مشكور أخوي والله يجزاك خير
مشكور أخوي والله يجزاك خير
تكملة سلسلة شهر الله المحرم ...
-------------------------------------------
كذبة ابريل
صار الكذب في اليوم الأول من إبريل أمراً طبيعياً في الممازحة محاكاةً للأقوام الأخرى ، وقد وفد إلينا هذا البلاء فاستساغه المغترّون بالثقافات الأجنبية ، فكذبوا تقليداً ، وأصبح إنكار هذا المنكر الآن تخلفاً ورجعيةً .. ولا ريب أن الكذب حرام جِداً كان أو هزلاً .. فالنبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن الكذب وأمرنا بالابتعاد عنه والتحذير منه فقد قال - صلى الله عليه وسلم - : (( آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب …الخ )) رواه البخاري ، فقد ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن من صفات المنافق الكذب ، وقد ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الشريف : (( إنّ الصدق يهدي إلى البر ، وإنّ البر يهدي إلي الجنة ، وإن الرجل ليصدق ، حتى يكتب عند الله صديقاً ، وإنّ الكذب يهدي إلى الفجور ، وإنّ الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباّ )) رواه البخاري
ففي هذه الحديث الشريف يأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالصدق وينهانا عن الكذب بأنواعه فأسأل الله عز وجل أن نكون من أتباع النبي حتى نكتب عند الله من الصديقين وأن نتجنّب عن الكذب حتى لا نكتب عند الله من الكذابين
النهي عن سب الصحابة
من أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما وصفهم الله بذلك في قولـه تعالى:{ والذين جآءو من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوفٌ رحيمٌ } . [ الحشر:10] .
وطاعة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قولـه ( لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه )) . [ متفق عليه ] .
ويتبرءون من طريقة المنحرفين من أهل البدع الذين يسبون الصحابة رضي الله عنهم ويبغضونهم ويجحدون فضائلهم ويكفرون أكثرهم .
وأهل السنة يقبلون ما جاء في الكتاب والسنة من فضائلهم ويعتقدون أنهم خير القرون كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( خيركم قرني )) الحديث في الصحيحين.
ولما ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - للصحابة افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة وأنها في النار إلا واحدة ، سألوه عن تلك الواحدة فقال : (( هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي )) [ رواه الإمام أحمد وغيره ] .
قال أبو زرعة وهو من أجل شيوخ الإمام مسلم : ( إذا رأيت الرجل ينتقص امرءاً من الصحابة فاعلم أنه زنديق ، وذلك أن القرآن حق ، والرسول حق وما جاء به حق ، وما أدى إلينا ذلك كله إلا الصحابة . فمن جرحهم إنما أراد إبطال الكتاب والسنة ، فيكون الجرح به أليق والحكم عليه بالزندقة والضلال أقوم وأحق ) ، قال العلامة ابن حمدان في نهاية المبتدئين : ( من سب أحداً من الصحابة مستحلاً كفر ، وإن لم يستحل فسق وعنه يكفر مطلقاً ومن فسقهم أو طعن في دينهم أو كـفـّرهم كفر ) . [ شرح عقيدة السفاريني (2/388-389) ]
بتصرف من كتاب التوحيد للشيخ الفوزان ص 76
ونتبع في السلسلة القادمة وإن شاء الله " ريحانة المصفى "
ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين
هذه هي سلسلة ...
ريحانة المصطفى
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعين لهديه إلى يوم الدين.. وبعد: إنَّ من محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم محبة أهل بيته الطاهرين الطيبين فهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: «أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي» رواه مسلم ولاشك أن من أقرب الناس لقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل بيته ريحانتيه وسبطيه: الحسن والحسين رضي الله عنهما، كما أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بقوله : «هما ريحانتاي من الدنيا» رواه البخاري .
هل تعرف الحسين
اسمه ونسبه وكنيته: هو الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف بن قصي بن كلاب بن مرة .... ينتهي نسبه إلى معد بن عدنان.
صفته: قال أنس «كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مخضوبا بالوسمة » رواه البخاري
أبوه: علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين ابن عم رسـول الله صلى الله عليه وسلم.
أمـــــــه: فاطمة الزهراء بنت رسول الله وحبه أم أبيها.
جدته لأمه: (أم المؤمنين) خديجة بنت خويلد أولى زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم المبشرة ببيت في الجنة من قصب.
إخوته: هم درر ولآلئ: أضوؤها الحسن السبط الأول والريحانة الأولى ومحمد ابن الحنفية، ومن الإناث: زينب عقيلة بني هاشم وأم كلثوم وأمهما فاطمة الزهراء رضي الله عنهم جميعاً.
مولده: ولد الحسين رضي الله عنه في السنة الرابعة من الهجرة في شهر شعبان لخمس خلوف منه على أشهر الأقوال في المدينة النبوية المشرفة.
أهــل بيتــــــه
علي زين العابدين: وكنيته ابومحمد وأمه فيما قيل شاه زنان بنت كسرى يزدجرد بن شهريار آخر ملوك الفرس والسؤال: من الذي أعطاها للحسين؟ إنه عمر الفاروق رضي الله عنه لما أتته غنائم الفرس، فليحذر الذين يسبونه، وفي علي العقب والنسل وهو الذي بقي من ولد الحسين رضي الله عنه بعد كربلاء.
علي (الأكبر) : وقد قتل في الطف.
جعفر: وقد توفى جعفر في حياة أبيه.
عبدالله: وقد قتل صغيراً في (كربلاء).
سكينة: ولها أقوال مشهورة معلومة منها قولها لأهل الكوفة لما جاءوا يسلمون عليها بعد واقعة كربلاء فقالت لهم: الله يعلم أني أبغضكم قتلتم جدي عليا وأبي الحسين وأخي علياً وزوجي مصعباً فبأي وجه تلقوني! أيتمتموني صغيرة، وأرملتموني كبيرة... فلا عافاكم الله من أهل بلد ولا أحسن عليكم الخلافة
فاطمة ، وزاد بعض العلماء عليا الأصغر وزينب.
فيكون على هذا عدد الذكور خمسة والإناث ثلاثاً ولم تورد كتب السير من الأخبار شيئا عن علي الأصغر وزينب وربما ماتت زينب صغيرة في حياة أبيها وقتل علي في (الطف).
تحنيكه وتسميته
لقد حنك رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسين رضي الله عنه تفل في فيه ودعا له وسماه حسينا وقد نقل ابن كثير ذلك مما أخرجه الطبراني.
عن عائشة قالت : «عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين يوم السابع سماهما وأمر أن يماط عن رؤسهما الأذى» رواه ابن حبان.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوّذ الحسن والحسين ويقول: «إن أباكما كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامه» رواه البخاري
صعود النبي صلى الله عليه وسلم المنبر وهو يحمل الحسن والحسين رضي الله عنهما: عن بريدة قال: «خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان فنزل فأخذهما فصعد بهما المنبر ثم قال: صدق الله إنما أموالكم وأولادكم فتنة رأيت هذين فلم أصبر ثم أخذ في الخطبة» رواه أبوداود وصححه الألباني
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الأقرع بن حابس أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقبل حسينا فقال: إن لي عشرة من الولد ما فعلت هذا بواحد منهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لايرحم لا يرحم» رواه أبوداود وصححه الألباني وهذه المنزلة والمكانة عرفها الصحابة حق المعرفة فأدركوا تلك المنزلة وجعلوا لها في نفوسهم رعاية خاصة، دل على ذلك مواقفهم مع الحسين رضي الله عنه .
وإن شاء الله سنكمل في المرة القادمة جزء من السلسلة ...
ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين .
هذي تكملة السلسلة ....
سيدا شباب أهل الجنة
عن حذيفة رضي الله عنه قال: «سألتني أمي: متى عهدك؟ تعني بالنـبي صلى الله عليه وسلم فـــقلت: مالي به عهد منذ كذا وكذا فنات مني، فقلت لها: دعيني أتي النبي صلى الله عليه وسلم فأصلي معه المغرب وأسأله أن يستغفر لي ولك، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب فصلى حتى صلى العشاء ثم انفتل فتبعته فسمع صوتي فقال: من هذا حذيفة؟ قلت: نعم. قال: ما حاجتك غفر الــــله لــــك ولأمـــك؟ ثم قال: أما رأيت العارض الذي عرض لي قبيل؟ قال: قلت: بلى. قال: فهو ملك من الملائكة لم يهبط الأرض قبل هذه الليلة، فاستأذن ربه أن يسلم علي، ويبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة» رواه الترمذي .
أهــل الكساء
عن عائشة رضي الله عنها قالت : «خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } الأحزاب: 33» رواه مسلم
قال ابن تيمية:وهكذا أزواجه وعلي وفاطمة والحسن والحسين كلهم من أهل البيت لكن عليا وفاطمة والحسن والحسين أخص بذلك من أزواجه ولهذا خصهم بالدعاء .
منزلته عند الصحابة
يعرف صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل بيت نبيهم قدرهم، فيحبونهم لمحبة نبيهم لهم ووصيته بهم ومن دلائل هذه المحبة ما يلي:
روى الزهري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كسى أبناء الصحابة ولم يكن في ذلك ما يصلح للحسن والحسين فبعث إلى اليمن فأتى بكسوة لهما فقال: الآن طابت نفسي.
روى الواقدي أن عمر ألحق الحسن والحسين بفريضة أبيهما لقرابتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل واحد خمسة آلاف.
روى ابن عساكر بسنده أن أبا هريرة ينفض التراب عن قدمي الحسين بطرف ثوبه فقال له الحسين: يا أبا هريرة وأنت تفعل هذا، فقال أبو هريرة: دعني فوالله لو يعلم الناس منك ما أعلم لحملوك على رقابهم.
أما ابن عمر رضي الله عنهما فمعلوم نصحه للحسين رضي الله عنه قبل خروجه لأهل العراق وقد قال له: «إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فخيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا، وإنك بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك يريد منكم» رواه ابن حبان
أما معاوية رضي الله عنه فكان يكرم الحسين ويجله، وكان الحسين يقبل جوائزه. سير اعلام النبلاء 3/291
روى ابن عساكـر بسده عن رزين بن عبيد: كنت عند ابن عباس فــأتى علي بن الحسين فقال ابن عباس: مرحبا بالحبب ابـــن الحبيب. البداية والنهاية 9/106
ريحانة المصطفى صلى الله عليه وسلم
عن ابن أبي نُعمٍ قال: كنت شاهدا لابن عمر وسأله رجل عن دم البعوض فقال: ممن أنت؟ فقال من أهل العراق. قال: انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن النبي صلى الله عليه وسلم وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «هما ريحانتاي من الدنيا» رواه البخاري .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني الحسن والحسين » رواه احمد .
ارتحال الحسن والحسين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد: عن عبدالله بن شداد عن أبيه قال:«خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشاء وهو حامل حسنا وحسينا، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه ثم كبر للصلاة فسجد بين ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فرجعت إلى سجودي، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فرجعت إلى سجودي، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال الناس: يارسول الله، إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها فظننا أنه قد حدث أمر أو أنه قد يوحى إليك. قال: كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته» رواه النسائي .
وإن شاء الله سنكمل في المرة القادمة جزء من السلسلة ...
ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين .
هذه تكملة السلسلة ....
المكانة والمنزلة عند التابعين والمتأخرين
استهل ابـــن حـجـر ترجمته للحـسـين بقوله: الحسين بن عـلي الهاشـمي أبـو عـبدالله ســــبط رسـول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته .
واستهل ابن الأثير علي بن محمد الجزري وقال بعد بيان ترجمته: وكان الحسين رضي الله عنه فاضلا كثير الصوم والصلاة والحج والصدقة وأفعال الخير جميعها .
ولابن تيمية الحَرَّاني رحمه الله قوله: ولا ريب أن الحسن والحسين ريحانتا النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أدخلهما مع أبويهما تحت الكساء وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وإنه دعاهما في المباهلة وفضائلهما كثيرة من أجلاء سادات المؤمنين. وقال في موضوع آخر: وقاتل حتى قتل مظلوما شهيدا. وقال في موضع آخر يبين مكانة الحسين رضي الله عنه والموقف من مقتله: وأما من قتل الحسين أو أعان على قتله أو رضي بذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلا.
قال عمر بن عبدالعزيز لو كنت من قتلة الحسين وغفر الـله لي وأدخلني الجنة لما دخلتها حياءً من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روايتـه للحـديث
1- «البخيل الذي من ذكرت عنده فلم يصل علي » رواه الترمذي
2- «دعاني أبي علي بوضوء فقربته له فبدأ فغسل كفيه ثلاث مرات قبل أن يدخلهما في وضوئه ثم مضمض ثلاثاً واستنثر ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث ثم اليسرى كذلك ثم قام قائما فقال: ناولني فناوله الإناء الذي فضل وضوئه فشرب من فضل وضوئه قائما فعجبت فلما رآني قال: لا تعجب فإني رأيت أباك النبي صلى الله عليه وسلم يصنع مثل ما رأيتني صنعت يقول لوضوئه هذا وشرب فضل وضوئه قائما» رواه النسائي.
النفس التواقة للجهاد
شارك الحسين في الجيش الذي غزا القسطنطنية سنة إحدى وخمسين في عهد معاوية بن أبي سفيان شارك في فتح أفريقيا وأوروبا. مكانتـه عند جـده صلى الله عليه وسلم
مقتل الحسين رضي الله عنه
قال عمار بن معاوية الدهني: قلت لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسن: حدثني عن مقتل الحسين كأني حضرته، قال: مات معاوية والوليد بن عتبة بن أبي سفيان على المدينة فأرسل إلى الحسين بن علي ليأخذ بيعته ليلته، فقال: أخرني ورفق به، فأخره فخرج إلى مكة فاتاه رسل أهل الكوفة: إنا قد حبسنا أنفسنا عليك ولسنا نحضر الجمعة مع الوالي فاقدم علينا. وقال: وكان النعمان بن بشير الأنصاري على الكوفة فبعث الحسين بن علي إليهم مسلم بن عقيل فقال: سر إلى الكوفة فانظر ماكتبوا به إلي فإن كان حقا قدمت إليه. فخرج مسلم حتى أتى المدينة فأخذ منها دليلين فمرا به في البرية فأصابهم عطش فمات أحد الدليلين فقدم مسلم الكوفة فنزل على رجل يقال له عوسجة، فلما علم أهل الكوفة بقدومه دبوا إليه فبايعه منهم اثنا عشر ألفا، فقام رجل ممن يهوى يزيد بن معاوية إلى النعمان بن بشير فقال: إنك ضعيف أو مستضعف قد فسد البلد، قال له النعمان: لأن أكون ضعيفا في طاعة الله أحب إلي من أن أكون قويا في معصيته، ما كنت لأهتك سترا. فكتب الرجل بذلك إلى يزيد فدعا يزيد مولى له يقال له سرحون فاستشاره فقال له: ليس للكوفة إلا عبيد الله بن زياد، وكان يزيد ساخطا على عبيد الله وكان هم بعزله عن البصرة فكتب إليه برضاه عنه وأنه أضاف إليه الكوفة وأمره أن يطلب مسلم بن عقيل فإن ظفر به قتله. فأقبل عبيد الله بن زياد وفي وجوه أهل البصرة حتى قدم الكوفة متلثما، فلا يمر على أحد فيسلم إلا قال له أهل المجلس: عليك السلام يا ابن رسول الله يظنونه الحسين بن علي قدم عليهم فلما نزل عبيد الله القصر دعا مولى له فدفع إليه ثلاثة آلاف درهم، فقال: اذهب حتى تسأل عن الرجل الذي يبايعه أهل الكوفة فادخل عليه، وأعلمه أنك من حمص وادفع إليه المال وبايعه فلم يزل المولى يتلطف حتى دلوه على شيخ يلي البيعة فذكر له أمره فقال: لقد سرني إذ هداك الله، وساءني أن أمرنا لم يستحكم ثم أدخله على مسلم بن عقيل فبايعه ودفع له المال وخرج حتى أتى عبيد الله فأخبره، وتحول مسلم حين قدم عبيد الله من تلك الدار إلى دار أخرى فأقام عند هانئ بن عروة المرادي. وكان عبيد الله قال لأهل الكوفة: ما بال هانئ بن عروة لم يأتني؟ فخرج إليه محمد بن الأشعث في أناس من وجوه أهل الكوفة وهو على باب داره، فقالوا له: إن الأمير قد ذكرك واستبطاك، فانطلق إليه فركب معهم حتى دخل على عبيد الله بن زياد، وعنده شريح القاضي فقال عبيد الله لما نظر إليه لشريح: أتتك بحائن رجلاه. فلما سلم عليه قال له يا هانئ أين مسلم بن عقيل؟ فقال له: لا أدري، فأخرج إليه المولى الذي دفع الداهم إلى مسلم فلما رآه سقط في يده وقال: أيها الأمير، والله ما دعوته إلى منزلي ولكنه جاء فطرح نفسه علي فقال اثنتي به، فتلكأ فاستدناه فأدنوه منه فضربه بالقضيب وأمر بحبسه فبلغ الخبر قومه فاجتمعوا على باب القصر فسمع عبيد الله الجلبة فقال لشريح القاضي: اخرج إليهم فأعلمهم أنني ما حبسته إلا لأستخبره عن خبر مسلم ولا بأس عليه مني. فبلغهم ذلك فتفرقوا ونادى مسلم بن عقيل لما بلغه الخبر بشعاره فاجتمع عليه أربعون ألفا من أهل الكوفة فركب وبعث عبيد الله إلى وجوه أهل الكوفة فجمعهم عنده في القصر فأمر كل واحد منهم أن يشرف على عشيرته فيردهم فكلموهم فجعلوا يتسللون فأمسى مسلم وليس معه إلا عدد قليل منهم. فلما اختلط الظلام ذهب أولئك أيضا، فلما بقي وحده تردد في الطرق بالليل فأتى باب امرأة فقال: اسقيني ماء فسقته فاستمر قائما، قالت: يا عبدالله، إنك مرتاب، فما شأنك؟ قال إنا مسلم بن عقيل، فهل عندك مأوى؟ قالت: نعم، ادخل فدخل، وكان لها ولد من موالي محمد بن الأشعث فانطلق إلي محمد بن الأشعث فاخبره فلم يفاجأ مسلما إلا والدار قد أحيط بها، فلما رأى ذلك خرج بسيفه يدفعهم عن نفسه فأعطاه محمد بن الأشعث الأمان فأمكن من يده فأتى به عبيد الله فأمر به فأصعد إلى القصر ثم قتله وقتل هانئ بن عروة وصلبهما. ولم يبلغ الحسين ذلك حتى كان بينه وبين القادسية ثلاثة أميال، فلقيه الحر بن يزيد التميمي، فقال له: ارجع، فإني لم أدع لك خلفي خيرا، وأخبره الخبر، فهم أن يرجع، وكان معه أخوه مسلم، فقالوا: والله لا نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نقتل فساروا وكان عبيد الله قد جهز الجيش لملاقاته فوافوه بكربلاء فنزلها ومعه خمسة وأربعون نفسا من الفرسان ونحو مائة راجل فلقيه الحسين وأميرهم عمر ابن سعد بن أبي وقاص وكان عبيدالله ولاه الري، وكتب له بعهده عليها إذا رجع من حرب الحسين فلما التقيا قال له الحسين اختر مني إحدى ثلاث: إما أن الحق بثغر من الثغور وإما أن ارجع إلى المدينة وإما أن أضع يدي في يد يزيد بن معاوية. فقبل ذلك عمر منه وكتب به إلى عبيد الله فكتب إليه لا اقبل منه حتى يضع يده في يدي فامتنع الحسين فقاتلوا فقتل معه أصحابه وفيهم سبعة عشر شابا من أهل بيته ثم كان آخر ذلك أن قتل وأتي برأسه إلى عبيد الله فأرسله ومن بقي من أهل بيته إلى يزيد ومنهم علي بن الحسين وكان مريضا، ومنهم عمته زينب فلما قدموا على يزيد أدخلهم على عياله ثم جهزهم إلى المدينة.
وفاته
توفي سـنة إحـدى وستين من الهجرة في العاشر من المحرم.
وبهذا انتهينا بفضل الله من سلسلة ريحانة المصطفى .
وبإذن الله سأبدأ غدا السلسلة الأخرى وهيتحية المسجد ...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه أجمعين .. وبعد :
التحية مصدر حياه يحييه تحيه وأصلها في اللغة: الدعاء بالحياة ، فتحية الله لعباده السلام في الدار الآخرة فقد شرع الله تعالى لهم إذا تلاقوا أن يقولوا :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
التحية في الاصطلاح : لها معاني كثيرة مثل التحية بين الأحياء في قوله تعالى : {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} النساء (86)
وكذلك تحية الأموات فإذا مر المسلم بالقبور أو زارها سن له أن يقول «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ، أسأل الله لنا ولكم العافية» رواه مسلم .
كذلك يستعمل الفقهاء التحية بمعنى تحية المسجد ويقصد بها صلاة ركعتين يصليها المسلم إذا دخل المسجد قبل أن يجلس .
قال الدسوقي : معنى قولهم تحية المسجد تحية رب المسجد لأن الإنسان إذا دخل بيت الملك إنما يحيي الملك لا بيته.
الصلاة وترًا هل تغني عن التحية؟
صلاة الوترسنة مؤكدة عند جمهور الفقهاء وتجوز بواحدة أو أكثر فعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الوتر حق على كل مسلم ، فمن شاء أوتر بسبع ومن شاء أوتر بخمس ومن شاء أوتر بثلاث ومن شاء أوتر بواحدة» رواه أبو داوود
فمن دخل المسجد وصلى الوتر ركعة واحدة فهل تسقط التحية بأداء الوتر ركعة واحدة ؟ الذي عليه جمهور الفقهاء أن التحية لا تسقط بفعل ركعة واحدة لأن الحديث نص على ركعتين وهو حديث أبي قتادة : «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» فمفموم الحديث الركعتين وعدم إجزاء الواحدة .. قال النووي: ولو صلى على جنازة أو سجد شكرًا أو للتلاوة أو صلى بنية التحية لم تحصل التحية على الصحيح من مذهبنا ، وقال بعض أصحابنا: تحصل ، وهو خلاف ظاهر الحديث
تحية المسجد الحرام
تحية المسجد الحرام هي ركعتان كغيره من المساجد لعموم الأدلة الآمرة بالتحية دون تخصيص مسجد عن آخر، فمن دخل المسجد الحرام وأراد القعود لانتظار الصلاة أو لحضور درس أو لقراءة القران فإنه يصلي ركعتي المسجد، أما من دخل المسجد الحرام يريد الطواف فإنه يطوف ويجزئ الطواف عن التحية لتضمنه الركعتين ، وأما القول بأن تحية المسجد الحرام الطواف لكل داخل ففيه نظر : أولاً : لضعف الحديث الوارد وهو «من أتى البيت فليحييه بالطواف» ضعفه ابن حجر ثانيا : لما فيه من حرج عظيم على المسلمين لاسيما إذا تكرر دخول المسجد وخصوصًا أيام المواسم كرمضان والحج . التحية أثناء خطبة الجمعة؟ يشرع لمن دخل المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب أن يصلي ركعتين خفيفتين لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما» رواه مسلم، مع مراعاة أن تكون ركعتين خفيفتين يتجوز فيهما ولا يطيل كما ورد في الحديث .
أداء التحية في أوقات الكراهة والنهي
أوقات النهي عن الصلاة ثلاثة :
1- عند طلوع الشمس حتى ترتفع قدر رمح في السماء.
2- و عند استوائها في وسط السماء حتى تزول .
3- وعند اصفرارها بحيث لا تتعب العين في رؤيتها إلى أن تغرب لحديث عقبة ابن عامر قال رضي الله عنه «ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا : حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس للغروب أي حين تميل حتى تغرب» رواه مسلم
ويجوز في أصح قولي العلماء أن يصلي التحية من دخل المسجد في وقت الكراهة ، فمن دخل المسجد وقت النهي فجلس ولم يصل كان مخالفا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث أمر بفعل التحية أمرا عاما وكان مفوتا للمصلحة أن لم يكن آثما بالمعصية، وإن بقى قائما أو امتنع عن الدخول فهذا خطأ عظيم ، قال ابن تيميه : وما زال المسلمون يدخلون المسجد طرفي النهار، ولو كانوا منهيين عن تحية المسجد لكان هذا مما يظهر نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عنه، فكيف وقد أمرهم إذا دخل احدهم المسجد والخطيب على المنبر فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، أليس في أمرهم بها في الوقت تنبيها على غيره من الأوقات ؟
التحية وقت الأذان
لو دخل المصلي المسجد والمؤذن يؤذن فهل يصلي التحية حال الأذان أو يجيب المؤذن حتى يفرغ من الأذان ثم يصلي التحية ؟ هناك أمران في هذه المسألة :
1- إذا دخل المصلي عند الأذان الثاني يوم الجمعة فانه لا يتابع المؤذن بل يصلي التحية ليتفرغ للأمر الواجب وهو سماع الخطبة، فإن سماع الخطبة واجب أما الترديد خلف المؤذن سنة فلا يقدم السنة على الواجب .
2- أما إذا دخل المصلي إلى المسجد والمؤذن يؤذن لإحدى الصلوات غير الجمعة فإنه يستحب له أن يجيب المؤذن ويتابعه ثم يصلي تحية المسجد ليجمع بين الفضيلتين، قال ابن قدامه: و إن دخل المسجد فسمع المؤذن استحب له انتظاره ليفرغ ويقول مثل ما يقول جمعا بين فضيلتين، ومن لم يقل كقوله وافتتح بالصلاة فلا بأس .
مسائل
1- تخفيف الركعتين لا يعني الإسراع في الصلاة بل الاقتصار على الأركان والواجبات دون السنن .
2- لا تجوز الزيادة على الركعتين والإمام يخطب لأن الإنصات للخطبة واجب .
3- قال النووي : وإن دخل والإمام في آخر الخطبة وغلب على ظنه أنه إن صلى التحية فاتته تكبيرة الإحرام مع الإمام لم يصل التحية بل يقف حتى تقام الصلاة ولا يقعد لئلا يكون جالسا في المسجد قبل التحية وأن أمكنه الصلاة وإدراك تكبيرة الإحرام صلى تحية المسجد، أما إذا دخل الإمام في الخطبة حرم على من في المسجد أن يبتدئ بصلاة النافلة لأن الانصات للخطبة واجب ، والواجب مقدم على النفل، وإن كان في صلاة خففها باتفاق الفقهاء .
التحية وقت إقامة الصلاة
إذا دخل المصلي المسجد وأراد أن يصلي التحية فلا يخلو ذلك من حالتين:
الحالة الأولى: أن يبدأ بالتحية وقد أقيمت الصلاة أو بدا الإمام في صلاته .
الحالة الثانية: أن يصلي التحية ثم تقام الصلاة أثنائها .
أما في الحالة الأولى وهي أن يبدأ بالتحية وقد أقيمت الصلاة أو بدأ الإمام في صلاته فلا يجوز أن يصلي التحية إذ أن المسلم منهي عن الصلاة وقت إقامة الصلاة المكتوبة كما ثبت في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» رواه مسلم
أما في الحالة الثانية : بأن يشرع المصلي بالتحية فتقام الصلاة أثناءها فإن غلب على ظنه أنه يدرك تكبيرة الإحرام بعد الإمام مباشرة فلا يقطع صلاته بل يتمها كما لو كان في الركعة الثانية أو في نهايتها ، وان غلب على ظنه أن لا يدرك تكبيرة الإحرام بعد الإمام مباشرة فله قطعها كما لو كان في الركعة الأولى لقوله صلى الله عليه وسلم : «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة» رواه البخاري ومسلم والذي يظهر أن المصلي في حال قطع الصلاة لا يحتاج إلى تسليم حيث أن التسليم إنما يكون للصلاة التامة الكاملة .
التحية في غرفة المسجد
المسجد: هو المكان المهيأ لأداء الصلوات الخمس فيه فكل مكان حد بحدود معروفه وعد ليكون موضعا للصلاة فإنه مسجد يأخذ أحكام المسجد .
أما الغرفة المسجد وهي حجرة خاصة للإمام أو للمؤذن في طرف المسجد من الخلف أو تكون مكتبه تحتوي بعض المراجع والعلمية المتنوعة وهي غير مهيأة للصلاة وعلى هذا فان هذه الغرفة لا تأخذ أحكام المسجد لأنها لم تعد ولم تهيأ للصلاة فيه ولذلك لا يشرع لمن دخلها أن يصلي تحية المسجد بل يجلس ولا شيء عليه .
وإن شاء الله سنكمل في المرة القادمة جزء من السلسلة ...
ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين .
هذه تكملة السلسلة ....
حكم تحية المسجد
هي واجبة لحديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» رواه البخاري ومسلم .
وحديث جابر قال : «جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس فقال له : يا سليك ! قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما ، ثم قال : إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما» رواه البخاري ومسلم قال أبي قتادة: أعطوا المساجد حقها، قيل له: وما حقها؟ قال: ركعتين قبل أن تجلس. رواه ابن أبي شيبه .
هل تكرر التحية بتكرار الدخول؟
ظاهر الأحاديث تدل على أن التحية تتكرر بتكرار الدخول بدليل حديث أبي قتادة حيث إن ظاهر الحديث أن التحية مشروعة وإن تكرر الدخول للمسجد، وقد مال إلى هذا الكثير من العلماء مثل الشربيني الخطيب الشافعي حيث قال: إن تحية المسجد ركعتان قبل الجلوس لكل دخول ولو تقارب ما بين الدخولات أو دخل من مسجد إلى أخر وهما متلاصقان . كذلك النووي حيث يقول: لو تكرر دخوله في المسجد الساعة الواحدة مرارا تستحب التحية لكل مرة ، وهو اختيار الشيخ السعدي في الفتاوى حيث نص على أنه تسن تحية المسجد حتى لو تكرر دخوله.
هل تسقط التحية بالفرض والسنة؟
ذهب عامة الفقهاء إلى أن من دخل المسجد فصلى نافلة أو راتبة أو فريضة فإنها تجزئ عن التحية، فمن دخل المسجد وصلى العصر مثلا سقطت عنه التحية بفعل فريضة العصر وهكذا في النافلة والراتبة، ولا فرق في هذا أن تكون الفريضة مؤداة أو مقضيه أو منذورة أو أن تكون النافلة راتبه أو غير راتبه والسبب في ذلك أن المقصود وجود الصلاة قبل الجلوس بالمسجد وذلك لتعظيم المسجد بأي صلاة لتكون تحية للرب عز وجل ، قال الحطاب : فان ركعتي التحية لا تفتقر لنية تخصها ، فأي صلاة حصلت عند دخول المسجد كفت عن التحية فريضة كانت أو نافلة.
هل تفوت التحية بالجلوس ؟
التحية لا تسقط بالجلوس وهو قول جمهور العلماء، فإذا دخل الإنسان المسجد ثم جلس قبل فعل التحية فإنه يتدارك ذلك ويقوم ويصلي التحية فلا تفوت عليه التحية بالجلوس لحديث جابر قال : «جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال : يا سليك قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما» رواه البخاري ومسلم .
وحديث أبي قتادة حيث قال : «دخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بين ظهراني الناس فجلست فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما منعك أن تركع ركعتين قبل أن تجلس ؟ قلت : يا رسول الله رأيتك جالسا والناس جلوس، قال : فإذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين» رواه مسلم
والشاهد من الحديثين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكر على الصحابة عدم صلاتهم حتى بعد جلوسهم وأمرهم بركعتي تحية للمسجد .
التحية لمريد الجلوس
أم لمن أراد الدخول للمسجد التحية لمريد الجلوس في المسجد وهو الراجح من أقوال الفقهاء، وليس لمن أراد الدخول للمسجد بدليل حديث قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» رواه البخاري ومسلم، حيث إن مفهوم الحديث أن التحية إنما تشرع لمريد الجلوس لأن الأمر إنما توجه لمن أراد الجلوس، ولذلك جاءت رواية أخرى لفظ «فليركع ركعتين قبل أن يجلس» رواه البخاري ومسلم ، ولا يقال ذلك لمن لا يريد الجلوس أما المار فلم يتوجه إليه الأمر والأصل عدمه . وقد ورد عن الصحابة و التابعين أنهم كانوا يدخلون المسجد ويخرجون دون صلاة .. فقد روى عبد الرزاق في المصنف عن العلاء بن عبد الرحمن قال : «رأيت ابن عمر دخل المسجد وخرج منه فلم يصل فيه» وقال ابن القاسم: ورأيت مالكا يفعل ذلك يخرقه مجتازا فلا يركع.
وبهذا انتهينا بفضل الله من سلسلة تحية المسجد .
وبإذن الله سأبدأ غدا السلسلة الأخرى وهي يشركون وهم لا يعلمون ...
... جزاك الله خير و نفع الله بما كتبت و جعله في موازين أعمالك ...
لتفـعـيل العضوية : استخدم الرابط التاليhttp://www.montada.com/register.php?do=requestemail
شروط تغيير الأسماء
سبحان الله وبحمده *** سبحان الله العظيم
وإياك ...
اللهم آمين ...
وأشكرك اخوي على الرد ...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين وصلاة والسلام علي أشرف المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأزواجه وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين .. وبعد
أيشرك المسلم وهو لا يعلم ؟؟!
هل سيعود أحد من المسلمين إلى الشرك؟؟
1- قال تعالى: { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } يوسف 106 .
2- وقال تعالى: { الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ } الأنعام 82، والظلم فسره صلى الله عليه وسلم بالشرك.
3- ولما قال بعض الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم: « اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط» قال صلى الله عليه وسلم الله أكبر! إنها السنن! قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة لتركبن سنن من كان قبلكم » أخرجه الترمذي وأحمد وابن حبان وغيرهم.
4- وقال صلى الله عليه وسلم: « أيها الناس! اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل! فقيل له: وكيف نتقيه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: قولوا اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئاً نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه » أخرجه أحمد
1- قال صلى الله عليه وسلم: « لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى يعبدوا الأوثان» أخرجه أحمد وأبوداود والترمذي وابن ماجة.
2- وقال صلى الله عليه وسلم: « لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة » وهو في الصحيحين.
وكانت صنماً تعبدها دوس في الجاهلية بتبالة (تبالة أي مكان)
3- وقال صلى الله عليه وسلم: « لايذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى » رواه مسلم.
ولتعلم أن أوجب الواجبات وأعظم ما فرض الله عليك هو: تعلم التوحيد والعمل به ومعرفة الشرك والتخلص منه.
ماهــــو التوحيـــد؟؟
التوحيد: هو إفراد الله بما يختص به من الألوهية والربوبية والأسماء والصفات وهو قسمان:
1- توحيد الألوهية: وهو إفراد العبد أفعاله التعبدية لله وحده فلا يصرف شيئا منها لغير الله.
2- توحيد الربوبية والأسماء والصفات: وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بأفعاله وصفاته وأسمائه فلا يشاركه أحد فيها.
ما هــــو الشــــرك؟
وأما الشرك فهو: صرف شيء مما يختص به الله لمخلوق، وهو قسمان:
(الأول) الشرك الأكبر: وهو صرف شيء مما يختص به الله لمخلوق كما يصرف لله وهو مخرج من الإسلام، وهو قسمان:
(أ) شرك في الألوهية: وهو صرف العبد شيئاً من أفعاله التعبدية لغير الله، ومن أنواعه : الشرك في الدعاء والمحبة والطاعة والنية والقصد والخوف والرجاء والتوكل .
(ب) شرك في الربوبية والأسماء والصفات: وهو صرف العبد شيئاً من أفعال الله أو صفاته أو أسمائه لغير الله كالخلق والرزق والإحياء.
2- (الثاني) الشرك الأصغر: وهو صرف شيء مما يختص به الله لمخلوق ولكن ليس كما يصرف لله. وهو لا يخرج من الإسلام، ولا يحبط العمل كله، بل يحبط ما وقع فيه الشرك، وهو كبيرة من كبائر الذنوب ووسيلة إلى الشرك الأكبر ولا يخلد فاعله في النار.
ألفاظ شركية محرمة منتشرة
1- خير ياطير ( لكونه يستعمل للتطير) قال صلى الله عليه وسلم: « الطيرة شرك الطيرة شرك ثلاثاً...» رواه أبوداود
2- الحلف بغير الله مثل:
(1) والنبي
(2) والكعبة
(3) وحياتك
(4) وحياتي
(5) والله وحياتك
(6) بالأمانة
(7) بالذمة
(8) وشرفي
(9) بصلاتك
(10) وجاه النبي
(11) بحق فلان
(12) بروح والديه
(13) برأس الأم أو الأب أو الأولاد
(14) الحلف بالأموات مثل: الجيلاني والبدوي
(15) التسمية الشركية: مثل: عبدالرسول لقوله صلى الله عليه وسلم: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» رواه الترمذي، وكفارته أن يقول: «لا إله إلا الله» متفق عليه.
وهذه كلها من الشرك الأصغر إذا لم يقصد تعظيم المحلوف به كتعظيم الله ، أما مع القصد فهو شرك أكبر.
3- تسوية مخلوق بالله في الألفاظ لا في التعظيم: مثل
(1) ما شاء الله وشئت
(2) لولا الله وأنت
(3) داخل على الله وعليك
(4) الله لي في السماء وأنت لي في الأرض
(5) مالي إلا الله وأنت
(6) هذا من بركات الله وبركاتك
(7) متوكل على الله وعليك
(8) أعوذ بالله وبك
(9) لولا فلان لكان كذا
(10) وهذا من الله وفلان
(11) متوكل على فلان. قال تعالى:{ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } البقرة 22 .
قال النبي صلى الله عليه وسلم: « قل: ما شاء الله وحده » رواه أحمد ، والصحيح أن تقول كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: « لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان» رواه أحمد وأبو داود
4- وجه الله عليك أن تأكل أو تفضل عندنا لأنه لا يستشفع بالله على المخلوق.
5- مطرنا بنوء (النجم) كذا: ففي الحديث القدسي : « أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر: فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب » رواه أبو داود
وإن شاء الله سنكمل في المرة القادمة جزء من السلسلة ...
ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين .
هذه تكملة السلسلة ....
صور من الشرك الأكبر والشرك الأصغر
لتعلم بأن الجهل بحقيقة الشرك جعلت بعض المسلمين يعملون أنواع الشركيات بل الشرك الأكبر، وهم يعتقدون بأنها من أفضل وأعظم العبادات والقربات إلى الله!! فصاروا كالمشركين القائلين: { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى } الزمر3 ، بل إن منهم من يظن أن الشرك هو فقط عبادة الأصنام أو الأحجار ونحوها فللشرك صور كثيرة منها:
1- الاعتقاد بالسيد أو الولي أو الإمام أو الشيخ وغيرهم: بأنهم يضرون أو ينفعون أو يتصرفون في الكون وفي حياة الناس أو أنهم يعلمون الغيب أو يطلعون على اللوح المحفوظ، أو أنهم حاضرون وناظرون في كل مكان أو أنهم وسائط بينهم وبين الله أو يطلبون منهم المدد والغوث أو يخافونهم ويرجونهم ويتوكلون عليهم أو يشرعون لهم مالم يأذن به الله من الحلال والحرام أو يقدمون أوامرهم على أمر الله كما قال تعالى: { اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ } التوبة 31 .
2- الدعاء أو السجود أو النذر أو الاستغاثة أو الذبح لغير الله كائن من كان بقصد التقرب إليه أو رجاء نفعه أو دفع ضره.
3- ومن صور الشرك الأصغر:
(1) الرياء والسمعة: وهو عدم إخلاص عمل ما لله تعالى كمن يتصدق لغير الله.
(2) تسوية مخلوق بالله في الألفاظ من دون تسويته بالتعظيم كالحلف.
(3) التعلق بالأسباب من دون الله.
(4) قصد الدنيا بعمل صالح.
الشركيات المخرجة من الإسلام
الشركيات المخرجة من الاسلام التي تفعل للأموات أو عند قبور الأنبياء والصالحين وغيرهم
1- دعاء الميت أو الاستغاثة به ومناداته وسؤاله وطلب المدد منه كأن يقول: ياسيدي فلان انصرني أو أغثني أو اشفني أو المدد.
2- الذبح للميت بأن يذبح له كبشأ أو دجاجة تقربا له وتعظيماً.
3- النذر للميت:بأن يقول: ياسيدي فلان إن شفيتني من المرض أو قضيت حاجتي فلك علي أن أفعل كذا وكذا كما يفعل عند قبر البدوي والجيلاني وابن عربي وغيرهم.
4- اعتقاد أن الميت يتصرف في الكون والحياة وأنه ينفع أو يضر.
5- التقرب إلى الميت بوضع الطعام والأموال والحيوانات والهدايا عند قبره أو إكرام السدنة الذين يقومون على ضريحه بها.
6- دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم وسؤاله الحاجات من دون الله تعالى كمن يقول: المدد يا رسول الله أو المغفرة.
7- السجود أو الركوع أو الطواف أو الحج للقبر أو للميت تقرباً إليه.
8- الخوف من الموتى أن يضروه، أو يؤذوه، أو يصيبوه بالمرض.
9- أن يطلب من الموتى الدعاء أو الشفاعة له عند الله.
عقوبة المشرك بالله
من لم يتب من الشرك بعد قيام الحجة عليه فهو من أهل الجحيم كما جاء في الأدلة التالية :
1- قال تعالى: { إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ } النساء 48 .
2- وقال تعالى: { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } المائدة 72 .
3- وفي صحيح البخاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من لقي الله يشرك به شيئا دخل النار»
ولتعلم بأن الشرك قد غلب على كثير من النفوس حتى صار الإسلام غريباً، فأكثرهم لا يفهمون معنى (لا إله إلا الله) ولذا ينقضونها في كل وقت !!
ولتعلم أيضا بأنه لا يجوز لك السكوت عن أي مظهر من مظاهر الشرك بل إن من الواجبات العظيمة عليك محاربة الشرك وأن تكون داعياً إلى التوحيد.
فكثيرون يعتقدون أنهم بعيدون كل البعد عن الشرك وما هو عنهم ببعيد!!
فالمرء قد يشرك بسبب كلمة سريعة أو عمل لا يستغرق فعله ثوان أو عمل قلبي من خوف أو رجاء أو حب يصرف لغير الله!!فما أكثر الذين يشركون وهم لا يعلمون!!
المحرمات التي تفعل عند قبور الأنبياء والصالحين
وهي بدع وخرافات ووسائل إلى الشرك الأكبر
1- الاعتقاد بأن دعاء الله عند القبر مجاب وكذا استقبال القبر عند الدعاء كما تستقبل القبلة وكذا قراءة القرآن عندها.
2- شد الرحال والسفر إلى القبور والمشاهد والأضرحة والاعتكاف عندها باسم الزيارة والتبرك فلا يجوز السفر إلى أي بقعة تعظيما لها أو تقربا إلى الله إلا للمساجد الثلاثة (المسجد الحرام، والنبوي، والأقصى) لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» رواه الترمذي.
3- تجصيص القبور والبناء عليها وتعليتها ووضع الستائر عليها وبناء المشاهد والقبب عليها والكتابة عليها وإنارتها وإسراجها واتخاذها مزارات وأعياد وغرس الشجر عندها وتزيينها بأي زينة.
4- بناء المساجد على القبور أو الصلاة عندها أو استقبالها عند الصلاة فيحرم الصلاة في هذه المساجد والصلاة فيها باطلة ويجب هدمها لقوله صلى الله عليه وسلم: « لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» رواه مسلم وأحمد
5- التمسح بالقبر وتعفير الوجه بترابه تبركا.
وبهذا انتهينا بفضل الله من سلسلة يشركون وهم لا يعلمون .
وبإذن الله سأبدأ غدا السلسلة الأخرى وهي مالكم لا ترجون لله وقاراً ...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله القائل في كتابه { مالكم لا ترجون لله وقاراً } والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: هذه الآية حكاية عن نوح عليه السلام وهو يدعو قومه سنين عديدة حيث تفنن عليه السلام في استخدام أساليب الدعوة معهم ( الجهر- الأسرار- الإعلان - الدعوة بالليل والنهار- ورجاء الاستغفار والثواب... الخ ) لكن لم يلق إلا العناد والإعراض، فذكرهم بالله وأن صدهم هذا وأعراضهم وكفرهم سببه عدم توقيرهم لله تعالى وتقديره حق قدره لأنهم لو فعلوا ذلك لوحدوه وآمنوا به. التوقير هو التعظيم والإجلال والتقدير .
قال ابن عباس رضي الله عنه: مالكم لا تعظمون الله حق عظمته ولا تخافون من بأسه
ونقمته قال الحسن رضي الله عنه: مالكم لا تعرفون لله حقا ولا تشكرونه.
قال ابن القيم: وهذه الأقوال ترجع إلى معنى واحد. وهو أنهم لو عظموا الله وعرفوا حق عظمته وحدوه وأطاعوه وشكروه فطاعته سبحانه واجتناب معاصيه والحياء منه بحسب وقاره في القلب.
وقال أيضاً: من أعظم الجهل والظلم أن تطلب التعظيم والتوقير لك من الناس وقلبك خال من تعظيم الله وتوقيره، أ. هـ.
فتعال أخي الكريم وفقك الله لنستعرض بعض الأمثلة على هذه الآية الكريمة
الاشراك به واتخاذ ندٌ معه
من عّظم الله حق التعظيم وحده وأناب إليه ولم يشرك معه إلهاً آخر كان سبباً لدخول الجنة لأن الشرك دلالة على الاستهانة بعظمة الخالق وعدم إجلاله وتوقيره وإليك بعض الأدلة على ذلك: 1- قال تعالى ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الزمر:67
وهذه الآية تخاطب قريشا والمشركين جميعا أنهم لو عظموا الله حق التعظيم لما عبدوا معه غيره.
وانظر إلى ختام الآية لتفهم المراد منها وإنها دلاله على وجوب توحيده تعالى لكن المشركين أشركوا به فنزه نفسه عن ذلك. وهذا القسم يشمل الشرك في كل شيء في المحبة والتعظيم والطاعة والخوف والرجاء وغير ذلك من أصناف العبادات القولية والفعلية الظاهرة والباطنة بل ذكر ابن القيم منها: قول البعض (وحياتك)، (مالي إلا الله وأنت)، (ما شاء الله وشئت) وأن المتكلم لو عظم الله حق التعظيم لما أشرك به غيره حتى في الدقائق اللفظية.
تقديم حق المخلوق على حق الخالق
فمن فعل ذلك فهو دلالة على ضعف وقار الله في قلبه حيث آثر حق المخلوق على حقه تعالى وهذا له أمثلة عديدة أهمها:
(1) إذا تعارض حق الخالق مع حق المخلوق يؤثر ناحية المخلوق على جناب الخالق!!
كما جاء في الحديث « من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس ومن اسخط الناس برضى الله كفاه الله مؤنة الناس» رواه الترمذي ، وفي لفظ « من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس». أي: كيف يرضى مخلوقا لا حول له ولا قوة ولا يملك له نفعا ولا ضرا ولا دفعا بمقابل سخط الخالق الفعال لما يريد؟! ألا يدل ذلك على قلة وقار الله في قلبه!
(2) طاعة المخلوق في معصية الخالق
فمن فهن ذلك وهو دلالة على قلة هيبة الله في قلبه بحيث أنه لو تعارض أمره ونهيه تعالى مع أمر ونهي المخلوق ترى من لم يوقر الله حق التوقير يطيع المخلوق في معصية الخالق!! وقد جاء بالحديث «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، إنما الطاعة في المعروف» متفق عليه. والقصة الواردة في سبب هذا الحديث معروفة عندما طلب أمير السرية الناس أن يشعلوا ناراً فيدخلوا فيها مستدلاً بحثه عليهم ووجوب طاعته لأنه مأمور عليهم من قبل النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغ خبره وخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الحديث مبيناً حدود الطاعة للمخلوق وإنما تابعة لطاعة الله تعالى فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
أ- وكلمة (المخلوق) هنا نكرة في سياق النفي فتعم كل مخلوق: ( أمير، عالم، شيخ، أب، أم.... الخ ) ومن أمثلة ذلك.
ب - المقلدة من أهل التعصب المذهبي الذين يقدمون قول الإمام على قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله فخالفوا بذلك الفعل قول النبي صلى الله عليه وسلم السابق ذكره وقول أئمتهم المأثورة عنهم في وجوب أخذ قول النبي صلى الله عليه وسلم وترك اجتهاد أئمتهم المخالفة له!! والأصل في ذلك قوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) الحجرات 1، أي: لا تقولوا حتى يقول الله ورسوله ولا تحكموا حتى يحكم الله ورسوله ولذلك جاء عن ابن عباس رضي الله عنه قوله لمن عارض النصوص بأقوال الصحابة يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء!! أقول لكم قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وعمر.
وقال الإمام مالك رحمه الله تعالى: كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر أي: النبي صلى الله عليه وسلم فتوقيره صلى الله عليه وسلم بعد مماته بتوقير كلامه وطاعته وأتباعه وتقديم قوله على كل قول وهذا من توقير الله تعالى ولا شك.
قال ابن القيم في النونية: والخوف كل الخوف فهو على الذي ترك النصوص لأجل قول فلان
ج - كثير من الرعايا الذين يطيعون ولاة أمورهم فيم يقررونه أو يشرعونه مما هو مخالف لشرع الله تعالى، ويزداد الأمر قبحا حين يحاولون إظفاء الشرعية على ذلك وإظهار أن ذلك موافق للشرع غير مخالف له!! قال تعالى { وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } التوبة 31 .
د- بعض الأبناء في علاقاتهم مع آبائهم وأمهاتهم حين يطيعونهم في معصية الله ورسوله والحق أنه يجب طاعة الله والرسول ولو في عصيانهم وهذا لا يتعارض مع معاملتهما بالحسنى كما هو معلوم من نصوص كثيرة.
(3) إذا خاطبه المخلوق جمع له لبه وقلبه ومسامعه
وأمر الحاضرين بالإنصات وعدم التشويش لكن لو خاطب هو الخالق في صلاته أو قراءته للقرآن خاطبه بلسانه دون قلبه وجوارحه فلا يتعظ ولا يتدبر!!
(4) أن يستحي من نظر المخلوق إليه
حين يعزم على فعل المعصية وتراه يحاول أن يتوارى عنه قدر مايستطيع لكنه لا يستحي ولا يتورع من نظر الله إليه حال المعصية وهو يعلم أن الله قد حرمها عليه فيهاب من أعين الناس ولا يهاب من نظر الله إليه!! قال الله تعالى {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } النساء 108 .
قال ابن القيم : هذا كله من عدم وقار الله في القلب، فمن كان كذلك فإن الله لا يلقي له في قلوب الناس وقاراً ولا هيبة بل يسقط وقاره وهيبته من قلوبهم، وإن وقروه مخافة شره فذلك وقار بغض لا وقار حب وتعظيم ا هـ .
وإن شاء الله سنكمل في المرة القادمة جزء من السلسلة ...
ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين .
هذه تكملة السلسلة .....
الابتداع في الدين
فالمبتدع في دين الله ما ليس منه لم يوقر الله تعالى حق التوقير، ويظهر ذلك من وجوه أهمها اثنان:
1- أن المبتدع قد نزل نفسه منزلة المضاهي للشارع أو النظير له في الأمر والنهي فالزيادة أو النقصان في الدين تشريع للناس وإدخال في شرع الله ما ليس منه، ولو كان المبتدع يقدر الله حق قدره لما ولج هذا الباب وانزل نفسه منزلة الرب المشرع بين خلقه كما قال تعالى: { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } الشورى21 وقال الشافعي: من استحسن فقد شرع أي: من استحسن للناس قولاً أو عملاً، ورغبهم فيه على أنه قربه وطاعة لله تعالى صار قوله تشريعا للناس، ويكون قد ضاهى الرب ونازعه حقه!!
2- أن المبتدع يستدرك على الشريعة ومشرعها لان حاصل لسان حاله ومقاله: أن الشريعة لم تتم وأنه بقي فيها أشياء يجب استدراكها ولو كان يعتقد كمالها وتمامها من كل وجه لما ابتدع ورغب الناس في البدعة. والحق أن الشريعة بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم صارت كاملة وتامة غير محتاجة لاستدراك ولا تعقيب من أحد فلو كان المبتدع يوقر الله حق التوقير لفهم هذا الأصل، ولما استدرك في شريعة رب العالمين في أمر يظن انه دين وهو في الحقيقة بعد عن رب العالمين كما قال تعالى { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً } المائدة: 3 . وقال عليه السلام : ( ما تركت شيئا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به ولا شيئا مما نهاكم عنه إلا وقد نهيتكم عنه) صحيح لمجموع طرقه.
وقال مالك: من ابتدع في الإسلام بدعه يراها حسنه فقد زعم أن محمداً خان الرسالة لأن الله يقول{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا.
وقال الشاطبي في الاعتصام: وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى أتى ببيان جميع ما يحتاج إليه في أمر الدين والدنيا وهذا لا مخالف عليه من أهل السنة. لذلك من زعم أن هناك ( بدعة حسنة وبدعة سيئة ) وان الأولى مشروعه والأخرى هي المقصودة بالنهي في النصوص السابقة ما قدر الله حق قدرة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( كل بدعة ضلالة ) فدل هذا النص على بطلان هذا التقسيم من أصله.
قال البربهاري في شرح السنة : وأحذر صغار المحدثات، فأن صغار البدع تعود حتى تصير كبارا وكذلك كل بدعه أحدثت في هذه الأمة كان أولها صغيرا يشبه الحق فاغتر بذلك من دخل فيها ثم لم يستطع المخرج منها فعظمت وصارت دينا يدان به فخالف الصراط المستقيم فخرج من الإسلام
فانظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة، فلا تعجلن، ولا تدخلن في شيء منه حتى تسأل وتنظر: هل تكلم فيه أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من العلماء، فأن أصبت فيه أثرا عنهم فتمسك به، ولا تجاوزه بشيء ولا تختر شيئا فتسقط في النار.
عدم التحاكم الى شرعه
إن الله تعالى هو الذي خلق الخلق ويعلم ما يصلحهم في أمور دينهم ودنياهم فأنزل لهم تشريعه وأمرهم بالتحاكم إلى حكمه حتى يتحقق لهم الأمن والسعادة، ولم يجعل الأمر تحت اختيارهم ليختاروا ما شاءوا من أحكام وتشريعات. كما قال تعالى: { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ } المائدة 49 وقال تعالى { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } الشورى 10 وذلك سمى الله تعالى كل من يحكم بغير حكمه { كافرا- ظالما- فاسقا } المائدة/ 44 - 47 فمن تحاكم إلى غير شرع الله تعالى ما وقّر الله تعالى حق التوقير لأنه لو كان في قلبه إجلال وتوقير وتعظيم لخالقه لتحاكم وحكم شرعه ولما آثر عليه تشريعات وقوانين وضعية قاصرة بقصور عقول واضعيها وربه يقول له بكلام لا لبس فيه: { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } المائدة 50
المجاهرة بالمعاصي وهتك ستر الله
من استتر عن أعين الخلق لعمل المعصية فأنه لا يستطيع التستر عن عين الخالق أبدا لأنه يرى مكانه ولا يغيب عن عمله فإذا عمل المعصية والحال هذه دل ذلك على أنه لم يوقر الله حق التوقير، وهناك أمر آخر وهو أن هذا العبد قد ستره الله تعالى لكن بعض الناس يهتك ستر الله عليه ويجاهر بالمعصية ويحدث الناس بما فعل في الخفاء!!
فهذا أقبح من الأول لأنه لو وقر الله حق التوقير لتاب من معصيته واستغفر الله بدلا من المجاهرة بها كما قال صلى الله عليه وسلم: « كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله تعالى فيقول: عملت البارحة كذا وكذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه » متفق عليه.
قال ابن بطال: في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالح المؤمنين وفيه ضرب من العناد لهم وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف لأن المعاصي تذل أهلها ومن إقامة الحد عليه إن كان فيه حد ومن التعزير أن لم يوجب حدا وإذا تمحص حق الله فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه، فلذلك إذا ستره الله في الدنيا لم يفضحه في الآخرة والذي يجاهر يفوته جميع ذلك... الفتح 10-503 .
وقد ورد في السنة الأمر بالستر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها فمن الم بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله» رواه الحاكم والبيهقي.
وجاء في السنة أن المجاهرة في المعصية والإعلان بها يوجب سخط الله تعالى لأنها دليل على عدم مبالاة صاحبها بالله تعالى أو أن فاعلها لم يوقر الله حق التوقير فعاقبه على شؤم معصيته كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ولم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا » رواه ابن ماجه. ومن الأمثلة الحية الواقعية المنتشرة في بلاد المسلمين على هذه النقطه ما يأتي:
أ- أكل الربا والتعامل به جهاراً نهاراً
ونشاهد الإعلانات والدعوات الكثيرة التي تدعو الناس إلى ذلك المنكر العظيم إضافة إلى عرض صور للفائزين في المشاركات الربوية، ولا يدرون إن هذا إيذان بحرب من الله ورسوله ولا حول ولا قوة إلا بالله، فهل يبقى بعد ذلك كله وقار لله؟!
ب- المرأة المتبرجة
المرأة المتبرجة التي تظهر زينتها ومفاتنها للناس فتأثم وتؤثم غيرها، والعجب أنها تلبس العباءة أو ( الغطوة ) على رأسها وقت تقديم التعازي فقط! بل سمعنا عن فرق غنائية نسائية في بلاد المسلمين، وثالثة تقول بملء فيها: أنا بحمد الله أصلي وأتصدق واقرأ القرآن، ولكنني لن أترك الفن!! والمعلوم من نصوص القرآن أن كل عاص لله فهو جاهل وإن كان عالماً بالتحريم. كما قال تعالى { إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن } النساء 17 قال ابن عباس: ذنب المؤمن جهل منه
وقال قتادة : أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل شيء عصى الله به فهو جهالة عمداً كان أو غيره ومن الأحاديث العظيمة مما له تعلق بهذا الموضوع قوله صلى الله عليه وسلم: « ضرب الله تعالى مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس! ادخلوا الصراط جميعا ولا تتعوجوا، وداع من فوق الصراط، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه، فالصراط الإسلام، والسوران حدود الله تعالى، والأبواب المفتحة محارم الله تعالى، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي من فوق واعظ الله في قلب كل مسلم » رواه احمد
وبهذا انتهينا بفضل الله من سلسلة مالكم لا ترجون لله وقاراً .
وبإذن الله سأبدأ في الرد القادم السلسلة الأخرى وهيالصيف والسفر ...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
لقد اعتاد كثير من الناس في حر الصيف اللافح أن يقضوا إجازتهم في رحلات إلى شواطئ الأنهار وإلى شواطئ البحار في بلاد الكفار أو في بلاد تشبهها، وقد يصطحب أولئك الناس عوائلهم من نساء ومراهقين ومراهقات، أو يذهبون وحدهم، وبعضهم يصل به الأمر إلى إرسال أولاده أو بناته إما بدعوى السياحة أو النزهة أو بدعوى أخرى مماثلة، وينفقون في سبيل ذلك كله أموالا طائلة مما أنعم الله عليهم.
ولك أن تتعجب أخي القارئ من أن عددا ضخما من الذين فقدوا الحياة وأسرفوا في الاستهتار من أغنياء ومترفين يضربون أسوأ الأمثال، فلا يعملون لأوطانهم، ولا يشتركون في النعماء والبأساء مع إخوانهم، بل يفرون من ديارهم إلى ديار الكفر في رحلات عابثة كلها إسراف وتبذير. ومن الغريب أن السائح المسلم يساوي ضعفه من السياح من أي دين آخر لماذا؟ لأنه ميال للبذخ والتبذير، ويقيم في أرقى الفنادق ويأكل في أرقى المطاعم، وينثر المال ذات اليمين وذات الشمال في كل قطر، وهو لذلك صيد ثمين جدا.
أخي الكريم..أختي الكريمة..
هل تعلم أنه في تلك البلاد والمصائف تتعرى الأجساد المحرمة وتشرب الخمور كالماء وينتشر الزنا كانتشار النار في الهشيم، هذا كله فضلا عن الجو المادي الذي تقسو فيه القلوب فتصبح شغوفة بالشهوات والملذات، ناهيك عن الشبهات العقدية والانحرافات، فيأنس أولئك المصطافون لتلك المناظر ويعتادونها، وربما يواقعها البعض منهم، ثم ينطلق المراهقون والمراهقات من الصغار والكبار غير مصدقين ما هم فيه من فوضى وإباحية لاسيما وقد اعتادوا في بلادهم جو المحاصرة وقطع الشهوات إلى حد ما، فيألفون هذه المناظر وتتهيأ نفوسهم لقبولها فيقعون فيما لا يحمد عقباه ولا يرضي المولى عز وجل.
أخي الكريم..أختي الكريمة..
لقد ابتدأ موسم السفر عند الكثير من الناس، وقد قسم العلماء السفر إلى ثلاثة أنواع: سفر مذموم، وسفر محمود، وسفر مباح.
فأما السفر المذموم:
فهو السفر إلى معصية الله، يشد المسافر رحاله إلى بلاد يعصي فيها الرب عز وجل، فهذا السفر محرم لايجوز وعواقبه في الدنيا والآخرة وخيمة لايعلمها إلا الله.
وأما السفر المحمود:
فمنه السفر للحج والعمرة، ومنه السفر لزيارة المساجد الثلاثة، ومنه السفر لطلب العلم وزيارة العلماء وأهل الخير.
وأما السفر المباح :
فهو السفر في طلب المعاش، والسفر بقصد الاستجمام والترويح عن النفس في حدود ما أباح الله. أما التعود على السياحة المجردة ففيها تضييع الأعمار والإسراف في الأموال وتشتيت القلب وإجهاد البدن مالا يخفى على أولي الألباب.
أخي الكريم..أختي الكريمة..
لقد ذكر العلماء للسفر آدابا كثيرة نذكر بعضا منها على سبيل الاختصار:
1 - فمنها التوبة من المعاصي والذنوب، ورد المظالم وقضاء الديون الواجبة، وإعداد النفقة لمن تلزمه، ثم أخذ المال الحلال الطيب، ومن العجيب أن تجد بعض الناس يسافر بالأقساط كما تفعله بعض السفريات، فيذهب فرحا مسرورا بإجازته ويرجع وإذا الديون عليه متراكمة قد أفسدت فرحته في سفره.
2 - ومنها الحرص على طيب الكلام وإطعام الطعام وإظهار مكارم الأخلاق، لأن السفر فيه تعب شديد ومشقة بالغة وضيق نفس فلابد من التخلق والتحلي بالصبر ومكارم الأخلاق.
3 - ومنها الاستخارة، قال صلى الله عليه وسلم: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: "اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم.." الحديث أخرجه البخاري من حديث جابر.
4 - ومنها أن يستأذن الشاب والديه وتستأذن المرأة زوجها بشرط أن تسافر مع محرم، قال صلى الله عليه وسلم: "لاتسافـــر الـمـرأة إلا مـــع ذي محرم" متفق عليه.
5 - ومنها أن يطلب الرفقة الصالحة التي تعينه على الخير وتذكره إذا نسي، قال تعالى( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) الكهف 28، وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ) التوبة 119 وثبت عند أبي داود من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "لاتصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي".
6 - ومنها ألا يسافر لوحده بل في رفقة ثلاث فأكثر ويؤمرون عليهم أحدهم، ثبت في صحيح البخاري عن حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده" وثبت عند أبي داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم" وذلك لكي لايقع الخلاف والشقاق بينهم.
7 - ومنها أن يقول عند الخروج من بيته دعاء الخروج من المنزل، ثبت عند أبي داود من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال حين يخرج من بيته بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله" يقال له هديت وكفيت ووفيت، فيقول شيطان لآخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي" ثم يقول دعاء السفر : (اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصــاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللـــــهـــــم إني أعوذ بــــك مــــن وعـثاء السفر، وكآبة الـمـنـظر، وسوء المنقلب في المال والأهــــل) وإذا رجع قالهن وزاد فيهن (آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون) رواه مسلم.
8 - ومنها أن يقول ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في السفر فيكبر الله عند كل مرتفع ويسبح الله عند كل واد، كما ثبت عند أبي داود (كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إذا علو الثنايا كبروا، وإذا هبطوا سبحوا).
9 - ومنها السفر يوم الخميس. قال كعب رضي الله عنه "لقلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إذا خرج في سفر إلا يوم الخميس" رواه البخاري
10 - ومنها أن يغتنم السفر في الليل فإن الأرض تطوى بالليل وتقصر المسافة، فعن أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بالدُّلجة، فإن الأرض تطوى بالليل) رواه ابن خزيمة.
11 - ومنها أنه إذا أراد الراحة فليجتنب الطريق فإنها مأوى الهوام بالليل، لقوله صلى الله عليه وسلم : (إذا عرستم بالليل فاجتنبوا الطريق فإنها طرق الدواب ومأوي الهوام بالليل) أخرجه مسلم. والتعريس هو نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة.
12 - ومنها أنه إذا نزل منزلا فليقل دعاء المنزل: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" . ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا نزل أحدكم منزلاً فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق فإنه لا يضره شيء حتى يرتحل منه).
13 - ومنها أن يعجل العودة إذا قضى حاجته من السفر. ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه فإذا قضى أحدكم نهمته فليعجل الرجوع إلى أهله".
14 - ومنها إنه إذا رجع إلى أهله فلا يدخل عليهم في غفلة بل يخبرهم قبلها كما في الصحيحين قال أنس رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يطرق أهله ليلا كان لا يدخل إلا غدوة أو عشية).
15 - ومنها أن يحضر لأهل بيته ما يفرح به الأهل والأولاد لأن الأعين تمتد إلى القادم من السفر والقلوب تفرح به.
أخي القارئ الكريم ..
هناك منكرات كثيرة تقع في الأسفار ينبغي على المسلم الحذر منها:
1 - فمنها السفر إلى بلاد الكفار والمشركين، أتعلم أخي الكريم ماذا في تلك البلاد؟ إنه الكفر والإلحاد، إنه الإباحية والفساد، إنه الأمراض المعدية الفتاكة، إنه إضاعة المال وتبذيره، مفاسد خطيرة تكفي واحدة منها لقوم يعقلون. ولذلك حرم الإسلام على المسلم أن يقيم في بلد لا سلطان للإسلام فيه، قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً ) النساء 97
وثبت عند أبي داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أنا بريء من مسلم يقيم بين ظهراني المشركين"، وقد استثنى العلماء من ذلك من يسافر إلى بلاد الكفر للجهاد في سبيل الله أو السفر للعلاج أو لدراسة ما ينفع المسلمين أو للتجارة المباحة، كل ذلك مشروط بأن يكون مظهرا لدينه عالماً بما أوجب الله عليه، قوي الإيمان بالله قادرا على إقامته شعائره.
2 - ومنها ارتياد أماكن الفساد والمحرمات والملاهي وما يصاحبها من الفواحش والرذائل، فيحذر المسلم أن يقع فيما يغضب ربه وسخطه، وليعلم أن ربه مطلع عليه تام الإطلاع، وليستح من نظر ربه إليه، وليحذر من بعض شركات السفريات التي لا تقيم للدين وزناً فتسهل السكن في بعض الفنادق المشبوهة جريا وراء العادة، وفي بلاد المسلمين ولله الحمد ما هو خير من ذلك كله.
3 - ومنها ما يقوم به بعض الجهلة والجاهلات، من ترك الصلاة المفروضة ونزع الحجاب حين الصعود إلى الطائرة وكأن الدين والعفة لا وزن لها في السفر.
4 - ومنها الإسراف في شراء البضائع ومتابعة أحدث الموديلات وبذل الأموال الطائلة في ذلك.
أخي القارئ الكريم ..
لا يعني ما سبق ذكره أن يكون المسلم نشازا مع أهله فلا يرفههم ولا يدخل السعادة في قلوبهم، فقد صح عند الترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي". فباستطاعة المسلم أن يرفه أهله وأولاده ويسلك بهم السبل المباحة من عمرة إلى بيت الله الحرام أو إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في زيارة أو إلى ربوع البلاد الإسلامية المأمونة في نزهة بريئة ومصائف مباحة يأمن فيها المسلم على أهله وأولاده مع تحقيق رغبتهم في الترفه واللهو البريء المباح مع حفظ الدين والصلاح. واعلم أخي المسلم أنك بذلك ترضي ربك عز وجل فتكون مستسلما لشرعه وأمره، وهو شأن المسلم، يرضي ربه ولو شق ذلك على نفسه، قال تعالى(إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) النور 51، وقال عز وجل(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً ) الأحزاب 36
أما الذين يتبعون شهواتهم ورغباتهم ولا يعنيهم أيرضي الله شيئا أم يسخط منه فلا حديث معهم لأنهم في حاجة إلى تصحيح أصل الإيمان في قلوبهم.
والله أسأل أن يوفقنا جميعا لما يحبه ويرضاه وأن يهدينا سواء السبيل وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبهذا انتهينا بفضل الله من سلسلة الصيف والسفر .
وبإذن الله سأبدأ في الرد القادم السلسلة الأخرى وهي من أحق الناس بصحبتي ؟...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رِب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .. أما بعد :
فإن الناظر المستبصر إذا رأى حال الناس في هذه الأيام يجد أن الأكثر منهم شغل عن كثير من الواجبات المحتمة عليه ومن أعظم هذه الواجبات : الواجب الذي قرنه الله بعبادته وتوحيده ، وما ذلك إلا لعظيم شأنه وأكيد حقه وكبير أهميته ، ألا وهو بر الوالدين قال تعالى { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } الإسراء 23
تعريف بر الوالدين
هو : " الإحسان إلى الوالدين والتعطف عليهما والرفق بهما والرعاية لأحوالهما وترك الإساءة إليهما وإكرام صديقهما من بعدهما " .
> قال الحسن البصري : البر أن تطيعهما في كل ما أمراك به ما لم تكن معصية لله والعقوق هجرانهما وأن تحرمهما خيرك .
شروط البر
الأول : أن يؤثر الولد رضا والديه على رضا نفسه وزوجته وأولاده والناس أجمعين.
الثاني : أن يطيعهما في كل ما يأمرانه به وينهيانه عنه سواءً أوافق رغباته أم لم يوافقها، ما لم يأمراه بمعصية الله تعالى .
الثالث: أن يقدم لهما كل ما يلحظ أنهما يرغبان فيه من غير أن يطلباه منه عن طيب نفس وسرور، مع شعوره بتقصيره في حقهما ولو بذل لهما دمه وماله.
طرق بر الوالدين
1- النفقة عليهما : قال تعالى : { وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } النساء 36
> قال السعدي : { وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } أي أحسنوا إليهم بالقول الكريم والخطاب اللطيف والفعل الجميل بطاعة أمرهما واجتناب نهيهما، والإنفاق عليهما ، وإكرام من له تعلق بهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا بهما، وللإحسان ضدان الإساءة وعدم الإحسان وكلاهما منهي عنه.
> قال ابن قدامة : والأصل وجوب نفقة الوالدين والمولودين . وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وإن ولده من كسبه» رواه أبو داود وابن ماجه.
2- أمرهما بالمعروف ونهيهما عن المنكر : سأل الحسن البصري : الرجل يأمر والديه بالمعروف وينهاهما عن المنكر ؟ قال : يأمرهما إن قبلا ، وإن كرها سكت عنهما .
3- إذا لم يتعين الجهاد ألا يجاهد إلا بإذنهما: عن معاوية بن جاهمة السلمي أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم: «يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت استشيرك ، قال : هل لك من أم ؟ قال: نعم قال : فالزمها فإن الجنة عند رجليها» رواه أحمد والنسائي.
> قال الصنعاني : ذهب الجمهور من العلماء إلى أنه يحرم الجهاد على الولد إذا منعه الأبوان أو أحدهما بشرط أن يكونا مسلمين، إن برهما فرض عين والجهاد فرض كفاية، فإذا تعين الجهاد فلا.
4- لين الكلام لهما : قال تعالى: { وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } أي : حسنا جميلا لينا سهلا .
5- الدعاء لهما بعد موتهما والتصدق عنهما وقضاء الدين عنهما: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له» متفق عليه.
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن سعد بن عبادة رضي الله عنه استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «إن أمي ماتت وعليها نذر، فقال : اقضه عنها» رواه البخاري.
وعن عائشة رضي الله عنها أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: «إن أمي افتلتت نفسها، وأراها لو تكلمت تصدقت، أفأ تصدق عنها؟ قال: نعم تصدق عنها» رواه البخاري ومسلم .
6- صلة أهل ودهما : عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه» رواه مسلم.
7- صلة الوالدين المشركين : عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : «قدمت أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصل أمي ؟ قال: نعم صلي أمك» رواه البخاري ومسلم .
> قال الحافظ ابن حجر : وفي قولها وهي راغبة أقوال والذي عليه الجمهور أنها قدمت طالبة من بر ابنتها لها ، خائفة من ردها إياها خائبة وفي الحديث من الفوائد ما ذكره الخطابي: أن الرحم الكافرة توصل بالمال كما توصل المسلمة .
فضل الام على الاب
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : «من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال ثم من ؟ قال: أمك ، قال ثم من ؟ قال: أمك، قال ثم من ؟ قال : أبوك» رواه البخاري ومسلم.
وعن المقدام بن معدي كرب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن الله يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بآبائكم، ثم يوصيكم بالأقرب فالأقرب» رواه أحمد وابن ماجة .
> قال الحليمي عن عظم حق الأم وحرمتها : ثم الأم أعظمها حقاً وأوجبها حرمة لأن شغلها للولد أكثر ، فإنه من الرحم يحدث ، ثم يكون فيه إلى أن يتم خلقه ، وينفخ فيه الروح ، وتقاسى الأم في ولادته وتربيته مالا خفاء به والوالد خلى من هذا كله فوجب إذاً أن يكون حق الأم أعظم وحرمتها آكد.
> قال القرطبي : المراد أن الأم تستحق على الولد الحظ الأوفر من البر ، وتقدم في ذلك على حق الأب عند المزاحمة .
وإن شاء الله سنكمل في المرة القادمة جزء من السلسلة ...
ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين .