إني راحله ..
كلمه صدرت من شفتيها بقوه .. وحزم . لأول مرة في حياتها .. تتخذ قرارا بهذه الجديه .. لأول مرة في حياتها .. تعزم على امر .. وتصر عليه .. لم تبال بما سيحصل بعدها .. فقرارها بالرحيل كان نهائيا .. لا رجعة فيه..
وكأن كل الالم الذي تشعربه .. قد امدها بقوه .. قوة جباره .. اعطتها من الصلابة والعزم الكثير .. لتواجهه .. لتقف امام توسلاته .. ومحاولاته إبقائها .. بجمود .. ولا مبالاه .. وترفضها كلها ..
كان قرارا اتخذته .. ولن تتنازل عنه ... مهما كلفها هذا القرار .. مهما سبب لها من الم .. وحزن .. فلم يعد بإمكانها البقاء .. بعد ماحدث ..
فكيف يمكنها ان تبقى .. بعد ان حطم كل المشاعر التي تكنها له .. بعد ان قال لها بكل قسوه .. لا احبك .. لم احبك يوما .. ولن احبك ابدا .. كيف يمكنها ان تستمر في الحياة معه بعد كل هذا ؟!
غشت الدموع عينيها .. فتركه .. وابتعدت عنه .. خشية ان يرى التماعة تلك الدموع في عينيها .. خشية ان يشعر بضعفها الداخلي .. وبركان المشاعر الذي يعتمل بداخلها .. فيعرف بأنه هزمها .. حطمها .. لا .. بل دمرها ..
ستلملم ماتبقى لها من كرامه .. وترحل بعيدا عنه .. إلى حيث يصعب عليه إيجادها .. ورؤيتها من جديد .. إلى حيث تستطيع لعق جراحها .. ومداواتها .. بعيدا عن قسوته .. واستكباره ..
خطت إلى الغرفه البارده .. التي جمعتهما معا .. لسنين طويله .. واخذت تلملم اشياءها المبعثره هنا وهناك .. ببطء .. وبوجه خال من التعابير ..
بيدان مرتجفتان .. التقطت البرواز المكسور .. الذي يضم صورتهما معا .. يوم زفافهما .. كان وجهها باسما في الصوره .. يترقب السعادة .. بشوق .. وامل .. وجه تعلوه البراءه .. وجه غافل .. عما تخبئه له الايام من الم وشقاء ..
سقطت الصورة من يديها .. وانكسر زجاج البرواز .. متحطما .. إلى آلاف الشظايا .. تماما كما تحطم قلبها .. المرتجف بين اضلاعها ..
اجهشت بالبكاء .. فلم تعد تحتمل .. التظاهر بالبرود واللامبالاه .. فهاهي قد فقدت حبها .. الذي عاشت كل تلك السنوات تناضل من اجله .. تحاول بشتى الوسائل إيهام نفسها بأنه يبادلها المشاعر .. بأنه يحبها كما تحبه .. لم تتصور قط بأنه سيمل من الإدعاء .. وسيقولها.. بأنه سيعترف أخيرا .. بأنه لم ولن يحبها قط ..
اغلقت الحقيبه .. ولملمت ما تبقى لها من كرامه .. وانتصبت في وقفتها .. جارة خلفها الحقيبة المحملة بالذكريات .. والقت نظرة اخيره .. عليه ... على ماضيها معه .. ورحلت .. إلى غير رجعه ..