ظلام كئيب و برودة صامتة .. جلست هناك في سجني مكبلا بالأصفاد أعاني ..
قواي قد خارت و لم أستطع المقاومة ..
هأنذا مصاص دماء محتجز بغرفة باردة .. صرخت بقوة و أنا أحاول فك الأصفاد ( جائع .. جائع ..)
كنت أتوق الى قطرة واحده من الدم .. قطرة واحده ..
و كلما تخيلت طعم الدم في فمي يزداد غضبي و أحاول كسر القيود و الأصفاد و لكنني حاولت و حاولت و كل محاولاتي ذهبت سدى ..
فتلك الأصفاد قد كبلتني منذ أكثر من مئة سنة و لم أستطع فكها يوما ..
صرخت صرخاتي الشيطانية بكل قوة طالبا قطرة من الدماء و لكن لا مجيب فتمددت على الأرض الرطبة تعبا منهك القوى و فجأة ..
سطع ضوء ما فخبأت وجهي بين ذراعاي صارخا :
( النور .. النور .. لا .. انه مؤلم )
اختفى ذلك الضوء الساطع ثم رأيت رجلا واقفا أمامي يرتدي معطفا طويلا و قبعة سوداء يبتسم اللي نصف ابتسامة و سمعته يقول بصوته الأجش الغليظ :
( اللورد دراكولا !!)
صرخت به متوسلا :
( أرجوك قطرة دماء .. أنقذني .. )
فضحك الرجل ضحكات قد سمعت صداها و قال :
( أعلم انك تتوق للدماء كما يتوق الذباب للجثث العفنة )
لم أستطع رؤية ما يحمل بيده لكنني شاهدت قطرات من الدماء تتساقط من بين يديه فرفعت رأسي و فتحت فمي لتنزل تلك القطرات ببطئ الى شفتاي ..
و ازداد جوعي و غضبي .. و لم انتبه لنفسي في ذلك الوقت .. أمسكني أربعة رجال أشداء و أخذوا يجروني بأصفادي الى الخارج .. قاومتهم و لكنني كنت ضعيفا فتلك الاصفاد ثقيلة ..
وصلنا الى الخارج حيث باحة صخرية واسعه حالكة الظلمة فرفعت رأسي لأرى سماء سوداء و قمرا فضيا لامعا .. رياح بارده تعصف بجسدي النصف عاري ..
بعدها أرغموني على الانحناء و أمسك بذراعاي رجليين ضخمين و سمعت الرجل يقول :
( لتذهب الى الجحيم يا دراكولا .. لقد اتعست الكثير من البشر و ها قد حانت لحظة موتك )
زمجرت بقوة و غضب و قلت :
( مئة سنة و أنا أعاني في ذلك السجن النتن .. طوال تلك السنين كنت أعيش بحلم بارد أسود كسواد هذه اليلة .. أحلم بتذوق دمائك .. لم لم تقتلني منذ مئة سنة !!)
( و تسأل !!) قالها الرجل و قد ناوله أحد الضخام الأربعه وتدا خشبيا و قوسا ثم أردف قائلا :
( وداعا أيها المخلوق التعيس )
زمجرت بأكبر قوة لدي و كسرت الأصفاد ثم وقفت بسرعة و ابتعد الرجال عني و حاولوا عبثا الامساك بي لكنني أمسكت أحدهم من عنقه كلي شغف لتذوق دماؤه ..
أطبقت أنيابي في عنقه و شعرت بحرارة الدم بين شفتاي ثم قذفت بالجثة بعيدا و فجأة ..
أطلق الرجل الوتد ناحيتي لكنه أخطأ الاصابة فقد دخل الوتد في كتفي مباشرة و بالطبع لم أشعر بأية آلالام انما ابتسمت ابتسامة سخرية وأخرجت الوتد من كتفي ثم اختفيت من أمام ذلك الرجل ..
أخذت أضحك ضحكات شيطانية و أنا ابتعد عن المكان هربا من مصيري .. هأنذا حرا مرة أخرى و لكن ماذا أرى !! انه الفجر .. على الاختباء ..
أخذت أركض و أنا اشاهد الشمس في طرف السماء و لحسن حظي وجدت من بعيد غابة متشابكة الأغصان ..
دخلتها و اختبأت في جذع شجرة قديم مجوف و أغلقت عيناي هربا من نور الشمس ..