على متن الخطوط الكويتية المتجهة إلى جدة، قدم لي أحد المضيفين الشباب من بلدي، ورقة فيها سؤال وطلب مني أن أجيب عنه خطياً وباختصار، يقول سؤال المضيف: «دائماً أزور ايطاليا ولي صديق يهودي تعرفت عليه لأنه يعمل في مطعم للوجبات الخفيفة أتردد عليه بحكم قربه من مكان سكني، ومن كثرة ما أحدثه عن العادات في بلدنا الكويت وعن الدين جعلته يتطبع بطباعي لدرجة أنه يقول لي علمني كيف أصلي صلاتكم، وفي يوم من الأيام أتى معي ابن عمي وقال لي: اتركه... هذا يهودي ولا تجلس معه. وكانت معاملة ابن عمي جافة معه جداً، لدرجة قال لي اليهودي: كيف انتما مختلفان ودينكما واحد كما تقول وكلاكما من بلد واحد؟!! فهل الحق مع ابن عمي أم معي؟ ومَن منَّا المخطئ؟» فكتبت له انت «صح» مئة في المئة، لانك تمثلت بآداب الإسلام وأحكامه ومارست الدعوة إلى الله من خلال المعاملة الحسنة، حتى لو لم يهتد الرجل إلى الإسلام فإن تصحيح صورة الإسلام والمسلمين الشائعة في ذهنه من القصف الإعلامي الغربي المتصهين والملوث، بحد ذاته هدف نبيل. وثانياً: نحن لسنا ضد اليهودي لمجرد انه يهودي، نحن ضد اليهودي الحربي المتصهين العدو المستعمر المغتصب للأرض الرافع السلاح ضدنا، أي اننا ضد الإنسان الحربي المجرم القاتل، سواء أكان يهودياً أم نصارنياً أم مسلماً أم قريباً أم حبيباً. ثالثاً: مشكلة كثير من المسلمين رغم مشاعرهم الصادقة، انهم يخلطون بين المعاملة بالحسنى وبين الولاء والبراء، فإن معاملتي مع الآخر أياً كان دينه ومذهبه بالحسنى لا تستلزم الموافقة على ما يعتقد من مذاهب ونظريات دينية أو علمانية أو إلحادية. ارتاح المضيف الشاب من إجابتي، وطلبت منه أن يستمر في سلوكه الحسن مع سائر المسالمين في الأرض وان نفرق بين اليهودي والصهيوني وبين المسيحي والصليبي وبين المسلم والإرهابي وبين الإنسان الحربي والإنسان المسالم... وأن ينوي أن تكون معاملته دعوة إلى دين محمد صلى الله عليه وسلم الذي عمَّ أصقاعا عريضة من الأرض بالمعاملة الحسنى، بلا حرب ولا سيف.
بقلم الدكتور: محمد العوضي
مع تحياتي
ALDMEER