..::||الجزء الثامن والثلاثون||::..
عندما أتى الليل، أتى قيس كعادته لها وبدآ يتحدثان، أخبرته شيماء بما جرى لها في المدرسة وبأن الشرطة ستراقبها للقبض على قيس...
قيس: وما زال لديهم الأمل في القبض علي...
شيماء: مساكين... هل نخبرهم بالحقيقة؟
قيس: لا أمانع ولكن هل سيصدقونك؟
شيماء: وهذه هي المشكلة، فكثرة تحقيقهم ووجودهم حولي يضايقني
سكتا قليلاً ثم نظرت شيماء إليه سائلة: قيس... متى آخر مرة بكيت فيها؟
قيس: اممممم... عندما كنتِ على وشك قتل ذلك الرجل لمّا كنتِ في الخامسة، كدت أن أبكي عليكِ عندما لم تجيبيني في أول الأمر ولكنني لم أبكي حينها...
شيماء: لا... أعني متى بكيت ونزلت دموعك؟
قيس: عندما قتلت سادس مجرم...
قيس: كنت في بادئ الأمر أبكي بعد قتلي لكل شخص ولكن اعتدت على الأمر بعدها
شيماء: إن كنت لا تقدر على القتل آن ذاك فلماذا أتيت بفكرة قتل المجرمين؟
قيس: ....لا يهم الآن... الأهم هو أن المجرمون بدؤا يختفون شيئاً فشيئاً
وفي اليوم التالي أثناء فسحة المدرسة، كانت تمشى بمفردها وذهنها مشغول في أمور بعيدة، فاصطدمت بفتاة جميلة كانت تسير وحدها هي الأخرى وانسكب عصير الفتاة على قميص شيماء...
الفتاة: أنا آسفة... لم أقصد هذا
شيماء: لا بأس فأنا من اصطدم بك ولست أنت...
ثم نظرت شيماء إلى قميصها وقالت: يا إلهي لقد اتسخ كثيراً...!! ماذا سأفعل الآن؟
الفتاة: لا بأس... اليوم لدينا حصة للرياضة في آخر الدوام سأعيرك قميصي الرياضي...
الفتاة: سأرتدي القميص نفسه وسأبدل التنورة إلى البنطال فقط...
ذهبت الفتاة إلى فصلها وأخرجت قميصها من الحقيبة وأعطته لشيماء، فذهبت شيماء إلى دورة المياه لتبدل ثيابها وبقيت الفتاة في الخارج تنتظر خروجها، وعندما خرجت شيماء...
شيماء: شكراً لكِ... سأعيده غداً، ما اسمكِ؟
شيماء: حسناً سمية... سآتي إلى فصلك غذاً
أرادت شيماء المغادرة ولكن نادتها سمية: انتظري شيماء...
التفتت شيماء متعجبة: أتعرفين اسمي أنتِ أيضاً؟
سمية بارتباك: أ...أجل... في الحقيقة، أردت التحدث معكِ في موضوع...
شيماء: لا بأس، على الرغم من أنني أعرف الموضوع الذي ستتحدثين فيه
ثم جلستا على أحد مقاعد الساحة وبدأ حوارهما...
سمية: سمعت بأنكِ كنت تكرهين سعاد...
شيماء: أجل، لدجة أن الطالبات يظنن بأني أنا من قتلها
سمية: كانت سعاد هي صديقتي الوحيدة
سمية: أجل، ولكن... على الرغم من أنها الوحيدة إلى أنني تحسرت عند مصادقتها
سمية: بسببها كنت على وشك الانحراف... كانت دائماً تلح علي بالتحدث مع شباب تعرفهم ولكنني كنت أرفض فعلها
شيماء بتعجب: هل أنت جادة!! سعاد كانت تعرف شباباً!؟
سمية: أجل... لكن بدأتُ معاكستهم
سمية: لأنها كانت تهددني بنشر صوري لديهم... فقلت الحديث معهم على الهاتف أخف علي من أن تصل صوري لديهم فقد أعطيتها بعضهم بعد أن تصادقنا قبل أن أعرف حقيقتها... ولكن البارحة عندما سمعت بوفاتها قمت بإلغاء رقم هاتفي لكي لا يستطسع الرجال الاتصال بي...
شيماء: ولم يأمرونك بالخروج معهم يوماً؟
سمية: بلى ولكن كنت أتعذر في كل مرة، كقولهم بأن والداي في المنزل أو أنني لا أملك من يوصلني وغيرها من الأعذار لأتهرب منهم...
تنهدت شيماء ثم قالت: حمداً لله...
سمية: ولكن مع هذا بكيت عندما سمعت بخبر وفاتها...
سمية: سعدت بأنني تخلصت من هذه المشكلة ولكن لم أتمنى موتها!؟ ولكنه الحل الوحيد للتخلص من هذه المشكلة...
شيماء: في الحقيقة أنا بكيت أيضاً عند وفاتها
شيماء: أجل... ولكن ليس حزناً عليها بل كانت دموع فرح وشكر للقاتل
سمية: أنتِ غريبة... كيف لكِ أن تفرحي وشخص قد قتل!؟ حتى وإن كانت قد آذتك!!
سمية: شيماء، سمعت بأنكِ كنتِ تعرفين القاتل
سمية: هل أنت من طلب منه قتل سعاد؟
شيماء: بالتأكيد لا، في الحقيقة كنت أفكر أن أقتلها بنفسي
شيماء: عزمت على نفسي بأنها إن ضايقتني مرة أخرى فسوف أقتلها...
سمية: ولكن لحسن حظك أنه قتلها قبل أن تقتليها أنتِ... يدعى قيس أليس كذلك؟
سمية: اسم غريب ونادر... هل ما زلت تقابلينه أم انقطع عنك؟ سمعت بأنه قد تركك ولكن هل ترينه مصادفة بين الحين والآخر؟ لأنني أشعر بأنه حولك دائماً...
نهضت من مكانها ونظرت إلى شيماء مبتسمة وقالت: حسناً... آسفة لأخذ وقتك كله، أنا عائدة إلى الفصل، إن رأيتِ قيس مرة أخرى أرجو أن ترسلي له شكري وتحياتي على الرغم من انني لا أأيد القتل مهما كان السبب... إلى اللقاء
شيماء بابتسامة: وداعاً... *أظن أن ضمير قيس قد يرتاح قليلاً إذا قصصت عليه قصة هذه الفتاة... ها هي فتاة أخرى تشكر قيس لإنقاذ حياتها... إن هذه الدنيا نتنة حقاً*
عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، كانت شيماء جالسة مع قيس في غرفتها وكانا على السرير يتحدثان...
شيماء: أتتني فتاة اليوم تدعى سمية وطلبت مني أن أشكرك لقتلك سعاد ولكنها لا تؤيد القتل! هذا غريب أليس كذلك؟ كيف تشكرك وهي لا تؤيد القتل؟
قيس بابتسامة: قد تكون قد وضِعت تحت مشكلة كبيرة من قبل سعاد
شيماء: هذا صحيح... أخبرتني بما حدث... قالت بأنها كانت تهددها بصورها بأنها ستنشرها بين الرجال إن لم تعاكسهم...
قيس: أكره هذا النوع من الفتيات... ما الهدف من فعلهم هذا؟ إن كن يردن الانحراف فليفعلن من يشأن ولكن لماذا تردن أن تجرفن معهن بقية الفتيات؟
شيماء: على أية حال... هناك سؤال كان يحرني اليوم قد تعرف جوابه
شيماء: أعلم أنني تأخرت حقاً ولم أسأله من قبل ولكن لم يخطر يوماً على بالي سؤالك
شيماء: أخبرتني من قبل بأنك كنت تراقبني منذ أن ولدت فهل تعرف سبب طلاق والداي؟ لأنني أرى أن والدتي تكره أبي وعائلته بشدة، فهل عائلته لها دخل في الموضوع أم أنها تكرهم فقط لأنها عائلته؟
قيس مبتسم دون النظر إلى عيني شيماء: لم أتوقع يوماً أن تسأليني هذا السؤال...
نظر قيس إلى وجهها وقال مبتسماً: أجل... في الحقيقة كنت في منزلكم عندما تطلقا
شيماء: حقاً!! إذاً أخبرني ما الذي جرى؟
قيس: كان سبباً تافهاً لن تصدقيه...
شيماء: أنا أصدق كل حرف تقوله لي...
قيس: فقط لم تعجب والدتك أمه فكانت تلح عليه بطلاقها
شيماء: إن كان كذلك فلماذا لم تعترض على زواجهما في بادئ الأمر؟
قيس: والده، أي جدك هو من زوجه إياها فكانت والدتك الابنة الوحيدة لأبيها كما تعلمين وهو صديق جدك والد والدك، ولكن عند وفاته بدأ الإلحاح والمضايقة...
قيس: كان الإلحاح قبل ولادتك ولكن والدك لم يطلقها مباشرة، لم يجد سبباً مقنعاً في طلاقها ولكن بعدها بدأ يدقق على كل فعل تقوم به فقط ليجد فيها شيئاً سلبياً ويطلقها ويخلص نفسه من إزعاج أسرته، ففي الفترة الأخيرة كان الشجار بينهما متواصل، كانا مزعجين حقاً، وكنتِ دائمة البكاء بسبب صراخهما الدائم
شيماء تتظاهر الإبتسامة: كنت أكره الإزعاج منذ طفولتي إذاً
قيس: لا يوجد طفل في العالم يحتمل سماع صراخ من حوله، ولكنني لم أدعك تبكين، ففي لحظة طلاقهما كنت أداعبك فكنتِ تضحكين بدل البكاء، وفور أن طلق أبوك أمك حملت حقيبتها وحملتك وخرجت من المنزل رغم أن الوقت كان متأخراً، ولكنني تبعتكما وكنت بجوارك في السيارة... أذكر كيف كانت والدتك تبكي وتنظر إليك بتعجب، فلم تعتد على رؤيتك تضحكين فكانت حياتها مليئة بالمشاجرات، فكيف تضحكين في موقف كهذا
شيماء: إذاً فعائلة والدي هي السبب، كما توقعت، معظم المشاكل الزوجية تكون بسبب تدخل أقارب الزوج أو الزوجة... أكره أبي، حتى وإن طلق أمي فهو ما زال أبي وكان عليه زيارتي فكنت طفلة حينها، لم أرَ والدي يوماً ولا أعرف شكله
قيس: لا فائدة من مقابلته فلن ينفعكِ في شيء
شيماء: ولكن كيف ستكون ردة فعلي عندما أراه؟
قيس: قد تبكين؟! أو تعبسين في وجهه هههههههه فأنت هكذا دايماً
شيماء: كلا الاحتمالين جائزاً
جلسا قليلاً بهدوء دون حديث، ثم ضمت شيماء أطرافها وقالت: أريد حقاً مقابلته، لماذا لم يأتِ لزيارتنا؟ أهذا ما أراده حقاً أم جدتي كانت السبب؟
قيس: أأنت جادة؟ والدتك لن ترضى بزيارتك له!
شيماء: لا بأس، سأذهب معك دون علمٍ من أمي ولكن أخبرني هل تعرف منزله؟
قيس: أجل، فهو يعيش الآن مع والدته، ولكن والدتك لا تعرف عنوانهم لأنهم قد انتقلوا إلى منزل جديد
قيس: عرفته مصادفة، فقد ذهبت يوماً للقتل وكانت الضحية جارة لهم
قيس بتعجب: لقد تعدت الواحدة!!
ضحكت شيماء قليلاً ثم قالت: كنت أمزح معك، أود الذهاب إليه غداً مساءً