النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: يوم المؤمن وليلته وحب الله ورسوله

  1. #1
    التسجيل
    15-01-2005
    المشاركات
    35

    البكاء من خشية الله

    البكاء من خشية الله


    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:-

    أيها الأحبة: كم مرة ذرفت أعيننا من خشية الله؟ كم مرة تأثرت قلوبنا بكلام الله تعالى؟ من منَّا وقف عند قوله تعالى واصفاً الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:{إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} (58) سورة مريم.ثم بكى وسجد باكياً

    أو وقف عند قوله -تعالى- وهو يصف أهل العلم والصلاح والهدى:{وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا}(109) سورة الإسراء. فتأثَّر واقتدى بهؤلاء؟

    أيها الأحبة: إن البكاء من خشية الله -تعالى- مقام عظيم، وهو مقام الأنبياء والصالحين ، إنه مقام الخشوع وإراقة الدموع من الخوف من الله، إنه التعبير عن حزنٍ القلب وانكسار الفؤاد.

    إن البكاء من خشية الله تعالى من أعظم الأمور التي يحبها الله تبارك وتعالى فعن أبي أمامة - رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين، قطرة من دموع في خشية الله، وقطرة دم تهراق في سبيل الله... الحديث).

    أيها الإخوة الأفاضل:

    إن البكاء من خشية الله سبب النجاة من هول القيامة، وسبب تزحزح من عذاب يوم الطامة كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله - وذكر منهم: (رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه).

    بل قد صرح - عليه الصلاة والسلام- باستحالة دخول من بكى من خشية الله النار فقال - عليه الصلاة والسلام-: (لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم).وقال - عليه الصلاة والسلام- أيضاً: (عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله).



    ولذلك - أيها الأحبة الأكارم – كان نبينا صلى الله عليه وسلم من أشد الناس خشية وبكاء لله قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه-: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (اقرأ علي سورة النساء ) قال: قلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: (إني أحب أن أسمعه من غيري) قال: فقرأت عليه حتى إذا انتهيت إلى قوله: ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد ) الآية.. فرفعت رأسي فإذا عيناه تهملان) . أي تدمعان.

    وقال عبد الله بن الشخِّير - رضي الله عنه-: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يصلي وفي صدره أزيزٌ كأزيز الرحى من البكاء).

    وقال عليه الصلاة السلام:والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله ..

    وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: لما نزلت {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ} (59-60) سورة النجم. بكى أصحاب الصُّفَّة حتى جرت دموعهم على خدودهم، فلما سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بكى معهم فبكينا ببكائه، فقال - صلى الله عليه وسلم-: (لا يلج النار من بكى من خشية الله، ولا يدخل الجنة مصر على معصية، ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون فيغفر لهم).

    وهكذا كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- فقد كانوا أتقى الناس، وأكثرهم خشية لله بعد الأنبياء صلوات الله عليهم. قال هانئ مولى عثمان - رضي الله عنه-: كان عثمان إذا وقف علىقبر بكي حتى يبل لحيته فقيل له: تذكر الجنة والنار، ولا تبكي وتبكي من هذا؟ قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن القبر أول منزل من منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعد أشد منه).

    وعن عرفجة قال: قال أبوبكر الصديق - رضي الله عنه-: من استطاع منكم أن يبكي فليبكِ ومن لم يستطع فليتباكَ. وقرأ ابن عمر - رضي الله عنهما- {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ} فلما بلغ {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} فبكى حتى خر وامتنع من قراءة ما بعده.

    وبكى أبو هريرة - رضي الله عنه- في مرضه فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: أما إني لا أبكي على دنياكم هذه، ولكن أبكي على بعد سفري، وقلة زادي! وإني أمسيت في صعود على جنة أو نار، لا أدري إلى أيتهما يؤخذ بي.. هكذا كان سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، فهذا الحسن البصري يبكي، فقيل: ما يبكيك؟ قال: أخاف أن يطرحني غداً في النار ولا يبالي.

    وهذا أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز بكى يوماً بين أصحابه فسئل عن ذلك فقال: فكرت في الدنيا ولذاتها وشهواتها فاعتبرت منها بها، ما تكاد شهواتها تنقضي حتى تكدرها مرارتها، ولئن لم يكن فيها عبرة لمن اعتبر، إن فيها مواعظ لمن ادَّكر).

    وقال أبو سليمان: عودوا أعينكم البكاء وقلوبكم التفكر.

    أيها الأحبة: إن البكاء من خشية الله -تعالى- دليل على أن العبد يخشى مولاه ويراقبه، وهو كذلك دليل على صلاح العبد واستقامته، وصفاء قلبه، وهو كذلك طريق موصل إلى محبة الله ورضوانه، وهو دليل على رقة القلب واستجابته لمولاه، وهو سمة من سمات الخاشعين، ومورث الخوف من الله رب العالمين، وهو علامة بارزة على صحة إيمان المؤمنين. ألا فلنبك من خشية خالقنا ومولانا، ولنبك على ذنوبنا وخطايانا. والسعيد من وعظ بغيره والعاقل من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أعطى نفسه هواها وتمنّى على الله الأمانيّ..

    اللهم ارزقنا قلوباً خاشعة، وأعيناً باكية يا أرحم الراحمين، والحمد لله رب العالمين...


  2. #2
    التسجيل
    15-01-2005
    المشاركات
    35

    حب الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

    حب الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    روى الإمام البخاري رحمه الله قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر ابن الخطاب. فقال له عمر: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب عليك من نفسك" فقال عمر: فإنه الآن لأنت أحب إلي من نفسي. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "الآن يا عمر".
    لا أحد يستكمل الإيمان إن لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه وماله والناس أجمعين، ذاق حلاوة الإيمان من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.. فمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم نور يستضاء به ليسير العبد وتسير الأمة على خطى رسول الله صلى الله عليه وسلم لنيل محبة الله عز وجل: " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله". محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم نعمة عظمى ومنة كبرى.
    ولقد ضرب الصحابة الكرام المثل في التفاني في محبة شخصه الكريم صلى الله عليه وسلم حتى فدوه بالأنفس.. فهذه سيدتنا أم عمارة تباشر القتال في أحد، وتذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف، وترمي بالقوس حتى خلصت الجراح إليها، تعرض نفسها للسيوف والنبال..امرأة تقف صامدة مقاتلة خوفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    ويوم حنين، تقف سيدتنا أم سليم تتحدى الأعداء بخنجرها بعد أن انهزم المسلمون مستعدة للقتال والذود عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
    وكان من الصحابيات من وهبت نفسها ومالها وأبناءها فداءا لرسول صلى الله عليه وسلم، مثل سيدتنا أم سليم التي وهبت رسول الله صلى الله عليه وسلم نخلات .فعن أنس ابن مالك قال: لما قدم المهاجرون إلى المدينة من مكة وليس بأيديهم وكان الأنصار أهل الأرض و العقار فقاسمهم الأنصار على أن يعطوهم أنصاف ثمار أموالهم كل عام ويكفوهم العمل والمئونة فكانت أعطت أم أنس (وهي أم سليم) رسول الله صلى الله عليه وسلم عذاقا (نخلات) رواه البخاري ومسلم
    بل وهبت أكثر من ذلك..وهبت فلذة كبدها لخدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أنس قال:" جاءت بي أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله هذا أنيس ابني أتيتك به يخدمك فادعوا الله له رواه مسلم. وفي رواية البخاري: فكن أمهاتي يواظبنني على خدمة النبي صلى الله عليه وسلم فخدمته عشر سنين.
    يواظبنني أي يحرضنني على المواظبة والمثابرة، أمهات سيدنا أنس الطينيات من أم وجدات .. وأمهات معنويات من مرضعات وكل النساء المسلمات، كلهن حريصات على هذا الخير محبة فيه صلى الله عليه وسلم.
    كانت الصحابيات يعرفن فضله وقدره وكرمه على مولاه فكن لا يدعن فرصة للتبرك بشخصه الشريف إلا اغتنمنها بركة لهن ولصبيانهن:عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل بيت أم سليم فينام على فراشها وليست فيه. قال: فجاء ذات يوم فنام على فراشها فأتت فقيل لها: هذا النبي صلى الله عليه وسلم نام في بيتك على فراشك قال: فجاءت وقد عرق واستنقع (اجتمع) عرقه على قطعة أديم (جلد) على الفراش ففتحت عتيدتها (صندوق صغير تجعل المرأة فيه ما يعز من متاعها) فجعلت تنشف ذلك العرق فتعصره في قواريرها. ففزع النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما تصنعين يا أم سليم؟ فقالت يا رسول الله نرجو بركته لصبياننا قال: "أصبت". رواه مسلم.
    وسار التابعون على خطى الصحابة في محبته وهيبته وإجلال قدره الشريف، ولنستمع إلى القاضي عياض وهو يتحدث عن الإمام مالك قال: وقال مصعب ابن عبد الله: كان مالك إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يتغير لونه وينحني حتى يصعب ذلك عن جلسائه. وقيل له يوما في ذلك، فقال: لو رأيتم لما أنكرتم علي ما ترون: لقد كنت أرى محمد ابن المنكر، وكان سيد القراء، لا نكاد نسأله عن حديث أبدا إلا بكى حتى نرحمه. ولقد كنت أرى جعفر بن محمد (وهو الإمام جعفر الصادق من آل البيت) وكان كثير الدعابة والتبسم، فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم اصفر لونه. وما رأيته يتحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على طهارة. ولقد اختلفت إليه زمانا فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال: إما مصليا وإما صامتا، وإما يقرأ القرآن. ولا يتكلم فيما لا يعنيه، وكان من العلماء والعباد الذين يخشون الله
    قال الإمام: ولقد كان عبد الرحمان بن قاسم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم فينظر إلى لونه كأنه نزف من الدم، وقد جف لسانه في فمه هيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد كنت آتي عامر بن عبد الله بن الزبير، فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى لا يبقى في عينه دموع. ولقد رأيت الزهري، وكان لمن أهنأ الناس وأقربهم، فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم فكأنه ما عرفك ولا عرفته. ولقد كنت آتي صفوان ابن سليم، وكان من المتعبدين المجتهدين فإذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى، فلا يزال يبكي حتى يقوم الناس عنه ويتركوه"
    هؤلاء الأصحاب والأحباب..فكيف يارب اللحاق بهم والسير في ركبهم؟
    لنستمع إلى الحديث الذي رواه ابن خزيمة وصححه ابن حبان في صحيحه والحاكم وغيرهم ورواه ابن ماجه عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم: "أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة، فإنه يوم مشهود، تشهده الملائكة وإن أحد لا يصلي علي إلا عرضت علي صلاته حتى يفرغ منها" . قال: قلت: وبعد الموت؟ قال: "وبعد الموت، إن الله حرم الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء". و أخرج البراز بسند صحيح عن ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال: "حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم. ووفاتي خير لكم، تعرض علي أعمالكم. فما رأيت من خير حمدت الله، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم".

    صلى الله عليك يا رسول الله يا من قرن الله محبته باتباعه وحبه.

    لومك يا عاذلي اعتـــــداء *** ويحـك أقصر من العنـاد
    حـــب النبي من حـب ربي *** حب ثـوى مهجة الفـؤاد
    وذاك ديني وعقد قلبـــــي *** وحجـتي في يوم التنـادي

  3. #3
    التسجيل
    16-01-2004
    الدولة
    Qatar
    المشاركات
    5,742

    مشاركة: حب الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

    جزاك الله خير اخوي على الموضوع ....

  4. #4
    التسجيل
    15-01-2005
    المشاركات
    35

    حب الله ورسوله

    حب الله ورسوله
    استكملت الإيمان من أعطت لله، ومنعت لله، وأحبت لله، وأبغضت لله. كما جاء في حديث الترمذي عن معاذ بن أنس الجهني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعند الإمام أحمد من حديث البراء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله". وهما حديثان قويان. "من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله فقد استكمل الإيمان". حديث أبي داود عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه.

    استكملت الإيمان من أصبحت أعمالها مطهرة من النفاق، مخلَصة لوجه الله تعالى. بواعثها القلبية لا تُكذِّب أفعال جوارحها. تعرض كل أفعالها على الشريعة لتتأكد من أن ما تأتي وما تذر، ما تعطي وما تمنع، ما تحب وما تبغض، لا يُملي الهَوَى والشيطان أوامره، ولا توسوس به النفس المُراوغة الممانعة لمقتضى الشرع.
    إنها أعمال قلبية تزكي الأعمال الجوارحية، إنه إخلاص الوجهة لله تعالى، إنه إمساك واستمساك بالعروة الوثقى بدل التشبث بحبال الدين الرث البالي.
    إخلاص الوِجهة لله تعالى نية وعملا هو لب الإيمان وقلبه، فإن تحرّت أمة الله الصواب الشرعي في عملها فهي على طريق الصلاح. رائدها ومَرْمَى طرْف إرادتها أن تكون مرآتها التي تجلو لها أحوال إيمانها قولُه تعالى يأمر نبيهُ ويأمرنا: )قل إن صلاتي ونُسُكي ومحياي ومماتِيَ لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أُمِرْتُ وأنا أول المسلمين(. (سورة الأنعام، الآيتان: 164-165).
    استكملت الإيمان من ذاقت طعم الإيمان يومَ أصبح الله ورسوله أحبّ إليها مما سواهما، ويوم أحبت المومنات لا تحبهن إلا لله، ويوم كرهت ماضيَ غفلتها أو تيهتها كما تكره أن تقذف في النار. قلبُها مُفْعم بالشكر لله الحنان المنان الذي أنقذها من خِضم الفتنة وأتاح لها سفينة النجاة.
    لا يتساكَن الإيمان المكتمل، الإيمان الذي له طَعم وحلاوة ومذاق، في قلب المومن مع الحسابات الصغيرة والضغائن الحقيرة والإحساسات المريرة من حقد، وحسد، وأنانية، وحب رئاسة، وحرص على الدنيا وهوىً في متاعها الفاني كما يتمتع اللاهون العابثون بأعمارهم. إنما يتساكن الإيمان المكتمل مع حب الخير للمسلمين، وللناس أجمعين، ولخلق الله عامة: "لا يومن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". حديث نبـوي متفق عليه من طريق أنس بن مالك رضي الله عنه.
    لا يصلُح الإيمان ويكتمل إلا بصلاح القلب، وإخلاص أعمال القلب، وصواب الطاعات بموافقتها للشرع. فإن اطّلعت المومنة على دخائل نفسها فوجدت الكَدَر والظلمة بدل الصفاء والنور، فلتراجع حسابها مع ربها عز وجل، ابتداء من التروك التي تعهدت بها في عقد "بيعة النساء"، ثم تصحح فصول الحلال والحرام لتكتشف من أين دخل عليها الكدر، ومن أية كُوّةٍ نفسية تسرب الظلام. الحرام كدر وظلام تغشى القلب آثاره فتعتِّمهُ وتُسَوّده وتمْرِضه.
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحلال بين، والحرام بين، وبينهما مشَبَّهاتٌ لا يعلمها كثير من الناس. فمن اتقى المشبهات فقد استبْرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشُّبُهات وقع في الحرام كَراعٍ يرعى حول الحِمى يوشك أن يقع فيه. ألا وإن لكل ملكٍ حِمى، ألا إن حِمَى الله في أرضه محارمُه. ألا وإن في الجسد مُضْغَةٌ إذا صلَحت صلَح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله. ألا وهي القلب". رواه البخاري عن النعمان بن بشير رضي الله عنه.
    تراجع حسابها ومراقِي سلم دينها هذه الطامحة للكمال إن وجدت في نفسها ما يضُرّ ولا يسُرّ.
    مراقي الدين تعلمها الصحابة رضي الله عنهم في مشهد ملائكي فريد لكي يكون وقع التعليم مؤثرا عميقا دائما. تعلموا أن الدين سلم مرقاته الأولى إسلام، والثانية إيمان، والثالثة إحسان.
    افتتح الإمام مسلم صحيحه بحديث جبريل، هذا الحديث الذي لا تمل المومنات من حفظه وتحفيظه وفقهه وتفقيهه وعلمه وتعليمه حتى لا يستقر عند المسلمات والمسلمين أن الدين مرتبة واحدة، الناعسة على عتبتها كالصاعدة في سلمها يحدوها حب الله والشوق إلى الله والإخلاص لله.لا تستوي تلك وهذه.
    روى عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله عنهما قال: "بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثَر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند رُكبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخِذَيه (أي أن الداخل وضع كفيه على فخذيْ نفسه) وقال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتُقيمَ الصلاة، وتوتيَ الزكاة، وتصومَ رمضان، وتَحُج البيت إن استطعت إليه سبيلا". قال: صدقت! قال (عمر): فعجبْنا له يسأله ويُصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان.قال: "أن تومن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخِرِ، وتومنَ بالقدَر خيرِه وشرِّه". قال: صدقت! قال: فأخبرني عن الإحسان. قال: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك". الحديث. وروى مثلَه البخاري من طريق أبي هريرة رضي الله عنه.
    ثم سأل الرجل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة وأشراطها، فذكر له في رواية عند مسلم عن أبي هريرة أن من شروطها أنْ يُرَى "الحفاة العُراة الصم البكم ملوكَ الأرض". وأن يُرى "رِعاءُ البَهم يتطاولون في البنيان".
    انطلق "الرجل" بعد أن سمع أجوبة النبي صلى الله عليه وسلم. قال عمر: فلبثتُ مَلِيّا، ثم قال لي (النبي صلى الله عليه وسلم): "يا عمر! أتدري من السائل؟". قلت: الله ورسوله أعلم! قال: "فإنه جبريل، أتاكم يعلمكم دينكم".
    هذا الدين ما هو بسيطٌ مستوٍ وصعيدٌ متساو. بل هو مراقٍ يُصعد عليها، وعقبات تقتحم، ودرجات في الآخرة ينالها الناس على مقادير خلوص الأعمال وصفاء القلوب.
    هاهي أشرفَت على مطالع الإحسان من أتقنت أركان إسلامها الخمس وأرست أساسها على متين العلم، ثم عَمَرَت ظاهر البنيان الإسلامي بالأعمال والأخلاق والقربات الإيمانية، وصفت القلب من الشوائب حتى صلَحت المضغة لإيواء أنوار الإحسان. يدخل حب الله وحب رسوله فينير الجنَبَات.
    ترتدُّ إحداهن خائبة العزم كليلة الإرادة خامدة الهمة، وتنكُص على عقبها، وتتساقط بما أخلّتْ من شرائط الإسلام والإيمان، وبما نفضت يدها من جماعة المومنات حين جرحت كبرياءَ أنانيتها كلمةٌ ناصحة، وحين ضعُفت عن تحمُّل أعباء العمل الجماعي، وحين عَيِيَ صبرها عن الإغضاء والتسامح والبِر وحسن الخلق.
    تلك المرتدة المتساقطة يخاطب أمثالها ومثيلاتها قوله تعالى: )يأيها الذين آمنوا من يرتدِدْ منكم عن دينه فسوف ياتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلةٍ على المومنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم. ذلك فضل الله يوتيه من يشاء. والله واسع عليم(.(سورة المائدة، الآية: 56)
    الإحسان من شرائطه ذبح الكبرياء الزائفة والأنانية المتعالية لتكوني ذليلة على المومنات عزيزة على الكافرات. ذليلة بمعنى الملايَنة والمحبة التي تغطي على الهفوات، لا الذل بمعنى سقوط الهمة والارتماء على عتبة القوة والمال والشهوة.
    لا يمكث حب الله في قلب مومنة إن بقي في قلبها حب يساويه أو يفوقه. للحب الفطري مكانُه يعترف به الشرع، وللحب في الله مكانه يحث عليه الشرع. لكن كل ذلك باطل في باطل إن زاحم حب الله وحب رسوله أو نافسهما. قال الله تعالى: )قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربّصوا حتى يأتي الله بأمره. والله لا يهدي القوم الفاسقين(.(سورة التوبة، الآية: 24).
    للمشركين أنداد يحبونهم كحب الله. ولبنات الدنيا زينة الدنيا يحبِبْنها لاَ يُحببن الله. لكن الذين آمنوا واللاتي آمنَّ أشدّ حبّاً لله. بل يتمكن حب الله وحب رسوله في قلوبهن حتى يطرُد كل حب غيرَه لا يرخص فيه الشرع. وما رخص فيه الشرع من حب الأمهات والآباء والإخوان والأزواج ترى فيه المومنات نعما من الله يجب شكره عليها وحبه من أجلها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحِبوا الله لما يغذوكم من نعمه. وأحبوني لحب الله. وأحبوا أهل بيتي لحبي". رواه الترمذي والحاكم وصححه عن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
    يلتقي حبها لله بحب رسول الله لله، وبحب الله لرسوله، وبجامعة حب آل البيت المطهرين، على جادة الإحسان. وإن كان أحد أشد حبا لله فهو رسول الله الذي يقول في دعائه: "اللهم ارزقني حبك، وحب مَن ينفعني حبه عندك. اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوَّة لي فيما تحب. وما زوَيْتَ عني مما أحِب فاجعله فراغا لي فيما تحب". رواه الترمذي بسند حسن عن عبد الله بن يزيد الخطمي الأنصاري رضي الله عنه.
    في ثنايا قول المعلم صلى الله عليه وسلم: "أحبوا الله لما يغذوكم به" الخ الحديث، وفي ثنايا دعائه أن يجعل الله له ما رزقه قوة فيما يحب الله، تعليم رقيق يأخذ بيد النفس البشرية الضعيفة ليتدرج بها من تقدير الأرزاق إلى تعظيم الرزاق، ومن الارتياح للنعم إلى حب المنعم، ومن صرف قوة العطاء في خدمة الأهداف الدنيوية إلى توظيفها في اقتحام العقبة إلى مَحاب الله وإلى حب الله.
    نِعَم وأرزاق مجسدة فيما يغذونا به الرزاق المنعم سبحانه من غذاء الأجسام وكسوتها ونفقتها ورخائها. هذه الماديات، التي هي من ضروريات الحياة وكمالياتها، تصبح وسيلة ومرقاة للعروج من عالم الماديات الصماء العمياء إلى عالم الكمال الإيماني الإحساني.
    كيف تكون إذاً قيمة النعْمة العظمى والوسيلة الأرقى إذا تعلقنا بأذيال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحببناه! حبه أصل من أصول الإيمان. حبه دين. حبه وسيلة لحب الله.
    جاءه رجل فسأله عن الساعة متى هي؟ قال صلى الله عليه وسلم: "ما أعددتَ لها؟ قال: لا شيء غير أنني أحب الله ورسوله. فقال: أنت مع من أحببت". متفق عليه من طريق أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أنس: فما فَرِحْنا بشيء فَرَحَنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنت مع من أحببت. فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل أعمالهم.
    قرأنا في حديث تسلسلَ المحبة وتواصلها بين الله ورسوله وأهل بيت رسوله، وقرأنا في حديث أنس فرح الصحابة رضي الله عنهم لَمَّا بُشروا بفاعلية المحبة بين الله ورسوله والمومنين. هذا التواصل والتحاب بين العباد هو العروة الوثيقة التي نخصص لها الفقرة التالية بإذن الله. ولَهِيَ المفصِل والمَوْصل بين درجات الدين. والحمد لله رب العالمين.

  5. #5
    التسجيل
    15-01-2005
    المشاركات
    35

    يوم المؤمن وليلته

    يوم المؤمن وليلته
    بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه

    وإخوانه وحزبه

    لكل وقت عمله
    أخي المؤمن، أختي المؤمنة، يقول تعالى في سورة الملكالذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) وما بين الحياة والموت مجال زمني لعمل الإنسان، أي للعبادة. فعمرك هو رأس مالك، فينبغي أن تنظم وقتك بين الواجبات والأعمال المختلفة، حتى لا يطغى بعضها على بعض، إذ ليس المهم أن تعمل ما شئت متى شئت، بل المهم أن تعمل العمل المناسب في الوقت المناسب. فعليك أن تعرف ما يتطلبه الوقت من عمل القلب واللسان والجوارح وتتحراه وتجتهد في القيام به حتى يقع موقعه من الموافقة للمقصود، ومن القبول عند الله عز وجل. جاء في وصية أبي بكر الصديق لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين استخلفه: "اعلم أن لله عملا بالنهار لا يقبله بالليل، وعملا بالليل لا يقبله بالنهار".

    النقلة من زمن العادة إلى زمن العبادة
    فكيف السبيل لتؤدي رسالتك في هذه الحياة المحدودة، وتعيش سعادة الدارين؟ قال تعالى في سورة النحلمن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) آية 97. فبالإيمان والعمل الصالح تتحقق السعادة، وللإيمان شعب حصرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بضع وسبعين شعبة. ومن أعمال شعب الإيمان ما يلزم المؤمن مرة في العمر كالحج، ومنها ما يلزم مرة في السنة كصوم رمضان، ومنها ما هو موقوت مضبوط كالصلاة والزكاة، ومنها ما يسنح في أوانه وبمناسبته كعيادة المريض، وتشييع الجنازة، ومنها ما هو فرصة دائمة كإماطة الأذى عن الطريق، ومنها ما هو صفة نفسية مصاحبة كالحياء، ومنها ما ينبغي أن يصبح عادة راسخة كقول: لا إله إلا الله.
    لكن المؤمن يجب أن تكون في حياته اليومية معالم لتكون قدمه راسخة في زمن العبادة والجهاد لا في زمن العادة واللهو. قال عارف بالله: "من أمضى يوما من عمره في غير حق قضاه، أو فرض أداه، أو مجد أثله، أو حمد حصله، أو خير أسسه، أو علم اقتبسه، فقد عق يومه، وظلم نفسه! " فهناك أوقات المهنة والأسرة والمدرسة والشغل، فيجب ألا يمنعك توقيت زمن الوظائف الدنيوية عن إقامة الصلاة في الجماعة والمسجد ما أمكن، فإن لم تكن جماعة ومسجد فواجبك أن تؤلف حولك المصلين في معملك وإدارتك ومدرستك، وتتخذ لهم مسجدا وأذانا وإماما ودقائق وعظ ودعوة.
    فبماذا ستبدأ يومك وبماذا ستختمه ؟ وما هو مفتاح النقلة من زمن العادة إلى زمن العبادة ؟

    الوتر النبوي وآدابه
    يبدأ المؤمن يومه ساعة، أو سويعة إن تكاسل – ولا ينبغي له- قبل الفجر يصلي الوتر النبوي إحدى عشر ركعة. مثنى مثنى ويتبأس ويتمسكن فالصلاة إقبال العبد على الله، وأفضل صلاة بعد الفريضة جوف الليل كما جاء في الحديث. والطريق القصير والسبيل السوي للدخول على الله عز وجل هو طريق العجز والفقر والشفقة والتفكر، وإظهار ذلك كله أمام الله سبحانه وتعالى وليس أمام الناس. وبين كل ركعتين لابد من التضرع لله والتبأس والتمسكن متوجها بقلبه إلى ربه ضارعا باكيا تجري دموعه على خديه، وأن لا يرى الشخص من نفسه إلا القصور والنقص والعجز والفقر وأن كل محاسنه وكمالاته إحسانٌ من فاطره الجليل، ويتقبلها نعما منه سبحانه، فيشكر عندئذ بدل الفخر، ويحمد بدل المباهاة. فتزكية النفس في هذه المرتبة هي في سر هذه الآية من سورة الشمس: ( قد أفلح من زكاها)، وهي أن تعلم أن كمال النفس في معرفة عدم كمالها، وقدرتها في عجزها أمام الله، وغناها في فقرها إليه روى الإمام أحمد عن المطلب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصلاة مثنى مثنى تشهد في كل ركعتين وتبأس وتمسكن وتقنع يديك وتقول اللهم اللهم فمن لم يفعل ذلك فهي خداج". قال شعبة: فقلت: صلاته خداج؟ قال: نعم. فقلت له: ما الإقناع؟ فبسط يديه كأنه يدعو. وروى ابن حبان في صحيحه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجب ربنا من رجلين: رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين حبه وأهله إلى صلاته، فيقول الله جل وعلا لملائكته: انظروا إلى عبدي ثار عن فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبة في ما عندي وشفقة مما عندي!…"
    ثم يجلس بعد الانتهاء من الصلاة للاستغفار. قال تعالى في شأن الفائزين بالنعيم المقيم في دار الخلود في سورة الذاريات: ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون) الآيات 15-18.

    أجر حجة وعمرة
    الجلسة بعد صلاة الصبح إلى الشروق سنة. فذاك زمن مبارك يحافظ عليه المؤمن ما أمكن تلاوة وذكرا (مبتدئا بأذكار الصباح المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وتعلما وحفظا، قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن: "اللهم بارك لأمتي في بكورها". وأخرج الترمذي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس كانت له كأجر حجة وعمرة" قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تامة تامة تامة" قال الترمذي حسن غريب.

    صلاة الأوابين
    صلاة الضحى، صلاة الأوابين (من ركعتين إلى ثمان ركعات حسب المتاح). قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: "ابن آدم، اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره" رواه أحمد وغيره وسنده جيد.

    بيت في الجنة
    السنن الرواتب ( هي التي تكون قبل الفريضة أو بعدها) والنوافل: ركعتان قبل الفجر، ركعتان بعد الوضوء سنة سيدنا بلال. أربع ركعات قبل صلاة الظهر تفتح لها أبواب السماء وركعتان بعدها، ركعتان قبل العصر، ركعتان قبل المغرب وست ركعات بعدها، ركعتان قبل العشاء وأربع ركعات بعدها. والمحافظ على الرواتب يبنى له في كل يوم صلاها بيت في الجنة كما روى الإمام مسلم وغيره. وليوتر قبل النوم من لا يقوى على القيام قبل الفجر، أو يخاف فوات الوقت، ووتر السحر أمثل.

    التجارة الرابحة
    جلستان صباحا ومساء لقراءة وردك من القرآن في المصحف بخشوع وتدبر وتفهم لمعانيه فتلك تجارة رابحة لن تبور. قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام مسلم: "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه". حزبان على الأقل وهي رخصة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لتكون ختمة للقرآن في كل ثلاثين يوما. من لا يحفل برسالة ربه، من يهجر كتاب مولاه إليه فهو همَل. وبقدر صفاء النفس وطهارة القلب تكون الاستفادة من القرآن، قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: "لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من تلاوة كتاب ربكم". اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا وجلاء همنا.

    سور وآيات فاضلة
    نظرا لما لبعض السور والآيات القرآنية من فضائل وفوائد عاجلة وآجلة كالتحصين والحفظ والنجاة من أنواع الأذى، وتفريج الكربات والمغفرة ورفع الدرجات وغيرها، فقد وردت في فضل قراءتها أحاديث نبوية شريفة، فعلى المؤمن المداومة على تلاوتها وجعلها وردا يوميا وهي: *سورة الفاتحة بعد الاستعاذة والبسملة. ثم*"ألم" البقرة إلى " المفلحون" و*آية الكرسي إلى "خالدون" و*"آمن الرسول" إلى آخر السورة. و*آل عمران من البدء إلى "الميعاد" ثم من *"شهد الله" حتى "سريع الحساب" ثم من *"قل اللهم مالك الملك" إلى"بغير حساب" ثم من *"إن في خلق السماوات والأرض" إلى آخر السورة. ثم *خواتم سورة التوبة من "لقد جاءكم رسول" إلى آخر السورة 7 مرات. و*خواتم سورة الكهف من "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا" إلى آخر السورة. ثم*سورة السجدة كلها. ثم*سورة يس كلها، ثم*خواتم حم غافر من بدء السورة إلى"إليه المصير". ثم *حم الدخان كلها. ثم*خواتم سورة الفتح من"محمد رسول الله" إلى آخر السورة. ثم *الواقعة. ثم *المسبحات (الحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن). ثم *سورة تبارك الملك. ثم *سورة الأعلى. ثم *سورة الضحى. ثم *سورة الشرح. ثم*العلق. ثم *القدر. ثم *الزلزلة 4 مرات. ثم *التكاثر. ثم *العصر مرتان. ثم*قريش. ثم *الماعون. ثم* الكوثر 3 مرات. ثم *الكافرون 4 مرات. ثم *النصر 4 مرات. ثم *الإخلاص 3 مرات. ثم *الفلق والناس. ثم الختم بالفاتحة وأول البقرة إلى "المفلحون".

    ما يتجدد به الإيمان
    ثلاث جلسات من ربع ساعة على الأقل لذكر الكلمة الطيبة، أعلى شعب الإيمان "لا إله إلا الله" فبها يتجدد الإيمان، مع حضور القلب مع الله عز وجل. روى الإمام أحمد بإسناد حسن أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:"جددوا إيمانكم قيل: يا رسول الله كيف نجدد إيماننا؟ قال: أكثروا من قول: لا إله إلا الله". لهذا ينبغي أن تكون هذه الكلمة الطيبة عادة راسخة في حياتك لا يفتر عنها لسانك، أخرج ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وقال صحيح، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون".

    كيف تحظى بالقرب من الرسول صلى الله عليه وسلم
    الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على الأقل 300 مرة في اليوم، وتخصيص ليلة الجمعة ويومها للصلاة عليه، فبها يخرجنا الله من الظلمات إلى النور، ويستنير قلبنا. أخرج الترمذي وابن حبان في صحيحه عن ابن مسعود رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة". وروى أبو داود والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سره أن يكال له بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل:"اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد".

    آداب النوم
    قبل النوم توجه لله عز وجل، وحاسب نفسك كيف قضيت يومك. فالتقي أشد حسابا لنفسه من سلطان غاشم، ومن شريك شحيح، كما قال التابعي الجليل ميمون بن مهران. وجدد التوبة، ونَم على طهارة وعلى ذكر الله (وخصوصا أذكار النوم)، وعلى أفضل العزائم، وليكونَ آخر عهدك باليقظة مناجاة ربك أن يفتح لك أبواب الجهاد والوصول إليه. فمن لم يغز ولم يحدث نفسه بغزو مات ميتة جاهلية. كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. ولا يحسن بك أن تطيل السهر فتضيع حق الغد، فمن لم يكن غده خيرا من يومه فهو مغبون.

    واجب طالب العلم
    إن كنت طالبا فابذل الجهد الكافي والوقت الكافي للمذاكرة. فأول واجباتك بعد الصلاة والتلاوة والذكر تحصيل الحد الأدنى من علوم الدين، ثم تبذل جهدك للنجاح في دراستك، فذلك جهاد مرحلتك. ويحسن بك أن تختار ما ينفعك قراءته من الكتب لدنياك وآخرتك فقد قال حكيم: أخبرني ماذا تقرأ أخبرك من أنت.

    مجالس الإيمان والزيارات الدعوية والدراسية
    خصص ساعة لجلستك الإيمانية مع إخوتك لتكون من الراتعين في رياض الجنة كما أخبر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فمجالس الذكر تملق العبيد لله ومرتع في رياض الله، أو لزيارة دعوة ودراسة ، فلأن يهدي الله على يدك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس.

    لا عمل بلا علم
    خصص سويعة من يومك تلزم نفسك فيها التفقه في الدين وذلك عن طريق المدارسة والرجوع إلى كتب الفقه الميسرة والواضحة، سعيا لإتقان شروط الطهارة والصلاة وسائر العبادات، فإن الله عز وجل لا يقبل العمل المخلص حتى يكون صوابا والصواب ما وافق السنة.

    قيمة الوقت في حياة المسلم
    قال الحسن البصري رحمه الله: " يا ابن آدم، إنما أنت أيام مجموعة، كلما ذهب يوم ذهب بعضك" فليكن وقتك بمثابة ميزانية تنفق منها، فكن بوقتك شحيحا أن تصرفه في الغفلة وتضيعه فيما لا يعني، واعلم أن الوقت الذي تندم عليه ولات ساعة ندم هو وقت لم تذكر فيه الله تعالى باللسان والقلب والجهاد لنصرة دينه. اقتصد في وقت نفسك ولا تضيع وقت إخوتك بالزيارات الطويلة وبقلة ضبط المواعد.

    دعاء الرابطة:
    مكانة الدعاء من الدين
    الدعاء مخ العبادة، ويتناول دعاء المسألة ودعاء العبادة. ودعاء المسألة هو ما تضمن سؤالا أو طلبا، ودعاء العبادة هو الذي يشمل جميع القربات الظاهرة والباطنة. وبهذا تكون جميع العبادات مندرجة في الدعاء. فيا أخي، لو لم يكن للدعاء من الفوائد إلا قربك من مولاك تعالى لكفى، فكيف وللدعاء من الفوائد والبركات الشيء الكثير. قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الترمذي وأحمد وابن ماجة: " ليس شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء ".

    دعاء حملة العرش للمؤمنين
    وما دام الإنسان قاصرا عن أن يعرف مصالحه، فإن الله عز وجل أرشده إلى أدعية في القرآن وأخرى في السنة النبوية، ومن الأدعية القرآنية دعاء الملائكة عليهم السلام للمؤمنين الصالحين، وهو تعليم لنا جاءنا من الله تعالى على لسان حملة العرش، لندعو للمؤمنين، قال تعالى في سورة غافر: (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم و يؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا، ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم، ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم) الآيات 7-9.



    بما ندعو؟ ولمن ندعو ؟
    ومن رحمة الله تعالى بخلقه أنه علمهم كيف يدعونه كما علمهم كيف يعبدونه، وخير الدعاء هو ما كان بكلماته سبحانه، فهو خير دعاء نتجه به إلى الله عز وجل لأنه من الله إلى الله.
    ومما أرشدنا إليه القرآن الكريم أن ندعو لأولئك الذين سبقونا بالإيمان بدءا من أبينا آدم وأمنا حواء عليهما السلام، ثم الذين أوصلوا إلينا هذا الدين القويم لأننا قد علمنا ديننا منهم وأخذنا من سيرهم القدوة. لقد كانوا أمناء في البلاغ، أمناء في العمل، أمثلة بارزة وهادية في العمل الخالص من أجل الدعوة. لذلك يعلمنا الحق عز وجل كيف ندعو لهم بقوله سبحانه من سورة الحشر: (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم) الآية 10.

    دعاء الرابطة والصحبة والجماعة
    ما سماه الشيخ البنا رحمه الله ورد الرابطة إنما هو تجسيم وتطبيق عملي لعقد الأخوة بين المؤمنين. ونرى دعاء الرابطة ضروريا لربط المؤمنين في جماعة. فإذا سرى معنى الربط بتكرار المجالسة، وتكرار الوقوف بين يدي الله في الصلاة، والعمل المشترك، والدعاء الرابط، التقت الصحبة بالجماعة ولم تكن الجماعة شكلا ولا الصحبة صحبة انفرادية.

    ثمرة دعاء الرابطة
    وبهذا الدعاء يشعر المؤمن بانتمائه إلى الموكب النوراني- موكب الإيمان والجهاد- من لدن آدم عليه السلام إلى يوم القيامة، فيدخل الداعي في بركة أمة الخير التي تولاها الله عز وجل، ويزداد صلة إيمانية ومحبة بمن يدعو لهم عن ظهر غيب من إخوته. وفي التشهد تعليم كذلك للمؤمنين دعاء الرابطة، إذ ندعو لكل الصالحين فنقول: "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين"، والذي يقول فيه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم :" فإذا قالها أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض " أخرجه الإمام مسلم.

    الدعاء لإخوتك من حسن الخلق
    وعلى نهج القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة صار الصحابة رضوان الله عليهم، فكان بعضهم يدعو لبعض عن ظهر الغيب بل في جوف الليل، واعتبروا ذلك من حسن الخلق لأنه دليل على صفاء القلب من الغل لإخوانه ومحبته لهم، روى البيهقي في شعب الإيمان أن أم الدرداء قالت: "بات أبو الدرداء ليلة يصلي فجعل يبكي وهو يقول : " اللهم أحسنت خلقي فحسن خلقي" حتى أصبح، فقلت : " يا أبا الدرداء ما كان دعاؤك منذ الليلة إلا في حسن الخلق"، فقال : "يا أم الدرداء إن العبد المسلم يحسن خلقه حتى يدخله حسن الخلق الجنة، ويسيء خلقه حتى يدخله سوء خلقه النار، وإن العبد المسلم ليغفر له وهو نائم". قال: فقلت: " يا أبا الدرداء!" قال: "يقوم أخوه في الليل فيتهجد فيدعو الله عز وجل فيستجيب له ويدعو لأخيه فيستجيب له فيه".

    الدعاء للمؤمن عن ظهر الغيب مستجاب
    وكان الواحد منهم إذا لقي صاحبه سأله الدعاء وخصوصا إذا كان مسافرا إلى أقدس بقعة مكة المكرمة. أخرج مسلم وأبو داود عن صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف وكانت تحته الدرداء قال: " قدمت الشام فأتيت أبا الدرداء إلى منزله فلم أجده ووجدت أم الدرداء فقالت: أتريد الحج العام ؟ فقلت: نعم. قالت: فادع لي بخير فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:" دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل ". قال:" فخرجت إلى السوق فلقيت أبا الدرداء فقال لي مثل ذلك يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم".
    وأخرج الترمذي وابن ماجة وأبو داود واللفظ للترمذي وقال: حسن صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في العمرة فقال:" أي أخي أشركنا في دعائك ولا تنسنا ".
    وأخرج ابن حبان في صحيحه والبزار في مسنده عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: " لما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم طيب نفس قلت يا رسول الله: ادع الله لي". قال:" اللهم اغفر لعائشة ما تقدم من ذنبها وما تأخر وما أسررت وما أعلنت". فضحكت عائشة حتى سقط رأسها إلى حجرها من الضحك فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيسرك دعائي؟ " فقالت: ومالي لا يسرني دعاؤك. فقال صلى الله عليه وسلم:" إنه لدعائي لأمتي في كل صلاة".

    الدعاء على أي أساس؟
    إلا أن الدعاء لا يكون مستجابا إلا بالعمل الصالح مصداقا لقوله تعالى في سورة آل عمران: ( فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب).
    وإلى هذه الحقيقة تشير سورة الفاتحة، فالمؤمن عندما يسأل الله أن يهديه الصراط المستقيم تأتي الآية الموالية لتؤكد أن هذا الصراط قد سلكه قوم من قبل وهم المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
    فبالمحافظة على يوم المؤمن وليلته، ووصل ما أمر الله به أن يوصل، يكون المؤمن قد سلك الطريق الذي سلكه المنعم عليهم وبذلك ينتفع بدعاء الرابطة ويقدمه خطوة لكي يستيقظ فيه الطلب. فدعاء الرابطة في فراغ من الحب في الله، والخلق الحسن، والعمل الصالح، لا معنى له.

    من آداب الدعاء
    وللدعاء آداب، فقد قال ابن عطاء الله السكندري: "إن للدعاء أركانا وأجنحة وأسبابا وأوقاتا، فإن وافق أركانه قوي، وإن وافق أجنحته طار في السماء، وإن وافق مواقيته فاز، وإن وافق أسبابه نجح. فأركانه حضور القلب والرأفة والاستكانة والخشوع، وأجنحته الصدق، ومواقيته الأسحار، وأسبابه الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم".

    " ... ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان "
    فينبغي للمؤمن أن يدعو بدعاء الرابطة، والأفضل وقت السحر عندما ينزل ربنا عز وجل إلى السماء الدنيا يدعونا هل من تائب وسائل ومستغفر، أو متى تيسر ذلك، فيفتح دعاءه بسورة الفاتحة ثم الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ويستغفر الله لذنبه ويسأل الله لنفسه ولوالديه وأهله وولده وذوي رحمه خيري الدنيا والآخرة ثم يصلي ويسلم على أنبياء الله ورسله من سيدنا آدم عليه السلام إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ذاكرا الأسماء التي ذكرها القرآن ومعمما لمن لم نعرف أسماءهم مستحضرا حديث سيد المرسلين عليه وعليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم: " إذا سلمتم علي فسلموا على المرسلين فإنما أنا رسول من المرسلين ". وذكر الثعلبي عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين يقول في آخر صلاته أو حين ينصرف:" سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ".
    وروى ابن أبي حاثم عن الشعبي والبغوي عن علي كرم الله وجهه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليقل في آخر مجلسه حين يريد أن يقوم: " سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين". ويذكرنا هذا المكيال الأوفى في حمد الله والسلام على المرسلين بالمكيال الأوفى في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي سبقت الإشارة إليه.
    ثم يترضى ويسلم على آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وذريته وأزواجه ذاكرا الأسماء الكريمة. ثم يترضى على الخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين بالجنة ذاكرا أسماءهم وأسماء من يستحضر من الصحابة ويعمم على المهاجرين والأنصار والصحابة أجمعين. ويترحم على التابعين وصالحي الأمة وأئمتها ذاكرا كل مرة أسماء البعض منهم ثم يتلو معمما الدعاء القرآني(ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم). ثم يدعو للمؤمنين المجاهدين في عصرنا والعلماء الصالحين ويعرض على الله حوبتنا ويستفتح للمجاهدين. ثم يخصص بالدعاء من يربطه بهم رباط المحبة والجهاد ويذكر الأسماء. ثم يسأل الله لأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الرحمة والمغفرة والنصر وخيري الدنيا والآخرة. ويتوجه في دعائه هذا لمستقبل الإسلام والخلافة والنصر على الأعداء ثم يختم الدعاء بالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم.

    الدعاء ذكر للآخرة
    وأعظم به من انجماع للقلب على الله، في أوقات الدعاء والمناجاة تلك، وأعظم به من ذكر للآخرة بالذكر اليومي لتلك الأرواح الطاهرة والسلام عليها. وإن ذكر الآخرة في سياق المناجاة والدعاء ارتفاع عن السفساف إلى المعالي التي يحبها الله.
    وإن مما يحبه الله بل أحب الأعمال إليه سبحانه ما أثبتته وداومت عليه، قال صلى الله عليه وسلم: " أحب الأعمال إلى الله الذي يدوم عليه صاحبه ". رواه البخاري.
    ويتوج دعاء الرابطة – بعد الانتهاء منه أو في وقت آخر- بهدايا قرآنية لعامة الأرواح الطاهرة، وهدية خاصة للوالدين. وفي وصول ثواب تلاوة القرآن رسالة قيمة للحافظ عبد الله بن الصديق الغماري رحمه الله تحت عنوان: توضيح البيان لوصول ثواب القرآن.

    حضور وتضرع
    ومن الحكم النبوية في أدعية اليوم والليلة والخاصة بالمناسبات أنها ليس فيها دعاء واحد في أمر معين، بل نجد أكثر من دعاء حتى لا يردد الدعاء دون تدبر وتمعن وبقلب لاه، قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي والحاكم: "واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب لاه" لهذا لا ينبغي للمؤمن أن يخصص صيغة معينة محفوظة لدعاء الرابطة بل يدعو بما ينشأ ويصدر عن قلب حاضر متضرع منكسر


ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •