نَعَمْ اَخِي: بِمُجَرَّدِ الْخَوْفِ مِنَ الظُّلْمِ وَعَدَمِ الْعَدْلِ الْمَادِّيِّ بَيْنَ مَنْ تُرِيدُ اَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِنَّ عَلَيْكَ اَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى وَاحِدَة, اَيْ عَلَى الزَّوْجَةِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي عِنْدَكَ, وَلَايَحِقُّ لَكَ اَنْ تُجَرِّبَ نَفْسَكَ بِالزَّوَاجِ بِثَانِيَةٍ اَوْ ثَالِثَةٍ اَوْ رَابِعَةٍ اِذَا كُنْتَ قَادِراً عَلَى الْعَدْلِ اَوْ غَيْرَ قَادِرٍ, بَلْ بِمُجَرَّدِ الشُّعُورِ بِالْخَوْفِ يَحْرُمُ كُلُّ ذَلِكَ عَلَيْكَ اِلَّا اَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى الْوَاحِدَةِ الَّتِي عِنْدَكَ اِنْ كُنْتَ مُتَزَوِّجاً بِهَا اَوْ تَتَزَوَّجَ وَاحِدَةً فَقَطْ اِنْ كُنْتَ عَازِباً وَقَادِراً مَادِّيّاً عَلَى الزَّوَاجِ بِنَفْسِكَ اَوْ بِاِعَانَةِ غَيْرِكَ لَكَ وَمُسَاعَدَتِهِمْ, نَعَمْ اَخِي: بِمُجَرَّدِ الشُّعُورِ بِالْخَوْفِ اَنْ تَجُورَ عَلَيْهِنَّ اَوْ تَظْلِمَ اِحْدَاهُنَّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْقَرِيبِ اَوِ الْبَعِيدِ, فَعَلَيْكَ اَنْ تَمْتَنِعَ فَوْراً عَنِ الزَّوَاجِ بِهِنَّ وَاَنْ تَصْرِفَ فِكْرَةَ التَّعَدُّدِ بِثَانِيَةٍ اَوْ ثَالِثَةٍ اَوْ رَابِعَةٍ نِهَائِيّاً مِنْ رَاْسِكَ, اِلَّا اِذَا كُنْتَ تَسْتَطِيعُ الْعَدْلَ الْمَادِّيَّ بَيْنَهُنّ, فَاِذَا كُنْتَ لَاتَسْتَطِيعُ الْعَدْلَ الْمَادِّيَّ مَعَ اَكْثَرِ مِنْ وَاحِدَةٍ وَاَوْلَادِكَ مِنْهَا, فَعَلَيْكَ اَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى وَاحِدَةٍ وَلَايَجُوزُ لَكَ الزَّوَاجُ بِثَانِيَة, وَاِذَا كُنْتَ لَاتَسْتَطِيعُ الْعَدْلَ الْمَادِّيَّ مَعَ اَكْثَرَ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَاَوْلَادِكَ مِنْهُمَا, فَعَلَيْكَ اَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَلَايَجُوزُ لَكَ الزَّوَاجُ بِثَالِثَة, وَاِذَا كُنْتَ لَاتَسْتَطِيعُ الْعَدْلَ الْمَادِّيَّ مَعَ اَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ وَاَوْلَادِك مِنْهُنَّ, فَعَلَيْكَ اَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ثَلَاثٍ وَلَايَجُوزُ لَكَ الزَّوَاجُ بِرَابِعَة, وَاِذَا كُنْتَ تَسْتَطِيعُ اَوْ لَاتَسْتَطِيعُ الْعَدْلَ الْمَادِّيَّ مَعَ اَكْثَرَ مِنْ اَرْبَعٍ وَاَوْلَادِكَ مِنْهُنَّ, فَعَلَيْكَ اَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى اَرْبَعِ زَوْجَاتٍ وَلَايَجُوزُ لَكَ شَرْعاً بِحَالٍ مِنَ الْاَحْوَالِ اَنْ تَزِيدَ عَلَيْهِنَّ بِخَامِسَةٍ سَوَاءً كُنْتَ تَسْتَطِيعُ الْعَدْلَ الْمَادِّيَّ اَوْ لَاتَسْتَطِيعُ اِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً. نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا كُنْتَ وَاثِقاً مِنْ نَفْسِكَ غَيْرَ خَائِفٍ مِنْ ظُلْمِ اِحْدَاهُنَّ اَوِ الْجَوْرِ عَلَيْهَا مَادِّيّاً, فَاِذَا اَرَدْتَّ التَّعَدُّدَ, فَاِنَّ لَهَا الْحَقَّ اَنْ يَكُونَ لَهَا مَسْكَنٌ شَرْعِيٌّ بَعِيدٌ وَمُسْتَقِلٌّ عَنْ ضَرَّتِهَا, وَلَكِنْ مَاذَا نَسْمَعُ فِي بَعْضِ الْمَنَاطِقِ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ اَنَّهُمْ حُمَاةٌ لِلثَّوْرَةِ السُّورِيَّة! نَعَمْ اَخِي: يُسْكِنُ اَحَدُهُمْ ضَرَائِرَهُ مَعَ بَعْضِهِنَّ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ(بِحُجَّةِ اَنَّ بَيْتَ الضِّيقِ يَسَعُ اَلْفَ صَدِيقٍ كَمَا يَقُولُ اَهْلُ اِدْلِبْ وَلَكِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي شَرْعِ اللهِ الْخَاصِّ بِالتَّعَدُّد! ثُمَّ اِذَا طَالَبَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ بِحَقّهَا الشَّرْعِيِّ اَنْ يَكُونَ لَهَا بَيْتٌ شَرْعِيٌّ خَاصٌّ مُسْتَقِلٌّ مُنْفَصِلٌ عَنْ ضَرَائِرِهَا, فَمَاذَا يَكُونُ جَزَاؤُهَا اِلَّا اَنْ تُضْرَبَ بِالْكِرْبَاج! وَالْوَيْلُ لَهَا اِنْ اَعَادَتِ الْكَرَّةَ وَعَادَتْ اِلَى الْمُطَالَبَةِ مِنْ جَدِيد! نَعَمْ اَخِي: حِينَمَا تَتَرَاكَمُ ذُنُوبُ هَؤُلَاءِ, فَمَاذَا يَكُونُ جَزَاؤُهَا اِلَّا اَنْ يَغْضَبَ الْحَلِيمُ وَهُوَ اللهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ وَلَكِنَّهُ الْمُنْتَقِمُ الْجَبَّارُ اَيْضاً لِيُدَمِّرَ بُيُوتَهُمْ تَدْمِيراً عَلَى رُؤُوسِهِمْ بِوَاسِطَةٍ مِنْ بَشَّارَ وَبَرَامِيلِهِ الْمُتَفَجِّرَةِ اَوْ بِغَيْرِ وَاسِطَة{دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ اَمْثَالُهَا{وَتَاْكُلُونَ التَّرَاثَ( وَهُوَ الْمِيرَاثُ الّذِي تَحْرِمُونَ الْبِنْتَ مِنْهُ بِحُجَّةِ اَنَّ زَوْجَهَا عَدُوٌّ لَكُمْ{اَكْلاً لَمّاً وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً كَلَّا اِذَا دُكَّتِ الْاَرْضُ(بِمَا عَلَيْهَا مِنْ بُيُوتِكُمْ عَلَى رُؤُوسِكُمْ بِبَرَامِيلِ بَشَّارَ وَبِمَا هُوَ اَقْوَى مِنْ بَرَامِيلِ بَشَّارَ مِنْ اَهْوَالِ الْقِيَامَةِ وَقَوَارِعِهَا الْمُرْعِبَةِ الْمُزَلْزِلَةِ الْمُدَمِّرَةِ الَّتِي تَتْرُكُ الْكَوْنَ كُلَّهُ خَرَاباً{دَكّاً دَكَّا{وَاِنْ (مَا{مِنْ قَرْيَةٍ اِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ اَوْ مُعَذّبُوهَا عَذَاباً شَدِيدَا(وَلَسْتُ اَقُولُ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ بَابِ التَّشَفّي وَلَكِنْ لِاَنِّي مُشْفِقَةٌ عَلَيْكُمْ لِتَاْخُذُوا الْعِبْرَةَ وَالْمَوْعِظَةَ مِنْ اَجْلِ الْاَيَّامِ الْقَادِمَة, نَعَمْ اَخِي: فَعَلَيْنَا اَنْ نَتَّقِيَ غَضَبَ الْحَلِيمِ سُبْحَانَهُ الَّذِي يَتَحَمَّلُنَا كَثِيراً وَلَايُعَاجِلُنَا بِالْعُقُوبَةِ اِلَّا بَعْدَ اَنْ يَطْفَحَ كَيْلُنَا مِنْ ذُنُوبِنَا وَآَثَامِنَا, نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: نَحْنُ نَغَارُ عَلَى نَبِيِّنَا, وَنَغَارُ عَلَى الْاَرْوَاحِ الَّتِي تُزْهَقُ بِغَيْرِ حَقّ, وَنَغَارُ عَلَى كَرَامَةِ الْاِنْسَانِ, وَنَغَارُ عَلَى اِنْسَانِيَّةِ الْاِنْسَانِ سَوَاءً كَانَ مُسْلِماً اَوْ غَيْرَ مُسْلِم؟ لِاَنَّ حِسَابَهُمْ عَلَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَيْسَ عَلَيْنَا {اِنْ عَلَيْنَا اِلَّا الْبَلَاغ{اِنْ(مَا(حِسَابُهُمْ اِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُون( كَمَا قَالَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَام, فَهَلْ نُصْلِحُ مِنْ شَاْنِنَا! هَلْ نُصْلِحُ مِنْ اَخْلَاقِنَا! هَلْ يَبْتَعِدُ بَعْضُنَا عَنْ اَذَى بَعْضٍ! هَلْ نَعُودُ اِلَى هَدْيِ نَبِيِّنَا! فَاِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ وَقُلْنَا يَارَبّ, قَالَ الرَّبُّ اسْتَجَبْتُ لَكُمْ{وَاِذَا سَاَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَاِنِّي قَرِيبٌ اُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ اِذَا دَعَان(لَكِنْ بِشَرْطٍ وَهُوَ{فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون(اَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَاَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ... حَمْداً لِلهِ, وَصَلَاةً وَسَلَاماً عَلَى رَسُولِ اللهِ, وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُ وَوَالَاهُمْ, نَعَمْ اَخِي: اَلْاِنْسَانُ كَمَا يَقُولُون: عَدُوٌّ لِمَا يَجْهَل! نَعَمْ اَخِي: وَالْمُسْلِمُونَ الْمُنْتَسِبُونَ اِلَى الْاِسْلَامِ, اَكْثَرُهُمْ يَجْهَلُ هَذَا الدِّين؟ لِاَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ بِالْوِرَاثَة, نَعَمْ اَخِي: فَيَجِبُ عَلَيْنَا نَحْنُ الْمُسْلِمِينَ: اَنْ نُغَيِّرَ هَوِيَّتَنَا, وَاَنْ نَكُونَ مُسْلِمِينَ بِالْمَنْطِقِ وَالْعَقْلِ وَالْقَنَاعَة, نَعَمْ اَخِي: عَلَيْكَ اَنْ تَجِدَ طَرِيقَةُ مَا فِي تَفْكِيرِكَ؟ لِتَقْتَنِعَ بِسُرْعَةٍ وَقَبْلَ فَوَاتِ الْاَوَانِ اَنَّ هَذَا الدِّينَ عَظِيمٌ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلّ, وَلَكِنْ مَعَ الْاَسَف, اَيْنَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ تَفَقُّهِهِمْ فِي دِينِهِمْ؟ وَاَيْنَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ اَنْ يَتَعَلَّمُوا دِينَهُمْ؟ مَعَ الْاَسَف, لَاتَجِدُ اِلَّا الْقَلِيلَ جِدّاً مَنْ يَهْتَمُّ لِذَلِك, وَاَمَّا الْاَكْثَرِيَّةُ الْبَاقِيَة, فَقَدْ اَلْهَتْهُمُ الْمَادَّة! فَاِذَا قِيلَ لِاَحَدِهِمْ: لِمَاذَا لَاتَحْضُرُ دَرْسَ عِلْمٍ؟ قَالَ لَكَ: مَشْغُول! لِمَاذَا لَاتَصِلُ رَحِمَكَ؟ مَشْغُول! لِمَاذَا لَاتَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا مِنْ وُجُوهِ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ وَالْاِحْسَان؟ مَشْغُول! فَبِاَيِّ شَيْءٍ اَنْتَ مَشْغُول؟ هَلْ اَنْتَ مَشْغُولٌ بِمَتَاعِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا{فَمَا اُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيِاةِ الدُّنْيَا, وَمَاعِنْدَ اللهِ(مِنْ دُرُوسِ الْعِلْمِ وَمِنْهَا خُطْبَتَا الْجُمُعَة{خَيْرٌ وَاَبْقَى اَفَلَا تَعْقِلُون{قُلْ مَاعِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِين(فَمَتَى سَنَعْقِلُ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ مَتَى سَنَعُودُ اِلَى دِينِنَا؟ مَتَى سَنَمْلَؤُ بُيُوتَ الله؟ مَتَى سَنَمْلَىءُ مَجَالِسَ الْعِلْم؟ لِمَاذَا نَرَى الْكُرَةَ وَالْفَاتْبُولَ يَتَخَاصَمُ النَّاسُ مِنْ اَجْلِهَا وَيَتَكَدَّسُون؟ فَاَيْنَ الَّذِينَ لَايَاْتُونَ اِلَى بُيُوتِ اللهِ وَلَايَتَكَدَّسُونَ وَلَايَتَكَوَّمُونَ لِيَتَفَقَّهُوا فِي دِينِهِمْ؟ لِاَنَّ اللهَ لَمْ يُرِدْ فِيهِمْ خَيْرَا؟ لِاَنَّهُمْ لَيْسُوا اَهْلاً لِذَلِكَ؟ لِاَنَّ[مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً, يُفَقِّهْهُ فِي الدِّين(نَعَمْ اَخِي: وَقَالَ الرَّسُولُ لِهَذَا الصَّحَابِيِّ الَّذِي تَرَكَ مَجْلِسَ الْعِلْمِ وَخَرَج:[اَمَّا هَذَا, فَقَدْ اَعْرَضَ, فَاَعْرَضَ اللهُ عَنْه(نَعَمْ اَخِي: يُعْرِضُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ يُعْرِضُونَ عَنْ دُرُوسِ الْعِلْمِ, وَيَحْرِمُهُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَرِضْوَانِهِ اِنْ لَمْ يَعُودُوا, كَمَا حَرَمُوا اَنْفُسَهُمْ مِنَ التَّفَقُّهِ فِي دِينِ اللهِ لِرَفْعِ الْجَهْلِ عَنْهَا وَتَصْحِيحِ عَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ لَدَيْهِمْ. نَعَمْ اَخِي: وَقَبْلَ اَنْ نَخْتِمَ الْمُشَارَكَة, نُتَابِعُ حَدِيثَنَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِفَرِيضَةِ الزَّكَاة, لَكِنْ قَبْلَ ذَلِكَ, نُجِيبُ عَنْ سُؤَالٍ يَتَعَلَّقُ بِفَرِيضَةِ الصَّوْمِ مِنْ اَحَدِ الْاِخْوَةِ يَقُولُ فِيه: اَنَّهُ اِذَا صَامَ يَتَقَيَّؤُ رَغْماً عَنْهُ, فَهَلْ اِذَا تَقَيَّاَ اَوْ قَاءَ يَكُونُ صَوْمُهُ بَاطِلاً؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَاشَيْءَ عَلَيْهِ, وَمَنِ اسْتَقَاءَ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ هَذَا الْيَوْم, نَعَمْ اَخِي, وَكَلِمَةُ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ: بِمَعْنَى تَغَلَّبَ عَلَيْهِ الْقُيْءُ فَنَزَلَ مِنْ جَوْفِهِ وَفَمِهِ بِدُونِ عَمَلٍ مِنْهُ, وَاَمَّا اِذَا هُوَ الَّذِي اسْتَقَاءَ بِعَمَلٍ مِنْهُ كَاَنْ يَضَعَ اِصْبَعَهُ فِي حُلْقُومِهِ مُضْطَّرّاً اَوْ غَيْرَ مُضْطَّرٍّ لِيَسْتَقِيءَ, فَعِنْدَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ هَذَا الْيَوْم, فَهَذَا الشَّيْءُ لَابُدَّ اَنْ نُلَاحِظَهُ جَيِّداً بِالنِّسْبَةِ اِلَى هَذِهِ الْاُمُورِ الدَّقِيقَة, نَعَمْ اَخِي, وَاِذَا كَانَ الصَّوْمُ فَرِيضَةُ مِنْ فَرَائِضِ اللهِ, فَاِنَّ الزَّكَاةَ كَذَلِكَ فَرِيضَة؟ لِاَنَّ الْاِسْلَامَ كَمَا وَرَدَ عَنْ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ وَسَلَّم:[بُنِيَ الْاِسْلَامُ عَلَى خَمْس, شَهَادَةِ اَنْ لَا اِلَهَ اِلَّا الله وَاَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله, وَاِقَامِ الصَّلَاةِ, وَاِيتَاءِ الزَّكَاة, وَفِي رِوَايَة: وَصَوْمِ رَمَضَانَ, وَاِيتَاءِ الزَّكَاةِ, وَحَجِّ الْبَيْتِ لِمَنِ اسْتَطَاعَ اِلَيْهِ سَبِيلَا, لَكِنَّ الرِّوَايَةَ الْمَشْهُورَةَ اَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام قَدَّمَ الصَّوْمَ عَلَى الزَّكَاةِ وَقَال[بُنِيَ الْاِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ, شَهَادَةُ اَنْ لَا اِلَهَ اِلَّا الله وَاَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله, وَاِقَامُ الصَّلَاةِ, وَاِيتَاءُ الزَّكَاةِ, وَصَوْمُ رَمَضَانَ, وَحَجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ اِلَيْهِ سَبِيلَا(نَعَمْ اَخِي, فَمَنْ اَنْكَرَ وُجُوبَهَا وَلَوْ وَاحِدَةً مِنْ خَمْسِهَا وَقَالَ اَنَّهَا لَيْسَتْ وَاجِبَةً, فَقَدْ كَفَرَ بِاللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, وَارْتَدَّ عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ؟ لِاَنَّهُ كَذَّبَ اللهَ فِي وُجُوبِهَا وَفَرْضِيَّتِهَا وَمَابَنَاهُ مِنَ الْاِسْلَامِ عَلَيْهَا؟ وَاَنْكَرَ شَيْئاً مَعْلُوماً مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَة! نَعَمْ اَخِي, وَمَا مَعْنَى مَعْلُوماً مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: هُوَ بِمَعْنَى اَنَّ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الْاِيمَانِ اَنْ تَعْلَمَ اَنَّ الزَّكَاةَ فَرْضٌ, وَلِهَذَا اِذَا لَمْ تَعْلَمْ ذَلِكَ وَجَهِلْتَ كَاَنْ تَكُونَ فِي مَكَانٍ نَائِي بَعِيدٍ تَعِيشُ فِي الْقُطْبِ الشَّمَالِيِّ اَوِ الْجَنُوبِيِّ مَعَ الْاَسْكِيمُو وَلَاتَعْلَمُ شَيْئاً اَبَداً, وَلَكِنْ مَعَ ذَلِكَ لَاعُذْرَ لِهَؤُلَاءِ عِنْدَ اللهِ اَبَداً؟ لِاَنَّ الْكُلَّ اَصْبَحَ يَسْمَعُ فِي اَيَّامِنَا عَبْرَ الْاِذَاعَاتِ وَالتَّلْفَزَةِ الْفَضَائِيَّةِ وَالْاِنْتِرْنِت اِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ اَحْدَثِ وَسَائِلِ الْاِتِّصَالِ التَّرْفِيهِيَّة: اَنَّ الزَّكَاةَ فَرْضٌ مِنَ الْفَرَائِضِ: وَاَنَّ الزَّكَاةَ بِنَاءٌ بُنِيَ عَلَيْهِ الْاِيمَانُ وَالْاِسْلَامُ كَمَا بُنِيَ عَلَى الْاَرْكَانِ الْاُخْرَى, نَعَمْ اَخِي, وَهَذِهِ الزَّكَاةُ سُمِّيَتْ زَكَاةً؟ لِاَنَّهَا تُزَكِّي الْمَالَ وَتُطَهِّرُهُ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي كَانَ مَشْغُولاً فِيه, نَعَمْ اَخِي, اَنْتَ عِنْدَكَ مَال, وَهَذَا الْمَالُ فِيهِ حَقٌّ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْاَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الَّتِي شَرَحْنَاهَا فِي مُشَارَكَةٍ سَابِقَة, نَعَمْ اَخِي, فَهَذَا الْمَالُ اِذَا بَلَغَ نِصَاباً, وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ الْقَمَرِيُّ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْراً, فِفِيهِ جُزْءٌ مِنْهُ مَشْغُولٌ بِحَقِّ غَيْرِكَ, فَعَلَيْكَ اَنْ تُعْطِيَهُ هَذَا الْحَقّ, نَعَمْ اَخِي, وَقَدْ بَعَثَ اِلَيَّ اَحَدُ الْاِخْوَةِ بِرِسَالَةٍ يَقُولُ فِيهَا:هَلْ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الزَّكَاةِ عَلَى وَقْتِهَا؟ بِمَعْنَى اَنَّ اِنْسَاناً مَا اَصَابَ حَوْلاً كَامِلاً مِنَ النِّصَابِ فِي شَهْرِ شَوَّالَ مَثَلاً وَاسْتَحَقَّ عَلَيْهِ اَنْ يُخْرِجَ الزَّكَاةَ, فَجَاءَهُ اِنْسَانٌ وَطَلَبَ مِنْهُ مَبْلَغاً مِنَ الْمَالِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ اِلَى هَذَا الْمَال, فَاَعْطَاهُ هَذَا الْمَبْلَغَ مِنَ الْمَالِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ عِنْدَ بِدَايَةِ شَهْرِ شَعْبَانَ قَبْلَ مَوْعِدِ نِهَايَةِ الْحَوْلِ الْكَامِلِ مِنَ النِّصَابِ بِشَهْرَيْنِ, هَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ اَوْ لَايَصِحُّ شَرْعاً؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: اَنَّهُ يَصِحُّ شَرْعاً وَلَاحَرَجَ عَلَيْه, نَعَمْ اَخِي, ثُمَّ يَقُولُ السَّائِل: لِمَاذَا يَصِحُّ تَقْدِيمُ الزَّكَاةِ عَلَى وَقْتِهَا؟ وَلَايَصِحُّ مَثَلاً تَقْدِيمُ الصَّوْمِ عَلَى وَقْتِهِ؟ بِمَعْنَى: هَلْ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ اَنْ يَصُومَ شَعْبَانَ بَدَلَ رَمَضَانَ ثُمَّ يُفْطِرُ فِي رَمَضَان؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: لَايَجُوز, طَيِّبْ! لِمَاذَا الزَّكَاةُ تَجُوزُ قَبْلَ وَقْتِهَا الْمُسْتَحَقِّ؟ وَالصَّوْمُ لَايَجُوز؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ؟ لِاَنَّ الزَّكَاةَ حَقٌّ مَالِيّ, وَاَمَّا الصَّوْمُ فَهُوَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّة, نَعَمْ اَخِي, وَحَقُّ الْمَالِ يَجُوزُ لَكَ اَنْ تُقَدِّمَهُ, فَلَوِ اقْتَرَضْتَّ مِنْ اِنْسَانٍ مَبْلَغاً مِنَ الْمَالِ, وَقُلْتَ لَهُ اَنَّ وَفَاءَكَ لِقَرْضِهِ لَكَ سَيَكُونُ فِي اَوَّلِ رَمَضَانَ مَثَلاً, فَاَعْطَيْتَهُ هَذَا الْمَبْلَغَ فِي اَوَّلِ شَعْبَان, فَهَلْ هَذَا جَائِزٌ؟ اَوْ غَيْرُ جَائِزٍ شَرْعاً؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: بَلْ هُوَ جَائِزٌ شَرْعاً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْحُقُوقَ الْمَالِيَّةَ تَخْتَلِفُ عَنِ الْحُقُوقِ اَوِ الْوَاجِبَاتِ الْبَدَنِيَّة, وَلِذَلِكَ يَجُوزُ اَنْ تُقَدَّمَ الزَّكَاةُ عَلَى وَقْتِهَا؟ لِاَنَّهَا حَقٌّ مَالِيّ, نَعَمْ اَخِي, كَمَا وَيَجُوزُ اَنْ تُقَدَّمَ اَيْضاً بَعْضُ مَنَاسِكِ الْحَجِّ عَلَى بَعْضِهَا كَالسَّعْيِ عَلَى الطَّوَافِ مَثَلاً, وَعَلَى وَقْتِهَا كَرَمْيِ الْجَمَرَاتِ مَثَلاً لِلضُّعَفَاءِ وَالْمَرْضَى قَبْلَ الزَّوَالِ وَعِنْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلَةِ الْاُولَى قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ, وَلَايَجُوزُ اَنْ يُقَدَّمَ الصَّوْمُ عَلَى وَقْتِهِ؟ لِاَنَّهُ حَقٌّ بَدَنِيّ, وَلَايَجُوزُ كَذَلِكَ اَنْ يُقَدَّمَ تَحْلِيلُ شَهْرِ صَفَرَ عَنْ وَقْتِهِ اِلَى وَقْتِ الشَّهْرِ الَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ الْمُحَرَّم, وَلَا اَنْ يُؤَخَّرَ تَحْرِيمُ الْمُحَرَّمِ اِلَى وَقْتِ الشَّهْرِ الَّذِي بَعْدَهُ وَهُوَ صَفَر كَمَا كَانَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ نَسِيئاً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{اِنَّمَا النَّسِيءٌ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ, يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا, يُحِلُّونَهُ عَاماً, وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً؟ لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَاحَرَّمَ اللهُ! فَيُحِلُّوا مَاحَرَّمَ اللهُ! زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ اَعْمَالِهِمْ(نَعَمْ اَخِي, وَلَايَجُوزُ كَذَلِكَ اَنْ تُقَدَّمَ الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا؟ لِاَنَّهَا اَيْضاً حَقٌّ لِلهِ وَعِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَهُ سُبْحَانَهُ, اِلَّا لِمَنْ كَانَ مُسَافِراً فِيمَا يُسَمَّى جَمْعَ التَّقْدِيمِ لِصَلَاتَيِ الْعَصْرِ عِنْدَ وَقْتِ الظُّهْرِ, وَالْعِشَاءِ عِنْدَ وَقْتِ الْمَغْرِب, نَعَمْ اَخِي, وَاَمَّا اَنْ تُقَدَّمَ الصَّلَاةُ بِدُونِ عُذْرٍ اَوْ بِدُونِ جَمْعٍ شَرَعَهُ اللهُ سُبْحَانَهُ, فَهَذَا لَايَجُوز, نَعَمْ اَخِي, وَلَايَجُوزُ اَيْضاً اَنْ تُصَلّيَ الظٌّهْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالصُّبْحَ قَبْلَ وَقْتِهِ بِرُبُعِ سَاعَةٍ مَثَلاً, فَحَتَّى وَلَوْ كُنْتَ مُتَعَمِّداً اَوْ مُخْطِئاً, ثُمَّ تَبَيَّنَ لَكَ اَنَّكَ صَلَّيْتَ الظُّهْرَ قَبْلَ وَقْتِهِ الْمَعْرُوفِ, فَلَاتَصِحُّ الصَّلَاةُ وَلَوْ كُنْتَ مُسَافِراً اَوْ مُقِيماً, فَلَاتَصِحُّ صَلَاتُكَ اَيْضاً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُول{اِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتَا( نَعَمْ اَخِي, وَقَدْ ثَبَتَ اَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, كَانَ يَاْخُذُ مِنْ عَمِّهِ الْعَبَّاسِ الزَّكَاةَ عَنْ سَنَتَيْنِ مُقْبِلَتَيْنِ سَلَفاً, نَعَمْ اَخِي, لَكِنْ قَدْ يَقُولُ قَائِل: هَلْ تَجُوزُ النِّيَابَةُ فِي الزَّكَاة؟ بِمَعْنَى لَوْ اَنَّ اِنْسَاناً اَعْطَى مَالَهُ لِآَخَرَ مِنْ اَجْلِ اَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ اَمْوَالِهِ عَنْهُ, وَقَالَ لَهُ: قُمْ اَنْتَ بِتَوْزِيعِهِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ الثَّمَانِيَةِ عَنِّي, فَهَلْ هَذَا جَائِزٌ شَرْعاً؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: نَعَمْ يَجُوزُ شَرْعاً وَلَاحَرَجَ عَلَيْهِمَا, نَعَمْ اَخِي, لَكِنْ لَوْ قَالَ لَكَ اَحَدُهُمْ: صَلِّ عَنِّي! اَوْ صُمْ عَنِّي! فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ شَرْعاً؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَايَجُوزُ؟ لِاَنَّ نَفْسَكَ لَاتَسْتَسِيغُ ذَلِكَ؟ لِاَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ السُّخْرِيَةِ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِالصَّلَاةِ وَبِمَنْ يُصَلُّونَ! وَبِالصِّيَامِ وَبِمَنْ يَصُومُونَ وَالْعَيَاذُ بِالله! نَعَمْ اَخِي, وَاَمَّا: خُذْ هَذَا الْمَالَ وَزَكِّهِ عَنِّي, فَلَابَاْسَ بِذَلِك, نَعَمْ اَخِي, وَاَمَّا اِذَا كُنْتَ عَاجِزاً مَشْلُولاً, وَقُلْتَ لِاِنْسَانٍ: خُذْ هَذِهِ الْجَمَرَاتِ فِي الْحَجِّ وَارْمِهَا عَنِّي, فَلَابَاْسَ بِذَلِكَ اَيْضاً, نَعَمْ اَخِي, كَذَلِكَ لَوْ اَنَّ عَلَيْكَ دَيْناً لِاِنْسَانٍ مَا, فَوَكَّلْتَ اِنْسَاناً ثَالِثاً, وَاَعْطَيْتَهُ مِنْ اَمْوَالِكَ؟ لِيَقْضِيَ عَنْكَ هَذَا الدَّيْنَ, فَهَذَا اَيْضاً جَائِزٌ شَرْعاً وَلَاحَرَجَ عَلَيْكُمْ جَمِيعاً, نَعَمْ اَخِي, وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْحُقُوقَ الْمَالِيَّةَ تَخْتَلِفُ فِي تَوْقِيتِهَا عَنِ الْوَاجِبَاتِ وَالْحُقُوقِ الْبَدَنِيَّةِ الَّتِي تَخُصُّ الْعَبْدَ وَرَبَّهُ سُبْحَانَه, نَعَمْ اَخِي, كَذَلِكَ لَوْ اَنَّ اِنْسَاناً قَالَ لَكَ: كَمْ يَجِبُ عَلَيْكَ مِنَ الزَّكَاةِ هَذَا الْعَام؟ فَقُلْتَ لَهُ: وَجَبَ عَلَيَّ مَثَلاً مِائَةُ اَلْفٍ, فَقَالَ لَكَ: اَنَا سَاُزَكِّي عَنْكَ مِنْ مَالِيَ الْخَاصِّ تَبَرُّعاً مِنِّي اِلَيْكَ اَوْ هَدِيَّةً مِنِّي اِلَيْكَ, فَهَلْ هَذَا جَائِز؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: كَذَلِكَ يَجُوزُ هَذَا؟ لِاَنَّ كُلَّ هَذِهِ الْاُمُورِ الْمَالِيَّةِ, تَجُوزُ فِيهَا النِّيَابَةُ وَلَوْ كَانَتْ تَعَبُّدِيَّة؟ وَيَجُوزُ فِيهَا التَّبَرُّعُ اَيْضاً, نَعَمْ اَخِي, وَقَدْ بَعَثَ اِلَيَّ اَحَدُ الْاِخْوَةِ بِرِسَالَةٍ يَقُولُ فِيهَا: هَلْ يُشْتَرَطُ شَرْعاً اَنْ يَعْلَمَ مَنْ يَاْخُذُ الزَّكَاةَ بِاَنَّهَا زَكَاة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَايُشْتَرَطُ ذَلِكَ شَرْعاً اِذَا كُنْتَ تَشْعُرُ اَنَّكَ بِاِعْطَائِهِ الْمَالَ عَلَى صُورَةِ صَدَقَةٍ اَوْ زَكَاةٍ تَجْرَحُ مَشَاعِرَهُ وَاَحَاسِيسَهُ وَكَرَامَتَهُ اَمَامَ النَّاسِ اَوْ بَيْنَكَ وَبَيْنَه, وَفِي هَذَا تَيْسِيرٌ عَلَى الْعِبَادِ وَعَلَى مَشَاعِرِ النَّاس كَيْفَ ذَلِك؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: مَثَلاً اَنْتَ تُرِيدُ اَنْ تُعْطِيَ اِنْسَاناً مَا زَكَاةَ اَمْوَالِكَ, وَهَذَا الْاِنْسَانُ رُبَّمَا اِذَا قُلْتَ لَهُ سَاَتَصَدَّقُ عَلَيْكَ اَوْ اُرِيدُ اَنْ اُزَكِّيَ عَلَيْكَ زَكَاةَ اَمْوَالِي, تَنْجَرِحُ مَشَاعِرُهُ وَيَقُولُ لَكَ: لَااُرِيدُ شَفَقَةً اَوْ اِحْسَاناً مِنْ اَحَد, فَمَا هُوَ الْعِلَاجُ لِهَذِهِ الْمُشْكِلَة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي:عَلَيْكَ اَنْ تُقَدِّمَ لَهُ هَذَا الْمَالَ عَلَى صُورَةِ هَدِيَّةٍ اَوْ هِبَةٍ فِي ظَاهِرِهَا, وَلَكِنْ اَنْتَ تَنْوِي اَيَّ شَيْءٍ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: تَنْوِي الزَّكَاةَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ رَبِّكَ لَابَيْنَكَ وَبَيْنَ هَذَا الْاِنْسَان, فَمَاذَا تَكُونُ النَّتِيجَة؟ يَحْتَسِبُهَا لَكَ رَبُّكَ سُبْحَانَهُ زَكَاةً اَوْ صَدَقَةً مَقْبُولَةً عِنْدَهُ فِيهَا الْاَجْرُ الْمُضَاعَفُ الْهَائِلُ مِنَ الثَّوَابِ؟ لِاَنَّكَ حَافَظْتَ عَلَى مَشَاعِرِ هَذَا الْاِنْسَانِ؟ وَسَاعَدْتَّهُ بِالزَّكَاةِ فِي نَفْسِ الْوَقْت, نَعَمْ اَخِي الْمُعْطِي: يَجِبُ عَلَيْكَ اَنْ تَنْوِيَ الزَّكَاةَ حَتَّى تَصِحَّ وَتَصِيرَ مَقْبُولَةً عِنْدَ اللهِ وَلَوْ قَدَّمْتَهَا لَهُ عَلَى صُورَةِ هَدِيَّةٍ اَوْ هِبَة, نَعَمْ اَخِي الْمُعْطِي: وَالنِّيَّةُ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ, وَلَيْسَ مِنَ الضَّرُورِيِّ اَنْ تَجْهَرَ بِصَوْتِكَ اَمَامَ هَذَا الْاِنْسَانِ بِقَوْلِكَ لَهُ: نَوَيْتُ اَنْ اُزَكِّيَ عَلَيْكَ اِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْاَقْوَال, وَلِذَلِكَ فَاِنَّ النِّيَّةَ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ وَلَيْسَ اللِّسَان, نَعَمْ اَخِي: فَلَوْ اَنَّ اِنْسَاناً اَخْرَجَ مَبْلَغاً مِنَ الْمَالِ وَلَمْ يَنْوِ الزَّكَاةَ, وَاِنَّمَا مِنْ بَابِ التَّطَوُّعِ اَوْ مِنْ بَابِ الْهَدِيَّةِ, ثُمَّ بَعْدَ اَنْ دَفَعَهَا اِلَى اِنْسَانٍ آَخَرَ وَمَلَّكَهَا اِيَّاهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: نَوَيْتُ الزَّكَاةَ فِي هَذَا الْمَالِ الَّذِي دَفَعْتُهُ لَهُ وَمَلَّكْتُهُ اِيَّاهُ, فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي لَايَصِحُّ ذَلِكَ شَرْعاً لِمَاذَا؟ لِاَنَّكَ حِينَمَا اَعْطَيْتَ الزَّكَاةَ, لَمْ تُعْطِهَا بِنِيَّةِ الزَّكَاة, نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا اَرَدْتَّ اَنْ تُزَكِّيَ, فَيَجِبُ اَنْ تَنْوِيَ اَوّلاً بِاَنَّكَ تُرِيدُ الزَّكَاةَ قَبْلَ اَنْ تَدْفَعَ مَالَ الزَّكَاةِ اِلَى وَاحِدٍ مِنْ مُسْتَحِقّيهَا الثَّمَانِيَة, وَلَكِنْ لَايَجِبُ عَلَيْكَ اَنْ تُعْلِمَ مَنْ تُعْطِيهِ بِاَنَّهَا زَكَاة كَمَا شَرَحْنَا سَابِقاً, نَعَمْ اَخِي, وَلِذَلِكَ هَذِهِ الْفَرِيضَةُ وَلَوْ كَانَتْ مُقَدَّسَةً طَاهِرَة, وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنَّهَا كَمَا تُرَاعِي حَاجَةَ النَّاسِ, تُرَاعِي كَذَلِكَ مَشَاعِرَ النَّاسِ وَحَاجَتَهُمْ اِلَى كَرَامَتِهِمْ وَعِزَّةِ اَنْفُسِهِمْ قَبْلَ حَاجَتِهِمْ اِلَى الْمَال, نَعَمْ اَخِي, وَعَلَيْكَ اَنْ تَشْكُرَ الْفَقِيرَ, وَاَنْ تَشْكُرَ اَيَّ وَاحِدٍ مِنَ الْاَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الَّذِينَ اَعْطَيْتَهُمْ زَكَاةَ اَمْوَالِكَ مِنَ الْفُقَرَاءِ, وَالْمَسَاكِينِ, وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا, وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ, وَفِي الرِّقَابِ, وَالْغَارِمِينَ, وَفِي سَبِيلِ اللهِ, وَابْنِ السَّبِيل, وَلِذَلِكَ اَخِي الْمُزَكِّي: لَاتَتَعَالَ عَلَى مَنْ تُعْطِيهِ الزَّكَاةَ مِنْ هَؤُلَاء, بَلْ بِالْعَكْس, اَنْ تَحْمَدَ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, اَنْ جَعَلَ مَنْ يَاْخُذُ الزَّكَاةَ مِنْكَ وَوَفَّقَكَ اِلَيْهِ؟ لِتُسْقِطَ حِمْلاً ثَقِيلاً عَنْ رَقَبَتِكَ لَاتَسْتَطِيعُ الْجِبَالُ الرَّاسِيَاتُ تَحَمُّلَهُ مِنْ فَرِيضَةِ هَذِهِ الزَّكَاة, وَاَنْ تَشْكُرَ هَذَا الْاِنْسَانَ الَّذِي اَخَذَ الزَّكَاةَ مِنْكَ؟ لِاَنَّهُ اَبْرَاَ ذِمَّتَكَ عِنْدَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, نَعَمْ اَخِي: وَالْخُلَاصَةُ اَنَّ الصَّدَقَاتِ فِي الْاِسْلَامِ, لَيْسَ فِيهَا مَعْنَى التَّعَالِي وَالتَّرَفُّعِ وَالتَّكَبُّرِ وَالْغَطْرَسَةِ, وَلَيْسَ فِيهَا اَنْ يَكُونَ هَذَا الْاِنْسَانُ عَبْداً مُطِيعاً لَكَ (اِلَّا فِيمَا يُرْضِي الله( طَالَمَا تُعْطِيهِ مِنْ اَمْوَالِ هَذِهِ الزَّكَاة, وَلَيْسَ فِيهَا اَنْ تَمُنَّ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الزَّكَاةِ, اَوْ تُؤْذِيَهُ, اَوْ تُؤْذِيَ مَشَاعِرَهُ بِهَا؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ عِبَادَتُكَ هَذِهِ مِنَ الزَّكَاةِ لَاتُحَقّقُ مَعْنَاهَا الْاِسْلَامِيَّ اَبَداً, وَلِذَلِكَ اَنْتَ يَامَنْ تُعْطِي: تَوَاضَعْ لِمَنْ تُعْطِيه, وَاَنْتَ يَامَنْ تَاْخُذُ الزَّكَاةَ: كَذَلِكَ عَلَيْكَ اَنْ تَشْكُرَ مَنْ يُعْطِيكَ الزَّكَاةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى{هَلْ جَزَاءُ الْاِحْسَانِ اِلَّا الْاِحْسَان( فَانْظُرْ اَخِي اِلَى هَذِهِ الْمَشَاعِرِ الْاِسْلَامِيَّةِ الْاِنْسَانِيَّةِ الْمُتَبَادَلَةِ بَيْنَ الطَّرَفَيْن, وَلِذَلِكَ قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاء: يُكْرَهُ اَنْ تُعْطِيَ الزَّكَاةَ اَوِ الصَّدَقَةَ لِاِنْسَانٍ ثُمَّ تَقُولَ لَهُ: اُدْعُ لِي؟ لِاَنَّكَ بِهَذَا اسْتَاْجَرْتَهُ عَلَى الدُّعَاء, وَاِنَّمَا اِذَا هُوَ دَعَا لَكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ وَدُونَ اَنْ تَطْلُبَ مِنْهُ, فَهَذَا شَيْءٌ حَسَنٌ عِنْدَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, نَعَمْ اَخِي: وَالْخُلَاصَةُ اَنَّ الصَّدَقَةَ يَجِبُ اَنْ تَكُونَ مُبَرَّاَةً مِنْ كُلِّ رِيَاءٍ, وَمِنْ كُلِّ مَنٍّ وَاَذَى, وَلِذَلِكَ حِينَمَا وَصَفَ اللهُ تَعَالَى الْمُنَافِقِينَ فِي سُورَةِ الْفَاضِحَةِ الَّتِي تَتَحَدَّثُ اَكْثَرُ آَيَاتِهَا عَنِ الْمُنَافِقِينَ, وَتَمَيَّزَتْ هَذِهِ السُّورَةُ مِنَ التَّوْبَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَمِنْهُمْ, وَمِنْهُمْ, وَمِنْهُمْ, وَمِنْهُمْ( حَتَّى قَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ: خَشِينَا اَلَّا تَتْرُكَ اَحَداً مِنَّا, وَحَاشَاهُمْ مِنَ النِّفَاقِ, وَحَاشَاهُمْ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي حَقِّ الْمُنَافِقِينَ{وَمَامَنَعَهُمْ اَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ صَدَقَاتُهُمْ؟ اِلَّا اَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ! وَلَايَاْتُونَ الصَّلَاةَ اِلَّا وَهُمْ كُسَالَى! وَلَايُنْفِقُونَ اِلَّا وَهُمْ كَارِهُون( نَعَمْ اَخِي: فَاَيُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْاُمُورِ الَّتِي ذَكَرَتْهَا الْآَيَةُ, فَاِنَّهُ يَمْنَعُ قَبُولَ الصَّدَقَاتِ عِنْدَ اللهِ وَمِنْهَا{اَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ( مَعَ اَنَّهُمْ يُعْلِنُونَ اِسْلَامَهُمْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ الله! لَكِنَّهُ اِسْلَامٌ فِي الظَّاهِر! وَاَمَّا فِي الْقَلْبِ, فَهُوَ الْكُفْرُ الْمُتَمَكِّن! فَهَؤُلَاءِ وَلَوْ اَعْلَنُوا هَذَا الْاسْلَامَ فِي الظَّاهِرِ, فَاِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ لِنَبِيِّهِ{كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ! وَلَايَاْتُونَ الصَّلَاةَ اِلَّا وَهُمْ كُسَالَى( نَعَمْ اَخِي: وَقَدْ بَعَثَ اِلَيَّ اَحَدُ الْاِخْوَةِ بِرِسَالَةٍ يَقُولُ فِيهَا: مَعَ الْاَسَف, فَاِنِّي فِي اَكْثَرِ الْاَوْقَاتِ, اَقُومُ اِلَى الصَّلَاةِ وَاَنَا كَسُول! فَهَلْ اَكُونُ كَالْمُنَافِقِين؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَا اَنْتَ مُؤْمِنٌ مُسْلِمٌ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِين, وَاَمَّا الْمُنَافِقُونَ: فَاِنَّهُمْ يَقُومُونَ اِلَى الصَّلَاةِ كُسَالَى! اَيْ غَيْرَ رَاغِبِينَ بِالصَّلَاةِ! وَاِنَّمَا مِنْ اَجْلِ التَّقِيَّةِ؟ حَتَّى يَعْتَقِدَ مَنْ يَرَاهُمْ اَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ مُسْلِمُون, وَاَمَّا اَنْتَ اَخِي: فَرَاغِبٌ بِالصَّلَاةِ, وَلَسْتَ كَالْمُنَافِقِينَ, وَلَوْ كُنْتَ تَقُومُ اِلَيْهَا كَمَا يَقُومُ الْكُسَالَى, لَكِنْ عَلَيْكَ اَخِي: اَنْ تَتَخَلَّى عَنْ هَذَا, وَاَنْ تُعَوِّدَ نَفْسَكَ وَتُدَرِّبَهَا عَلَى اَنْ تَقُومَ نَشِيطاً اِلَى الصَّلَاة, وَلِذَلِكَ اَخِي: فَاِنَّكَ تَرَى بَعْضَ النَّاسِ, اِذَا قَامَ اِلَى الصَّلَاةِ, تَثَاءَبَ! وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: اِنَّ اللهَ رَحِيمٌ بِنَا! فَلَوْ اَرَادَ اَنْ يُؤَاخِذَنَا عَلَى الْكَسَلِ فِي الصَّلَاةِ, فَلَنْ يُبْقِيَ لَنَا حَسَنَةً وَاحِدَة؟ لِاَنَّكَ اَخِي اِذَا وَقَفْتَ اَمَامَ اِنْسَانٍ عَادِيٍّ مِنَ النَّاسِ, هَلْ تَتَثَاءَبُ اَمَامَهُ؟ فَمَا بَالُكَ اِذَا وَقَفْتَ اَمَامَ اِنْسَانٍ عَظِيمٍ وَاَنْتَ تُكَلّمُهُ تَتَثَاءَب؟ وَمَابَالُكَ اِذَا وَقَفْتَ اَمَامَ رَبِّ النَّاسِ وَاِلَهِ النَّاسِ وَاَعْظَمِ الْعُظَمَاءِ سُبْحَانَهُ وَاَنْتَ تُكَلّمُهُ تَتَثَاءَب؟ فَهَلْ هَذَا يُعْتَبَرُ مِنَ الْاَدَبِ مَعَ النَّاسِ اَوْ مَعَ رَبِّ النَّاس؟ نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ يَقُولُ اللهُ لَكَ: كَيْفَ تَقِفُ بَيْنَ يَدَيَّ وَاَنْتَ تَتَثَاءَب؟ وَكَيْفَ تَقِفُ اَمَامَ غَيْرِي مِنْ عِبَادِي وَاَنْتَ تَحْتَرِمُ نَفْسَكَ وَتَحْتَرِمُهُ وَلَاتَتَثَاءَب؟ وَمَعَ ذَلِكَ لَاتَيْاَسْ عَبْدِي مِنْ رَحْمَتِي! فَقَدْ شَرَعْتُ لَكَ اَنْ تَقُولَ بَعْدَ الصَّلَاة: اَسْتَغْفِرُ اللهَ, اَسْتَغْفِرُ اللهَ, اَسْتَغْفِرُ الله, نَعَمْ اَخِي: اَنْتَ لَمْ تَاْتِ بِذَنْبٍ وَاَنْتَ تُصَلّي؟ لِاَنَّكَ رُبَّمَا تَثَاءَبْتَ فِي الصَّلَاةِ رَغْماً عَنْكَ, وَاِنَّمَا تَسْتَغْفِرُ اللهَ بَعْدَ الصَّلَاةِ مِنَ التَّقْصِيرِ الَّذِي حَصَلَ لَكَ وَاَنْتَ تُصَلّي, فَلَنْ تَسْتَطِيعَ مَهْمَا صَلَّيْتَ مِنْ رَكَعَاتٍ اَنْ تَشْكُرَ اللهَ عَلَى نِعْمَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ كَنِعْمَةِ الْبَصَر, فَلِذَلِكَ شَرَعَ لَكَ سُبْحَانَهُ هَذَا الِاسْتِغْفَارَ جَبْراً لِهَذَا التَّقْصِيرِ وَاللهُ اَعْلَم, نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة اِنِّي دَاعِيَةٌ فَاَمِّنُوا, فَنَسْاَلُكَ يَارَبّ اِيمَاناً ثَابِتاً, وَيَقِيناً صَادِقاً, وَعِلْماً نَافِعاً, وَنَسْاَلُكَ عَوْدَةً سَرِيعَةً اِلَيْكَ وَاِلَى رَسُولِك, خَلّقْنَا بِاَخْلَاقِ رُبُوبِيَّتِكَ وَاَخْلَاقِهِ وَاَقْوَالِهِ وَاَفْعَالِهِ يَارَبُّ مَااسْتَطَعْنَا اِلَى ذَلِكَ سَبِيلَا, آَمِنَّا فِي اَوْطَانِنَا, اَللَّهُمَّ لَاتُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا, اَللَّهُمَّ لَاتُشَتِّتْ شَمْلَنَا, اَللَّهُمَّ لَاتُفَرِّقْ جَمْعَنَا, اَللَّهُمَّ اجْعَلِ الْقُرْآَنَ الْكَرِيمَ دُسْتُورَنَا, وَاجْعَلْ نَبِيَّكَ الْكَرِيمَ قُدْوَتَنَا يَاكَرِيم, اَللَّهُمَّ مَنْ اَرَادَ بِلَادَنَا وَدِينَنَا وَاُمَّتَنَا وَاَوْطَانَنَا وَاَعْرَاضَنَا وَاَمْوَالَنَا بِخَيْرٍ فَوَفّقْهُ اِلَى كُلِّ خَيْر, وَمَنْ اَرَادَ بِذَلِكَ سُوءاً فَخُذْهُ اَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ يَاغَيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ, يَاظَهْرَ اللَّاجِئِينَ اِلَيْكَ وَسَنَدَهُمْ وَعَوْنَهُمْ, وَيَارَبَّ الْمُسْتَضْعَفِين, اَنْتَ تَعْلَمُ حَالَنَا يَااَلله, اِكْشِفِ الْهَمَّ وَالْحَزَنَ عَنَّا يَارَبَّ الْعَالَمِين, وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَوَالِدِي وَالِدِينَا, وَلِمَشَايِخِنَا وَلِمَنْ لَهُ مِنْ حُقُوقٍ عَلَيْنَا, وَلِلْقَائِمِينَ عَلَى الْمُنْتَدَيَاتِ وَالْمُشْرِفِينَ وَالْاَعْضَاءِ وَالزَّائِرِينَ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ مُشَارَكَتِي وَيَدْعُونَ لِي بِظَهْرِ الْغَيْبِ, وَلِكُلِّ فَاعِلِ خَيْر, عِبَادَ الله! فَهَلْ عَسَيْتُمْ اِنْ تَوَلَّيْتُمْ اَنْ تُفْسِدُوا فِي الْاَرْضِ وَتُقَطّعُوا اَرْحَامَكُمْ, اُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَاَصَمَّهُمْ وَاَعْمَى اَبْصَارَهُمْ{اِنَّ اللهَ يَاْمُرُ بِالْعَدْلِ, وَالْاِحْسَانِ, وَاِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى, وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ, وَالْمُنْكَرِ, وَالْبَغْيِ(وَمِنْهُ قَطِيعَةُ الْاَرْحَام( يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون( قُومُوا اِلَى الصَّلَاةِ اَيُّهَا الْاِخْوَة, ثُمَّ اذْهَبُوا بَعْدَ ذَلِكَ اِلَى النَّوْمِ لِتَنَالُوا قِسْطاً مِنَ الرَّاحَة, وَاَتَمَنَّى لَكُمْ اَحْلاماً سَعِيدَةً وَسَلَاماً من الله عليكم ورحمته وبركاته من اختكم في الله غصون, وآخر دعوانا اَنِ الحمد لله رب العالمين