لو لم يكتشف العلم طريقة لاعادة تصنيع الورق على نطاق لقضت الصحافة والثقافة بل لقضت الطباعة على الغابات وتحولت إلى صحارى..وهذه مجرد صورة من سيناريو الصراع الأبدي بين مصادر الورق واستخداماته لأن الاشجار تقطع وتصنع ورقاً للطباعة وبعد قراءة الجريدة أو أي مطبوعة أخرى وأكثر الكتب الصادرة يجري التخلص منها خلال ساعات, وكثيراً ما رأينا جرائد وكتباً ملقاة على مقاعد المطارات والحافلات والقطارات والشواطئ قبل أن تنتهي في القمامات.
ولما كان استهلاك الورق مع ما يعني من قطع الاشجار اسرع واكبر من اعادة زرع الارض اصبح من الضروري التفكير في اعادة تصنيع الورق المستعمل, وقد حقق مبتكر الفكرة خدمة خالدة للثقافة الانسانية بالمحافظة على التوازن بين الانتاج والاستهلاك واعادة الانتاج.
ولذلك انت ترى اطفالاً في الدول الاسيوية يجمعون كل انواع الورق من كل ركن وفي اي مكان ويشتريه منهم الوسطاء بالكيلو يعني بقروش أو اقل حسب نوعية الورق, فمثلاً الجريدة اليومية الكبرى التي تباع في مدينة اسيوية بعشر دولار مطلوبة اكثر من علب السجائر الفارغة وتباع كل عشر صحف قديمة بثمن واحدة جديده. وإذا استطاع الطفل ان يجمع مئة جريدة يومياً نال عليها دولاراً هو مبلغ لايستهان به في معظم بلاد العالم الثالث حيث معدل دخل الفرد السنوي لايتجاوز 500دولار
وبالطريقة التي استطاعت مصانع الورق توفير مبالغ لا بأس بها من قيمة الورق الجديد وأكثره مستورد من الخارج ويتطلب عملة صعبة لتغطية تكاليفه - والمعروف أن اغنى مصادر ورق الطباعة في العالم لاتزال في دول اسكندنافيا بشمال اوروبا وفنلندا على وجه الخصوص - وقد أصدرت بعض حكومات العالم الثالث قوانين ترغم الصحف اليومية فيها على استخدام الورق المعاد تصنيعه ولو بنسبة الربع لتشجيع الصناعة الوطنية, كما ان القانون نفسه يشكل حماية معقولة للصناعة وللآلاف من الناس المنتفعين منها. والعملية نفسها دليل على حرص الحكومة والشعب على تخفيض نفقات الورق وحماية الموارد الوطنية وتقليص تحويلات العملات الصعبة الى الخارج, ويوجد بالمملكة العربية السعودية مثل هذه الصناعة وذلك دليلاً على تزايد الوعي الصناعي وبناء قاعدة للتقنية الحديثة بالرغم من الرخاء النسبي والذي تتمتع به البلاد
وكما يحدث دائماً فإن التقنية الاخيرة وتصاعد عدد الصحف والمجلات في كل مجال وتدفق اهار الكتب في كل نشاط بالاضافة الى تعدد استخدامات الورق من تذكرة سينما الى موسوعة شاملة
ولما تأسست الصناعة -في المانيا مثلاً- امتصت المصانع معظم ما يأتيها حتى بلغ السعر دولارين ونصف الدولار لكل مئة كيلو لورق القمامات المشكل الذي نلقيه يومياً, أما الورق الراقي كالصحف والكتب والمجلات النظيفة بلغت أسعارها 15 دولاراً لكل مئة كيلو ويستطيع القارئ ان يخمن مقدار اهمية الورق المستعمل للصناعات التحويلية القائمة واهتمام المستهلكين بتجميعه والاستفادة منه
ونجد باوروبا مثلاً يجمعون اكواماً من الورق يوقسمونه كلٌ على حده...مجلات كتب صحف وعلب واكياس الخ...بينما نقوم في بلداننا بالقائها مع القاذورات...كما لو ان لافائدة لها بعد استعمالنا
_______________________
ThaTs ALL
