النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: قصة الحب و الخبز ,,,,,,,

  1. #1
    التسجيل
    12-09-2003
    الدولة
    Kuwait
    المشاركات
    26

    قصة الحب و الخبز ,,,,,,,

    عندما ذهب الشاب جوستاف فولك ليطلب يد لويزا من أبيها كان أول سؤال سأله له الرجل العجوز هو : كم يبلغ دخلك الشهري ؟!

    قال جوستاف : ليس أكثر من مائة كرونة في الشهر ، و لكن لويزا ---

    قاطعه الرجل العجوز قائلا : بصرف النظر عن الباقي ، دخلك لا يكفى

    : و لكن لويزا تحبني و أنا أحبها جدا ، و نحن متأكدون جدا من مشاعرنا هذه

    : أمر عادى جدا ، و بالرغم من ذلك دعني أسألك سؤالا آخر ، هل هذه ألاف و المأتان كرونة هي كل مجموع دخلك السنوي ؟!

    : لقد قابلتها أول مرة عندما تعارفنا في ليندجو .

    أصر والد لويزا على نفس السؤال : هل لديك أي دخل آخر بالإضافة إلى مرتبك الحكومي ؟!

    : حسنا ، نعم ، أعتقد أننا سوف يكون لدينا ما يكفينا ، فبالإضافة إلى أنه كما ترى فإن العواطف المتبادلة بيننا --

    : نعم ، نعم أرى ، و لكن دعنا نتكلم بالأرقام

    قال الخطيب المتحمس : أوه ، أستطيع أن أحصل على ما يكفينا عن طريق العمل الإضافي .

    : أي نوع من العمل هو ، و كم تكسب منه ؟!

    : أستطيع أن أعطى دروسا في اللغة الفرنسية ، و كذلك أترجم أو أعمل كمصحح .

    : و كم تكسب من هذه الترجمة ؟!

    : لا أستطيع أن أقول بالتحديد ، و لكن أنا في الوقت الحالي أترجم كتابا فرنسيا بسعر عشر كرونات للصفحة الواحدة .

    : و كم عدد الصفحات ؟!

    : حوالي أربع و عشرين .

    حسنا جدا ، فلنقل إن هذه مائتان و خمسون كرونة ، و الآن ما الذي تكسبه غير ذلك ؟!

    : أوه ، أنا لا أعرف ، أنا لست متأكدا بالضبط --

    : ماذا ؟! أنت لست متأكدا و تنوى أن تتزوج ؟! يبدو أنكم لديكم أفكارا غريبة عن الزواج أيها الشباب . هل تدرك أنه سوف يكون هناك أولاد ؟! و أنك يجب عليك أن تطعم هئولاء الأطفال و تكسيهم و تربيهم أيضا ؟!

    اعترض جوستاف قائلا : و لكن الأطفال قد لا يأتون بهذه السرعة ، بالإضافة إلى أنني أنا و لويزا نحب بعض جدا لدرجة ---

    : لدرجة أنه يمكن التنبؤ بأنكم سوف تنجبون أطفالا بأقصى سرعة !!

    عند ذلك الحد كان قلب والد لويزا قد رق فقال : أعتقد أنكم انتم الاثنان قد اتفقتم على الزواج ، و أنا لا أشك في الحب و العواطف المتبادلة بينكما و أن كليكما مغرم بالآخر إلى حد كبير . لذلك يبدو أنني لابد أن أوافق في النهاية بالرغم من كل شئ . فقط حاول أن تحسن استخدام الوقت في فترة الخطوبة ، و حاول أن ترفع من دخلك قليلا . .

    أحمر وجه جوستاف من الفرحة بهذه الموافقة حتى أنه قبل يد الرجل العجوز ، و يعلم الله وحده كم كانت سعادته هو و لويزا بهذه الموافقة . و كم كانا فخورين جدا و هما يسيران في الشوارع ذراعها في ذراعه ، كان كل من يراهما لابد أن يلاحظ هذه السعادة التي كانت تشع من وجهيهما .

    في المساء ذهب جوستاف ليرى خطيبته و أخذ معه بعض الأوراق التي كان يصححها ، الأمر الذي ترك انطباعا جيدا لدى لويزا ، و أمن لهذا الشاب المكافح قبلة من خطيبته الجميلة . و لكن في ليلة أخرى ذهب الاثنان للمسرح على سبيل التغيير و عادوا إلى البيت في عربة ، و قد تعدت تكلفة هذه النزهة الليلية عشر كرونات . و في ليالي أخرى ، و بدلا من أن يذهب جوستاف ليعطى دروسه كان يمر على بيت خطيبته و يأخذها ليخرجوا يتسامرون .

    و بينما كان يوم الزفاف يقترب بدءوا يفكرون في شراء الأشياء الضرورية اللازمة لتأثيث الشقة . اشتروا سريرين أنيقين من خشب الجوز الأصلي ، و مراتب إسفنجية و لحافين محشوين بريش البط الناعم . و قد أصرت لويزا على أن يكون لحافها أزرق حيث كان شعرها أشقر . و كذلك قاموا بزيارة لبيوت الأثاث حيث اختاروا أباجورة ذات ضوء أحمر ، و تمثال خزفي صغير و جميل لفينوس و أدوات مائدة كاملة من شوك و سكاكين و أكواب فاخرة . و بالنسبة لآواني المطبخ فق استفادوا من نصائح ماما و مساعدتها . كان جوستاف مشغولا جدا في هذه الفترة ، فهو يبحث عن شقة ، أو يتابع العمال أو يتأكد أن الأثاث كله أصبح كاملا ، أو يوقع شيكات و ما إلى ذلك --------

    في هذه الفترة كان من الطبيعي جدا أن جوستاف لم يكن يستطيع أن يعمل أي عمل إضافي ، على أمل أنه سيستطيع أن يعوض ذلك بعد الزواج . و قد اتفق الزوجان على أن يكونا اقتصاديين جدا و أن يبدءوا بشقة تتكون من حجرتين فقط و على كل حال فالإنسان يستطيع أن يؤثث الشقة الصغيرة تأثيثا أفضل مما لو كانت كبيرة . لذلك فقد أخذوا شقة تقع في الدور الأرضي و تتكون من غرفتين و مطبخ و خزانة مقابل ستمائة كرونة . في البداية كانت لويزا تفضل شقة تتكون من ثلاث حجرات في دور أعلى من ذلك ، و لكن ماذا يعنى الأمر أو من يهم إذا كان الاثنان يحبان بعضهما بإخلاص ؟!

    و في النهاية تمت عملية تأثيث الحجرتين ، و قد بدت حجرة النوم الصغيرة و كأنها حرم مقدس . و بدا السريران الصغيران و كأنهما عجلتين في طريقهما في رحلة الحياة . و اللحافان الزرقاوان و المفارش البيضاء كالثلج و أغطية الوسائد المزينة بالأحرف الأولى لأسماء الحبيبين ، كل هذه الأشياء كانت ذات مظهر مشرق و سعيد . و كان هناك أيضا ستارة طويلة لاستخدام لويزا ، و التي تكلف شراء بيانو لها ألفا و مئاتين كرونة’ . و كانت الغرفة الأخرى تخدم كحجرة للمعيشة و حجرة عشاء و مكتب في نفس الوقت . فبالإضافة إلى البيانو كان بها مكتب من خشب الجوز و طاولة مع المقاعد الخاصة بها و مرآة ذات إطار مذهب و كنبة و دولاب .

    تمت مراسم الزواج في يوم السبت ، و قد ظل العروسان نائمين حتى وقت متأخر جدا من صباح يوم الأحد . نهض جوستاف أولا ، و بالرغم من أن أشعة النهار المشرقة كانت قد بدأت تتسلل فعلا من خلال شيش النافذة إلا أنه لم يفتحه إنما بدلا من ذلك أضاء الأباجورة و التي ألقت أشعتها الحمراء الساحرة على تمثال فينوس الخزفي المزخرف . كانت الزوجة الشابة الجميلة ترقد فاترة الهمة مسترخية و راضية ، فقد نامت نوما جيدا ، و نظرا لأن اليوم كان يوم أحد فلم تستيقظ على أصوات العربات التي كانت تمر مبكرا للسوق من هذا الطريق . و الآن ها هي أصوات أجراس الكنائس تدق بسعادة و كأنها تحتفل بخلق رجل و امرأة جديدين .

    تقلبت لويزا في فراشها بينما كان جوستاف يدخل خلف الستار ليرتدى شيئا ما . ذهب جوستاف إلى المطبخ ليطلب الغذاء . آوه !! كانت الأواني النحاسية الجديدة تلمع و تبرق بطريقة رائعة ، و قد كان كل هذا ملكه هو --- ملكه و ملكها طبعا . أمر جوستاف الطباخة أن تذهب إلى المطعم المجاور و تطلب منهم أن يرسلوا الغذاء إلى البيت . و كان صاحب المطعم يعرف كل شئ عن التفاصيل ، حيث إنه كانت لديه تعليمات مسبقة عن ذلك ، فقط كان كل ما يحتاجه هو من يذكره بأن موعد إرسال الغذاء قد حان .

    بعد ذلك عاد العريس و طرق على باب حجرة النوم بنعومة و خفة قائلا : هل أستطيع أن أدخل ؟!

    سمع جوستاف صرخة خفيفة من الداخل تقول : لا يا عزيزي ، أنتظر لحظة --

    أعد جوستاف المائدة بنفسه ، و قبل أن يصل الغذاء من المطعم كانت الأطباق الجديدة و أدوات المائدة و الأكواب تبرق على المفرش الأبيض الجديد . و كانت مائدة العرس هذه تقع مباشرة بجوار لويزا . و بينما كانت لويزا تخرج من حجرة نومها و هي ترتدى ثياب الصباح المشغولة راحت أشعة الشمس المشرقة تحييها و تهنئها بزواجها الميمون. كانت لويزا لا تزال تشعر بتعب خفيف ، لذلك أجلسها جوستاف على كرسي ذي مسندين و سحب الكرسي و هي فوه إلى المائدة ، قطرة أو اثنتان من الخمر سوف تنعشها ، و بعض الكافيار سوف يفتح شهيتها بلا شك . آوه ، تخيل ماذا سوف تقول ماما إذا رأت ابنتها تشرب الخمور ، و لكن هذه هي فائدة الزواج ، هذه هي ميزة أن تتزوج ، ساعتها تستطيع أن تفعل ما تشاء .

    قام الزوج الشاب بخدمة عروسه بكل عناية و اهتمام . أوه يا لها من سعادة . بالطبع كان جوستاف قد تناول غذاء جيدا مرات عديدة في أيام العزوبية ، لكن هل كان مرتاحا أو سعيدا و قتها ؟! لا -- كان هو يفكر و هو يلتهم طبق القواقع و كأس البيرة في هئولاء العزاب الأغبياء الذين لا يريدون أن يتزوجوا ، يا لهم من أنانيين !! لماذا لا يفرضون عليهم ضرائب مثل الكلاب تماما ؟! لكن لويزا لم تكن حادة أو قاسية كذا مثله ، بل راحت تناقش الأمر بهدوء و خفة ، فربما يكون هؤلاء المساكين الذين اختاروا العزوبية و عدم الزواج يستحقون الشفقة ليس أكثر ، فلو كانوا يستطيعون أن يدبروا نفقات الزواج لتزوجوا بالطبع . شعر جوستاف بوخز مفاجئ في قلبه عند سماع هذه الكلمات . و لكن بالتأكيد السعادة لا تقاس بالمال . لا -- لا ، لكن لا تلقى بالا سيكون هناك الكثير من العمل . و ستسير الأمور كلها على ما يرام . أما بالنسبة للآن فها هي المشويات و الخمور . كل هذه الرفاهيات بالإضافة إلى بعض الخرشوف سببت قلقا للزوجة الشابة ، و بخجل سألت لويزا جوستاف هل هم قادرون أن يعيشوا بهذا المستوى ؟! و لكن جوستاف صب خمرا أكثر في كأس لويزا و قال و هو يطمئنها و يزيل كل هذه المخاوف التي لا أساس لها : إنه يوم و ليس كل يوم ، يجب على الإنسان أن يستمتع بحياته كلما استطاع ، و يا لها من جميلة هذه الحياة .

    في الساعة السادسة أتت عربة أنيقة يجرها حصانان و توقفت أمام الباب في انتظارهما . سحرت لويزا بهذه العربة و هي تضطجع و تتكئ فيها بكل راحة ، بينما هما يمران بمعارفهما و هم يسيرون على الأقدام و ينحنون لهما بدهشة و حسد واضحين و يعتقدون أن جوستاف قد تزوج زيجة مرتاحة ، يقولون إنه بلا شك قد تزوج عروسا غنية . كان جوستاف و لويزا و هما في العربة يقولان : يا لهم من مساكين يسيرون على أقدامهم .

    كان الشهر الأول كله سعادة و متعة لا تنتهي ، حفلات و حفلات راقصة و غذاء و عشاء و مسارح ---- و بالرغم من ذلك فقد كان الوقت الذي يقضونه في المنزل هو أجمل الأوقات على الإطلاق . لقد كان شعورا جميلا أن يأخذ جوستاف لويزا من منزل واليها و يعودا إلى منزليهما في المساء حيث يفعلان ما يريدان تحت سقف بيتهما ، و بمجرد أن يصلاإلى شقتهما يعدان عشاء خفيفا و يجلسان مسترخيين يتحدثان حتى ساعة متأخرة من الليل . و في أحد الأيام طهت الزوجة الشابة وجبة من السمك المدخن مع البطاطس المسلوقة ، استمتعت بها لويزا جدا ، لكن جوستاف لم يعجبه هذا و عندما حان موعد السمك في الأسبوع التالي كان قد دعم الوجبة بزوجين من طيور الحجل و التي اشتراها من السوق بكرونة واحدة و عاد سعيدا جدا بهذه الصفقة و التي لم ترض عنها لويزا أبدا ، لأن لويزا كانت قد اشترت نفس زوجي الطيور بسعر أقل ، بالإضافة إلى أنه من التبذير أن يأكلا صنفين مختلفين في وجبة واحدة . و بالرغم من ذلك فلم تكن لويزا تحب أن تختلف مع زوجها على مثل هذه المسائل التافهة .

    بعد شهرين من ذلك ألمت بلويزا وعكة صحية . ترى هل أصابها برد ؟! أم ترى أنها قد تكون تسممت من أواني المطبخ النحاسية ؟! و لكن الطبيب الذي استدعوه ليراها قال إنه لا شئ أبدا على الإطلاق . و لكن الحقيقة أن الزوجة الشابة كانت متعبة جدا . ربما يكون هناك زرنيخ في ورق الحائط !! أخذ جوستاف قطعة من الورق و ذهب بها إلى كيميائي و رجاه أن يحللها بعناية تحليلا دقيقا . و لكن تقرير الكيميائي أثبت أن ورق الحائط خالي من أية مواد ضارة .

    و نظرا لأن مرض زوجته لم يشف ، فقد راح جوستاف يتحرى الأمر بنفسه . و قد وصل إلى نتيجة مؤكدة من خلال دراساته التي قام بها في كتب الطب . بدأت زوجته تقوم بعمل حمامات ساخنة لقدميها و في خلال شهر واحد ستكون حالتها على ما يرام . و لكن هذا الأمر حدث هكذا فجأة و بدون أن يتوقعوه ---- و لكن كم هو جميل أن يصبح الإنسان أبا أو أما . بالطبع سوف يكون الطفل ولد بلا شك و يجب أن يبدءوا من الآن في التفكير في أسم للولد . عند ذلك أخذت لويزا زوجها جانبا و ذكرته أنه منذ زواجهما لم يفعل أي شئ ليزيد من دخله أو يسند راتبه الذي أثبت أنه غير كاف على الإطلاق ، حسنا لقد عاشوا في مستوى عال ، إنما لابد أن يكون هناك تغيير الآن .

    و في اليوم التالي ذهب جوستاف لمحامى من أقرب أصدقائه ليطلب منه قرضا نظير أن يوقع له على كمبيالة ، و ذلك كي يستطيع أن يواجه بعض النفقات التي لا يمكن تجنبها ، أوضح جوستاف لصديقه كل هذا ، و لكن صديقه قال : نعم الزواج و تكوين عائلة مسألة مكلفة جدا ، أنا نفسي للم أستطع أن أقوم بها حتى الآن، ---

    شعر جوستاف بالخجل لدرجة تمنعه من أن يكرر طلبه مرة أخرى . و عندما عاد إلى المنزل خالي اليدين عرف أن هناك رجلين غريبين قد سألا عنه . قال جوستاف إنهما قد يكونان من زملائه في الجيش من الملازمين ، و لكنه عاد فعرف أنهما لا يمكن أن يكونا ملازمين حيث أن مظهرهما يدل على أنهما أكبر من ذلك بكثير . قال إنهما لابد أن يكونا رفقاء من بلدته قد علما بخبر زواجه و لذلك أتيا لتهنئته . و لكن الخادمة عادت فأكدت له أنهما لا يمكن أن يكونا من بلدته حيث أنهما من الواضح أنهما كانا من أهل استوكهلم و كانا يحملان معهما عصى غريبة ، و أنهما سوف يعودان مرة أخرى بلا شك .

    خرج الزوج الشاب يتسوق مرة أخرى ، و في هذه المرة اشترى فراولة ، و لكنها كانت صفقة جيدة حقا . قال جوستاف و يشعر بالنصر مخاطبا سيدة بيته : تخيلي أن جالونا من هذه الفراولة الكبيرة بكرونة و نصف فقط و في هذا الوقت من العام أيضا .

    : أوه ، و لكن يا جوستاف يا عزيزي نحن لا نقدر على شراء هذه الأشياء

    : لا تقلقي يا حبيبتي فأنا أرتب لبعض العمل الإضافي .

    : لكن ماذا عن الديون

    : أوه الديون ؟‍‍‍‍‍ ‍! أوه ، أنا سوف أقترض قرضا كبيرا و أسدد كل هذه الديون مرة واحدة .

    اعترضت لويزا قائلة : أه -- أولا يعنى هذا دين جديد ؟!

    : و ماذا يهم لو يحدث !! فقط سيعطيني هذا مهلة كافية كما تعلمين . و لكن لماذا تناقشين هذه المسائل الكئيبة يا حبيبتي ، ألا تعتقدين أن كأس شيري يكون جيد جدا بعد الفراولة ؟!

    و في الحال تم إرسال الخادمة لتشترى زجاجة شيرى ، من أفضل الأنواع طبعا .

    و عندما استيقظت لويزا من إغفاءة بعد الظهر التي كانت تغفوها على الكنبة اعتذرت عن عودتها مرة أخرى للحديث في موضوع الديون هذا ، و تمنت من جوستاف أن لا يغضب من الحديث في هذا الموضوع .

    قالت لويزا : إن البقال لم يأخذ حسابه ، و الجزار يهددنا و صاحب الإسطبل يصر على أن ندفع له فواتيره

    : حسنا ، هل هذا هو كل شئ ؟! سوف أدفع لهم في الحال --- غدا ---- قريبا جدا--- لكن دعينا الآن نفكر في شئ آخر . ما رأيك في أن نخرج --؟! هل يضايقك ألا نركب عربة ؟! نستطيع أن نركب الترام ، أليس كذلك ؟!

    و بناء على ذلك فقد خرجا فعلا و تناولا العشاء في الخارج في حجرة خاصة في مطعم الهامبرا . و قد كان العشاء في حجرة خاصة متعة كبيرة لهما ، لأن الناس الذين كانوا يجلسون في حجرات العشاء العامة كانوا يعتقدون أنهما اثنان من العاشقين اللعوبين ، و قد أسعدت هذه الفكرة جوستاف جدا ، بالرغم من أن لويزا بدا عليها الإحباط و خاصة بعد أن رأت الفاتورة ، فقد كانا يستطيعان أن يستمتعا أكثر في منزلهما و بمبلغ أقل من هذا بكثير

    مرت الشهور بسرعة ، و الآن أصبحت الحاجة ملحة لإعداد مهد للطفل و ملابس و ما إلى ذلك ---

    لم يكن من السهل لجوستاف أن يحصل على المال ، فقد رفض صاحب الإسطبل و البقال أية ديون لإضافية لأنهم أيضا لديهم عائلاتهم التي يطعمونها . أوه --- يا لها من مادية منحطة !!!

    بعد فترة قليلة حل اليوم الموعود . كان على جوستاف أن يوفر مربية و ممرضة ، و حتى عندما كان جوستاف ما يزال يستقبل طفلته الوليدة بين ذراعيه استدعوه إلى الخارج ليهدئ من ثورة الدائنين . و بدأت المسئوليات الجديدة تلقى بثقلها على كتف جوستاف الذي كاد أن ينكسر تحتها . لقد نجح بالفعل و الحق يقال في أن يحصل على بعض أعمال الترجمة ، و لكن كيف يمكنه أن يقوم بها بينما هو عليه أن يذهب في كل دقيقة وأخرى إلى مشاوير و مهمات جديدة .

    و وسط هذه الحالة ذهب جوستاف إلى والد لويزا يطلب منه المساعدة . لكن الرجل العجوز استقبله ببرود قائلا : سوف أساعدك هذه المرة ، لكن هذه هي آخر مرة ، فأنا لن أساعدك مرة أخرى أبدا ، فأنا نفسي لدى ما يكفيني و لويزا ليست ابنتي الوحيدة فلدى أطفال غيرها كما تعرف .

    و لحسن الحظ استطاعت زوجة جوستاف أن تقف على قدميها مرة أخرى ، و عادت مرة أخرى كبنت و إن كان جسمها قد ازداد نحافة . لكن والد لويزا تكلم مع جوستاف قائلا : و الآن، كفى أطفالا ، لو سمحت و تفضلت بذلك ، كفى أطفالا ، إلا إذا كنت تريد أن تدمر نفسك و حياتك و أسرتك .

    و لفترة أخرى استطاعت عائلة جوستاف الصغيرة هذه أن تعيش على الحب و الديون المتزايدة . و لكن يوما أتى الإفلاس بوجهه الكريه يطرق الباب ، فقد كان البيت مهددا بالحجز عليه . عند ذلك أتى الرجل العجوز والد لويزا و أخذ لويزا و طفلتها في عربة و رحل و هو يفكر بأسى في كيف أنه قد أعطى ابنته لشاب ليعيدها إليه بعد عام واحد مكللة بالخزى و العار . كانت لويزا ترضى أن تستمر مع جوستاف بأي وضع ، إنما للأسف لم يكن هناك أي شئ لتعيش عليه . بقى جوستاف وحده ينظر إليهم و هم يرحلون ، بينما كان المعاونون و الدائنون يجردون المنزل من كل ما به من أثاث و أسرة و أواني المطبخ النحاسية الجديدة و كل شئ حتى تركوه عاريا تماما .

    و الآن بدأت الحياة الحقيقية لجوستاف . فقد نجح أن يحصل على وظيفة مصحح في أحد الجرائد التي كانت تصدر في الصباح ، و لذلك كان عليه أن يسهر يعمل إلى وقت متأخر من الليل كل يوم . و نظرا لأنه لم يكن قد أعلن إفلاسه رسميا فقد استطاع جوستاف أن يحتفظ بوظيفته الحكومية ، و إن كان كل أمل في الترقي قد ضاع إلى الأبد . و في النهاية تنازل والد لويزا و سمح له أن يرى زوجته و طفلته كل يوم أحد ، و لكنه لم يكن يسمح له أن يراهما منفردا أبدا. و عندما كان جوستاف يتركهما في المساء كانت لويزا تصحبه حتى البوابة الخارجية حيث يودعها و الدموع في عينيه و هو في قمة الإذلال الروحي .

    لقد كان على جوستاف أن يعمل عشرين عاما حتى يستطيع أن يسدد ديونه و يفي باحتياجاته ، ثم بعد ذلك ----- و لكن ماذا بعد ذلك ؟!! هل سيستطيع جوستاف بعد ذلك أن يعول زوجته و طفلته ؟! من المرجح لا ، فهو لن يستطيع ، و إذا حدث و توفى الرجل العجوز والد لويزا خلال هذه الفترة فإن معنى ذلك أن تصبح لويزا و طفلتها بلا مأوى ، لذلك كان يجب على جوستاف أن يكون شاكرا جدا و ممتنا لهذا الرجل العجوز قاسى القلب الذي فرقه و أبعده عن زوجته و طفلته بلا رحمة .

    أوه ،،، نعم إن الحياة الإنسانية نفسها صعبة و قاسية . إن الوحوش و الحيوانات التي تعيش في الغابة تجد غذائها بسهولة ، بينما الإنسان هو الوحيد بين كل المخلوقات و كائنات الحية الذي يجب عليه أن يكد و يكدح من أجل ذلك . إنه لمن العار ، نعم من العار الصارخ أن كل إنسان ليس لديه زوج من الطيور و بعض حبات الفراولة .

  2. #2
    التسجيل
    15-09-2003
    المشاركات
    1

    مسائك سكر

    ماكنت أعرف و الرحيل يشدنا
    أندي أودع مهجتي و حياتي

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •