يستمر سنة كاملة، ولا ينكر مخرج العمل فضل الطلاب في جامعة زايد الذين عملوا على المشروع واجتهدوا من أجل ولادة الفكرة.



وقد توزع طلاب الجامعة على مجموعات منها من تابع أرشيف الصور التي يمكن من خلالها تحقيق تقارب بين الصورة الأصل والكارتون، ومنها من صار يلاحق الأمثال الشعبية والكلام الشائع بين العجائز، ومجموعة أخرى تابعت موضوع الموسيقى التصويرية، وكما هو معروف للموسيقى التصويرية في العمل الكارتوني تأثير كبير على وقع الأذن والمشاهدة بشكل عام، وفي كل الأحوال خضعت الموسيقى حسب قول المخرج إلى «معالجات كثيرة وتوفرت لنا بعض الألحان من اليابان والنروج.



واستطاع أحمد عبد الله حارب مهندس الصوت والموسيقى تحقيق روح غربية للموسيقى بطابع خليجي». ولا يخفي المخرج في ختام حديثه إلينا رغبته في أن «ينضم للعمل في العام المقبل طاقم أكبر من الجامعة، حيث أن باب العمل سيفتح لكل المساهمات من كل الشرائح التي تسعى لتطويره وتقديم الجديد له».



حكايتهم مع فريج



الفنانة الكبيرة مريم سلطان كان لها مشاركة مهمة وتنويها بهذه المشاركة في شارة العمل، وهي توقعت أن يحدث العمل هذه الضجة الإعلامية لأنه يمتلك مقومات النجاح من ألفه إلى يائه، وتقول في حديثها لـ «البيان»: «نجح الشاب محمد سعيد حارب في لفت الأنظار إليه وإلى عمله لأنه درس تفاصيل البيئة الإماراتية جيدا، وأدرك ماذا يجب ان يقدم للمشاهد المحلي واعتمد بشكل كامل على الشباب المواطنين الذين يدركون أهمية تقديم عمل محلي ساخر على شاشاتنا الوطنية.



لقد توقعت النجاح والتألق وأتوقع نجاحا أهم إن شاء الله في الجزء الثاني، وعلينا أن نقدم كل مساعدة ولو من دون مقابل لهذا الشاب لكي ينجح مشروعه لأننا في الفن الإماراتي نفتقد للمشاريع الشابة والطموحة».



ولن يكون خافيا على مشاهدي المسلسل أن شخصية «أم خماس» التي اشتهرت بتعليقاتها وتوريط نفسها في قضايا كثيرة، هي باكورة أعمال الفنان الشاب سالم جاسم الذي أدرك منذ البداية أن تقديمه لشخصية نسائية سيحمله مسؤولية مضاعفة، لا سيما وأن الصوت يجب أن يخضع لتواتر وإيقاع معينين حتى يستطيع إيصال الشخصية.



كما يقول سالم ويشير في اتصال أجريناه معه: أعجبتني هذه الشخصية منذ البداية ولكن لم أكن أحلم أن تحقق كل هذا الحضور، ولكن المخرج حينما اختارها لي أكد أن هذه مسؤولية كبيرة يجب أن أنهض بها والحمد لله أديت الشخصية بما ملكته من إحساس لا سيما وأنها تجربتي الدرامية الأولى وهو أول فرح لي في هذا المجال، وكم أشعر بخجل عندما أتلقى اتصالا أو يستوقفني أحدهم ليحكي عن النجاح الذي لامس كل من عمل في هذه الدراما.



أما أشجان التي قامت بدور أم علاوي فقد أكدت أنها أكثر من ضحك أثناء عملية الدوبلاج، كانت تؤدي وتضحك من المواقف الساخرة والطريفة التي مرت عليها، وكانت تقول لطاقم العمل: «إذا كان حالنا هكذا فكيف سيكون حال الناس وهم يشاهدون هذا العمل»، وتضيف: «كانت مهمة صعبة بالنسبة لنا ولكنها لم تكن مستحيلة، لاسيما أننا بادرنا طواعية في هذه المغامرة الكبيرة فقد كنا نتساءل كيف سيتفاعل الناس مع عمل درامي كارتوني، لم يكن هناك خيار ثالث؛ إما فوق وإما تحت».



وحول علاقتها بالفكرة والبدايات تتابع أشجان قائلة: «كنت قد سمعت بأن محمد سعيد حارب يعد لعمل مدبلج وكان حلمي أن أجسد بصوتي شخصية مدبلجة، فأنا من قمت بالاتصال به وطلبت منه أن أؤدي شخصية في مسلسله وعندما أجريت أول اختبار صوت وافق على الفور، والحمد لله استمر العمل قرابة السنة، تحضيرات وتسجيل صوت وعمليات فنية وما إلى ذلك.



وفي كل الأحوال أتوقع ان تكون فترة العمل في الجزء الثاني أقصر نوعا ما، وأعتقد أن هذا المسلسل سيكون حاضرا بقوة في الأعوام اللاحقة لأنه نجح في ترك بصمة هذا العام».



«فريج» ضيفا على المجلس الرمضاني لنادي الصحافة اليوم



ينظم نادي دبي للصحافة، في التاسعة مساء اليوم، وفي إطار فعالياته الرمضانية لهذا العام، مجلسا رمضانيا لمناقشة مختلف القضايا المتعلقة بالمسلسل التلفزيوني الكرتوني «فريج»، ويستضيف فيه عبد اللطيف القرقاوي مدير قناة «سما دبي»، عبد الباسط الجناحي المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب، ممثلا عن شركة لِّ، إلى جانب مخرج وفريق العمل في المسلسل.



وتقول مريم بن فهد مديرة الفعاليات في نادي دبي للصحافة: «سيناقش الصحافيون من مختلف وسائل الإعلام في دولة الإمارات العربية المتحدة مع صناع العمل كافة الظروف الذي رافقت إنتاج المسلسل والصعوبات التي واجهها فريق العمل، والانعكاسات التي حققها على قطاع الإنتاج التلفزيوني من جهة، والجمهور بمختلف شرائحه من جهة ثانية».



يذكر أن نخبة من المؤسسات والشركات الوطنية تتضمن غرفة تجارة وصناعة دبي وشركة دبي للعقارات، تشارك في رعاية الفعاليات الرمضانية التي ينظمها نادي دبي للصحافة.