قبل الرد أُحِب أن أعتذر بشدة عن التأخر فيه الناتج عن التداخل بين طبيعة الحياة وطبيعة المرء !
قد تكون رؤية دارونية لكنفلسفة لا أظن
فلا أظن فى هذا التيارفلسفة
الفلسفة علم التأملوالإبحار فى الوجود والنفس البشرية
وهذا التيار (داروين) لايعتبرها أكثر من كائن دفعه التطور الذاتى لتتغير صورته
لكنه فى الإصل ليس أكثر منحيوان تغيرت ملامحه !
ولست أستبعد دفعه للقضاءعلى عواطفه إن كانت تعيقه
فهو فى الأصل لا يعترفبحقيقة تلك العواطف بل يعتبرها مجرد غلاف للرغباتالحيوانية
لا يُشْترَط في الفلسفة السمو كما أعتقد .. فمنها ما أصاب أتباعها بالجنون أو بالكراهية أو بالتواكل ،
أعتقد أن نظرية التطور فلسفة أكثر منها علماً ،
فاعتبارها علماً يجعلها حقيقة بينما النظر لها على كونها رؤية يجعلها أكثر قابلية للمناقشة ، (الرؤية عندي ترادف الفلسفة لأني أعتقد أن الفلسفة رؤية غيرنا وكذلك رؤيتنا تجاه الحياة وما فيها)
مشكلة مكيافيللي ليس أنه أخرج فكرة جديدة وهي أن الغاية تبرر الوسيلة ، ولكن لأنه صرَّح بمبدأ حفظته الأغلبية داخل الصدور وتحفَّظوا على التصريح به !
الأمر كذلك يبدوا وكأنناضحية ما نعلم وما سيهلكنا حين نعلمه على حد تعبيرك
لكننا فى الحق أكثر مكرا منكوننا ضحية
لم تخدعنا الحياة بكلمافيها حين دلت لنا من البداية أننا كلنا هالكين لا محالة
من يعلم ومن لايعلم
لكنهم لايستوون
فقط تستطيع أن تختار طريقةالهلاك التي ترضيك
أو ترضي غرورك إن جازالتعبير
وكما قيل ( كلنا يتمرغ فىالوحل* ولكن بعض منا يتطلع من وحله للنجوم !)
والمعرفة من وجه نظرى هىهذا التطلع
الكل يعلم بهلاكه دون شك .. لذا دائماً نبحث عن الخلود .. مما قد يدفعنا لتقدير فكر أبليس عندما ربط الشجرة بالخلود !
فهو على علم بأهمية الأمر بالنسبة للفاني .. ولأن ما لا يُمْكِن إدراكه يَسْهُل اعتناقه !
يمضي الإنسان في الحياة محاولاً أن يجعل لها جدوى وفائدة .. لكن يظل التساؤل المقيت : هل لتلك الفائدة فائدة حقيقية ؟!
مثل تلك التساؤلات دفعت بماركس ليقول أن الدين أفيون الشعوب ودفعت نيتشه ليقول أن الله مات !
بل يتلاشاه الآخرون ويفسحونله الطريق ويرفعون له القبعة
الجاهل أكثر حظا وأعظم حقابين الجموع
أما العالم الذى يعاقب نفسهفيكفيه سلام خلعه عليها رغم الألم
وقضية تصنع له القيمة حتىوإن كانت قضية خاسرة
هناك الجاهل والمتجاهل .. أعتقد أن المتجاهل هو الأكثر حظاً بينما الجاهل مغلوب على أمره بأن يُصدِّق ما يُقال له ،
وأعتقد أن عدمية القضية لا تمنح المثقف سلام روحي ولكن تصيبه المثقفين بأمراض ضغط الدم والوفاة المُبكِّرة !
يقولون هذا فى الطب لانهليس بين المريض والشفاء غير إعترافه بالمرض أو تشخيصه له
هذا بفرض وجودالعلاج
لكن حين يفطن المرء لمايحمل من علل روحية وفى الوقت ذاته يعلم أنه لم يخترع بعد دواءلها
فهنا تكمن محنته ومأساتهالتي أورثها له نضجه
لا أعتقد أن هناك داء بدون دواء لكننا – كالعادة لا نعرف في الغالب !
على أي حال هناك مثل أسباني يقول "أن تعيشَ بدون همّ .. هذا هو الهمّ الحقيقي" !
هذا حين نكون بصدد محنتنانحن ومعاناتنا فيها لكن حين نكون خارج الدائرة
الدائرة الكهربائية التىتتوقف معها وظائف التحليل والتدقيق والبصيرة بل والرؤيا كلهاأحيانا
حين نخرج عنها نبصر ونعيونمنطق كيفما نريد
ونتمتع بكل ماذكرت !
لهذا يُفضل ألا يحمل الجرّاح أي نوع من المشاعر لمن يُجري عليه الجراحة !
فالخوف من الخطأ غالباً يكون – بدوره – خطأ!
وكما يقولون أن الخطأ أفدح من الجريمة !
هذه هىالكارثة
أول خطوات المعرفة الرصد (للحدث)
ثم البحث والفهملدلالته
أيالمنطق
فنظن أن المعادلة تمحلها
وهكذا سنملك بأصابعناالصغيرة مقاليد الأمور
ومقاديرها
هههههههههههههههه
أشم رائحة المرارة أقوى من اللازم .. على العموم قد تعلم المرء أن المرارة ليست بالشيء المذموم طالما كان هناك ما يعادلها في النفس من سخرية ! (أو أي مُعادِل آخر)
المنطق
ذلك الغول الذىنمجده
ونغني له ونتغنىبه
نلتصق به التصاقا وندافععنه بكل ما نملك
ثم تأتى أول دروسالنضج
اللطمة الأولى التى تطرحناأرضا من الإعياء
الخط الرمادى الذى يسحببعنفه بريق الألوان
ويترك لك الوجود باهت
إنه القانون الأول الذىعلينا حين نتلقاه أن نحفظه عن ظهر قلب
وهو أن أصل الأمر غيب لامنطق فيه
لا سبيل للمنطق رغم أنكمأمور أن تتخذه سبيلا لغايتك
لكنك كذلك مأمور حينها أنتدرك تماما أنه لن يأخذك لها بذاته
المنطق يرسم لك الطريقلغايتك لكنه لا يملكها لك
حتى ولوأجتهدت
لتعلم أنك ستظل طفلا حتىتموت
مخلوق ناقص والنقص فيه جزءمن بشريته
خليط من عوز وفاقة وحاجةوضعف وغباء
هناك مسلسل أتابعه بشغف يسمى (House M.D.) وفي مرة قال بطله : "لو كان المتدينين لديهم منطق لما كانوا متدينين" !
طبعاً هو مُلْحِد يؤمن بالمنطق فقط .. بينما المتدين – يُفْترَض أن – لديه الإيمان والمنطق جنباً إلى جنب .. لكنه بالطبع يُزكّي الإيمان على المنطق .. لأن المنطق بطبعه مُتغيِّر والحقائق ليست ثابتة طوال الوقت !
أختلف معكِ في فكرة أن الغيب لا منطق فيه .. ولكني – كالعادة – أعتقد أننا قد لا نكون بالذكاء الكافي لملاحظته أو أن منطق الغيب ليس بالضرورة أن يتكشَّف لنا .. ربما لمن بعدنا .. من يدري ؟!
المنطق يأخذك الى الحقيقةالعليا
الله
لكنه لا يدخل فى سره الذىجعله الله فينا وفى سبلنا وأرزاقنا وفى الطبيعة أيضا
أى منطق فى حيوان (الكابوريا) مثلا الذى يقطع آلاف الأميال فى طريق كله مخاطرة فى رحلة التزاوج ليضعبيضه فى الماء ثم يعود من ذات الطريق وقد هلك أكثر من ثلثيه أمامه تحت عجلاتالعربات أو هلك من الجفاف فى الطريق ولا يتراجع بل يستمر ولايتردد ويتراجع عن تلكالرحلة بل يكررها
أى منطق فى ذكر النحل الذىيدخل فى سباق ينهكه ويستنفذ فيه كل جهده ليلقح الأنثى وهو يعلم أنه سيموت فورتلقيحها !
أى منطق فى قانون الإنباتالذى يؤكد ضرورة أن يظل النبات جائع من الماء تسقيه بحذر لأنه إذا شبعمات
أى منطق فى أن ترى القاتليبكي على رأس القتيل !
والشيطانيحب
وإرادة الشر التى تحكمهسنين تتعطل أمام الحبيب وتتحول لرحمة أم لاتتوانى بأن تدفع بنفسها للهلاك ولا تصيبولدها شوكة !
هذا كثير من المنطق .. أولاً هناك منطق التكاثر الحيواني والتكاثر – كما نعرف – هدفه الأول المحافظة على النوع .. فإن لم يفعل الكابوريا والنحل ذلك لهلكوا جميعاً .. بالطبع الهلاك الجماعي أكثر خطراً من الهلاك الفردي !
وهم بذلك يتآلفون مع حقيقة يُمجدّها البشر – في الغالب – وهي التضحية الفردية فداء الجماعة .. لكن ما يحدث للحيوان غامض بالنسبة لتفكير الإنسان نظراً لنظرة الإنسان المتدنية للتكاثر ! (لا أعيب تلك النظرة فمن المفزع دائماً معرفة أنه سيأتي بنسل جديد للعالم الذي يحيا فيه أو الأكثر ترويعاً أن يأتي بنسل جديد يكون شبيه له)
منطق النبات مشابه أيضاً للإنسان إلى حد كبير .. حيث أن قمة طموح النبات وقمة ما يشتهيه هي الماء فإن وصل إليها لم يعد هناك ما يُبرر وجوده .. لم يعد هناك هدف يسعى إليه .. مثله مثل الإنسان إن حقق كل غاياته ملَّ فانتحر !
بينما القاتل يبكى لأنه – رغم كل شيء – بشر .. والشيطان يحب لأنه يستطيع أن يكره ! أعتقد أنه لا يوجد شيطان واحد ليس لديه جانب – على الأقل – شديد الرُقي والحساسية ! (أقصد بالشيطان طبعاً الإنسان لأنه ما يعنينا ولأنه في الغالب أشد خطراً)
تلك مسألة نسبية تتوقف علىطبيعة الفكر نفسه
هنا المقصود (الفكر) عموماً .. لأن الفكر يورث الهم في الغالب .. بغض النظر عن طبعه .. حيث أنه يحول المرء من صاحب عقل راجح .. إلى صاحب قضية ما .. إلى صاحب مرض في النهاية !
ليس الفكر هو الذى أصابهبالحمى وجعله يسلم نفسه بل مواجهته لنفسه وحقيقتها وكأنه لم يكن ليراها من قبل، حينعجز أن يهرب بدعاويه ونظرياته وهو من الطبقة الممتازة التى لا تحتكم إلا لإرادتها (كما كان يأمل)، وإذا به ضعيف مهزوم يذهب يستمد قوته من سونيا الغانية ليتخذ منهادرعا يحميه من الحياة التى قتلها !
بالطبع لسنا بصدد مناقشة الرواية وألغاز عم (ديستوفيسكي) النفسية .. ولكن الفكر يدفع إلى الفعل والمبادئ الفلسفية ليس لها قيمة في حد ذاتها ما لم تنفذ عملياً كما قال (برتراند راسل) على ما أتذكر ،
أعتقد أن دورة الحياة مكونة من دائرة متصلة من الفكر والفعل .. فكما قد يتضح أن الإنسان يُفكر ثم يقوم بالفعل ثم يُفكر في الفعل وأثره (الفكر من جديد) ثم العمل على إصلاح أو إفساد الناتج عن الفعل الأول (الفعل من جديد) .. وهكذا !
لماذا لا تقل أن هتلر هوالذى قد وجد ضالته فى تفكير نيتشة، الفكر الذى يعتبر الإنسانية هزالا والوحشية قوة، فبذرة الشر تظل مخبأة حتى تجد المناخ الذى تستطيع النموفيه
كُنت مثلك أظن كذلك لكني قرأت للرجل بعض مما كتبه فوجدته أقرب إلى الأدب منه إلى الفلسفة .. وإذا كان الأدب قابل للتأويل فالفلسفة أكثر قابلية .
أى تفكيرتعني
لماذا تطلق كلمة عامة علىعدة معاني مختلفة تمام الإختلاف
لقد كان الحسد والحقد هومادفعه لجريمته
فهل نسمى الحسد فكرا أم أنهعاطفة شيطانية تحولت لدافع سرعان ما أنتهى بجريمة القتل
لأني أقصد أن الإنسان عندما يستعمل عقله فإنه غالباً يدفعه إلى دماره ودمار من حوله ربما أكون متأثر بالنزعة الكارهة للبشر بعض الشيء ولكني كذلك متأثر بالناحية المتسامحة مع الإنسان والمتفهمة لطبيعته القاصرة .. أي العلاقة الغير طبيعية التي تنشأ داخل المرء من الحب والكره المجتمعين .. والتفكير على أن الإنسان شيطان جبان لكن مع ذلك نتفهم لماذا هو شيطان جبان !
لم أقل معاناته فى فهمهللناس بل قلت فى حياته معهم وبينهم حين لا يكن على نفس دأبهم!
الاختلاف بين البشر ليس بمشكلة ولكن عدم فهم الاختلاف هو المشكلة !
فى ذات تفكيرنا وطرحأفكارنا ودفاعنا عن تلك الأفكار والأراء لا نفعل فى الحقيقة غير طرق إحتمالات (بفتحالطاء)
ونحن فى قرارة نفوسنا ندركتماما أننا لم نفهم بعد ولن نفهم وأن الحقيقة قد تكون شىء آخر
تلك هي المشكلة .. لهذا يصاب المفكرون بالجنون أسرع من إصابتهم بالسرطان .. وتلك نظرية الحياة من الأساس والإيمان بقوة تفوق الإدراك البشري !
(الإحتمالقائم ما دمت تعد دوستايفسكيفذفهذا يعني أنك معجب بأفكاره ! )
على فكرة .. أفكار الكاتب التي يدرجها في رواياته ليست بالضرورة كلها أفكاره ولكن غالباً هي أفكاره يطرحها ليناقشها بطريقة فنية .. وطبيعة الأفكار وطريقة أسلوبه في تناولها هي الفرق بين الكاتب العظيم والكاتب الأقل موهبة .. وديستوفيسكي لا يحتاج شهادتي بالطبع لأنه أحد أهم الكتاب في التاريخ الإنساني مثله مثل تولستوي وبوشكين وسوفوكليس وهوميروس وشكسبير وبو !
لا لسنا هالكون هنا ، لأنالتوازن بين الخير والشر فى الوجود فعل إلهي غير خاضعللبشر
وستظل هناك قوالب البشرالتى تتبنى الحقيقة وتقاتل لأجلها مهما زاد الشر ورعاياه ومن يمكنواله
الحقيقة قيمة يا أخي كالخيروالجمال والقيم لاتفعل فعلها إلا من خلال إرادة أى من خلالبشر
أتفق معكِ في ما ذكرتِ لكن دون منطقة البشر تلك فأحياناً تكون الحقيقة من أعتى ما يمكن بحيث لا تنقلها إرادة بشرية ولكن تفرض نفسها بنفسها .. والبشر بطبعهم متجاهلين للحقيقة وغير مستعدين لها .. من يبحث عن الحقيقة مجرد أفراد وسط الجموع .. وغالباً يتعرضون لمواطئ أقدام الآخرين !
الحقيقة دائماً مهمة وغالباً غير ضرورية !
أظن أن مصطلح الفطرةالمصطنعة هذا شديد الغرابة والتناقض معا !
لستُ من هواة الطبيعي أو الخالي من التناقض .. التناقض حياتنا .. حتى وإن تظاهرنا بثباتنا على ذات اللون !
كيف تكون فطرة وفى ذاتالوقت مصطنعة ؟!
قلتها من قبل هي ما أحب أن أدمج بها التربية والنشأة والمجتمع ثم اختيار الإنسان .. بخلاف الفطرة الإلهية المعروفة .
أخي الكريم
أعتذر اليوم حقا عن الإطالة التى قد تصيبك بالملل
لكن للعقل أمراض حيننكشف النقاب عنها لانستطيع أن نتحكم فى صراخه
كل عام وأنتبخير
والسلام عليك ورحمةالله وبركاته
بالعكس الإطالة أسعدتني للغاية وليس بالضرورة كل مرة تعتذري(ن) عنها .. على العموم لا تحرمينا منها ،
وكل عام وأنتِ بخير (متأخرة طبعاً) ،
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .