عجبا لحال الإنسان عندما تفتح له الدنيا أبوابها يركض نحوها كثورٍ أهوج , لا يتبع عقله بل كان لغريزته تباعا , لذلك سرعان ما يجد كل شيء استطاع تكوينه عندما كان باب الدنيا مفتوح قد فقد , نعم يجب أن يفقد لأنه بناه على أسس واهية , و بعد ان يفقد المرء كل شيء يجد نفسه في حلبة يصارع فيها الفشل , و كثير من الناس ينسحب من ذلك النزال مع الفشل ليعيش و الفشل ملازم له طيلة درب الحياة , و أنا ممن أجبروا على منازلة الفشل رغم عدم فشلي , جعلوه لصيقا لي رغم أنه يكرهني , يريدون النجاح لهم و الفشل لي , بنوا نجاحهم على فشلي , قد لا أكون فاشلا أمام الناس لكنني فاشل أمام نفسي , إنني متأكد من أنكم الآن تفكرون فيمن هؤلاء الأشخاص الذين بنوا مجدهم على فشلي أمام ذاتي؟!
لا يهم من يكونون , لأن معرفتهم لا تفيد , المهم هنا أنا و نظرتهم لي , قالوا عني لست بكاتب نثري لا علم لي من الأدب و البلاغة شيئا سوى حروف لغتنا الأبجدية , أيضا كانت نظراتهم تلاحقني باستمرار لعدم تحقيقي الانجاز الدراسي الذي يرغبون به رغم أن طريق دراستي لم ينتهي بعد , و يا ليت الفشل كان عند ذا الحد واقفا بل لا حقني إلى أبعد من ذلك , حيث سخروا من هوايتي و حبي الأول , و قالوا عنها هي للأطفال خصصت , و أنت كبرت و لكن عقلك صغيرا لأنك تحبها , صغروا عقلي لأني أحببت هوايتي , قالوا عنها للصغار و في الغرب الذي يقلدونه حذو القذة بالقذة اتخذت هذه الهواية للكبار , أنا أعلم أنكم قد عرفتم من هم هؤلاء الأشخاص الذين جعلوا الفشل صديقي رغم أننا أعداء , لكن أنا لن أرضخ له فعزيمتي انطلقة من قمقمها الذي حجزت فيه دهر طويلا خشيت عليها فيه أن تضعف , لكن ما في خاطري الآن يدور , جعل عزيمتي قادرة على نسف الجبال , و سأري غيري أن مجدي سأكون له بانيا , و إن سدوا بالسلاسل أبواب دروب مجدي فبيدي سأصنع درب مجدي و إن أخذ هذا عمري كله , فأنا و الله ما خلقت لأمرحا , أو يأتي بعض نفر من جنس الأرض و يجعلوا الفشل وشما على صدري , فأنا سأنحت مجدي في الجبال , و أرسم لوحاته في السماء من الغيوم , أنا لست ضعيف لكي أرجع القهقرا , و ليس الفشل ديدني و لا هو صديقي , فطالما ظفرت بعزيمةٍ للجبال ناسفةً و دينٍ في قلبي أزرع حب اتباعه فأنا واثق بإذن الله أني سأجقق مجدي و أصنع ذاتي و أفعل ما عجز عنه غيري , و أري الجميع كيف أنني لست مثلهم أدفن نفسي في رمال الفشل .