• 0
  • مالي خلق
  • أتهاوش
  • متضايق
  • مريض
  • مستانس
  • مستغرب
  • مشتط
  • أسولف
  • مغرم
  • معصب
  • منحرج
  • آكل
  • ابكي
  • ارقص
  • اصلي
  • استهبل
  • اضحك
  • اضحك  2
  • تعجبني
  • بضبطلك
  • رايق
  • زعلان
  • عبقري
  • نايم
  • طبيعي
  • كشخة
  • صفحة 5 من 6 الأولىالأولى 123456 الأخيرةالأخيرة
    النتائج 61 إلى 75 من 84

    الموضوع: مقالات نسيم الصمادي

    1. #61
      التسجيل
      28-02-2012
      المشاركات
      95
      المواضيع
      40
      شكر / اعجاب مشاركة

      Arrow علاقات القاهرة أيام الثورة الساخرة

      علاقات القاهرة أيام الثورة الساخرة


      عندما شاهدت أجمل البنات المصريات ينظفن الشوارع أمام مكاتبنا في مدينة نصر، عرفت أن الثورة قد انتصرت. حدث ذلك بعد عشرة أيام من انطلاق ثورة القاهرة الساخرة. وعندما عدت من شارع الطيران إلى الحي السابع في مدينة نصر كان علي أن أحفظ كلمة السر لكي يسمح لي فتيان الحي الشجعان باجتياز الحواجز الاعتراضية التي بناها شباب لجان حماية الثورة. وفي صباح هذا اليوم استقبلت رسالة من شاب يدعى "هيثم هاني" يشكر فيها كل من شاركوا في تنظيف شارع الطيران حتى صار يضاهي ميدان التحرير في بهائه وصفائه. ومن خلال مشاهداتي الشخصية وقراءاتي اليومية أعتقد أن العلاقات الإنسانية بين المصريين لم تصل أبدًا إلى هذه الدرجة من المتانة والرصانة منذ ثورة أحمد عرابي في القرن التاسع عشر.

      لقد عجز الإعلاميون والسياسيون والعسكريون والمفكرون والمسوقون عن اختيار اسم واحد لهذه الثورة. لقد وصفها مراسل "بي بي سي" في القاهرة بأنها الثورة الضاحكة وهو اسم جميل لولا أن فيها الكثير من البكاء. هي ثورة ملونة؛ لا حمراء ولا بيضاء؛ لا ضاحكة ولا باكية؛ اختلطت فيها الجنائز بالأعراس، والأهلة بالأجراس، والجمال بالدبابات، والماء بالنار، ومسارح الكوميديا بحلقات الزار لطرد الأرواح الدكتاتورية الشريرة.

      هذه هي الثورة الوحيدة التي يشاهدها العالم على الهواء مباشرة من أولها إلى آخرها، وكأنها فيلم سينمائي عالمي شارك فيه 80 مليون تتراوح أعمارهم بين التسعين عامًا والتسعة أشهر. ولأنها ثورة حرة وخالية من الخطط والاستراتيجيات فقد نفذت بدون قائد، فقد كانت العلاقات الإنسانية الحميمة وحضارة مصر القديمة، والجديدة العظيمة، هي التي تقود التاريخ الطويل إلى المستقبل الجميل.

      كتبت قبل ثلاثين عامًا قصيدة بعنوان "أسميك أنت" قلت فيها: "ونحن نسافر، نحمل أحزاننا في الحقائب. تقرأ كل المطارات أوراقنا، وتعرف كل الشوارع أقدامنا، وتشرب كل الفنادق أحلامنا؛ فماذا أسميك؟ أسميك غائبة؟ فارجعي! أسميك قادمة؟ فاسرعي". وها هو السؤال ما زال يتكرر: ماذا نسمي ثورة مصر 2011؟

      * الثورة النظيفة؟ لأنها نظفت الشوارع وكنست الفساد
      * ثورة الشباب؟ لأن الذين نفذوها وعاشوها ما زالوا بين العشرين والثلاثين
      * ثورة الالتزام؟ فبعد مرور أربعة أسابيع على انطلاقها انخفض الدولار ولم ترتفع الأسعار!
      * ثورة الشعب في خدمة الشرطة؟ فهي أول ثورة في التاريخ يحمي فيها الشعب الأعزل رجال الأمن المسلحين ويعود فيها السجناء الخارجون والمخرجون إلى سجونهم مختارين!
      * هل نسميها "الثورة"؟ مثلما نفعل في التسويق ونطلق اسم أشهر علامة تجارية على كل الصناعة، فنسمي التصوير "زيروكس" وكل المناديل "كلينيس" وكل الزيت "عافية" وكل الموبايلات "نوكيا"؛ هل نسميها: "الثورة"؟

      نسيم الصمادي



    2. #62
      التسجيل
      13-03-2010
      المشاركات
      14
      المواضيع
      6
      شكر / اعجاب مشاركة

      رد: علاقات القاهرة أيام الثورة الساخرة

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

      بارك الله بك

    3. #63
      التسجيل
      28-02-2012
      المشاركات
      95
      المواضيع
      40
      شكر / اعجاب مشاركة

      Arrow التمتين والتنمية

      التمتين والتنمية




      بعد أكثر من ربع قرن قضيتها في تأليف وترجمة وتلخيص مئات الكتب والمقالات في الموارد البشرية، يبدو وكأنني أعدت اكتشاف مفهوم التنمية والاستثمار البشري، ففهمت أبعاده واستوعبت بعض تداخلاته، بعد أن نظرت إليه من منظور "التمتين"، الذي ساعدني أيضًا على إعادة صياغة وتعريف: "التميز" في بيئة العمل.

      يتحقق التمتين من خلال مديرين ممتنين، يأخذون على عواتقهم تمتين الأفراد لبناء مؤسسات متينة. فالنتيجة الوحيدة والطبيعية والفعلية للتمتين هي النجاح. فقد ثبت بعد المزيد من الأبحاث الجادة أن المديرين الجديرين يقومون بأربعة أشياء لا خامس لها، وهي:

      - تعيين الموظف المناسب فقط.
      - توقع ووضع النتائج المناسبة فقط.
      - تحفيز الموظف المناسب فقط.
      - تطوير وتنمية المواهب المناسبة فقط.

      فالتمتين الذي يبدأ بحرف (التاء) يقوم على أربع (تاءات) أخرى هي: التعيين والتوقع والتحفيز والتطوير.

      لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فلكي تختار الموظف المناسب، يجب أن تعرف الفرق بين: المهارة والمعرفة، والسلوك والعادة، والدافع والموهبة، وما الذي يمكن تغييره في شخصية الإنسان، وما الذي يجب تثبيته وعدم الاقتراب منه.

      بعبارة أخرى: ما هو الجانب المسير وما هو الجانب المخير في الإنسان. لتوضيح ذلك نسوق قصة الأب الذي قال لابنه: "قال لي معلمك أكثر من مرة إنه لا يمكن تعليمك أي شي!" فرد الابن: "وأنا قلت لك أكثر من مائة مرة إنه معلم فاشل." والفكرة هي: لا يوجد إنسان عاقل لا يمكن تعليمه أي شيء؛ فلكل منا موهبة خاصة ليتعلم شيئًا واحدًا على الأقل أفضل من غيره.

      ولكي تتوقع النتائج المناسبة، عليك أن تعرف أي من أجزاء الوظيفة يجب تنفيذها بحذافيرها، وأي الأجزاء تتركها للموظف لكي يبتكر ويغير ويطور فيها؛ فإذا لم تدرك ذلك، ستصاب أنت والموظف بالارتباك والتشوش، ولن تتمكن أيضًا من وضع الموظف المناسب في المكان المناسب.

      ولأن الوقت هو أعز وأثمن مواردك كمدير، يجب أن تحدد فيما وفيمن تستثمر وقتك: في فض المنازعات أم في تنمية القدرات؟ هل تمتن الأقوياء أم تقوي الضعفاء؟ هل تحسن المهارات الفنية أم تنمي المواهب الفطرية؟ وهذا هو الفرق بين التمتين والتقوية.

      فنحن نمتن القوي، ونقوي الضعيف. نتيجة التقوية هي أداء متوسط، ونتيجة التمتين هي أداء متميز. وبالمناسبة، فاللغة الإنجليزية – على حد علمي – تخلو من كلمة تعبر عن المعنيين: اللغوي والاصطلاحي للتمتين؛ فهي تستخدم (تقوية) لتعبر عن تقوية الضعيف وتقوية القوي. مع أن الفارق كبير.

      لقد درجت المؤسسات والمجتمعات والحكومات على القول بأن الإنسان هو رأس مالنا الحقيقي، وهذا خطأ علمي. فالإنسان السلبي وغير المنتج يقع – بلغة المحاسبة والاقتصاد – في خانة "الخصوم" لا في خانة "الأصول". فأغلى ما نملكه هو الإنسان المتين والأمين.

      القوة والمتانة ترتبطان دائمًا بالرزق والأمانة: "إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين" و "إن خير من استأجرت القوي الأمين" صدق الله العظيم. وهذا مبدأ إداري وحضاري وتنموي عظيم.

      لقد ثبت علميًا وبفحص وتصوير الخلايا العصبية في الدماغ أن الناس لا يتغيرون بعدما يكبرون، بل تكبر وتمتد نقاط قوتهم ونقاط ضعفهم معهم.

      ومن الأخطاء الإدارية الشائعة التي زادت من الهدر في التنمية البشرية والاقتصادية وساهمت في البطالة والعطالة، محاولة تغيير سلوك وعادات الموظفين بعدما يلتحقون بالعمل.

      الصحيح هو أن "نمتن" - أي نعزز ونقوي ونمكن - نقاط القوة فقط. وهذا ليس أمرًا سهلاً بحد ذاته؛ فمحاولة سد كل الفجوات وإصلاح كل النقائص تكلف المجتمعات المليارات دون عائد مقنع على الاستثمار والتنمية. ومصدر الخطأ هو الاعتقاد بأننا يمكن أن نصل إلى الصحيح بدراسة الخطأ. وهذا خطأ!

      من الخطأ أن ندرس حالات الطلاق لنحافظ على الزواج، وأن ندرس الاكتئاب لنحقق السعادة، وأن ندرس أسباب زيادة الواردات لنرفع الصادرات، وأن نحلل الديون لتدبير مصادر التمويل، وأن ندرس أسباب التلوث لنحافظ على البيئة، وهكذا ... فعندما نركز على قياس شيء ما، فإننا نغفل قياس نقيضه.

      وبالمثل، عندما تركز سياستك الإدارية والتدريبية على التعامل مع الأخطاء، فإنك ستتجاهل – تلقائيًا - السلوك الإيجابي. فنحن لا نرى سوى ما نريد أن نراه؛ وما نركز عليه، نحصل عليه. وبالمثل: فإن استخدام الحاسب الآلي لتحقيق العدالة في التنسيق الجامعي على أساس المجموع والتوزيع الجغرافي، يجعلنا نغمض أعيننا عن الظلم، لأننا نوزع التخصصات بناء على ما يسهل قياسه، لا على ما يجب قياسه. وهنا يلعب "التمتين" في التربية والتعليم وفي التنمية البشرية دورًا خطيرًا.

      نسيم الصمادي


    4. #64
      التسجيل
      14-04-2011
      الدولة
      القاهرة
      المشاركات
      641
      المواضيع
      119
      شكر / اعجاب مشاركة
      بطاقات الألعاب

      Gamertag: المشي

      رد: علاقات القاهرة أيام الثورة الساخرة




      كم اسعدتني كلماتك اسعدك رب العالمين
      اللهم ولي خيارنا ولا تولي شرارنا وارزقهم البطانة الحسنة

      كل الدعوات لاحرفك المتلآلآة



      الراجية الله وحده

    5. #65
      التسجيل
      28-02-2012
      المشاركات
      95
      المواضيع
      40
      شكر / اعجاب مشاركة

      Arrow هل ستشرق شمس اليابان بعد "فيكوشيما" مثل "هيروشيما"؟

      هل ستشرق شمس اليابان بعد "فيكوشيما" مثل "هيروشيما"؟




      يرى المحللون وخبراء الاقتصاد أن زلزال اليابان هو أكبر كارثة طبيعية عرفتها البشرية. وحتى لو توقف عدد القتلى عند عشرين ألفًا ولم تتجاوز الخسائر الاقتصادية التقديرات الأولية التي وصلت إلى 250 مليار دولار، ولم ينفجر المفاعل النووي في "فيكوشيما" فإن الكارثة تبقى الأفدح في التاريخ.

      فهل في مقدور اليابان مواجهة كارثة بهذا الحجم؟ وهل هناك معايير ونظم معلومات ومؤشرات يمكن على ضوئها قياس مدى نجاح أو فشل الحكومات في إدارة الأزمات؟ وما هو الفرق بين الأزمة والكارثة؟

      إذا كان زلزال "نيوزيلندا" الأخير أزمة، فإن زلزال "اليابان" كارثة! وإذا كان ما يجري للسودان أزمة، فإن ما يجرى للعراق كارثة! وإذا كان ما حدث في مصر أزمة، فإن ما يحدث في ليبيا كارثة؟

      الكوارث والأزمات قد تكون طبيعية أو سياسية أو اقتصادية! ومثلما هناك أزمات حقيقية مثل: أزمة التسرب النفطي في خليج المكسيك وأزمة الاقتصاد العالمي ومرض الإيدز، فإن أكثر أزماتنا مفتعلة مثل: التشرذم اللبناني والانقسام الفلسطيني وتفجير طائرة "لوكيربي" وأزمة البورصات المحلية في الأردن.

      من المؤكد أن الحكومات والمؤسسات والأفراد مسؤولون عن الأزمات المصنعة (المصطنعة) التي تشمل الأزمات الاقتصادية والسياسية والصحية. فهي أزمات من صنع الإنسان أو ناتجة عن أفعاله. فماذا عن الأزمات الحيوية والكوارث الطبيعية؟

      يمكن تحميل الإدارة اليابانية مسؤولية حجم الكارثة التي لحقت باليابان لا مسؤولية صنعها! فليس منطقيًا أن تبني دولة ذكية كاليابان مفاعلاً نوويًا على حافة أخطر أحزمة الزلازل في العالم! وليس من الحكمة إقامة تجمعات سكانية على شواطئ منخفضة تتعرض بحارها للزلازل كل يوم، ولتسونامي كل عام ونصف تقريبًا. فقد سجلت مراصد اليابان 195 تسونامي منذ منتصف القرن 18 حتى الآن. علمًا بأن "تسونامي" كلمة يابانية وتعني "أمواج الموانئ".

      فهل لكارثة تسونامي الأخيرة أية إيجابيات؟
      تطبيقًا لنظرية "الهدم الخلاق" فإن الاقتصاد المعرفي المتطور والمرتكز على بنى تحتية قوية يتعافى من الكوارث الطبيعية بسرعة ويستعيد لياقته بسبب حاجة الشعوب الحرة للتحديات وقدرتها على المواجهة. كما أن الهزات الطبيعية تدمر الموارد والأصول المادية، ولا تطال الموارد البشرية وهي المحركات الحقيقية للاقتصاد والإنتاجية والروح والمعنوية والمواطن القوية والميزات التنافسية في الدول الديمقراطية. وحتى الدول الفقيرة المضارة بالكوارث الطبيعية – عكس الصراعات السياسية – تتلقى مساعدات مالية وفنية وخبرات عملية دولية تساعدها على النهوض من عثراتها وإعادة ترتيب أولوياتها.

      وطبقًا لفكرة "النوافذ المكسورة" التي طرحها الاقتصادي "فريدريك باستيت" فإن معظم ما يكسر ويدمر يعاد إصلاحه، وفي هذا تحريك للموارد المالية الراكدة، وللأيدي العاملة العاطلة، وإعادة لتوزيع الموارد. ففي حين تضار أسواق المال وشركات التأمين، يمكن أن تستفيد شركات البناء والغذاء والدواء على حد سواء. كما تعمد بعض الدول إلى إصلاح بناها التحتية وإلغاء بعض الصناعات المتهالكة وإحلالها بصناعات حديثة وقادرة على المنافسة.

      وبما أن "بلاد الشمس المشرقة" كانت في حالة بيات شتوي وكسوف شمسي عبر العقدين الماضيين، فمن المنتظر أن تصحو "اليابان" لتعيد بناء حضارتها، وتستعيد جدارتها كما حدث بعد هزيمة "الساموراي" وفاجعة "هيروشيما". فالشعوب الحية لا تعترف بالهزيمة، بل تحول المشكلات إلى فرص، والأزمات إلى مهرجانات.

      نسيم الصمادي


    6. #66
      التسجيل
      31-12-2011
      المشاركات
      134
      المواضيع
      8
      شكر / اعجاب مشاركة

      رد: هل ستشرق شمس اليابان بعد "فيكوشيما" مثل "هيروشيما"؟

      اليابان دولة مذهلة...

      يحب على العرب ان يتبعوا خطاها في
      التنمية وطريقة اعتمادها على لغتها وثقافتها في التطور

    7. #67
      التسجيل
      28-02-2012
      المشاركات
      95
      المواضيع
      40
      شكر / اعجاب مشاركة

      Arrow شهادة ميلاد الرئيس هي شهادة وفاة الأمة


      يصدر في منتصف شهر مايو 2011 كتاب بعنوان: "أين شهادة الميلاد؟ "باراك أوباما" لا يستحق الرئاسة". وقد سبقت صدور الكتاب أغبى حملة علاقات عامة عرفها التاريخ.

      في وقت تعاني فيه أمريكا من أزمة ثقافية وأزمة أخلاق وهوية، شغلت أكبر دولة في العالم نفسها أسبوعًا كاملاً بمناقشة قضية سخيفة تثبت بأن هذه الأمة العظيمة التي صنعت الكمبيوتر وبرامجه والموبايل وتطبيقاته، وغزت الفضاء، وكشفت أسرار الذرة وتقنيات النانو، قد ضلت طريقها إلى غير رجعة. فقد كان السؤال الذي يطرحه الإعلام الأسود على البيت الأبيض هو: "أين شهادة ميلاد الرئيس؟".

      بعد سنتين من الحكم تذكرت ماكينة العلاقات العامة أن الرئيس ربما لا يكون مولودًا على الأرض الأمريكية الطاهرة! ومع صمت الرئيس وقرب صدور الكتاب المذكور، تنطع "دونالد ترامب" وطلب من البيت الأبيض نشر شهادة ميلاد الرئيس ليتأكد أنه أمريكي المولد. واستمر البحث في السجلات حتى خرجت الشهادة وعقدت لها المؤتمرات الصحفية وقرأها العالم أجمع لتصبح أشهر شهادة ميلاد رجل وأشهر شهادة وفاة أخلاق.

      لا غرابة في أن تتفوق أمريكا على العالم في العلم والإعلام، وتتخلف عنه في الأدب والفلسفة والفن. ويبدو أن الأديب الأمريكي "مارك توين" كان يعبر عن بلده فقط عندما قال: "هذا العالم يتصف بوفرة الشجاعة المادية، وندرة الشجاعة الأخلاقية." نعم، فكما قال "آينشتاين": "النسبية تنطبق على الفيزياء ولا تنطبق على الأخلاق والأحياء." ويبدو أن مجتمع العلاقات العامة الأمريكي بدأ يأكل نفسه. فمن يأخذ بالأخلاق دون العلم يعيش ضعيفًا ولا ينفع نفسه، ومن يأخذ بالعلم دون الأخلاق يصبح أكثر خطرًا على نفسه.

      يحمل "جيروم كرسي" مؤلف الكتاب إياه، درجة الدكتوراه من جامعة "هارفارد"، ورغم ثبوت أن شهادة الميلاد صحيحة فإنه لم يعتذر، بل ويصر على توزيع الكتاب ليثير تساؤلات عما تعلمه الدكتور "كرسي" في "هارفارد": هل درس العلم أم الأخلاق؟ وبالمثل، يتمسك "دونالد ترامب" بنظريته حول عدم أهلية الرئيس، مما عرضه لهجوم ساحق واتهم بالكذب كونه يفكر بالترشح للرئاسة، ولأن برنامجه التلفزيوني حول المشاهير الجدد فقد بريقه وجمهوره وهو يحاول استعادة الأضواء بأساليب غير أخلاقية.

      تعاني أمريكا اليوم من انخفاض تصنيفها الائتماني، واستمرار ركودها الاقتصادي، وهزائمها في الخارج، وخلافاتها حول الضرائب والميزانية والخدمات الصحية في الداخل. فلماذا لم تلق دعوة الأمريكيين العقلاء - وهم قلة - أن تواصل القافلة الأمريكية سيرها رغم نباح الكلاب آذانًا صاغية؟

      طبقًا لنظرية "ستيفن كوفي" فإن شخصيات قادة أمريكا ظلت حتى الحرب العالمية الثانية تتسم بالأصالة وتنطلق من الداخل وتعبر عن الجوهر. وصارت بعد الحرب تصنع في الخارج وتتسم بالنذالة وتعبر عن المظهر. صعدت أمريكا على أكتاف قيادات عظيمة، وها هي تسقط بأيدي شركات الإعلام والعلاقات العامة السقيمة. البحث عن شهادة ميلاد الرئيس، هو بحث عن شهادة وفاة أمة.

      نسيم الصمادي




    8. #68
      التسجيل
      28-02-2012
      المشاركات
      95
      المواضيع
      40
      شكر / اعجاب مشاركة

      Arrow التأصيل والتفصيل في تعريب لغة التدريب

      التأصيل والتفصيل في تعريب لغة التدريب
      يقول عالم الفلك "جاليليو" وهو أستاذ الملاحظة والاكتشاف: "لا تستطيع أن تعلم أحدًا أي شيء، كل ما تستطيعه هو مساعدته على أن يكتشف لنفسه بنفسه."هذه المقولة تفسر أسرار شغف الإنسان بالتعلم الذاتي على الفضاء الإلكتروني، حيث ينتقي ما يريد، فيتعلم ويعيد نشر ما تعلمه في نفس الفضاء المفتوح؛ فيستفيد ويفيد. كما يفسر ظاهرة الاهتمام بالتدريب التوجيهي أو "التوجيه" وهو أفضل مصطلح لتعريب ما يسمى بـ "الكوتشينج " (Coaching)؛ حيث ما زلنا نخلط بين نوعين من التعلم والتدريب هما: التدريب (Training) والتوجيه أو الإرشاد (Coaching) – شخصيًا وعلميًا أفضل استخدام مصطلح التوجيه على مصطلح الإرشاد لسبب وحيد سأوضحه لاحقًا.
      يعتقد معظمنا - حتى الخبراء والمتخصصين منا - أن "التدريب" هو مجرد تعليم وتوجيه جماعي، وأن "التوجيه" هو مجرد تدريب فردي. ورغم أن هذا التفريق صحيح، فإنه مجرد اختلاف ظاهري أو إجرائي لأن هناك عشرات الاختلافات الجوهرية والعميقة؛ ليس بين العملية التدريبية والعملية التوجيهية فقط، وإنما في أهداف واستراتيجيات ونتائج كل من التدريبين إن صح التعبير. وعندما أقول "كلاً من التدريبين" فإنني أعني ما أقول، لأن كل توجيه تدريب، وليس كل تدريب توجيهًا.
      التدريب محوره المدرب، ويُستخدم لسد ثغرات معرفية ومهارية وفنية. أما التوجيه فمحوره المتدرب، أو الموجَه (بفتح الجيم)، ويُستخدم لسد ثغرات سلوكية وإدراكية وذهنية. ولهذا فإن المدرب يواجه المدربين ومعه منهاج تدريب معد مسبقًا، لينقله لهم ويطبقه عليهم. أما الموجه فيأتي ليوجه المتدرب (غالبًا متدرب أو مدير واحد) ويساعده ويشاركه في تطوير المحتوى والمسار التدريبي في أثناء عملية التدريب، فيتركه يكتشف ويطور ويغير نفسه بنفسه.
      ولذا من الضروري أن يكون المدرب ملمًا بموضوعه معرفيًا وفنيًا ومهاريًا؛ وغالبًا ما يحمل شهادات ورخص تدريب وتعليم تتلاقى وتتقاطع مع تخصصات المتدربين والموضوعات التي يدربها. وليس ضروريًا أن يكون الموجه ملمًا في مجال وتخصص ونشاط عملائه ومتدربيه. فهو يقودهم إلى وضع الأهداف واكتشاف المشكلات ووضع الحلول من خلال عملية إجرائية واحترافية بحتة. ولهذا السبب يكون المدرب مسؤولاً مباشرة عن نجاح أو فشل متدربيه. بينما يتحمل المتدرب أو المدير الذي يتم توجيهه مسؤولية الرؤية والقيم التي سينطلق منها، والأهداف التي سيضعها، والثغرات التي سيكتشفها، والخطوات التي سيخطوها، والقرارات التي سيتخذها والنتائج التي سيحققها. ولهذا قد تستمر عملية التوجيه عدة أسابيع، وقد تطول شهورًا وتدوم أعوامًا. وهناك مديرون يعينون موجهين ومرشدين ناصحين في وظائف دائمة، ليوجهوا المدير ومساعديه في الصفين الأول والثاني باستمرار.
      في الرياضة مثلاً، هناك مدرب "Trainer" وهناك موجه "Coach" . المدرب ينزل الملعب ويلعب مع اللاعبين ويستعرض لهم ومعهم المهارات، ويؤدي نفس الحركات التي يطلبها منهم. بينما يقف الموجه خارج الملعب، ويضع الخطة على الورق، ويحدد نقاط قوة وضعف فريقه، ويحدد من يلعب ومن لا يلعب في كل مباراة، ويدرس الخصم، ويعدل في الخطة بناء على مجريات اللعب، ويجري التغييرات، ويحلل أخطاءه وأخطاء الفريق المنافس، ويعمل قبل المباراة وبعدها، أكثر مما يعمل في أثناء سير اللعب. فدور المدرب هنا تكتيكي وفني ومهاري، ودور الموجه استراتيجي وتحفيزي وإلهامي. يركز المدرب على النتائج السريعة، ولهذا يزول مفعول أدائه التدريبي سريعًا. ويركز الموجه على النتائج بعيدة المدى، ولهذا يرسخ مفعول أدائه التوجيهي، وقد لا يزول تأثيره أبدًا.
      وعلى الرغم من أن مصطلحي "توجيه" و"إرشاد" يستخدمان في اللغة العربية بالتبادل، ويكادان يعبران عن نفس المعنى، فإن "المرشد" أعلى مرتبة من "الموجه". فالمرشد يقوم بنفس عملية التوجيه، لكنه يتمتع بدرجة علمية ومعرفية أعلى، وبمرتبة قيادية أسمى. فهو قائد يكتنز معرفة علمية ومنهجية، بالإضافة إلى مكانة قيادية ورؤية فكرية وفلسفية أيضًا.
      نسيم الصمادي


    9. #69
      التسجيل
      28-02-2012
      المشاركات
      95
      المواضيع
      40
      شكر / اعجاب مشاركة

      Arrow ثروة مصر الحقيقية.. عندما تنظر مصر إلى نفسها


      كل العالم يتكلم ويكتب عن ثورة مصر! سأكتب عن ثروتها ...
      لنفرض أنك القائد الجديد لمصر، لنقل رئيسها الجديد، أو رئيس وزرائها المنتخب! فكيف ستفكر؟ وكيف سترى مستقبل مصر؟ إلى أين ستقودها وفي أي اتجاه ستأخذها؟

      ربما تجمع فريقًا من الخبراء والتكنوقراط كما نسمي هؤلاء الذين يعملون ولا يفكرون! وربما تحضر بيوت خبرة عالمية وتحاول حصر كل الأخطاء التي ارتكبتها القيادات والإدارات السابقة! قد تدرس تجارب عالمية مشابهة فتفكر في تقليد كوريا وماليزيا وتركيا والبرازيل! لكن هذه النظرات التقليدية لن تكفي لأن لمصر خصوصيتها.

      عالمنا الحقيقي هو ما نراه وما نفكر فيه، ويجب أن نفكر بطريقة مختلفة لكي نستطيع ابتكار التغيير. فما لم ننظر في الاتجاه المعاكس، ونفكر عكس ما كنا نرى، فلن يتغير شيء. مصر - في حقيقتها وفي شخصيتها - أغنى حضارة في العالم، هي تشبه الصين قليلاً، وتختلف عنها كثيرًا، ومن الخطأ أن نفكر فيها كدولة فقط. ربما ترون أن في هذا الكلام شيئًا من المبالغة، ولكني أستطيع إثباته بالحقائق والأرقام.

      توجد في مصر عشرة معالم حضارية وموارد اقتصادية لا تتوفر كلها مجتمعة لدولة واحدة أو حتى لبضع دول مجتمعة. في كل دول العالم نجد بحرًا أو بحرين، ونجد في مصر خمسة: الأبيض والأحمر والنيل وقناة السويس والسد العالي. في بعض دول العالم بترول، وفي مصر: بترول وغاز وذهب وحديد وجبال من المعادن ورمال من الكريستال. إنتاج مصر الزراعي يمكن أن يشمل كل ما يحتاجه الإنسان من غذاء وكساء لو فكرنا بمناخها الذي ينتج البردي في الجنوب، والتين والزيتون في الشمال.

      أكبر خطأ ارتكبته كل إدارات مصر السابقة، باستثناء "محمد علي باشا" أنها كانت تنظر حولها أكثر مما تنظر إلى نفسها. قديمًا كانت مصر تنظر إلى الشرق وهي ليست دولة شرقية؛ وحديثًا صارت تنظر إلى الغرب وهي ليست دولة غربية. مصر دولة شرقية وغربية، شمالية وجنوبية، أفريقية وآسيوية، عربية وفرعونية، مسلمة ومسيحية، قبلية ومدنية. ولهذا فهي مختلفة ولا يجب إدارتها، بل ولا يمكن إدارتها، كما تدار الدول العادية، لأنها تتوسط العالم كله وتشبهه كله، ولذا فهي عالم قائم بذاته؛ إنها حضارة لا دولة؛ والحضارة لا تستطيع ألا تكون مستقلة.

      عندما تطلعت مصر إلى الغرب، ذهبت متكاسلة وسائلة، فمدت يدها طالبة العون والمساعدة. وعندما تطلعت إلى الشرق، ذهبت معصوبة العينين بلا رؤية وبلا وجهة نظر. فحاولت تقليد الصين والهند واليابان وهي حضارات مثلها، وأبدت غيرة وخوفًا من إيران وإسرائيل وهما أقل منها. الغرب لن يفهم مصر لأنه يظن أنه ليس بحاجة لها. والشرق لن يفهم مصر لأنه مشغول في صراعه مع الغرب، ويظن أنه يستطيع القفز عنها. مصر كانت للغرب مجرد استراحة في الطريق إلى الشرق، وكانت للشرق مجرد قناة أو نقطة عبور إلى الغرب. وهي في حقيقتها قلب العالم، بل هي كما أرادها الفراعنة، وكما أراها اليوم: كل العالم.

      لو كنت رئيسًا مصريًا عصريًا، أو رئيس وزراء منتخبًا، ماذا ستفعل؟ ما هي الرؤية التي ستضعها لمصر 2020 وما بعدها؟ هل ستضع على عينيك نظارتك الإيطالية وترتدي بزتك الفرنسية وتركب سيارتك الألمانية وتحلق بطائرتك الأمريكية وتجوب العالم طالبًا المساعدة؟ أم ستخرج للشمس وترتدي الجلابية وتتجول في مصر على قدميك لترى مصر الحقيقية.

      أنصحك بأن تنظر في الاتجاه المعاكس؛ اذهب إلى أفريقيا لتساعدها فتخلق تحديات اقتصادية وعلمية وصناعية وزراعية لكل المصريين! وإلى آسيا لتتفاعل وتتعاون وتتكامل معها فتخلق تحديات حضارية وثقافية ومستقبلية لكل الأفريقيين والآسيويين ولكل العالمين. ثروة مصر الحقيقية هي شخصيتها وهويتها، مضافًا إليها تحدياتها. وها هي شخصيتها تنهض، وهويتها تتجلى، وتحدياتها تتعالى.

      نسيم الصمادي





    10. #70
      التسجيل
      28-02-2012
      المشاركات
      95
      المواضيع
      40
      شكر / اعجاب مشاركة

      Arrow إضراب عن "الأهرام"

      إضراب عن "الأهرام"




      ما أعنيه هنا هو صحيفة "الأهرام" وليس أهرام الجيزة العزيزة. فقد أصدرت قرارًا مدروسًا بالتوقف عن شراء "الأهرام" بعد أن استخدمناها ثقافيًا وعمليًا عشرين عامًا متواصلة. ففي صباح هذا اليوم الثلاثاء 8 فبراير 2011 طلبت من السكرتير إعادة نسخة "الأهرام" إلى بائع الصحف وإحضار "الأخبار" بدلاً منها. وكنا قد بدأنا منذ مطلع هذا العام نقرأ جريدة "المصري اليوم" بسبب مصداقيتها وتحول أفضل كتاب وصحفيي مصر للكتابة فيها.

      درجنا عبر العقدين الماضيين على شراء "الأهرام" كل يوم حتى في أيام الإجازات، فقد كنا نستخدمها لاكتشاف أسواق جديدة عبر إعلاناتها الكثيرة، والمعارض الناجحة التي كانت تنظمها وتنشر أسماء المشاركين فيها. وكانت إدارة المبيعات في "شعاع" تدرس حركة السوق المصري من خلالها. حتى إعلانات التهاني والمؤتمرات العلمية والتعازي كانت وحتى عام 2009 مصدرًا مهمًا ومؤشرًا على حركة كبار اللاعبين في السوق.

      لكن "الأهرام" دخلت مؤخرًا فيما يشبه حالة إضراب عن الحرية تشبه حالة الإضراب عن الطعام. بدأ حجمها يتقلص، وبدأ الكتاب والمفكرون المتميزون منها يفرون؛ إما مختارين وإما مطرودين. وصارت مقالات رئيس تحريرها "أسامة سرايا" بلا طعم ولا لون ولا رائحة. وبدأ رئيس مجلس الإدارة "عبد المنعم سعيد" ينشر مقالات ومطولات على شكل "معلقات" لا تختلف في شيء عن كتابات "سرايا".

      الصفحة الأخيرة احتلها رئيسا مجالس إدارة سابقان؛ "ابراهيم نافع" و"مرسي عطاالله" اللذين حاولت جاهدًا أن أكمل قراءة واحد فقط من مقالاتهما دون جدوى. يجاورهما على نفس الصفحة "أنيس منصور" الذي يكرس عاموده القصير إما لإعادة سرد ذكرياته التي حفظناها وظل يرددها حتى كرهناها، وإما لكتابة خواطر مترجمة عن المرأة. والحقيقة أن "منصور" ما زال كاتبًا جيدًا، فهو فيلسوف ومفكر، إلا أنه مصاب بإسهال كتابة ونشر؛ حيث يكتب أكثر من مقال في اليوم، وينشر المتميز منها في الصحافة العربية التي تدفع أكثر، ويلقي بما تبقى من عصارة أفكاره لقراء "الأهرام" الأعزاء.

      تعود علاقتي "بالأهرام" إلى سبعينات القرن الماضي، عندما التحقت بجامعة القاهرة، وكنت أقرأ فيها لـ"نجيب محفوظ" و"يوسف إدريس" و"توفيق الحكيم" و"زكي نجيب محمود" وعندما كنت أميل للعمود الصحفي لا أجد أفضل من مقالات "سلامة أحمد سلامة" والمرحوم "أحمد بهاء الدين".

      ومع دخول الإنترنت، وغلبة الحس الأمني على الحس الصحفي، وهجرة كتاب الأهرام المحترفين، وظهور الصحافة المستقلة، وتوريث أعمدة وزوايا "الأهرام" لكتاب غير مؤهلين، كان لا بد من وقوع أبغض الحلال، فطلقت الأهرام. ولأنني دائمًا متفاعل ومتفائل، أتوقع ألا يكون الطلاق بائنًا، وأن نعود لقراءة "الأهرام" والاستمتاع بها والانتفاع منها، بشرط أن تعود "الأهرام" إلى نفسها.

      نسيم الصمادي


    11. #71
      التسجيل
      28-02-2012
      المشاركات
      95
      المواضيع
      40
      شكر / اعجاب مشاركة

      Arrow دروس إدارية من كأس العالم الكروية

      دروس إدارية من كأس العالم الكروية




      انتهت كأس العالم 2010 الشهر الماضي، لكن الدروس القيادية والاستثمارية والسلوكية المستفادة منها لا تنتهي. من المؤكد أن المعطيات والأسباب التي أدت إلى فوز الفائزين، هي التي أدى غيابها إلى خسارة الخاسرين. ومن واقع قراءاتي ومشاهداتي لكرة القدم العربية وتحليل سلوك القيادات العربية، يمكنني القول بأنه ليس هناك فريق عربي واحد مؤهل للفوز بأحد كؤوس العالم القادمة، مثلما ليست هناك دولة أو مؤسسة أو جامعة عربية مؤهلة لقيادة العالم اقتصاديًا أو سياسيًا أو علميًا. ولذلك فإنني أراهن على استحالة فوز العرب ما لم يغيروا ما بأنفسهم، وهذه بعض المؤشرات والعبر المستقاة من كأس العالم الأخيرة:

      * التاريخ لا يلعب مع أصحابه
      لا توجد بطولتان لكأس العالم متشابهتان، ولذلك فإن فوزك اليوم لا يضمن فوزك غدًا، وأداءك اليوم لا يؤشر إلى مستوى أدائك في المستقبل. فقد لعبت فرنسا وإيطاليا نهائي كأس العالم مرارًا، وفازتا تكرارًا، لكنهما لم تتأهلا للدور الثاني هذا العام. وهذا هو حال العرب، فنحن أكثر شعوب الأرض ارتهانًا للتاريخ؛ نتغنى بأمجاد الماضي، ونتفاخر ببطولات الأجداد، ونغفل عن المستقبل. وبما أن الأرض لا تلعب مع أصحابها، فلم يفز فريق آسيوي أو أفريقي ببطولة العالم، لا على أرضه ولا خارجها.

      * العالمي ليس بديلاً للوطني
      الفرق العربية تعتمد على خبراء ومدربين أجانب، وكذلك هي المؤسسات العربية. بل إن الدول العربية تثق بالسياسي والاقتصادي والإداري والرياضي الأجنبي أكثر من العربي. لكن اقتباس النظم واستيراد التكنولوجيا والفكر الغربي لا يكفي. حتى بريطانيا التي تتمتع بأقوى دوري كروي وتفوز أنديتها ببطولات أوروبا، فشلت في الفوز بكأس العالم التي اخترعتها. نجحت الأندية الإنجليزية في تجنيد مئات اللاعبين الأجانب في أنديتها ودفعت المليارات في شرائهم – مثلما تدفع الجيوش للمرتزقة – لكنها فشلت في الفوز على مدى نصف قرن.

      * الموهبة الفطرية لا تكفي
      لعب لفرق أمريكا الجنوبية وأفريقيا أكثر اللاعبين شهرة وموهبة، ودرب فرق البرازيل والأرجنتين نجوم تألقوا في الماضي القريب، لكن المواهب الكروية مثل الموارد الطبيعية تحتاج لمن يحسن استثمارها. في العالم العربي موارد طبيعية لا تنضب، ومواهب علمية ورياضية وثقافية عملاقة، ولكن بدون تنسيق واستثمار فعال، وبلا تعاون وروح فريق، وفي غياب حرية التفكير والتعبير، لن تستطيع المواهب الكثيرة استثمار الموارد الوفيرة، فتكون النتيجة هدر الاثنتين معًا.

      * القائد ليس نصف الفريق، بل هو الفريق كله
      قال نابليون: "جيش من الأرانب يقوده أسد، خير من جيش من الأسود يقوده أرنب." لقد كان مدربو أسبانيا وألمانيا وهولندا وأروجواي وغانا أسودًا. في حين كان مدرب فرنسا عصبيًا وعنصريًا، واهتم "مارادونا" بساعاته وملابسه ومهاراته الفردية وهو يلاعب الكرة ليسعد الجماهير. خطف الأضواء من لاعبيه وسلطها على نفسه، وتفاعل مع الجماهير أكثر من اللاعبين، وركز على الإعلام أكثر من الملعب. في كرة القدم، كما في الأسواق والحياة، الفرص الضائعة لا تحتسب، والأخطاء القاتلة لا تغتفر. وهناك أربعة أشياء لا تتوقف: الوقت وحركة الكرة ومشاعر الجماهير وأفكار المدرب. والأخير هو القائد، وهو من يحدد تفاعلات ومخرجات العناصر الثلاثة الأولى.

      * الثقافة المحيطة والسلوك الجمعي يحددان النجاح
      لا يمكن عزل كرة القدم والاقتصاد وأداء الأسواق عن البيئة المحيطة والثقافة السائدة؛ فلا يمكن أن تكون عبدًا وتبدع، ومنافقًا وتقنع، وجائعًا وتشبع. عندما نقارن نتائج فريق كوريا الجنوبية بنتائج فريق كوريا الشمالية ندرك أن الحرية والعدل وتداول السلطة وتحمل المسؤولية ليست نتاج قوانين تفرض وخطابات تعرض، بل هي مصدر الحرية للموارد البشرية ومصدر احترام الذات والآخر الذي يعزز ثقة الإنسان بنفسه، وثقة الناس بعضهم ببعض. وهذا هو مصدر رأس المال الاجتماعي الذي تنبع منه روح كل فريق فعال وناجح. فعندما نقارن بين نتائج فريقي "غانا" و"نيجيريا"، نجد "غانا" القادمة من أجواء الديمقراطية والحرية والشفافية والرؤية القيادية تحصد النجاح، و"نيجيريا" القادمة من أجواء الفساد والفوضى والمحسوبية والعنصرية تخرج من الدور الأول وتمنى بالفشل.
      نسيم الصمادي


    12. #72
      التسجيل
      28-02-2012
      المشاركات
      95
      المواضيع
      40
      شكر / اعجاب مشاركة

      Arrow أزمة "تويوتا" الصمود مثل الصعود؛ يحتاج لجنود وجهود ونقود

      أزمة "تويوتا" الصمود مثل الصعود؛ يحتاج لجنود وجهود ونقود


      عندما صدر كتاب "جيم كولنز"، "هكذا يسقط العظماء"، في منتصف عام 2009 كان الفأس قد وقع في الرأس، لأن أزمة الاقتصاد العالمي كانت قد تفاقمت. ومع ذلك فإنه يمكن لقيادات شركة "تويوتا" إعادة قراءة مفردات أزمتها الحالية على ضوء نظرية "كولنز" حول أسباب وكيفية سقوط الكبار!
      يحدد "كولنز" وفريقه خمسة أسباب للسقوط؛ وعلى الرغم من أن هناك من يدعي أن أباطرة صناعة السيارات والحكومة في أمريكا يحاولون انتهاز فرصة تعثر "تويوتا" ليعطوا دفعة قوية للشركات الأمريكية المنافسة على حساب الشركات اليابانية، فإن هذا لا يعفي "تويوتا" ومدرسة الإدارة اليابانية من المسؤولية.
      المراحل الخمس للسقوط هي: غرور النجاح، والتوسع المحموم، وتجاهل الأخطار، ومحاولة إصلاح العرض لا المرض، وأخيرًا الاستسلام. لقد اعترت "تويوتا" حالة من الغطرسة المفرطة منذ أن أصبحت شركة السيارات الأولى في العالم؛ فبدأت تهتم بالكم على حساب الكيف، وبفتح أسواق جديدة على حساب الجودة، وأصيبت إدارتها العليا بحالة من العجرفة وتضخم الذات، بالإضافة إلى التقليل من شأن المنافسين، ونسيان أن العميل هو الأساس، وأن الجودة تنبع من التخطيط والتنفيذ الفعال ولا تقوم على المسلمات والنظريات.
      كان واضحًا أن تصميمات وأداء سيارت "تويوتا" بدأت تتراجع منذ مطلع هذا القرن، حتى صرنا نرى السيارات الألمانية واليابانية والأمريكية وحتى السيارات الكورية تتفوق عليها باللمسات الجمالية الداخلية والخارجية. ولم يكن أحد يتصور أن تعاني سيارات "ليكزاس" التي بنيت على المئات من براءات الاختراع من أخطاء هندسية وفنية ساذجة.
      "تويوتا" لم تدخل غرفة الإنعاش بعد، لأنها اعترفت ببعض أخطائها، مما يعني أنها ما زالت على أعتاب مرحلة السقوط الرابعة. لكن المؤكد أيضًا أن مشكلاتها التسويقية وأخطاءها في العلاقات العامة لم تأت لأسباب خارجية، لأن عجز "تويوتا" عن توصيل رسائلها إلى عملائها ووكلائها ومنافسيها هو انعكاس لمشكلات اتصال داخلية بين مستوياتها الإدارية المتعددة. ولولا تجوال كبار قادتها في العالم، واعتذارهم للعملاء، لكانت فقدت مصداقيتها تمامًا ودخلت مرحلة الموت البطيء.
      الدرس الأول المستفاد من أزمة "تويوتا" هو أن الشفافية هي الطريق الوحيد إلى المصداقية، وأن الجودة لا تدوم دون إيمان قاطع بعوائدها وفوائدها. لكن الدرس الأهم هو إدراك "تويوتا" أنها ليست ضحية. الضحايا هم عملاؤها الذين اشتروا سياراتها، ووكلاؤها الذين ربطوا مستقبلهم بها، وموردوها الذين تبنوا استراتيجياتها، وثقافة "كايزن" والجودة اليابانية التي كانت مفخرة فصارت "مسخرة". فليس في هذا العالم المضطرب من هو أكبر من الحقيقة؛ والحقيقة هي أن: "الصمود مثل الصعود؛ يحتاج لجنود وجهود ونقود".
      نسيم الصمادي

    13. #73
      التسجيل
      28-02-2012
      المشاركات
      95
      المواضيع
      40
      شكر / اعجاب مشاركة

      Arrow من سيدرب الرئيس القادم؟

      من سيدرب الرئيس القادم؟





      من الواضح أن انتخابات الرئاسة المصرية لن تفرز قائدًا شاملاً يمكنه نقل "مصر" إلى مصاف الدول المتقدمة أو حتى المنافسة عبر السنوات الأربع القادمة. فكما يبدو أن المرشحين يفتقدون للرؤية والكاريزما ومواطن القوة المطلوبة للقيادة. ومن واقع مناظرة "موسى" و"أبو الفتوح"، اتضح أن المرشحين بحاجة للتدريب على مهارات الاتصال والحوار، حتى إن "عمرو موسى" لم يكن يفرق بين السؤال والإجابة. فعندما كان يحين دوره لكي يجيب، كان يسأل، وكان يجيب عندما كان يجب أن يسأل! وحتى "عبدالمنعم أبو الفتوح" الذي كنت أظنه قائدًا كاريزميًا تبين أنه يفتقد لذكاء الحوار، ويعاني من ضعف شديد في الحضور الذهني.

      فوجئت أن "أبا الفتوح" لم يجب عن سؤال: "كيف تنقل موظفًا من مطار "القاهرة" إلى "الجيزة" في 45 دقيقة؟" وتوقعت عندما جاء دور "عمرو موسى" ليجيب عن السؤال، أنه سينتهز الفرصة ويوجه ضربة ذكية لمنافسة، لكنه تظاهر بنسيان السؤال وعجز عن ابتكار إجابة مقنعة؛ وراح يلف ويدور في كلام إنشائي سبق وأن أعاده وزاده دون معنى.

      مرشحو الرئاسة اليوم، وغدًا عندما يعتلي أحدهم سدة الرئاسة بحاجة إلى تدريب على أيدي خبراء ومستشارين يضعون لهم سيناريوهات للتخطيط والتوقع، ونظم اتخاذ قرار فعالة. فمن المؤسف ألا يستطيع خبير ومفاوض ووزير خارجية عجوز، وأمين عام سابق لما يسمى جامعة عربية، اقتراح حل سطحي لمشكلة المواصلات في "مصر"، وكيف لم ينتبه إلى أن خط مترو الأنفاق قد وصل أطراف مصر الجديدة، وصار على بعد عشرة كيلومترات من مطار "القاهرة"، ويمكن استكماله في عشرة أشهر لنقل موظف غلبان من المطار إلى "الجيزة"، التي وصلها مترو الأنفاق (من زمان!).

      لأية مشكلة في العالم حلول اقتصادية وأخرى هندسية وثالثة نفسية. الحل الهندسي هو استكمال مترو الأنفاق، والحل الاقتصادي هو بناء عاصمة جديدة لـ"مصر" بمطار جديد وشبكة مواصلات جديدة وأيضًا برئيس ذي فكر جديد. ويمكن للحل الاقتصادي أن يشمل رفع أسعار البنزين عالي الجودة برفع الدعم عنه ليتوقف أصحاب السيارات من متوسطي الدخل عن استخدام سياراتهم الخاصة، ليركبوا وسائل النقل العامة، بشرط أن تكون محترمة.

      أما البديل الثالث؛ أي الحل النفسي، فهو لا يتطلب سوى النظر للأمور من زاوية جديدة. لأن توفير حافلات فارهة بخدمة متميزة، حافلات مزودة ببعض الرفاهية والأفلام الوثائقية والمجلات والكتب، فيها أطقم خدمة مدربة ونظيفة، يمكن أن تعبر زحام "القاهرة" إلى "الجيزة" في ساعة وبعض ساعة من الزمن في عز الظهر، لكن راكبيها سواء كانوا موظفين أو سائحين لن يشعروا بالوقت لو كانت وسيلة المواصلة راقية، والخدمة محترمة، في شوارع يحترم فيه السائقون والراكبون ثقافة المرور وأولوياته وأخلاقياته.

      قبل عقد من الزمن كنت في حوار مع الإعلامي "جمال الشاعر"، وعندما تحدثت عن إدارة التغيير سألني: "هلّا أعطيت المشاهدين مؤشرًا واحدًا لو حدث في "مصر" نستطيع أن نقول بأن تغييرًا حقيقيًا بدأ يحدث على أرض الواقع؟" فأجبته بسرعة: "نستطيع أن نقول بأن "مصر" تتغير عندما نرى السيارات تسير في الشارع، والناس يمشون على الرصيف." فمن الظواهر المؤسفة في "القاهرة" أن يسير الناس دون نظام في نهر الشارع، بينما تربض السيارات على الأرصفة المتكسرة. فما كان من "جمال" إلا أن قال: "والله هذا تغيير صعب ولا أظنه سيحدث على المدى المنظور!"

      التغيير صعب، ولن يتحقق إلا باختيار الشعب المصري العظيم لقائد عظيم. قائد يسمع ويقرأ ويحاور ويشاور ويغير ويطور، ويعترف بنقاط ضعفه فيعوضها بمساعدين أمينين، ويدرك نقاط قوته فيستثمرها أيضًا بقوة. ولذا أنصح قائد "مصر" القادم بأن يتلقى تدريبًا مكثفًا على مبادىء وتقنيات القيادة على أيدي رؤساء وقادة عالميين سابقين، وهذا ليس عيبًا. كما أنصحه بأن يسمع حلقات "الإدارة في السيارة" التي أنتجناها في (إدارة.كوم) لكي يفرق بين السياسة والفهلوة، وبين الإدارة والقيادة. ونحن مستعدون أن نقدم لفريق الرئاسة مجموعات من "الإدارة في السيارة"، و"إلهام على مدار العام"، بالإضافة إلى "إحاطات القياديين والمديرين" المصممة للشخصيات المسؤولة والمشغولة.

      الحلول النفسية تحتاج إلى تغيير زاوية الرؤية، دون حاجة لإعادة اختراع العجلة. تحتاج إلى تغيير في المنظور والإدراك وإلى تصور شامل للواقع والحياة. والرئيس الذي لا يملك هذه القدرات، ولا يتمتع بخيال جامح، سيكون عمره الرئاسي قصيرًا، وتأثيره محدودًا وصغيرًا. ومع هذا، فإنه يمكن لأي رئيس أن يحقق نجاحًا مشهودًا إذا ما قرر فعلاً وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، ومارس التمتين في التفاوض والتفويض، وحصل لنفسه وفريقه على التدريب الكافي.

      نسيم الصمادي


    14. #74
      التسجيل
      28-02-2012
      المشاركات
      95
      المواضيع
      40
      شكر / اعجاب مشاركة

      Arrow امـلأ الفـــراغ!

      امـلأ الفـــراغ!





      يام المدرسة، كانت طريقة "املأ الفراغ" واحدة من أفضل طرق التعليم وأسهلها في مساعدتنا على الحفظ. كان المعلم يدخل "الصف" أو الفصل ويكتب القصيدة على اللوح الأسود، ويقرأها على مسامعنا فنرددها وراءه عدة مرات؛ ثم يبدأ بحذف كلمة من كل بيت شعر، ويطلب منا أن نكرر القراءة متخيلين مكان ومعنى الكلمات المحذوفة، وهكذا .. وما أن ينتهي الدرس حتى يكون معظمنا قد حفظ القصيدة. وفي الامتحانات، كنا نتسلم الأسئلة ونفرح كثيرًا لسؤال "املأ الفراغ" نظرًا إلى سهولة الإجابة عليه.

      هذه الأيام، تزخر وسائل الإعلام بأخبار السياسيين والرياضيين والاقتصاديين الذين يخالفون القوانين، وتمتلئ صفحات المال والأعمال بانتهاكات الشركات الكبرى للبيئة وباختلاسات كبار التنفيذيين الذين أعماهم الطمع وغلبهم الجشع. ولا تخلو صفحات التعليم من طلاب يغشون في الامتحانات أو يزورون الشهادات. ومن المؤكد أن هؤلاء الأفاقين والغشاشين يظنون أنهم ينجحون بأقل جهد وثمن وفي أقصر وقت؛ ولكنهم لا يدركون أن السلوك الأخلاقي هو الإستراتيجية الوحيدة الفعالة والفائزة في الحياة.

      شاهدت أواخر الشهر الماضي حالة غش صارخة في أحد فنادق دبي. كنت على باب الفندق أنتظر مفتاح سيارتي بعدما ذهب الموظف لإحضارها من موقف السيارات. وأثناء الانتظار، وصلت سيارة "رينج روفر" أحدث موديل وترجلت عن صهوتها امرأة فارعة الطول وفائقة الجمال تبدو في العقد الخامس من عمرها، يوحي مظهرها بأنها سيدة أعمال ناجحة أو تنتمي لأسرة تجارية ثرية؛ فقد كانت تبدو وكأنها تمتلك كل شيء - السيارة الفارهة، والجمال الصارخ، والطول الفارع، والموبايل اللامع.

      ألقت السيدة بمفاتيح سيارتها بكل ثقة، وهي منهمكة في مكالمة "موبايلية" أو هكذا تظاهرت، ودخلت الفندق من بابه الواسع. وبعد دقيقتين أو أقل، كنت أقود سيارتي ملتفًا حول الفندق في الشارع الخلفي في طريقي إلى اجتماع، فوجدت تلك السيدة تخرج من باب الفندق الضيق الخلفي، وتدخل مبنى حكوميًا عملاقًا، وكانت ما تزال منشغلة بمكالمتها الهاتفية، دون التفات أو اهتمام بأي كان.

      كان واضحًا أنها تعتبر نفسها متميزة وذكية وهي تلعب مع الفندق تلك اللعبة اللاأخلاقية؛ فهي تأتي بكل ثقتها المصطنعة وبأهميتها المفتعلة وتوقف سيارتها في مكان ظليل آمن، ثم تذهب إلى عملها أو اجتماعاتها، موهمة القائمين على خدمة إيقاف السيارات أنها تدخل الفندق للعمل أو للترفيه، في حين أنها تستغل أو تسرق وقت الفندق وموارده وساحاته وتأخذ مكانًا ليس من حقها لمجرد أن سيارتها مميَزة، وجمالها أخاذ.

      عدت مساءً إلى الفندق وتحدثت إلى المدير المناوب موضحًا ما ساورني من شكوك - لاسيما أنها كانت تتظاهر بالثقة بالنفس وتتصرف بثقة مصطنعة - لأن مبالغتها في مظهرها الخارجي وعدم التفاتها لأحد هي أعراض سلوك غير أخلاقي يتم تغليفه بالذكاء والدهاء والشطارة، وكأنه جزء أو نمط من أنماط حياتنا الزائفة والمشحونة بنفخة كذابة تدل على فراغ روحي مؤلم.

      لكل منا نقاط ضعف ونقائص وثغرات سلوكية تهزنا من الداخل؛ وهي فجوات تمتد في تلك المسافة الفاصلة بين ما نقول وبين ما نفعل، كما أنها نتاج فراغ داخلي يعمق الفجوة بين معتقداتنا وبين تصرفاتنا. فهل هناك مصدر أو منفذ أو علاج يمكن أن يزيدنا نضجًا أو يردعنا ويحول بيننا وبين نقائصنا، كي نسد بعض الثغرات المؤلمة في دواخلنا؟!
      هناك ثلاثة مصادر تتفاوت في قوتها ومستوى تأثيرها ألا وهي:

      - أولاً القانون، وهو ملزم فعندما نخالفه نخضع للعقاب أو نُحرَم من الثواب. فعندما نتجاوز السرعة المقررة أو نكسر الإشارة الحمراء، فإننا نخالف القانون ونضع أنفسنا تحت طائلته، حتى وإن لم نؤذِ أحدًا غيرنا.

      - ثانيًا العرف وقواعد السلوك، وهي تبدو في الظاهر أخف وطأة من القانون حيث يمكن أن نخالفها دون أن نخضع للعقاب؛ مع أن العكس هو الصحيح لأن هامش الحرية في الاختيار يُلقي على عاتقنا حملاً أكبر من المسؤولية، فيضيف إلى مخالفة القانون العام مخالفة قانوننا الخاص. فعندما يمنحنا المجتمع هامشًا أوسع من الحرية، فإنه يكبلنا بقيود المسؤولية.

      - أما المصدر الثالث فهو لا يقبل القسمة على اثنين. فهو ليس قانونًا عامًا، ولا عرفًا اجتماعيًا؛ ويمكننا أن نخالفه و نلغيه دون أن يرانا أو يحاسبنا أحد، لكنه الأوفى والأصفى لأنه المسؤولية بعينها حيث إن هامش الاختيار فيه لانهائي، مما يجعل ملء الفراغ فيه أمرًا في غاية الصعوبة، كما تحتاج ثقوبه وندوبه إلى سنوات من الكفاح والإصلاح لكي تلتئم إنه الضمير.

      لا يمكن لقانون البشر أن يعلو على قوانين الأخلاق؛ فسواء أكنت تركب "رينج روفر" أم "جامبو جت"، وسواء أكنت تتكلم من موبايل أكله الصدأ أم من موبايل مرصع بالجواهر، فإن النجاح في جوهره كان وسيظل تلك المحاولة الإنسانية الواعية والدءوبة للثم جراح الروح وفراغات الضمير، حتى تنعدم الفجوة بين ما نبدو عليه في الظاهر، وما يمكن أن نكون عليه في الداخل.

      نسيم الصمادي


    15. #75
      التسجيل
      28-02-2012
      المشاركات
      95
      المواضيع
      40
      شكر / اعجاب مشاركة

      Arrow الـعشرة تساوي مائة!

      الـعشرة تساوي مائة!



      شعوريًا وسلوكيًا وحسابيًا وطبيًا وفعلاً وممارسة؛ أصبحت العشرة بالمائة، مائة بالمائة. وأظنه "تشارلز سويندل" الذي قال: "الحياة هي 10% ما يحدث لنا، و 90% هي كيف نستجيب لما يحدث لنا." قرأت هذه العبارة قبل 20 عامًا، وكنت أظنها تعبيرًا مجازيًا وقولاً تحفيزيًا لا أكثر. ولكنها تحولت يوم الجمعة الموافق 13/4/2012 إلى حقيقة مؤكدة لا تحتمل الرفض ولا تقبل النقض.

      كنت في اليوم السابق مسافرًا من "الرياض" إلى "عمّان"، واستأجرت سيارة من المطار، وفي نيتي السفر إلى "القاهرة" بعد 48 ساعة، إذ كنت قد حولت وجهتي فجأة لأمر عبر "الأردن" وأرى والدتي. قدت السيارة حتى جبال "عجلون" عابرًا غاباتها الخلابة، ومستمتعًا بأواخر أيام الربيع وخضرته المنعشة. وفي الطريق هاتفت صديقًا أفيده بوصولي، فاقترح أن يأتي مع ثلة من الأصحاب إلى بيتي الريفي المطل على وادي النوم، لأعرض لهم آخر تطورات نظرية التمتين وآخر ما كتبته فيه.

      يقول المتطيرون بأن يوم الجمعة عندما يصادف الثالث عشر من أي شهر، يكون يوم شؤم. وكان سهلاً أن أصدق المتشائمين، عندما استيقظت صباح ذلك اليوم أكاد لا أرى شيئًا. نظرت من النافذة إلى الوادي العميق، فلم أر إلا آفاقا مرتشعة وصورًا مشوشة. غسلت وجهي بالماء البارد، ثم الساخن، ولم أر شيئًا. كنت أعرف أن قدرة الإبصار في عيني اليسرى لا تتجاوز 15%. وعندما أغلقتها اسودت المرآة، وخيم ظلام دامس ملفوف بزرقة داكنة. فأدركت أن عيني اليمنى أصبحت خارج الخدمة. فهل كان يوم الجمعة مشؤومًا حقًا؟

      العكس هو الصحيح! في ذلك اليوم جلست إلى والدتي، واستمتعت بصحبة أهلي وأحبائي وأصدقائي، وحمدت الله أنني رأيت كل من وما أحب. حمدت الله لأن انفصال شبكية العين لم يحدث إلا بعد العودة إلى بلدي بساعات، ولأن كتيبة من الأصحاب راحت تبحث لي عن أفضل طبيب عيون في "الأردن" حتى وصلت إلى الدكتور "أحمد حسونة"، ولأنني قدت سيارتي في اليوم السابق على سفوح الجبال وبين الأودية والشعاب دون أن أتعرض لحادث لم أكن لأدرك سببه. أما أكبر النعم فهي أن يحدث كل هذا وأنا في أحضان والدتي، بدلاً من غياهب الغربة.

      صباح هذا اليوم، وبعد إجراء العملية بثلاثة أسابيع، ضحكت لأنني كسرت فنجان القهوة فارغًا وقبل أن أملأه. ويوم أمس، ابتسمت لأنني سكبت الشاي خارج الكوب، وكان هذا أول مؤشر على نجاح العملية. فأن أرى الأكواب والفناجين ولو أقرب قليلاً مما أظن، يعني أنني صرت أرى. وعندما اتصل بي أحد أبناء العمومة متسائلاً إن كان يمكنه التبرع لي بشبكية عينه، قلت له مازحًا: "هذا مستحيل، فالشبكية ملتصقة بالمخ، ولا أقبل أن أضع مخك مكان مخي." وضحكنا وكأننا نشاهد مسرحية "الآن فهمتكم."

      عندما يخبرك الطبيب بأن قوة إبصارك هي 15% فقط من عينك اليسرى، وأن العملية الجراحية التي أجريتها في العين اليمنى من أكبر وأخطر عمليات العيون، فهذا يعني أنك فقدت 85% من بصرك، لكنك لم تفقد شيئًا من بصيرتك. فما دمت تملك بصيرة نافذة، وموقفًا سلوكيًا إيجابيًا تجاه ما حدث، وما يمكن أن يحدث، فإن الخمسة عشرة بالمائة تصبح في منظورك مائة بالمائة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. ففيها ترى النور، وترى الناس، وتعيد رسم الواقع وتشكيله وتلوينه لتخرجه أجمل مما كان.

      وها أنذا اليوم أكتب مقالي بطريقة اللمس، وبنفس سرعتي المعهودة، لأنني تعلمت الضرب على الآلة الكاتبة منذ صغري. وأخاطب زملائي وأصدقائي بالصوت والصورة عبر "سكايب" دون أن أضطر للقراءة. وطلبت من الجميع أن يكتبوا لي بخطوط كبيرة لا تقل عن بنط (18). وأخبرني صديق حميم بأن في الويندوز خاصية تكبر كل شيء، فتحولت شاشة الكمبيوتر إلى "آيباد" كبير. لكن التكنولوجيا ليست هي الحل. فالموقف السلوكي والنظرة الإيجابية هما كل شيء.

      التفكير الإيجابي هو الذي جعلني أتذكر قانون "باريتو" لأطبق (مبدأ القلة القوية والكثرة الضعيفة) على أفكاري وإبصاري. فعندما تفقد 80% من أي شيء (الكثرة الضعيفة) تصبح الـ 20% الباقية (القلة القوية) هي كل ما تملك؛ فهي تساوي 100% بالنسبة لك ولنمط حياتك الجديد. الموقف السلوكي الإيجابي أهم من الحقائق المجردة، ومن الماضي والظروف، بل هي أهم من النجاح نفسه، ومما يراه الآخرون ومن المواهب والمهارات، ومن الاحتمالات والأمنيات. لقد ذهب الماضي وانتهى، ويبقى المستقبل دائمًا قادمًا بكل تحدياته ومعادلاته. ومن يستطيع أن يجعل العشرة تساوي مائة، يستطيع أيضًا أن يبتسم وهو يحتضن اللحظات التي كانت تظنه قد يبكي.

      نسيم الصمادي



    صفحة 5 من 6 الأولىالأولى 123456 الأخيرةالأخيرة

    المواضيع المتشابهه

    1. الجانب الأسود للأعمال الخضراء
      بواسطة : ranasamaha , في التحليلات السياسية
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 21-03-2012, 08:59 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •