بسم الله الرحمن الرحيم ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أشكر الأخت لوسي لمشاركتنا في الموضوع وأرجوا أن تدوم هذه المشاركة ، وأتمنى من جميع الأخوات المشاركة لنفع بعضهن بعض، أما اليوم فلدينا مطوية بعنوان:
"تفقدي إيمانك"
الحمد لله سبحانه.. عدد ما سبّحت له الرمال.. وسجدت له الظلال، وتدكدكت من هيبته الجبال.. عدد كل لمحة وطرفَة ونَفَس... والصلاة والسلام على سفيره بينه وبين خلقه.. رحمته للعالمين.. وحجته على العابدين.. صلاةً وسلاماً دائمين حتى يجمعنا الله به، صلى الله عليه وسلم وبعد:
فعلى كل مؤمنة في طريقها الطويل إلى الله.. أن تعنى بتفقد إيمانها بين الآونة والأخرى.. فإن الإيمان يزيد وينقص.. يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.. وينعدم ببعض ما حذر منه ربك.. ونهاك عنه نبيك صلى الله عليه وسلم .. وما أجدرنا في هذا الزمان الذي يصبح فيه الرجل مؤمناً ويمسي كافراً.. أن نتدبر ونحذر.. ونتفقد إيماننا بين الفينة والفينة.. إذ لم ييأس الشيطان من الدخول على كل مؤمن من مداخل قد تخفى لإفساد دينه ونزع تقواه.. ومما يزيد المؤمنة التقية الورعة خوفاً.. أن تسمع حديث نبيها صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح مسلم حيث يقول صلى الله عليه وسلم: { إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكنه لم ييأس من التحريش بينهم }.
لقد أعد الشيطان أيتها المؤمنة هذه المصيدة الخاصة لأهل الايمان في جزيرة العرب، ليصل إلى إفساد قلوبهم وإيمانهم.. فإياك أن تكوني ممن اشتغل بالصلاة والصيام وغفل عن قلبه وتنقيته مما به من فساد أو غش لأحد من المسلمين.. فقد نادى نبيك صلى الله عليه وسلم بأن هذه هي الكارثة التي تودي بالدين إلى غير رجعة.. استمعي اليه صلى الله عليه وسلم حيث يقول: { ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ } قالوا: بلى: قال: { إصلاح ذات البين.. فإن فساد ذات البين هي الحالقة.. لا أقول تحلق الشعر.. ولكن تحلق الدين } [رواه الترمذي].
أرأيت أيتها المؤمنة.. تحلق الدين، أي: تزيله. فعليك أيتها المؤمنة بنداء ربك: { فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } [الأنفال:1].
وعليك أيتها المؤمنة بالدعاء.. فاتجهي إلى ربك دوماً أن يمسح من قلبك الغل على أي من أخواتك في الإيمان.. واجعلي لسانك رطباً بهذه الدعوة التي دعا بها المؤمنون قبلك { رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } [الحشر:10].
أيتها المؤمنة: إنه لمما يدمي قلب كل مؤمن.. أن يرى إخوانه المسلمين في أي مكان.. متباغضين متنافرين متعادين، مع أن نبيهم صلى الله عليه وسلم أوصاهم فقال: { المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً } [رواه البخاري]، فانقلبوا كأنهم سمعوها المؤمن للمؤمن كالثعبان يلدغ بعضه بعضاً..!! فترى الدسائس والفتن.. والغيبة والنميمة قد استشرت فيهم.. غافلين عما وصفهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم فقال: { مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد.. إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى } [رواه البخاري]..
فإياك أن تُخرجي نفسك من دائرة المؤمنين.. واملئي قلبك منذ الساعة لكل من آخاك في هذا الايمان، وداً وتعاطفاً ورحمة.. ولا تحملي في قلبك سوى ذلك لأي من أخواتك في الله.
أيتها المؤمنة: لقد جاء عن نبيك حديث يجب أن نتوقف عنده طويلاً.. روى البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: { من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو من شيء فليتحلله منه اليوم.. من قبل ألا يكون دينار ولا درهم.. إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته.. وإن لم تكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فَحُمل عليه }.
انظري ايتها المؤمنة.. إلى قوله صلى الله عليه وسلم: { من عرْض أو من شيء } إن كلمة { شيء } هذه تشمل أي شيء وكل شيء سواء كان حركة أو لفتة أو لمزة أو غمزة فيها تعريض بأي مسلم.. فتصبح له مظلمة عندك يطالبك بها يوم القيامة..
فإياك أيتها المؤمنة فان الثمن باهظ حقاً.. وإنها لنهاية مؤلمة حقاً.. فرب كلمة آذت أختاً لك في الله.. كانت عندك هينة.. ولكنها عند الله عظيمة.. ورب حركة أسأت بها لأخت لك مؤمنة.. كان ثمنها ما أجهدت نفسك فيه من الحسنات.. توزعينها على أصحاب المظالم والحقوق في يوم أنت أحوجُ ما تكونين إليها.. ثم ماذا؟ ثم إلى النار.. وما أخال مؤمنةً تود ذلك المصير الأليم...