بسم الله الرحمن الرحيم
مرحباً بأعضاء المنتدى الأعزاء ..
اليوم أقدم لكم رواية جديدة من تألفيي بعنوان : "أليكس مارتن"
من نوع روايات الجاسوسية و الحركة
أتمنى أن تنال إعجابكم ..
اليوم أقدم لكم أول ثلاثة فصول من الرواية و سوف أكملها قريباً ..
تنويه : لقد قمت بنشر فصلين من الرواية على الفيس بوك في أحد المجموعات و لكنني توقفت عن نشرها هناك و سوف أكملها هنا بإذن الله
و الآن أترككم مع الفصول ..
الفصل الأول :
فقدان ذاكرة جزئي
أين أنا ؟!
هذا هو أول ما خطر على بالي حينما استيقظت في ذلك المكان الغريب ..
بالطبع مررت بلحظة من انعدام الوزن بل و كدت أسقط من على السرير الذي كنت نائماً فوقه حينما مددت يدي لجانب السرير متوقعاً أن أجد المنضدة التي أضع فوقها هاتفي المحمول ، لكنني لم أجد شيئاً .. و هنا نظرت حولي نظرة متفحصة لأكتشف أنني لست في منزلي !
ما معنى هذا ؟ .. آخر ما أتذكره هو أنني قد دخلت للنوم في فراشي و وضعت هاتفي المحمول بجانبي على المنضدة الموجودة بجوار سريري .. لكنني لا أدري كيف وصلت إلى هنا ، هناك بقعة بيضاء في ذاكرتي .. بل أنا لا أعرف ما هو هذا المكان أصلاً !
نهضت من على سريري في ذعر و بدأت أنظر حولي لأكتشف عدة أشياء ..
أولاً : هذا ليس منزلي .. بل هو ليس منزلاً أصلاً بل هو أقرب إلى فندق أو مشفى ، فهناك كومود بجانب الفراش عليه هاتف أرضي و بجانبه ورقة كتبت عليها عدة أرقام مثل : خدمة الغرف :4 ، الحسابات : 5 .. إلخ
ثانياً : أنا وحدي في هذا المكان .
ثالثاً : هناك محلول معلق بجانب الفراش و هو يتصل بيدي بإبرة .. من الغريب أنني لا أشعر به على الإطلاق .. و لكن الأهم أن هذا يؤكد أنني في مشفى ..
رابعاً : أنا أشعر بصداع رهيب !
بعد أن اكتشفت هذه الحقائق تباعاً قمت بنزع إبرة المحلول من يدي و بدأت أنظر حولي محاولاً فهم ما الذي جاء بي إلى هنا ..
و بدأت تفحص الغرفة بتركيز أكبر .. كانت الغرفة مقسمة إلى غرفتين يفصل بينهما باب جرار يتدلى من حالق خشبي في السقف .. أحد الغرفتين يحتوي على سرير و أريكة و كرسيين و كومود بجانب السرير و مشجب ملابس معلق عليه سترة سوداء متسخة ، كما كان هناك تلفاز معلق على الحائط ..
الغرفة الأخرى كانت تحوي أريكتين و ثلاجة صغيرة في ركن الغرفة فتحتها لأجد أنها تحتوي على بضع زجاجات ماء و و طبق مغلف بورق مفضض ..
بدأت أدور كالمجنون في الغرفة .. أنا أود أن أفهم كيف وصلت لهنا بالضبط .. و ما هو الذي أصبت به وجعلني أّذهب للمشفى ؟
بالطبع لم أجد شيئاً كما أنني لا أستطيع تذكر أي شئ .. و تلك هي المشكلة الكبرى ..
هنا قررت الجلوس على أحد الأرائك و بدأت أحاول أن أتذكر ما حدث بالضبط .. و بدأت أتذكر بعض الأشياء .. أجل ، لقد دخلت لغرفة نومي في يوم الأربعاء الموافق 18/1/2010 .. أّذكر التاريخ لأنه كان عيد ميلاد أحد أصدقائي و كنت عائداً من الاحتفال به مرهقاً ، فما الذي حدث بعد هذا ؟
قمت من مكاني و بدأت أبحث عن تقويم معلق على الحائط لأعرف كم قضيت هنا بالضبط .. و أخيراً وجدت واحداً معلقاً فوق الثلاجة الصغيرة .. نظرت له و قرأت التاريخ و قد بدأت أصاب بالذعر الحقيقي !
فقد كان التقويم يشير إلى 22/9/2010 ! .. ثمانية أشهر و أربعة أيام بعد آخر تاريخ أذكره ! ...
كيف حدث هذا ؟ ، هل هو فقدان ذاكرة ؟ .. لكنه ليس فقدان الذاكرة الذي أراه في الأفلام .. فأنا مازلت أعرف الكثير عن نفسي و أتذكر كل شئ تقريباً قبل ذلك التاريخ ..
فأنا أعرف أنني أليكس مارتن .. في الثالثة و الثلاثين من العمر .. أعرف أنني أعمل كمدير في أحد الشركات المعروفة ، و أعرف أنني أحب ممارسة الرياضة ، و أنني كنت بطلاً في العديد من الألعاب الرياضية خاصةً القتالية أيام دراستي .. مازلت أذكر كذلك راتبي و رقم بطاقة ائتماني ، أعرف عنوان منزلي في مانهاتن .. العديد من الأشياء .. لست فاقداً للذاكرة بالمعنى الذي تعرفه .. هو فقدان ذاكرة محدد جعلني أنسى ثمانية أشهر و أربعة أيام كاملة من حياتي ..
لكن ما سببه ؟ و لما جئت للمشفى و كيف وصلت هنا .. و الأهم ، ما الذي حدث في هذه الثمانية أشهر من حياتي ؟!
أسئلة أسئلة و لا إجابات على الإطلاق ..
ترى هل دخلت في غيبوبة لمدة ثمانية أشهر ؟ ، لكن حتى لو حدث هذا فما السبب بالضبط ؟ أنا لا أذكر التعرض لإصابة قد تؤدي لغيبوبة كهذه .
التأكد من هذا سهل على كل حال ، يمكنني أن أستدعي الممرضة ..
هكذا عدت ناحية السرير و بدأت أبحث عن زر استدعاء الممرضة حتى وجدته .. ضغطت عليه عدة ضغطات في لهفة ، قد أفهم ما حدث الآن .
مرت دقيقتان ثم فتح الباب و دخلت الممرضة و ما إن رأتني حتى قالت " لما نهضت من السرير ؟ ، فلتجلس "
فجلست على طرف السرير ، هنا قالت مبتسمة : " من الجيد أنك استفقت يا سيد .. آسفة لكن ما اسمك ؟ "
هنا أدركت أنني بالتأكيد لم أصل هنا منذ ثمانية أشهر ، لا يعقل أن أدخل في غيبوبة لمدة ثمانية أشهر و لا يعرف أحد الممرضين اسمي ، لكن لا مانع من أن أسأل لأتأكد .. قلت في وهن : " اسمي أليكس ، أخبريني من فضلك يا .. " و نظرت لاسمها المعلق على زيها ثم قلت : " يا كلوي ، متى وصلت للمشفى هنا و ما هي إصابتي بالضبط ؟ "
قالت : " لقد وصلت هنا منذ يومين ! كنت مصاباً بجرح في رأسك و قد جاء بك رجل أمن ، قال أنك كنت تتعارك مع رجل آخر و أنه ضربك و قال أنهم أبلغوا الشرطة و حلوا الأمر فيما عدا إصابتك طبعاً ، لهذا جلبك هنا .. "
في الواقع أنا لم أعد أستمع لها على الإطلاق بعد ما قالته عن وصولي للمشفى منذ يومين ، بل و بدأت أشعر بالذعر ، معنى هذا أنني مصاب بفقدان ذاكرة فعلاً .. و كنت أظن أن هذه الأشياء تحدث في السينما و القصص فقط !
هنا قلت له : " هل يوجد طبيب مخ و أعصاب هنا في المشفى ؟ "
نظرت لي في دهشة و قالت : " بالتأكيد و لكن لما ؟ "
قلت : " أظن أنني مصاب بفقدان في الذاكرة ! "
قالت في قلق : " حقاً ؟ سوف أخبر دكتور جونستون ليأتي لرؤيتك فوراً ، يمكنك أن تأكل شيئاً من الثلاجة لو أردت حتى أصل ، و إذا احتجت شيئاً يمكنك أن تستدعي زميلتي جيسيكا . "
و خرجت من الغرفة متوجهة لتستدعي دكتور جونستون هذا بينما ظللت أنا في مكاني أعتصر ذاكرتي علي أتذكر شيئاً لكن لا فائدة على الإطلاق لا يمكنني تذكر أي شئ بعد ذلك اليوم الذي عدت فيه من حفل عيد ميلاد صديقي ريموند ..
نهضت و فتحت ثلاجة الغرفة و أخذت زجاجة ماء شربت منها بضعة رشفات .. ثم دخلت الحمام و رششت بعض الماء البارد على وجهي في محاولة فاشلة للاستفاقة ، و عدت للغرفة و جلست على الأريكة الجلدية أفكر في في كل ما يحدث لي .
الممرضة تحدثت عن جرح في رأسي لكنني لا أشعر بألم قد يكون ناتجاً عن جرح .. مددت يدي و بدأت أبحث عن موضع الجرح ، لأشعر ببعض الضمادات .. إذاً هذا هو الجرح .. لا يبدو خطراً لكن ما أدراني ؟
عدت لأجلس على الأريكة و أفكر ..
جيمس كولينز ! التمع هذا الاسم في ذهني فجأة و أنا لا أعرف السبب ، أشعر بشدة بأنني أعرف صاحب هذا الاسم لكنني لا أستطيع تذكر أي شخص رأيته في حياتي يملك هذا الاسم .
هنا سمعت صوت طرقات على الباب ، ثم انفتح الباب و دخلت الممرضة كلوي و معها رجل أشيب وقور في الستين من عمره تقريباً ، كان له لحية كثة و لكنها قصيرة ، و يرتدي نظارة شديدة الأناقة من تلك النظارات التي قد يبلغ ثمنها آلاف الدولارات أحياناً ، و كان ذا عينين زرقاوين ماكرتين ، و كان يرتدي معطفاً طبياً أبيضاً و من تحته يظهر قميص أنيق أزرق اللون .
يمككني أن أخمن بلا خطأ كبير أن هذا هو دكتور جونستون الذي تحدثت عنه الممرضة .. اقترب مني و مد يده ليصافحني و هو يقول : " مرحباً يا سيد أليكس ، اسمي هو دكتور أوليفر جونستون ، طبيب أعصاب . "
صافحته و قلت : " أليكس مارتن ، مدير في شركة لايف تايم للعقارات "
ابتسم و قال في خبث و هو يجلس على الأريكة المقابلة للأريكة التي كنت أجلس عليها : " يبدو أنك لست فاقداً للذاكرة حقاً يا سيد أليكس ، كم المعلومات الذي تعرفه عن نفسك لا يسمح بهذا ! "
قلت مبتسماً رغماً عني : " في الواقع يا دكتور أنا لست فاقداً للذاكرة بالشكل الذي يظهرونه في السينما ، أنا أذكر كل شئ عن نفسي لكن ما نسيته عن نفسي هو آخر ثمانية أشهر من حياتي فقط .. "
قال في اهتمام : " إذاً أنت لا تذكر شيئاً على الإطلاق مما حدث خلال الثمانية أشهر الماضية من حياتك ؟ هل لك أن تفهمني كيف عرفت أن ما نسيته هو ثمانية أشهر بالضبط ؟ "
فحكيت له كل ما حدث منذا استيقظت من غيبوبتي و أخبرته عن موضوع عيد ميلاد صديقي الذي أثبت لي أنني قد نسيت ستة أِشهر من حياتي فعلاً ..
قال بعد تفكير : " من الواضح أن أن حالتك هي نوع من فقدان الذاكرة الجزئي .. حيث تنسى جزءاً ما من حياتك تماماً ، لكنه غالباً مؤقت و سيشفى بسرعة ، لكننا سنحتاج لإجراء عدد من الفحوصات قبل الحكم النهائي .. أشعة مقطعية على المخ للتأكد من عدم وجود تجمع دموي في مكان ما و أشياء كهذه .. و إلى هذا الحين أنصحك بعمل بعض تدريبات الذاكرة ، سوف أكلف أحد الأطباء الشباب هنا بالعمل على حالتك .. لا تقلق سوف تستعيد ذاكرتك حتماً .. "
قلت : " حسناً يا دكتور أشكرك كثيراً .. "
قال الدكتور : " سوف أتركك الآن لتظفر ببعض الراحة .. "
قلت : " حسناً يا دكتور .. "
ثم خرج من الغرفة هو و الممرضة ، و تركني و جلست أفكر ، ثم نمت بقلب مثقل ..
الفصل الثاني :
فندق باراديس
" عليك أن تأخذ هذا الدواء مرتين في اليوم ، سوف يساعدك على تنشيط ذاكرتك ، و عليك النوم بهدوء لأن الذكريات قد تزورك في أحلامك ، لذا فعليك أن تكون مرتاحاً أثناء النوم حتى لا يقطع عليك أي شئ حلمك ، كما يفضل أن تكتب ما تتذكره ، فهذا يساعد على تنشيط الذاكرة .. و يمكنك متابعة حالتك مع د.جول فيشر ، هو أحد الأطباء النفسيين الأكفاء و سوف يساعدك على تنشيط الذاكرة ، و يمكنني أن أحدد لك موعداً أسبوعياً معه .. "
كانت هذه هي الكلمات التي قالها لي دكتور جونستون في اليوم التالي بعد أن قام بعمل بعض الفحوصات و الأشعة على رأسي ، كان سبب فقداني للذاكرة كما يرجح دكتور جونستون هو ارتجاج بسيط في المخ .. و قد أخبرني أنني يمكن أن أخرج الليلة من المشفى لو أردت لكن علي الالتزام بتعليماته طبعاً ..
كنت قلقاً بشأن المال و ثمن البقاء في المشفى لثلاثة أيام ، لكنني اطمئننت حينما بحثت في السترة السوداء التي أعرف أنها سترتي ، فوجدت بطاقتي الائتمانية و مبلغاً من المال قدره 1000 دولار تقريباً ..
لقد نمت وقتاً طويلا حقاً ، و هذا غريب لأنني ظللت في إغماءة لمدة يومين .. إن الصدمات تسبب إرهاقاً لا شك فيه ..
كنت قد جلست اليوم أفكر طويلاً في موضوع أنني كنت أتشاجر قبل يومين هذا .. ترى مع من كنت أتشاجر و لماذا ؟
في الواقع كنت قد فكرت في احتمال مقلق حقاً .. لما لا يكون هذا الرجل كان يحاول قتلي بشكل ما ؟! .. هو احتمال غريب و يبدو مستبعداً تماماً .. لكنني لا أعرف لما فكرت فيه .. و لكن إذا كانت هذه حقيقة فمعنى هذا أنه لو عرف أنني مازلت حياً فهو سوف يحاول قتلي مرة أخرى ... أنا لست في أمان إذاً .
الأمر مقلق حقاً لكنني أحاول إبعاد هذه الأفكار عن رأسي قدر المستطاع .
قررت أن أبقى في المشفى يوماً آخر قبل أن أذهب لمنزلي .. على الأقل لأتابع حالتي مع دكتور جونستون و دكتور فيشر ، كنت قد قررت هذا لكن حدث شئ ما جعلني أتراجع عن قراري هذا .
جائت اليوم كلوي لغرفتي لتعطيني أول جرعة من الدواء الذي كتبه لي دكتور جونستون .
قالت لي كلوي و هي تعطيني الدواء و تشرح لي طريقة تعاطيه و مواعيده : " عليك أن تأخذه مرتين باليوم ، مرة كل 12 ساعة .. قرص كامل و عليك بشرب الكثير من الماء بعدها ، آ.. بالمناسبة لقد جاء لك زائر بالأمس ! "
هنا انتبهت لها بشدة و قلت : " أي زائر ؟ "
قالت : " يقول أنه صديق لك "
أي صديق ؟ ، قلت : " و ما اسمه ؟ "
قالت : " لم يخبرنا عن اسمه ، لقد كان يريد زيارتك لكن مواعيد الزيارة الرسمية كانت قد انتهت .. و قد طلب مقابلة دكتور جونستون بعد أن أخبرته أنه هو المسئول عن حالتك .. و أخبره عن موضوع فقدانك الذاكرة . "
نظرت لها في دهشة و لم أعلق .. فقالت : " لقد طلب مني أيضاً أن خبرك برسالة ، قال لي أن أقول لك أنك عليك أن تذهب لملاقاته في العنوان المكتوب في هذه الورقة . "
قالتها و هي تناولني ورقةً مغلقة من الواضح أنها هي الورقة التي تحدث عنها صديقي المفترض هذا .
قلت لها : " حسناً يا كلوي ، أشكرك كثيراً . "
قالت : " على الرحب و السعة ، هل تريد مني أن آتي لأعطيك الدواء ؟ "
قلت لها : " لا شكراً ، سوف أتذكر .. و على كل حال أنا سوف أغادر الليلة ، لقد صرت بخير "
قالت كلوي : " حسناً ، إذا احتجتني يمكنك استدعائي في أي وقت . "
و غادرت الغرفة بينما ظللت أنا أفكر في موضوع الزائر هذا ، من هو ؟ هل هو صديق حقاً ؟ و إن كان كذلك فلما لم يقل اسمه ؟
فتحت الورقة التي أعطتني إياها كلوي ، و قرأت العنوان فيها ، أنا أعرف أنني سأذهب لذلك العنوان منذ أخبرتني كلوي بالأمر ، كنت أتعرف فقط على المكان الذي سأذهب له .
كان العنوان المذكور في الورقة هو : " 32 شارع بيكر ، فندق بارادايس ، الغرفة 212 "
و بأسفل العنوان كانت هناك ملاحظة مكتوبة على عجل : " سوف أكون هناك منذ الساعة الثامنة مساء كل يوم ، يمكنك أن تأتي في أي يوم في الثامنة مساءاً "
جميل ، معنى هذا أن ذلك العنوان ليس محل إقامة ثابتاً له .. بالتأكيد فمن غير المنطقي أن يكون عنوان إقامته في فندق .. في الواقع هذا يدل على أنه ليس صديقاً حقاً ، في الواقع الأمر كله ليس مريحاً .. لكن هل ترى أمامي حلاً آخر سوى الذهاب لذلك الفندق و معرفة الأمر ؟!
مضى اليوم سريعاً ، و في الساعة السابعة كنت قد حزمت حاجياتي – و التي لا تزيد عن سترتي التي وجدتها معلقةً في الغرفة و علبة من الدواء – و دفعت ثمن إقامتي في المشفى لأربعة أيام ، و غادرت المشفى ، ثم استوقفت أول سيارة أجرة وجدتها و أخبرته بالعنوان ، و بدأت رحلتي للفندق .
كان شارع بيكر شارعاً قذراً جداً يقع في أحد أزقة مانهاتن ، كان يفوح برائحة الفقر و روائح أخرى ليس من المحبب ذكرها هنا .. أما عن فندق بارادايس – و معناها الفردوس – فقد كان اسماً على مسمى حقاً .. المكان يفوح برائحة المبيدات الحشرية التي تحاول طرد الناموس ، و من الواضح أنها لم تنجح .. و ملئ بالقذارة ، دعك من أن أكوام القمامة ملقاة في كل مكان أمام الفندق ..
خطوت بقدمي إلى داخل ما يمكن أن نطلق عليه مجازاً لوبي الفندق لأجد أمامي شاباً سخيفاً ، يضع تلك الحلي في أنفه و حاجبيه و يقص شعره بتلك الطريقة الغريبة التي تذكرك بالديوك ، و قال لي في لزوجة : " مرحباً يا رفيق ، ماذا تريد ؟ غرفة أم جناحاً أم شيئاً آخر ؟ " و غمز بعينيه عند تلك الجملة الأخيرة و كأنه يعرف طبائع البشر مهما أخفوها ..
نظرت له في تقزز و قلت : " لا أريد شيئاً ، أنا في انتظار صديق سيصل في تمام الثامنة مساءاً ، شكراً . "
نظر لي في اهتمام و قد تغيرت لهجته تماماً و قال : " هل أنت أستاذ أليكس ؟ أليكس مارتن ؟! "
نظرت له في دهشة عارمة ، من الواضح أنا هذا الصديق قد أعد العدة مسبقاً لاستقبالي ..
قلت : " أجل أنا هو . "
قال : " ممتاز ، لقد أخبرني السيد سيمون صديقك بأن أجعلك تصعد لغرفته فور وصولك "
إذن صديقي اسمه سيمون و هو قد أعد غرفته لاستقبالي ، جميل .
قال ذلك الفتى و هو يشير لي بيده على سلم متداع يكفي أن تسعل بجانبه سعلة قوية لينهار : " تفضل من هنا يا أستاذ أليكس ، الغرفة 212 ، تفضل المفتاح "
قالها و هو يناولني مفتاحاً صدئاً كبير الحجم ..
صعدت في توجس للطابق الثاني ، طبعاً طالما بدأ رقم الغرفة ب 200 إذن فهي في الطابق الثاني ، و ليس معنى هذا أن هناك 199 غرفة قبلها طبعاً ، إذن هي الغرفة 12 في الطابق الثاني ..
سرعان ما كنت واقفاً أمام الغرفة ، و دسست المفتاح في القفل و فتحت باب الغرفة لتطلق مفاصله صوتاً طويلاً مفزعاً ،كأن هذا الباب لم يسمع عن التزييت قط !
دخلت الغرفة و أغلقت الباب ورائي و بدأت أنظر حولي في قلق .. كانت غرفة شديدة الصغر و القذارة ، لا تحوي سوى سرير غير نظيف و كرسي خشبي ضعيف ، و باب صغير في ركن الغرفة من الواضح أنه يقود إلى حمام .
بدأت أسير في الغرفة و أتفقدها ، ثم وقفت معطياً ظهري لباب الحمام و بدأت أتفقد الغرفة قليلاً ، ثم أسندت ظهري لباب الحمام و أخذت أفكر في هوية صديقي هذا .. و إن لم يكن صديقي فمن هو و ماذا يريد مني ..
في تلك اللحظة بالضبط شعرت بالأمر ، ذلك الشعور الغريب بالخطر الذي يبدو أقرب لعين في مؤخرة رأسك ، لا أعرف لما شعرت بهذا لكنني شعرت بأن هناك خطراً ما يقترب ، و هنا و دون أن أدري ماذا أفعل ، انحنيت انحاءاة كبيرة جداً لا أعرف كيف فعلتها لدرجة أنا أنفي كاد يلامس الأرض ، و ابتعدت بسرعة عن باب الحمام و نظرت له لأجد ذلك النصل الحاد خارجاً منه و قد اخترق الخشب الردئ الذي صنع منه الباب ، من الواضح أنني نجوت من الموت بأعجوبة الآن !
نظرت حولي لأبحث عن أي شئ يمكن اتخاذه كسلاح لكنني لم أجد وقتاً للبحث لأن باب الحمام انفتح و خرج منه ذلك الرجل ذو الجسد الضخم و هو يحمل سكيناً فاخرة المنظر ، و قال : " حان وقت موتك يا أليكس ! "
و بدأ يحاول تسديد طعنات لي بسكينه الضخمة تلك و أنا أتفاداها ، و لا أعرف كيف أفعل هذا بالضبط ، كيف يمكنني أن أتفادى طعنات سكين بهذه السهولة ؟!
نظر لي ذلك الثور الآدمي في غضب حقيقي و صاح : " لا أحد يفلت من سكين سيمون يا فتى ، لا أحد ! "
و بدأ يحاول طعني مرةً أخرى ، هنا أمسكت بمعصمه و أسقطت السكين من يده بحركة لم أشاهد من يفعلها من قبل سوى في السينما ، و انحنيت بسرعة لألتقط السكين و أسدد طعنةً نجلاء إلى صدره !
نظر لي في جنون و صاح : " كيف قتلتني بسكيني ؟! "
ثم سقط أرضاً ، لا أحتاج أن أكون طبيباً شرعياً لكي أعرف أنه مات ..
يا له من موقف ، أنا في غرفة في أقذر فندق في أمريكا و في يدي سكين يقطر منها الدم و أمامي جثة ثور آدمي أنا المسئول عن قتلها .. ماذا علي أن أفعل الآن ؟!
الفصل الثالث :
دخلاء
وقفت أنظر في رعب للجثة التي كانت أمامي على الأرض و الدماء تنزف بلا توقف من موضع الطعنة التي سددتها لها و كل ما في رأسي هو كلمة واحدة هي : " اهرب ! "
أجل هذا هو ما يجب أن أفعله فوراً .. يجب أن أهرب من هنا قبل أن يأتي أحد و يكتشف ما فعلته ..
في البداية يجب علي أن أقوم بمسح بصماتي من الغرفة .. و هكذا بحثت عن شئ يصلح لهذه المهمة .. و وجدت في الحمام خرقة بالية فأخذتها و بدأت أحاول أن أمسح كل شئ تذكرت أنني لمسته ..
الآن يجب أن أبحث عن طريقة للهرب من هنا .. طبعاً علي الهروب ، هل تتوقع مني أن أنزل مرة أخرى للوبي الفندق و أخرج من الباب بشكل طبيعي و أنا قد قمت بجريمة قتل هنا ؟!
و نظرت حولي في الغرفة مرة أخرى لأجد نافذة الغرفة أمامي .. نافذة كبيرة بما يكفي لكي أخرج منها ، المشكلة هي أن الطابق الثاني عالي جداً في هذا الفندق فهو مشيد على الطراز القديم ، أي أن ارتفاعه يعادل أربعة طوابق تقريباً من المباني الحديثة .. هكذا لا يمكنني القفز دون أن أكسر ساقي .. ماذا أفعل الآن ؟
قررت أن أفتح النافذة علي أجد حلاً ما .. و اتجهت للنافذة و فتحتها و بدأت أتفحصها .. بالفعل هي مرتفعة جداً و لا يمكنني القفز منها دون أن أكسر ساقي .. و لكنني لاحظت أن سلم الطوارئ الخاص بالحرائق قريب جداً من النافذة .. و كان هناك حافة مصنوعة من الطوب الأحمر بأسفل النافذة و من الواضح أنها تحيط بالمبنى بأكمله ، يمكنني بشئ من التوازن و الحظ أن أسير على هذه الحافة و أصل إلى سلم الطوارئ و أهبط خارجاً من هنا .. لكنها مخاطرة كبيرة جداً .. قد أسقط و أصير في موقف لا أحسد عليه ، لكن ما باليد حيلة .. هل تجد حلاً آخر ؟
هنا تذكرت شيئاً ، السكين ! لقد كدت أن أنسى أهم شئ في إخفاء جريمتي .. سلاح الجريمة .. هنا عدت للجثة الملقاة على الأرض ، و أخرجت السكين منها و أمسكتها من مقبضها الأسود الفاخر .. و وجدت حزاماً حول وسط جثة سيمون هذا يبدو أنه يستعمله لدس السكين فيه لأن فيه جراب جلدي مصمم على شكل نصل سكين ، فقمت بفكه من حول وسطه و ارتديته أنا و دسست في السكين .. الآن علي أن أخرج من النافذة و أسير على هذه الحافة حتى أصل إلى السلم .. اتجهت للنافذة و جاهدت حتى تمكنت من الخروج أخيراً ، لكنني تذكرت شيئاً هاماً .. بصماتي على النافذة .. اللعنة ! كيف سأمسحها الآن ؟!
حسناً .. لا يوجد سوى حل واحد ، و هو حل خطر لكنني لا أجد سواه ، علي أن أخلع سترتي ، ثم أنحني بشكل ما و أمسح بصماتي من على النافذة !
لكن هذا الحل يبدو مستحيلاً ، سأسقط بالتأكيد .. هنا قررت أن أعود للغرفة ، و هكذا جاهدت حتى تمكنت من الدخول مرة أخرى من النافذة .. من الواضح أنني سأضطر للخروج من الفندق بشكل طبيعي رغم ما يحمله ذلك من خطر ..
هنا لاحظت أن سيمون كان يرتدي قفازين أسودين جلديين .. رائع ! هذا هو ما أحتاجه بالضبط الآن ، بهذه الطريقة سأتمكن من الحركة بحرية ، دون قلق من البصمات .. من الغريب أن يخدمني الحظ لهذه الدرجة لكن هذا ما حدث ..
انحنيت على جثة سيمون و خلعت عنه القفازين و ارتديتهما .. ثم أمسكت بالخرقة القماشية مرة أخرى و بدأت أعيد مسح بصماتي بعناية ، و اعتنيت بالنافذة بشكل خاص .. ثم ألقيت بالخرقة على أرض الغرفة و اتجهت للنافذة مرة أخرى .. و خرجت من النافذة و بدأت أسير على تلك الحافة .. يالصعوبة التوازن على هذا الشئ ! .. لكن علي أن أنجح .. لا حل أمامي سوى هذا ..
أخيراً وصلت بشق الأنفس و بعد أن كدت أسقط مرتين على الأقل .. لكنني نجحت ..
و بدأت أهبط على سلم الطوارئ حتى وصلت للزقاق الجانبي القذر الذي تطل عليه النافذة ، و بدأت أركض مبتعداً عن الفندق ..
و الآن لنذهب في زيارة سريعة لذلك المقهى الفاخر المسمى ب Café OST في مانهاتن .. هل ترون ذلك الرجل ذو السترة السوداء الذي يمسك بجريدة محاولاً دفن وجهه فيها ، بينما يرتشف من قدح قهوة يتصاعد منه البخار ؟
هذا أنا .. بعد أن تمكنت من الهروب من ذلك الفندق اتجهت لذلك المقهى الفاخر و جلست هناك محاولاً ترتيب أفكاري .. و قد توصلت لعدة أشياء ..
1- يبدو أن الشخص الذي أصابني في رأسي كان يحاول قتلي فعلاً .. إذن ما راودني عن محاولته قتلي لم تكن فكرة عشوائية .. بل هي ذكرى عادت لي و لم أعرف أنها كذلك !
2- من الواضح كذلك أن ذلك الشخص أياً كان قد أدرك أنني مازلت حياً .. و هو يحاول تصحيح خطأه بقتلي !
3- من يفعل هذا لا يعمل منفرداً .. لكنه يعمل لحساب جهة ما في الغالب .. أسلوبه يوحي بهذا .. من الصعب أن يعمل شخص واحد بهذا التنظيم و التخطيط .. كل شئ يوحي بمنظمة أو جهة ما ..
بعد أن توصلت لهذه الاستنتاجات أدركت أنني يجب أن أعرف ما حدث خلال هذه الثمانية أشهر .. فالأمر يبدو مخيفاً .. يجب أن أفهم من هو من يحاول قتلي و لماذا يحاول ذلك ..
و كنت قد رسمت خطة في ذهني قد تساعدني على فهم ما حدث بالضبط ، لكنها خطة تحمل مخاطرةً كبيرة ..
أنا أتذكر أنني كنت مواظباً على كتابة مذكراتي .. و ما من سبب يدعو لافتراض أنني توقفت عن فعل هذا .. و كانت خطتي هي أن أذهب لمنزلي و أدخل و أحصل على المذكرات ثم أهرب .. و أبحث عن مكان مناسب لقضاء ليلتي فيه .. و أبدأ في قراءة مذكراتي لأفهم ما حدث بالضبط ..
المشكلة هي أن الجهة التي تحاول قتلي أياً كانت .. قد قامت في الغالب بإرسال شخص لينتظرني في المنزل .. هذا لا يحتاج لذكاء كبير لتخمينه .. و هذه هي المخاطرة في الخطة .. هناك احتمال أن تؤدي لقتلي ، لكن جلوسي دون أن أفعل شيئاً سوف يؤدي لقتلي بالتأكيد ، و بشكل أسرع في الغالب ..
و بعد أن انتهيت من شرب قدح قهوتي ، وضعت ورقة من فئة المئة دولار أسفل كوب القهوة ، و تركت المكان .. و اتجهت لمنزلي في مانهاتن ..
يقع منزلي في برج سكني فاخر في شارع هادئ في أحد ضواحي مانهاتن .. و هو يقع في الطابق السابع من البناية ..
و كما قلت لك فالشارع هادئ جداً ، و لذا من الصعب أن تتسلل فيه لأن أي صوت سوف يثير الانتباه حتماً .. و لذا فقد كان علي أن أكون حذراً ..
دخلت الشارع و أنا أسير بهدوء تام ، حتى وصلت لمدخل البناية ، لكنني لم أدخل فوراً ، بل اختبئت بجانب المدخل و بدأت أتلصص على الداخل ، لأتأكد أن حارس البناية جيف نائم أو ليس موجوداً .. فما أدراني أنه ليس متواطئاً في هذا الذي يحدث أياً كان ؟!
لحسن حظي كان جيف نائماً على مقعده أمام مكتب الأمن كالدب القطبي ، و كان يطلق شخيراً عالياً .. ذلك الكسول ! لم يحصل على راتبه إذن ؟! على أي حال لا يمكنني أن أشكو من هذا الآن ..
تسللت للداخل ، و بدأت أبحث عن مفتاح شقتي الاحتياطي في أدراج مكتب جيف .. حتى وجدته أخيراً .. أنا لا أذكر أين ذهب مفتاح شقتي الأصلي .. لكن هذا سيفي بالغرض على أي حال .. أخذت المفتاح و صعدت على السلم في هدوء محاذراً من إيقاظ جيف .. إلا أنه بدا لي أنه لن يستيقظ إلا لو حدث انفجار نووي بالقرب من البناية !
أخيراً وصلت للطابق السابع و وقفت أمام باب منزلي .. و أخرجت المفتاح و فتحت الباب بهدوء شديد ..
دخلت إلى المنزل و بدأت أنظر .. لا يوجد شئ غير معتاد ..
هنا سمعت صوت خطوات قادماً من المطبخ ، فاختبأت بسرعة وراء كرسي و بدأت أراقب من مخبئي ، لأجد رجلاً شرس المظهر يدخل إلى الحجرة التي كنت بها ..
و بدأ يقترب من الكرسي الذي اختبأت خلفه قشعرت بالذعر و استعددت للابتعاد ، لكنه جلس فوق الكرسي و قال لنفسه : " يالملل ! .. كنت أعرف أنه لن يكون غبياً لدرجة أن يأتي لهنا .. "
و هنا لم أفكر للحظة بل قررت العمل بسرعة .. أخرجت السكين الذي أخذته من سيمون من الحزام ، ثم مددت يدي اليسرى لأقوم بكتم فم ذلك الرجل في ذات اللحظة التي ممدت فيها اليد التي حملت السكين لأغرسها في مؤخرة رأسه و همست في شراسة : " أومئ برأسك لتجيبني .. هل معك شخص آخر ؟ "
فأوماً برأسه في ذعر فيما يعني : " نعم "
همست : " واحد فقط ؟ "
أومأ مرةً أخرى فقلت : " سوف أبعد يدي عن فمك الآن و عليك مناداته حينها .. و لكت تذكر أن أي محاولة منك لتحذيره تعني أن هذه السكين سوف تمرح قليلاً داخل رأسك "
فأومأ برأسه مرةً أخرى .. و هنا بدأت أبعد يدي عنه في حذر مستعداً لأن أتصرف إذا فعل أي شئ .. لكن لم يبد عليه أنه ينوي ذلك .. فقد صاح قائلاً : " جوناثان .. تعال بسرعة ، لقد وجدت شيئاً .. "
أعدت يدي بسرعة لتكمم فمه و قلت في سخرية : " ولد مطيع .. "
و وقفت مستعداً لاستقبال جوناثان هذا .. و هنا دخل جوناثان الذي كان رجلاً قوي البنيان أشقر الشعر و يحمل مسدساً كاتماً للصوت إلى الحجرة فقلت : " توقف مكانك فوراً ، لو اتخذت أي خطوة فسوف أقتل هذا الأحمق .."
لكنه قال : " هذا الذي بين يديك ؟ " ثم أطلق عليه طلقة محكمة التصويب أصابته في رأسه !
و بدأ يستعد لاطلاق النار علي أنا الآخر لكنني قفزت مبتعداً عن مكاني و اختبأت خلف المقعد مرةً أخرى فقال : هل تظن أنك ستتمكن من الاختباء طويلاً أيها الأحمق ؟! "
و بدأ يقترب من الكرسي لكنني قفزت من خلفه و دون تفكير قذفت السكين نحوه لتصيبه في الذراع التي كانت ممسكةَ بالمسدس فسقط الأخير على الأرض .. و هنا اتجهت نحو جوناثان بسرعة لأعاجله بلكمة قوية في فمه ثم ركلة في معدته فانحنى من الألم .. و هنا ضربته بسيف يد على رأسه فتهاوى على الأرض كدمية ماريونيت انقطعت خيوطها ..
وقفت أراقب ما فعلته للحظات شاعراً بالذهول .. كيف فعلت هذا ؟! كيف كنت بهذه السرعة و كيف تمكنت من تصويب السكين بهذه الدقة على ذراعه ؟! و كيف تمكنت من إفقاده الوعي بهذه الطريقة و بهذه السهولة ؟!
لكنني لم أسمح لنفسي بالاسترسال في خواطري .. علي التصرف بسرعة ..
***
مرحباً بكم أعزائي المشاهدين في حلقة من برنامجنا : " كيف أفعل هذا ؟ "
في هذه الحلقة سنتعلم معاً كيفية استخلاص معلومة من شخص ما خاصةً إذا كان هذا الشخص ليس مستعداً للتعاون بسهولة ..
سنحتاج إلى الآتي : شريط لاصق - قطعة من القماش لتكميم فم الضحية - مسدس كاتم للصوت أو – لو لم تملك واحداً – سيفي جسدك بالغرض خاصةً إذا كان قوياً ..
الخطوة الأولى : عليك تقييد الضحية بربط ساقيه و يديه بالشريط اللاصق و لا تقتصد .. سوف تحتاج إلى أن يكون ذلك الشخص مقيداً بقوة
الخطوة الثانية : كم بتكميم فم الضحية بقطعة القماش أو بالشريط اللاصق إذا كان مازال عندك بقية منه ..
الخطوة الثالثة : هل قيدته جيداً ؟ .. إذاً سنبدأ فوراً ..
الآن أمامك طريقتين لفعل هذا .. الأولى هي عن طريق تحرير إحدى ذراعي الضحية ثم جعله ينام على بطنه ، و الآن قم بفرد ذراعه بجانيه ثم اضغطت على مفصل الذراع بركبتك و لكن حذار من أن تضغط بقوة الآن .. و عليك أن تأمره بأن يومئ برأسه عندما يكون مستعداً للتعاون معك ..
اسأله مرة و اثنتين و ثلاثاً حتى يومئ بالإيجاب ، مع زيادة ضغط ركبتك في كل مرة تسأله دون أن يوافق على التعاون معك مما يعني زيادة الألم ..
أما الطريقة الثانية فهي للأسف غير مأمونة لأنها قد تجعل الضحية عاجزة عن الكلام من الألم لكنها أسرع كثيراً ..
اجعل الضحية هذه المرة على ظهره دون تحرير ذراعه ، و قم بتصويب المسدس إلى ركبته ، و إذا لم يتعاون فأعتقد أنني لست بحاجة لشرح الخطوة القادمة .. من الممكن استنتاجها بسهولة شديدة الآن ..
و هذه الطرق مضمونة و ستجعلك تحصل على المعلومات المطلوبة بسرعة و سهولة ..
و بهذا تنتهي حلقتنا أعزائي المشاهدين و سوف نشاهد معاً فوراً تطبيقاً عملياً لطريقتنا الثانية .. إلى لقاء !
***
قمت بتقييد ذلك الرجل المدعو جوناثان عن طريق بكرة شريط لاصق ، و كممت فمه بقماش قميصه الذي مزقته من على جسده تمزيقاً ، و كنت قد أخذت المسدس منه و انتزعت السكين من موضعها في ذراعه و دسستها في الحزام مرةً أخرى ..
جررت جسده و جعلته أمام المقعد و جلست ، و قمت بإيقاظه عن طريق إعطاءه ركلة خفيفة في رأيه جعلته يستفيق .. في البداية لم يبد أنه يفهم ما يحدث لكنه نظر لي و للشريط اللاصق .. فبدأ يفهم الأمر و أخذ يحاول الحركة فقلت : " لا تتعب نفسك كثيراً .. الآن أنا أحتاج منك خدمة بسيطة .. أخبرني مع من تعمل و لما يريد قتلي ؟ "
لكنه نظر لي و أومأ برأسه بما يعني : " لا "
هنا أخرجت المسدس و صوبته إلى ركبته و قلت : " فلتسمعني جيداً يا هذا .. أنت لست في موقف قوة الآن ، و لن يسمع أحد صراخك دعك من أنني لم يعد لدي ما أخسره ، لقد قتلت شخصاً بالفعل ولن تكون مشكلةً بالنسبة لي جعلهم شخصين .. عليك التعاون معي بدلاً من أن تعاني ألماً لا يطاق يمكنك أن تنجو منه بسهولة .. و الآن هل أنت مستعد للتعاون ؟ "
لكنه لم يبد أي رد فعل ، ظهر بعض القلق في عينيه لكنه لم يفعل شيئاً و لم يومئ برأسه .. يبدو أن يظن أنني لن أنفذ تهديدي .. غالباً هو يعتقد أنني أجبن من ذلك .. أحمق !
حسناً .. ليس أمامي حل آخر .. أطلقت رصاصةً على ركبته فبدا الألم شديداً في عينيه و أخذ يتحرك يميناً و يساراً عاجزاً عن الصراخ فقلت : " فلتتوقف عن الحركة ، هذا سيزيد الألم يا أحمق ! "
لكن لم يبد أنه سمعني .. بل ظل على هذا الوضع بضعة دقائق ثم هدأ و توقف عن الحركة ..
قلت : " ها أنت قد جربت مدى الألم الذي يحدثه الأمر .. و الآن أنت تعلم أنني لن أتورع عن أن أجعل ذات الألم ينتقل للساق الأخرى .. هل أنت مستعد للتعاون الآن ؟ "
هنا أوماً برأسه موافقاً فقلت : " جميل .. سأنزع قطعة القماش هذه الآن ، و عليك أن تخبرني فور نزعها مع من تعمل و لما تحاولون قتلي ؟ "
فأوماً مرةً أخرى .. و هنا اقتربت منه و قمت بنزع قطعة القماش من فمه فقال فوراً : " سي آي إيه ! .. هم من يفعلون هذا و أنا لا أعلم لما يريدون قتلك .. أنا أنفذ الأوامر فحسب .. "
نظرت له مصعوقاً للحظات .. لقد توقعت الكثير من الأشياء .. لكن المخابرات الأمريكية ؟! هذا غير ممكن ..
هنا قلت : " أشكرك لتعاونك .. و الآن وداعاً ! "
صاح في ذعر : " لا لا أرجوك ..سأ... "
لكنني أطلقت طلقةً على رأسه .. فمات على الفور .. و تهاويت أنا على المقعد مفكراً فيما حدث ..
المخابرات الأمريكية تحاول قتلي .. مرحى ! لن أًصمد على الإطلاق ..
ثم ما هذا الذي أفعله ؟ كيف أستطيع أن أفعل ما أفعله .. أقاتل الناس بسهولة شديدة .. و أقتل شخصاً و أعذبه بدم بارد ..
ثم ما سبب ملاحقتهم لي .. ماذا فعلت ؟ ..
علي أن أجد مذكراتي بأسرع وقت ممكن علي أفهم ما يجري .. ولكن علي في البداية أن أخفي آثار ما حدث هنا ..
في البداية قمت بتفتيش الجثتين بعناية ، و عثرت معهما على بعض الطلقات و صورة لي ..
ثم قمت بصعوبة بجر الجثتين الموجودتين في الغرفة حتى غرفة النوم .. و قمت بإخفاء الجثتين بأسفل ألواح خشب السرير .. ثم أعدت كل شئ كما كان ..
و أخيراً بدأت في تنظيف الأرضية من آثار الدماء الموجودة في كل مكان .. ثم قمت بحرق المناشف التي استعملتها في مسح الدماء بعناية ..
ألقيت نظرة أخيرة على المنزل .. جميل ! لا أثر لما حدث و كأن شيئاً لم يحدث هنا إطلاقاً ..
ثم بدأت في البحث عن المذكرات .. حتى وجدتها .. وجدت مفكرتين فأخذتهما و خرجت من المنزل مسرعاً ..
علي أن أقرأ هذه المذكرات و أفهم ما حدث .. لكنني أحتاج لمكان أختبئ فيه أولاً ..