المريول المدرسي وخسائر 200مليون
مقال نقلته من جريده الرياض للكاتبه نوال الراشد ..
خلال أكثر من خمسين عاماً الماضية حافظ المريول المدرسي للطالبات في مراحل التعليم العام للبنات على تصميمه وألوانه وبقي هذا الزي شاهداً على تعليم الفتاة السعودية منذ بداية إنشاء الرئاسة العامة لتعليم البنات في عام 1379هـ. ولا يوجد طالبة سعودية درست وتدرجت في مراحل التعليم لم ترتد هذا المريول والذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من تاريخ تعليم الفتاة فلقد كان يتميز بالبساطة والاحتشام للطالبة داخل المدرسة وبألوان محددة ومعروفة لمختلف المراحل، فالابتدائي عرف باللون الرمادي مع الياقة والشرائط البيضاء والتي تضفي مساحة طفولية على طالبة الابتدائي والمتوسط اللون الكحلي والثانوي الرمادي، وأما معاهد التعليم الأخرى مثل الخياطة فخصص له ألوان الأخضر ومحو الأمية البني ومعاهد التمريض كان البيج الفاتح وهكذا صمد المريول المدرسي طوال هذه السنوات وهو محافظ على تصميمه وشكله وإن اختلفت ألوانه وهو بدون منافس حتى بداية ظهور التعليم الأهلي والذي بدأت معه بعض مدارس البنات في استحداث أزياء وألوان خاصة بها وظهرت أنماط مختلفة من المرايل المدرسية. وفي الأسبوع الماضي نشرت الوكالة المساعدة لشؤون الطالبات بوزارة المعارف بالاشتراك مع عدد من الجهات المختصة دراسة مستفيضة لتحديد الإطار العام للزي المدرسي للطالبات حيث تم تطويره وإدخال بعض التعديلات عليه ليتناسب مع المراحل العمرية للطالبات، روعي فيه النواحي الصحية والنفسية والجمالية والاقتصادية، وتم عرض تصاميم المرايل الجديدة والتي اتسمت بالفعل بالتجديد فالاحتياج الفعلي للتعليم فرض هذا التجديد وحتى يتناسب مع تطور تعليم الفتاة في المملكة وأهمها اندماج وزارة المعارف مع الرئاسة ليصبح التعليم تحت إدارة تعليمية واحدة مع المحافظة على خصوصية تعليم الفتاة من النواحي الشرعية والمحافظة على السمات الإسلامية التي تميز بها تعليم الفتاة. وعلى الجانب الآخر من هذا القرار أبدى عدد من المستثمرين في صناعة الزي المدرسي وأصحاب 180مصنعاً محلياً استياءهم من قرار الوزارة حيث قدرت خسائرهم لو تم اعتماد الزي الجديد في العام القادم 1424- 1425هـ بنحو 200مليون ريال والبعض الآخر قد أتم بيع بضائع من هذا الزي بـ 30مليون ريال غير التي صنعت وجهزت لتوزيعها وتسويقها في السوق المحلي والتي بلغت 90مليون ريال وأشاروا إلى استمرار العمل بالزي الحالي لمدة عام آخر على الأقل سوف يقلل من نسبة الخسائر المتوقعة ويستطيع المستثمرون تغطية تكاليف مشاريعهم وتصريف بضائعهم. وبعد أن صدر القرار واعترض التجار على عدم إعطائهم فرصة لتسويق منتجاتهم أرجأت الوزارة اعتماد القرار لمدة عام آخر حتى يتم تصحيح أوضاعهم، من هنا كان من المفروض على الوزارة منذ أن بدأت في الإعداد لدراسة مشروع الزي أنها قد نبهت الجهات المختصة في الصناعة والغرف التجارية في أن تحتاط هذه المصانع في أنه يوجد احتمالية تغير الزي أو إعطاء مهلة قبل صدور اعتماده حتى يتمكنوا من ترتيب أوضاعهم وحتى تستطيع هذه المصانع اعتماد الزي الجديد في خطوط إنتاجهم الجديدة لكي تتماشى مع تسويقها داخل السوق المحلي وحتى لا تحصل هوجة ونقص في العرض مقابل الطلب ولا ننسى أن عدد طالبات مراحل التعليم العام للبنات لا يقل عن 2مليون طالبة فكيف يتسنى لهذه المصانع تلبية احتياجات السوق في فترة بسيطة. ونلاحظ دائما أن القرارات التنظيمية أين كانت وفي أي قطاع عندما تأتي المفاجأة تعطي نتائج عكسية تكون في صالح جهة وضد عدة جهات وتترتب عليها سلبية اعتماد القرار في أنه جاء فجأة وبدون مقدمات ونتمنى بالفعل أن أي قرار تنظيمي يجب أن يأخذ حقه من الدراسة من كافة الجوانب قبل صدوره حتى لا يتضرر أحد وحين يطبق يكون في صالح الجميع.
