الزمان
يوم الأربعاء 24 رمضان 1422ه الموافق 19 نوفمبر 2003 - الساعة 19:30 بتوقيت غرينيش
المكان
ملعب الأرينا الخاص بنادي أياكس أمستردام الهولندي، أمستردام، هولندا
الحدث
لقاء الإياب لمباراة الملحق الأوروبي المؤهل لليورو 2004 بين هولندا واسكتلندا
نتيجة لقاء الذهاب
اسكتلندا 1/0 هولندا
نتيجة لقاء الإياب
هولندا 6/0 اسكتلندا
النتيجة الإجمالية
هولندا 6/1 اسكتلندا
تأهل هولندا بجدارة لنهائيات الأمم الأوروبية في البرتغال (يورو 2004)
في ليلة أخرى من ليالي الطرب والإبداع ذات النكهة الهولندية الفريدة، تمكن الفريق
البرتقالي من اكتساح اسكتلندا بسداسية
مع الرأفة معلنا التحاقه الحتمي ببقية كبار أوروبا في الحدث الكروي الأبرز صيف العام القادم
ففي أمسية رمضانية عطرة، وافق
النحس أخيرا أن يخلد للنوم بعيدا عن أمستردام ليفسح المجال بين الفريقين العتيدين هولندا واسكتلندا
وحدهما لتحديد هوية المتأهل منهما
وبكل نزاهة هذه المرة
قبيل ساعات من لقاء الحسم الكبير، آثرت بنفسي تجربة حظوظ هولندا مع اسكتلندا عبر ( السوني )، لعلها تخفف ولو قليلا من تخوفي - كبقية عشاق الهولندي - من نتيجة مؤلمة في اللقاء الحاسم
على أرض الواقع
بيد أن مباراة اللاواقع الافتراضي لم تزدني إلا تخوفا ووجلا من تكرار سيناريو الهامبدن بارك الأليم قبل 4 أيام !!
ففي مباراة من جانب واحد
كالعادة ، أذاق الهولنديين الاسكتلنديين المر طوال 90 دقيقة من اللعب اللاواقعي (10 دقائق من فعليا) دون أن يتمكنوا من هز الشباك إلا مرة واحدة !!
حتى في السوني (آخر معاقل الواقعية اللاواقعية)، النحس يقف ضد الهولنديين ويمنعهم من فوز يشفي غليلي ولو قبل سويعات من اللقاء الفعلي الأهم !!
تخيلوا 8 كرات أهدرها نجوم هولندا في خشبات المرمى (منها 3 لكلويفرت وحده)، وعشرات الفرص الأخرى التي ضاعت بأشكال لا تصدق أجبرت معلق السوني الياباني على أن يتوقف كليا عن التعليق
استغرابا واندهاشا !!
أخي الصغير بجانبي كان يشاهد المهزلة الالكترونية، ويلح علي أن يجرب حظه لعله يكون أفضل حالا مني
" هاك يا أخي، ورني شطارتك "
وبنفس الطريقة، وبسيناريو أكثر مرارة، ضاع فوز هولندي أكيد آخر، وهذه المرة
بتعادل سلبي!!
أخي الصغير - بعدما جرب حظه بنفسه - نصحني أن أنام وأترك المباراة وشأنها، خصوصا وأني كنت أعاني قليلا من الصداع حينها ومش محتاج صداع ثاني،
فصداع واحد في الرأس يكفي !!
" ما ينفع، المباراة حأشوفها ولو اضطررت لشرب ( 6 ) فناجين قهوة لذلك!! "
وفعلا قمت إلى المطبخ أحضر لنفسي جميع فناجين القهوة والشاي وحبوب الاسبرين والبانادول اللازمة استعدادا للقاء المهم
وبعد فنجاني قهوة، وكاسة شاي سليماني أحمر رايقة، حانت اللحظة الحاسمة..
حكم المباراة ميكيل لابوس (من سلوفاكيا) يعلن انطلاق المباراة وسط حالة توجس غير معهود من كل عشاق الفن البرتقالي
بداية حذرة جدا من الفريقين المتشاحنين، وما هي إلا 3 دقائق حتى حانت ( الضرابة ) الأولى
الهولندي اليافع فان در فارت والقائد الاسكتلندي باري فيرجسون يتصارعان على الكرة بشدة، وفجأة ينقلب الصراع من الكرة إلى صراع بينهما !!
الجماعة الثانية طبعا ما كذبوا خبر كل يساند زميله المصارع، لتنقلب الملعب إلى ساحة معركة فعلية
حكم اللقاء يشهر صافرته الثانية، وبطاقة صفراء مباشرة لكل من فيرجسون (اسكتلندا) ونستلروي (هولندا) اللي أكلها ظلما ونفذ فان در فارت بجلده
دقيقتان بعد ذلك وبطاقة أخرى تشهر للاعب اسكتلندي، ولا زلنا ننتظر هجمة من أي من الفريقين
فان در مايدي (الذي لم يتوقع الكثيرون مشاركته بسبب حادثة غرهاق قبل ثلاثة أيام) بادر بالهجمة الأولى للفريق الهولندي المضيف، والأولى في المباراة ككل في الدقيقة السابعة
فبعدما راوغ بسحرية هولندية خالصة الظهير الاسكتلندي نايسميث، انفرد فان در مايدي بنفسه على الجناح الأيمن الخالي، قبل أن يمرر لزميله الآخر فان در فارت الذي لعب كرة رأسية جميلة ولكنها فاندرت قصدي أهدرت خارج المرمى
بعدها بدأ نستلروي تجربة حظه بعدما حجز احتفظ بالكرة ببراعة وسط الدفاع الاسكتلندي اثر تمريرة من فان در مايدي، ولكن تسديدة الروود مرت سهلة للحارس الاسكتلندي دوجلاس
النونو يحاول مرة أخرى هذه المرة من الجهة اليسرى، نستلروي خدع أحد المدافعين بطريقة جميلة ثم سدد الكرة قوية من زاوية ضيقة إلا أن دوجلاس أبطل مفعولها مرة أخرى
قبلها بلحظات كاد فان در فارت أن يفتتح التسجيل بعد مجهود فردي من ابن ال19 عاما ويسلي شنايدر، إلا أن الدفاع الاسكتلندي تصدى للكرة بالقوة
شنايدر، أحد الوجوه الجديدة الكثيرة في تشكيلة الهولندي اليوم، أعلن عن وجوده مجددا في الدقيقة 13 محرزا أول أهداف اللقاء وأول أهدافه شخصيا على الصعيد الوطني
شنايدر راوغ بروعة بطريقة كرويف المذهلة لاعبا اسكتلنديا في وسط الملعب ثم تقدم بسرعة ناحية المرمى، وبعد برهة تأن فضل شنايدر التسديد بدل من تمرير الكرة لنستلروي، وحسنا فعل!!
صاروخ أرضي في أقصى ميمنة المرمى الاسكتلندي، لينفجر الملعب باللون
البرتقالي
هدف أشعل فتيل الحماس لليلة ستكون من الليالي الخالدة فعلا في ذهن كل من شاهد هذه المباراة
اسكتلندا حاولت الرد سريعا عبر ركلة حرة مباشرة، ولكن المدافع الطويل لي ويلكي لم يحسن التعامل جيدا مع كرة من ركلة حرة جانبية في الدقيقة 25 ليهدر فرصة التعادل على فريقه
هجمة أخرى لاسكتلندا وسط تخبط دفاعي هولندي مستغرب، ولكن الكرة تخرج إلى بر الأمان بعد استماتة واضحة من المقاتل إدغار ديفيدز
وما هي إلا لحظات حتى عاود الهولنديين شن الهجمات بشراسة على المرمى الاسكتلندي!!
هجمتان ضائعتان من كل من فان درفارت ونستلروي ومن ثم أوفرمارس الذي جرب حظه بتسديد كرة قوية إلا أنها ارتطمت بدفاع اسكتلندا وخرجت إلى التماس
شنايدر يجرب حظه مجددا بعد عمل رائع من رفاييل فان در فارت، ولكن تسديدته القوسية الرائعة تمر بجوار القائم،
ويا خسارة
تواصلت الهجمات الهولندية وتواصل مسلسل الأخطاء الاسكتلندية، ومن احداها جاء الهدف الثاني وهدف ترجيح الكفة الهولندية في الدقيقة 32
ركلة حرة مباشرة من وسط منتصف الملعب الاسكتلندي، شنايدر يرسل الكرة لولبية قوية ناحية المرمى لتجد رأس المدافع المتقدم أندريه أوير الذي عالجها بقوة في الشباك معلنا التقدم الهولندي
دقائق أخرى تمر والمنتخب الهولندي يعيد الكرة بهدف آخر بنفس الأسلوب السابق!!
ركلة أخرى من
رجل الشوط الأول شنايدر إلى داخل صندوق الفريق الاسكتلندي
المرتعب، يرتقي لها نستلروي عاليا ويزرعها في المرمى ليحسم النتيجة كليا لمصلحة الهولنديين
ثلاثة أهداف تحسم الشوط نهائيا لهولندا رغم المحاولة الخطرة للجانب الاسكتلندي مجددا عن طريق ويلكي والتي نجح فان در سار ببراعة في صدها
شوط أول انتهى، وأخيرا تنفس
NEDVED11 الصعداء!!
يبدأ الشوط الثاني، وتبدأ معها السيمفونية الكروية الهولندية الخالصة وسط غياب كامل من الاسكتلنديين الذين على الأرجح كانوا يتمنون ألا يلعبوا شوطا آخر بعد مهزلة الشوط الأول
عموما، المنتخب الهولندي لم يعر بالا لخصمه، وواصل نهجه الهجومي الفتاك تجاه الدفاع الاسكتلندي المسكين
فان در فارت حاول كثيرا وضع بصمته في قائمة المسجلين، محاولتين خطرتين من
بيرغكامب الصغير في الشباك الاسكتلندية من الخارج!!
الهدف الرابع لن يتأخر كثيرا، وتحديدا في الدقيقة 50 وهذه المرة عن طريق الثنائي
فان فان!!
رود فان نستلروي وفان در فارت يتبادلان الكرة بروعة في العمق الاسكتلندي بعيد عمل جميل من ديفدز، لينفرد على اثرها نونو بدوجلاس ويسقطها بهدوء شديد من فوقه إلى داخل المرمى الاسكتلندي
الآن لا مجال للشك أن هولندا في النهائيات، ولكن ما زال هناك مزيد!!
النشيط ادغار ديفدز يواصل اختراق العمق الاسكتلندي ويسدد كرة قوية ترتطم بالدفاعات الاسكتلندية وتشتت خارجا
الفريق الهولندي يبسط سيطرته كليا على وسط الملعب وسط تراجع غير مبرر من الاسكتلنديين، وشبح الهدف الخامس يلوح في الأفق وسط
ارتعاد شديد من البريطانيين الشماليين
وفعلا الهدف الخامس يأتي من رأس الاحتياطي المخضرم فرانك دي بوير الذي نزل مع مطلع الشوط الثاني بديلا لصاحب الهدف الثاني أوير
ضربة ركنية على رأس دي بوير وإلى مرمى الممثل عفوا الحارس مايكل دوجلاس، والذي لم يقوى إلا على لمس الكرة التي عانقت سقف المرمى بروعة
ليس هذا كل شيء، فنستلروي بدا عازما على نيل الهاتريك وهو ما تحقق للهداف الهولندي الفذ
عمل جماعي رائع آخر من الفريق الهولندي في الجناح الأيمن، تنتهي بتمريرة عرضية متقنة من فان در مايدي إلى الروود غير المراقب الذي أكملها بأناقة في المرمى، وليكمل ثلاثيته الدولية الأولى
وبعد أن اكتملت السداسية، أخرج ديك أدفوكات نستلروي وأدخل كلويفرت مكانه، قبل أن يعانق النونو في مشهد رائع وقف له الجميع بالتصفيق والتغريد
تبديل آخر لهولندا بنزول كلارنس سيدورف، واسكتلندا أيضا تكمل تبديلاتها الثلاث دون أن تغيير يذكر
السيطرة هولندية تواصلت، والغلة كادت أن تتضاعف مرارا عبر شنايدر وفان در فارت وكلويفرت الذي كاد يباغت الحارس بكرة ماكرة إلا أن دوجلاس نجح بإبعادها في آخر لحظة
لينتهي المباراة بسداسية رائعة هي الأقسى في تاريخ مواجهات الفريقين العريقين، والأقسى لاسكتلندا في 42 عاما، وربك ستر أنها ما كانت أكثر
عموما لا يهم، فلا شيء كان سيعكر الفرحة الهولندية الخالصة هذا اليوم، وهي فرحة نتمنى أن لا تنسينا الهدف الأهم باللقب الأوروبي القادم في ظل منافسة مترقبة من كبار أوروبا وخصوصا فرنسا وايطاليا واسبانيا والتشيك
ألف ألف ألف مليون مبروك لهولندا، وعقبال الفرحة الكبرى بإذن الله
وهاردلك يا اسكتلندا، وانشالله حظا أوفر في المناسبات القادمة
فعلا، إن كان للإبداع اسم لكان بالتأكيد اسمه هولندا