صفحة 7 من 13 الأولىالأولى ... 23456789101112 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 91 إلى 105 من 183

الموضوع: بلا اتجاه

  1. #91
    التسجيل
    26-04-2003
    الدولة
    -(_)K..s..A(_)-
    المشاركات
    902

    مشاركة: بلا اتجاه

    مشكوووور اخوي على الفصل الجميل
    هلالي إلى الابد




  2. #92
    التسجيل
    21-05-2005
    المشاركات
    100

    مشاركة: بلا اتجاه

    Tranedo

    شكر لمرورك... وإلى فصل آخر.

  3. #93
    التسجيل
    29-04-2003
    الدولة
    Jordan
    المشاركات
    527

    مشاركة: بلا اتجاه

    تيلم أخوي على الفصل الكثر من رائع

    سلام
    رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا


    كن مع الله ولا تبالي

    لاإله إلا الله محمد رسول الله


    أنا على موعد مع الموت متى؟ وأين؟؟

    The Fury

  4. #94
    التسجيل
    21-05-2005
    المشاركات
    100

    مشاركة: بلا اتجاه

    The Fury

    شاكر مرورك أخي العزيز

  5. #95
    التسجيل
    21-05-2005
    المشاركات
    100

    مشاركة: بلا اتجاه

    الفصل الخامس عشر



    الاثنين/ التاسعة وخمسون دقيقة مساء ً.



    زفر حمد بقوة وهو ينتظر الدخول إلى المسينجر، دقائق معدودة ويبدأ الاجتماع الأول لهذه المجموعة الوليدة، لحظات وتتضح صورة العمل القادم، لحظات ويتعرف على شخصين جديدين ويدخلان قاموس حياته الشخصية وتعاملاته اليومية، ( الليل) و ( مجروحة بأهدابي).



    كان قد قرأ قصص ( الليل) الثلاث، أعجبته كثيرا ً أفكارها المبدعة والجديدة، هذا الشاب يملك خيالا ً مجنحا ً واسعا ً - قال لنفسه - ولكن يا للأسف لا تسعفه اللغة كثيرا ً، فلغته تغرق بسهولة مهما حاول انتشالها من العامية والألفاظ المصطنعة، والتشبيهات المتكررة.



    وبالأمس قرأ ما كتبته ( مجروحة بأهدابي)، بدأ بالقصة القصيرة والتي تحمل اسم ( امرأة تقتات الحزن)، كانت القصة عن أرملة ثلاثينية تعاني من تسلط أخوتها، وتتذكر زوجها الراحل بحزن وحب، لم تحمل القصة جديدا ً، هي نفس تيمات الفتيات المتعلقات بالحزن، كأنما الحزن والشرود يكمل صورة الفتاة الرقيقة، ولكنه للحق أعجبته اللغة الجميلة، لغة كغيمة صيفية فرت من الحرارة ومن غضب الشمس، لغة ناعمة سلسة، مداعبة كنسيم الصباح.



    طبع القصة وقرأها مرتين، ملونا ً الجمل والمقاطع التي أعجبته بلون فسفوري مميز، وصار يعيدها مستحسنا ً:



    ( تمضي أيامي كساقية بئر معطلة، لا تعزق ماء ً ولا أملا ً....)



    ( لا أصعب من الفقد... إلا سماع نقد الفقد... ممن لم يجربه...)



    ( بكت نورة ولفت وجهها ببقايا خمارها الممزق وهي تقول:



    - دعوا لي صورته على الأقل، فمازال في عينيه ذلك البريق الذي كان يدفئ شتاءاتي الماضية.)



    ( صرخ عبيد:



    - أيتها المخبولة لا تنتظري فارسا ً يأتيك ِ على صهوة الحلم، أبو عثمان غني وطيب، ولا يعيبه شيء... كفي عن العيش على ضفاف نهر جف.)



    ( الليل حيث يرتاح الظالم والمظلوم من معارك أطراف النهار...)



    ( هذا البيت يعبق به، ولو عمرت عشرة قرون، ثم مررت به بعدها، لسمعت وجيب قلبي في صدري...)



    كانت القصة باذخة من هذا الوجه، أما الرواية والتي أربت فصولها على العشرين، فلم يقرأ إلا فصلها الأول، كانت لها نفس تلك اللغة، وذات الكلمات المنتشية العابقة بالعطور.



    لقد أحسن سعد الاختيار، هكذا حدث نفسه، وهو يرى شاشة المسينجر تفتح أمامه ويرى سعد والليل ينتظران، بادر حمد بالسلام، فرد عليه سعد وكتب له:



    - لحظة... سأضيفك إلى محادثتنا أنا والليل.



    مضت ثواني وفتحت له النافذة الخاصة بسعد والليل، فكتب حمد:



    ضوء: السلام عليكم.



    قلم بلا اتجاه: وعليكم السلام.



    الليل: وعليكم السلام.



    ضوء: مساء الخير.



    الليل: مساء النور... كيف حالك أخوي ضوء؟



    ضوء: بخير، الله يسلمك، كيف حالك أنت؟



    الليل: طيب طابت حالك.



    قلم بلا اتجاه: ننتظر الأخت مجروحة، عسى ما تتأخر علينا.



    قلم بلا اتجاه: كنا نتكلم أنا والليل على الفكرة اللي عنده، واللي بيطرحها في الاجتماع.



    ضوء: اها.



    الليل: كنت أقول لأخوي قلم إنه أعجبتني كثير روايتك ( سنوات مسنية).



    قلم بلا اتجاه: هههههههه، مسنية ( وجه تعبيري يخرج لسانه).



    الليل: أعوذ بالله ما يفوتك شيء، عذرا ً منسية، سنوات منسية.



    قلم بلا اتجاه: ضوء، لا تشره ترى الليل يحاول يتعلم الكتابة بسرعة، وطبعا ً تطلع بلاوي زرقاء من وقت لأخر.



    ضوء: هههههههه، عادي كلنا نخطئ من السرعة.



    سمع الثلاثة لحظتها الصوت المميز و( تم تسجيل دخول مجروحة بأهدابي)، قام سعد بإضافتها، ثم وبلون أحمر قان ٍ جاء السلام والتمسيات منها، وبعد مرور لحظات المجاملة، كتب سعد مفتتحا ً:



    قلم بلا اتجاه: أهلا ً وسهلا ً بكم جميعا ً وقبل ما نبدأ، أرجو يا أخوان حتى يكون ما نكتبه واضح ومفيد، أن نتجاوز ردود المجاملات، وأيضا ً أن يكون الكلام مداورة بيننا، حتى نعطي الفرصة لكل واحد بأن يقول ما يريده، اتفقنا؟



    قلم بلا اتجاه: أولا ً: الموضوع الرئيسي للاجتماع: كتابة رواية جماعية بإسم منتدى ( أقلام بلا اتجاه) وطباعتها مع حفظ حقوق الأعضاء المشاركين المادية والأدبية.



    قلم بلا اتجاه: الاجتماع الأول: سيتم فيه التالي:

    1. توزيع نسخة مبدئية من القوانين التنظيمية للجماعة لدراستها من قبل الأعضاء وطرح آرائهم واقتراحاتهم ومناقشة ذلك في الاجتماع القادم.

    2. تحديد موعد أسبوعي ثابت للاجتماع ومناقشة سير عمل الجماعة.

    3. الاتفاق على حفظ نسخة من الكلام الذي يدور في الاجتماعات عند كل عضو كمرجع عند الضرورة.

    4. الاتفاق على فكرة الرواية ومحاورها الرئيسية، وتكليف أحد الأعضاء بصياغة الفكرة وتقديمها في الاجتماع القادم.

    5. توزيع العمل بين الأعضاء، وتحديد المسئوليات والمهام لكل عضو.



    قلم بلا اتجاه: ما رأيكم؟



    ضوء: ممتاز... على بركة الله.



    الليل: الفقرة الثالثة ما فهمت وش المصقود منها؟



    الليل: عذرا ً المقصود.



    قلم بلا اتجاه: ( وجه تعبيري مبتسم) لنتركها لوقتها بنمر على النقط وحدة وحدة.



    مجروحة: حلو... لنبدأ.



    قلم بلا اتجاه: النقطة الأولى... برسل لكل واحد منكم نسخة من القوانين في نهاية الاجتماع حتى تقرءوها وتعطون آرائكم في الاجتماع القادم.



    قلم بلا اتجاه: النقطة الثانية... في أي يوم تفضلون أن يكون الاجتماع؟



    ضوء: الاثنين.



    الليل: الخميس عشان الواحد يكون فاضي.



    قلم بلا اتجاه: الخميس صعب لأنه يمكن يتعارض مع مناسبات اجتماعية أو يكون الواحد طالع.



    مجروحة: الاثنين حلو.



    قلم بلا اتجاه: كل اثنين... الساعة عشرة؟



    ضوء: 11.30 أفضل.



    الليل: لا متأخر... ما أحب السهر.



    مجروحة: متأخر.



    قلم بلا اتجاه: ههههه، اسمك الليل ولا تحب السهر، طيب... ما رأيكم؟ بالاثنين الساعة 11 ولا تزيد مدة الاجتماع على النصف ساعة؟ زين كذا؟



    ضوء: تم.



    الليل: خلاص ( وجه تعبيري يغمز).



    مجروحة: اوكي.



    قلم بلا اتجاه: ممتاز... الوقت: كل اثنين... الساعة 11... ومن عنده نية التغيب عن الاجتماع يجب عليه تبليغ الأعضاء قبلها بيومين على الأقل.



    قلم بلا اتجاه: النقطة الثالثة: المطلوب من كل عضو أن يحتفظ بعد نهاية الاجتماع بنسخة من الاجتماع على جهازه للتذكير بما دار فيه... بس هذي كل السالفة يا الليل.



    الليل: اها... هيك لكان.



    قلم بلا اتجاه: أي حبيب ألبي... اتفقنا.



    الليل: اتقفنا.



    مجروحة: تمام.



    ضوء: اتفقنا.



    قلم بلا اتجاه: ( وجه تعبيري يضحك) خلاص اتقفنا ( وجه تعبيري يخرج لسانه)



    الليل: حبيبي قلم مشي، لا تأخذ ببالك، الكيبورد عندي ردية... الأسبوع الجاي بغيرها.



    قلم بلا اتجاه: ههههههههه، ظلمت الكيبرود.



    الليل: هههههههه ( وجوه تغمز وتضحك وترقص حتى) سجل عندك كيبرود، ههههههه، ( وجوه وزهور وقلوب محطمة).



    ضوء: هههههههههه.



    مجروحة: ههههههههه (وجه تعبيري مبتسم).



    قلم بلا اتجاه: الليل شوي شوي لا يطق بك عرق، تراي قاصد الخطأ بس عشان أوسع صدرك.



    الليل: ايه هين... على غيري.



    قلم بلا اتجاه: طيب... نكمل، النقطة الرابعة: الفكرة وصياغتها، هاتوا الأفكار اللي عندكم... نناقشها ونصوغها.



    الليل: عن أذنكم أنا عندي فكرة حلوة.



    قلم بلا اتجاه: ما شاء الله... تزكي نفسك، حلوة؟؟؟ طيب وش يدريك يمكن تطلع قديمة وإلا تحوم الكبد ( وجه تعبيري مبتسم).



    الليل: أنتم اسمعوها وبعدين أحكموا... هي زينة وإلا لا.



    ضوء: هات.



    الليل: طالب مبدع في الجامعة، يدرس حاسب آلي، ويروح في مسابقة علمية في أوروبا، يمثل الجامعة يعني والمملكة، وهناك يتعرف على شاب أوروبي ويتصادق معه، وعندما يرجع للسعودية يصير يتكلم معه بالمسينجر، وبعدين يكتشف أن هذا الشاب الأوروبي هاكرز، وأنه يتجسس على جهازه ويسرق أفكاره والبرامج اللي يسويها... معي؟



    ضوء: معك... معك.



    مجروحة: معك كمل بليييز.



    الليل: المصيبة وين؟ المصيبة أنه في على جهازه أشياء شخصية جدا ً، صور له يعني وصور لأخواته وأهله، ويندم كثير على غلطته، وعلى وضعه للصور وعلى تعرفه وأمانه لواحد ما يستاهل، وبعدين يبدأ يفتش عن واحد يساعده، ويحصل في النهاية هاكرز سعودي، ويطلب منه أنه يساعده، وفعلا ً يساعده هذا الهاكرز ويدمر جهاز الأوروبي ويمسح كل اللي عليه، وتنتهي القصة بسلام ولكن بدرس قوي للشاب بأنه التكنولوجيا ممكن تكون لك يوم وعليك أيام.



    مجروحة: رووووووووعة ( وجه تعبيري مبتسم).



    ضوء: حلوة جدا ً بل ممتازة.



    قلم بلا اتجاه: جميلة وحديثة.



    قلم بلا اتجاه: فيه أفكار أخرى؟



    مجروحة: أنا كان عندي فكرة، بس روعة فكرة الليل قضت عليها ( وجه تعبيري غاضب).



    قلم بلا اتجاه: ههههه، لا قوليها يمكن تعجبنا أكثر.



    ضوء: قوليها أخت مجروحة.



    مجروحة: أوكي... مع إني مستسخفتها شوي.



    مجروحة: هي تتكلم عن بنت ذكية وجميلة ولكنها مصابة بالصمم والخرس، تقرأ يوما ً من الأيام قصيدة لشاعر شاب وتعجب فيه، بل تحبه وتتعلق فيه، وتبدأ تتبع قصائده، وتحاول تتعرف عليه، وتكتشف في النهاية أنه أعمى، ويتحطم حبها على صخرة عدم وجود طرق للتواصل بينهما... بس... عارفة إنها حزينة وبايخة.



    قلم بلا اتجاه: بالعكس جميلة وإنسانية... رائعة.



    ضوء: رائعة، أعجبتني.



    الليل: رووووووووووعة، أحسن من فكرتي يا هوووووووه.



    قلم بلا اتجاه: فيه أفكار أخرى؟



    قلم بلا اتجاه: طيب أنا عندي فكرة متواضعة... بشوف رأيكم فيها.



    قلم بلا اتجاه: فكرتي شوي متعبة ومركزة... تتكلم عن كاتب كبير في السن ومشهور جدا ً... قرر بعد سنوات أنه يقوم بتجربة عقول الناس، فكتب كتاب بطريقة سخيفة وغير مفهومة وأدعى أنها فتح أدبي جديد، واستغرب التهليل الكبير اللي لاقه كتابه والرواج والكتب والمقالات التي تناولته بالتحليل، وظهر شباب يقلدون طريقته، وبعد اكتمال التجربة يقوم بتأليف كتاب عن هذه التجربة وسخافتها وسخافة من صفق وروج لها.



    مجروحة: حلوة... حلوة جدا ً.



    الليل: ما أدري... هي حلوة... بس أحس أنها فلسفية وما فيها أحداث كثيرة.



    ضوء: الفكرة جميلة ولكن أليست قصيرة؟



    الليل: إلا قصيرة.



    قلم بلا اتجاه: لن تكون قصيرة لأنها راح تتناول حياة الكاتب وأسلوبه والأسلوب الجديد الذي سيخترعه والكتابات التي صفقت له وبعدين كتابه الأخير اللي يختم فيه حياته الأدبية.



    مجروحة: أنا أعجبتني.



    قلم بلا اتجاه: طيب... فيه أفكار أخرى؟ ضوء؟



    ضوء: بالنسبة لي لا



    قلم بلا اتجاه: طيب... نسوي تصويت على الأفكار:

    1. فكرة الشاب والهاكر.

    2. فكرة الفتاة والشاعر.

    3. فكرة الكاتب.

    وش اللي يناسبكم؟



    قلم بلا اتجاه: هههههههه، وراكم سكتوا مستحين؟ طيب أنا أبدأ مادام فكرتي ما أعجبتكم فأنا أختار فكرة ( الفتاة والشاعر).



    ضوء: وأنا ( الفتاة والشاعر)



    الليل: تم... الفتاة والشاعر.



    مجروحة: فكرتك رائعة أخوي قلم... وأنا معكم في اللي تشوفونه.



    قلم بلا اتجاه: مشكورة أختي... وخلاص تم اختيار فكرتك بالاتفاق، وأرجو إنك تصوغيها في حدود صفحتين وورد وترسليها لنا.



    قلم بلا اتجاه: والآن نجي لتوزيع العمل... أنا عندي اقتراح وهو إننا ننقسم إلى فريقين الفريق الأول فريق التجهيز... والثاني فريق الكتابة... وبشرح لكم وش قصدي.



    قلم بلا اتجاه: فريق التجهيز مهمته استلام الفكرة والبدء في تجهيز عناصرها الأساسية... بمعنى إعداد بيئة القصة... أشخاص القصة... عمل أبحاث تخدم القصة، في قصتنا مثلا ً تجهيز أوراق عن الصم والبكم والمكفوفين وأي تفاصيل يطلبها فريق الكتابة، وتكون مراجعهم الكتب أو الانترنت.



    قلم بلا اتجاه: بينما فريق الكتابة مهمته تجميع هذه المادة وصياغة القصة وكتابتها... فما رأيكم من يريد أن يكون في فريق التجهيز؟ ومن يريد فريق الكتابة؟



    الليل: أنا يناسبني التجهيز... أنتم ما شاء الله لغتكم العربية زينة مهوب مثلي.



    ضوء: أتوقع أنك أنت أخوي قلم والأخت مجروحة الأنسب لدور الكتابة، لأنه ما شاء الله لغتكم ممتازة... بكون تجهيز.



    قلم بلا اتجاه: خلاص... أنا ومجروحة كتابة وأنتم تجهيز... بترسل لنا مجروحة الفكرة خوذوها وجهزوها للكتابة... جيد؟



    ضوء: خلاص.



    الليل: تم.



    مجروحة: بكتبها وأرسلها لكم بكرة.



    قلم بلا اتجاه: ممتاز... وأنا برسل لكم الآن نسخة القوانين... أقرءوها وأعطوني آرائكم الاثنين القادم...

    ....

    ...

    ..

    .



    * * *



    تراجع حمد في مقعده بعدما فرغ من قراءة مسودة القوانين، جعل يتأمل الحوار الذي دار بينهم في المسينجر قبل نصف ساعة، ولأول مرة ينتبه إلى سيطرة سعد وحضوره القوي.



    هذا السعد كم هو محير، أين هذا الإنسان اليوم الذي يمزح ويضحك ويدير الاجتماع بكل بساطة وقدرة وحيوية، من ذلك الشخص التائه الضائع الوحيد في طريق النهضة؟ كم من الشخصيات تحمل يا سعد في داخلك؟ كم أثواب تتسربلها وكم أثواب تنزعها في اليوم الواحد؟



    كان لقاء ً جميلا ً ومبشرا ً، أحب في ( الليل) بساطته وروحه العالية، وقبل خروجه من المسينجر أتفق معه على لقاء قريب عندما يستقبلون الفكرة من مجروحة، مجروحة بأهدابي... اسم جميل ومعبر، كانت متحفظة اليوم وهادئة، يا ترى هل تستطيع التأقلم على تقلبات سعد بما أنها صارت في مجموعته؟ أسئلة كثيرة تواردت إلى ذهن حمد وهو يتابع الردود القليلة المشجعة لفصل روايته الثاني الذي غفل عنه قليلا ً في خضم الأحداث الأخيرة... أسئلة تكررت كثيرا ً... ورافقته إلى فراشه الذي دخله متعبا ً... أغلق عينيه... ابتسم... ثم ضحك بصوت خافت... وهو يقول ( مسنية... الله يغربلك يا الليل... والله إنك منتهي)... ثم أنقلب على جانبه ونام.



    * * * * * * * * *



  6. #96
    التسجيل
    29-04-2003
    الدولة
    Jordan
    المشاركات
    527

    مشاركة: بلا اتجاه

    مرحبا أنا راحل...

    في كل مرة أقرأ الفصل الجديد أشعر أنك جالس معي وتعلم أدق تفاصيل حياتي فقصتك هذه نسخة عن بعض الأمور التي مررت بها وأمربها..

    قصتك أكثر من رائعة وأتمنى لك التقدم والتوفيق

    مع خالص محبتي...

    الى اللقاء
    رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا


    كن مع الله ولا تبالي

    لاإله إلا الله محمد رسول الله


    أنا على موعد مع الموت متى؟ وأين؟؟

    The Fury

  7. #97
    التسجيل
    21-05-2005
    المشاركات
    100

    مشاركة: بلا اتجاه

    The Fury

    السلام عليكم

    يسرني أخي أن القصة لامست جزء منك، شكرا ً لمرورك.

  8. #98
    التسجيل
    26-04-2003
    الدولة
    -(_)K..s..A(_)-
    المشاركات
    902

    مشاركة: بلا اتجاه

    فصل رائع

    آسف على تأخر الرد
    وننتظر الفصل الجديد
    هلالي إلى الابد




  9. #99
    التسجيل
    21-05-2005
    المشاركات
    100

    مشاركة: بلا اتجاه

    Tranedo


    أهلا ً وسهلا ً... شكرا ً لمرورك.

    والفصل القادم يوم الأربعاء إن شاء الله.


  10. #100
    التسجيل
    02-09-2004
    الدولة
    مدينه للعوائل فقط (الرياض)
    المشاركات
    10,502

    مشاركة: بلا اتجاه

    شكرا جزيلا فعلا جميل ...
    اطربني ياملـــك
    يرمى بالحجر فيعطي اطيب الثمر

  11. #101
    التسجيل
    21-05-2005
    المشاركات
    100

    مشاركة: بلا اتجاه

    The Cage


    شكرا ً لمرورك أخي


  12. #102
    التسجيل
    21-05-2005
    المشاركات
    100

    مشاركة: بلا اتجاه

    الفصل السادس عشر



    "ها هو الصيف يقبل" قالها حمد وهو يلف شماغه على هامته، ليقي وجهه لفحة السموم وهو يخطو خارج مبنى الكلية متجه إلى مواقف السيارات.



    سيلفه الصيف الطويل بعباءته الضيقة، لا رحلات برية منذ الآن... حتى حين، لا حرية في الحركة... سيضطر إلى تفيء الظلال، وإلى حصر نشاطاته الحركية إلى ما بعد مغيب الشمس، مشكلة الحرارة أنها تجلب الكسل وتزهد في العمل، يذكر أنه قرأ مرة أن الهنود يلجئون إلى تتبيل أكلهم لتنشيط أنفسهم ومحاربة الخمول الذي يبعثه جوهم الحار، ما هذا؟ حرارة في داخل البدن وحرارة في خارجه؟ الله يصبرنا.



    ركب سيارته وبادرت يده المكيف استحثاثا ً لهوائه الفاتر الذي بدأ يبرد عندما انطلق، عندما أبترد قليلا ً انفكت حبائل أفكاره التي شبكتها الحرارة والضيق، دفع شريطا ً في المسجل، فانبعث صوت أحد المنشدين مترنما ً، اكتمل جوه الخاص الآن وبدأ يسرح كعادته.



    بالأمس انتهى الاجتماع الثاني... " ما أسرع الأيام" هكذا فكر، تذكر التساؤلات التي حملها معه بعد الاجتماع الأول، تساؤلات عن سعد وعن الليل ومجروحة وعن المشروع والرواية، تذكر اجتماعه مع الليل على المسينجر بعدها بيومين وبين يديهما الفكرة كما صاغتها مجروحة.



    الليل... في ذلك اللقاء اكتشف أن الاسم الغامض الذي يستمد غموضه ورهبته من الليل المجن للمرئيات يقبع ورائه إنسان طيب، بسيط بساطة متناهية، وذو روح طفولية، في ذلك اللقاء تحدثا عن كل شيء، الرواية، المنتدى، الأعضاء، حدثه الليل عن نفسه، طموحاته، آرائه، همومه، كان ككراس سقط مع عل ِ فتناثرت أوراقه في كل اتجاه.



    عندما انتهى اللقاء عرف حمد أنه كسب صديقا ً جديدا ً وثمينا ً، كانا قد قررا في الاجتماع طريقة البحث ونوعية المعلومات التي سيجمعانها وطريقة التنسيق، واتفقا على محاولة الانتهاء من هذا كله مبكرا ً، للتفرغ للامتحانات النهائية التي لا يفصلهم عنها سوى أسابيع ثلاثة.



    وبالفعل انشغل الاثنان في البحث والعمل، حتى في إجازة نهاية الأسبوع التي لم يخرج فيها حمد إلى المخيم بعدما قرر الأصدقاء وقف نشاطاتهم البرية بدعوى الحر وقرب الامتحانات، ولذلك تفرغ حمد للعمل واللقاء الليلي على المسينجر بصديقه الجديد، وعندما حل الاجتماع الثاني كان الجهد قد أثمر مادة متكاملة ومنسقة هي حاصل خمسة أيام من الجهد.



    في ذلك الاجتماع القصير اتفق الجميع على وقف نشاطاتهم واجتماعاتهم لمدة ثلاثة أسابيع استعدادا ً للامتحانات، وبعد هذه الثلاثة أسابيع يبدأ كل من قلم ومجروحة الكتابة ويعرضان إنتاجهم في الاجتماعات الأسبوعية، ويتبادلون الآراء والنقد حوله.



    توقفت أفكاره الآن... وداخله الضيق، عندما تذكر مروان، لازال البرود يغلف العلاقة بينهما، كان يأمل أن يرتق اجتماعهما في المخيم الفتق الناشئ ولكنه تفاجئ بمكالمة مروان التي أخبره فيها بإلغاء اجتماعهم لهذا الأسبوع والأسابيع القادمة، استغرب هذا التوقف المبكر... واستمع بخيبة أمل لحجج مروان، وعندما أنهى الاتصال تساءل " هل دفع مروان الشباب لهذا القرار؟ معقول؟ هل وصل زهده في لقاءي إلى التخلي عن البر والمخيم والليالي المقمرة؟ هل؟".



    * * *



    نفس اليوم/ الساعة 11.23 مساء ً.



    يا الله كم يبدو المسينجر مقفرا ً الآن، هكذا حدث نفسه، بالأمس كان ضاجا ً بروح سعد وسيطرته، بطيبة الليل وبساطته، بغموض مجروحة وهدوئها، والآن... لا أحد، شتم الامتحانات في سره، عليه الآن أن يقضي ثلاثة أسابيع من الملل المتصل حتى تنتهي هذه الامتحانات المشئومة.



    كان حمد من طينة الطلاب السماعيين الذين لا يطيقون مسك كتاب دراسي بأيديهم، يكتفي فقط بحضور المحاضرة، الاستماع بانتباه ومحاولة الفرار من هجمة النعاس، ثم عندما تحل الامتحانات يمسك كتابه بيده ويظل يدور في الغرفة وهو يزعق " أبسقط هالترم... أكيد... والله ما أدري وش السالفة؟ طلاسم يا خلق طلاسم" ويقضي وقته في الاتصال بالآخرين والبحث عن أسئلة السنوات السابقة، ثم عندما يحل اليوم الموعود وتصل ورقة الأسئلة إلى يديه، يغمض عينيه كأنه يتوقع أن يد ( لينوكس لويس) سوف تخرج منها لتلطمه من دون قفاز طبعا ً، ثم يفتح عينا ً ويتبعها الأخرى، ويقرأ الأسئلة ببطء وهو يبلع ريقه، ثم سبحان الله... يأتيه الإلهام فيتذكر أن السؤال الأول قاله المحاضر يوما ما وأن جوابه كذا، والسؤال الثاني تطرق له المعيد وجوابه كذا، والمسألة الفلانية قام هو بحل مسألة مشابهة لها بالأمس، وهكذا حتى يخرج من الامتحان وهو رافع يديه جذلا ً كأنه جندل لتوه سبعة من التتر، ويمضي يدق صدره وهو يقول " على غيرنا يا حبيبي... على غيرنا... خلو العبقرية لأهلها يا ناااااااس"، نستخلص من هذا الهذر أن حمد لن يذاكر حرفا ً لا هذا الأسبوع ولا الأسبوع القادم.



    دفعه الفراغ إذن إلى ارتياد مواقع عدة، كان قد فكر في البداية أن يكتب نتفا ً من الفصل الثالث لروايته ولكنه لم يجد في نفسه الرغبة ولا القدرة على الابتكار، علل نفسه بأن الناس مشغولة عنه الآن، فلمن يكتب؟



    وجد السأم روحه أرضا ً بورا ً فاستوطنها، فجعل يتقلب بين مواضيع أحد المنتديات الشهيرة بخمول، عندما سمع الصوت المميز لدخول شخص المسينجر ورأى الشارة تنهض من بين ركام الأيقونات المكدسة في الطرف الأيمن السفلي، كان الاسم غريبا ً بيت شعر أو جملة ( ما بقى غير لحظة أسمعك فيها وانتهي)، من هذا؟ حرك المؤشر فظهر عنوان البريد، مجروحة !!!



    حار في التصرف الذي يجب أن يبديه الآن؟ هل يسلم عليها ويرحب بها؟ أم أن هذا سيعتبر تطفلا ً من جانبه؟ سيسلم عليها... لا... لن يفعل... ولكن أليس في ذلك قلة ذوق؟



    وفرت مجروحة عليه حيرته عندما كتبت:



    ما بقى غير ....(مجروحة): السلام عليكم.



    ما بقى غير ....(مجروحة): مساء الخير.



    ضوء: وعليكم السلام... مساء النور.



    مجروحة: كيف الحال؟



    ضوء: الحمد لله بخير... كيف حالك أنت ِ؟



    مجروحة: بخير والحمد لله... بصراحة ما توقعت أحصل أحد الوقت هذا.



    ضوء: أنا يئست أنه أحد يدخل، الناس مشغولة بالامتحانات.



    مجروحة: الحمد لله أنا مخلصة من هذا الهم.



    ضوء: ما شاء الله... وش هالكلية اللي مخلصة بدري؟



    مجروحة: لا، أنا تخرجت السنة الماضية، أشتغل الآن.



    ضوء: آها... الله يوفقك يا رب، لا احنا لسى، الله يعين بس.



    مر وقت ولم يأته رد على عبارته الأخيرة، ماذا يفعل الآن؟ هل يبادرها بالحديث؟ أم ينتظرها لتكمل ما بدأته هي، حقيقة ً أن حمد لم يتعود على الحديث مع الفتيات... لا على أرض الواقع، ولا على الانترنت، لم يمتلك يوما ً خبرة في الأسلوب الملائم الذي يخاطب به الإناث وهو أسلوب يختلف قطعا ً عن أسلوب تعامله مع مروان أو عبد العزيز أو غيرهم.



    في البداية كان يواجه المعضلة العظمى عندما يتصادف أن يرد على هاتف المنزل في أحد الأيام ليجد على الطرف الآخر إحدى صديقات أخته هيلة الكثيرات، تتلخص المعضلة التي لم يجد لها مجمع اللغة العربية حلا ً حتى الآن في كاف المخاطبة، فمثلا ً كانت الخيارات المتاحة أمام حمد عندما يوجه سؤال (كيف حالك؟) لأنثى على النحو التالي ( حالتس/ حالس/ حالتكي/ حالتِكٌ/ حالش/ حالك) المشكلة هنا تكمن في أن الخيارات المتاحة كلها غير مناسبة، فحالتس... تصلح عندما يخاطب جدته، أمه، أخواته، ولكن للأخريات خارج النطاق لا تبدو جيدة، أما حالس... فهي مضحكة، تخيلوا رجلا ً يكلم زوجته هكذا ( أنا أحبس... أفكر فيس... أتمنى أسعدس... أحطس في قلبي... أتأمل عيونس... أهيم في آفاقس...) أرأيتم؟ نأتي إلى حالتكي... صعبة النطق ثم إنها متكلفة جدا ً، أما حالتك فمشكلتها أن الكاف هنا تبدو كنقرة على سطح مجوف كما أنها متكلفة أيضا ً، حالش أيضا ً غير مناسبة لنفس أسباب حالس، وأخيرا ً حالك... وهي صيغة مخاطبة للمذكر.



    قلنا هذا في البداية فقط، بعدها تأتي مشكلة أن ما يقال للذكر لا يجب أن يقال للأنثى، فبإمكانه أن يقول لمروان مثلا ً لمجرد الحديث ( أحس حالي متضايق شوي) فيكون الرد ( وسع صدرك يا بن الحلال... هونها وهي تهون) ولكن عندما توجه نفس العبارة لهيلة فالرد لن يكون أقل من ( متضايق؟ يوووووه... ليه؟ لا يكون مني؟ أنا آسفة، والله آسفة، ضايقتك؟ صدق والله؟ طيب كيف؟ متى طيب؟ من هو؟ وش السالفة؟ إلخ.....).



    وفرت عليه مجروحة هذه الهواجس مرة أخرى بكتابتها:



    مجروحة: الله يوفقك.



    ضوء: الله يسمع منك... آمين.



    مجروحة: طيب ورى ما تروح تذاكر زي الناس؟ ( وجه تعبيري ضاحك)



    ضوء: بصراحة ما قدرت ما لي نفس... أنا من النوع اللي يذاكر ليلة الامتحان.



    مجروحة: ههههههه، مثلي أنا كنت أكره المذاكرة كثير، وأيام الامتحانات كانت أيام سوداء بالنسبة لي.



    ضوء: المشكلة....

    ....

    ...

    ..

    .



    * * *



    الأربعاء/ الحادية عشرة مساء ً.



    ها هو أربعاء منزلي آخر بعد كل تلك الأربعاءات التي قضاها على الرمال، تحمل له رياح الشمال رائحة الخزامى والشيح، وتطقطق أمامه جذوع الغضا أو السمر، أربعاء يقضيه في المنزل كدابة الرحى، يعابث لمى قليلا ً يحملها ويغضبها، فتضربه بيدها الصغيرة، فيغطي وجهه بيديه ويصطنع البكاء، فتحن عليه وتضم رأسه إلى صدرها وهي تقول " آلاص... آلاص" ( خلاص... خلاص) أو يقصد غرفة أخواته هيلة وعبير ويشاكسهن حتى يزعقن مستنجدات بالأب القابع في صومعته فيفر هاربا ً، ليقتحم غرفة أخيه الصغير سعد ويقفز ليجلس متربعا ً على السرير وهو يقول مستهترا ً " تعال أنت الحين وخشك، وراك تخلي خالد يخلي نورا يالردي، ورى ما خليته يعرس عليها، وإلا خايف تصير تكاليف العرس عليك يا لبخيل"، وسعد الصغير ينظر إليه باستغراب ثم يبتسم ابتسامة بلهاء اتقاء ً للشر، فيتركه ويثب هابطا ً إلى الدور الأرضي قاصدا ً المطبخ حيث أمه تقوم بعمل ما، تخلل المحشي أو تحشي المخلل، الله أعلم... فيعابثها ويمازحها ثم يفر هاربا ً عندما تزعق به " يا عل الله لا يسلط علينا... يا وليدي رح ذاكر لك شيء ينفعك" جوابا ً على قوله " يمه... ما ودتس تشوفين لأبوي حرمة مثقفة تجلس معه توسع صدره في هالمكتب بدال مهوب قاعد لحاله"... لا غرابة في هذا الجدول المزدحم، فهو الفراغ... الفراغ الذي يزهق روحه ويجثم عليها.



    والآن... وعندما أوفت الساعة على الحادية عشرة، وأغلق الباب ورائه، وجلس أمام الجهاز، أعترف لنفسه بكل بساطة أنه كان ينتظر هذه اللحظة منذ فتح عينيه في الصباح.



    بالأمس عندما أغلق جهازه واستقر على سريره، داخلته نشوة غريبة وشعور جميل، كان شعورا ً غريبا ً لا معنى له، أعقب السأم والكآبة والملل التي بدأ بها يومه، شعور داخله بعد لقاءه وحديثه بمجروحة، ارتاح لها كثيرا ً، كان حديثهما محايدا ً... بسيطا ً... قصيرا ً لأنها استأذنت وخرجت بدعوى تأخر الوقت ورغبتها في النوم من أجل نهوض باكر للعمل، ولكنه أحس بتبسطها معه، وخروجها من التحفظ الملازم لها في الاجتماعات، هل ارتاحت لي هي أيضا ً؟



    ولذلك فكر بالدخول مبكرا ً اليوم، عله يظفر بوقت أطول معها، " ما هذا؟" توقف وسأل نفسه؟ لماذا أتشوق يا ترى للحديث معها؟ ما معنى هذا الشعور؟ هل لأنها علاقة جديدة وغامضة وأريد كشف غموضها؟ ولكن لم َ لم أشعر بمثل ذلك مع الليل؟ هل لأنها فتاة؟ ولكن ما الذي سأستفيده من كونها فتاة؟ هل أريد منها شيئا ً؟ لا والعياذ بالله... أنا لا أرضى لأحد أن يمس أختي هيلة فلذلك يجب أن أصون نفسي عن هذه الأشياء، ولكن لحظة... أنا تشوقت لمعرفة سعد وأعقب معرفتي به نشوة وارتياح، ربما هذا الشعور مثل ذاك، لا... لا... لا تخدع نفسك، الشعور ليس هو، هناك شيء يجذبني لها، ولكن ما هو؟ ما هو؟



    المسينجر الغاص دوما ً خال ٍ الآن كعرفة في يوم النحر، خاب أمله، تمنى أن يجدها ولكن لا بأس ربما تأتي، اليوم أربعاء ولا عجلة هنالك، مضى يقلب طرفه بين المواقع والصفحات بسأم يتعاظم، حتى انتصف الليل وأيقن من أنها لن تأتي، يبدو أنه مقدر له أن يمضي هذه الليلة في القراءة.



    ترك الجهاز ونزل ليحضر له شيئا ً باردا ً يشربه، كان الدور الأرضي مظلما ً وقد أوى الجميع إلى فرشهم، ما عدا والده الذي لازال النور ينبعث من تحت باب مكتبه، لكم تعجب من جلد والده ومحبته للقراءة والعلم، ساعات طويلة ينفقها في مكتبه الغاص بالكتب والمجلدات والبحوث.



    عاد إلى غرفته وحالما دخلها شاهد المسينجر يتألق بون برتقالي بمعنى تلقيه ردا ً، لقد جاءت، أسرع إلى الجهاز، كانت قد كتبت:



    - السلام عليكم

    - مساء الخير

    - صح النوم

    - آلوووو

    - آلووووو



    كتب لها بفرحة:



    ضوء: وعليكم السلام.



    ضوء: مساء النور.



    ضوء: عذرا ً تركت الجهاز شوي عشان أجيب لي شيء أشربه.



    مجروحة: هلا، توقعت إنك بترد بسرعة، كيف الحال؟



    ضوء: الحمد لله... بخير وأنت ِ كيف حالك؟



    مجروحة: الحمد لله، كوووول، طفشان؟ ههههههه



    ضوء: هههههه، خليها على الله، اليوم أذيت أهلي من الطفش والملل.



    مجروحة: الله يعين، ما كان لي نية صراحة أدخل المسينجر، لأني رجعت من الدوام تعبانة وبعدين طلعنا من البيت نزور أقرباء وتوي راجعة، بس قلت أدخل أسلم عليك قبل لا أنام، توقعتك سهران.



    ضوء: يسلمك ربي، سهران والله... ما وراي شيء، الناس كلها ماسكة دروسها وأنا انتظر الفأس تطيح بالرأس.



    مجروحة: هههههه، الله يوفقك... طيب أنا أستأذن الآن، بصراحة مو قادرة أفتح عيوني.



    ضوء: تصبحين على خير، وشكرا ً على الزيارة.



    مجروحة: بتكون هنا بكرة؟



    ضوء: إن شاء الله، بكون هنا كل يوم حتى يقولون بكرة امتحان.



    مجروحة: أوكي، بحاول أدخل بكرة أسولف معك، بكون مصحصحة وشبعانة نوم... إن شاء الله.



    ضوء: حياك الله بأي وقت وهذي الساعة المباركة.



    مجروحة: مع السلامة.



    ضوء: مع السلامة.



    * * *



    " كان لقاء ً قصيرا ً" قالها لنفسه بعدما أعاد قراءة الحوار مرات ومرات، هل قالت أنها دخلت لتسلم عليه فقط؟ نعم قالت ذلك، وهل سألته إن كان سيتواجد غدا ً كأنما هو السبب الوحيد الذي يدعوها للدخول؟ نعم لمحت لذلك.



    ترك النشوة والتساؤلات تدغدغه، ترك نفسه لهجمة الهواجس والأفكار حتى استنقذه النعاس ثم النوم منها... حتى حين.



    * * *



    الخميس/ الساعة 11.02 مساء ً.



    هل مر به يوم كهذا اليوم؟ يوم لا معنى له، منذ أصبح الصباح وهو ينظر إلى الساعة، يستحث الوقت، يفرح بمرور الدقيقة... الساعة، صار يقتل يومه ببطء وبملل، يتشاغل، يحاول أن يفعل شيئا ً ما لا يدري كنهه.



    خرج عصرا ً ليقوم بقليل من المهام التافهة، وبكثير من الدوران بلا هدى وبلا اتجاه، ولكنه أوقف سيارته بصورة مفاجئة في شارع الحسن بن علي أمام دكان خياط ما، غير آبه بنظرات الخياط الباكستاني ذو الشارب الضخم الذي يحمل اسم ( غلام شاه أو أسد الله أو شيء مشابه لهذا)، عندما قرر أن يقف أمام نفسه بصراحة بدلا ً من هذا الهروب الذي لا يحمل معنى.



    " لماذا أحرق يومي هكذا؟" تساءل، ما الذي أنتظره بالضبط؟ مجرد محادثة مسينجر؟ يوم من حياتي سيذهب بلا رجعة، أحرقه من أجل محادثة مسينجر وهواجس ورغبات غبية؟ ثم ماذا ستحمل لي هذه المحادثة؟ هه؟ لا شيء... لا شيء.



    حرك سيارته وهو يتميز غيظا ً، كان يكره هذا الطبع الذي يبدو أنه لن يتخلص منه أبدا ً، هذه الهواجس والخيالات والأفكار التي لا تنفك تتكرر وتكرر وتزداد ويصبح لها تفاصيل وثنايا، يكره في نفسه تناوله للكلمات الصغيرة، الأحداث التافهة من حوله التي يرميها الجميع ثم يمضون، بينما يتناولها هو ليصنع منها عالما ً... يزيد فيها ويضيف لها كل يوم حتى يأتي يوم ينسى فيه ما الأصل وما المتخيل.



    تذكر سعد، وانفجاره المشئوم في طريق النهضة، واستعاد ذلك الإحساس الذي أحس به عندما غابت عن عينيه أنوار سيارته الخلفية وهو يغادر، ذلك المزيج البغيض من الكآبة والافتقاد إلى شيء ما والرغبة الملحة في شيء ما.



    هل من الممكن أن يستعذب الإنسان الحزن؟ هل الآلام والأحزان هي الوجه الآخر للذة؟ أين يقع الخط الفاصل بين الألم واللذة؟ لم َ نبكي عندما نسمع لحنا ً جميلا ً؟ بينما كان المفروض أن نضحك ونفرح، لم َ؟ هل هذه هي الماسوشية؟ هل أنا ماسوشي؟ أم أن الماسوشية تختص بالتعذيب المادي البدني فقط؟ إذن ما هو اللفظ الذي يحتوي التعذيب الروحي؟ البارانويا؟ لا أعلم... سأسأل سعد عن ذلك يوما ً.



    والآن وهو يجلس أمام الجهاز، كان يعيد على نفسه السؤال الذي ما فتئ يردده منذ العصر، ما معنى كل هذا؟ ما الذي يجذبني إلى المسينجر؟ ما الذي يجذبني إليها؟ أريد أن أفهم... أريد أن أفهم.



    تمنى لبرهة أن تخلف وعدها وأن لا تأتي، ولكن هذه الأمنية سرعان ما فرت وغابت في حرقة الانتظار، بعد نصف ساعة مملة جاءت، جاءت كغمامة باردة اجتاحت فضاءه المختنق بالحرارة والرطوبة، تحدثت، ضحكت، ثم رحلت.



    وفي عتمة غرفته التي لا يضيئها سوى وميض شاشة الحاسب، كان يجلس بنفس الوضعية التي ظل عليها منذ رحلت، هناك شيء يعمل بطريقة غير صحيحة، يعرف هذا ويشعر به، وبلا سبب مفهوم أحس بشوق غريب لسعد... كأنما قد مر دهر منذ تحدث معه لآخر مرة.



    * * * * * * * * *



  13. #103
    التسجيل
    29-04-2003
    الدولة
    Jordan
    المشاركات
    527

    مشاركة: بلا اتجاه

    تسلم يمينك أخوي والله يبارك فيك
    وبإنتظار الفصل القادم
    سلام
    رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا


    كن مع الله ولا تبالي

    لاإله إلا الله محمد رسول الله


    أنا على موعد مع الموت متى؟ وأين؟؟

    The Fury

  14. #104
    التسجيل
    02-03-2004
    الدولة
    المكان: سري
    المشاركات
    1,667

    مشاركة: بلا اتجاه

    بسم الله الرحمن الرحيم..

    في البداية ، أعتذر أخي الفاضل على تأخري ، كان علي التثبيت منذ مدة طويلة..

    بصراحة ، أبهرتني حقاً.. أخاف تكون أنت حمد والقصة صارت حقيقة !!!

    إخواني القراء ، في موضوع مثبت لي في القسم (لاتخافوا مو قصة) أكيد بيهمكم.. ياليت تراجعونه ، وتراسلوني ، اعتبروها مثل مشورة في اتخاذ قرار..

    للأسف لم أنتهِ بعد ، وصلت حتى منتصف الفصل العاشر..

    لكننا جميعاً نتمنى منك الاستمرار ، وإن شاء الله هذه القصة لاتكون قصتك الأخيرة.. تقبل مني جزيل شكري..

  15. #105
    التسجيل
    21-05-2005
    المشاركات
    100

    مشاركة: بلا اتجاه

    The Fury

    شكرا ً لمرورك وبالتوفيق.

صفحة 7 من 13 الأولىالأولى ... 23456789101112 ... الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •