ويمكننا إجمال ما كشفت عن الدراسة من نتائج فيما يلي:
ـ أن صلاح الدن كان باعث نهضة فكرية وعلمية كبيرة، انبثقت عن دُور العلم الكثيرة التي شيدها، مما كان له أثر في استقطاب كثير من العلماء من مختلف البلدان الإسلامية، كما أن هذه المدارس عملت على تثقيف الناس وتقوية العقيدة في نفوسهم، فأسهمت في تحقيق شيء من الوحدة الفكرية، مما كان له أثر كبير في بناء مجتمع قويّ ومتماسك، استطاع أن يتغلب على ما كان يتهدده من أخطار داخلية وخارجية على السواء، فأي انتصار عسكري أو تفوق حربي، لابد أن يصحبه تقدم علمي، وعقيدة نقيّة راسخة في نفوس أبنائها.
ـ المدارس التي شُيدت في عهده، كانت في أغلبها ضخمة وواسعة، تتوفر فيه جميع وسائل الراحة، كما أنّ المدرسين فيها كانوا يتقاضون رواتب عالية، وأن التدريس فيها كان على مذاهب أهل السنة.
ـ بسقوط الدولة الفاطمية، خسر المذهب الشيعي سنده الكبير، فأُبعد من مركز الصدارة ليأخذ مرتبة دنيا، فأخذت الصدارة مذاهب أهل السنة, ولاسيما المذهب الشافعي، ولذلك يمكننا أن نطلق على صلاح الدين لقب ناصر المذهب السنّي، كما ترتب على زوال الخلافة الفاطمية، أن فقد الجامع الأزهر درجته الأولى بين جوامع القاهرة.
ـ أن صلاح الدين كان صاحب ثقافة دينية واسعة، اهتم بالعلماء وقربّهم إليه، وكان لا يقطع أمراً إلا بمشورتهم.
ـ لم يكن صلاح الدين يتساهل في أيّ مسألة لها مساس بجوهر عقيدة أهل السنة، لذلك حارب الفلاسفة والمبتدعة، ولم يتهاون معهم.
ـ تأثير صلاح الدين في بعث المذهب السنّي لم يقتصر على مصر وبلاد الشام، بل شمل الحجاز واليمن والعراق.
وأخيراً فسيرة صلاح الدين الأيوبي، ستظلّ معيناً لا ينضب لأقلام الباحثين والدارسين تمدهم بأمثلة حيّة، من آيات البطولة، والمجد، والفخار.
وحري بنا أن نستطلع تاريخ العظماء من أمتنا لنأخذ منه الدروس والعبر، في كيفية مواجهة التحديات الخطيرة التي تواجه أمتنا، فنعمل على توحيد كلمتنا، من أجل مقاومة الأخطار المتزايدة، التي تستهدف وجودنا وكياننا.
وأضرع إلى العلي القدير، أن يُهيئ لهذه الأمة صلاحاً أخر، يعمل على توحيد صفوفها وينقذها من هذه المصائب المتوالية عليها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.