الذكرى الثالثة والعشرون :
محاولاتي اليائسة في إيجاد بديل لحور .. قد جعلتني اختار الفتيات بشكل عشوائي .. فلم أكتف بالآلام التي كنت اسببها لريم .. ولا بالجرح الذي سببته لي مريم .. بل تماديت كثيرا .. وأخذت اتعرف على الفتيات الواحدة تلو الأخرى ..
كنت كالمحموم الذي كلما أخذ دواءا ما .. ازدادت عليه الحمى .. فبحث عن دواء جديد .. فأصبح الحب لعبة بالنسبة لي .. لأقل بأن كلمة ( أحبك ) اصبحت اسهل كلمة على لساني .. حتى سأمت منها .. وما عدت اشعر بطعمها ..
تحولت فجأة من شاب محافظ خجول .. متردد .. إلى شاب لعوب .. كاذب .. قاس ،، لم اعد اعرف نفسي .. فقد امتلأت نفسي بالمراره .. وكره الذات .. لم اعرف كيف امكنني ان اتغير بهذه الطريقه ؟! ايكون ترك حور لي هو الذي جعلني اتغير إلى هذا الحد ؟! ام انني كنت هكذا منذ البداية ؟!
لا اعرف .. ولكنني بحاجة للتخلص من شبح حور .. ومن تعلقي المحموم بها .. يجب ان اجد فتاة تحبني بصدق .. فتاة مختلفة عن كل من عرفت .. فتاة تعيدني إلى ماكنت عليه يوما .. شاب خجول .. مستقيم .. صادق ..
لم اعد أذكر عدد الفتيات اللواتي عرفتهن خلال هذه المدة .. فقد اصبح تغيير الفتيات هواية بالنسبة لي .. فأتعرف إلى فلانه لأتركها ثم أتعرف إلى غيرها .. لا اذكر أني استمريت في أي علاقة من تلك العلاقات لأكثر من شهرين متتالين .. فقد كانت كل تلك العلاقات .. علاقات فاشله .. ادخلها بفرح وسرور .. وامل بأنني أخيرا وجدت ضالتي .. لأخرج منها بإحباط وضيق .. وشعور كبير باليأس .. وفي كل ذلك .. كانت ريم دوما إلى جانبي .. تراقبني وانا اتنقل من فتاة إلى أخرى .. لم اكن اعرف بم تشعر .. او بم تفكر .. أو بالأحرى .. لم اكن اريد ان اعرف بم تشعر ..
لأنني كنت اعرف في قرارة نفسي بأنني أعذب ريم وأجرحها بعلاقاتي المتكرره .. ولكنني لم اكن اريد ان اعترف لنفسي بذلك .. ربما لأنني كنت أنانيا .. فلو اعترفت لنفسي بأنني أجرحها .. فربما كنت سأتركها ترحل .. او تبتعد عني .. ولكني لم اكن قادرا على ذلك .. فقد كنت بأمس الحاجة إلى وجودها .. إلى دفئها وحنانها .. إلى قوتها وثقتها .. فقد كانت الوحيده التي تستطيع إعادة الأمل والقوة إلي من جديد ..
*****
حري بي ان اخبرك يامفكرتي عن بعض الفتيات اللواتي لا ازلت أذكرهن إلى الآن .. فربما تعذرينني لأنني لم اتمكن من حبهن ..
اذكر أنني تعرفت إلى فتاة تدعى ضحى .. لقد عرفتها منذ نحو عام تقريبا .. كنت قد اعتدت حينها على التعرف إلى أي فتاة تعجبني .. فلم يكن حديثي إليها بشكل مباشر يشكل أي عائق بالنسبة لي .. فقد اصبحت شديد الجرأة كما اخبرتك ..
كانت ضحى ودودة للغاية في البداية .. وقد كنت سعيدا بالتعرف إليها .. فشعرت بأنني أخيرا وجدت ضالتي .. فتأججت مشاعر الفرح والسرور في صدري .. ولم يمر أسبوع على معرفتي بها .. حتى بحت لها بحبي .. وبادلتني البوح ببوح أجمل منه .. فعشنا أياما في غاية السعاده .. ولكنها للأسف كانت مجرد أيام ..
فسرعان ما انكشف قناع المرح والاتزان والرقة الذي تختبئ خلفه ضحى .. لتظهر لي وجها لم اره من قبل .. ربما لأنني بحت لها بحبي اعتقدت بأنني لن اتمكن من رؤية عيوبها .. او انني قد اصبحت ملكا لها .. تستطيع ان تفعل معي ما تشاء ؟!
لا اعرف بالضبط مالذي جرى لها .. ولكنها تحولت إلى إنسانة .. تبكي لأتفه الأسباب .. وتصرخ وتغضب .. بل أنها أحيانا تفقد أعصابها إلى درجة أنها لا تعي ماتقول .. فتشتمني وتجرحني بكلام لم اسمعه في حياتي قط ..
لم اكن افهمها .. كانت تصرفاتها تشعرني بالحيره والضيق .. ولم اكن اجد امامي سوى ريم .. لأشكو إليها .. وأطلب منها النصح والإرشاد فيما علي ان افعل مع ضحى .. وكانت ريم تنصحني دوما بالصبر .. والاحتمال .. وتذكرني بأن هذه العلاقه هي العلاقه رقم ... لا اعرف كم .. وأنني يجب أن استمر بها ..
في البداية حاولت احتمال فورات غضبها .. وحاولت احتمال طبعها الهستيري .. لأنني لم ارد ان افشل مرة أخرى .. ولكنني في النهاية لم اعد اطيق الصبر أو الاحتمال .. فطلبت منها الانفصال بهدوء .. ولكنها بالطبع .. لا تعرف للهدوء معنى ..
لن اقدر أن انسى الفضيحة التي سببتها لي ضحى .. فهي لم تترك شخصا يعرفني إلا وقد شهرت بي وبسمعتي أمامه .. حتى انها كانت تتصل بأمي وأخواتي في الدوحة .. لتشتمني أمامهم .. وتخبرهم بأنني خدعتها واستغللتها ..
شعرت حينها بأنني قد اوقعت نفسي في مأزق .. لا يمكنني الخروج منه .. ورغم أن ريم كانت بجانبي .. وكانت دوما تبث الطمأنينة إلى نفسي .. مؤكدة لي بأن ضحى ستمل مني يوما .. وتتركني دون رجعه .. إلا أنها كانت تسخر مني أحيانا .. مازحة .. بأنني هذه المره لن اعرف كيف أخرج من هذا المأزق الذي اوقعت نفسي فيه ..
وكما تعلقت بي ضحى بسرعه كبيره .. تركتني وشأني أيضا بسرعه مماثلة .. فجأة.. ودون مقدمات .. انتهت الزوبعة التي أثارتها لي .. وقد استغربت الأمر في البداية .. إلا انني سرعان ما اكتشفت بأنها قد ارتبطت بشاب آخر .. فدعوت الله أن لا تتسبب له بفضيحة كما فعلت معي ..
بعد ان تركت ضحى .. كنت قد قررت أن اترك الفتيات وكل ما يتعلق بهن نهائيا .. إلا أنني لم اقدر .. فقد أصبح الأمر كالإدمان بالنسبة لي .. أصبح حب الفتيات يجري مجرى الدم في شراييني ..
فتعرفت على فتاة واثنتين وثلاث .. الشيء الوحيد الذي قد يشفع لي علاقاتي المتعددة تلك .. هو أنني كنت حين ارتبط بفتاه .. ألتزم بها التزاما تاما .. فلا أخونها .. ولا افكر في سواها .. إلى أن أبدأ بالشعور بالملل .. وحينها .. انفصل عن الفتاة بهدوء .. لأبدأ مشوار البحث من جديد ..
بالطبع لم اكن اعتبر علاقتي بريم خيانة للفتاة التي ارتبط بها .. لأنني كنت اوضح دوما لكل فتاة اعرفها .. بأن ريم هي اقرب أصدقائي .. وبأنني اعتبرها جزءا مني لا يمكنني التخلي او التنازل عنه ..
،،،،
هناك فتاة أخرى لازلت أذكرها .. ليس لأنني أحببتها .. فلا يمكنني أن احب فتاة على شاكلتها في يوم من الأيام ..
لازلت أذكرها .. لأنها أصابتني بالغثيان إلى حد لا يطاق .. فقد كانت من النوع الطفيلي .. المتسلق .. الذي يعيش على عطايا الناس وفضلاتهم .. لا أذكر بأنني احتقرت نفسي يوما .. كما احتقرتها حين عرفت تلك الفتاه ..
منذ اليوم الأول لمعرفتي بها .. لم تتردد حنان عن الطلب مني شراء أشياء لها .. فمرة تأخذني إلى محل المجوهرات لأشتري لها خاتما .. ومرة إلى محل الحقائب لأشتري لها حقيبه .. وقد كنت في البداية اقوم بذلك بدافع الخجل .. لأنني لم اكن اريد ان اظهر بمظهر البخيل امامها .. إلا أنني داخليا كنت استنكر طلباتها .. وأكره ما اقوم به ..
حاولت التملص منها .. لأنني لا احب الارتباط بفتاة كل ما تريده مني هو محفظتي .. ولكنني لم اتمكن من ذلك بسهوله .. فهي لم تتركني إلا حين وجدت غنيمة أخرى .. شخص يملك مالا أكثر مني بكثير ..
وقد كان هذا الشخص هو وسيلة خلاصي .. فشكرت الله على إنقاذي منها .. ودعوت الله أن لا تستنفذ حنان كل ما يملك الشخص الذي ارتبطت به ..
ولكن .. هل تبت ؟ هل تركت عادتي التي أدمنت عليها ؟ لا .. لم افعل .. فلا يزال الشعور بالقلق والضياع .. والحاجة إلى حب حقيقي .. تملؤني .. وتسيطر علي .. لا بد أن اجد هذا الحب .. لا بد أن اعثر عليه يوما ما ..