بسم الله الرحمان الرحيم..
هذه هي المرة الثانية التي أقرأ فيها قصة خيالية للأخ (كوباج)..
لكن القصة هذه المرة لم تخل من بعض الواقعية بخلاف الأولى (همس الأموات).. و كما قلت في ردي على القصة الأولى أنه كلما كان الخيال أكثر كلما تحرر الكاتب و سهلت عليه مهمة تقديم الأسباب و النتائج.. بالضبط كما الفرق بين الرسوم المتحركة و الفلم..
أما الواقعية فتحتم على الكاتب إيجاد تفسيرات واقعية كي تتلاءم مع جو القصة و طابعها.. و إلا وجد القارئ تناقضا و بونا في الأحداث و الوقائع.. و هذا شأن قصتك هاته.. (المكـان)..
رجل المقبرة ذو العين الواحدة ؟... الحمار البشع ؟... الغربـان ؟... الجثة المفحمة ؟... شبيه الإمام ؟... ما تفسير كل هذا ؟.. و ما علاقته بأحداث القصة الدرامية، الاجتماعية...
قد اتضح لي أنك مزجت ما بين قصتين بخصوصيات مختلفة... قصة رعب و غموض + قصة دراما تراجيدية !.. ربما لأنك مولع بأدب الفانتازيا.. لكن كان عليك البحث عن روابط منطقية تجمع بين الأحداث و تفسرها بالنهاية.. و إماطة الغموض عن القصة من أهم مميزات هذا النوع من الأدب..
ملاحظة أخرى بشأن نوع السرد و طريقته.. فكما هو واضح، استعملت السرد بضمير المتكلم.. الراوي الذي يعلم كل شيء عن الحكاية، فكان محيط بها من كل جانب..
" لا زلت أتذكر تلك الليلة جيدا "..
لكن في نهاية القصة ظهر راو جديد و حكى عن الراوي الأول.. و كيف مات !..
أسمعك تقول إن هذه التقنية تسمى "تعدد الرواة".. نعم، أعرف هذه الطريقة جيدا و قد استعملها (نجيب محفوظ) كثيرا في رواياته.. لكنك لم تضع فصولا محددة تبين فيها كيف انتهت القصة مع الراوي الأول و انتقلت للثاني.. فهذه نقطة في غاية الأهمية يجب أن تتحقق في القصة إن أردت استعمال هذه التقنية..
ثم، نفس ما أشرت إليه في قراءتي لقصة (همس الأموات).. إهمال الرعب النفسي للشخصيات... فمثلا، تأمل في هذه العبارة..
- العين اليمنى.. سليمة.. اليسرى .. فارغة... عدت بعدها مسرعاً الى البيت !..
ألا تلاحظ أن مشاعر الشخصية غائبة تماما.. فهل كان خائفا حينها أم لا مباليا أم ماذا ؟.. لا تقل إن ذلك واضح، لكن يجب توضيحه..
و أخيرا، هذه بعض الأخطاء التي لفتت انتباهي..
- و عاد (إلى) أدراجه... و عاد أدراجه
- اخذ ينادي حنان، و لكنها لم (تجيب)... لم تجب
- فهبينا لإنقاذه... فهببنا
و إلى قراءة أخرى لقصة من قصصك الشيقة، أستودعك الله..