.
أعتذر بشدة للتأخير
ثمّ أعتذر لعدم اكتمال ما كنتُ أُعِدُّهُ لظروفٍ مختلفة
و أرجو أن تقبلوا هذه الكفالة
.
يا مُضيع الزمان فيما ينقص الإيمان
ما أراك في رمضان إلا كجمادى وشعبان
أما يُشَوِّقُكَ إلى الخير ما يُشَوِّقْ
أما يُعَوِّقُكَ عن الضير ما يُعَوِّقْ
متى تصير سابقاً يا مَسبُوق
إلى متى سوق الشوق إلى سوق الفسوق
أول الهوى سهل ثم تتخرق الخروق
كلما حصد نباته بمنجل الصبر أخرجت العروق
وإن لذيذ شربه فشربه شجى في الخلوق
وإنما لذات الدنيا كخطف البروق
مَيِّـزْ بين ما يفنى وما يبقى ترى الفروق
خَلِّ التواني إن شئت أن تفوق
.
عليك حافظ وضابط
ليس بناسٍ ولا غالط
يكتب الكلمات السواقط
وأنت في ليل الحدث خابِط
تتعرض في الصباح والمساء للمساخط
يا من قد شاب إلى كم تُغَالِطْ
لا بد لليل من فجر منير كَاشِط
كيف ينهض للعب واللهو الأشَامِطْ
ماذا بقي وهذا الشيب وَاخِطْ
أما تستحي وأنت في الإثم وارط
يا قاعدا عند التُّقى وهو في الهوى نَاشِطْ
كلما رفعت لم ترد إلا المهابط
تيقظ لنفسك فقد مضى الفارط
وابك على ذنبك ويكفي الفارط
أصلح ما بقي وأقبل من الوسائط
جاهد هواك في الدنيا فالفخر للمُرَابِطْ
انظر لمن تعاشر واعرف لمن تخالط
احذر جزاء القسط عليك يا قاسط
لا تغترر بالسلامة فربما قَبَضَ البَاسِطْ
فِي لنا بالشروط ونحن نَفِي بالشرائط
ذكِّر نفسك بالموت ذاك الشديد الضاغط
إذا تحيرت في الأمور وزال الجأش الرابط
لا تنفع الأقارب ولا تدفع الأراهط
ونفس النفس يخرج من سَمِّ إبرة خائط
.
لله در أقوام تفكروا فأبصروا
ولاحت لهم الغاية فما قصروا
وجعلوا الليل روح قلوبهم
والصيام غذاء أبدانهم
والصدق عادة ألسنتهم
والموت نصب أعينهم
.
إخواني إن شهر رمضان قد قرب رحيله
وأزف تحويله
وهو ذاهب عنكم بأفعالكم
وقادم عليكم غدا بأعمالكم
فيا ليت شعري ماذا أودعتموه
وبأي الأعمال ودعتموه
أتراه يرحل حامدا صنيعكم
أو ذَامَّـاً تضييعكم
ما كان أعظم بركات ساعاته
وما كان أحلى جميع طاعاته
كانت ليالي عتق ومباهاة
وأوقاته أوقات خدم ومناجاة
ونهاره زمان قربة ومصافاة
وساعاته أحيانُ اجتهاد ومعاناة
فبادروا البقية بالتقية
قبل فوات البر ونزول البرية
وتخلي عنك جميع البرية
أين المخلص المُتَعَبِّدْ
أين الراهب المُتَزَهِّدْ
أين المنقطع المُتَفَرِّدْ
أين العامل المُجَوِّدْ
هيهات بقي عبد الدنيا ومات السَّيِّدْ
وهلك من خطؤه خطأ وعاش المُتَعَمِّدْ
وصار مكان الخاشعين كل منافق متمرد
رحل عنك شهر الصيام
وودعك زمان القيام
ولَحَّ النصيح وقد لَامْ
أفتشرق شمس الإيقاظ وتنام
فاستدرك ما قد بقى من الأيام
.
ليلةُ القَدْرْ
ليلة تتلقى فيها الوفود
ويحصل لهم المقصود بالقبول والفوز والسعود
أترى ما يؤلمك أيها المطرود هذا الهجر
"سلامٌ هيَ حتى مَطْلَعِ الفَجْرْ"
أخلَصُوا وما أخلصتَ قَصْدَكْ
وبَلَغُوا المرادَ وما بلغت أَشُدَّكْ
وكلما جِئْتَ بلا نِيَّةٍ رَدَّكْ
أو ليس ما يُؤَثَّرُ عندك شديدُ هذا الزَّجْرْ
"سلامٌ هيَ حتى مَطْلَعِ الفَجْرْ"
أيقظ نفسك لما بين يديها
وانتظر ما سيأتي عن قليل إليها
وأسمعها المواعظ فقد حضرت لديها
واقبل نصحي وخذ عليها ضرب الحجر
"سلامٌ هيَ حتى مَطْلَعِ الفَجْرْ"
هذه أوقات يربح فيها من فهم ودَرَى
ويصل إلى مراده كل من جد وسَرَى
ويُفَكُّ فيها العاني وتُطْلَقُ الأَسْرَى
تَقَدَّمَ القومُ وأنتَ راجعٌ إلى وَرَا
أو ليس كل هذا قد جَرَى وكأنه لم يَجْرْ
"سلامٌ هيَ حتى مَطْلَعِ الفَجْرْ"
ابن الجوزيّ
.