صفحة 7 من 9 الأولىالأولى ... 23456789 الأخيرةالأخيرة
النتائج 91 إلى 105 من 127

الموضوع: أحسن وأفضل القصص في الدنيا

  1. #91
    الصورة الرمزية Amarant
    Amarant غير متصل Emotional Designer
    الفائز الأول في مسابقة تصميم العملة النقدية
    التسجيل
    22-10-2004
    المشاركات
    5,905

    مشاركة: أحسن وأفضل القصص في الدنيا

    قصة البقرة:

    بدأت أيام التيه. بدأ السير في دائرة مغلقة. تنتهي من حيث تبدأ،وتبدأ من حيث تنتهي، بدأ السير إلى غير مقصد. ليلا ونهارا وصباحا ومساء. دخلواالبرية عند سيناء.

    مكث موسى في قومه يدعوهم إلى الله. ويبدو أن نفوسهم كانت ملتويةبشكل لا تخطئه عين الملاحظة، وتبدو لجاجتهم وعنادهم فيما يعرف بقصة البقرة. فإنالموضوع لم يكن يقتضي كل هذه المفاوضات بينهم وبين موسى، كما أنه لم يكن يستوجب كلهذا التعنت. وأصل قصة البقرة أن قتيلا ثريا وجد يوما في بني إسرائيل، واختصم أهلهولم يعرفوا قاتله، وحين أعياهم الأمر لجئوا لموسى ليلجأ لربه. ولجأ موسى لربه فأمرهأن يأمر قومه أن يذبحوا بقرة. وكان المفروض هنا أن يذبح القوم أول بقرة تصادفهم. غير أنهم بدءوا مفاوضتهم باللجاجة. اتهموا موسى بأنه يسخر منهم ويتخذهم هزوا،واستعاذ موسى بالله أن يكون من الجاهلين ويسخر منهم. أفهمهم أن حل القضية يكمن فيذبح بقرة.

    إن الأمر هنا أمر معجزة، لا علاقة لها بالمألوف في الحياة، أوالمعتاد بين الناس. ليست هناك علاقة بين ذبح البقرة ومعرفة القاتل في الجريمةالغامضة التي وقعت، لكن متى كانت الأسباب المنطقية هي التي تحكم حياة بني إسرائيل؟إن المعجزات الخارقة هي القانون السائد في حياتهم، وليس استمرارها في حادث البقرةأمرا يوحي بالعجب أو يثير الدهشة.

    لكن بني إسرائيل هم بنو إسرائيل. مجرد التعامل معهم عنت. تستوي فيذلك الأمور الدنيوية المعتادة، وشؤون العقيدة المهمة. لا بد أن يعاني من يتصدى لأمرمن أمور بني إسرائيل. وهكذا يعاني موسى من إيذائهم له واتهامه بالسخرية منهم، ثمينبئهم أنه جاد فيما يحدثهم به، ويعاود أمره أن يذبحوا بقرة، وتعود الطبيعةالمراوغة لبني إسرائيل إلى الظهور، تعود اللجاجة والالتواء، فيتساءلون: أهي بقرةعادية كما عهدنا من هذا الجنس من الحيوان؟ أم أنها خلق تفرد بمزية، فليدع موسى ربهليبين ما هي. ويدعو موسى ربه فيزداد التشديد عليهم، وتحدد البقرة أكثر من ذي قبل،بأنها بقرة وسط. ليست بقرة مسنة، وليست بقرة فتية. بقرة متوسطة.

    إلى هنا كان ينبغي أن ينتهي الأمر، غير أن المفاوضات لم تزلمستمرة، ومراوغة بني إسرائيل لم تزل هي التي تحكم مائدة المفاوضات. ما هو لونالبقرة؟ لماذا يدعو موسى ربه ليسأله عن لون هذا البقرة؟ لا يراعون مقتضيات الأدبوالوقار اللازمين في حق الله تعالى وحق نبيه الكريم، وكيف أنهم ينبغي أن يخجلوا منتكليف موسى بهذا الاتصال المتكرر حول موضوع بسيط لا يستحق كل هذه اللجاجةوالمراوغة. ويسأل موسى ربه ثم يحدثهم عن لون البقرة المطلوبة. فيقول أنها بقرةصفراء، فاقع لونها تسر الناظرين.

    وهكذا حددت البقرة بأنها صفراء، ورغم وضوح الأمر، فقد عادوا إلىاللجاجة والمراوغة. فشدد الله عليهم كما شددوا على نبيه وآذوه. عادوا يسألون موسىأن يدعو الله ليبين ما هي، فإن البقر تشابه عليهم، وحدثهم موسى عن بقرة ليست معدةلحرث ولا لسقي، سلمت من العيوب، صفراء لا شية فيها، بمعنى خالصة الصفرة. انتهت بهماللجاجة إلى التشديد. وبدءوا بحثهم عن بقرة بهذه الصفات الخاصة. أخيرا وجدوها عنديتيم فاشتروها وذبحوها.

    وأمسك موسى جزء من البقرة (وقيل لسانها) وضرب به القتيل فنهض منموته. سأله موسى عن قاتله فحدثهم عنه (وقيل أشار إلى القاتل فقط من غير أن يتحدث) ثم عاد إلى الموت. وشاهد بنو إسرائيل معجزة إحياء الموتى أمام أعينهم، استمعوابآذانهم إلى اسم القاتل. انكشف غموض القضية التي حيرتهم زمنا طال بسبب لجاجتهموتعنتهم.

    نود أن نستلفت انتباه القارئ إلى سوء أدب القوم مع نبيهم وربهم،ولعل السياق القرآني يورد ذلك عن طريق تكرارهم لكلمة "ربك" التي يخاطبون بها موسى. وكان الأولى بهم أن يقولوا لموسى، تأدبا، لو كان لا بد أن يقولوا: (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ) ادع لنا ربنا. أما أن يقولوا له: فكأنهميقصرون ربوبية الله تعالى على موسى. ويخرجون أنفسهم من شرف العبودية لله. انظر إلىالآيات كيف توحي بهذا كله. ثم تأمل سخرية السياق منهم لمجرد إيراده لقولهم: (الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ) بعد أن أرهقوا نبيهم ذهابا وجيئة بينهم وبين الله عز وجل، بعد أن أرهقوا نبيهمبسؤاله عن صفة البقرة ولونها وسنها وعلاماتها المميزة، بعد تعنتهم وتشديد اللهعليهم، يقولون لنبيهم حين جاءهم بما يندر وجوده ويندر العثور عليه في البقرعادة.

    ساعتها قالوا له: "الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ". كأنه كان يلعب قبلها معهم، ولم يكن ما جاءهو الحق من أول كلمة لآخر كلمة. ثم انظر إلى ظلال السياق وما تشي به من ظلمهم: (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْيَفْعَلُونَ) ألا توحي لك ظلال الآيات بتعنتهم وتسويفهم ومماراتهم ولجاجتهمفي الحق؟ هذه اللوحة الرائعة تشيبموقف بني إسرائيل على موائد المفاوضات. هي صورتهمعلى مائدة المفاوضات مع نبيهم الكريم موسى.

  2. #92
    الصورة الرمزية Amarant
    Amarant غير متصل Emotional Designer
    الفائز الأول في مسابقة تصميم العملة النقدية
    التسجيل
    22-10-2004
    المشاركات
    5,905

    مشاركة: أحسن وأفضل القصص في الدنيا

    إيذاء بني إسرائيل لموسى:

    قاسى موسى من قومه أشد المقاساة، وعانى عناء عظيما، واحتمل فيتبليغهم رسالته ما احتمل في سبيل الله. ولعل مشكلة موسى الأساسية أنه بعث إلى قومطال عليهم العهد بالهوان والذل، وطال بقاؤهم في جو يخلو من الحرية، وطال مكثهم وسطعبادة الأصنام، ولقد نجحت المؤثرات العديدة المختلفة في أن تخلق هذه النفسيةالملتوية الخائرة المهزومة التي لا تصلح لشيء. إلا أن تعذب أنبيائها ومصلحيها.

    وقد عذب بنو إسرائيل موسى عذابا نستطيع -نحن أبناء هذا الزمان- أنندرك وقعه على نفس موسى النقية الحساسة الكريمة. ولم يقتصر العذاب على العصيانوالغباء واللجاجة والجهل وعبادة الأوثان، وإنما تعدى الأمر إلى إيذاء موسى فيشخصه.

    قال تعالى:

    يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُمِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا(69) (الأحزاب)

    ونحن لا تعرف كنه هذا الإيذاء، ونستبعد رواية بعض العلماء التييقولون فيها أن موسى كان رجلا حييا يستتر دائما ولا يحب أن يرى أحد من الناس جسدهفاتهمه اليهود بأنه مصاب بمرض جلدي أو برص، فأراد الله أن يبرئه مما قالوا، فذهبيستحم يوما ووضع ثيابه على حجر، ثم خرج فإذا الحجر يجري بثيابه وموسى يجري وراءالحجر عاريا حتى شاهده بنو إسرائيل عاريا وليس بجلده عيب. نستبعد هذه القصةلتفاهتها، فإنها إلى جوار خرافة جري الحجر بملابسه، لا تعطي موسى حقه من التوقير،وهي تتنافى مع عصمته كنبي.

    ونعتقد أن اليهود آذوا موسى إيذاء نفسيا، هذا هو الإيذاء الذييدمي النفوس الكريمة ويجرحها حقا، ولا نعرف كيف كان هذا الإيذاء، ولكننا نستطيعتخيل المدى العبقري الآثم الذي يستطيع بلوغه بنو إسرائيل في إيذائهم لموسى.

    فترة التيه:

    ولعل أعظم إيذاء لموسى، كان رفض بني إسرائيل القتال من أجل نشرعقيدة التوحيد في الأرض، أو على أقل تقدير، السماح لهذه العقيدة أن تستقر على الأرضفي مكان، وتأمن على نفسها، وتمارس تعبدها في هدوء. لقد رفض بنو إسرائيل القتال. وقالوا لموسى كلمتهم الشهيرة: (فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَاقَاعِدُونَ).

    وبهذه النفسية حكم الله عليهم بالتيه. وكان الحكم يحدد أربعينعاما كاملة، وقد مكث بنو إسرائيل في التيه أربعين سنة، حتى فني جيل بأكمله. فنىالجيل الخائر المهزوم من الداخل، وولد في ضياع الشتات وقسوة التيه جيل جديد. جيل لميتربى وسط مناخ وثني، ولم يشل روحه انعدام الحرية. جيل لم ينهزم من الداخل، جيل لميعد يستطيع الأبناء فيه أن يفهموا لماذا يطوف الآباء هكذا بغير هدف في تيه لا يبدوله أول ولا تستبين له نهاية. إلا خشية من لقاء العدو. جيل صار مستعدا لدفع ثمنآدميته وكرامته من دمائه. جيل لا يقول لموسى (فَاذْهَبْ أَنتَوَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ).

    جيل آخر يتبنى قيم الشجاعة العسكرية، كجزء مهم من نسيج أي ديانةمن ديانات التوحيد. أخيرا ولد هذا الجيل وسط تيه الأربعين عاما.

    ولقد قدر لموسى. زيادة في معاناته ورفعا لدرجته عند الله تعالى. قدر له ألا تكتحل عيناه بمرأى هذا الجيل. فقد مات موسى عليه الصلاة والسلام قبل أنيدخل بنو إسرائيل الأرض التي كتب الله عليهم دخولها.

    وقالرسولالله صلى الله عليه وسلم حينكان قومه يؤذونه في الله: قد أوذي موسى بأكثر من ذلك فصبر.

    ماتهارون قبل موسى بزمن قصير. واقتربأجل موسى، عليه الصلاة والسلام. وكان لم يزل في التيه. قال يدعو ربه: رب أدنني إلىالأرض المقدسة رمية حجر.

    أحب أن يموت قريبا من الأرض التي هاجر إليها. وحث قومه عليها. ولكنه لم يستطع، ومات في التيه. ودفن عند كثيب أحمر حدث عنه آخر أنبياء الله فيالأرض حين أسرى به. قالمحمد صلى الله عليه وسلم: لماأسري بي مررت بموسى وهو قائم يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر.

    تروي الأساطير عديدا من الحكايات حول موت موسى، وتحكي أنه ضرب ملكالموت حين جاء يستل روحه، وأمثال هذه الروايات كثيرة. لكننا لا نحب أن نخوض في هذهالروايات حتى لا ننجرف وراء الإسرائيليات التي دخلت بعض كتب التفسير.

    مات موسى -عليه الصلاة والسلام- في التيه، وتولىيوشع بن نونأمر بني إسرائيل.

  3. #93
    الصورة الرمزية Amarant
    Amarant غير متصل Emotional Designer
    الفائز الأول في مسابقة تصميم العملة النقدية
    التسجيل
    22-10-2004
    المشاركات
    5,905

    مشاركة: أحسن وأفضل القصص في الدنيا

    موسى والعبد الصالح:

    قال تعالى:

    وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُحَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) (الكهف)

    كان لموسى -عليه السلام- هدف من رحلته هذه التي اعتزمها،, وأنه كان يقصد من ورائها امرا، فهو يعلن عن تصميمه على بلوغمجمع البحرين مهما تكن المشقة، ومهما يكن الزمن الذي ينفه في الوصول. فيعبر عن هذاالتصميم قائلا (أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا).

    نرى أن القرآن الكريم لا يحدد لنا المكانالذي وقت فيه الحوادث، ولا يحدد لنا التاريخ، كما أنه لم يصرح بالأسماء. ولم يبينماهية العبد الصالح الذي التقاه موسى، هل هو نبي أو رسول؟ أم عالم؟ أمولي؟

    اختلف المفسرون في تحديدالمكان، فقيل إنه بحر فارس والروم، وقيل بل بحر الأردن أو القلزم، وقيل عند طنجة،وقيل في أفريقيا، وقيل هو بحر الأندلس.. ولا يقوم الدليل على صحة مكان من هذهالأمكنة، ولو كان تحديد المكان مطلوبا لحدده الله تعالى.. وإنما أبهم السياقالقرآني المكان، كما أبهم تحديد الزمان، كما ضبب أسماء الأشخاص لحكمةعليا.

    إن القصة تتعلق بعلم ليسهو علمنا القائم على الأسباب.. وليس هو علم الأنبياء القائم على الوحي.. إنما نحنأمام علم من طبيعة غامضة أشد الغموض.. علم القدر الأعلى، وذلك علم أسدلت عليهالأستار الكثيفة.. مكان اللقاء مجهول كما رأينا.. وزمان اللقاء غير معروف هوالآخر.. لا نعرف متى تم لقاء موسى بهذا العبد.

    وهكذا تمضي القصة بغير أنتحدد لك سطورها مكان وقوع الأحداث، ولا زمانه، يخفي السياق القرآني أيضا اسم أهمأبطالها.. يشير إليه الحق تبارك وتعالى بقوله: (عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَاآتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّاعِلْمًا) هو عبد أخفى السياق القرآنياسمه.. هذا العبد هو الذي يبحث عنه موسى ليتعلم منه.

    لقد خص الله تعالى نبيهالكريم موسى -عليه السلام- بأمور كثيرة. فهو كليم الله عز وجل، وأحدأولي العزم من الرسل، وصاحب معجزة العصا واليد، والنبي الذيأنزلت عليه التوراة دون واسطة، وإنما كلمه الله تكليما.. هذا النبي العظيم يتحول فيالقصة إلى طالب علم متواضع يحتمل أستاذه ليتعلم.. ومن يكون معلمه غير هذا العبدالذي يتجاوز السياق القرآني اسمه، وإن حدثتنا السنة المطهرة أنه هو الخضر -عليهالسلام- كما حدثتنا أن الفتى هويوشع بن نون، ويسير موسىمع العبد الذي يتلقى علمه من الله بغير أسباب التلقي الني نعرفها.

    ومع منزلة موسى العظيمةإلا أن الخضر يرفض صحبة موسى.. يفهمه أنه لن يستطيع معه صبرا.. ثم يوافق على صحبتهبشرط.. ألا يسأله موسى عن شيء حتى يحدثه الخضر عنه.

    والخضر هو الصمت المبهمذاته، إنه لا يتحدث، وتصرفاته تثير دهشة موسى العميقة.. إن هناك تصرفات يأتيهاالخضر وترتفع أمام عيني موسى حتى لتصل إلى مرتبة الجرائم والكوارث.. وهناك تصرفاتتبدو لموسى بلا معنى.. وتثير تصرفات الخضر دهشة موسى ومعارضته.. ورغم علم موسىومرتبته، فإنه يجد نفسه في حيرة عميقة من تصرفات هذا العبد الذي آتاه الله من لدنهعلما.

    وقد اختلف العلماء فيالخضر: فيهم من يعتبره وليا من أولياء الله، وفيهم من يعتبره نبيا.. وقد نسجتالأساطير نفسها حول حياته ووجوده، فقيل إنه لا يزال حيا إلى يوم القيامة، وهي قضيةلم ترد بها نصوص أو آثار يوثق فيها، فلا نقول فيها إلا أنه مات كما يموت عبادالله.. وتبقى قضية ولايته، أو نبوته.. وسنرجئ الحديث في هذه القضية حتى ننظر فيقصته كما أوردها القرآن الكريم.

    قام موسى خطيبا في بنيإسرائيل، يدعوهم إلى الله ويحدثهم عن الحق، ويبدو أن حديثه جاء جامعا مانعا رائعا.. بعد أن انتهى من خطابه سأله أحد المستمعين من بني إسرائيل: هل على وجه الأرض أحداعلم منك يا نبي الله؟
    قال موسى مندفعا: لا..
    وساق الله تعالى عتابه لموسىحين لم يرد العلم إليه، فبعث إليه جبريل يسأله: يا موسى ما يدريك أين يضع اللهعلمه؟
    أدرك موسى أنه تسرع.. وعاد جبريل، عليه السلام، يقول له: إن لله عبدابمجمع البحرين هو أعلم منك.

    تاقت نفس موسى الكريمة إلىزيادة العلم، وانعقدت نيته على الرحيل لمصاحبة هذا العبد العالم.. سأل كيف السبيلإليه.. فأمر أن يرحل، وأن يحمل معه حوتا في مكتل، أي سمكة في سلة.. وفي هذا المكانالذي ترتد فيه الحياة لهذا الحوت ويتسرب في البحر، سيجد العبد العالم.. انطلق موسى -طالب العلم- ومعه فتاه.. وقد حمل الفتى حوتا في سلة.. انطلقا بحثا عن العبد الصالحالعالم.. وليست لديهم أي علامة على المكان الذي يوجد فيه إلا معجزة ارتداد الحياةللسمكة القابعة في السلة وتسربها إلى البحر.

    ويظهر عزم موسى -عليهالسلام- على العثور على هذا العبد العالم ولو اضطره الأمر إلى أن يسير أحقاباوأحقابا. قيل أن الحقب عام، وقيل ثمانون عاما. على أية حال فهو تعبير عن التصميم،لا عن المدة على وجه التحديد.

    وصل الاثنان إلى صخرة جوارالبحر.. رقد موسى واستسلم للنعاس، وبقي الفتى ساهرا.. وألقت الرياح إحدى الأمواجعلى الشاطئ فأصاب الحوت رذاذ فدبت فيه الحياة وقفز إلى البحر.. (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا).. وكان تسربالحوت إلى البحر علامة أعلم الله بها موسى لتحديد مكان لقائه بالرجل الحكيم الذيجاء موسى يتعلم منه.

    نهض موسى من نومه فلميلاحظ أن الحوت تسرب إلى البحر.. ونسي فتاه الذي يصحبه أن يحدثه عما وقع للحوت.. وسار موسى مع فتاه بقية يومهما وليلتهما وقد نسيا حوتهما.. ثم تذكر موسى غداءه وحلعليه التعب.. (قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْلَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا).. ولمع في ذهن الفتى ماوقع.

  4. #94
    الصورة الرمزية Amarant
    Amarant غير متصل Emotional Designer
    الفائز الأول في مسابقة تصميم العملة النقدية
    التسجيل
    22-10-2004
    المشاركات
    5,905

    مشاركة: أحسن وأفضل القصص في الدنيا

    ساعتئذ تذكر الفتى كيفتسرب الحوت إلى البحر هناك.. وأخبر موسى بما وقع، واعتذر إليه بأن الشيطان أنساه أنيذكر له ما وقع، رغم غرابة ما وقع، فقد اتخذ الحوت (سَبِيلَهُفِي الْبَحْرِ عَجَبًا).. كان أمرا عجيبا ما رآهيوشعبن نون، لقد رأى الحوت يشق الماء فيترك علامة وكأنه طير يتلوى علىالرمال.

    سعد موسى من مروق الحوتإلى البحر و(قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ).. هذا ماكنا نريده.. إن تسرب الحوت يحدد المكان الذي سنلتقي فيه بالرجل العالم.. ويرتد موسىوفتاه يقصان أثرهماعائدين.. انظر إلى بداية القصة، وكيف تجيء غامضة أشد الغموض،مبهمة أعظم الإبهام.

    أخيرا وصل موسى إلى المكانالذي تسرب منه الحوت.. وصلا إلى الصخرة التي ناما عندها، وتسرب عندها الحوت منالسلة إلى البحر.. وهناك وجدا رجلا.

    يقول البخاري إن موسىوفتاه وجدا الخضر مسجى بثوبه.. وقد جعل طرفه تحت رجليه وطرف تحت رأسه.

    فسلم عليهموسى، فكشف عن وجهه وقال: هل بأرضك سلام..؟ من أنت؟
    قال موسى: أنا موسى.
    قال الخضر: موسى بني إسرائيل.. عليك السلام يا نبي إسرائيل.
    قال موسى: وماأدراك بي..؟
    قالالخضر: الذي أدراك بي ودلك علي.. ماذا تريد يا موسى..؟
    قال موسى ملاطفا مبالغافي التوقير: (هَلْ أَتَّبِعُكَعَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا).
    قال الخضر: أما يكفيك أن التوراة بيديك.. وأن الوحييأتيك..؟ يا موسى (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَصَبْرًا).

    نريد أن نتوقف لحظة لنلاحظالفرق بين سؤال موسى الملاطف المغالي في الأدب.. ورد الخضر الحاسم، الذي يفهم موسىأن علمه لا ينبغي لموسى أن يعرفه، كما أن علم موسى هو علم لا يعرفه الخضر.. يقولالمفسرون إن الخضر قال لموسى: إن علمي أنت تجهله.. ولن تطيق عليه صبرا، لأن الظواهرالتي ستحكم بها على علمي لن تشفي قلبك ولن تعطيك تفسيرا، وربما رأيت في تصرفاتي مالا تفهم له سببا أو تدري له علة.. وإذن لن تصبر على علمي يا موسى.

    احتمل موسى كلمات الصدالقاسية وعاد يرجوه أن يسمح له بمصاحبته والتعلم منه.. وقال له موسى فيما قال إنهسيجده إن شاء الله صابرا ولا يعصي له أمرا.

    تأمل كيف يتواضع كليم اللهويؤكد للعبد المدثر بالخفاء أنه لن يعصي له أمرا.

    قال الخضر لموسى -عليهماالسلام- إن هناك شرطا يشترطه لقبول أن يصاحبه موسى ويتعلم منه هو ألا يسأله عن شيءحتى يحدثه هو عنه.. فوافق موسى على الشرط وانطلقا..

    انطلق موسى مع الخضريمشيان على ساحل البحر.. مرت سفينة، فطلب الخضر وموسى من أصحابها أن يحملوهما، وعرفأصحاب السفينة الخضر فحملوه وحملوا موسى بدون أجر، إكراما للخضر، وفوجئ موسى حينرست السفينة وغادرها أصحابها وركابها.. فوجئ بأن الخضر يتخلف فيها، لم يكد أصحابهايبتعدون حتى بدأ الخضر يخرق السفينة.. اقتلع لوحا من ألواحها وألقاه في البحرفحملته الأمواج بعيدا.

    فاستنكر موسى فعلةالخضر. لقد حملنا أصحاب السفينة بغير أجر.. أكرمونا.. وها هو ذا يخرق سفينتهمويفسدها.. كان التصرف من وجهة نظر موسى معيبا.. وغلبت طبيعة موسى المندفعة عليه،كما حركته غيرته على الحق، فاندفع يحدث أستاذه ومعلمه وقد نسي شرطه الذي اشترطهعليه: (قَالَأَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا).

    وهنا يلفت العبد الربانينظر موسى إلى عبث محاولة التعليم منه، لأنه لن يستطيع الصبر عليه (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَصَبْرًا)، ويعتذر موسى بالنسيان ويرجوه ألا يؤاخذه وألا يرهقه (قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْأَمْرِي عُسْرًا).

    سارا معا.. فمرا على حديقةيلعب فيها الصبيان.. حتى إذا تعبوا من اللعب انتحى كل واحد منهم ناحية واستسلمللنعاس.. فوجئ موسى بأن العبد الرباني يقتل غلاما.. ويثور موسى سائلا عن الجريمةالتي ارتكبها هذا الصبي ليقتله هكذا.. يعاود العبد الرباني تذكيره بأنه أفهمه أنهلن يستطيع الصبر عليه (قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَنتَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا).. ويعتذر موسى بأنه نسي ولن يعاود الأسئلة وإذاسأله مرة أخرى سيكون من حقه أن يفارقه (قَالَ إِن سَأَلْتُكَعَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّيعُذْرًا).

    ومضى موسى مع الخضر.. فدخلا قرية بخيلة.. لا يعرف موسى لماذا ذهبا إلى القرية، ولا يعرف لماذا يبيتانفيها، نفذ ما معهما من الطعام، فاستطعما أهل القرية فأبوا أن يضيفوهما.. وجاءعليهما المساء، وأوى الاثنان إلى خلاء فيه جدار يريد أن ينقض.. جدار يتهاوى ويكاديهم بالسقوط.. وفوجئ موسى بأن الرجل العابد ينهض ليقضي الليل كله في إصلاح الجداروبنائه من جديد.. ويندهش موسى من تصرف رفيقه ومعلمه، إن القرية بخيلة، لا يستحق منفيها هذا العمل المجاني (قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَعَلَيْهِ أَجْرًا).. انتهى الأمر بهذه العبارة.. قال عبد الله لموسى: (هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ).

    لقد حذر العبد الربانيموسى من مغبة السؤال. وجاء دور التفسير الآن..

    إن كل تصرفات العبدالرباني التي أثارت موسى وحيرته لم يكن حين فعلها تصدر عن أمره.. كان ينفذ إرادةعليا.. وكانت لهذه الإرادة العليا حكمتها الخافية، وكانت التصرفات تشي بالقسوةالظاهرة، بينما تخفي حقيقتها رحمة حانية.. وهكذا تخفي الكوارث أحيانا في الدنياجوهر الرحمة، وترتدي النعم ثياب المصائب وتجيد التنكر، وهكذا يتناقض ظاهر الأمروباطنه، ولا يعلم موسى، رغم علمه الهائل غير قطرة من علم العبد الرباني، ولا يعلمالعبد الرباني من علم الله إلا بمقدار ما يأخذ العصفور الذي يبلل منقاره في البحر،من ماء البحر..

    كشف العبد الرباني لموسىشيئين في الوقت نفسه.. كشف له أن علمه -أي علم موسى- محدود.. كما كشف له أن كثيرامن المصائب التي تقع على الأرض تخفي في ردائها الأسود الكئيب رحمة عظمى.

  5. #95
    الصورة الرمزية Amarant
    Amarant غير متصل Emotional Designer
    الفائز الأول في مسابقة تصميم العملة النقدية
    التسجيل
    22-10-2004
    المشاركات
    5,905

    مشاركة: أحسن وأفضل القصص في الدنيا

    إن أصحاب السفينة سيعتبرونخرق سفينتهم مصيبة جاءتهم، بينما هي نعمة تتخفى في زي المصيبة.. نعمة لن تكشفالنقاب عن وجهها إلا بعد أن تنشب الحرب ويصادر الملك كل السفن الموجودة غصبا، ثميفلت هذه السفينة التالفة المعيبة.. وبذلك يبقى مصدر رزق الأسرة عندهم كما هو، فلايموتون جوعا.

    أيضا سيعتبر والد الطفلالمقتول وأمه أن كارثة قد دهمتهما لقتل وحيدهما الصغير البريء.. غير أن موته يمثلبالنسبة لهما رحمة عظمى، فإن الله سيعطيهما بدلا منه غلاما يرعاهما في شيخوختهماولا يرهقهما طغيانا وكفرا كالغلام المقتول.

    وهكذا تختفي النعمة فيثياب المحنة، وترتدي الرحمة قناع الكارثة، ويختلف ظاهر الأشياء عن باطنها حتى ليحتجنبي الله موسى إلى تصرف يجري أمامه، ثم يستلفته عبد من عباد الله إلى حكمة التصرفومغزاه ورحمة الله الكلية التي تخفي نفسها وراء أقنعة عديدة.

    أما الجدار الذي أتعب نفسهبإقامته، من غير أن يطلب أجرا من أهل القرية، كان يخبئ تحته كنزا لغلامين يتيمينضعيفين في المدينة. ولو ترك الجدار ينقض لظهر من تحته الكنز فلم يستطع الصغيران أنيدفعا عنه.. ولما كان أبوهما صالحا فقد نفعهما الله بصلاحه في طفولتهما وضعفهما،فأراد أن يكبرا ويشتد عودهما ويستخرجا كنزهما وهما قادران على حمايته.

    ثم ينفض الرجل يده منالأمر. فهي رحمة الله التي اقتضت هذا التصرف. وهو أمر الله لا أمره. فقد أطلعه علىالغيب في هذه المسألة وفيما قبلها، ووجهه إلى التصرف فيها وفق ما أطلعه عليه منغيبه.

    واختفى هذا العبد الصالح.. لقد مضى في المجهول كما خرج من المجهول.. إلا أن موسى تعلم من صحبته درسينمهمين:

    تعلم ألا يغتر بعلمه فيالشريعة، فهناك علم الحقيقة.

    وتعلم ألا يتجهم قلبهلمصائب البشر، فربما تكون يد الرحمة الخالقة تخفي سرها من اللطف والإنقاذ، والإيناسوراء أقنعة الحزن والآلام والموت.

    هذه هي الدروس التي تعلمهاموسى كليم الله عز وجل ورسوله من هذا العبد المدثر بالخفاء.

    والآن من يكون صاحب هذا العلم إذن..؟ أهو ولي أم نبي..؟

    يرى كثير من الصوفية أنهذا العبد الرباني ولي من أولياء الله تعالى، أطلعه الله على جزء من علمه اللدنيبغير أسباب انتقال العلم المعروفة.. ويرى بعض العلماء أن هذا العبد الصالح كاننبيا.. ويحتج أصحاب هذا الرأي بأن سياق القصة يدل على نبوته من وجوه:

    1. أحدها قولهتعالى:

    فَوَجَدَاعَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنلَّدُنَّا عِلْمًا(65) (الكهف)

    2. والثاني قول موسىله:

    قَالَلَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا(66)قَالَ إِنَّكَ لَنتَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا(67)وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا(68)قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُصَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا(69)قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىأُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا(70) (الكهف)

    فلو كان وليا ولم يكن نبي،لم يخاطبه موسى بهذه المخاطبة، ولم يرد على موسى هذا الرد. ولو أنه كان غير نبي،لكان هذا معناه أنه ليس معصوما، ولم يكن هناك دافع لموسى، وهو النبي العظيم، وصاحبالعصمة، أن يلتمس علما من ولي غير واجب العصمة.

    3. والثالث أن الخضر أقدمعلى قتل ذلك الغلام بوحي من الله وأمر منه.. وهذا دليل مستقل على نبوته، وبرهانظاهر على عصمته، لأن الولي لا يجوز له الإقدام على قتل النفوس بمجرد ما يلقى فيخلده، لأن خاطره ليس بواجب العصمة.. إذ يجوز عليه الخطأ بالاتفاق.. وإذن ففي إقدامالخضر على قتل الغلام دليل نبوته.

    4. والرابع قول الخضرلموسى:

    رَحْمَةًمِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي

    يعني أن ما فعلته لم أفعلهمن تلقاء نفسي، بل أمر أمرت به من الله وأوحي إلي فيه.

    فرأى العلماء أن الخضرنبيا، أما العباد والصوفية رأوا أنه وليا من أولياء الله.

    ومن كلماتالخضر التي أوردها الصوفية عنه.. قول وهب بن منبه: قال الخضر: يا موسى إن الناسمعذبون في الدنيا على قدر همومهم بها. وقول بشر بن الحارث الحافي.. قال موسى للخضر: أوصني.. قال الخضر: يسر الله عليك طاعته.

    ونحننميل إلى اعتباره نبيا لعلمه اللدني، غير أننا لانجد نصا في سياق القرآن على نبوته، ولا نجد نصا مانعا من اعتباره وليا آتاه اللهبعض علمه اللدني.. ولعل هذا الغموض حول شخصه الكريم جاء متعمدا، ليخدم الهدف الأصليللقصة.. ولسوف نلزم مكاننا فلا نتعداه ونختصم حول نبوته أو ولايته.. وإن أوردناه فيسياق أنبياء الله، لكونه معلما لموسى.. وأستاذا له فترة منالزمن.

  6. #96
    الصورة الرمزية Amarant
    Amarant غير متصل Emotional Designer
    الفائز الأول في مسابقة تصميم العملة النقدية
    التسجيل
    22-10-2004
    المشاركات
    5,905

    مشاركة: أحسن وأفضل القصص في الدنيا

    قارون وقوم موسى:

    يروي لنا القرآنقصة قارون، وهو من قوم موسى. لكن القرآن لا يحدد زمن القصة ولا مكانها. فهل وقعتهذه القصة وبنو إسرائيل وموسى في مصر قبل الخروج؟ أو وقعت بعد الخروج في حياة موسى؟أم وقعت في بني إسرائيل من بعد موسى؟ وبعيدا عن الروايات المختلفة، نورد القصة كماذكرها القرآن الكريم.

    يحدثنا الله عن كنوز قارون فيقول سبحانه وتعالى إن مفاتيح الحجراتالتي تضم الكنوز، كان يصعب حملها على مجموعة من الرجال الأشداء. ولو عرفنا عنمفاتيح الكنوز هذه الحال، فكيف كانت الكنوز ذاتها؟! لكن قارون بغى على قومه بعد أنآتاه الله الثراء. ولا يذكر القرآن فيم كان البغي، ليدعه مجهلايشمل شتى الصور. فربما بغى عليهم بظلمهم وغصبهم أرضهم وأشياءهم. وربما بغى عليهمبحرمانهم حقهم في ذلك المال. حق الفقراء في أموال الأغنياء. وربما بغى عليهم بغيرهذه الأسباب.

    ويبدو أن العقلاء من قومه نصحوهبالقصدوالاعتدال، وهو المنهج السليم. فهم يحذروه من الفرح الذي يؤدي بصاحبه إلى نسيان منهو المنعم بهذا المال، وينصحونه بالتمتع بالمال في الدنيا، من غير أن ينسى الآخرة،فعليه أن يعمل لآخرته بهذا المال. ويذكرونه بأن هذا المال هبة من الله وإحسان،فعليه أن يحسن ويتصدق من هذا المال، حتى يرد الإحسان بالإحسان. ويحذرونه من الفسادفي الأرض، بالبغي، والظلم، والحسد، والبغضاء، وإنفاق المال في غير وجهه، أو إمساكهعما يجب أن يكون فيه. فالله لا يحب المفسدين.

    فكان رد قارون جملة واحد تحمل شتىمعاني الفساد (قَالَإِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي). لقد أنساه غروره مصدر هذه النعمة وحكمتها، وفتنه المال وأعماه الثراء. فلم يستمعقارون لنداء قومه، ولم يشعر بنعمة ربه.

    وخرج قارون ذات يوم على قومه،بكامل زينته، فطارت قلوب بعض القوم، وتمنوا أن لديهم مثل ما أوتي قارون، وأحسوا أنهفي نعمة كبيرة. فرد عليهم من سمعهم من أهل العلم والإيمان: ويلكم أيها المخدوعون،احذروا الفتنة، واتقوا الله، واعلموا أن ثواب الله خير من هذه الزينة، وما عند اللهخير مما عند قارون.

    وعندما تبلغ فتنة الزينة ذروتها،وتتهافت أمامها النفوس وتتهاوى، تتدخل القدرة الإلهية لتضع حدا للفتنة، وترحم الناسالضعاف من إغراءها، وتحطم الغرور والكبرياء، فيجيء العقاب حاسما (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِالْأَرْضَ) هكذا في لمحة خاطفة ابتلعتهالأرض وابتلعت داره. وذهب ضعيفا عاجزا، لا ينصره أحد، ولا ينتصر بجاه أومال.

    وبدأ الناس يتحدثون إلى بعضهمالبعض في دهشة وعجب واعتبار. فقال الذين كانوا يتمنون أن عندهم مال قارون وسلطانهوزينته وحظه في الدنيا: حقا إن الله تعالى يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويوسععليهم، أو يقبض ذلك، فالحمد لله أن منّ علينا فحفظنا من الخسف والعذاب الأليم. إناتبنا إليك سبحانك، فلك الحمد في الأولى والآخرة.

  7. #97
    الصورة الرمزية Amarant
    Amarant غير متصل Emotional Designer
    الفائز الأول في مسابقة تصميم العملة النقدية
    التسجيل
    22-10-2004
    المشاركات
    5,905

    مشاركة: أحسن وأفضل القصص في الدنيا

    هارون عليه السلام

    نبذة:

    أخو موسى ورفيقه في دعوةفرعون إلى الإيمان بالله لأنه كان فصيحا ومتحدثا، استخلفه موسى على قومه عندما ذهبللقاء الله فوق جبل الطور، ولكن حدثت فتنة السامري الذي حول بني إسرائيل إلى عبادةعجل من الذهب له خوار ، فدعاهم هارون إلى الرجوع لعبادة الله بدلا من العجل ولكنهماستكبروا فلما رجع موسى ووجد ما آل إليه قومه عاتب هارون عتاباشديدا.

    سيرته:

    لا يذكر الكثير عن سيرة هارون عليه السلام. إلا أن المعلوم هو أنالله أيدموسى بأخيه هارون في دعوته فلقد كان هارون عليهالسلام أفصح لسانا. وورد موقفموسى عليه السلام من أخيهحين استخلفه على بني إسرائيل وذهب للقاء ربه، فعبدت بنو إسرائيل العجل الذي صنعهالسامري. القصة مذكورة بتفاصيلها في قصةموسى عليهالسلام.
    التعديل الأخير تم بواسطة Amarant ; 15-10-2005 الساعة 06:11 AM

  8. #98
    الصورة الرمزية Amarant
    Amarant غير متصل Emotional Designer
    الفائز الأول في مسابقة تصميم العملة النقدية
    التسجيل
    22-10-2004
    المشاركات
    5,905

    مشاركة: أحسن وأفضل القصص في الدنيا

    يوشع بن نون عليه السلام

    ورد أنه الفتى الذي صاحبموسى للقاء الخضر. وهو النبي الذي أخرج الله على يديه بني إسرائيل من صحراء سيناء،وحاربوا أهل فلسطين وانتصروا عليهم.

    سيرته:

    لم يخرج أحدمن التيه ممن كان مع موسى. سوى اثنين. هما الرجلان اللذان أشارا على ملأ بنيإسرائيل بدخول قرية الجبارين. ويقول المفسرون: إن أحدهما يوشع بن نون. وهذا هو فتىموسى في قصته معالخضر. صار الآننبيا من أنبياء بني إسرائيل، وقائدا لجيش يتجه نحو الأرض التي أمرهم اللهبدخولها.

    خرج يوشع بن نون ببنيإسرائيل من التيه، بعد أربعين سنة، وقصد بهم الأرض المقدسة. ,كانت هذه الأربعين سنة -كما يقول العلماء- كفيلة بأن يموت فيهاجميع من خرج مع موسى عليه السلام من مصر، ويبقى جيل جديد تربى على أيادي موسىوهارون ويوشع بن نون، جيل يقيم الصلا ويؤتي الزكاة ويؤمن بالله ورسله. قطع بهم نهرالأردن إلى أريحا، وكانت من أحصن المدائن سورا وأعلاها قصورا وأكثرها أهلا. فحاصرهاستة أشهر.

    وتأتي بعضالروايات لتخبرنا بأنه في المعركة الأخيرة التي بدأت في يوم الجمعة، أوشك اليهودعلى تحقيق الانتصار، لكن الشمس قاربت على المغيب -وكان اليهود لا يعملون ولايحاربون يوم السبت- فخشى يوشع بن نون أن يذهب النصر. فنظر يوشع إلى الشمس وقال: "إنك مأمورة، وأنا مأمور، اللهم احبسها علي". فتوقفت الشمس مكانها، وظلت واقفة إلىأن فتح بيت المقدس ودخله.

    يرى البعضأن هذه الرواية لا يمكن تصديقها. فالشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يتوقفانلموت أحد ولا لحياته، ورغم عظمة الخوارق والمعجزات التي وقعت لبني إسرائيل، فقدكانت كلها معجزات لا تتعارض مع ناموس الكون ونظامه.. لم تكن هناك معجزة تتعلقبالشمس والقمر.. لم تجاوز المعجزات أديم الأرض أو البحر أو الجبل.

    صدر الأمر الإلهي لبنيإسرائيل أن يدخلوا المدينة سجدا.. أي راكعين مطأطئي رءوسهم شاكرين لله عز وجل ما منبه عليهم من الفتح. أمروا أن يقولوا حال دخولهم: (حِطَّةٌ).. بمعنى حط عنا خطايانا التي سلفت، وجنبنا الذي تقدممن آبائنا.

    إلا أن بني إسرائيل خالفما أمرت به قولا وفعلا.. فدخلوا الباب متعالين متكبرين، وبدلوا قولا غير الذي قيللهم.. فأصابهم عذاب من الله بما ظلموا. كانت جريمة الآباء هي الذل، وأصبحت جريمةالأبناء الكبرياء والافتراء.

    ولم تكن هذه الجريمة هيأول جرائم بني إسرائيل ولا آخر جرائمهم، فقد عذبوا رسلهم كثيرا بعد موسى، وتحولتالتوراة بين أيديهم إلى قراطيس يبدون بعضها ويخفون كثيرا. حسبما تقتضي الأحوال وتدفع المصلحةالمباشرة، وكان هذا الجحود هو المسؤول عما أصاب بني إسرائيل منعقوبات.

    عاد بنو إسرائيل إلى ظلمهملأنفسهم.. اعتقدوا أنهم شعب الله المختار، وتصوروا انطلاقا من هذا الاعتقاد أن منحقهم ارتكاب أي شيء وكل شيء.. وعظمت فيهم الأخطاء وتكاثرت الخطايا وامتدت الجرائمبعد كتابهم إلى أنبيائهم، فقتلوا من قتلوا من الأنبياء.

    وسلط الله عليهم بعد رحمةالأنبياء قسوة الملوك الجبارين، يظلمونهم ويسفكون دمائهم، وسلط الله أعدائهم عليهمومكن لهم من رقابهم وأموالهم.

    وكان معهم تابوت الميثاق. وهو تابوت يضم بقية مما ترك موسى وهارون، ويقال إن هذا التابوت كان يضم ما بقي منألواح التوراة التي أنزلت على موسى ونجت من يد الزمان. وكان لهذا التابوت بركة تمتدإلى حياتهم وحروبهم، فكان وجود التابوت بينهم في الحرب، يمدهم بالسكينة والثبات،ويدفعهم إلى النصر، فلما ظلموا أنفسهم ورفعت التوراة من قلوبهم لم يعد هناك معنىلبقاء نسختها معهم، وهكذا ضاع منهم تابوت العهد، وضاع في حرب من حروبهم التي هزموافيها.

    وساءت أحوال بني إسرائيلبسبب ذنوبهم وتعنتهم وظلمهم لأنفسهم. ومرت سنوات وسنوات. واشتدت الحاجة إلى ظهورنبي ينتشلهم من الوهدة السحيقة التي أوصلتهم إليها فواجع الآثام وكبائرالخطايا.

  9. #99
    التسجيل
    10-02-2004
    الدولة
    Unknown Planet
    المشاركات
    3,070

    مشاركة: أحسن وأفضل القصص في الدنيا

    ما شاء الله عليك يا عبود
    والله موضوع أكثر من مميز...وأنا من محبين قصص الأنبياء
    بارك الله فيك يا غالي..وجزاك الله عن جميع أعضاء موقع منتدى المنتدى كل خير وبركه يا رب
    وسهل لك دربك وأعانك على ما تحب..ونور طريقك بالهدى..وغسلك ونقاك الله من الذنوب كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس...وغسل الله قلبك من كل خطيئة
    موفق يا غالي

  10. #100
    التسجيل
    01-03-2005
    الدولة
    قلوب المسلمين
    المشاركات
    20

    مشاركة: أحسن وأفضل القصص في الدنيا

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    مشكوور على الموضوع الاكثر من رائع

    الصراحه أنا لم أكمله لكبر الموضوع ولي رجعه له أن شاء الله

    وجزاك الله كل الخير على المجهود الكبير



    لكم مني ارق تحيه أخوكم.................
    حكيم زمانو

  11. #101
    الصورة الرمزية Amarant
    Amarant غير متصل Emotional Designer
    الفائز الأول في مسابقة تصميم العملة النقدية
    التسجيل
    22-10-2004
    المشاركات
    5,905

    مشاركة: أحسن وأفضل القصص في الدنيا

    Dark-Side
    حياك الله أخي الغالي ^^
    تشرفت والله بوجودك في الموضوع ..
    الله يخليك ويرفع منزلتك إن شاء الله ويحفظك ..

    حكيم1980
    ألف شكر أخي الفاضل على التواجد
    وحياك الله بالموضوع في أي وقت ^_^

  12. #102
    الصورة الرمزية Amarant
    Amarant غير متصل Emotional Designer
    الفائز الأول في مسابقة تصميم العملة النقدية
    التسجيل
    22-10-2004
    المشاركات
    5,905

    مشاركة: أحسن وأفضل القصص في الدنيا

    داود عليه السلام

    نبذة:

    ‏‏آتاه الله العلم والحكمة وسخر له الجبال والطير يسبحن معه وألانله الحديد، كان عبدا خالصا لله شكورا يصوم يوما ويفطر يوما يقوم نصف الليل وينامثلثه ويقوم سدسه وأنزل الله عليه الزبور وقد أوتي ملكا عظيما وأمره الله أن يحكمبالعدل.

    سيرته:

    حال بنو إسرائيل قبل داود:

    قبل البدء بقصة داود عليه السلام، لنرى الأوضاع التي عاشها بنوإسرائل في تلك الفترة.

    لقد انفصل الحكم عن الدين..فآخر نبي ملك كانيوشع بن نون.. أما من بعده فكانت الملوك تسوس بني إسرائيلوكانت الأنبياء تهديهم. وزاد طغيان بني إسرائيل، فكانوا يقتلون الأنبياء، نبيا تلونبي، فسلط الله عليهم ملوكا منهم ظلمة جبارين، ألوهم وطغوا عليهم.

    وتتالت الهزائم على بني إسرائيل، حتى انهم أضاعوا التابوت. وكانفي التابوت بقية مما ترك آلموسىوهارون، فقيل أن فيها بقية من الألواح التي أنزلها الله علىموسى، وعصاه، وأمورا آخرى. كان بنو إسرائيل يأخذون التابوتمعهم في معاركهم لتحل عليهم السكينة ويحققوا النصر. فتشروا وساءت حالهم.

    في هذه الظروف الصعبة، كانت هنالك امرأة حامل تدعو الله كثيراأن يرزقها ولدا ذكرا. فولدت غلاما فسمته أشموئيل.. ومعناه بالعبرانية إسماعيل.. أيسمع الله دعائي.. فلما ترعرع بعثته إلى المسجد وأسلمته لرجل صالح ليتعلم منه الخيروالعبادة. فكان عنده، فلما بلغ أشده، بينما هو ذات ليلة نائم: إذا صوت يأتيه منناحية المسجد فانتبه مذعورا ظانا أن الشيخ يدعوه. فهرع أشموئيل إلى يسأله: أدعوتني..؟ فكره الشيخ أن يفزعه فقال: نعم.. نم.. فنام..

    ثم ناداه الصوت مرة ثانية.. وثالثة. وانتبه إلى جبريل عليه السلاميدعوه: إن ربك بعثك إلى قومك.

    اختيار طالوت ملكا:

    ذهب بنو إسرائيل لنبيهم يوما.. سألوه: ألسنا مظلومين؟
    قال: بلى..
    قالوا: ألسنا مشردين؟
    قال: بلى..
    قالوا: ابعث لنا ملكا يجمعنا تحترايته كي نقاتل في سبيل الله ونستعيد أرضنا ومجدنا.
    قال نبيهم وكان أعلم بهم: هلأنتم واثقون من القتال لو كتب عليكم القتال؟
    قالوا: ولماذا لا نقاتل في سبيلالله، وقد طردنا من ديارنا، وتشرد أبناؤنا، وساء حالنا؟
    قال نبيهم: إن اللهاختار لكم طالوت ملكا عليكم.
    قالوا: كيف يكون ملكا علينا وهو ليس من أبناءالأسرة التي يخرج منها الملوك -أبناء يهوذا- كما أنه ليس غنيا وفينا من هو أغنىمنه؟
    قال نبيهم: إن الله اختاره، وفضله عليكم بعلمه وقوة جسمه.
    قالوا: ما هيآية ملكه؟
    قال لهم نبيهم: يسرجع لكم التابوت تجمله الملائكة.

    ووقعت هذه المعجزة.. وعادت إليهم التوراة يوما.. ثم تجهز جيشطالوت، وسار الجيش طويلا حتى أحس الجنود بالعطش.. قال الملك طالوت لجنوده: سنصادفنهرا في الطريق، فمن شرب منه فليخرج من الجيش، ومن لم يذقه وإنما بل ريقه فقط فليبقمعي في الجيش..

    وجاء النهر فشرب معظم الجنود، وخرجوا من الجيش، وكان طالوت قد أعدهذا الامتحان ليعرف من يطيعه من الجنود ومن يعصاه، وليعرف أيهم قوي الإرادة ويتحملالعطش، وأيهم ضعيف الإرادة ويستسلم بسرعة. لم يبق إلا ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلا، لكنجميعهم من الشجعان.

    كان عدد أفراد جيش طالوت قليلا، وكان جيش العدو كبيرا وقويا.. فشعر بعض -هؤلاء الصفوة- أنهم أضعف من جالوت وجيشه وقالوا: كيف نهزم هذا الجيشالجبار..؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍!

    قال المؤمنون من جيش طالوت: النصر ليس بالعدة والعتاد، إنما النصرمن عند الله.. (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةًكَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ).. فثبّتوهم.

    وبرز جالوت في دروعه الحديدية وسلاحه، وهو يطلب أحدا يبارزه.. وخاف منه جنود طالوت جميعا.. وهنا برز من جيش طالوت راعي غنم صغير هو داود.. كانداود مؤمنا بالله، وكان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا الكون، وأنالعبرة ليست بكثرة السلاح، ولا ضخامة الجسم ومظهر الباطل.

    وكان الملك، قد قال: من يقتل جالوت يصير قائدا على الجيش ويتزوجابنتي.. ولم يكن داود يهتم كثيرا لهذا الإغراء.. كان يريد أن يقتل جالوت لأن جالوترجل جبار وظالم ولا يؤمن بالله.. وسمح الملك لداود أن يبارز جالوت..

    وتقدم داود بعصاه وخمسة أحجار ومقلاعه (وهو نبلة يستخدمهاالرعاة).. تقدم جالوت المدجج بالسلاح والدروع.. وسخر جالوت من داود وأهانه وضحكمنه، ووضع داود حجرا قويا في مقلاعه وطوح به في الهواء وأطلق الحجر. فأصاب جالوتفقتله. وبدأت المعركة وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت.

  13. #103
    الصورة الرمزية Amarant
    Amarant غير متصل Emotional Designer
    الفائز الأول في مسابقة تصميم العملة النقدية
    التسجيل
    22-10-2004
    المشاركات
    5,905

    مشاركة: أحسن وأفضل القصص في الدنيا

    جمع الله الملك والنبوةلداود:

    بعد فترة أصبح داود -عليه السلام- ملكا لبني إسرائيل، فجمع اللهعلى يديه النبوة والملك مرة أخرى.

    وتأتي بعض الروايات لتخبرنا بأن طالوت بعد أن اشتهر نجم داوودأكلت الغيرة قلبه، وحاول قتله، وتستمر الروايات في نسج مثل هذه الأمور. لكننا لانود الخوض فيها فليس لدينا دليل قوي عليها. ما يهمنا هو انتقال الملك بعد فترة منالزمن إلى داود.

    لقد أكرم الله نبيه الكريم بعدة معجزات. لقدأنزل عليه الزبور (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا)، وآتاه جمال الصوت، فكان عندما يسبّح، تسبحالجبال والطيور معه، والناس ينظرون. وألان الله في يديه الحديد، حتى قيل أنه كانيتعامل مع الحديد كما كان الناس يتعاملون مع الطين والشمع، وقد تكون هذه الإلانةبمعنى أنه أول من عرف أن الحديد ينصهر بالحرارة. فكان يصنع منهالدروع.

    كانت الدروع الحديدية التي يصنعها صناع الدروع ثقيلة ولا تجعلالمحارب حرا يستطيع أن يتحرك كما يشاء أو يقاتل كما يريد. فقام داوود بصناعة نوعيةجديدة من الدروع. درع يتكون من حلقات حديدية تسمح للمحارب بحرية الحركة، وتحمي جسدهمن السيوف والفئوس والخناجر.. أفضل من الدروع الموجودة أيامها..

    وشد الله ملك داود، جعله الله منصورا على أعدائه دائما.. وجعلملكه قويا عظيما يخيف الأعداء حتى بغير حرب، وزاد الله من نعمه على داود فأعطاهالحكمة وفصل الخطاب، أعطاه الله مع النبوة والملك حكمة وقدرة على تمييز الحق منالباطل ومعرفة الحق ومساندته.. فأصبح نبيا ملكا قاضيا.

    القضايا التي عرضت علىداود:

    يروي لنا القرآن الكريم بعضا من القضايا التي وردت على داود -عليهالسلام.

    فلقد جلس داود كعادته يوما يحكم بين الناس في مشكلاتهم.. وجاءهرجل صاحب حقل ومعه رجل آخر..

    وقال لهصاحب الحقل: سيدي النبي.. إن غنم هذا الرجل نزلت حقلي أثناء الليل، وأكلت كل عناقيدالعنب التي كانت فيه.. وقد جئت إليك لتحكم لي بالتعويض..

    قالداود لصاحب الغنم: هل صحيح أن غنمك أكلت حقل هذا الرجل؟

    قال صاحب الغنم: نعم يا سيدي..

    قال داود: لقد حكمت بأن تعطيه غنمك بدلا من الحقل الذي أكلته.

    قالسليمان.. وكان الله قد علمه حكمةتضاف إلى ما ورث من والده: عندي حكم آخر يا أبي..

    قال داود: قله ياسليمان..

    قالسليمان: أحكم بأن يأخذ صاحب الغنمحقل هذا الرجل الذي أكلته الغنم.. ويصلحه له ويزرعه حتى تنمو أشجار العنب، وأحكملصاحب الحقل أن يأخذ الغنم ليستفيد من صوفها ولبنها ويأكل منه، فإذا كبرت عناقيدالغنم وعاد الحقل سليما كما كان أخذ صاحب الحقل حقله وأعطى صاحب الغنم غنمه..

    قال داود: هذا حكم عظيم ياسليمان.. الحمد لله الذي وهبك الحكمة..

    وقد ورد في الصحيح قصة أخرى:حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِى شَبَابَةُ حَدَّثَنِىوَرْقَاءُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِالنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَاابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا . فَقَالَتْ هَذِهِلِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ . وَقَالَتِ الأُخْرَى إِنَّماذَهَبَ بِابْنِكِ . فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَىفَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُفَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا . فَقَالَتِ الصُّغْرَى لاَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا . فَقَضَى بِهِلِلصُّغْرَى ». قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُبِالسِّكِّينِ قَطُّ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ مَا كُنَّا نَقُولُ إِلاَّالْمُدْيَةَ.

  14. #104
    الصورة الرمزية Amarant
    Amarant غير متصل Emotional Designer
    الفائز الأول في مسابقة تصميم العملة النقدية
    التسجيل
    22-10-2004
    المشاركات
    5,905

    مشاركة: أحسن وأفضل القصص في الدنيا

    فتنةداود:

    وكان داودرغم قربه من الله وحب الله له، يتعلم دائما من الله، وقد علمه الله يوما ألا يحكمأبدا إلا إذا استمع لأقوال الطرفين المتخاصمين.. فيذكر لنا المولى في كتابه الكريمقضية أخرى عرضت على داود عليه السلام.

    جلسداود يوما في محرابه الذي يصلي لله ويتعبد فيه، وكان إذا دخل حجرته أمر حراسه ألايسمحوا لأحد بالدخول عليه أو إزعاجه وهو يصلي.. ثم فوجئ يوما في محرابه بأنه أماماثنين من الرجال.. وخاف منهما داود لأنهما دخلا رغم أنه أمر ألا يدخل عليهأحد.سألهما داود: منأنتما؟

    قال أحد الرجلين: لا تخف يا سيدي.. بيني وبين هذا الرجل خصومة وقدجئناك لتحكم بيننا بالحق.

    سأل داود: ما هي القضية؟ قال الرجل الأول: (إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌوَاحِدَةٌ). وقد أخذها مني. قال أعطها لي وأخذها مني..

    وقال داود بغير أن يسمع رأي الطرف الآخر وحجته: (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِنَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ).. وإن كثيرا من الشركاء يظلم بعضهم بعضا إلاالذين آمنوا..

    وفوجئ داودباختفاء الرجلين من أمامه.. اختفى الرجلان كما لو كانا سحابة تبخرت في الجو وأدركداود أن الرجلين ملكان أرسلهما الله إليه ليعلماه درسا.. فلا يحكم بين المتخاصمينمن الناس إلا إذا سمع أقوالهم جميعا، فربما كان صاحب التسع والتسعين نعجة معهالحق.. وخر داود راكعا، وسجد لله، واستغفر ربه..

    نسجت أساطيراليهود قصصا مريبة حول فتنة داود عليه السلام، وقيل أنه اشتهى امرأة أحد قواد جيشهفأرسله في معركة يعرف من البداية نهايتها، واستولى على امرأته.. وليس أبعد عنتصرفات داود من هذه القصة المختلقة.. إن إنسانا يتصل قلبه بالله، ويتصل تسبيحهبتسبيح الكائنات والجمادات، يستحيل عليه أن يرى أو يلاحظ جمالا بشريا محصورا في وجهامرأة أو جسدها..

    وفاته عليه السلام:

    عاد داود يعبد الله ويسبحه حتى مات… كان داود يصوم يوما ويفطر يوما.. قال رسول اللهمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم عن داود: "أفضل الصيام صيام داود. كان يصوميوما ويفطر يوما. وكان يقرأ الزبور بسبعين صوتا، وكانت له ركعة من الليل يبكي فيهانفسه ويبكي ببكائه كل شيء ويشفي بصوته المهموم والمحموم"..

    جاء في الحديث الصحيح أن داود عليه السلام كان شديد الغيرة علىنساءه، فكانت نساءه في قصر، وحول القصر أسوار، حتى لا يقترب أحد من نساءه. وفي أحدالأيام رأى النسوة رجلا في صحن القصر، فقالوا: من هذا والله لن رآه داود ليبطشنّبه. فبلغ الخبر داود -عليه السلام- فقال للرجل: من أنت؟ وكيف دخلت؟ قال: أنا من لايقف أمامه حاجز. قال: أنت ملك الموت. فأذن له فأخذ ملك الموت روحه.

    مات داودعليه السلام وعمره مئة سنة. وشيع جنازته عشرات الآلاف، فكان محبوبا جدا بين الناس،حتى قيل لم يمت في بني إسرائيل بعدموسى وهارونأحد كان بنو إسرائيل أشد جزعا عليه.. منهم على داود.. وآذت الشمس الناس فدعاسليمانالطير قال: أظلي على داود. فأظلته حتى أظلمت عليه الأرض. وسكنت الريح. وقالسليمان للطير: أظلي الناس من ناحية الشمس وتنحي من ناحية الريح. وأطاعت الطير. فكان ذلكأول ما رآه الناس من ملكسليمان.

  15. #105
    الصورة الرمزية The Imaginary
    The Imaginary غير متصل !Silent :|Imagination
    الفائزه الثانيه في مسابقة تصميم العملة النقدية
    التسجيل
    13-07-2005
    الدولة
    K.S.A
    المشاركات
    3,547

    مشاركة: أحسن وأفضل القصص في الدنيا

    ماشاء الله عليك يا أخي أمارانت ...
    والله مجهود تشكر عليه ... لقد جمعت أجمل وافضل المعلومات ^^ حقا
    جزاك الله عليها الف خير ... وجعلها في ميزان حسناتك ...

صفحة 7 من 9 الأولىالأولى ... 23456789 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •