فنجان قهوة
إدارات أمريكا
الإدارات الأمريكية على شاكلة رؤسائها، ولذلك ينبغي ألا نشعر بالدهشة تجاه المواقف الغريبة واللامنطقية التي تصدر عن إدارة الرئيس جورج دبليو بوش.
وخلال ما يزيد على نصف قرن من الصراع مع العدو الصهيوني، تعاملنا مع إدارات أمريكية متباينة، بدءا من إدارة الجنرال دوايت أيزنهاور الذي خرج من الحرب العالمية الثانية منتصرا، وكان الأمريكيون ينظرون إليه باعتباره بطلا قوميا. ولم يكن أيزنهاور يشعر بأنه مدين لأحد بوصوله إلى البيت الأبيض، ولذلك كانت سياسته أكثر تحررا، وفي الأمم المتحدة، كانت بلاده تصوت إلى جانب العرب في القرارات التي تتعلق بعودة الفلسطينيين إلى بلادهم، وتعويضهم، ولم تستخدم الفيتو أو تتردد في التصويت على أي قرار من هذا النوع على الإطلاق، ولولا هاجس عدم العودة للحرب الذي كان يسكن أيزنهاور لما حدث ذلك الصدام بيننا وبينه بسبب سياسة الأحلاف. فقد كان يرغب في تطويق الاتحاد السوفييتي بسلسلة من الأحلاف لم نكن نحن على استعداد للمشاركة بها.
وبعد أيزنهاور جاء كنيدي، ليطرح الحلم الأمريكي الكبير، ولكنه لم يعش ليرى حلمه يتحول إلى حقيقة، ويقال إن السبب في اغتياله هو انه كان يخطط لتحرير العالم من السياسة الربوية، والدخول في مواجهة مع أساطنتها من اليهود.
ومع جونسون، عشنا وعاش العالم فيلما أمريكيا طويلا من أفلام الكاوبوي، وشاهدنا الجنود الأمريكيين يصلون إلى أطراف آسيا، يحاربون من أجل قضية تهم الشعوب الآسيوية فقط، ولا تهم الأمريكيين في شيء، ومع نيكسون تعاملنا مع المحامي البارع الذي يحاول أن يجمع كل الحيثيات والأدلة والشواهد، ولا يتوانى عن تزييف الحقائق لكي يجرد الخصم من أسلحته.
وفورد وكارتر كانا مرحلة انتقالية، رغم ان اتفاقية كامب ديفيد الأولى جرى توقيعها في عهد كارتر، ومع ريجان عشنا فصولا من مغامرات رامبو الذي أرسل بوارجه وطائراته لقصف ليبيا والجبل اللبناني، ودفع المارينز إلى السواحل اللبنانية، ليعودوا إليه بالأكفان. وكما لم يكن رامبو يؤمن بسيادة القانون والعدل، كان ريجان كذلك.
وكلينتون كان مشغولا بمغامراته العاطفية، ومطاردة الجميلات الفاتنات، وبالكاد كان لديه متسع من الوقت لأشياء أخرى، وعندما تجاوز الحدود وحاول مد يده إلى الشرق الأوسط، دس اللوبي الصهيوني مونيكا في البيت الأبيض، وفجر فضيحتها من أجل ارتهان قرارات الرئيس، وكانت الصفقة الكبيرة: التغاضي عن الفضيحة في الكونجرس مقابل الدعم اللامحدود ل “إسرائيل”.
وبوش الأب كان مديرا لوكالة المخابرات المركزية، وقد شهدنا في عهده التخطيطات الخفية، والمؤامرات، والدسائس، وتأليب العالم ضدنا.
والرئيس الحالي وصل إلى الحكم مرتين عن طريق اللعب بنتائج الانتخابات، وكان مدمنا، ويقول المقربون منه إن الناس نادرا ما كانوا يرونه في حالة وعي كامل، وفاقد الوعي يقع بسهولة فريسة للتهيؤات، والهواجس، والمشكلة هي أن هذه التهيؤات والهواجس هي الأساس الذي تقوم عليه السياسة الأمريكية في الوقت الحاضر، مما دفع حتى شخصا مثل كيسنجر يقول: إنه يخشى أن تتخذ أمريكا قرارات خاطئة تؤدي إلى إغراق العالم في بحور من الدماء.
والقرارات الخاطئة التي يتحدث عنها كيسنجر تحدث كل يوم.
أبوخلدون