أحببت أن أشارككم في هذا الموضوع.![]()
أحببت أن أشارككم في هذا الموضوع.![]()
جزاكُم الله خيراً،مازلنا ننتظر تفاعُلاً أكبر..!
الأخ الفاضل mystry world لم يُكمِل وضع باقي الأقوال لذلك سأُكملها بدلاً عنه..
4- المفكر الفرنسي لامارتين (لامارتين من كتاب "تاريخ تركيا"، باريس، 1854، الجزء الثاني، صفحة 276-277. )
لا مارتين "إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أيا من عظماء التاريخ الحديث بالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في عبقريته؟ فهؤلاء المشاهير قد صنعوا الأسلحة وسنوا القوانين وأقاموا الإمبراطوريات. فلم يجنوا إلا أمجادا بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانَيْهم.
لكن هذا الرجل (محمدا (صلى الله عليه وسلم)) لم يقد الجيوش ويسن التشريعات ويقم الإمبراطوريات ويحكم الشعوب ويروض الحكام فقط، وإنما قاد الملايين من الناس فيما كان يعد ثلث العالم حينئذ. ليس هذا فقط، بل إنه قضى على الأنصاب والأزلام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة.
لقد صبر النبي وتجلد حتى نال النصر (من الله). كان طموح النبي (صلى الله عليه وسلم) موجها بالكلية إلى هدف واحد، فلم يطمح إلى تكوين إمبراطورية أو ما إلى ذلك. حتى صلاة النبي الدائمة ومناجاته لربه ووفاته (صلى الله عليه وسلم) وانتصاره حتى بعد موته، كل ذلك لا يدل على الغش والخداع بل يدل على اليقين الصادق الذي أعطى النبي الطاقة والقوة لإرساء عقيدة ذات شقين: الإيمان بوحدانية الله، والإيمان بمخالفته تعالى للحوادث.
فالشق الأول يبين صفة الله (ألا وهي الوحدانية)، بينما الآخر يوضح ما لا يتصف به الله تعالى (وهو المادية والمماثلة للحوادث). لتحقيق الأول كان لا بد من القضاء على الآلهة المدعاة من دون الله بالسيف، أما الثاني فقد تطلّب ترسيخ العقيدة بالكلمة (بالحكمة والموعظة الحسنة).
هذا هو محمد (صلى الله عليه وسلم) الفيلسوف، الخطيب، النبي، المشرع، المحارب، قاهر الأهواء، مؤسس المذاهب الفكرية التي تدعو إلى عبادة حقة، بلا أنصاب ولا أزلام. هو المؤسس لعشرين إمبراطورية في الأرض، وإمبراطورية روحانية واحدة. هذا هو محمد (صلى الله عليه وسلم).
بالنظر لكل مقاييس العظمة البشرية، أود أن أتساءل: هل هناك من هو أعظم من النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)؟
5- مونتجومري (مونتجومرى وات، من كتاب "محمد في مكة"، 1953، صفحة 52. )
إن استعداد هذا الرجل لتحمل الاضطهاد من أجل معتقداته، والطبيعة الأخلاقية السامية لمن آمنوا به واتبعوه واعتبروه سيدا وقائدا لهم، إلى جانب عظمة إنجازاته المطلقة، كل ذلك يدل على العدالة والنزاهة المتأصلة في شخصه. فافتراض أن محمدا مدع افتراض يثير مشاكل أكثر ولا يحلها. بل إنه لا توجد شخصية من عظماء التاريخ الغربيين لم تنل التقدير اللائق بها مثل ما فعل بمحمد.
6- بوسورث سميث ( بوسورث سميث، من كتاب "محمد والمحمدية"، لندن 1874، صفحة 92. )
لقد كان محمد قائدا سياسيا وزعيما دينيا في آن واحد. لكن لم تكن لديه عجرفة رجال الدين، كما لم تكن لديه فيالق مثل القياصرة. ولم يكن لديه جيوش مجيشة أو حرس خاص أو قصر مشيد أو عائد ثابت. إذا كان لأحد أن يقول إنه حكم بالقدرة الإلهية فإنه محمد، لأنه استطاع الإمساك بزمام السلطة دون أن يملك أدواتها ودون أن يسانده أهلها.
7- جيبون أوكلي(إدوارد جيبون وسيمون أوكلي، من كتاب "تاريخ إمبراطورية الشرق"، لندن 1870، صفحة 54. )
جيبون وكلي ليس انتشار الدعوة الإسلامية هو ما يستحق الانبهار وإنما استمراريتها وثباتها على مر العصور. فما زال الانطباع الرائع الذي حفره محمد في مكة والمدينة له نفس الروعة والقوة في نفوس الهنود والأفارقة والأتراك حديثي العهد بالقرآن، رغم مرور اثني عشر قرنا من الزمان.
لقد استطاع المسلمون الصمود يدا واحدة في مواجهة فتنة الإيمان بالله رغم أنهم لم يعرفوه إلا من خلال العقل والمشاعر الإنسانية. فقول "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله" هي ببساطة شهادة الإسلام. ولم يتأثر إحساسهم بألوهية الله (عز وجل) بوجود أي من الأشياء المنظورة التي كانت تتخذ آلهة من دون الله. ولم يتجاوز شرف النبي وفضائله حدود الفضيلة المعروفة لدى البشر، كما أن منهجه في الحياة جعل مظاهر امتنان الصحابة له (لهدايته إياهم وإخراجهم من الظلمات إلى النور) منحصرة في نطاق العقل والدين.
8- الدكتور زويمر (الدكتور زويمر الكندي مستشرق كندي ولد 1813 ـ 1900 قال في كتابه (الشرق وعاداته). )
إن محمداً كان ولا شك من أعظم القواد المسلمين الدينيين، ويصدق عليه القول أيضاً بأنه كان مصلحاً قديراً وبليغاً فصيحاً وجريئاً مغواراً، ومفكراً عظيماً، ولا يجوز أن ننسب إليه ما ينافي هذه الصفات، وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريخه يشهدان بصحة هذا الادعاء.
9- سانت هيلر (العلامة برتلي سانت هيلر الألماني مستشرق ألماني ولد في درسدن 1793 ـ 1884 قال في كتابه (الشرقيون وعقائدهم))
كان محمد رئيساً للدولة وساهراً على حياة الشعب وحريته، وكان يعاقب الأشخاص الذين يجترحون الجنايات حسب أحوال زمانه وأحوال تلك الجماعات الوحشية التي كان يعيش النبي بين ظهرانيها، فكان النبي داعياً إلى ديانة الإله الواحد وكان في دعوته هذه لطيفاً ورحيماً حتى مع أعدائه، وإن في شخصيته صفتين هما من أجلّ الصفات التي تحملها النفس البشرية وهما العدالة والرحمة.
10- إدوار مونته (الفيلسوف إدوار مونته الفرنسي مستشرق فرنسي ولد في بلدته لوكادا 1817 ـ 1894 قال في آخر كتابه (العرب). )
عرف محمد بخلوص النية والملاطفة وإنصافه في الحكم، ونزاهة التعبير عن الفكر والتحقق، وبالجملة كان محمد أزكى وأدين وأرحم عرب عصره، وأشدهم حفاظاً على الزمام فقد وجههم إلى حياة لم يحلموا بها من قبل، وأسس لهم دولة زمنية ودينية لا تزال إلى اليوم.
11- برناردشو ( برناردشو الإنكليزي ولد في مدينة كانيا 1817 ـ 1902 له مؤلف أسماه (محمد)، وقد أحرقته السلطة البريطانية. )
برناردشو إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضع دينه دائماً موضع الاحترام والإجلال فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالداً خلود الأبد، وإني أرى كثيراً من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة (يعني أوروبا).
إنّ رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا لدين محمدٍ صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا للمسيحية، لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبةً خارقةً، وتوصلت إلى أنّه لم يكن عدوًّا للمسيحية، بل يجب أنْ يسمّى منقذ البشرية، وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم، لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها.
12- السير موير ( السير موير الإنكليزي في كتابه (تاريخ محمد). )
إن محمداً نبي المسلمين لقب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه وحسن سلوكه، ومهما يكن هناك من أمر فإن محمداً أسمى من أن ينتهي إليه الواصف، ولا يعرفه من جهله، وخبير به من أمعن النظر في تاريخه المجيد، ذلك التاريخ الذي ترك محمداً في طليعة الرسل ومفكري العالم.
13- سنرستن الآسوجي (العلامة سنرستن الآسوجي: مستشرق آسوجي ولد عام 1866، أستاذ اللغات الساميّة، ساهم في دائرة المعارف، جمع المخطوطات الشرقية، محرر مجلة (العالم الشرقي) له عدة مؤلفات منها: (القرآن الإنجيل المحمدي) ومنها: (تاريخ حياة محمد). )
إننا لم ننصف محمداً إذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحميد المزايا، فلقد خاض محمد معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجية، مصراً على مبدئه، وما زال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف إلى النصر المبين، فأصبحت شريعته أكمل الشرائع، وهو فوق عظماء التاريخ.
14- المستر سنكس ( المستر سنكس الأمريكي: مستشرق أميركي ولد في بلدته بالاي عام 1831، توفي 1883 في كتابه: (ديانة العرب).)
ظهر محمد بعد المسيح بخمسمائة وسبعين سنة، وكانت وظيفته ترقية عقول البشر، بإشرابها الأصول الأولية للأخلاق الفاضلة، وبإرجاعها إلى الاعتقاد بإله واحد، وبحياة بعد هذه الحياة.
إلى أن قال: إن الفكرة الدينية الإسلامية، أحدثت رقياً كبيراً جداً في العالم، وخلّصت العقل الإنساني من قيوده الثقيلة التي كانت تأسره حول الهياكل بين يدي الكهان. ولقد توصل محمد ـ بمحوه كل صورة في المعابد وإبطاله كل تمثيل لذات الخالق المطلق ـ إلى تخليص الفكر الإنساني من عقيدة التجسيد الغليظة.
15- آن بيزيت ( آن بيزينت: حياة وتعاليم محمد دار مادرس للنشر 1932. )
من المستحيل لأي شخص يدرس حياة وشخصية نبي العرب العظيم ويعرف كيف عاش هذا النبي وكيف علم الناس، إلا أن يشعر بتبجيل هذا النبي الجليل، أحد رسل الله العظماء، ورغم أنني سوف أعرض فيما أروي لكم أشياء قد تكون مألوفة للعديد من الناس فإنني أشعر في كل مرة أعيد فيها قراءة هذه الأشياء بإعجاب وتبجيل متجددين لهذا المعلم العربي العظيم.
هل تقصد أن تخبرني أن رجلاً في عنفوان شبابه لم يتعد الرابعة والعشرين من عمره بعد أن تزوج من امرأة أكبر منه بكثير وظل وفياً لها طيلة 26 عاماً ثم عندما بلغ الخمسين من عمره - السن التي تخبو فيها شهوات الجسد - تزوج لإشباع رغباته وشهواته؟! ليس هكذا يكون الحكم على حياة الأشخاص.
فلو نظرت إلى النساء اللاتي تزوجهن لوجدت أن كل زيجة من هذه الزيجات كانت سبباً إما في الدخول في تحالف لصالح أتباعه ودينه أو الحصول على شيء يعود بالنفع على أصحابه أو كانت المرأة التي تزوجها في حاجة ماسة للحماية.
16- مايكل هارت (مايكل هارت: في كتابه مائة رجل من التاريخ. )
إن اختياري محمداً، ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الديني والدنيوي.
فهناك رُسل وأنبياء وحكماء بدءوا رسالات عظيمة، ولكنهم ماتوا دون إتمامها، كالمسيح في المسيحية، أو شاركهم فيها غيرهم، أو سبقهم إليهم سواهم، كموسى في اليهودية، ولكن محمداً هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية، وتحددت أحكامها، وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته. ولأنه أقام جانب الدين دولة جديدة، فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضاً، وحّد القبائل في شعـب، والشعوب في أمة، ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور دنياها، ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم. أيضاً في حياته، فهو الذي بدأ الرسالة الدينية والدنيوية، وأتمها.
17- تولستوي (ليف تولستوي «1828 ـ 1910» الأديب العالمي الذي يعد أدبه من أمتع ما كتب في التراث الإنساني قاطبة عن النفس البشرية. )
يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة.
18- شبرك النمساوي (الدكتور شبرك النمساوي)
إنّ البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها، إذ إنّه رغم أُمّيته، استطاع قبل بضعة عشر قرنًا أنْ يأتي بتشريع، سنكونُ نحنُ الأوروبيين أسعد ما نكون، إذا توصلنا إلى قمّته.
وَ لِلشِعر دوره في النُّصرة..!
مَلحَمَةُ النَّبِي صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وسلم..
للشَّاعِر عُمر أبو ريشة..
أي نـجوى مـخضلة الـنعماء،رددتـهـا حـناجر الـصحراء..؟
سمعتها قريش فانتفضت غضبى،وضـجـت مـشبوبة الأهـواء..
ومـشت في حمى الضلال إلى،الـكعبة مـشي الطريدة البلهاء..
وارتـمت خـشعة عـلى اللات،والعزى وهزت ركنيهما بـالدعاء..
وبـدت تـنحر الـقرابين نحرا،فـي هـوى كـل دمية صماء..
وانـثنت تضرب الرمال اختيالا،بـخـطى جـاهـلية عـمياء..
عـربدي يا قريش وانغمسي ما،شـئت فـي حمأة المنى النكراء..
لـن تزيلي ما خطه الله للأرض،ومـا صـاغه لـها مـن هناء..
شـاء أن يـنبت النبوة في القفر،ويـلقي بـالوحي مـن سـيناء..
فـسلي الربع ما لغربة عبدالله،تـطوى جـراحها فـي العزاء..
مـا لأقـيال هاشم يخلع البشر،عـلـيها مـطـارف الـخيلاء..
انـظريها حـول الـيتيم فراشاً،هـزجاً حـول دافـق الـلألاء..
وأبـو طالب على مذبح الأصنام،يـزجي لـه ضـحايا الـفداء..
هـو ذا أحمد فيا منكب الغبراء،زاحــم مـنـاكب الـجوزاء..
بـَسَمَ الـطفل للحياة و في جنبيه،ســر الـوديـعة الـعصماء..
هـبَّ مـن مـهده ودبَّ غريبَ،الـدار فـي ظـل خيمة دكناء..
تـتبارى حـليمةٌ خـلفه تـعدو،وفـي ثـغرها افـترار رضاء..
عـرفت فيه طلعة اليُمن والخير،إذا أجـدبـت ربــى الـبيداء..
وتـجلَّى لـها الـفراق فـأغضت،فـي ذهـول وأجـهشت بالبكاء..
عــاد لـلـربع أيـن آمـنةٌ؟،والحب والشوق في مجال اللقاء..
ما ارتوت منه مقلة طالما ،شقت عـلـيه سـتـائر الـظـلماء..
يـا اعـتداد الأيتام باليتم كفكف،بـعـده كـل دمـعة خـرساء..
أحـمد شـبَّ يـا قريش فتيهي،في الغـوايات واسرحي في الشقاء..
وانفضي الكف من فتى ما تردَّى،بــرداء الأجــداد والآبـاء..
أنـتِ سـميته الأمين وضمخت،بـذكـراه نــدوة الـشـعراء..
فـدعي عـمه فـما كان يغريه،بـما فـي يـديك مـن إغراء..
جاءه متعب الخطى شارد الآمال،مـا بـيـن خـيـبة ورجــاء..
قال:هوِّنْ عنك الأسى يابن عبدالله،واحـقن لـنا كـريم الدماء..
لا تـسفّهْ دنـيا قـريش تبوِّئْك ،مــن الـمـلك ذروة الـعلياء..
فـبكى أحمد وما كان من يبكي،ولـكـنـها دمــوع الإبــاء..
فـلـوى جـيده وسـار وئـيداً،ثـابت الـعزم مـثقل الأعـباء..
وأتـى طـوده الـموشح بالنور،وأغـفى فـي ظـل غار حراء..
وبـجفنيه مـن جـلال أمـانيه،طـيـوف عـلـوية الإسـراء..
وإذا هـاتف يـصيح بـه اقرأ،فـيـدوّي الـوجود بـالأصداء..
وإذا فـي خـشوعه ذلك الأمي،يـتـلـو رسـالـة الإيـحـاء..
وإذا الأرض والـسـماء شـفاه،تـتـغنى بـسـيد الأنـبـياء..
جـمعت شـملها قريش وسلَّتْ،لـلأذى كـلَّ صـعدة سـمراء..
وأرادت أن تنقذ البغي من أحمد،فــي جـنـح لـيـلة لـيلاء..
ودرى سـرَّها الـرهيب عـليٌّ،فـاشتهى لـو يكون كبش الفداء..
قـال :يـا خاتم النبيين أمست،مـكـة دار طـغـمة سـفهاء..
أنـا بـاقٍ هـنا ولـست أبالي،مـا ألاقـي من كيدها في البقاء..
سـيروني على فراشك والسيف،أمـامـي وكـل دنـيـا ورائـي..
حـسبي الله فـي دروب رضاه،أن يــرى فـيّ أول الـشهداء..
فـتـلقاه أحـمد بـاسم الـثغر عـليماً،بـما انطوى في الخفاء..
أمـر الـوحي أن يـحثَّ خطاه،فـي الـدجى لـلمدينة الزهراء..
وسـرى واقـتفى سراه أبوبكر،وغـابا عـن أعـين الـرقباء..
وأقـاما في الغار والملأ العلوي،يـرنـو إلـيـهما بـالـرعاء..
وقـفت دونـه قـريش حيارى،وتـنزَّت جـريحة الـكبرياء..
وانـثنت والرياح تجأر والرمل،نـثير فـي الأوجـه الـربداء..
هـللي يـا رُبـا المدينة واهمي،بـسـخيِّ الأظـلال والأنـداء..
واقـذفـيها الله أكـبـر حـتى،يـنتشي كـل كـوكب وضـاء..
واجمعي الأوفياء إن رسول الله،آتٍ لـصـحـبه الأوفــيـاء..
وأطـلَّ النبي فيضاً من الرحمة،يـروي الـظماء تـلو الـظماء..
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد فإن أقدم لإخواني القراء المسلمين الكرام :
قطوفاً من الشمائل المحمدية ، والأخلاق النبوية ، والآداب الإسلامية ليطلعوا عليها ، ويقتدوا بهذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، في أخلاقه ، وآدابه ، وتواضعه ، وحلمه ، وشجاعته ، وكرمه ، وتوحيده لربه ، ولا سيما نحن في عصر نحتاج إلى نشر التوحيد والأخلاق اللذين انتصر بهما المسلمون ، وانتشر الإسلام .
وما أحسن قول الشاعر :
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
والله أسأل أن ينفع بهذا الكتاب المسلمين ، ويجعله خالصاً لوجهه الكريم .
مولد الرسول صلى الله عليه وسلم :
1- قال الله تعالى : {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} .
2- وقال الله تعالى : {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ }
3- وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن صوم يوم الاثنين قال : ( ذلك يوم ولدت فيه ، وفيه بعثت ، وفيه أنزل الحق) .
4- لقد ولد الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين من شهر ربيع الأول في مكة المكرمة عام الفيل عام 571م من أبوين معروفين : أبوه عبدالله بن عبدالمطلب ، وأمه آمنة بنت وهب ، سماه جده محمداً صلى الله عليه وسلم ، وقد مات أبوه قبل ولادته .
5- إن من واجب المسلمين أن يعرفوا قدر هذا الرسول الكريم ، فيحكموا بالقرآن الذي أُنزل عليه ، ويتخلقوا بأخلاقه ، ويهتموا بالدعوة إلى التوحيد التي بدأ بها رسالته متمثلة في قوله تعالى : {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} .
اسم ونسب الرسول صلى الله عليه وسلم :
1- قال الله تعالى : {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ} .
2- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله به الكفر ، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي .
3- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسمي لنا نفسه أسماء فقال : "أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا المقفى ، والحاشر ، ونبي التوبة ، ونبي الرحمة"(المقفى : آخر الأنبياء) .
4- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ألا تعجبون كيف يصـرف الله عني شتم قريش ، ولعنهم ؟ يشتمون مذمماً ، ويلعنون مذمماً ، وأنا محمد) .
5- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشاً من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم) .
6- وقال صلى الله عليه وسلم : ( تسموا باسمي ، ولا تكنوا بكنيتي ، فإنما أنا قاسم أقسم بينكم) .
الرسول كأنك تراه صلى الله عليه وسلم :
1- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجهاً وأحسنهم خلقاً ، ليس بالطويل البائن ولا القصير .
2- كان الرسول صلى الله عليه وسلم ، أبيض مليح الوجه .
3- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مربوعاً ([1])، عريض ما بين المنكبين ، كث اللحية ، تعلوه حُمرة ، جمته إلى شحمة أذنيه ، لقد رأيته في حُلة حمراء ، ما رأيت أحسن منه . (كث اللحية : كثير الشعر) (جمته : شعره) .
4- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضخم الرأس واليدين والقدمين ، حسن الوجه ، لم أر قبله ولا بعده مثله .
5- كان وجهه مثل الشمس والقمر وكان مستديراً .
6- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرّ استنـار وجهه ، حتى كأن وجهه قطعة قمر ، وكنا نعرف ذلك .
7- كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يضحك إلا تبسماً ، وكنت إذا نظرت إليه قلت أكحل العينين وليس بأكحل .
8- وعن عائشة قالت : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً قط ضاحكاً ، حتى أرى منه لهواته ، إنما كان ضحكه التبسم . ( لهواته : أقصى حلقه) .
9- وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في ليلة إضحيان فجعلت أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والى القمر ، وعليه حلة حمراء ، فإذا هو عندي أحسن من القمر . ( إضحيان : مضيئة مقمرة) .
10- وما أحسن من قال في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامي عصمة للأرامل .
هذا الشعر من كلام أبي طالب أنشده ابن عمر وغيره ، لما أصاب المسلمين قحط ، فدعا لهم الرسول قائلاً : (اللهم أسقنا) فنزل المطر . (ثمال : مُطعم ، عِصمة : مانع من ظلمهم) .
والمعنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم المنعوت بالبياض يسأله الناس أن يتوجه إلى الله بوجهه الكريم ودعائه أن يُنزل عليهم المطر وذلك في حال حياته صلى الله عليه وسلم ، أما بعد مماته فقد توسل الخليفة عمر بالعباس أن يدعو لهم بنزول المطر ولم يتوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم : وأنشد من كنانة فقال :
سُقينا بوجه النبي المطرقال الشاعر أبو رواحة عبدالله بن عيسى اليمني :
***لك الحمد والحمد ممن شكر
إليه وأشخص منه البصر
***دعا الله خالقه دعوة
وأسرع حتى رأينا الدرر
***فلم يك إلا كإلقاء الرداء
أبو طالب أبيض ذو غرر
***وكان كما قال لـه عمه
وهذا العيان لذاك الخير
***به الله يسقى صــوب الغمـام
ومن يكفر الله يلق الغير
***فمن يشكر الله يلق المزيد
شمساً تضئ لسائر الأكوان
***هذا رسول الله يبدو فـي الدنيــا
كختام مسك فاح في البلدان
***فهو الذي كان الختام لرسلنـــا
أضحى لنا قمراً بكل مكان
***ذو الصورة البيضاء والوجه الذي
من لينة كالزبد في فنجــــان
***وإذا لمست الكف قلت : حريرة
يصل القلوب يهز كل جنان
***وإذا سمعت كلامه مترسلاً
إذا أنها فاقت لكل بيان
***وجوامع الكلم البليغ أحاطتها
أبو معبد والرسول صلى الله عليه وسلم :
اشتهر في كتب السيرة والحديث خبر نزول الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه بخيمة أم مبعـد (بقرير) طالبين القرى ، فاعتذرت لهم لعدم وجود طعام عندها إلا شاة هزيلة لا تدر لبناً ، فأخذ الشاة فمسح ضرعها بيده ، ودعا الله ، وحلب في إناء حتى علت الرغوة ، وشرب الجميع ، ولكن هذه الرواية طرقها ما بين ضعيفة وواهية إلا طريقاً واحداً يريوها الصحابي قيس بن النعمان السكوني ونصها :
(لما انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يستخفيان نزلا بأبي معبد فقال : والله ما لنا شاة ، وإن شاءنا لحوامل فما بقي لنا لبن .
الرسول صلى الله عليه وسلم : فما تلك الشاة ؟
أبو معبد : أتى بها .
الرسول صلى الله عليه وسلم : دعا بالبركة عليها ، ثم حلـب عُسـا فسقاه ثم شربوا . (عُساً : قدحاً كبيراً) .
أبو معبد : أنت الذي يزعم قريش أنك صابئ .
الرسول صلى الله عليه وسلم : إنهم ليقولون .
أبو معبد : أشهد أن ما جئت به حق .
أبو معبد : أتبعك .
الرسول صلى الله عليه وسلم : لا ، حتى تسمع أنا قد ظهرنا : (أي انتصرنا) .
أبو معبد : فاتبعه بعد : ( أي لحقه بعد أن ظهر في المدينة) .
([1]) مربوعاً : ليس بالطويل ولا القصير .
يتبع إنشاء الله![]()
Gamar
* حياته صلى الله عليه وسلم :
ولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين (9) من شهر ربيع الأول عام الفيل، وذلك حوالي سنة (570م)، أي قبل الهجرة بنحو (53) سنة.
وتزوج بخديجة لما بلغ من العمر (25) سنة.
وأوحى الله إليه لما بلغ عمره أربعين سنة، وذلك حوالي سنة (610م).
وأمره الله بتبليغ ما أُنزل إليه بعد نحو ثلاث سنين من نبوته، فقام يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ولبث يدعو إلى الله في مكة وما حولها نحواً من عشر سنين بعد بعثته، حتى أذن الله له بالهجرة إلى يثرب (المدينة المنورة).
فهاجر إليها وجعلها مركز دعوته، وعاصمة دولته الدينية، دولة الإِسلام، وكان ذلك في 12 من ربيع الأول للسنة الأولى من حساب السنوات الهجرية، التي يوافق أولها (16 تموز 622م).
ولما أكمل الله للناس دينهم، وأتم عليهم نعمته، وأدى رسوله محمد صلوات الله عليه الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وفتح الله عليه بالنصر المبين، اصطفاه الله فقبض روحه، وكان ذلك في يوم الاثنين 12 من ربيع الأول لسنة 11 من الهجرة، الموافق (7 حزيران 632م). هذا ما عليه الجمهور، واستشكل كونه يومَ الاثنين إذ كان يوم عرفة في حجة الوداع يوم الجمعة باتفاق فلا يكون الثاني عشر من ربيع الأول يوم الاثنين، وعليه فإمّا أن يكون الخطأ في تعيين اليوم، أو في تحديد التاريخ.
إن الدين الإسلامي أكثر الأديان انتشاراً بالرغم من أن الإسلام جاء بعد المسيحية بنحو 600 سنة إلا أنه أكثر اضطراداً في النمو من المسيحية .
إن الأرقام فقط تدل على أن تعداد مسيحي العالم أكثر من المسلمين ولكن بحق إذا تناولناها من الناحية العملية فإن المسلمين أكثر تعداداً من المسيحيين . إن المسلمين العاملين بدينهم يزدادون يوماً بعد يوم .
أما المسيحيين فمعظمهم ينتمون إلى المسيحية اسماً ولا يحبونها ولا يعملون بها ، وإذا ما قارنا بين المسلمين الملتزمين بدينهم والمسيحيين الملتزمين بدينهم فإن الكفة في صالح المسلمين حيث أن أعداد المسلمين الملتزمين بدينهم أكبر بكثير من أعداد المسيحيين المطبقين لدينهم .
إن الأخلاق الحميدة والصفات السامية النبيلة والسمات الرفيعة التي كان يتصف بها نبي الإسلام جعلته أجدر بكل تعظيم وتبجيل فإن هذه الصفات لم تخلع على أحد قبله أو بعده وكان لها دور كبير في نشر الدين الإسلامي .
إن صفة الرحمة في تعامله مع المسلمين وحتى مع زوجاته في المنزل لها الأثر الأكبر في نشر الإسلام . إن أبرز موقف يصف رحمته صلى الله عليه وسلم هو عند فتح مكة حيث قال لقومه الذين عذبوه وأخرجوه من بلده وناصبوه العداء وكان الزمام في يده ويستطيع أن يقتل كل من تسبب في إيذائه ووقف في طريق الدين الناشئ ، فقال قولته المشهورة التي يتداولها التاريخ بكل تقدير وإعزاز : " ماذا تظنون أني فاعل بكم " .
قالوا " أخ كريم وابن أخ كريم " . يقصدون استعطافه لما يعرفون عنه من الرحمة والأخلاق الرفيعة إنهم يعرفونه منذ نشأته فلم يعهدوا منه غدراً ولا خيانة .. إن هذا الموقف هو الذي يوضح الأبطال على حقيقتهم وهو الذي يبرز صفات القائد المحنك .
لم ينتصر لنفسه لما وجد من تعذيب في بداية الدعوة .
ولم ينتصر لأصحابه الذين بُطِشَ ونُكِّلَ بهم لكي يفارقوا دينهم . وإنما قال قولته العظيمة الخالدة التي وجلت القلوب إجلالاً لها :
" إذهبوا فأنتم الطلقاء " .
وكانت لهذه الكلمات النبيلة والموقف الإنساني الرائع أكبر الأثر في دخول الناس في دين الله أفواجاً بدون حرب وبدون إراقة ولو قطرة دم واحدة فقال تعالى :
" إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً " ( النصر : 1- 3 ) .
فدخل الناس في دين الله بدون حرب فكيف يزعم أحد إذن أنه نشر الدين بالسيف .
---------------------
قال صلى الله عليه وسلم : " لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى " .
وقال صلى الله عليه وسلم : " لا فرق بين أبيض وأسود إلا بالتقوى " .
فلم يفرق رسول الإسلام بين الناس لمجرد لونهم ولمجرد مكانتهم في المجتمع . فالوزير والخفير سواء أمام الله والفارق الجوهري الوحيد هو التقوى .
إن التقوى هي اللباس الذي يميز بين عباد الله ومقياس أفضليتهم عند الله .. أما خلاف ذلك فلا . قال تعالى " إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ " .
إن الإسلام جاء بأسمى الشرائع وبأسمى التشريعات الاجتماعية فلقد فعلت المسيحية بأهلها الويلات وقد شردتهم ومزقت بينهم حسب بيئتهم حتى أنه يوجد في أمريكا أبشع أنواع التفرقة العنصرية بين البيض والسود حتى وإن كانوا أبناء دين واحد هو المسيحية فالفرق بينهم في اللون أدى إلى فرق في المكانة الاجتماعية .
كما أن الإسلام نزع الفوارق الطبقية وقضى عليها في المجتمع فأصبح الناس كلهم سواسية كأسنان المشط .
وأصبح الإسلام وأخوة الإسلام أقوى رباط يربط بين المجتمع .
إن الرجل الذي قال عنه كارلايل : " رجل واحد في مقابل جميع الرجال " ، الذي استطاع بنصر الله له وبصدق عزيمته وبإخلاصه في دعوته أن يقف أمام الجميع ليدحض الباطل ويُظهر الحق حتى يحق الله الحق بكلماته ولو كره الكافرون .
إن هذا الرجل العظيم الذي استطاع أن يقف أمام العالم أجمع وأمام جهالات قريش وكفرها العنيد وأمام الأصنام وعبادة الكواكب وكل ما يعبد من دون الله وقف يدعو الله وحده لا شريك له ونبذ كل ما سواه ، إنه بحق لجدير بكل تبجيل واحترام ليس فقط من أتباعه بل من كل من يفهموا سمات العبقرية وخصائصها .
إن الصفات التي تفردت في هذا الرسول العظيم لجديرة بأن يحصل على نوط الامتياز ويحظى بكل تقدير واحترام
عاش حياته كلها في خدمة البشرية جمعاء وجاء بالدين الخاتم لجميع البشر .
فهو بشير ونذير لكل البشر إنسهم وجنهم .. وقد أخرج بإذن الله الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن الظلمات إلى النور ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .
وإن وصف النصارى المسيح بأنه مخلصهم فإن محمداً بحق هو مخلص البشرية من الظلم والاضطهاد والكفر والضلال والعذاب في الدنيا والآخرة .
وأختتم هذا الكلام عن عظمة نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم بكلام مايكل هارت في كتابه العظماء مائة وأعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم عن سبب اختياره لمحمد وكونه الأعظم فقال :
( إن اختياري لمحمد ليقود قائمة أكثر أشخاص العالم تأثيراً في البشرية قد يدهش بعض القراء وقد يعترض عليه البعض .. ولكنه كان ( أي محمد) الرجل الوحيد في التاريخ الذي حقق نجاحاً بارزاً في كل من المستوى الديني والدنيوي )
جَزَاكُمُ الإلَهُ خَيّرَاً عَلَى مَا تَفَضَّلتُم بِهِ ،وَ بَارَكَ اللهُ فِي أخِي مَحّرُوم عَلَى نَشّرِ الموضوعِ في عِدَّة أقسَام وَ تَثبِيتُه لِلموضوع فِي الأَقسَام الَّتِي نَسَخَ المَوضُوعَ بِهَا..
وَهَاأنَا ذَا أتِيكُمْ بِشَيِّءٍ مِنْ جميلِ الأدَبِ لِشيخِنَا الفَاضِلْ عَائِض القَرنِي..
المقامة النبوية مِن كتاب"المقامات"،للشيخ الدكتور عائض القرني -وَفَّقَهُ الله لِكُلِّ خيرٍ-..
"المقـامَــة الـنـَّبـويَّـــة"..
((وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ))..
صلى عليك الله يا علم الهدى،واستبشرت بقدومك الأيامُ
هتفت لك الأرواح من أشواقها،وازينت بحديثك الأقلامُ..
ما أحسن الاسم والمسمَّى ، وهو النبي العظيم في سورة عمّ ، إذا ذكرته هلت الدموع السواكب ، وإذا تذكرته أقبلت الذكريات من كل جانب .
وكنت إذا ما اشتدّ بي الشوق والجوى،وكادت عرى الصبر الجميل تفصمُ
أُعلِّل نفسي بالتلاقي وقربه،وأوهمها لكنّها تتوهم..
المتعبد في غار حراء ، صاحب الشريعة الغراء ، والملة السمحاء ، والحنيفية البيضاء ، وصاحب الشفاعة والإسراء ، له المقام المحمود ، واللواء المعقود ، والحوض المورود ، هو المذكور في التوراة والإنجيل ، وصاحب الغرة والتحجيل ، والمؤيد بجبريل ، خاتم الأنبياء ، وصاحب صفوة الأولياء ، إمام الصالحين ، وقدوة المفلحين((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)).
السماوات شيّقات ظِمــاءُ،والفضا والنجوم والأضواءُ
كلها لهفة إلى العلَم الهادي،وشـوق لذاتــه واحتفـاءُ..
تنظم في مدحه الأشعار ، وتدبج فيه المقامات الكبار ، وتنقل في الثناء عليه السير والأخبار ، ثم يبقى كنزاً محفوظاً لا يوفّيه حقه الكلام ، وعلماً شامخاً لا تنصفه الأقلام ، إذا تحدثنا عن غيره عصرنا الذكريات ، وبحثنا عن الكلمات ، وإذا تحدثنا عنه تدفق الخاطر ، بكل حديث عاطر ، وجاش الفؤاد ، بالحب والوداد ، ونسيت النفس همومها ، وأغفلت الروح غمومها ، وسبح العقل في ملكوت الحب ، وطاف القلب بكعبة القرب ، هو الرمز لكل فضيلة ، وهو قبة الفلك خصال جميلة ، وهو ذروة سنام المجد لكل خلال جليلة .
إنْ كان أحببت بعد الله مثـلك في،بدو وحضر وفي عرب وفي عجمِ
فلا اشتفى ناظري من منظرٍ حسنٍ،ولا تفوه بالقـول السديـد فمـي..
مرحباً بالحبيب والأريب والنجيب الذي إذا تحدثت عنه تزاحمت الذكريات ، وتسابقت المشاهد والمقالات .
صلى الله على ذاك القدوة ما أحلاه ، وسلم الله ذاك الوجه ما أبهاه ، وبارك الله على ذاك الأسوة ما أكمله وأعلاه ، علم الأمة الصدق وكانت في صحراء الكذب هائمة ، وأرشدها إلى الحق وكانت في ظلمات الباطل عائمة ، وقادها إلى النور وكانت في دياجير الزور قائمة .
وشب طفل الهدى المحبوب متشحاً،بالخير متزّراً بالنور والنار
في كفه شعلة تهدي وفي دمه،عقيدة تتحدى كل جبارِ..
كانت الأمة قبله في سبات عميق ، وفي حضيض من الجهل سحيق ، فبعثه الله على فترة من المرسلين ، وانقطاع من النبيين ، فأقام الله به الميزان ، وأنزل عليه القرآن ، وفرق به الكفر والبهتان ، وحطمت به الأوثان والصلبان ، للأمم رموز يخطئون ويصيبون ، ويسدّدون ويغلطون ، لكن رسولنا صلى الله عليه وسلم معصوم من الزلل ، محفوظ من الخلل ، سليم من العلل ، عصم قلبه من الزيغ والهوى ، فما ضل أبداً وما غوى ، إنْ هو إلا وحي يوحى .
للشعوب قادات لكنهم ليسوا بمعصومين ، ولهم سادات لكنهم ليسوا بالنبوة موسومين ، أما قائدنا وسيدنا فمعصوم من الانحراف ، محفوف بالعناية والألطاف .
أثني على مَنْ أتدري من أبجله،أما علمت بمن أهديتُه كلمي
في أصدق الناس لفظاً غير متَّهمٍ،وأثبت الناس قلباً غير منتقم
قصارى ما يطلبه سادات الدنيا قصور مشيدة ، وعساكر ترفع الولاء مؤيدة، وخيول مسومة في ملكهم مقيدة ، وقناطير مقنطرة في خزائنهم مخلدة ، وخدم في راحتهم معبدة.
أما محمّد عليه الصلاة والسلام فغاية مطلوبه ، ونهاية مرغوبه ، أن يعبد الله فلا يشرك به معه أحد ، لأنه فرد صمد ،لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد .
يسكن بيتاً من الطين ، وأتباعه يجتاحون قصور كسرى وقيصر فاتحين ، يلبس القميص المرقوع ، ويربط على بطنه حجرين من الجوع ، والمدائن تفتح بدعوته ، والخزائن تقسم لأمته .
إن البرية يوم مبعث أحمد،نظر الإله لها فبدّل حالها
بل كرم الإنسان حين اختار من،خير البرية نجمها وهلالها
لبس المرقع وهو قائد أمة،جبت الكنوز فكسّرت أعلامها
لما رآها الله تمشي نحوه،لا تبتغي إلا رضاه سعى لها..
ماذا أقول في النبي الرسول ؟ هل أقول للبدر حييت يا قمر السماء ؟ أم أقول للشمس أهلاً يا كاشفة الظلماء ، أم أقول للسحاب سلمت يا حامل الماء ؟
يا من تضوّع بالرضوان أعظمه،فطاب من طيب تلك القاع والأكمُ
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه،فيه العفاف وفيه الجود والكرمُ
اسلك معه حيثما سلك ، فإن سنته سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها هلك ، نزل بزُّ رسالته في غار حراء ، وبيع في المدينة ، وفصل في بدر ، فلبسه كل مؤمن فيا سعادة من لبس ، ويا خسارة من خلعه فقد تعس وانتكس ، إذا لم يكن الماء من نهر رسالته فلا تشرب ، وإذا لم يكن الفرس مسوَّماً على علامته فلا تركب ، بلال بن رباح صار باتباعه سيداً بلا نسب ، وماجداً بلا حسب ، وغنيّاً بلا فضة ولا ذهب ، أبو لهب عمه لما عصاه خسر وتبّْ ، سيصلى ناراً ذات لهب .
الفرس والروم واليونان إن ذكروا،فعند ذكرك أسمال على قزم
هم نمقوا لوحة بالـرق هائمـة،وأنت لوحك محفوظ من التهمِ..
وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ، وإنك لعلى خلق عظيم ، وإنك لعلى نهج قويم ، ما ضلّْ ، وما زلّْ ، وما ذلّْ ، وما غلّْ ، وما ملّْ ، وما كلّْ ، فما ضلّ لأن الله هاديه، وجبريل يكلمه ويناديه ، وما زلّ لأن العصمة ترعاه ، والله أيده وهداه ، وما ذلّ لأن النصر حليفه ، والفوز رديفه ، وما غلّ لأنه صاحب أمانة ، وصيانة ، وديانة، وما ملّ لأنه أعطي الصبر ، وشرح له الصدر ، وما كلّ لأن له عزيمة ، وهمة كريمة ، ونفس طاهرة مستقيمة .
كأنك في الكتاب وجدت لاءً،محرمة عليك فلا تحلُّ
إذا حضر الشتاء فأنت شمس،وإن حل المصيف فأنت ظلُّ..
صلى الله عليه وسلم ما كان أشرح صدره ، وأرفع ذكره ، وأعظم قدره ، وأنفذ أمره ، وأعلى شرفه ، وأربح صفقه ، من آمن به وعرفه ، مع سعة الفناء ، وعظم الآناء ، وكرم الآباء ، فهو محمد الممجد ، كريم المحتد ، سخي اليد ، كأن الألسنة والقلوب ريضت على حبه ، وأنست بقربه ، فما تنعقد إلا على وده ، ولا تنطق إلا بحمده ، ولا تسبح إلا في بحر مجده .
نور العرارة نوره ونسيمه،نشر الخزامى في اخضرار الآسي
وعليه تاج محبة من ربه،ما صيغ من ذهب ولا من ماسي..
إن للفطر السليمة ، والقلوب المستقيمة ، حب لمنهاجه ، ورغبة عارمة لسلوك فجاجه ، فهو القدوة الإمام ، الذي يهدى به من اتبع رضوانه سبل السلام .
صلى الله عليه وسلم علم اللسان الذكر ، والقلب الشكر ، والجسد الصبر ، والنفس الطهر ، وعلم القادة الإنصاف ، والرعية العفاف ، وحبب للناس عيش الكفاف ، صبر على الفقر ، لأنه عاش فقيرا ، وصبر على جموع الغنى لأنه ملك ملكاً كبيرا ، بعث بالرسالة ، وحكم بالعدالة ، وعلم من الجهالة ، وهدى من الضلالة ، ارتقى في درجات الكمال حتى بلغ الوسيلة ، وصعد في سلّم الفضل حتى حاز كل فضيلة .
أتاك رسول المكرمـات مسلمـاً،يريد رسول الله أعظم متقي
فأقبل يسعى في البساط فما درى،إلى البحر يسعى أم إلى الشمس يرتقي..
هذا هو النور المبارك يا من أبصر ، هذا هو الحجة القائمة يامن أدبر ، هذا الذي أنذر وأعذر ، وبشر وحذر ، وسهل ويسر ، كانت الشهادة صعبة فسهّلها من أتباعه مصعب ، فصار كل بطل بعده إلى حياضه يرغب ، ومن مورده يشرب ، وكان الكذب قبله في كل طريق ، فأباده بالصديق ، من طلابه أبو بكر الصديق ، وكان الظلم قبل أن يبعث متراكماً كالسحاب ، فزحزحه بالعدل من تلاميذه عمر بن الخطاب ، وهو الذي ربى عثمان ذو النورين ، وصاحب البيعتين ، واليمين والمتصدق بكل ماله مرتين ، وهو إمام علي حيدره ، فكم من كافر عفرّه ، وكم من محارب نحره ، وكم من لواء للباطل كسره ، كأن المشركين أمامه حمر مستنفرة ، فرت من قسوره .
إذا كان هذا الجيل أتباع نهجه،وقد حكموا السادات في البدو والحَضَرْ
فقل كيف كان المصطفى وهو رمزهم،مع نوره لا تذكر الشمس والقَمرْ..
كانت الدنيا في بلابل الفتنة نائمة ، في خسارة لا تعرف الربح ، وفي اللهو هائمة ، فأذّن بلال بن رباح ، بحي على الفلاح ، فاهتزت القلوب ، بتوحيد علاّم الغيوب ، فطارت المهج تطلب الشهادة ، وسبحت الأرواح في محراب العبادة ، وشهدت المعمورة لهم بالسيادة .
كل المشارب غير النيل آسنة،وكل أرض سوى الزهراء قيعان
لا تنحر النفس إلا عند خيمته،فالموت فوق بلاط الحب رضوان..
أرسله الله على الظلماء كشمس النهار ، وعلى الظمأ كالغيث المدرار ، فهز بسيوفه رؤوس المشركين هزّاً ، لأن في الرؤوس مسامير اللات والعزى ، عظمت بدعوته المنن ، فإرساله إلينا أعظم منّة ، وأحيا الله برسالته السنن ، فأعظم طريق للنجاة إتباع تلك السنة . تعلم اليهود العلم فعطلوه عن العمل ، ووقعوا في الزيغ والزلل ، وعمل النصارى بضلال ، فعملهم عليهم وبال ، وبعث عليه الصلاة والسلام بالعلم المفيد ، والعلم الصالح الرشيد .
أخوك عيسـى دعا ميْتـاً فقام له،وأنت أحييت أجيالاً من الرممِ
قحطان عدنان حازوا منك عزّتهم،بك التشرف للتـاريخ لا بهمِ..
"..ا.هـ ..