صفحة 4 من 6 الأولىالأولى 123456 الأخيرةالأخيرة
النتائج 46 إلى 60 من 78

الموضوع: معلومات عن الإسلام

  1. #46
    التسجيل
    08-01-2002
    الدولة
    ^=== Kingdom Of Saudi Arabia ===^
    المشاركات
    2,961

    Re: معلومات عن الإسلام

    * صيانة الله تعالى له (صلى الله عليه وسلم) من دنس الجاهلية : وكان الله سبحانه قد صانه وحماه من صغره، وطهره من دنس الجاهلية ومن كل عيب ومنحه كل خُلقٍ جميل حتى لم يكن يعرف بين قومه إلا بالأمين، لما شاهدوا من طهارته وصدق حديثه وأمانته، حتى إنه لما أرادت قريش تجديد بناء الكعبة في سنة خمس وثلاثين من عمره، فوصلوا إلى موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يضع الحجر موضعه، فقالت كل قبيلة : نحن نضعه، ثم اتفقوا على أن يضعه أول داخل عليهم، فكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالوا : جاء الأمين فرضوا به، فأمر بثوب، فوضع الحجر في وسطه، وأمر كل قبيلة أن ترفع بجانب من جوانب الثوب ثم أخذ الحجر فوضعه موضعه (صلى الله عليه وسلم) [أحمد والحاكم وصححه].

    * زواجه (صلى الله عليه وسلم) تزوج خديجة وله خمس وعشرون سنة، وكان قد خرج إلى الشام في تجارة لها مع غلامها ميسرة، فرأى ميسرة ما بهره من شأنه، وما كان يتحلى به من الصدق والأمانة، فلما رجع أخبر سيدته بما رأى فرغبت إليه أن يتزوجها.

    * وماتت خديجة رضي الله عنها قبل الهجـرة بثلاث سنين ولم يتزوج غيرها حتى ماتت، فلما ماتت خديجة رضي الله عنها تزوج عليه الصلاة والسلام سودة بنت زمعة، ثم تزوج (صلى الله عليه وسلم) عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، ولم يتزوج بِكْراً غيرها، ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ثم تزوج زينب بنت خزيمة بن الحارث رضي الله عنها، وتزوج أم سلمة واسمها هند بنت أمية رضي الله عنها، وتزوج زينب بنت جحش رضي الله عنها، ثم تزوج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جويرية بنت الحارث رضي الله عنها، ثم تزوج أم حبيبة رضي الله عنها واسمها رملة وقيل هند بنت أبي سفيان. وتزوج إثر فتح خيبر صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها، ثم تزوج ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، وهي آخر من تزوج رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم).

    * أولاده (صلى الله عليه وسلم) : كل أولاده (صلى الله عليه وسلم) من الذكور والإناث من خديجة بنت خويلد، غير إبراهيم، فإنه من مارية القبطية التي أهداها له المقوقس.

    * فالذكور من ولده : القاسم وبه كان يُكنى، وعاش أياماً يسيرة، والطاهر، والطيب.

    وقيل : ولدت له عبد الله في الإسلام فلقب بالطاهر والطيب . أما إبراهيم فولد بالمدينة وعاش عامين إلا شهرين ومات قبل موت النبي -صلى الله عليه وسلم- بثلاثة أشهر.

    * بناته (صلى الله عليه وسلم) : زينب وهي أكبر بناته، تزوجها أبو العاص بن الربيع وهو ابن خالتها، ورقية تزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه، وفاطمة تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأنجبت له الحسن والحسين سيِّدَي شباب أهل الجنة، وأم كلثوم تزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد رقية رضي الله عنهن جميعاً . قال النووي : فالبنات أربع بلا خلاف، والبنون ثلاثة على الصحيح.

    * مبعثه (صلى الله عليه وسلم) : بُعِثَ (صلى الله عليه وسلم) لأربعين سنة من عمره، فنزل عليه المَلَك بحراء يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان سنة:{13 ق هـ - 610م}، وكان إذا نزل عليه الوحي اشتد ذلك عليه وتغير وجهه وعرق جبينه.

    * فلما نزل عليه الملك قال له : اقرأ .. قال : لست بقارئ، فغطاه الملك حتى بلغ منه الجهد، ثم قال له : اقرأ .. فقال : لست بقارئ ثلاثاً. ثم قال : اقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق الإنسان من علق (2) اقرأ وربك الأكرم (3) الذي علم بالقلم (4) علم الإنسان ما لم يعلم [العلق : 1-5]. فرجع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى خديجة رضي الله عنها يرتجف، فأخبرها بما حدث له، فثبتته وقالت : أبشر، كلا والله لا يخزيك أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكَلَّ، وتعين على نوائب الدهر.

    * ثم فتر الوحي، فمكث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما شاء الله أن يمكث لا يرى شيئاً، فاغتم بذلك واشتاق إلى نزول الوحي، ثم تبدَّى له الملك بين السماء والأرض على كرسي، وثبته، وبشره بأنه رسول الله حقاً، فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خاف منه وذهب إلى خديجة وقال : زملوني .. دثروني، فأنزل الله عليه : يا أيها المدثر (1) قم فأنذر (2) وربك فكبر (3) وثيابك فطهر [المدثر : 1-4]. فأمره الله تعالى في هذه الآيات أن ينذر قومه، ويدعوهم إلى الله، فشمَّر (صلى الله عليه وسلم) عن ساق التكليف، وقام في طاعة الله أتمَّ قيام، يدعو إلى الله تعالى الكبير والصغير، والحر والعبد، والرجال والنساء، والأسود والأحمر، فاستجاب له عباد الله من كل قبيلة ممن أراد الله تعالى فوزهم ونجاتهم فى الدنيا والآخرة، فدخلوا في الإسلام على نور وبصيرة، فأخذهم سفهاء مكة بالأذى والعقوبة، وصان الله رسوله وحماه بعمه أبي طالب، فقد كان شريفاً ومطاعاً فيهم، نبيلاً بينهم، لا يتجاسرون على مفاجأته بشيء في أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما يعلمون من محبته له.








    Death Warrior سابقًا



  2. #47
    التسجيل
    08-01-2002
    الدولة
    ^=== Kingdom Of Saudi Arabia ===^
    المشاركات
    2,961

    Re: معلومات عن الإسلام

    * قال ابن الجوزي : وبقي ثلاث سنين يتستر بالنبوة، ثم نـزل عليه فاصدع بما تؤمر [الحجر : 94]. فأعلن الدعوة. فلما نزل قوله تعالى : وأنذر عشيرتك الأقربين [الشعراء : 214]، خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى صعد الصفا فهتف "يا صباحاه !" فقالوا : من هذا الذي يهتف ؟ قالوا : محمد ! فاجتمعوا إليه فقال : يا بني فلان .. يا بني فلان .. يا بني فلان .. يا بني عبد مناف .. يا بني عبد المطلب .. فاجتمعوا إليه فقال: “أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدّقيّ ؟ قالوا : ما جرّبنا عليك كذباً، قال: فإنينذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب: تباً لك، أما جمعتنا إلا لهذا ؟ ثم قام، فنزل قوله تعالى تبت يدا أبي لهب وتبّ إلى آخر السورة. [متفق عليه].

    * صبره (صلى الله عليه وسلم) على الأذى : لقي (صلى الله عليه وسلم) الشدائد من قومه وهو صابر محتسب، وأمر أصحابه أن يخرجوا إلى أرض الحبشة فراراً من الظلم والاضطهاد فخرجوا.

    * قال ابن إسحاق : فلما مات أبو طالب نالت قريش من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من الأذى ما لم تطمع فيه في حياته، وروى أبو نعيم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما مات أبو طالب تجهموا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : "ياعم ما أسرع ما وجدت فقدك".

    * وفى الصحيحين : أنه (صلى الله عليه وسلم) كان يصلي، وسلا جزور قريب منه، فأخذه عقبة بن أبي معيط، فألقاه على ظهره، فلم يزل ساجداً حتى جاءت فاطمة فألقته عن ظهره، فقال حينئذ “اللهم عليك بالملأ من قريش“. وفـي أفراد البخاري : أن عقبة بن أبي معيط أخذ يوما بمنكبه (صلى الله عليه وسلم) ولوى ثوبه في عنقه فخنقه به خنقاً شديداً، فجاء أبو بكر فدفعه عنه وقال : أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله ؟.

    * رحمته (صلى الله عليه وسلم) بقومه : فلما اشتد الأذى على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعد وفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها، خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى الطائف فدعا قبائل ثقيف إلى الإسلام، فلم يجد منهم إلا العناد والسخرية والأذى، ورموه بالحجارة حتى أدموا عقبيه، فقرر (صلى الله عليه وسلم) الرجوع إلى مكة. قال (صلى الله عليه وسلم) : “انطلقت -يعني من الطائف- وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب -ميقات أهل نجد- فرفعت رأسي فإذا سحابة قد أظلتني، فنظرت، فإذا فيها جبريل عليه السلام، فناداني فقال : إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد أرسل لك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، ثم ناداني ملك الجبال فسلم عليَّ ثم قال : يا محمد ! إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، قد بعثني إليك ربك لتأمرني بما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين -جبلان بمكة- فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً“ [متفق عليه].

    * وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخرج في كل موسم، فيعرض نفسه على القبائل ويقول : "من يؤويني؟ من ينصرني ؟ فإن قريشاً قد منعوني أن أبلِّغ كلام ربي !"

    * ثم إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقي عند العقبة في الموسم ستة نفر فدعاهم فأسلموا، ثم رجعوا إلى المدينة فدعوا قومهم، حتى فشا الإسلام فيهم، ثم كانت بيعة العقبة الأولى والثانية، وكانت سراً، فلما تمت، أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من كان معه من المسلمين بالهجرة إلى المدينة، فخرجوا أرسالاً.

    * هجرته (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة : ثم خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو وأبو بكر إلى المدينة فتوجه إلى غار ثور، فأقاما فيه ثلاثاً، وعمي أمرهم على قريش، ثم دخل المدينة فتلقاه أهلها بالرحب والسعة، فبنى فيها مسجده ومنزله.

    * غزواته (صلى الله عليه وسلم): عن ابن عباس رضي الله عنه قال : لما خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من مكة قال أبو بكر : أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون، ليَهلِكُنَّ، فأنزل الله عز وجل : أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا [الحج : 39]. وهي أول آية نزلت في القتال. وغزا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سبعاً وعشرين غزاة، قاتل منها في تسع : بدر، وأحد، والمريسيع، والخندق، وقريظة، وخيبر، والفتح، وحنين، والطائف، وبعث ستاً وخمسين سرية.

    * حج النبي (صلى الله عليه وسلم) واعتماره : لم يحج النبي (صلى الله عليه وسلم) بعد أن هاجر إلى المدينة إلا حجة واحدة، وهي حجة الوداع. واعتمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أربع عُمَرٍ كلهن في ذي القعدة إلا التي فـي حجته. فالأولى عمرة الحديبية التي صدَّه المشركون عنها، والثانية عمرة القضاء، والثالثة عمرة الجعرانة، والرابعة عمرته مع حجته.

    * صفته (صلى الله عليه وسلم): كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهر اللون -أي أبيض بياضاً مشرباً بحمرة- أشعر، أدعج العينين -أي شديد سوادهما- أجرد -أي لا يغطي الشعر صدره وبطنه-، ذا مَسْرُبة أي له شعر يكون في وسط الصدر والبطن.








    Death Warrior سابقًا



  3. #48
    التسجيل
    08-01-2002
    الدولة
    ^=== Kingdom Of Saudi Arabia ===^
    المشاركات
    2,961

    Re: معلومات عن الإسلام

    * أخلاقه (صلى الله عليه وسلم): كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أجود الناس، وأصدقهم لهجة، وألينهم طبعاً، وأكرمهم عِشْرَةً، قال تعالى : وإنك لعلى خلق عظيـم [القلم : 4]. وكان (صلى الله عليه وسلم) أشجع الناس وأعف الناس وأكثرهم تواضعاً، وكان (صلى الله عليه وسلم) أشد حياء من العذراء في خدرها، يقبل الهدية، ويكافئ عليها، ولا يقبل الصدقة ولا يأكلها، ولا يغضب لنفسه، وإنما يغضب لربه، وكان (صلى الله عليه وسلم) يأكل ما وجد، ولا يردُّ ما حضر، ولا يتكلف ما لم يحضره، وكان لا يأكل متكئاً ولا على خوان، وكان يمر به الهلال ثم الهلال ثم الهلال، وما يوقد في أبياته (صلى الله عليه وسلم) نار، وكان (صلى الله عليه وسلم) يجالس الفقراء والمساكين ويعود المرضى ويمشي في الجنائز.

    * وكان (صلى الله عليه وسلم) يمزح ولا يقول إلا حقاً، ويضحك من غير قهقهة، وكان (صلى الله عليه وسلم) في مهنة أهله، قال : "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" [الترمذي وصححه الألباني]، قال أنس بن مالك رضي الله عنه : خدمت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عشر سنين فما قال لشيء فَعَلْتُه : لم فَعَلْتَه، ولا لشيء لم أفعله، ألا فعلت كذا !!.

    * وما زال (صلى الله عليه وسلم) يلطف بالخلق ويريهم المعجزات، فانشق له القمر، ونبع الماء من بين أصابعه، وحـنَّ إليه الجذع، وشكا إليه الجمل، وأخبر بالغيوب فكانت كما قال.

    * من خصائصه -صلى الله عليه وسلم-: عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "أعطيت خمساً لم يعطهن أحدٌ قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه، وبعثت إلى الناس كافة" [متفق عليه]. وفي أفراد مسلم من حديث أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : أنا أول الناس يشفع يوم القيامة، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة".

    وفي أفراده من حديث أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال : "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع".

    * عبادته ومعيشته (صلى الله عليه وسلم): قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقوم حتى تتفطر قدماه، فقيل له في ذلك، فقال : "أفلا أكون عبداً شكوراً" [متفق عليه]، وقالت: وكان ضجاعه الذي ينام عليه في الليل من أدَم محشوّاً ليفاً !! وفي حديث ابن عمر رضي الله عنه قال : لقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يظلُّ اليوم يلتوي ما يجد دِقْلاً يملأ به بطنه -والدقل رديء التمر- !! ما ضرَّه من الدنيا ما فات وهو سيد الأحياء والأموات، فالحمد لله الذي جعلنا من أمته، ووفقنا الله تعالى لطاعته، وحشرنا على كتابه وسنته آمين آمين.





    نهاية الفرع الثالث من القسم الرابع وأيضًا نهاية القسم الرابع








    Death Warrior سابقًا



  4. #49
    التسجيل
    08-01-2002
    الدولة
    ^=== Kingdom Of Saudi Arabia ===^
    المشاركات
    2,961

    Re: معلومات عن الإسلام

    القسم الخامس : 1-الدعوة الإسلاميه :

    الدعوة إلى الله، وإلى دين الله - الإسلام- وإلى ما أعد الله لمن استجاب لهذه الدعوة المباركة: أمر عظيم تولاه الله سبحانه وتعالى بنفسه، وأرسل به رسله مبشرين ومنذرين، يدعون الناس إلى كل خير وينهونهم عن كل شر، يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله، وأقام من بعدهم عباده الصالحين من ورثة الأنبياء الصادقين، الذين جعلهم حجة على الناس في كل وقت وحين، ينشرون دين الله بين الأنام ويدعونهم إلى الجنة دار السلام، فكم من أرض أناروها بنور الإسلام، وكم من أمم أخرجوها من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، أولئك الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وأولئك هم المفلحون.

    1. دعوة الله

    قال تعــالى: والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مسـتقيم [يونس: 25] فالله يدعو الناس جميعاً إلى جنات النعيم، وذلك باستجابتهم له وإيمانهم به واستقامتهم على صراطه المستقيم، "فعم بالدعوة إليها، وخص بالهداية لها من يشاء، فذاك عدله وهذا فضله" [إعلام الموقعين- ابن قيم الجوزية - 1/153].

    وقالت رسل الله لأقوامهم يذكرونهم بدعوة الله لهم أفي الله شك فاطر السموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى [إبراهيم: 10]، وقال تعالى: والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون [البقرة: 221]. وروى الإمــام أحمد رحمه الله وغيره من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "إن الله ضرب مثلاً صراطاً مستقيماً، على كنفي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستور، وداع على رأس الصراط، وداع يدعو من فوقه "والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم" فالأبواب التي على كنفي الصراط: حدود الله، لا يقع أحد في حدود الله حتى يكشف ستر الله، والذي يدعو من فوقه واعظ الله عزّ وجل...." [المسند 4/183 والترمذي]، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "...فبينما أنا قاعد ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) متوسد فخذي، إذ أنا برجال عليهم ثياب بيض، الله أعلم ما بهم من الجمال، فانتهوا إليّ فجلس طائفة منهم عند رأس رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وطائفة منهم عند رجليه، ثم قالوا بينهم: ما رأينا عبداً قط أوتي مثل ما أوتي هذا النبي، إن عينيه تنامان وقلبه يقظان، اضربوا له مثلاً، مثل سيد بنى قصراً ثم جعل مأدبة فدعا الناس إلى طعامه وشرابه، فمن أجابه أكل من طعامه وشرب من شرابه، ومن لم يجبه عاقبه -أو قال: عذبه- ثم ارتفعوا واستيقظ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عند ذلك فقال: "سمعت ما قال هؤلاء وهل تدري من هؤلاء؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: هم الملائكة. فتدري ما المثل الذي ضربوا؟ الرحمن تبارك وتعالى بنى الجنة ودعا إليها عباده فمن أجابه دخل الجنة ومن لم يجبه عاقبه وعذبه …" [الترمذي جـ5/145 ح: 2861]. فالدعوة دعوة الله والدين دينه فمن أجاب دعوته واستمسك بدينه غفر ذنبه وكفر سيئاته وأدخله جنات النعيم، ومن لم يجبه عاقبه وعذبه.



    2. الدعوة إلى الله عمل الأنبياء

    والدعوة إلى الله وظيفة الأنبياء، فقد أوجب عليهم ذلك، بل ابتعثهم من أجله وكلفهم تبليغ دينه إلى الناس وجعله أهم الواجبات المنوطة بهم بعد الإيمان به.

    وقد قام رسل الله عليهم الصلاة والسلام بذلك أفضل قيام، وبلغوا رسالات ربهم أتم بلاغ، وصدق عليهم وصف الله لهم : الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله وكفى بالله حسيباً [الأحزاب: 39]. يمدح الله تبارك وتعالى الذين يبلغون رسالات الله أي إلى خلقه، ويؤدونها بأماناتها ويخشونه، أي يخافونه ولايخافون أحداً سواه، فلا تمنعهم سطوة أحد من إبلاغ رسالات الله تعالى "وكفى بالله حسيبا" "أي وكفى بالله ناصراً ومعيناً" [ابن كثير جـ3/ص500].

    فهكذا كانت حال أنبياء الله لايحسبون للخلق حساباً فيما كلفهم الله من أمور الرسالة ولا يخــشون أحداً إلا الله، ولا يخافون في الله لومة لائم، لاطمئنان قــلوبهم إلى الله -الذي أرسلهم وكلفهم- أنه سبحانه هو كافيهم وهو حسبهم ونعم الوكيل.

    وقد بلغ رسل الله رسالاته إلى أقوامهم وأقاموا حجة الله عليهم فهذا نوح عليه السلام وهو أول الرسل وأول أولي العزم يقول لقومه موضحاً مهمته الرئيسة: يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله مالا تعلمون [الأعراف: 26]، وهذا هود عليه السلام يقول لقومه: يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين [الأعراف: 68]، وقال الله -أيضاً- حكاية عنه: فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم .. [هود: 57]، وقال تعالى عن صالح عليه السلام : فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين [الأعراف: 79]، وقال عن شعيب عليه السلام: فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم .. [الأعراف: 92]، وقال تعالى مبيناً مهمة الرسل ووظيفتهم الرئيسة: فهل على الرسل إلا البلاغ المبين [النحل: 35]. وعندما تتنكر الأمم الكافرة لدعوة أنبيائهم يوم القيامة وتنكر بلاغ رسلهم إليهم، فإن هذه الأمة خير أمة أخــرجت للناس تشــهد لأنبياء الله بتبليغهم رســالات ربهم . فعن أبي سعيد الخــدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "يدعى نوح عليه السلام يوم القيامة فيقال له: هل بلّغت؟ فيقول نعم، فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلّغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، أو ما أتانا من أحد، قال: فيقال لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، قال: فذلك قوله: وكذلك جعلناكم أمةً وسطا قال : الوسط العدل، قال: فيدعون فيشهدون له بالبلاغ . قال ثم أشهد عليكم [المسند 3/32، البخاري -فتح الباري جـ6/371].








    Death Warrior سابقًا



  5. #50
    التسجيل
    08-01-2002
    الدولة
    ^=== Kingdom Of Saudi Arabia ===^
    المشاركات
    2,961

    Re: معلومات عن الإسلام

    ورواه الإمام أحمد رحمه الله من طريق أبي معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً ولفظه: "يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجل، والنبي ومعه الرجلان، وأكثر من ذلك، فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلغكم هذا؟ فيقولون: لا. فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم فيقال له: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته فيدعى محمد وأمته، فيقال لهم: هل بلغ هذا قومه؟ فيقولون: نعم. فيقال: وما أعلمكم؟ فيقولون: جاءنا نبينا، فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا، فذلك قوله وكذلك جعلناكم أمة وسطاً قال: يقول: عدلاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً [المسند: 3/58]. وأخرج ابن أبي حاتم بسند جيد عن أبي العالية عن أبي بن كعب في هذه الآية قال: " لتكونوا شهداء" وكانوا شهداء على الناس يوم القيامة، كانوا شهداء على قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم شعيب وغيرهم أن رسلهم بلغتهم وأنهم كذبوا رسلهم) [ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح وجود إسناده 8/172].ولهذا كان أنبياء الله -عليهم السلام- يخافون أشد الخوف ألا يبلغوا شيئاً من دين الله فيخسف بهم ففي حديث الحارث الأشعري رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "إن الله سبحانه أمر يحيى بن زكريا عليه السلام بخمس كلمات أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، وأنه كاد أن يبطئ بها فقال عيسى عليه السلام: إن الله أمرك بخمس كلمات، لتعمل بها وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، فإما أن تأمرهم وإما أن آمرهم، فقال يحيى: أخشى إن سبقتني بها أن يُخسف بي أو أعذب، فجمع الناس في بيت المقدس.." [المسند 4/202، الترمذي جـ5/148 ح:2863]

    3. الدعوة سنة خاتم المرسلين:

    وقد كان خاتم النبيين وخير أنبياء الله أجمعين محمد (صلى الله عليه وسلم) أعظم رسل الله بلاغاً وبلاءً في سبيل تبليغ دعوة الله عزّ وجل إلى الناس جميعاً فهو (صلى الله عليه وسلم) سيد الناس في هذا المقام، بل وفي كل مقام.. فإنه قام بأداء الرسالة وإبلاغها إلى أهل المشارق والمغارب وإلى الجن والإنس، وأظهر الله كلمته ودينه وشرعه على جميع الأديان والشرائع ، فقد كان النبي قبله يبعث إلى قومه خاصةً، وأما هو (صلى الله عليه وسلم) فإنه بعث إلى جميع الخلق عربهم وعجمهم، أسودهم وأبيضهم، جنيهم وإنسيهم، قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً [الأعراف: 158]، وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً [سبأ: 28]، تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً [الفرقان: 1].

    وقد أمره الله سبحانه أمراً جازماً بالبلاغ فقال: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين [المائدة: 67]، وقال تعالى: .. فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظاً إن عليك إلا البلاغ. [الشورى: 48]، وقال تعالى: ..وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد [آل عمران: 20]، وقال عليه الصلاة والسلام : "إنما أنا مبلغ والله يهدي .." [المسند من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما 4/101]. وفي الترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها عنه عليه الصلاة والسلام قال: "إنما بعثني الله مبلغاً ولم يبعثني معنتاً" [الترمذي -5/423 ح: 3318].

    وسماه الله سبحانه وتعالى "داعياً إلى الله" يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً * وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً [الأحزاب: 45- 46]، أي داعياً للخلق إلى عبادة ربهم عن أمره لك بذلك" [ابن كثير 3/505]. وأمره -سبحانه- بالدعوة إلى الله في غير ما آية قال تعالى: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة .. [النحل: 125] وقال: ...وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم [الحج: 67]، وقال: ولايصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين [القصص: 87]، وقال: فلذلك فادع واستقم كما أمرت .. [الشورى: 15]، وقال تعالى عن نبيه (صلى الله عليه وسلم) يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم.. [الأنفال: 24]، وقال: وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم [المؤمنون: 73]، وقال: ومالكم لاتؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم .. [الحديد: 8]، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (جاءت ملائكةإلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو نائم فقال بعضهم: إنه نائم. وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان فقالوا: إن لصاحبكم هذا مثلاً قال: فاضربوا له مثلاً فقال بعضهم: إنه نائم وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان فقالوا: مثله كمثل رجل بنى داراً، وجعل فيها مأدبة وبعث داعياً، فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل المأدبة، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل المأدبة فقالوا: أولوها له يفقهها، فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم : إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: فالدار الجنة، والداعي: محمد، فمن أطاع محمداً فقد أطاع الله ، ومن عصى محمداً فقد عصى الله، ومحمد فرق بين الناس) [البخاري، فتح الباري 13/249 ح: 7281].








    Death Warrior سابقًا



  6. #51
    التسجيل
    08-01-2002
    الدولة
    ^=== Kingdom Of Saudi Arabia ===^
    المشاركات
    2,961

    Re: معلومات عن الإسلام

    وقد أمره الله أن يقص ويعظ ويذكر فقال تعالى: فذكّر فما أنت بنعمت ربك بكاهن ولا مجنون [الطور: 29]، وقال: وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين [الذاريات: 55]، وقال تعـالى: فذكر إنما أنت مذكر [الغاشية: 21]، وقال تعالى: فذكر بالقرآن من يخاف وعيد " [ق: 45]، وقال: وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت [الأنعام: 70] وقال: فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً [النساء: 63] وقال تعالى: فاقصص القصص لعلهم يتفكرون [الأنعام: 176].

    وقد شمر (صلى الله عليه وسلم) عن ساق الجد وقام بالدعوة إلى الله أتم قيام وجاهد في ذلك أعظم الجهاد، وابتلي أعظم البلاء فصبر أعظم صبر عرفته الإنسانية حتى قال عليه الصلاة والسلام: "لقد أُخِفْتُ في الله وما يخاف أحد، ولقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد، ولقد أتت عليّ ثلاثون من بين ليلة ويوم ومالي ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا شيء يواريه إبط بلال" [الترمذي في الشمائل المحمدية وابن ماجه 1/03 ح: 138]. وابتلي عليه الصلاة والسلام بالدنيا فُعرض عليه الملك والجاه على أن يترك هذا الأمر فقال قولته المشهورة: "يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك فيه ما تركته" [سيرة ابن هشام 1/166]، "ولما نزل عليه قول الله: يا أيها المدثر قم فأنذر، وربك فكبّر وثيابك فطهر [المدثر: 1-4] شمّر عن ساق الجدّ وقام في ذات الله أتم قيام، ودعا إلى الله ليلاً ونهاراً، وسراً وجهاراً ولما نزل قوله -تعالى-: فاصدع بما تؤمر [الحجر: 94] صدع بأمر الله لا تأخذه فيه لومة لائم، فدعا إلى الله الصغير والكبير ، والحر والعبد ، والذكر والأنثى ، والأحمر والأسود، والجن والإنس، ولما صدع بأمر الله ، وصدع لقومه بالدعوة وناداهم بسب آلهتهم، وعيب دينهم، اشتد أذاهم له ، ولمن استجاب له من أصحابه، ونالوهم بأنواع الأذى، وهذه سنة الله عز وجل في خلقه كما قال: ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك [فصلت: 43] وقال: وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن [الأنعام: 112] وقال : كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون [الذاريات: 52-53]، [زاد المعاد في هدي خير العباد 3/12].

    وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يغشى مجامع الناس وأسواقهم يدعوهم إلى الله ويطلب منهم من يؤويه حتى يبلغ رسالة الله، وتكون له الجنة ، فما يجد منهم أحداً ، وإن أحسنهم جواباً من يطلب أن يكون له الأمر من بعده (صلى الله عليه وسلم) فيجيبه (صلى الله عليه وسلم) : "الأمر لله يضعه حيث يشاء" [سيرة ابن هشام 1/424] حتى يسّر الله له الأنصار، فآمنوا به ونصروه وعزروه على أن لهم الجنة. روى الإمام أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال : مكث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم بعكاظ ومجنة وفي المواسم بمنى يقول : من يؤويني من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة ، حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر إلى ذي رحمه فيأتيه قومه فيقولون له : احذر غلام قريش لا يفتنك. ويمشي بين رجالهم وهم يشيرون إليه بالأصابع حتى بعثنا الله إليه من يثرب فآويناه وصدقناه ، فيخرج الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام ..) [المسند 3/322، الحاكم 2/ 2/ 624].

    ثم لم يزل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) داعياً إلى الله يعلم أمته الخير ويزكيهم ويعظهم ويأمرهم بكل معروف وينهاهم عن كل منكر حتى ما ترك خيراً إلا ودلهم عليه ولا منكراً إلا وحذرهم منه، وما ترك أمراً كان أو هو كائن إلا وعندهم منه ذكر قال أبو الدرداء رضي الله عنه قال: "لقد تركنا رسول (صلى الله عليه وسلم) وما في السماء طائر يطير بجناحيه إلا ذكرنا منه علماً" [رواه الطبراني]، وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: "تركنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يُذكرنا منه علماً. قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم" [رواه الطبراني في الكبير 25/156 ح: 1647].

    وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "قام فينا النبي (صلى الله عليه وسلم) مقاماً فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه" [البخاري تعليقاً -بدء الخلق-ح: 3192 جـ6/286].

    وعن أبي زيد عمرو بن أخطب رضي الله عنه قال: "صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الفجر وصعد المنبر ، فخطبنا حتى حضرت الظهر، فنزل فصلى، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلى، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس، فأخبرنا بما كان، وبما هو كائن فأعلمنا أحفظنا" [مختصر صحيح مسلم - الفتن].

    وجاهد عليه الصلاة والسلام أعظم الجهاد من أجل إعلاء كلمة الله ولم يزل كذلك مجاهداً داعياً إلى عبادة ربه، وحده لا شريك له ، حتى ظهر دين الله، وتمت كلمته الحسنى وأعلن توحيده وذكره في المشارق والمغارب وصارت كلمته هي العليا، ودينه هو الظاهر








    Death Warrior سابقًا



  7. #52
    التسجيل
    08-01-2002
    الدولة
    ^=== Kingdom Of Saudi Arabia ===^
    المشاركات
    2,961

    Re: معلومات عن الإسلام

    وشرعه هو الشائع وصار الدين كله لله، والطاعة كلها لله، وانحسرت الفتنة والشرك ودخل الناس في دين الله أفواجاً، فجعل الله ذلك علامة على دنو أجله (صلى الله عليه وسلم) وقرب مماته، فأمر حينئذ بالتهيؤ للقاء الله ثم قبض عليه الصلاة والسلام في أطيب حال قبض فيها بشر، فطاب حياً وميتاً (صلى الله عليه وسلم) صلاةً وسلاماً دائمين فإنه قد نصح الأمة وبلغ رسالة ربه وجاهد في الله حق جهاده، ولم يمت عليه الصلاة والسلام إلا وقد استشهد أمته على تبليغه إياهم دعوة الله، واستشهد الله عليهم ففي أكبر مجمع شهده المسلمون في حياته (صلى الله عليه وسلم) *في حجة الوداع في يوم عرفة* قال: "وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس، اللهم اشهد اللهم اشهد، ثلاث مرات" [مسلم ح: 1218 جـ8/340]، ثم كرر ذلك يوم النحر فقال: "ألا هل بلغت ألا هل بلغت" [البخاري ح: 5550]. وفي المسند من حديث سمرة بن جندب عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "أيها الناس أنشدكم بالله إن كنتم تعلمون أني قصرت عن شيء من تبليغ رسالات ربي عز وجل لما أخبرتموني ذاك ، فبلغت رسالات ربي كما ينبغي لها أن تبلغ، وإن كنتم تعلمون أني بلغت رسالات ربي لما أخبرتموني ذاك. قال: فقام رجال، فقالوا: نشهد إنك قد بلغت رسالات ربك ونصحت لأمتك وقضيت الذي عليك.. " [المسند 5/16]. بل شهـد له بالبلاغ ألد أعدائه -اليهود- ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال : "بينما نحن في المسجد خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال : انطلقوا إلى يهود فخرجنا معه حتى جئنا المدراس ، فقام النبي (صلى الله عليه وسلم) فناداهم فقال : يا معشر يهود أسلموا تسلموا. فقالوا : بلغت يا أبا القاسم، قال: فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ذلك أريد أسلموا تسلموا. فقالوا : قد بلغت يا أبا القاسم. فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذلك أريد. ثم قالها الثالثة...) [البخاري ح: 7348 جـ 13/ 314].

    وقد استخدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في دعوته وسائل عدة منها :

    الوعظ والقصص والتذكير ومخاطبة الناس في مجامعهم وتلاوة الآيات عليهم.
    الدعوة الفردية .
    التعليم والتزكية. قال تعالى : ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم [البقرة: 129]، وقال تعالى: كما أرسلنا فيكم رسولاً يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون [البقرة: 151]. وقال : لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة [آل عمران: 164]، وقال تعالى: هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة [الجمعة: 2] فقدم سبحانه التزكية على التعليم في ثلاثة مواضع لأن التزكية هي مقصود التعليم وأما في الموضع الأول في سورة البقرة فلم يقدمها لأن ذلك حكاية قول إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- .
    إرسال الرسل إلى البلاد ليعلموهم دين الله عز وجل فأرسل مصعب بن عمير إلى المدينة ومعاذاً إلى اليمن وأبا موسى الأشعري وعلي بن أبي طالب كذلك إلى اليمن وغيرهم إلى بلدان أخرى.
    إرسال الكتب إلى الملوك يدعوهم إلى الله عز وجل. عن أنس رضي الله عنه: "أن نبي الله (صلى الله عليه وسلم) كتب إلى كسرى وإلى قيصر وإلى النجاشي، وإلى كل جبار ، يدعوهم إلى الله تعالى .." [مسلم: كتاب الجهاد والسير ح: 1774 جـ 12/ 454].
    استقبال الوفود ، فكان عليه الصلاة والسلام يستقبل الوفود يدعوهم إلى الله ويعلمهم دينه ويأمرهم بإنذار من خلفهم من أقوامهم .
    تأليف الناس ببذل المال ففي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال : "ما سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شيئاً قط فقال : لا" [مسلم - الفضائل ح: 2311 جـ15/467]. وعن أنس عن مالك رضي الله عنه قال: "ما سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على الإسلام شيئاً إلا أعطاه قال: فجاءه رجل فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا فإن محمداً يعطي عطاءً من لايخشى الفاقة فقال أنس: إن الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها" [مسلم ح: 2312 جـ15/467]. وروى مسلم "أنـه عليه الصـلاة والسلام أعطى صفوان بن أمية -يوم حنين- مائة من النعم، ثم مائة، ثم مائة. قال ابن شهاب حدثني سعيد بن المسيب أن صفوان قال: والله لقد أعطاني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما أعطاني وإنه لأبغــض الناس إليَّ فما برح يعطيني حتى إنه لأحــب النـــاس إليَّ" [مسلم ح: 2313 حـ15/468]. وقد كان عليه الصلاة والسلام يتألف الناس -أيضاً- بالعفو والصفح والخلق الحسن.
    الجهاد في سبيل الله عز وجل: وهو أعظم الوسائل التي استخدمها (صلى الله عليه وسلم) في الدعوة إلى الله عز وجل، وهو من أعظم وسائل الدعوة الباقية إلى يوم القيامة، قال عليه الصلاة والسلام (بعثت بالسيف بين يدي الساعة، حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي) [أحمد في المسند عن ابن عمر 2/29 /50]، فالمقصود من الجهاد إقامة دين الله على وجه الأرض ونفي الفتنة والشرك عنها واقتلاع جذور الطواغيت الذين يحولون بين الحق والناس: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ... [البقرة: 193]، وقال تعالى: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله .. [الأنفال: 39 ].
    وقد كان قتاله (صلى الله عليه وسلم) كله جهاداً لإعلاء كلمة الله ودعوة للخير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "ما قاتل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قوماً حتى يدعوهم" [المسند 1/231]، وفي رواية: "...قوماً قط إلا دعاهم" قال لعلي رضي الله عنه عندما بعثه في غزوة خيبر: "انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام ...." [البخاري - فضائل الصحابة - باب فضل علي ح: 3701 جـ 7/70]، وفي حديث بريدة: كان رســول الله (صلى الله








    Death Warrior سابقًا



  8. #53
    التسجيل
    08-01-2002
    الدولة
    ^=== Kingdom Of Saudi Arabia ===^
    المشاركات
    2,961

    Re: معلومات عن الإسلام

    عليه وسلم) إذا أمر أحداً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيراً ثم قال: "اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولاتغلوا، ولاتغدروا، ولاتمثلوا ولاتقتلوا وليـداً، وإذا لقيت عـدوك مـن المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال -أو خلال- فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم.." [مسلم -الجهاد والسير- باب تأمير الأمراء على البعوث ... ح 1731 جـ12/398]، "فالجهاد ضرورة للدعوة سواءً أكانت دار الإسلام آمنة أم مهددة من جيرانها، فالإسلام حين يسعى إلى السلم، لا يقصد أن يؤمن الرقعة الخاصة التي يعتنق أهلها العقيدة الإسلامية، إنما هو يريد السلم التي يكون الدين فيها كله لله، أي تكون عبودية الناس كلهم فيها لله، والتي لا يتخذ فيها الناس بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله...).



    نهاية الفرع الأول من القسم الخامس








    Death Warrior سابقًا



  9. #54
    التسجيل
    08-01-2002
    الدولة
    ^=== Kingdom Of Saudi Arabia ===^
    المشاركات
    2,961

    Re: معلومات عن الإسلام

    الفرع الثاني من القسم الخامس:مكانة العلم والعلماء في الإسلام:

    إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون [آل عمران: 102] يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا [النساء: 1] يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً [الأحزاب: 70-71].

    أما بعد :

    فإن للعلم في الإسلام شأنا وأي شأن، ويكفي للدلالة على منزلته أنه صفة من صفات الله جل جلاله: وهو السميع العليم [الأنعام: 13]، وأنه سبحانه قد أمر به قبل العمل فاعلم أنه لا إله إلا الله [محمد: 19] وما ذلك إلا لأن صحة العمل مرهونة به، وقد أمر جل جلاله الرسول -صلى الله عليه وسلم- بطلب الاستزادة منه فقال: وقل رب زدني علماً [طه: 114]، وقد استفاض حديث القرآن الكريم عن العلم حيث وردت مادة علم فيه أكثر من سبعمائة مرة، كذلك لم يخل كتاب من كتب السنة من كتاب موضوعه العلم [د. سعد عبد الرحمن الجريد، رسالة دكتواره]، ولهذه المنزلة العالية كان طلبه فريضة كما أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" [أخرجه ابن ماجه في سننه وصحّحه الألباني]، ومن هذا الفرض ما يكون فرض عين ومنه ما يكون فرض كفاية فكل ما يحتاج إليه لصحة العبادة فهو فرض عليه فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب -القاعدة الأصولية المقررة- وماعدا ذلك من سائر العلوم التي نحتاج إليها في إقامة حياة سوية فإن تعلمه على الكفاية أي أنه لابد أن يكون في المسلمين من يعلمه بالقدر الذي يسد حاجتهم إليه وإلا أثم المسلمون جميعاً [نحو منهجية إسلامية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، دار المسلم، ط1 1415 ص 14 -21 - 23]، وهذا الاهتمام البالغ بالعلم وبهذه الصورة إنما يمثل المكانة الحقيقية للعلم. ويبرز أثره في الحياة، فالحياة التي لا تؤسس على العلم الشرعي حياة عديمة الفائدة، والإسلام الذي ينزل العلم هذه المنزلة هو دين العلم، ودين النقل والعقل، "إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر" [أخرجه الترمذي]. ولهذا كانت أبرز خصائص الدعوة إلى الله هو قيامها على البصيرة أي العلم قل هذه سبيلي أدعو إلي الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين [يوسف: 108].

    وأبرز خصائص هذه البصيرة مصاحبة العمل لها إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً [الكهف: 107] وما يُلحظ هذه الأيام من انفصال للعلم عن العمل هو من مظاهر الخلل في حياة المسلمين التي ربما كانت سببا في ظاهرة انفصال العلماء عن الحياة في كثير من بلدان المسلمين حيث ترتب على ذلك ما ترتب عليه من مظاهر الانحراف وأظهرها معايشة هموم الناس ومشكلاتهم، وقضاياهم من قبل من ليس لديه علم.

    قال ابن عبد البر "قد اجمع العلماء على أن من العلم ما هو فرض متعين على كل امرئ في خاصة نفسه، من ذلك ما لا يسع الإنسان جهله من جملة الفرائض المفترضة عليه نحو الشهادة "باللسان" والإقرار بالقلب بأن الله وحده لا شريك له، والشهادة بأن محمداً عبده ورسوله وخاتم أنبيائه، وأن البعث بعد الموت حق للمجازاة بالأعمال والخلود في الآخرة لأهل السعادة بالإيمان والطاعة في الجنة، ولأهل الشقاوة والكفر والجحود في السعير، وأن القرآن كلام الله، وما فيه حق من عند الله يجب الإيمان بجميعه، واستعمال محكمه، وأن الصلوات الخمس فريضة، ويلزمه من علمها ما لا تتم إلا به من طهارتها وسائر أحكامها، وأن صوم رمضان فرض ويلزمه من علمه ما يفسد صومه، وما لا يتم إلا به . وإن كان ذا مال لزمه فرضا أن يعرف ما تجب فيه الزكاة، ومتى تجب، وفي كم تجب، ويلزمه أن يعرف بأن الحج عليه فرض مرة واحدة في دهره إن استطاع إليه سبيلا إلي أشياء يلزمه معرفة جملتها ولا يعذر بجهلها، نحو تحريم الزنا والربا وتحريم الخمر والخنزير، وأكل الميتة والأنجاس كلها، والغصب والرشوة على الحكم، والشهادة بالزور وأكل أموال الناس بالباطل، وتحريم الظلم كله، وتحريم نكاح الأمهات والأخوات ومن ذكر منهن وتحريم قتل النفس" [جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، 1414هـ 1م24].








    Death Warrior سابقًا



  10. #55
    التسجيل
    08-01-2002
    الدولة
    ^=== Kingdom Of Saudi Arabia ===^
    المشاركات
    2,961

    Re: معلومات عن الإسلام

    ومن ثم كان العلم الذي هو إدراك الشيء على حقيقته أو نقيض الجهل أو الاعتقاد الجازم، أو الحجة الواضحة مما تضمنته أول آيات أنزلت على الرسول -صلى الله عليه وسلم- اقرأ باسم ربك.. [العلق: 1-5] كانت حثًا بليغا عليه حيث أمرت بالقراءة وثنت بالتعلم، وبينت أهم أدواته (القلم) وما ذلك إلا لأنه وسيلة العمل، وقائده، وهو تابع له، ومؤتم به، وشرط في صحته وصحة القول، فلا يعتبران إلا به، كما أنه مصحح للنية التي هي شرط في صحة العمل.

    ولهذا كان القول على الله بغير علم من الكبائر قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق، وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون [الأعراف: 33] وليس من شك في أن العلم الشرعي هو أصل العلوم التي يحتاج إليها الإنسان، ومنه العلم بالله وأسمائه وصفاته، والعلم بما أخبر الله به مما كان من الأمور الماضية وما يكون من الأمور المستقبلية، وما هو كائن من الأمور الخاصة والعلم بما أمر الله به من الأمور المتعلقة بالقلوب والجوارح وما يتعلق بها من أحوال. والعلم بأصول الإيمان. وعلى ذلك فأهم متطلبات الحياة البشرية السوية من العلم هو ما كان متصلا بحياتها اليومية من معرفة ما يحل وما يحرم، أي ما كان متصلا بعبادتها بالمعنى الشامل للعبادة الذي لا تند عنه خالجة من النفس، أو كلمة على اللسان أو حركة من جارحة قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين [الأنعام: 162-163].

    وذلك يعني شموله لكافة جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، فالعلم الذي يستوعب حركة الحياة كاملة هو الفقه في الدين حقيقة. فبالعلم بهذا المعنى تقوم العدالة، وتحدد الحقوق وتصان، وبه تتحقق ملاءمة الفطرة السوية، والقدرة على مسايرة التطور زمانا ومكانا حيث تستوعب مستجدات الحياة وأحوالها.

    ولما كانت الغاية من خلق الإنسان هي عبادة الله وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون [الذاريات: 56] وكان العلم هو أداة تمكين الإنسان من هذه العبادة، وكان الإنسان في الحقيقة هو الذي يعبد الله يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد.. [الأعراف: 31] فلا يحصل له من الإنسانية إلا بقدر ما يحصل له من العبادة التي من أجلها خلق، فمن قام بها حق القيام فقد استكمل الإنسانية، ومن رفضها فقد انسلخ من الإنسانية، فلا يكون الإنسان إنسانا حقيقة إلا بالدين، ولا ذا بيان إلا بمقدرته علـى الإتيان بالحقـائق الدينية الرحمن علم القرءان، خلق الإنسان، علّمه البيان [الرحمن: 1-4].

    فابتداء الآيات بعد اسم الله جل جلاله الرحمن بتعليم القرآن، قبل خلق الإنسان ثم الامتنان بتعليم البيان بعد الخلق تنبيه على أنه بتعليم القرآن يكون الإنسان إنسانا على الحقيقة، وأن البيان الحقيقي المختص بالإنسان يحصل بعد معرفة القرآن إلا أن الامتنان بتعليم العباد معاني القرآن وألفاظه يدل على عظم تلك النعمة لاشتمال القرآن على كل خير وزجره عن كل شر و والله إنها لنعمة وأي نعمة، ولا يجهل قدرها إلا كل ختار كفور.

    فجهة العلم على الحقيقة ما نص في الكتاب أو في السنة أو في الإجماع أو أن يقاس على هذه الأصول ما في معناها، وليس لأحد أن يقول في شيء حلال ولا حرام إلا من جهة العلم كما نقل ابن عبد البر عن الشافعي رحمهما الله.

    وحقيقة العلم: هي كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: {ليس العلم عن كثرة الحديث إنما العلم خشية الله} وحده: ما اشتيقنته وتبينته وله صفة الثبات، والحصول على هذا القدر من العلم أي المعرفة إما أن يكون بالضرورة العقلية أو بالضرورة الحسية أو بالكسب والاستدلال، وأصل علم الأنبياء وعملهم هو العلم بالله والعمل لله كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية.

    وتبليغ هذا العلم ونشره مقصد نبوي قائم بذاته غير مقصد الفهم والعمل، فقد دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمستمع العلم وحافظه ومبلغه "نضّر الله امرأ سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه" [أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1/24-3] وأخبر -صلى الله عليه وسلم- أن الفقه في الدين من علامات سعادة الإنسان "من يرد الله به خيراً يفقّهه في الدين" [طرف من حديث، متفق عليه]، وأخبر عن نفسه -صلى الله عليه وسلم- بأنه بعث معلما ميسرا في قوله: "إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا، ولكن بعثني معلماً ميسراً" [أخرجه ابن ماجه في سننه]، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، وآخر آتاه الله حكمةً فهو يقضي بها ويعلّمها" [أخرجه البخاري]، قال صلى الله عليه وسلم:"من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقاً إلي الجنة، وما قعد قوم في مسجد يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه" [أخرجه الترمذي]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من سلك طريقاً يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم.." [أخرجه أبو داود]، وقال -صلى الله عليه وسلم- : "إلا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم" [أخرجه الترمذي] وقال -صلى الله عليه وسلم- : "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث؛ صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" [أخرجه مسلم]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "الناس عالم ومتعلم وما بين ذلك هو همل لا خير فيه" [أخرجه الدارمي].








    Death Warrior سابقًا



  11. #56
    التسجيل
    08-01-2002
    الدولة
    ^=== Kingdom Of Saudi Arabia ===^
    المشاركات
    2,961

    Re: معلومات عن الإسلام

    والمسلمون الذين تلقوا عـن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك النصوص وأدركوا قيمتها وطبقوها في حياتهم كانوا أسبق بذلك إلى إلزامية التعليم الحديث بنص القرآن والسنة وأقوال العلماء وتطبيقاتهم التي ربطت بين العلم والعمل، حذراً من إنذار الله الشديد لمن يخالف فعله قوله يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون .. [الصف: 2-3] وأتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أ فلا تعقلون [البقرة: 44]. وما ذلك إلا لأنهم كانوا يدركون أن العلم لا يكون صحيحا سليما ما لم تصاحبه نية صالحة وإخلاص لله في طلبه باعتبار أن تلك النية هي أول منازل العلم.

    ومن بين صور الحث على طلب العلم -لمنزلته العالية في الدين- بعبارات بليغة جامعة ما قاله سفيان الثوري: ويحكم اطلبوا العلم فإني أخاف أن يخرج العلم من عندكم فيصير إلى غيركم فتذلون، اطلبوا العلم فإنه شرف في الدنيا وشرف في الآخرة، وقال: ما يراد الله -عز وجل- بشيء أفضل من طلب العلم.

    ولعل من أبلغ صور الحث على طلب العلم وبيان مكانته وأهميته للحياة ما أخرجه ابن عبد البر من حديث معاذ بن جبل رضى الله عنه الذي يقول فيه: تعلموا العلم فإن تعليمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة؛ لأنه معالم الحلال والحرام . ومنار سبيل أهل الجنة وهو الأنس في الوحشة، والصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والسلاح على الأعداء، والزين عند الأخلاء، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة وأئمة يقتص آثارهم، ويحتذى بأفعالهم، وينتهى إلى رأيهم، ترغب الملائكة في ظلهم، وبأجنحتها تمسحهم، يستغفر لهم كل رطب ويابس، وحيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه، لأن العلم حياة القلوب من الجهل، ومصابيح الأبصار من الظلم، يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار والدرجات العلى في الدنيا والآخرة، والتفكر فيه يعدل الصيام، ومداومته تعدل القيام، به توصل الأرحام، وبه يعرف الحلال من الحرام، هو إمام العمل، والعمل تابعه، يلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء.

    وهذه المنزلة العالية في حياة المسلمين هي التي وجهت المسلمين قديما وحديثا للحرص على العلم، فالمهتدون من الناس يريدون أن تصحّ عبادتهم لتقبل عند الله، ولا سبيل لذلك خارج نطاق العلم . لأنه هو الذي تحصل به الهداية إلى الصراط المستقيم، ويتبين به طريق أهل النعيم من طريق أهل الجحيم، ومن ثم كان معلم الناس الخير هو من يستغفر له كل شيء حتى الحوت في الماء والطير في الهواء بسعيه في مصلحة الخلق وإصلاح دينهم ودنياهم. ولهذا كان فضل العلماء عظيما ومكانتهم في الأمة كبيرة ومنزلتهم عالية وآثارهم الحسنة كثيرة . ولو أغفل العلماء جمع الأخبار وتمييز الآثار، وتركوا علم كل نوع إلى بابه، وكل شكل من العلم إلى شكله لبطلت الحكمة وضاع العلم ودرس، ولكن الله -عز وجل- يبقى لهذا العلم قوما -وإن قلوا- يحفظون على الأمة أصوله، ويميزون فروعه فضلا من الله ونعمة، ولا يزال الناس بخير ما بقي الأول حتى يتعلم منه الآخر ولهذا حث جل جلاله على العناية بتخصيص فئة من المسلمين للتعلم والتعليم في قوله سبحانه وتعالى : وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون [التوبة: 122]، وامتن -جلّ جلاله- على الأمة ببعثة سيد الخلق المعلم الهادي في قوله سبحانه وتعالى: هو الذي








    Death Warrior سابقًا



  12. #57
    التسجيل
    08-01-2002
    الدولة
    ^=== Kingdom Of Saudi Arabia ===^
    المشاركات
    2,961

    Re: معلومات عن الإسلام

    بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين [الجمعة: 2]، وعلى هذا فإن عماد الناس -بعد الله- حقيقة على العلماء في الفقه والعلوم وأمور الدين والدنيا، وهم أئمة الدين وورثة الأنبياء، ورثوا عنهم العلم، حملوه في صدورهم، واصطبغت به حياتهم، فاستحقوا أن يكونوا رأس الجماعة، كما وصفهم ابن مسعود رضي الله عنه في قوله: المتقون سادة والعلماء قادة، ولعل هذه المنزلة في الدين هي التي بوأت العلماء مكان الصدارة في حياة الناس لما حباهم الله به من فضل، وما خصهم به من مزايا، وما شرفهم به من الثناء في نصوص قرآنية نكتفي بإيراد بعضها لدلالته على المقصود مثل قوله جل جلاله: شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم [المجادلة: 11] وقوله جل جلاله: يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات [الأعراف: 18] وقوله سبحانه وتعالى: قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون [الزمر: 9]، وقوله جل جلاله: وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون [العنكبوت: 43] وقوله سبحانه وتعالى:إنما يخشى الله من عباده العلماء [فاطر: 28] فهي نصوص بالغة الدلالة على فضل العلماء ومنزلتهم العالية في الدين وفي الإمامة، وقد كثرت كذلك النصوص النبوية المبينة لفضل العلماء ومكانتهم لا نستقصيها هنا لوفاء ما نورد فيها بمتطلبات المعنى المراد. ومنها قوله -صلى الله عليه وسلم- : "العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظه أو بحظ وافر" [أخرجه الترمذي وأحمد في مسنده]، وقال -صلى الله عليه وسلم- في إجابة سائل عن الشر: "لا تسألوني عن الشر، واسألوني عن الخير يقولها ثلاثا، ثم قال: ألا إن شر الشر شـرار العلماء وإن خير الخير خيار العلماء" [أخرجه الدارمي في مقدمة سننه]، موطن الشاهد قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وإن خير الخير خيار العلماء"، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ثم تلا هذه الآية إنما يخشى الله من عباده العلماء -إن الله وملائكته وأهل سماواته وأراضيه والنون في البحر يصلون على الذين يعلمون الناس الخير" [أخرجه الدارمي في مقدمة سننه]، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن مثل ما بعثني الله به -عز وجل- من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجاديب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها، وسقوا ورعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء، ولا تنبت كلاً، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه بما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به" [أخرجه البخاري في الفضائل في صحيحه]، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب" [طرف من حديث أخرجه أبو داوود في العلم من سننه] وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "فقيه أشد على الشيطان من ألف عابد" [أخرجه الترمذي]، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم" [أخرجه الترمذي]، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم". ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير" [أخرجه الترمذي] وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من قوم يجتمعون في بيت من بيوت الله يتعلمون القرآن ويتدارسونه بينهم إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده" [طرف من الحديث أخرجه مسلم]. وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدى بها في ظلمات البر والبحر فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة" [أخرجه أحمد في مسنده (12139)].








    Death Warrior سابقًا



  13. #58
    التسجيل
    08-01-2002
    الدولة
    ^=== Kingdom Of Saudi Arabia ===^
    المشاركات
    2,961

    Re: معلومات عن الإسلام

    ولاشك أن في تلك النصوص القرآنية والنبوية الكاشفة عن عظيم قدر العلماء ومنزلتهم العالية في دنيا الناس وفي الدين الحق الذي ختمت به الرسالات دلالة قاطعة تدل على أن مجتمع المسلمين الصالح مجتمع ميزته الأساسية الإيمان المؤسس على اليقين الذي قام الدليل على صحته من الهدى والفرقان، إذ الإيمان الصحيح والعمل الصالح هما دعامتا الفلاح في الدنيا والآخرة. يقول الإمام الشافعي رحمه الله : فإنه من أدرك علم أحكام الله في كتابه نصا واستدلالا، ووفقه الله للقول والعمل بما علم، فاز بالفضيلة في دينه ودنياه، وانتفت عنه الريب ونوّرت في قلبه الحكمة، واستوجب في الدين موضع الإمامة. ومن ذلك يتبين أن أصل إطلاق العلم إنما هو للعلم الشرعي الذي به تحصل الهداية، لكن سعة مدلول العلماء بالصورة التي وردت في آية فاطر إنما يخشى الله من عباده العلماء [فاطر: 28] بعد ذكر أصناف المعارف التي تشيع اليوم في الحياة مما يتفق مع ضرورة تأسيس الحياة في جوانبها المختلفة على العلم، ويتفق كذلك مع ما ذكر من مكانه العلم عند المسلمين، حتى يمكن استيعاب كافة جوانب حياة المسلمين، وهو أيضا مما يؤكد أهمية التخصصات العلمية المختلفة لهذه الحياة، ويضفي المكانة الطبيعية على العلماء في صنوف المعرفة شريطة أن تكسبهم معرفتهم خشية الله التي هي في الحقيقة مدار وصف الإنسان بالعلم "وستكون فتن يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا إلا من أحياه الله بالعلم" [أخرجه ابن ماجه في الفتن].

    وربما كان من المناسب إيراد بعض الأقوال المفيدة في بيان فضل العلم والعلماء حرصا على زيادة الإيضاح ولما سبق بيانه من نصوص. فقد نسب إلى أبي هريرة وأبي ذر رضي الله عنهما قولهما: {باب من العلم يتعلمه أحب إلينا من ألف ركعة تطوع}، وباب من العلم يتعلمه عمل به أو لم يعمل به. كما نسب إلى عبيد الله بن أبي جعفر قوله: العلماء منار البلاد، منهم يقتبس النور الذي يهتدى به. وتفضيل العلم على العبادة جاء عن جمع من السلف منهم مالك والشافعي وأحمد وسفيان الثوري، وتفاوتت عباراتهم في ذلك، لكنها كلها تجمع على تفضيل العلم على التطوع في صنوف العباداتإلا أن كلام سفيان يفيد أن طلب العلم أفضل من الجهاد لأنه قدم العلم على باقي الأعمال.

    والأحاديث التي وردت في شأن تقديم العلماء على الشهداء من جنس "يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشهداء" و"يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء" و"للأنبياء على العلماء فضل درجتين، وللعلماء على الشهداء فضل درجة" وصفت كلها بالضعف ولا يصح منها شيء.

    ونحن في الحق في غنى عن الاستناد إلى الضعيف، فقد ثبت فضل العلم والعلماء بما نقلناه من نصوص الوحي، ويكفي ذلك في الدلالة على المكانة العالية والمنزلة الرفيعة في الدين للعلم والعلماء، إضافة إلى ما ورد بشأن الثواب الذي ينتظره العلماء في الآخرة مثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من علم علما فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل" [أخرجه ابن ماجه]، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "العالم والمتعلم شريكان في الأجر.." [طرف من حديث أخرجه ابن ماجه].

    ولعل من المناسب في سياق الحديث عن العلم وفضله وأهمية نشره في العالمين التأكيد على أن حسن الديباجة وإشراقة الأسلوب مطلبان حتى يحقق العالم لعلمه أسباب الانتفاع به من إثارة ذهنية ومتعة وجدانية باعتبارهما مدخلين نفسيين مهمين لمخاطبة الناس وتعليمهم. وربما كان من المهم في ختام الحديث عن مكانة العلم وفضله وفضل العلماء ورفعة شأنهم إيراد قول جميل منسوب إلى جعفر بن محمد وهو: وجدنا علم الناس كله في أربع: أولها أن تعرف ربك، والثاني أن تعرف ما صنع بك، والثالث أن تعرف ماذا أراد منك، والرابع أن تعرف ما تخرج به من دينك؟ أو ما يخرجك من دينك.

    وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


    نهاية الفرع الثاني من القسم الخامس وايضًا نهاية القسم الخامس








    Death Warrior سابقًا



  14. #59
    التسجيل
    08-01-2002
    الدولة
    ^=== Kingdom Of Saudi Arabia ===^
    المشاركات
    2,961

    Re: معلومات عن الإسلام

    القسم السادس والأخير:مفاهيم وقضايا معاصرة:1-موقف الإسلام من العولمه:
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين… أما بعد:

    فإن الدراسات المتعلقة بالمستقبل، أصبحت تشغل الجامعات ومراكز البحث في العالم أكثر من أي وقت مضى. ولم يعد القائمون على التخطيط للتنمية والاستثمار يقفون عند دراسة التاريخ في الماضي والتفكر في الحاضر، ولكنهم إضافة إلى هذا يستشرفون المستقبل باحثين عن بدائل احتمالاته وإعداد العدة للتعامل معها. ونتيجة لهذا، فإنهم يحسنون استثمار الزمن أولاً، كما يحسنون استثمار الطاقات البشرية والمادية، على السواء.

    ومن أهم ما يطل على الساحة العالمية، ويشغل بال علماء الاقتصاد والاجتماع والتربية والسياسة في الوقت الحاضر ما يشار إليه بـ "العولمة". وهي توجه جديد يبدو أنه سينضمّ إلى جملة المؤثرات المعاصرة على مستقبل العالم بعامة والعالم الإسلامي بخاصة.

    لذلك، لا بد أن يكون الحديث عن "موقف الإسلام من العولمة في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والسلام والأمن". ويقتضي المنهاج العلمي أن أبدأ بتحديد مفهوم "العولمة"، وهو مفهوم لم يتفق عليه بعد بين العلماء والباحثين. ومن ثم فإنني سوف أجتهد في تحديد هذا المفهوم، مشيراً إلى أن اجتهادات المثقفين تختلف بالنسبة للعولمة المعاصرة.

    فنجد فريقاً يراها - بما امتطت من تقانة متقدمة وإعلام غلاّب - تهدد هويتنا، ومن ثم ينبغي أن توصد الأبواب والنوافذ دونها، وأن نرفضها كلا وتفصيلاً.

    ويرى فريق آخر أنها بشير تقدم ورقي. وكيف لا وهي آتية من مجتمعات متقدمة، وتمتطي أحدث ما وصل إليه العصر من أساليب الاتصال وتقانته، ومن ثم ينبغي أن نفتح لها الأبواب والنوافذ، وأن نغتنم الفرصة بالأخذ بمعطياتها لإفادة الأمة الإسلامية من ثمراتها.

    وهناك فريق ثالث يرى أن نأخذ منها المفيد ونتقي شر ما تأتي به من مثالب. وأمام هذه الرؤى المختلفة والمتعارضة - أحياناً - نرى أهمية فتح حوار عن العولمة، لعلنا نصل فيها إلى كلمة سواء.

    أولاً: مفهوم العولمة:

    سوف أعرض هنا مفهومين للعولمة:

    الأول: أشير إليه بمفهوم "العولمة كما ينبغي أن تكون" وهو تصور للعولمة التي يتكافأ فيها الشمال مع الجنوب.

    الثاني: أسميه "المفهوم المعاصر للعولمة" وسوف أحاول استقراءه من واقع التطبيق الفعلي المعاصر للعولمة.

    أ- مفهوم العولمة كما ينبغي أن يكون:

    يمكن فهم "العولمة" - على وجه العموم - من الناحية الاصطلاحية بأنها حركة تهدف إلى تعميم تطبيق أمر ما على العالم كله.

    فمثلاً عبارة "عولمة تنقية البيئة" تعني جعل البيئة في جميع أنحاء العالم، بيئة نظيفة ومناسبة، لأن تحيا الكائنات الحية فيها حياة صحية. وتعني عبارة "عولمة الاقتصاد" جعل الاقتصاد في جميع أنحاء العالم يتبع النظام نفسه، ويطبق الأساليب ذاتها، ويستخدم آليات بعينها، لصالح جميع الشعوب دون تمايز بينها. وتعني عبارة "عولمة السلام" أن تتعاون جميع الدول لحفظ السلام في العالم، كما تتعاون على قتال المعتدين. وهذا المفهوم يستتبع استفساراً مهما عن إجراءات الأخذ بهذه العولمة. فهل تتبنى مختلف دول العالم هذه "العولمة" اختيارًا، بمعنى أنها تستشار في صياغة أسسها، وتخطيط أساليبها، وتحديد آلياتها، وأنها تتمتع بالحرية المطلقة في قبولها أو رفضها في النهاية؟ إذا كانت إجابة الأسئلة السابقة "نعم" فإن العولمة حين تسود جميع دول العالم، فإنّ هذا يكون بناء على اختيار حر وإرادة مستقلة منها. وتكون العولمة بذلك ظاهرة صحية.

    ويمكن تطوير مفهومها ليكون: حركة قامت على اختيار جميع دول العالم اختياراً حراً، لتعميم تطبيق أمر ما عليها جميعاً، دون تمايز بينها.

    وحيث إن العلم الحديث والتقانة المتقدمة هما مطية العولمة، ومع مراعاة التعددية الثقافية والخصوصية الدينية والحضارية للشعوب، وسعياً إلى تحقيق الأمن والرفاه والسلام للجميع، يمكن أن ننتهي إلى تحديد مفهوم "العولمة كما ينبغي أن تكون" على النحو التالي:

    توظيف التقدم العلمي التقاني المعاصر، لتحقيق الأمن والسلام العالميين، والسعي لتحقيق الرفاه لجميع دول العالم، وبناء علاقات هذه الدول على أساس التعامل مع التعددية الثقافية، والخصوصية الدينية والحضارية.








    Death Warrior سابقًا



  15. #60
    التسجيل
    08-01-2002
    الدولة
    ^=== Kingdom Of Saudi Arabia ===^
    المشاركات
    2,961

    Re: معلومات عن الإسلام

    ب- مفهوم العولمة المعاصرة:

    باستقراء التاريخ يتبين أن العولمة المعاصرة ليست جديدة، ولا هي وليدة وقتنا الحاضر. فهي ظاهرة نشأت مع ظهور الإمبراطوريات في القرون الماضية. ففي السابق حاولت الإمبراطوريات -مثل الإمبراطورية الرومانية والإمبراطورية الفارسية- أن تصبغ الشعوب التي تبسط نفوذها عليها بثقافتها، وتسعى لترسيخ هذه الثقافة في مختلف جوانب حياة هذه الشعوب. وقد عملت هذه الإمبراطوريات لتوجيه قيم هذه الشعوب وتقاليدها وحضارتها، وفق أنماط الحياة التي تريدها. فكانت هذه الخطوة نحو العولمة.

    وقد لبست هذه العولمة عدة أثواب أخرى، منها الثوب العسكري ومنها الاستعمار، ومنها استنزاف الموارد، فقد قام الشمال باحتلال بلاد الجنوب متعللاً بشتى الأسباب، وعن طريق هذا الاحتلال تحكم في مقدرات البلاد واستنزاف مواردها، وغرس ثقافته فيها، وكانت هذه خطوة أخرى نحو العولمة. واليوم، وقد تفوق الشمال على الجنوب بما حاز من علم وتقانة، وبما امتلك من وسائل الدمار الشامل، أصبح الشمال مصدر الإنتاج في مختلف المجالات، وأصبح الجنوب مستهلكاً لهذا الإنتاج. ولكي يقنن الشمال هذه العلاقة، أطلق نداءه بالعولمة وأخذ بأسباب تحقيقها في مختلف الميادين. وينظر البعض إلى العولمة المعاصرة، بأنها:

    آليات اقتصادية وأسواق عالمية، وجدت إطارها المقنن في اتفاقية التجارة العالمية، التي تضع الاقتصاد أمام الإنسان، وتهدر سيادة الدولة ومصلحة الفرد لحساب السيطرة الاقتصادية، ومن ثم فلابد من أن تتصادم مع التراث الثقافي لمختلف الشعوب، نظرا إلى أنها تنزع إلى صياغة ثقافة كونية تهدد الخصوصية الثقافية للمجتمعات.

    وينظر آخرون إلى العولمة المعاصرة بأنها:

    هيمنة المفهوم الغربي، الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي، على العالم. ومن ثم فإنها تفرض على الآخرين - ليس فقط ما يتعلق بتخطيط التنمية، وإنشاء البنى التحتية والخدمات الأساسية - ولكن تتعدى هذا إلى البنى الثقافية والحضارية.

    ومن هنا يمكن أن يحدد مفهوم العولمة المعاصرة بأنه:

    سعي الشمال عن طريق تفوقه العلمي والتقني للسيطرة على الجنوب تربوياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، بدعوى مساعدته على التنمية الشاملة وتحقيق العدالة في الاستثمار والرفاه للجميع.

    وعلى الرغم من أن هذا التعريف يوضح النظرة الاستغلالية للشمال، إلا أن هناك أساليب كثيرة - لا يتسع المجال لذكرها - يمكن أن يستفيد بها الجنوب من العولمة. فعلى سبيل المثال يمكنه الاستفادة من معطيات التقدم العلمي التقاني الذي تستخدمه العولمة، في توسيع خطواته نحو التقدم. كما يمكنه أن يستنهض قدراته الذاتية، وأن تتضامن مجتمعاته في مواجهة تحدياتها، وفي توجيه القرارات الدولية الوجهة السليمة.



    ثانياً: النظام السياسي بين الشورى والديمقراطية:

    إن هدف العولمة المعاصرة، هو التمكين للنظام الديمقراطي على النمط الغربي، من حيث الأخذ بالتعددية، وإعطاء فرص لحرية التعبير، وإبداء الرأي من خلال قنواته. والنظام الديمقراطي كما يطبقه دعاة العولمة عليه مآخذ كثيرة، منها أنه في غالب الأحوال لا يمكن من الحكم إلا لفئة معينة، ويتحكم في الانتخابات فيه: رأس المال، والقبلية والنزعات العرقية والعنصرية والنفوذ، وتؤثر في مصداقيته الأمية والدعم الإعلامي.

    ولإضفاء الشرعية على إقحام الديمقراطية الغربية في حياة الشعوب الأخرى، ادعى الغرب أن عدم تطبيقها فيه جور على حقوق الإنسان، وحقوق الأقليات. ولا شك أن "حقوق الإنسان" يمكن أن تقرب بين دول العالم، إذا طبقت بموضوعية وتجرد. ولكن حقوق الإنسان - كما يطبقها دعاة العولمة - لم تراع الخصوصية الدينية والثقافية والأعراف الصحيحة للمجتمعات، بل أصبحت وسيلة للتحيز المقيت. فعلى سبيل المثال، حقوق الإنسان - كما تطبق في العولمة - لا تساوي بين حقوق الإنسان الفلسطيني أو البوسني أو الألباني، وحقوق الإنسان اليهودي أو الصربي، كما تسمح في ظل العولمة بالتحيز ضد يهود الشرق في إسرائيل، ولكنها لا تسمح بمقاومة المنحرفين عن نظام المجتمع في الكثير من بلدان العالم.

    وبالنسبة لنا نحن المسلمين، فإن لدينا الأفضل والأنسب لحياة البشر جميعاً، وهو نظام الإسلام الذي يقوم الحكم فيه على الشورى والعدل وتطبيق شرع الله. والشورى وسيلة للوصول إلى الرأي الأصوب لأنه رأي الجماعة. والجماعة هنا لا يقصد بها الأغلبية المطلقة، كما هو الحال في النظام الديمقراطي الذي يعتمد على الأغلبية العددية وحدها، ولكن المقصود بالجماعة هنا الجماعة المؤهلة للاستشارة. ومن أهم ما ينبغي أن يتوافر في هؤلاء أن يكونوا ممن يتقون الله في القول والعمل ولا يخشون أحداً إلا إياه، ويعملون على تحقيق منهاجه في الأرض، وأن يكونوا ممن لديهم العلم والخبرة الكافية، فيما يستشارون فيه.

    وبناءًا عليه فإن المستشار في الإسلام يصدق الحاكم القول. أما عن مدى صواب ما يشير به، فعلمه وخبرته يؤهلانه - بعد توفيق الله - للوصول إلى الصواب. ومع ذلك فهو بشر يخطئ ويصيب، ولكنه يتحرى الصدق والصواب في كل حال. وجماعة الشورى يذكر بعضهم بعضا، ويتناصحون ويتحاورون ويرجعون إلى الكتاب الكريم والسنة المطهرة فيما استشكل عليهم من أمور. قال الله سبحانه وتعالى عن المسلمين: وأمرهم شورى بينهم (الشورى 38)، وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: وشاورهم في الأمر (آل عمران، 159).








    Death Warrior سابقًا



صفحة 4 من 6 الأولىالأولى 123456 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •