انهيت دارستي في المعهد الصحي بعد مشقة..فلم أكن منضبطا في دراستي..ولكن الله سبحانه يسر لي التخرج..
وعينت في أحد المستشفيات القريبة من مدينتي..الحمدلله أموري متيسرة..وأعيش بين والديّ..
قررت أن أجمع مهراً لزوجتي..وهو ماتحثتي عليه والدتي كل يوم..كان العمل يسير بشكل جديّ ومرتب..خاصة وأن عملي بمستشفى عسكري..
كنت أحب الحركة لذلك نجحت في عملي نجاحا طيبا..مقارنة بدراستي النظرية المملة..
المستشفى يضم موظفين من مختلف الجنسيات تقريبا..وكانت علاقتي بهم علاقة عمل..كما أنهم كانوا يستفيدون من وجودي معهم كابن للبلد..فأنا دليلهم للمناطق الأثرية..والأسواق..كما أنني كنت أذهب ببعضهم إلى مزرعتنا..وكانت علاقتي بهم قوية..وكالعادة..عند نهاية عقد أحد الموظفين..كنا نقوم بعمل حفلة توديع..
وفي أحدالأيام قرر أحد الأطباءالبريطانين السفر إلى بلاده لانتهاء مدة عمله معنا..
تشاورنا في إقامة حفل وداع له..وكان المكان المحدد هو مزرعتنا..تم الترتيب بشكل عام..ولكن كان يأخذ جلّ تفكيري..ماهي الهدية التي سأقدمها له..وبخاصةأنني عملت ملازما له لفترة طويله..وجدت الهدية القيمة والمناسبة في نفس الوقت..هذا الطبيب يهوى جمع القطع التراثية..وبدون تعب ولامشقة..والدي لديه الكثير من هذه القطع..فكان أن سـألته..وأخذت منه قطعة تراثية من صنع المنطقةقديماً..وكان ابن عم لي حاضراً الحوار مع والدي..
وأضاف لماذا لاتأخذ له هديةعلى شكل كتاب عن الإسلام..أخذت القطعةالتراثية..ولم آخذكلام ابن عمي على محمل الجد..إلاأن يسرلي الأمربدون بذل جهد..ذهبت من الغد لشراءالصحف والمجلات من المكتبة..فوجدت كتاباً عن الإسلام باللغةالانجليزية..عادت كلمات ابن عمي ترن في أذني..راودتني فكرةشرائه خاصةأن سعره زهيدجداً..أخذت الكتاب..ويوم الاحتفال بتوديع زميلنا..وضعت الكتاب وسط القطعةالتراثيةوكأني أخبئه..قدمت هديتي..وكان وداعاً مؤثراً..فهذا الطبيب محبوب من جميع العاملين..
سافرصاحبنا..مرت الأيام والشهورسريعة..تزوجت ورزقت طفلاً..

******************
ذات يوم وصلتني رسالةمن بريطانيا..قرأتهابتمهل فقد كانت باللغةالإنجليزية..مبدئياًفهمت بعض محتوياتها..والبعض لم أفهمه..عرفت أنها من صديق قديم طالما عمل معنا ولكني رجعت إلى ذاكرتي..أسمه أول مرة اسمعه..بل وغريب على سمعي(ديف الله)هذا هو أسمه..أغلقت الرسالةأحاول أن أتذكرصديقاًاسمه (ديف الله)ولكنني عجزت عن تذكر شخص بهذا الأسم..فتحت الرسالةقرأتهامرةأخرى..بهدوء انسابت الحروف ببساطة وسهولة..وهذا جزء من رسالته..
الأخ الكريم ضيف الله..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..لقديسرالله لي الاسلام وهداني على يديك..فلن انسى صداقتك معي..وسأدعو لك....أتذكر الكتاب الذي أهديتني إياه عند سفري..لقدقرأته ذات يوم وزادت لهفتي لمعرفة الكثير عن الاسلام..ومن توفيق الله لي انني وجدت على غلافه عنوان ناشر الكتاب..فارسلت لهم أطلب المزيد..فارسلوا لي ماطلبت..والحمدلله شع نورالاسلام في قلبي..وذهبت للمركز الاسلامي وأعلنت اسلامي..وغيرت اسمي من جون إلى(ضيف الله)أي إلى اسمك..لأنك صاحب الفضل بعد الله..كما انني أرفق للك صورةمن شهادةإشهار إسلامي..وسأحاول القدوم إلى مكةالمكرمةلأداءفريضةالحج..أخوك في الاسلام..ضيف الله..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أغلقت الرسالة..بسرعةأعدت فتحها..بدأت أقرأها من جديد..
هزتني الرسالةبقوة..لأنني أشعربالصدق في كل حرف من حروفها..بكيت كثيراً..كيف أن هدى الله رجلاُ إلى الاسلام علي يدي وأنا مقصر في حقه..كتاب لايساوي خمسةريالات يهدي به الله رجلاً..
أصابني حزن..وفرح
فرحت أن الله هداه للإسلام بدون جهد مني..وحزنت كثيراً..لأنني سألت نفسي أين أنا الفترة الماضيةعن العاملين معي..لم أدعهم للإسلام..لم أعرفهم بهذا الدين..
ولا كلمة عن الاسلام تشهد لي يوم القيامة..
لقدحادثتهم كثيراً..مازحتهم كثيراً..ولكنني لم أحدثهم عن الاسلام لا قليلا ولاكثيراً..
هدى الله ضيف الله للاسلام..وهداني إلى محاسبة نفسي وتقصيري في طاعته..لن أحقر من المعروف شيئاً ولو كتاب بريال واحد فقط..
فكرت قليلا لو أن كل مسلم أهدى من هم حوله كتاباً واحداًفقط..ماذا يكون..لكتي صدمت مرة أخرى..من هول ماقرأت..
بعض الحقائق عن افريقيا تقول:
-تم جمع مبلغ 139ألف مليون دولارفي أمريكا لاغراض الكنيسة
-تم تجنيد3968100مبشر نصراني خلال نفس السنة
-وُزّع من الأنجيل 112564400نسخة
هذه الأحصائية مأخوذةمن المجلةالدوليةلابحاث التنصير الاميريكية..العدد1مجلد11-1987م..
تساءلت..اين نحن..على اقل الاحوال..
-كم سائق لدينا غير مسلم..وكم خادمةلديناغيرمسلمة..
-كم..وكم..ألمٌ تسبقه دمعة..ولكن يبقى السؤال..
أين العمل..
أين العمل..؟؟
تمت.. (منقول)