صفحة 1 من 5 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 73

الموضوع: قصة جديده ( غضي بالنظر ) من تأليفي ...

  1. #1
    التسجيل
    10-01-2005
    الدولة
    qatar
    المشاركات
    226

    قصة جديده ( غضي بالنظر ) من تأليفي ...

    اعزائي ،، هذه اول محاولة لي في كتابة الروايات أو القصص .. فإن كان فيها اي خلل او قصور ، فاعذروني ... ولا تحرجوني ... اتمنى ان تنال على رضاكم .. وإعجابكم .. وإن لم تعجبكم ،، فيكفيني أن توجهوني لأخطائي في كتابتها ..
    شخصيات الروايه الأساسية ..

    ساره : بطلة الروايه ... عمرها 19 سنه
    خالد : بطل الروايه ... عمره 26 سنة
    محمد : أخ سارة ... عمره 28 سنة
    هيا : صديقة سارة وابنة عمها الوحيده ... عمرها 18 سنة
    منال : أخت سارة التي تصغرها ... عمرها 16
    شيماء : اخت سارة الكبرى ... عمرها 24 سنه
    عبدالله : والد سارة
    حمدة : والدة سارة
    حمد و نور : التوأمان أخوة سارة الصغار .... 4 سنوات .
    غدير : إبنة عمة سارة ...
    راشد و علياء : عم ساره وزوجته ...
    أحمد و ليلى : عمة سارة وزوجها ..
    الفصل الأول ... يوم السفر ........
    استيقظت سارة وابتسامة دافئة على شفتيها ،، فاليوم هو اليوم الذي كانت تنتظره منذ ما يقارب السنة .... فاليوم ستسافر مع عائلتها إلى مدينة الضباب .. اليوم سيتجدد أملها باللقاء .. كم كانت متشوقة لهذا اليوم .. كم هي كبيرة لهفتها للسفر ..
    التفتت سارة إلى الساعة المجاورة لسريرها ،، فوجدتها تشير إلى التاسعة صباحا ... فقالت في نفسها : " لا يزال الوقت مبكرا ،، بإمكاني الاستلقاء لبضع دقائق إضافية قبل النهوض وبدء الاستعدادات للسفر " ... فأغمضت عينيها باسترخاء كسول .. وسرحت في أفكارها .. وأخذت تفكر :" ترى هل سأراه هذه السنة ؟! أم أن لقاءنا لن يتجدد ؟؟!! يا إلهي كم أنا مشتاقة لرؤيته ... ليتني أعرف من هو .. أو ما هو اسمه .. او من أي بلد يكون .. ترى ،، كم يبلغ من العمر ؟ ماذا يعمل ؟ هل هو موظف أم لا يزال طالبا ؟؟ ترى هل هو متزوج ؟؟""
    متزوج ؟؟!! عند هذه الكلمه وهذا السؤال فزعت سارة .. فقد أحست بسكين يغرس في قلبها .. لا لا يمكن أن يكون متزوجا ... لا إنه لي .. لابد ان يكون لي .. لا أستطيع مجرد التفكير في أنه قد يكون لأحد سواي .. يا إلهي كم هو مؤلم هذا الشعور ... لا ، لا ، لا أريد التفكير .. يجب أن اتوقف عن التفكير ...
    وعند هذا الحد .. توقفت سارة عن التفكير .. ورمت عنها الغطاء بضيق وتوجهت للاستحمام والاغتسال ...
    وبعد ربع ساعة ،، توجهت سارة للطابق السفلي ،، تتفقد أحوال الجميع .. وهل استيقظوا أم لا .. وتتحرى عن موعد الانطلاق إلى المطار .. وفي طريقها إلى الأسفل التقت بأختها منال فسألتها :
    سارة : أجدك مستيقظه !! غريب !! فأنت لا تستيقظين في العادة في هذا الوقت المبكر ..
    منال " تتثاءب " يبدو أنك نسيتي بأننا مسافرون اليوم ،، وأن ابي قد حجز لنا في رحلة الصباح ..
    سارة : رحلة الصباح ؟؟ ان الرحلة بعد الظهر .. فكيف تقولين انها في الصباح ..
    منال : وليكن .. انا افضل رحلة الليل ...
    لم انت سعيدة إلى هذه الدرجة ؟!
    سارة : وكيف لا أكون سعيدة وقد كنت انتظر هذا اليوم بفارغ الصبر ؟!!
    منال : تنتظرينه بفارغ الصبر ؟!! من يسمعك تقولين ذلك يعتقد بأنك على وشك الحصول على كنز ...
    سارة : تعرفين بأن ما أنتظره بالنسبة لي أعظم من كنوز الدنيا كلها ...
    منال "" باستهزاء وضحك " : أرجووووووووك لا تثيري اشمئزازي ...
    سارة " بحنق " : أتعلمين بأنك سخيفة ؟؟!!!
    منال " تضحك " : أعرف ولكن دمي خفيف ... أليس كذلك ؟؟!!
    سارة : لا ليس كذلك ... أين أمي والبقية ؟؟؟
    منال : أمي مع حمد ونور طفليها المدللين ،، تطعمهما وبعد ذلك ستقوم بتحميمهما استعدادا للرحلة ..
    سارة : وماذا عن أبي وشيماء ؟؟
    منال : أبي يتناول فطوره على الشرفه ... وشيماء لا تزال نائمة .. فقد سهرت البارحة مع أوراقها السخيفه إلى الساعه الثالثة فجرا .. لا أدري لم تعشق عملها إلى هذه الدرجة ..
    سارة : إنها غريبة ... لا أعتقد بأنني سأحب العمل كثيرا .. الحمدلله أنها اقتنعت بأخذ إجازة والسفر معنا .. وإلا كنا سنحرم جميعا من السفر ..
    منال : لا تذكريني ... فقد كنت في قمة الخوف من أن ترفض أخذ إجازة وتتحجج بكثرة العمل ..
    سارة : لو كانت فعلتها لحرمنا أبي من السفر جميعنا ... ولاضطررنا للبقاء هنا معها .. بحجة عدم تركها وحيده .
    منال : نعم الحمدلله أنها ليست أنانية وأنها راعتنا في هذا الموضوع ..
    سارة : حسنا ،، سأذهب لأعد لنفسي فطورا ثم سأذهب إلى أبي ..
    منال : وانا سأذهب لأستعد للسفر .. فتعرفين كم استغرق وقتا في الاستعداد والتبرج ،، فلا أحب الخروج إلا وأنا في أبهى حلة ...
    سارة " تضحك " : نعم أعرف ... فقد كنت أعاني منك كل يوم صباحا حين كنا نستعد للذهاب للمدرسه ..
    هيا إذهبي وسأراك لاحقا ...
    منال : حسنا ،، إلى اللقاء ...
    اتجهت ساره إلى المطبخ وصبت لنفسها كأسا من عصير البرتقال ، و أخذت قطعة خبز فسخنتها ودهنتها بقليل من الجبن والمربى ... ثم أخذت صحنها واتجهت إلى الشرفة عند أبيها .. لتسأله عن الساعة التي سيتجهون فيها إلى المطار ..
    كان عبد الله يتصفح الجرائد ويطالع عنواين الأخبار الرئيسية ،، وهو يرتشف فنجانا من القهوة الساخنة ، فدخلت عليه ساره وقالت له :
    سارة : صباح الخير أبي ( وطبعت قبلة على جبينه )
    عبد الله : صباح الخير ،، أهلا بابنتي الحبيبة .. كيف أصبحت ؟!
    سارة : بخير والحمدلله .. وانت كيف أصبحت ؟؟!
    عبد الله : على أتم ما يرام .. وبأفضل حال ولله الحمد ..
    سارة : أبي في أي ساعة سنذهب إلى المطار ؟؟
    عبد الله : لقد بعثت أخاك محمد ليتمم إجراءات السفر الضرورية من شحن الحقائب إلى الطائرة واستلام بطاقات الصعود للطائرة ، وكل هذه الأمور . لذا لا داعي للعجلة ..
    أعتقد بأن الساعة الثانية عشر والنصف ظهرا ستكون مناسبة .. فنكون قد صلينا جميعا صلاة الظهر .. وبعدها ننطلق إلى المطار ..
    سارة : وفي أي ساعة سأتيان عمي وعمتي وعائلتيهما ...
    عبدالله : لا أدري .. لقد اتفقنا على الثانية عشر والنصف .. ولكن اتصلي انت بهيا و غدير واسأليهما في أي ساعة سيكونون هنا ..
    سارة : حسنا أبي .. سأذهب الآن فقد أصبحت الساعة العاشرة والنصف وعلي فعل الكثير من الأمور .. كما سأتصل بهيا وغدير ..
    عبد الله : حسنا سارة .. أين امك ؟!
    سارة : لم أرها بعد ،، ولكن منال تقول بأنها مع التوأمين تجهزهما للسفر .. ولا بد أنها ستتجهز بعد أن تنتهي منهما ..
    عبدالله : حسنا حبيبتي ،، اذهبي واستعدي انتي أيضا ..
    انطلقت سارة إلى أختها منال لتطلب منها الاتصال بغدير ، فغدير صديقة منال المقربة .. بينما هيا هي صديقة سارة المقربه .. فوافقت منال على الاتصال بغدير .. واتصلت سارة بهيا وسألتها عن موعد قدومهم .. فقالت لها هيا بأنهم سيكونون عندهم في الساعة الثانية عشر والربع تماما .. وأخذت تضحك ..
    فسألتها سارة : لم تضحكين ؟!
    قالت لها هيا : تعرفين ما يحدث كل مرة نخرج فيها سويا ،،، وكيف يتم الشجار على تقسيم ركوبنا في السيارات ..
    سارة :: اوه نعم اعلم .. اتمنى ألا يطول الشجار اليوم ...
    انشغل الجميع بعد ذلك بالاستعداد لرحلة المطار ، فمحمد عاد من المطار في الحادية عشر والنصف فانطلق مسرعا كالصاروخ ليستحم ويغير ملابسه استعدادا للسفر ،، والأم ايضا قامت بالاستعداد بعد ان انتهت من تجهيز توأميها العزيزين .. وشيماء التي استيقظت في الحادية عشر شربت كوبا من القهوة الثقيلة لأنها كانت تحس بصداع قوي ثم اخذت حماما ساخنا لتسترخي .. ومنال كانت غارقة بين علب المكياج والألوان فتارة تضع ظلالا خضراء ، ثم تمسحها لتضع ظلالا زهرية على جفنيها .. اما سارة فاكتفت بأخذ حمام دافئ ووضع القليل من احمر الشفاه ،، فهي تحب أن تحس بالراحة في الرحلات الطويله .. فلا تثقل على نفسها بالمكياج ..
    في الثانية عشر والربع كان الكل متجمهرا في الردهة الرئيسية بانتظار وصول عائلتي العم راشد والعمة ليلى ..
    لم يكن للعم راشد سوى ابنة وحيدة وهي هيا .. فلم يرزقه الله بغيرها .. فكانت مدللة من أبيها ومن أمها .. ولكنها نشأت وهي تحس بالحاجة إلى وجود أخوة من حولها .. ولذلك كانت شديدة التعلق بعائلة عمها عبدالله .. فكانت سارة و منال بالنسبة لهيا بمثابة الأخوات .. بينما العمة ليلى كان لها خمسة من الأبناء ،، صبيان وثلاثة بنات .. وحيث أن العمة ليلى تزوجت في سن مبكرة و لكونها أكبر الأخوة ،، فقد كان أبناؤها أكبر في السن من أبناء إخوتها .. فيما عدا إبنتها الصغيرة غدير .. التي هي صديقة منال المقربة ..
    وفي الحال وصل كل من العم والعمة وعائلتيهما ،، فصار الهرج والمرج يعم المكان .. فهذا يسلم على هذا وهذه تضحك مع تلك .. وفي هذه الأثناء ،، كان الوحيد الصامت هو محمد .. كان واقفا في زاوية بعيدة ،، يتأمل هيا وجمالها .. ويقول في نفسه :
    " يا إلهي كم كبرت وأصبحت جميلة ،،، لطالما كانت طفلة رائعة ومدللة " وأخذ يتذكر كيف كان يحميها حين كانت طفلة ،، فقد كان يكبرها بعشر سنوات .. وكان يراها صغيرة ضعيفة بحاجة إلى الحماية .. وكانت هي دوما تحسسه بحاجتها له .. فكانت تلجأ له لحمايتها .. فيشعر بفخر واعتزاز .. ويشعر بأنه البطل المغوار ..
    ابتسم محمد بصمت ،، فقد كانت هي صغيرة جدا بالنسبة إليه ،، كانت هي في الثامنة عشر بينما هو في الثامنة والعشرين .. إنها لم تبدأ مشوار حياتها بعد ،، بينما هو وصل إلى الحد الذي يجب فيه أن يبدأ التفكير في الاستقرار وتكوين أسرة ..
    لطالما كان يتهرب من إلحاح أمه وأبيه عليه بالزواج ،، بأن يقول بأنه لم يكون نفسه بعد ،، بينما هو في الواقع ينتظر إلى أن تكبر هيا وتنضج وتشق طريقها في دراستها فيتقدم لخطبتها ..
    كان يخاف أن تراه كبيرا عليها ، وكان يخاف أن يعيق مستقبلها الدراسي .. كما كان خائفا أن يصدمها لو عرفت بحبه لها .. فلطالما اعتبرته أخا كبيرا بالنسبة إليها ..
    لو أنه فقط يعرف ما هي مشاعرها نحوه ؟؟ !! ليت أخته ساره تخبره بشيء .. ولكنه كان يخجل من التكلم مع ساره بمثل هذه الأمور .. فهو لم يبح قط لأحد بمشاعره هذه ،، بل أنه كان في بعض الأوقات يخشى من البوح بها حتى لنفسه .. خوفا من أن تفضحه نظراته .. او كلماته دون قصد منه ..
    لقد كان محمد شابا ناجحا ،، فقد تخرج من الجامعة منذ أربع سنوات ، فعمل في مجال المحاماة ،، تدرج في البداية بالانتقال من مكتب محام إلى محام آخر ليتدرب على أصول المهنة ويلم بجوانبها كلها .. ثم وقبل عدة شهور .. استقل بنفسه وأسس مكتبا خاصا به .. وأخذ يكون لنفسه إسما في عالم المحاماة ...
    صحا محمد من أفكاره على صوت باب السيارة وهو يغلق ،، فقد صعد الجميع إلى السيارات وتم التقسيم بسلام ،، وكان من المقرر له أن يركب في السيارة مع والده وعمه وزوج عمته .. فصعد بصمت وسارات السيارات في طريقها بسلام إلى المطار ...

  2. #2
    التسجيل
    10-01-2005
    الدولة
    qatar
    المشاركات
    226

    مشاركة: قصة جديده ( غضي بالنظر ) من تأليفي ...

    الفصل الثاني ... في الطائرة

    كان الجميع متحمسا أثناء الصعود للطائرة .. فالتوأمان يتراكضان ويتضاحكان وأمهما تركض خلفهما في محاولة للسيطرة عليهما ،، والفتيات يتحدثن عن مشاريعهن لقضاء أول ليلة لهن في مدينة الضباب .. ومحمد يتصل بأصدقائه في اللحظات الأخيرة قبل صعود الطائرة ليتفق معهم على مكان للقاء .. والرجال الثلاثة يتباحثون أمر ترتيب سكنهم وتقسيمهم على الغرف في الفندق .. بينما العمة وزوج العم منشغلتان بالحديث عن آخر الأزياء التي طالعتاها في المجلة وكل واحدة تشرح للأخرى ما أعجبها وأرادت الحصول عليه ..
    وفي الطائرة أرادت شيماء الجلوس وحيدة فهي تريد التركيز قليلا في عملها المتأخر دون إزعاج من أحد ،، وقد كان لها ذلك .. بينما تمسكت هيا بالجلوس بالقرب من سارة حتى تستطيعان تبادل الأحاديث فيما بينهما .. وبالطبع فإن غدير و منال قد جلستا متجاورتين .. والعمة وزوجة العم متجاورتين كذلك .. بينما الأم جلست بالقرب من نور .. والأب بالقرب من حمد ليرعوهما .. جلس العم وزوج العمة متجاورين .. فاضطر محمد للجلوس وحيدا أيضا بما أن شيماء قد رفضت أن يجلس أحد بقربها ..
    شعر محمد بالضيق فهو لم يرغب في البقاء وحيدا لمدة سبع ساعات متواصلة دون القدرة على تبادل الأحاديث مع أحد .. وبالذات أن المقعد الذي جلس عليه مقعد منفرد .. فلا أحد يجلس بالقرب منه ،،، لا قريب ولا غريب ..
    فقال في نفسه " يا إلهي هل سأبقى صامتا لسبع ساعات ،، لا أعمل شيئا !! فتتقاذفني أفكاري شمالا ويمينا ؟؟!! المشكلة أنني لا أعرف كيف أشغل وقتي .. فلأسأل سارة عما ستفعل خلال الرحله علها تقترح علي شيئا يريحني من أفكاري "...
    محمد : سارة ،، كيف ستقضين الرحلة أنتي وهيا ؟؟!!
    سارة : لا أدري .. قد نتحدث قليلا .. ثم ننام ...
    هيا " بخجل ": أنا سأطلب من المضيفة أن تحضر لي مجموعة من الأفلام إن كانت سارة ستنام .. فأنا لا أقدر أن أنام في الطائرة ..
    محمد : فكرة جميلة .. هل هناك أفلام جيدة في رحلتنا هذه ؟؟
    هيا : نعم أعتقد ذلك .. لقد كنت أتصفح دليل الرحلة منذ قليل ولقد لفت انتباهي أكثر من عنوان .. يمكنك تصفحها إن شئت واختيار ما يناسبك منها ..
    محمد : حسنا إذن .. سأذهب فأختار لي ثلاثة أفلام أضيع وقتي في متابعتها إلى حين الوصول ..
    هيا " تضحك " : ثلاثة أفلام ؟!! أعتقد بأنك تبالغ .. فلمان هما أكثر من كافيين .. فلا تنس أن جزء من الرحلة سيمر سريعا بين تناول الغداء .. ثم الحلوى والقهوة .. فلن تجد متسعا من الوقت لمشاهدة ثلاثة أفلام ..
    محمد : لم أفكر بذلك ... صحيح .. إذن سأطلب فيلمين فقط ..
    وابتسم لها بحنان ظاهر .. قبل أن ينهض متجها إلى مقعده وهو يحس بسعادة لتبادله هذه الكلمات القليلة معها ..

    وبدأت الرحلة المملة إلى مدينة الضباب .. في هدوء .. و تم توزيع الغداء ومن ثم الحلويات .. وبعد ذلك القهوة .. كل هذا بتتابع سريع .. فلم تمض ساعة من الزمن إلا وكانت زوبعة الغداء قد انتهت وعم الصمت والهدوء .. وتم تخفيف الأضواء حتى يتمكن الركاب من النوم براحة .. وقد أخلد أغلب الركاب إلى النوم .. إلا شيماء التي كانت مستغرقة في أوراقها .. ومحمد الذي كان مندمجا في متابعة فيلم تاريخي .. وسارة وهيا اللتان كانتا تتبادلان أطراف الحديث .. فقلق سارة كان قد سرق النوم من عينيها .. فلم يغمض لها جفن .. وفضلت التحدث قليلا إلى هيا لتخفف عنها قليلا من القلق ..

    سارة : هل ستتابعين هذه الأفلام حقيقة ؟!!
    هيا : نعم ،، فأنت تعرفين بأنني لا أقدر أن أنام في الطائرة أبدا .. كما أنك سرعان ما ستغطين في نوم عميق .. فأضطر حينها إلى تدبر أمري في الستة ساعات المتبقية للرحلة ..
    سارة : إنني قلقة يا هيا ،، ولا أعتقد بأنني أقدر على النوم .. كما أنني لا أظن بأن لي قدرة على متابعة الأفلام كذلك .. فذهني مشتت .. وأشعر برغبة في الحديث ..
    هيا : إذن قولي ما عندك .. ولا تقلقي .. فبإذن الله لن يحدث إلا الخير ..
    سارة : ماذا إن لم يكن هناك ؟ ماذا إن لم يأت هذه السنه ؟ يا إلهي سأصاب بخيبة أمل كبيرة ..
    هيا " تريد التخفيف على صديقتها " : هوني عليك حبيبتي .. قد لا يكون هناك الآن .. ولكنه قد يأتي في أي لحظة .. فلا تنسي بأننا سنقضي هناك قرابة الشهرين .. أي أن المدة أكثر من كافية لرؤيته إن كان سيحضر .. وحينها ستملين من رؤيته .. وستقولين .. اوف .. لقد مللت من رؤيته وشبعت ..
    سارة " بشهقة عتاب " : لا تقولي ذلك .. فإنك تعرفين مدى شوقي ولهفتي إليه .. وتعرفين بأنني لن أمل من رؤيته أبدا .. ولكني لا أستطيع تمالك نفسي من القلق والتفكير بأنه قد لا يحضر .. ما أدراني ؟! فإنه قد يذهب إلى بلد أخرى .. فليس من المؤكد أنه يذهب إلى هناك في كل سنة ..
    هيا : عزيزتي .. هذا ما لا نعلمه .. لا أنا ولا أنتي .. ولم يبقى سوى ساعات معدودات لتعرفي مصير لقاءكما .. فلا تتعجلي ..
    تعرفين بأنني إن كنت أعرف أي شيء عنه لما تركتك حزينة قلقة أبدا .. لحاولت مساعدتك بقدر استطاعتي .. ولكنه مجهول الهوية بالنسبة لنا معا ...
    سارة : يا إلهي إنني أشعر برعشة في داخلي وبخوف وترقب ..
    هيا " بمزاح " : إدعي الله أن تريه .. واصمتي .. فأنا أريد متابعة الفيلم ..
    سارة : حسنا .. سأحاول أن أنام .. عل الوقت يمضي سريعا ...

    أغمضت سارة عينيها .. وغرقت في أفكارها .. سرحت إلى الماضي القريب .. إلى سنة مضت .. إلى أسعد أيام حياتها .. وأحلى لحظات عمرها ..
    تذكرت أول مرة رأته فيها .. تخيلت وجهه بتفاصيله الدقيقة .. فشعرت بأنه ماثل أمامها الآن حقيقة لا خيال .. يا إلهي كيف أن كل ملمح من ملامحه منحوتة في عقلها نحتا ..
    تذكرت كيف أنها كانت تتجول وحيدة في المجمع التجاري الضخم لأول مرة .. فقد كانت لا تخرج إلا مع هيا أو أحد من اهلها .. ولكنها في ذلك اليوم انتهزت فرصة ذهاب هيا إلى موعد للطبيب مع امها .. فذهب لتشتري هدية لهيا بمناسبة عيد ميلادها .. وقد كانت تريد أن تفاجأها بالهدية .. ولكنها لم تكن تعرف ماذا تشتري لها .. فأخذت تتجول ببطء وتلتفت يسرة ويمنى بحثا عن هدية مناسبة ..
    وبينما هي تسير ببطء بين الممرات ..... وقعت عيناها عليه .. في نفس اللحظة التي وقعت عيناه عليها .. فتسمرت مكانها .. وتسمر مكانه .. لثوان .. لدقائق .. لساعات .. لا تعرف .. ولا تذكر .. فلم تكن تحس بالزمان .. ولا بالمكان .. فقد بهتت جميع المناظر من حولها .. وخبت جميع الأصوات .. ولم يكن واضحا أمامها وضوح الشمس ،، سوى هذا الشخص الذي كان متألقا وكأن هالة من النور تحيط به .. أخذت تنظر إليه مشدوهة .. محدقة بطريقة لم تعهدها في نفسها من قبل .. وهو أخذ يبادلها التحديق .. بصمت .. بهدوء .. بقوة وبتركيز ..
    شعرت بأن أنفاسها تتسارع و قلبها يخفق بعنف يصم الأذن .. فلم تكن تسمع سوى دقات قلبها المتسارعة .. وفجأة انكسر السحر .. أجبرت نفسها على خفض بصرها .. وقد احمر وجهها خجلا .. فإنها لأول مرة في حياتها تحدق في رجل بهذه الطريقة ..
    أخفضت رأسها وتابعت مسيرها .. فمرت بقربه .. وأحست بنظراته تخترق وتنفذ إلى روحها و أعماقها .. كان ينظر إليها بتركيز غريب .. متابعا كل خطوة من خطواتها .. تباطأت خطواتها في اللحظات القليلة التي كانت تخطو فيها بجانبه .. ولكنها لم تكن تعرف لم أبطأت مسيرها .. هل كانت تتمنى أن يقول شيئا ؟ هل كانت تريده ان يتكلم ؟؟!!
    ولكنه لم يقل شيئا .. ظل ينظر إليها بصمت .. ولم ينطق بأي حرف .. لم تصدر منه سوى آهة عميقة ،، صادرة من أعماق القلب .. وكأنها صرخة استغاثة .. فأصابتها قشعريرة غريبة .. فقد شعرت بهذه الآهة تنصب عميقا في قلبها وتتغلغل في روحها ووجدانها ..
    فطارت فرحا بهذه الآهة العذبة .. وأرادت أن تسمعها مرات ومرات .. تمنت لو تطلب منه أن يعيدها .. ولكنها تجاوزته بخطواتها .. و أكملت مسيرها بحثا عما جاءت من أجله .. إلا أنها ولكثرة ارتباكها .. نسيت لم كانت قد جاءت في الأساس إلى هنا ..
    فأخذت تفكر ... " ترى ماذا كنت أريد ؟؟!! كيف نسيت ما جئت من أجله ؟؟!! ءأربكتني رؤيته إلى الحد الذي ينسيني سبب مجيئي ؟! " فأخذت تستعيذ بالله من الشيطان .. وتفكر في سبب مجيئها .. إلى أن تذكرت الهدية .. فاختارت بروازا فضيا على شكل قلب جميل .. واشترت معه بطاقة لطيفة .. وطلبت تغليف الهدية ..
    وفي أثناء انتظارها لتغليف الهدية أخذت تتساءل " ترى أين اختفى ؟! في أي اتجاه ذهب ؟! ترى من هو ؟! لم اصابني ما أصابني ؟! إنه ليس أول رجل أراه في حياتي ؟! لم ارتعشت واحمررت خجلا واضطرابا ؟! " وأخذت تقلب نظرها هنا وهناك علها تلمحه في جموع المتسوقين .. ولكن .. لا أثر له ..
    بعد تغليف الهدية .. اتجهت سارة إلى مطعمها المفضل في أحد أركان المجمع .. إنه ليس مطعما بالمعنى الحرفي للكلمة .. ولكنه مقهى صغير يقدم بعض المأكولات الساخنة والمقبلات الباردة .. اختارت سارة طاولة في أحد الأركان ،، وطلبت طبقها المفضل مع مشروب غازي ..
    وأثناء انتظارها لوصول طلبها ،، أخذت تنظر إلى رواد المقهى بكسل .. فوقعت عيناها عليه للمرة الثانية خلال اليوم ،، وفي أقل من ساعه .. فارتبكت وأخذت أصابعها بالارتجاف .. واحمر وجهها خجلا .. فقد كان جالسا على الطاولة المقابلة لطاولتها تماما .. كان يحدق فيها بتركيز .. ويرتشف فنجانا من القهوة .. أبعدت نظرها عنه بسرعه وهي تفكر " إلهي سامحني .. لا أستطيع أن أرفع نظري عنه ... اتمنى لو اعيد النظرة فأتمأمل ملامحه " ولكن خجلها الفطري منعها من إعادة النظرة .. وظلت محدقة في الفراغ بينما عيناه تتأملانها بصمت ..
    وصل طبق الطعام الذي طلبته .. فأصابها الارتباك .. كيف لها أن تأكل وهو يحدق بها بهذه الطريقة .. كيف لها أن تأكل ويداها ترتجفان بهذا الشكل الغريب .. ومعدتها ممتلئة مع أنها لم تأكل شيئا منذ الصباح ..

    أخذت تقلب محتويات الطبق بالشوكة ،، دون شهية ظاهرة .. فلم تأكل منه سوى لقيمات قليلة .. قامت بعدها بدفع الفاتورة والنهوض للانصراف .. فنهض في نفس اللحظة .. وتبعها .. لم يقترب منها .. ولكنه تبعها من بعيد .. أرادت ان يقترب أكثر .. أن يقول شيئا .. ولكنه ظل متباعدا .. صامتا و متحفظا ..

    " سارة ، سارة .. هيا استيقظي . إننا على وشك الهبوط .. " كان هذا صوت هيا .. توقظها من أحلامها وذكرياتها الجميلة .. تقلبت سارة بانزعاج .. ماذا هناك ؟!
    هيا : استيقظي بقيت دقائق على الهبوط .. اذهبي واغسلي وجهك وعدلي من ملابسك ..
    سارة تفكر " يا إلهي .. لقد استغرقت في النوم ولم أحس بالرحلة ... ولكن أحلامي كانت جميلة .. ترى هل ستعود هذه الأيام مجددا ..



  3. #3
    التسجيل
    06-08-2003
    الدولة
    :: Alone With My Dream ::
    المشاركات
    3,354

    مشاركة: قصة جديده ( غضي بالنظر ) من تأليفي ...

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...........^_^

    مشكووووووووور اخوي على هذه القصة الجميلة ........... والله يزيدك اخوي ..............ننتظر منك المزيد من القصص ............. بس تكفا ثاني مرة غير اللون .............. تراك اعميتني وانا اقراء القصة

    Snake Never Die سابقا

  4. #4
    التسجيل
    11-11-2004
    الدولة
    ~*زايـــــــــــــ دار ــــــــد*~ _ ابوظبي
    المشاركات
    1,160

    مشاركة: قصة جديده ( غضي بالنظر ) من تأليفي ...

    ماشالله اخوي القصة وااايد حلوه
    اتريا يديدك من مواضيعك الرائعة .....^^

    مشكــــــــــــــ مادري ـــــــــور على القصة ....^^

  5. #5
    التسجيل
    12-05-2005
    الدولة
    فـي ارض يغازلها القمر (الشارجه)
    المشاركات
    502

    مشاركة: قصة جديده ( غضي بالنظر ) من تأليفي ...

    مشـــــــــــــــــــــــــــكور أخوي على القصة ........


  6. #6
    التسجيل
    10-01-2005
    الدولة
    qatar
    المشاركات
    226

    مشاركة: قصة جديده ( غضي بالنظر ) من تأليفي ...

    اشكركم على المرور وعلى التعليقات المشجعه .. وإليكم الفصل الثالث من القصه .. وستتبعها بقية الفصول بإذن الله ...


    الفصل الثالث : الوصول .....

    بدأ الهبوط التدريجي إلى مطار هيثرو .. والكل جالسين في مقاعدهم بانتظار لحظة الوصول .. لفك الأحزمة والبدء بتجميع الأمتعة .. أخذت هيا تنظر من النافذة فهي تحب أن ترى المدن من الأعلى فترى المنازل تبدو كالعلب الصغيرة .. والسيارات في الشوارع تبدو كألعاب الأطفال .. والمساحات الخضراء الشاسعة تبدو رائعه من الأعلى ..

    نزل الجميع من الطائرة واتجهوا إلى بوابة الخروج بعد أن أخذوا حقائبهم الكثيرة . ثم توزعوا على سيارات الأجرة كان الجميع في غاية الارهاق والتعب فالرحلة كانت طويلة جدا .. ولكن ساره لم تكن تفكر لا بالارهاق ولا التعب .. كانت تنظر إلى ساعتها بين الفينة والأخرى .. لتعرف إن كان الوقت سيسعفها وتتمكن من الخروج اليوم أم أنها ستضطر للانتظار إلى الغد ..

    كانت الساعة تشير إلى الثامنة والنصف بتوقيت لندن .. " ياإلهي .. هذا كثير " فكرت سارة .. إننا لا نزال بالقرب من المطار وسنستغرق وقتا طويلا إلى أن نصل إلى الفندق في هذا الازدحام ،، قد نحتاج إلى قرابة الساعة .. شعرت سارة باليأس .. فيبدو أنه لا أمل لها اليوم في رؤية حبيبها المجهول .. فهي تعرف قوانين أهلها الصارمة ،، لا تأخير ولا خروج بعد التاسعة مساء ،، إلا إن كانوا برفقتهم بالطبع .. فهذا امر آخر .. وهذا بالذات مالم تكن تريده سارة ،، فلا يمكنها رؤيته وهي برفقة أهلها !!

    أخذت سارة تتفقد ساعتها بقلق ، وكانت كلما نظرت إلى الساعة تبتسم منال بسخرية وتغمزها بعينها .. فشعرت سارة بالغيظ ،، وسألتها : لم تضحكين ؟؟
    منال : أضحك على الموعد الذي لن تدركيه اليوم ..
    سارة : ما أسخفك ..
    منال " تمد لسانها لأختها وتغمزها بمزاح " فتتدخل غدير قائلة : ماذا بك يامنال ؟! ألا ترين حالة الضيق التي تمر بها أختك ؟! قدري مشاعرها ولو قليلا ..
    منال : بلا .. إنني أرى وأقدر .. ولكنني أردت التخفيف عليها بالمزاح .. علها تضحك قليلا وتنسى فتى أحلامها المغوار ..
    لم تتمالك هيا نفسها فضحكت بصوت مرتفع .." نعم إنه فارس مغوار " لا زلت أذكر كيف بدا وجه أختك حين كلمتني عنه أول مرة بعد عودتي من موعد أمي مع الطبيب .. توقعت شابا في غاية الروعة والجاذبية .. توقعت بطلا من أبطال الأفلام السينمائية ..
    منال : نعم لقد تحدثت عنه وكأنه أوسم رجال الأرض .. جعلتنا كلنا نتشوق لرؤيته ..
    تدخلت شيماء في الحديث : إنه ليس شديد الوسامة .. ولكنه يعتبر وسيما ..
    غدير : نعم إنه مقبول نوعا ما .. فهيئته وطوله ومشيته فيها نوع من الجاذبية والمهابة ..
    احمر وجه سارة غيظا فقالت : ما بكن ؟! هيا ومنال تسخران منه .. وأنت وشيماء تتغزلان به ؟! إنه لي وحدي .. فلا تمتدحنه أمامي ولا تذمونه أيضا ..

    كل الفتيات ضحكن من التعبير الذي ارتسم على وجه سارة وأخذن يضربنها بمزاح خفيف .. حتى قالت هيا : هل تتذكرن كيف إصفر وجهها في ذلك اليوم حين رأته مساءا ؟ وكيف تسمرت مكانها وأخذت تردد لنا " إنه هو .. إنه هو .. " ونحن نسألها .. من ؟ أين ؟ ماذا بك ؟ ولا تجيبنا ؟؟ بل ظلت فاغرة فاهها وعيناها مسمرتان باتجاهه .. حتى أدركنا جميعا من هو المقصود ؟!
    منال : نعم أذكر كيف أنني أخذت أحدق في وجهه وأنا أفكر ترى مالذي لفت انتباه هذه الغبية فيه ؟!
    غدير : أما أنا فكنت لنفسي " يحق لسارة أن تعجب به فإنه ملفت للانتباه في الحقيقة .. كما أنه بدى جذابا بملابسه السوداء تلك ..
    سارة " حالمة " : نعم ، اللون الأسود يبدو في غاية الروعة عليه .. إنه يكون شديد الجاذبية حين يرتدي السواد
    وزفرت سارة زفرة حارة وابتسامة حالمة على شفتيها ..

    سرعان ما وصل الجميع إلى الفندق وبدأوا بالترجل من سيارات الأجرة .. وتم إنزال الحقائب وإنهاء إجراءات التسجيل الطويلة لدى الاستقبال .. وبدأوا التوجه إلى الغرف .. تم إعطاء الفتيات غرفتين متلاصقتين بباب يصل بينهما .. إحدى الغرفتين أكبر من الأخرى وفيها ثلاثة أسرة .. والأخرى بها سريران .. فاختارت هيا النوم مع سارة في الغرفة الصغيرة .. بينما تركوا الغرفة الأكبر لشيماء ومنال وغدير .. وما إن دخلوا إلى الغرف حتى نزعوا أحذيتهم وارتمت كل واحدة على السرير الذي تريد أن تنام عليه ..
    فقالت هيا : آه يا إلهي كم أنا متعبة .. لقد كانت رحلة طويلة ومرهقة ..
    سارة : وأنا كذلك أشعر بإرهاق شديد .. ولكنني كنت أتمنى الوصول في وقت أبكر حتى نتمكن من الذهاب إلى الحديقة المجاورة ..
    منال : الحمدلله أننا لم نصل في وقت أبكر وإلا لكنت أجبرتنا على مرافقتك إلى الحديقة .. ونحن بصراحة في غاية الإرهاق ولا نستطيع أن نخطوا خطوة واحدة إلى خارج هذه الغرفة ..
    شيماء : أجل بصراحة إنني في غاية التعب ولا أعتقد أنني أيضا كنت سأخرج معك .. كل ما سأفعله الآن هو تناول العشاء .. وأخذ حمام دافئ ومن ثم النوم نوما عميقا ..
    سارة : لم أكن لأطلب منكن مرافقتي .. فقد كنت سأطلب من حبيبتي وصديقة دربي .. هيا الغالية التي كانت سترافقني بطيب خاطر ..
    ضحكت هيا وقالت : لا لا أعتقد بصراحة بأنني كنت سأوافق على مرافقتك .. فأنا بالفعل أشعر بإنهاك شديد .. عموما .. لا طائل من هذا الكلام .. فإننا لم نصل مبكرين .. بل تأخذنا .. لذا لا داعي لهذا الحوار الذي قد يثير القلق والانزعاج بيننا ..
    غدير .. نعم صحيح .. لقد تأخرنا وانتهى الأمر .. إنني الآن جائعة ومرهقة .. ولا أفكر إلا في تناول العشاء والنوم ..
    شيماء : حسنا إذن لم نضيع الوقت في الحديث ما دمنا مرهقين إلى هذا الحد ؟! هيا ابدأن بالدخول إلى الحمام والاستحمام في حين أتصل بمحمد لأرى إن كان قادرا على الذهاب إلى أي مطعم قريب لجلب طعام العشاء لنا .. فإن كان غير قادر فسنكتفي بطلب الطعام من خدمة الغرف ..
    سارة : حسنا ،، فكرة رائعه .. سأكون أنا الأولى في التوجه للاستحمام .. وانتن استخدمن الحمام الآخر ..
    أحضر لهن محمد العشاء من المطعم وقال لهن بأن الجميع قد قرروا النوم مبكرا .. وأن النسوة قررن التوجه للسوق في الصباح الباكر .. وأن من أرادت منهن مرافقتهن فعليها الاستيقاظ باكرا .. فقلن له بأنهن يفضلن الخروج سويا وحدهن ..
    كان محمد يعرف أن هذا الكلام لا يقدم ولا يؤخر .. فالفتيات لا يخرجن أبدا مع النساء هنا .. بل أنهم جميعا ينقسمون إلى مجموعات .. وكل مجموعة تخرج سويا .. إلا في بعض الأحيان حين يخططون للخروج للعشاء او الغداء ..
    وكانت التقسيمات كالتالي :
    الأب والعم وزوج العمة .
    الفتيات الخمس
    الأم والعمة وزوجة العم والتوأمان
    أما بالنسبة له فإنه كان يخرج مع أصدقائه الذين يسكنون في نفس الفندق الذي يسكن فيه الآن ..

    بعد العشاء مباشرة اتجهت كل واحدة منهن إلى سريرها .. فكلهن في غاية التعب والإرهاق .. استلقت سارة في سريرها والنوم مجافٍ لها ..فقد كانت الأفكار والذكريات تتدفق في عقلها وتتقاذفها أمواج هذه الذكريات يمينا وشمالا ..

    أغمضت سارة عينيها وغاصت في بحر الذكريات ..

    كان قد مر أسبوع كامل منذ رأته أول مرة في المجمع وفي الحديقة المجاورة للفندق .. كانت تذهب كل يوم في نفس الوقت الذي رأته فيه .. فأصبح بالنسبة لها كالموعد الذي لا تتخلف عنه أبدا .. فكل يوم تجبر الفتيات على مرافقتها إلى المجمع وتناول الغداء في المطعم الصغير .. ثم تجبرهن بعد ذلك على الذهاب إلى الحديقة ،، حيث يجب أن يقضوا هناك ساعتين كاملتين يوميا .. فأصبح هذا البرنامج هو برنامجهن اليومي .. في الساعة الثانية تناول الغداء في مطعم المجمع .. وفي السابعه الذهاب إلى الحديقة والبقاء فيها إلى التاسعة .. أما ما تبقى من الوقت .. فللفتيات مطلق الحرية في اختيار الأماكن التي يريدون الذهاب إليها .. فسارة لم تكن تمانع أن يأخذوها أينما شاءوا مادامت قد حافظت على موعدها ..
    كان هذا الروتين اليومي يسبب الضيق للفتيات .. فقد أردن أكثر من مرة تغيير المطعم او الذهاب إلى مكان آخر غير الحديقة .. إلا أن رفض سارة القاطع وإصرارها على المحافظة على موعدها كان يجعلهم يسكتون ويتحملون ... وقد كانت في بعض الأحيان توافق على تناول الغداء في مكان آخر .. بشرط أن يجلسوا في مطعم المجمع ويطلبون مشروبات أو حلويات على الأقل .. فالجلوس إجباري .. أما تناول الطعام فليس إجباريا ..

    الغريب في الأمر أنها كانت دائما تجده في نفس الموعد وفي نفس المكان .. فهل كان ذلك يعني أنه يبادلها مشاعرها وحبها ؟! لا بد أنه كذلك .. وإلا فلم يأتي كل يوم إلى المطعم ؟ ولم يختار الجلوس في المقهى المطل على البحيرة في الوقت الذي تكون هي فيه هناك .. ولم يختار مقعدا مقابلا لمقعدها بحيث تكون أنظاره موجهة إليها ؟؟ إذن لابد أنها لا تتوهم .. وأنه يبادلها اهتمامها باهتمام مماثل ..

    تذكرت كيف كان ينظر إليها حين يجلس في المقهى .. كيف كان يتأملها خلسة .. بعيدا عن أنظار أصدقائه المتطفلين .. تذكرت كيف كان يبتسم لها بدفء وحنان .. وكيف كانت تخجل حين ترى ابتسامته فتهرب عيناها من عينيه ... وتضطرب أنفاسها .. كان كل ذلك بينهما دون أن ينطق أحدهما بحرف .. دون أن يتبادلا أي كلمة .. دون محاولة منه أو منها بالتقرب للثاني .. وكأنهما متفقين على الاكتفاء بالنظرات والابتسامات ..

    كانت تحس بأنها أكثر من يعرفه في هذه الدنيا .. كانت تحس بأنها تعرف أخلاقه .. شخصيته .. ردات فعله .. كل حركة تبدر منه كانت تشعر بها قبل أن يقوم بها .. كانت تحس بأنهما يتناجيان بالنظرات .. بأن هناك حديث صامت بينما بالأعين .. فبعينيه يسألها : كيف حالك ؟ وبعينيها تجيبه : إنني بخير .. كيف حالك انت .. فيجيبها : انا بخير مادمتي كذلك .. فتقول له : لقد اشتقت لك كثيرا .. فيجيبها : شوقي اكبر من شوقك .. كانت دائما تشعر بأنها تحدثه بعينيها .. وأنه يفهم ما تريد قوله .. فيجيبها بعينيه .. وإن كانت تشعر بضيق .. يبين ضيقها في عينيها .. فيسألها بقلق بعينيه : مابك .. لم انت متضايقه ؟! فتبتسم عيناها له : لا تحمل همي .. فيجيبها بأسى : كيف لا وهذه النظرة في عينيك .. وتغيم عيناه بألم وضيق مماثل لألمها .. وكأنه يشعر بكل ما تشعر به ..
    أليس هذا هو الحب ؟! أيمكن لأحد ان يتهمها بأنه مجرد إعجاب أو وله .. وأنه من المستحيل أن تحب شخصا لم تسمع حتى صوته ؟ الا يعرفون بتناجيهما الصامت ؟ الا يدركون أنها لم ولن تعرف أحدا كما عرفته ؟ .. وكل هذا بعينيها فقط ؟!
    إنه ليس مجرد حب .. إنه عشق .. إنه غرام .. إنه حياة بأكملها ..

    استمر الحال بينهما بتبادل النظرات .. أسبوع .. أسبوعان .. ثم ثلاثة .. وفي نهاية الأسبوع الرابع .. خرجت سارة وحدها إلى المجمع فالفتيات أصررن على الذهاب إلى السينما لمتابعة أحد الأفلام .. بينما رفضت هي مرافقتهن .. فقد كانت تشعر بضيق غريب .. لا تعرف له سببا .. كما أنها لم ترد التخلف عن موعدها مع حبيبها الصامت .. فقررن الفتيات الذهاب دونها .. بشرط أن تتصل بهن ما إن تفرغ من موعدها وتحضر إليهن .. فوافقت سارة على ذلك .. بكل راحة وترحيب ..

    وتوجهت وحدها للمجمع في وقت أبكر من المعتاد .. فقد أرادت ان تتمشى قليلا .. وما إن دخلت إلى المجمع حتى رأته .. لقد كان واقفا في إحدى الأركان وعيناه معلقتان على الباب الذي اعتادت سارة على القدوم منه .. فما إن رءاها احست به يزفر بارتياح ... وكأنه كان قلقا من شيء ما .. وكأنه أراد رؤيتها بإلحاح .. فنظرت إليه بقلق .. لم يبدو عليه القلق والهم .. لم يبدو متألما .. صدت بعينيها عنه وتابعت السير في ممرات المجمع .. واختفى عن أنظارها .. فتساءلت .. ترى أين اختفى .. إلى أين ذهب .. ثم وبعد حوالى ربع ساعة عاد ليظهر من جديد .. فاطمأنت سارة .. إنه لا يزال موجودا ...
    واكملت سارة طريقها بين زاوية وأخرى في المجمع .. تقلب في البضائع المختلفة .. وقد أحست لأول مرة بأنه يتبعها .. واستغربت .. إنه لم يتبعها أبدا من قبل .. لم تبعها في هذه المرة .. وفجأة وجدته قربها .. ففزعت خوفا .. ياإلهي .. لم اقترب بهذا الشكل .. يبدو انه ينوي التحدث إليه .. يا إلهي لا أريد أن أحدثه .. لا لا أريد .. وأخذت دقات قلبها بالتسارع .. وسمعت صوته لأول مرة في حياتها ..
    حياها قائلا : السلام عليكم ..
    لم ترد عليه تحيته .. فالخوف كان قد شل لسانها .. والخجل جعلها تحمر بشدة ..
    كرر تحيته بهدوء : السلام عليكم ..
    أيضا لم تقم ساره برد التحية .. بل اكتفت بتقليب نظراتها الزائغة في أرجاء المجمع بهلع ..
    فقال لها : لا تسيئي فهمي .. فأنا لا أقصد إهانتك أو جرحك أو حتى التطاول عليك .. كل ما أردته هو إخبارك بأنني مسافر في الغد .. وانني أريد توديعك قبل رحيلي .. وأن أرجوك أن تقبلي مني هذه الوردة البسيطة .. كتعبير عن احترامي لك ..
    ومد يده بالوردة .. وهي لا تعرف أتأخذها أم لا .. والصدمة تتغلغل في تفكيرها .. يا إلهي .. إنه راحل .. إنه مسافر .. لن أراه ثانية .. أحست بالأرض تميد تحت قديمها فأرادت أن تتشبث بأي شيء حتى لا تسقط .. ولكنها حاولت تمالك نفسها أمامه .. فلا تريد أن تتسبب بأي نوع من الإحراج .. فمدت يدها المرتجفة بصمت وأخذت الوردة منه ..
    فابتسم لها بحزن وقال لها .. مع السلامة .. وتابع سيره إلى باب الخروج ..
    كادت أن تصيح به منادية .. لا ترحل .. أرجوك .. إرجع .. لا تتركني وحيدة .. سأتحول إلى حطام وأشلاء دونك .. لكن صوتها لم يسعفها .. صرخت من أعماقها .. ولكن بصمت .. صرخة مؤلمة .. قاسية .. ولكنها لم تخرج .. ظلت حبيسة في جوفها ..

    نكست رأسها وسارت في الاتجاه الآخر .. باتجاه الباب المؤدي إلى الفندق .. لم تكن قدماها قادرتان على حملها .. فقد أحست بالوهن في كل أطرافها .. عادت إلى الفندق ودخلت الغرفة .. فانفجرت باكية .. تغسل كل آلامها وأحزانها .. آلام الفراق الموجعه ..

    لم تتصل بالفتيات فقد فقدت كل رغبة بالخروج أو بالضحك .. أرادت أن تدفن رأسها في الوسادة وتنام .. علها حين تستيقظ تكتشف أنها كانت تحلم .. وأن الفراق ماهو إلا كابوس مزعج .. ولكن هذه الوردة في يدها هي أكبر دليل حي على صدق ما جرى .. على أن الفراق واقع لا محالة ..

    نامت سارة لمدة قصيرة .. استيقظت بعدها على فكرة خطرت ببالها .. اليوم لم ينتهي بعد .. لا بد أن تراه في الحديقة اليوم .. لا بد أنه سيأتي .. لم يقل بأنه غير آت اليوم .. إذن ستراه .. وستودعه الوداع الأخير .. ستحاول أن تشبع ناظريها بمرآه قبل رحيله .. فهي لا تدري إن كانت الأقدار ستجمعهما مجددا أم لا ..

    عادت الفتيات من السينما وهن قلقات على ساره فهي لم تتصل بهن لتخبرهن بأنها ليست قادمة .. كما أنها لم تظهر هناك .. ولا تجيب على هاتفها .. وما إن دخلن ورأينها حتى صرخن كلهن بغضب .. لم لم تتصلي بنا لتخبرينا بأنك لست قادمة .. فنظرت لهن سارة بحزن ولم تجبهن .. ففهمن بأن هناك خطب ما .. وسألنها عما بها .. فأخبرتهن بكل ما جرى .. وأخذت في البكاء .. حاولن مواساتها .. ثم صمتن محترمات لحزنها .. وشجعنها على الاستعداد للوداع الأخير .. فعلى الأقل يجب أن تراه ووجهها مشرق .. فقد لا تراه ثانية ..

    ذهبت سارة إلى الحديقة وكان هناك كالمعتاد .. أخذا يتبادلان النظرات الصامتة .. وهي تعده بعينيها بأنها لن تنساه أبدا .. وبأنها ستظل مخلصة له للأبد .. وشعرت بعينيه تعدانها بأن انتظارها لن يطول .. وأنه سيأتي بحثا عنها قريبا .. وعلى هذا الوعد الصامت افترقا ...

    أظلمت الدنيا في عيني سارة بعد رحيله .. فما عادت ترى نورا .. ولا زهورا .. ماعادت تحس بالحياة من حولها .. أصبح الناس يمرون أمامها كأطياف .. أو أشباح مظلمه .. لا بهجة فيها .. ولا إشراق أو نور ... شهر كامل بقيت فيه سارة بعد رحيله في لندن .. مستسلمة .. تخرج دون احتجاج إلى أي مكان .. لا يذكره به .. فمجرد مرورها بالقرب من المجمع او الحديقة .. يجعل قلبها يعصف ألما وشوقا .. كانت تتظاهر بالاستمتاع والسعادة أمام الفتيات وأمام أهلها .. فهي لا تريد أن يشعر أهلها بما بها .. كما لا تريد أن تفسد العطلة على الفتيات ..

    وانقضى الشهر الثاني وعاد الجميع إلى الدوحة بسلام .. فشعرت سارة بالراحة بعد طول عناء .. فها هي على الأقل قد عادت إلى أحضان وطنها الحبيب .. وتجدد الأمل في قلبها برؤيته هنا على هذه الأرض الغالية .. فهي تشعر بأنه من هذه الأرض .. ومن هذه البلد مثلها تماما .. وهذا الشعور وحده كاف لجلب الاطمئنان إليها .. فعلى الأقل .. تشعر بأنه يتنفس نفس الهواء الذي تتنفسه .. تشعر بأنه في نفس المحيط الذي هي فيه .. تجمعهما أرض واحده .. وإن بعدت المسافات بينهما .. يظل قريبا .. قد تراه صدفة في يوم ما .. قد تراه في مجمع .. في الشارع .. في عيادة .. في أي مكان ..

    عند هذه الفكرة اطمأن بال سارة .. وهدأ قلبها .. إلا أن الأمل أخذ يتضاءل يوما بعد يوم .. فلا هي رأته في مكان ما .. ولا هو حاول الوصول إليها كما وعدتها عيناه .. فلم يبق لها سوى أمل اللقاء في مكان لقائهما الأول .. المكان الذي جمعهما .. وفرقهما ..

    إلتفت سارة إلى الساعة فوجدتها تشير للثالثة فجرا .. فشعرت بالهلع .. " ياإلهي لقد غرقت في ذكرياتي حتى طار النوم من عيني .. يجب أن أنام .. فغدا سأراه .. وأجدد ماضي ذكرياتنا " واستغرقت سارة في نوم عميق .....


    يتبع ...


  7. #7
    الصورة الرمزية SAD ANGEL
    SAD ANGEL غير متصل عضوه مميزه في منتدى النثر
    التسجيل
    25-10-2004
    الدولة
    حدائق بابل المعلقة / في سوريا
    المشاركات
    174

    مشاركة: قصة جديده ( غضي بالنظر ) من تأليفي ...

    يالله أخوي وين البقية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    ننتظرها على أحر من الجمر :vereymad:
    لا تتأخر علينا والله يوفقك

  8. #8
    التسجيل
    06-08-2003
    الدولة
    :: Alone With My Dream ::
    المشاركات
    3,354

    مشاركة: قصة جديده ( غضي بالنظر ) من تأليفي ...

    السلام عليكم ورحمة الله بركاته ............. ^_^


    مشكووووووووور اخوي وننتظر منك الفصول الاخرى ....................

    Snake Never Die سابقا

  9. #9
    التسجيل
    10-01-2005
    الدولة
    qatar
    المشاركات
    226

    مشاركة: قصة جديده ( غضي بالنظر ) من تأليفي ...

    الفصل الرابع : شيماء ...

    استيقظت سارة من نومها على صوت ضحكات أختها منال وابنة عمتها غدير .. تململت ساره في فراشها فقد أزعجتها هذه الأصوات .. غطت رأسها بالوسادة لتبعد عن مسمعها هذه الضحكات المزعجة .. وتساءلت في نفسها " مالذي أحضر غدير إلى منزلهم في هذه الساعة المبكرة ؟! فليس من عادتها القدوم إليهم باكرا " ...
    فتحت سارة عينيها وأخذت تفكر " أين أنا ؟! إنها ليست غرفتي ؟! " ثم شيئا فشيئا استعادت ذكرى الرحلة بالطائرة وإرهاقهم في الليلة الفائتة .. " إنها في لندن .. يا إلهي .. كم الساعة الآن ؟!" ألقت نظرة سريعة على ساعتها التي كانت تشير إلى الحادية عشر صباحا فهبت واقفة وأسرعت باتجاه الغرفة المجاورة منادية :
    منال ، هيا ، لم لم توقظوني حين استيقظتن ؟!
    هيا : لقد استيقظت قبل دقائق ولم أرد إزعاجك ، فأتيت أتفقد منال وغدير وشيماء .. فوجدتهن قد استفاقن للتو .. فكما ترين .. لا يزلن في الفراش .. فجلست اتبادل معهن الحديث ..
    سارة : حسنا إذن .. سأذهب لأغتسل ...
    منال : هل تريدين تناول شيء للفطور ؟! فقد قررنا نحن بأننا لا نريد تناول شيء ... سنكتفي بالشاي او القهوة فقط ..
    سارة : لا .. لا أريد شيئا .. سأكتفي بكوب من الشاي ..
    هيا : لقد قررنا الاتجاه إلى مطعمك المفضل لتناول الغداء .. ما رأيك ؟ هل انت موافقة ؟!
    سارة : وهل اعتقدتن ولو للحظة واحدة بأنني كنت سأتنازل عن تناول الغداء هناك ؟!
    ضحكت هيا وقالت : لا لم نعتقد ذلك ... كنت أمازحك فقط ..
    سارة : حسنا .. لا بأس .. ومتى سنخرج إذن ؟
    منال : لا أدري !! هل الثانية عشر توقيت مناسب ؟!
    سارة : انا لا امانع .. إنه يناسبني تماما ..
    هيا ، شيماء وغدير بصوت واحد : نحن أيضا يناسبنا ..
    منال : هيا إذن لنبدأ بالاستعداد ..
    كان هناك طرق على الباب ... فصاحت منال : من الطارق ؟!
    إنه أنا محمد .. هل شيماء هنا ؟!
    شيماء : نعم انا هنا ماذا هناك ؟!
    محمد : هل تريدينني ان اتكلم من وراء الباب ؟! افتحي لي ..
    شيماء : ارجع بعد نصف ساعة .. فقد استيقظنا للتو ..
    محمد : حسنا .. ولكن لا تذهبي الى اي مكان .. امي قد طلبت مني إبلاغك بشيء ..
    شيماء : حسنا .. لن نخرج قبل ان تحدثني ..
    انصرف محمد .. فتساءلت شيماء : ترى ماذا يريد محمد ؟!
    منال : وما أدراني ؟! هيا لنغتسل قبل أن يعود مجددا ونحن لم نستعد بعد ...
    شيماء : حسنا .. من سيدخل أولا ؟!
    غدير : انا سأدخل أولا .. فأنا لا أستغرق وقتا طويلا ..
    بعد نصف ساعة كانوا كلهم قد انهوا اغتسالهم .. وبدأوا بوضع الزينة .. وكانت شيماء أول من انهت زينتها لأنها خافت أن يؤخرها محمد في الموضوع الذي يريد التحدث إليها فيه .. " ترى ماذا يريد مني محمد ؟! ماهو هذا الموضوع الذي لا يمكن تأجيله ؟! "
    طرق الباب .. وبالطبع كان محمد هو الطارق .. فارتدت كل من غدير و هيا حجابهما وفتحت له شيماء الباب ..
    محمد : صباح الخير .. كيف حالكن يا فتيات ؟
    شيماء : اهلا .. صباح النور .. إننا بخير .. كيف حالك انت ؟ هل قضيت ليلة مريحة ؟!
    محمد : نعم ،، لقد نمت نوما عميقا ..
    شيماء : الحمد لله ..
    هيا " على استحياء " : هل تريد شرب شيء يا محمد؟ لقد أعددنا الشاي منذ قليل .. وهو لا يزال ساخنا ..
    محمد : حسنا لا بأس سأشرب شايا .. شكرا لك يا هيا ..
    شيماء : والآن .. ماهو الموضوع الذي اردت ان تكلمني فيه ؟!
    محمد : لقد طلبت مني أمي أن أقول لك بألا تخرجي مع الفتيات اليوم .. ولهذا جئت إليكن باكرا فقد خفت أن تخرجن دون أن أبلغك بالأمر ..
    شيماء : ولكن .. لماذا ماذا هناك ؟ لم لا أخرج معهن ؟ لقد اعتدنا على الخروج سويا ..
    محمد : امي تريد منك مرافقتها إلى مكان ما ..
    شيماء : أنا ؟! أين ؟! لم لم تخبرني بنفسها ؟!
    محمد : كانت ستخبرك لولا خروجها باكرا إلى السوق مع عمتي وزوجة عمي ..
    شيماء "بضيق" : حسنا .. لا بأس .. لن أخرج اليوم معهن .....
    محمد : حسنا إذن .. أين ذهبن الفتيات ؟! لقد كن هنا منذ قليل ..
    شيماء : إنهن في الغرفة المجاورة .. أتريد شيئا منهن ؟!
    محمد "بارتباك" : لا .. لا شيء .. كنت فقط اتساءل ...
    شيماء : سأناديهن .. منال .. سارة .. تعالين إلى هنا كلكن ..
    فتحت ساره الباب الذي يصل الغرفتين ببعضهما قائلة : ماذا ؟ ماذا هناك ؟
    شيماء : لا شيء .. إن محمد يسأل عنكن ..
    سارة : إننا هنا .. سنأتي في الحال .. فقد انتهينا تقريبا ..
    ودخلن إلى الغرفة حيث شيماء ومحمد .. فأخبرتهن شيماء بأمر عدم مرافقتها لهن .. فاستأن كثيرا .. إلا أنهن تقبلن الأمر .. وأخذن يتبادلن الحديث مع محمد بهدوء ...
    كان محمد يريد انتهاز هذه الفرصة ليتمكن من التحدث قليلا مع هيا و يحاول التقرب إليها ولو قليلا فيفهما أكثر .. وكانت هذه الكلمات القليلة التي تبادلاها بالنسبة إليه كالكنز الثمين الذي لا يقدر بمال .. وحين انصرف من عندهن كان هادئا مطمئن البال ..
    كانت الساعة تشير إلى الواحدة ... لقد تأخروا كثيرا .. كانوا ينوون الخروج باكرا .. لكن قدوم محمد إليهن قد أخرهن عن الوقت الذي كانوا ينوون الخروج فيه .. أسرعن بالخروج مودعات لشيماء ومتمنين لها قضاء وقت ممتع ..
    ما إن اقتربت الفتيات من المجمع حتى بدأت سارة في الارتجاف خوفا وقلقا .. ماذا إن لم يظهر ؟! ماذا إن لم يكن موجودا في الداخل ... ازداد اضطراب سارة مع كل خطوة باتجاه مدخل المجمع .. وتوقفت سارة فجأة عن متابعة السير عند المدخل ..
    وقالت : لا .. لا أستطيع الدخول .. إنني خائفه ..
    منال : هيا مابك الآن .. لطالما انتظرتي هذه اللحظة ..
    سارة : لا أدري .. أشعر باضطراب غريب .. لا يمكنني الدخول ...
    غدير : لا تكوني جبانة يا سارة .. فلندخل ..
    هيا : منال .. ادخلا أنت وغدير .. أنا سآخذ سارة لنتمشى قليلا إلى أن تهدأ نفسها المضطربة .. لن نتأخر .. بضع دقائق فقط ..
    منال : حسنا .. ولكن اتصلي بنا حين تدخلان لنوافيكما في المكان الذي ستكونان فيه ..
    هيا : بالتأكيد سأفعل .. لا تقلقي ..
    اتجهت كل من منال وغدير إلى داخل المجمع.. بينما أخذت هيا بيد سارة وعبرتا الشارع إلى الرصيف المقابل.. وحاولت هيا تهدئة سارة وطمأنتها .. فهدأ توتر سارة قليلا ..
    هيا : حبيبتي هل أنت مستعدة للدخول الآن أم لا زلت محتاجه لبعض الوقت قبل أن ندخل ؟!
    سارة : لا .. لندخل .. فقد هدأت قليلا .. لا أدري لم أنا بهذه السخافة ؟! لقد كنت في غاية الشوق لرؤيته .. والآن أجبن عن الدخول إلى المجمع و أكاد أن اموت رعبا من لحظة لقائه ...
    هيا : لا بأس عليك عزيزتي .. إنه شعور طبيعي ..
    سارة : نعم .. لا بد أن هذا صحيح .. هيا بنا لندخل ..
    ما إن دخلت سارة إلى المجمع حتى استعادت كل ذكرياتها بوضوح وكأنها تحصل للتو .. فتذكرت أول لقاء .. تذكرت الشوق والحنين .. كما تذكرت آخر لقاء كذلك .. والألم والحزن الذي عقبهما .. كانت تمشي بين الممرات وهي تقلب بصرها يمينا وشمالا .. علها تلمح طيفه بين الموجودين .. لكنها لم تر له أي اثر بينهم .. فبدأ الخوف من عدم حضوره يساورها من جديد .. ولكن لا !! لا بد أنه سيكون الآن في المطعم .. فالساعة الآن تشير إلى الثانية إلا خمس دقائق .. منت نفسها بهذا الأمل .. في محاولة منها لتهدئة قلبها الذي يئن شوقا ..
    اتجهت سارة وهيا إلى المطعم مباشرة .. واتصلت هيا بمنال لتطلب منها الاتجاه إلى المطعم مع غدير ليلتقوا هناك .. وما إن دخلت سارة إلى المطعم حتى خاب أملها من جديد .. فلا أثر له بين الموجودين .. إنه ليس هنا .. لم يحضر .. وألقت سارة نظرة يائسة على الساعة التي كانت تشير إلى الثانية و خمس دقائق .. قالت في نفسها :
    " قد يظهر بعد قليل.. فإننا عادة نستغرق وقتا طويلا في تناول غدائنا .. لا بد أن شيئا ما أخره " ..
    استقروا جميعا على طاولة .. وطلبوا ما كانوا يريدون من أصناف الطعام .. وأخذوا يتبادلون الحديث .. ولكن لم يظهر أي أثر لحبيب سارة .. التي كانت تقلب طعامها دون رغبة حقيقة في تناوله .. فنظراتها كانت زائغة .. متقلبة بين الموجودين .. ترقب وتنتظر ظهوره بين لحظة وأخرى ..
    وفي هذه الأثناء كانت شيماء في الفندق تفكر في سبب طلب أمها من محمد إبلاغها بألا تخرج مع الفتيات .. وهي مستغربة لهذا الطلب .. وبينما هي سارحة في أفكارها إذ بالهاتف يرن ..
    فرفعت شيماء السماعة : ألو
    الأم : شيماء ؟
    شيماء : نعم أمي هذه أنا ..
    الأم : هل انت مستعدة عزيزتي ؟!
    شيماء : مستعدة لماذا أمي ؟! ماذا هناك ؟! إلى أين تريدين أخذي ؟!
    الأم : إننا مدعوتان إلى الغداء عزيزتي .. أنا وأنتي .. وأبوك وأخوك محمد ..
    شيماء : نحن فقط ؟! وماذا عن البقية ؟! ومن صاحب الدعوة ؟!
    الأم : سأخبرك بكل شيء في الطريق .. هيا الآن هل أنت مستعدة ؟!
    شيماء : نعم أمي .. إنني مستعدة .. فقد ارتديت ملابسي منذ الثانية عشرة ...
    الأم : إذن أصلحي من زينتك قليلا .. وتعالي إلى غرفتي ..
    شيماء : حاضر أمي سأوافيك بعد خمس دقائق ...
    نزلت الأم وشيماء إلى الطابق السفلي وطلبتا سيارة أجرة لتقلهما إلى المكان الذي ستذهبان إليه .. فأعطت الأم لسائق الأجرة إسما لأحد أشهر المطاعم في العاصمة اللندنية .. فنظرت إليها شيماء بحيرة وسألتها :
    ألن تخبريني الآن من صاحب الدعوه ؟ وأين هما أبي وأخي محمد ؟!
    الأم : بلا سأخبرك .. بما أننا في الطريق الآن لا أجد مانعا من إخبارك .. بالنسبة لأبوك وأخوك فقد سبقانا إلى المطعم .. أما بالنسبة لصاحب الدعوة .. فإنهم عائلة .. وليس شخصا واحدا .. لقد اتصلت بي أم عبد العزيز ودعتنا إلى تناول الغداء معها وعائلتها ..
    شيماء : من هي أم عبد العزيز ؟!
    الأم : ألا تعرفينها ؟! إنها صديقة عمتك المقربة .. التي نراها دوما عندها ..
    شيماء : نعم نعم تذكرتها .. ولكن .. لم تدعونا نحن ؟ إننا لسنا على علاقة وثيقة بها .. فنحن نعرفها معرفة سطحية .. لا تستدعي دعوتنا إلى الغداء .. وهي لم تكتف بدعوتنا أنا وانت .. بل دعت أبي واخي كذلك .. إن الأمر يبدو غريبا بالنسبة لي ..
    الأم : حسنا .. لقد طلبت مني أم عبد العزيز عدم إخبارك بالموضوع إلا بعد انتهاء هذه الدعوه .. ولكن .. أعتقد أنه من الأفضل أن أخبرك بكل شيء الآن ...
    شيماء : ماذا هناك أمي ؟! لقد أرعبتني ..
    الأم : لا تخافي حبيبتي .. الأمر بكل بساطة هو أن أم عبد العزيز تريد خطبتك لابنها .. عبد العزيز .. ولكنها أرادت أن تجمعكما سويا أولا .. فتتعرفان إلى بعضكما البعض .. بحضورنا بالطبع .. لتعرفا إن كنتما ملائمان لبعضكما أم لا ..
    شيماء : أمي ماهذا الذي تقولينه .. ما هذه الطريقة الغريبة للخطبة ؟! المفترض أن تحضر هي وابنها إلى منزلنا .. لا أن نذهب نحن إليهم !!
    الأم : أعرف يا عزيزتي .. لكن كل ما في الأمر .. أن عبد العزيز مرتبط هنا بعمل .. كما أنه يحضر رسالة الدكتوراه .. ولا يستطيع الذهاب إلى الدوحة ... على الأقل ليس قبل سنة من الآن .. وهي حين كلمتني في الموضوع منذ أسبوع .. شرحت لي كل شيء وطلبت مني أن أعذرها وابنها .. كما قام والده بمحادثة أبيك وشرح كل الملابسات له كذلك ..
    شيماء : ولكن .. لا أستطيع التحدث إليه !! إنه غريب بالنسبة إلي .. وأنت تعرفين بأنني لم أتعود على التحدث إلى الرجال ..
    الأم : إننا كلنا سنكون معك عزيزتي .. أنا وأبوك وأخوك محمد .. ليس عليك قول الكثير .. يكفي أن تريه وتقرري إن كنت مرتاحة إليه أم لا .. كما أن أمه وأبوه وأخته فجر سيكونون موجودين كذلك ..
    شيماء : ولكن أمي .. لا أدري .. هل كان هذا اللقاء بناء على طلب منه ؟ أم من والدته ؟!
    الأم : إنه بناء على طلبه .. فكما قلت لك .. إنه رجل مثقف .. ولا يفكر في الزواج من امرأة لم يسبق له رؤيتها .. ومعرفة كيف هي شخصيتها .. وما هي طريقة تفكيرها .. وأنت تدركين أن المرء بإمكانه أن يستشف ذلك من جلسة واحده..
    شيماء : حسنا أمي ... سنرى ما سيجري ..
    الأم : بإذن الله يا عزيزتي لن يجري إلا كل خير ..
    شيماء : ولكني لا أعدك بالموافقة .. فيجب أن أصلي صلاة استخارة .. كما أريد وقتا للتفكير مليا بالأمر ..
    الأم : بالطبع حبيبتي .. يمكنك التفكير كما تشائين .. خذي وقتك .. ولكن اعلمي .. إن قررت الموافقة فسيتم عقد الزواج هنا .. قبل عودتنا إلى الدوحة ..
    شيماء: ماذا؟ ابهذه السرعة ؟
    الأم : نعم عزيزتي .. العقد سيتم هنا .. أما مراسم الزفاف .. فتحددانها لاحقا وحسب ظروف كليكما ..
    شيماء : لا أدري يا أمي .. فأنا حتى لم أفكر في موضوع الزواج أبدا ..
    الأم : لقد آن الأوان لك لتفكري به .. فأنت لست صغيرة الآن .. إنك في سن تؤهلك للزواج ..
    شيماء : حسنا .. لا بأس أمي ..
    كان عبد العزيز شابا وسيما في الثلاثين من عمره .. كما كان ذكيا .. مرحا .. سهل المعشر .. ومتحدثا لبقا .. وقد مر الوقت سريعا بشيماء التي استمتعت بوقتها .. وقد كانت مرتاحة ومطمئنة .. ولم تشعر بغربة بين أهل عبد العزيز فقد كانوا أناسا في غاية الطيبة .. وقد كانت فجر سعيدة بتعرفها على شيماء وأخذت منها رقم هاتفها لتتصل بها ويخرجان سويا ..
    كانت شيماء قد قررت الموافقة مبدئيا ، ولكنها قررت التريث إلى ما بعد صلاة الاستخارة .. حتى لا تخطو خطوة قد تندم عليها مستقبلا .. شكرت شيماء واهلها عائلة عبد العزيز على الدعوة اللطيفة ، كما طلبوا منهم أن يقبلوا بدعوتهم لهم بعد أسبوع من اليوم ... فقبل أهل عبد العزيز الدعوة بسرور .. وخاصة .. أن عبد العزيز قد بدا مرتاحا وسعيدا .. وظواهر إعجابه بشيماء وشخصيتها بادية عليه بجلاء ..
    ما إن عادت شيماء إلى الفندق حتى أخبرت الفتيات بكل ما حدث بالتفصيل الممل .. ففرحن كثيرا .. خاصة وأن شيماء قد بدت موافقة .. فأخذوا الأمر على أنه شيء مسلم به وواقع لا محالة .. ونسيت سارة حزنها وقلقها بفرحتها لسعادة أختها .. وتمنت أن تدوم سعادتها إلى الأبد ..
    يتبع

  10. #10
    التسجيل
    26-04-2004
    الدولة
    ()(K)()()()(S)()()()(A)()
    المشاركات
    113

    مشاركة: قصة جديده ( غضي بالنظر ) من تأليفي ...

    مشكور خوي على هذه القصه وارجوا ان تكملها لنا لاني انتضر بفارغ الصبر على الباقي من القصه ويعطيك مليون عافيه وسوف انتضر منك المزيد من القصص المشوقه
    يارب خذ روحي وخذها بالإحسان
    قضيت بالدنيا حسابي وعذابي
    عجل لنا يارب بملاقى المحبين
    صاحبي يارب زين العطافي

  11. #11
    التسجيل
    10-01-2005
    الدولة
    qatar
    المشاركات
    226

    مشاركة: قصة جديده ( غضي بالنظر ) من تأليفي ...

    **HarMony*

    العفو اخوي ... وشكرا للتشجيع والدعم .. وانشالله اكمل البقيه لكم قريبا ..


    Snak Never Die

    شكرا على الدعم المتواصل ..

    SAD ANGEL

    الله يسلمك ويعافيك .. بس لا تعصب .. راح اكملها للنهايه .. بس صبر شوي ...

  12. #12
    التسجيل
    10-01-2005
    الدولة
    qatar
    المشاركات
    226

    مشاركة: قصة جديده ( غضي بالنظر ) من تأليفي ...

    الفصل الخامس : اللقاء

    غرقت شيماء في أفكارها وأخذت تتذكر اللقاء بينها وبين عبدالعزيز .. ترى هل سيكون هو زوج المستقبل الذي ستكمل معه مشوار حياتها ؟! لا تدري !! ولكن .. لديها شعور قوي بأنه سيكون هو الشخص الذي ستقضي معه بقية حياتها .. نهضت شيماء واتجهت إلى الحمام للتوضأ وتصلي صلاة العصر .. ثم بعدها تصلي ركعتي استخاره ..

    كانت سارة تفكر في أختها شيماء ،، فمن خلال ما قالته لهم .. فإن موافقتها تعني بأنها ستفارقهم قريبا .. وكان التفكير في مفارقة شيماء لهم كالصدمة بالنسبة لساره .. فهي لم تفكر يوما في ابتعاد إخوتها عنها .. ولكن يبدو أن الكل يكبر ويغادر .. وهذه هي سنة الحياة .. ثم انتقلت سارة بأفكارها إلى حبيبها المجهول .. ترى هل سيأتي اليوم الذي يتقدم فيه لخطبتها كما خطبت أختها شيماء ؟! ترى هل ستجمعهما الأقدار مرة أخرى بعد أن تفرقا لسنة كاملة ؟! يا إلهي كم تود أن تراه اليوم ...

    كانت الساعة تشير إلى السادسة حين نهضن جميعا لتغيير ملابسهن .. وفي هذه المره كانت شيماء سترافهن .. فليس هناك ما يمنعها من مرافقتهن .. كما أنها تريد أن تتمشى قليلا في الحديقة وتفكر في شيء آخر غير أحداث هذا اليوم .. استعدت سارة وارتدت أجمل ما عندها من ملابس .. ثم اهتمت بوضع الزينة على وجهها .. وفي السابعة إلا ربعا اتجهوا جميعا إلى باب الخروج من الفندق ... وقد كانت سارة في غاية القلق ..

    ماهي إلا خمس دقائق حتى وصلوا إلى باب الحديقة .. فدخلوا إليها .. وقلب سارة يخفق بشدة إلى درجة تصم الأذنين .. فلم تعد تسمع شيئا سوى دقات قلبها المدوية .. وغامت الدنيا أمام عينيها .. فلم تر شيئا للحظات .. ثم شيئا فشيئا اتضحت الرؤية أمامها .. وهدأ خفقان قلبها المضطرب .. فأخذت أنفاسا عميقة .. تهدأ من روعها .. وتابعت سيرها برباطة جأش .. فها هي اللحظة التي انتظرتها طويلا تأتي .. وأخيرا وبعد طول غياب ستراه ..

    تعمدت سارة الذهاب قبل الموعد حتى تكون متهيأة لرؤيته .. ولا تتفاجأ به أمامها .. وكانت تدعو الله في كل خطوة تخطوها ألا يكون قد سبقها إلى هنا في المجيء .. فهي تريد أن تراه حينما يصل ويجدها أمامه .. كانت تريد أن ترى ردة فعله الأولى .. هل ستكون صدمة ؟! هل ستكون فرحة ؟! ارتسمت ابتسامة على شفيتها .. لا بد أنه سيتفاجأ بوجودها أمامه ... ازدادت ابتسامتها اتساعا وهي تتخيل اضطرابه وسعادته برؤيتها ..

    لاحظت منال ابتسامة ساره فقالت لها : أنت ! لم تضحكين هكذا ؟!
    سارة : لا شيء .. لقد تذكرت شيئا مضحكا ...
    منال : ماذا تذكرت ؟! قولي .. أريد أن أضحك أنا ايضا ...
    سارة : قلت لك لا شيء واسكتي الآن .. إن صوتك مرتفع للغايه ..
    منال : حسنا سأخفض صوتي .. ولكن أخبريني ...
    سارة : لا شيء .. صدقيني ...
    منال : حسنا حسنا لا بأس ..

    كان هناك الكثير من الناس في الحديقة .. فهذا يتزلج بمزلاجته .. وهذا يمشي أمام البحيرة .. والآخر يطعم البط والحمام ... وغيره يجدف بالقارب في البحيره .. وهذا جالس يرتشف القهوة في المقهى .. أنواع كثيرة من الناس ومن مختلف الأعمار والجنسيات متجمهرة هنا في هذه الحديقة الجميله وفي هذه الساعة من المساء ..

    كانت سارة تعرف بأنه يأتي من نفس الباب الذي تأتي هي منه .. فقررت أن تتمشى مع الفتيات أمام البحيرة لنصف ساعة كعادتهن قبل أن يتوجهن للمقهى .. وأخذت الفتيات يتمشين على طول الممر ذهابا وأيابا .. وهن يتحدثن ويضحكن .. وينظرن للأطفال المتراكضين بسعادة .. وفجأة شعرت سارة بأنه هنا .. شعرت بأنه موجود وقريب منها .. بل في غاية القرب ...

    استعدت سارة لملاقاته .. ومدت نظرها إلى البعيد فرأته .. لم يكن ينظر باتجاهها .. بل كان منهمكا في الحديث مع صديقه .. إلا أنها لم تيأس .. فلابد أنه سيشعر بنظراتها ويلتفت إليها .. وماهي لحظات حتى التفت ناحيتها .. والتقت عيناهما .. فشعرت به يهتز بعنف .. وكأن تيار كهربائي قد صعقه .. فأبعد نظره لحظة ثم أعاد تركيز نظراته .. وأخذ يغمض عينيه ويفتحهما .. وكأنه غير مصدق أنها هي .. أنه يراها أمامه .. ابتسمت سارة .. نعم .. هكذا تخيلت أن لقاءهما سيكون ..
    ابتسمت وظلت تنظر إليه بشوق .. وهو ينظر إليها .. وكأن الكون قد خلا مما سواهما .. وكأن العالم ليس به سوى عينيه وعنينيها .. سعادة سارة كانت لا توصف .. أحست أنها طائر يرفرف بجناحيه بسعادة .. أخذت أغنية تتردد كلماتها في أذنيها .. تتردد بعذوبة وبحلاوة .. كلمات جميلة تعبر عما في داخلها الآن .. عن الموقف الذي تعيشه الآن .. كانت الكلمات تردد ( يا عيون الكون غضي بالنظر .. اتركينا اثنين .. عين تحكي لعين .. اتركينا الشوق .. ما خلى حذر .. بلا خوف بنلتقي .. وبلا حيرة بنلتقي .. بلتقي بعيونها .. وعيونها أحلى وطن .. وكل الأمان ) .. نعم عيناه وطنها .. أمنها .. سلامها .. سعادتها التي طالما حلمت بها .. اختفى ألم الشوق الشوق الطويل .. ألم فراق سنة كاملة ، زال في اللحظة التي التقت فيها عينيهما .. وكأنهما يصلان مانقطع .. وكأن سنة من الفراق لم تمر بهما .. وكأنهما قد ودعا بعضهما بالأمس فقط ..

    بالأمس فقط مد لها يده بالوردة مودعا .. واليوم جاءها بكل شوق وحينين يفاجئها بوجوده .. بروعته .. بسحره .. آآآآآآآآآآه كم اشتاقت إليه .. وإلى كل شيء فيه .. أرادت أن تقترب منه وتضمه بشوق وتبكي ألم الفراق .. ولكنها أجبرت نفسها على الاكتفاء برؤيته .. فهذا أقصى ما تستطيع الحصول عليه ..

    اقترب منها أكثر وأكثر .. وهو يبادلها ابتسامتها بابتسامة أدفأ .. ونظراتها بنظرات أقوى .. وكأنه يقول لها شوقي إليك أقوى بكثير من شوقك إلي .. كان يتحدث إلى أصدقائه دون إبعاد أنظاره عنها .. وكأنه لا يهتم إن علم العالم بأسره بأنه ينظر إليها .. ولكنها شعرت بالخجل من أن يفتضح أمرها .. ويشعر كل من في الحديقة بحبها له .. فأبعدت نظراتها على مضض .. وتابعت سيرها ... وكانت تختلس إليه النظرات بين لحظة وأخرى .. كما قام هو بنفس ما قامت به .. وكأنه شعر بما أرادت أن تقول له .. فأخذ يختلس إليها النظرات دون ان يشعر أصدقاءه بأنه مهتم لأمرها .. فأسعدها ذلك كثيرا .. أسعدها أن يخشى عليها من كلام الناس .. ومن نظرتهم إليها ..

    كانت سارة مطمئنة والبسمة لا تفارق وجهها .. وحين انقضت النصف ساعة وقررت الفتيات بأنهن يردن التوجه إلى القهوة لم تمانع أبدا .. بل رافقتهن بسرور .. كانت تتحدث وتتحدث دون انقطاع .. وكأن الحياة قد عادت لها من جديد .. فأخذت الفتيات يضحكن عليها .. لأنها كانت تهذر دون توقف .. وأغلب هذرها غير مفهوم .. فقد كان مجرد عبارات غير مترابطة .. مضطربه .. محمومة .. تقولها فقط لأنها تريد أن تتحدث .. تطير .. تضحك .. فقد كانت تشعر بسعادة لا مثيل لها ..

    دخل إلى المقهى بعدها بدقائق .. واختار الجلوس على الطاولة المقابلة لطاولتهم تماما .. واختار الكرسي المقابل لكرسيها .. وقد كانت السعادة بادية على ملامحه .. سعادة هادئة .. مطمئنة .. وكأنه قد مر بالكثير من العذاب قبل أن يلقاها مجددا .. لمحت في عينيه آثار حزن دفين .. حزن لم تعرف له سببا .. وتمنت لو تستطيع مسح هذه النظرة من عينيه .. كانت مستعدة لتفديه بروحها حتى لا ترى مثل هذه النظرة مجددا .. ترى مابه ؟! هل هي نظرة حزن حقيقة أم مجرد أوهام رسمها خيالها ؟!

    لا إنها متأكدة بأنها لمحت الحزن في عينيه .. دققت أكثر في ملامحه .. فلاحظت أنه قد خسر الكثير من وزنه .. كما كان لونه شاحبا وأكثر سمرة .. والإرهاق ظاهر عليه .. فعيناه تحيطهما هالات سوداء .. وكأن عيناه قد جافاهما النوم لأيام أو لشهور .. أحست سارة بأن قلبها يعتصر ألما .. ودت لو تهرع إليه وتسأله عما أصابه ؟! ولم فقد نضارته و إشراقته ؟! لا يمكن أن يكون الحب هو السبب !!!
    شعرت سارة بسخافة الفكرة فسارعت بإبعادها عن ذهنها .. لا ليس هو السبب .. فهي ورغم عشقها وتتيمها به لم تتغير كما تغير هو ... لا .. لا بد أن هناك شيئا آخر .. لا بد أن في الأمر سرا .. ولكن .. كيف لها أن تصل إلى السر ؟ كيف لها أن تعرف سبب ما جرى له ؟!
    ترى هل ستعرف أي معلومة عنه ؟! أم سيظل مجهولا بالنسبة إليها ؟!

    أبعدت سارة نظرها عنه .. فلا يمكن أن تبقى محدقة إليه هكذا وإلا لفتت أنظار كل من في المقهى .. اخذت الفتيات تتحدثن عن مخططاتهن للغد .. والمشاوير التي ينوون الذهاب إليها .. وكل واحدة تفكر ماذا ستشتري من ملابس للدعوة التي قدمها أهلهم لعائلة عبد العزيز .. خطيب شيماء المنتظر ..

    شاركت سارة في الحديث إلا أن ذهنها ظل مشغولا بحبيبها المجهول .. فكانت تسترق النظر إلى حيث يجلس بين الفينة والأخرى ...

    لاحظت سارة تحديق أحد أصدقاء حبيبها بها ، فشعرت بانزعاج بالغ .. ترى ماذا يريد ؟! ولم يحدق بها بهذه الطريقة الغريبة ؟! ثم رأته يلتفت إلى حبيبها ويهمس له بكلمات وكأنه يقول شيئا عنها .. فلاحظت سارة نظرة غضب عابرة في عيني حبيبها .. أعقبها نظرة برود قاتل .. ورد على صديقه بكلمة او كلمتين .. ثم تعمد عدم النظر ناحيتها لبقية اليوم .. وكأنه يعاقبها لذنب ما .. ذنب مجهول لا يد لها فيه .. وتجهل ما هو .. لو كانت تعرف ماهو الذنب الذي ارتكبته لذهبت إليه ضارعة طالبة منه الصفح والعفو ..

    شعرت سارة بضيق غريب .. فانطفأ السرور من عينيها .. واختفت ابتسامتها .. وظلت صامته وشعور بالانزعاج والألم يرافقها لبقية الأمسية .. الانزعاج من نظرات هذا المتطفل الذي يجلس برفقة حبيبها ووقاحتها .. بل وجرأتها .. والألم للبرود الذي أخذ حبيبها يعامله به بعد أن تكلم معه هذا الشاب .. ظل حبيبها ينقل نظراته من صديقه إليها .. فبدت عليه علامات الانزعاج الشديده .. وكأنه يود لو يخنق صديقه بيديه الاثنتين ..

    نظرت إليه بتضرع لألا يلومها على رعونة صديقه ... فلا ذنب لها في تصرفاته .. فلاحظ نظراتها وتوسلاتها الصامته وابتسم لها باقتضاب .. وكأنه يقول لها " أنا لا ألومك ولكني لا استطيع احتمال هذا الوضع " .. فنظرت إليه وكأنها تسأله " حسنا .. ولكن مابيدي ؟ ماذا أقدر أن أفعل ؟" فنظر إليها وكأنه يقول " خذي صديقاتك واخرجي من هنا في الحال ..." فأسرعت سارة بطلب الفاتورة .. وكانت الساعة لا تزال الثامنة والنصف .. فاستغربت الفتيات أمرها .. فهي لم تعتد أبدا الانصراف باكرا حين يكون حبيبها موجودا .. لكنها قالت لهن باقتضاب بأنها ستشرح كل شيء لاحقا ..

    دفعوا الفاتورة واسرعوا باتجاه الفندق .. وكانت سارة في غاية الحنق والغضب .. فتساقطت من عينيها دموع لا إرادية لكثرة غضبها .. فقد أفسد عليها هذا المتطفل سعادتها باللقاء .. ليته لم يكن موجودا .. ليته لم يولد من الأساس ... هكذا كانت سارة تحدث نفسها وهي متوجهة إلى الفندق .. بسرعة الصاروخ لتخفف من حدة غضبها .. والفتيات يركضن خلفها ليدركن خطواتها السريعه ...

    ما إن وصلت إلى الغرفة حتى رمت حقيبتها من يدها وحذاءها من قدميها .. أجهشت بالبكاء .. والكل يسألها : مابك ؟ سارة ؟! ماذا جرى ؟! لم تبكين هكذا ؟!
    قالت سارة : لقد كان كل شيء على ما يرام .. إلى أن بدأ هذا المتطفل يلاحقني بنظراته المزعجه ...
    هيا : أي متطفل ؟! عم تتكلمين ؟!
    سارة : عن صديقه .. إنه لم يبعد أنظاره عني طوال الوقت الذي قضيناه في المقهى .. كما أنه همس لحبيبي بشيء .. لا أدري ما هو .. لكنه أغضبه كثيرا .. فلم يعد ينظر باتجاهي ..
    هيا : لا تنزعجي هكذا .. بإذن الله غدا سيكون كل شيء على مايرام ..
    سارة : كيف لا أنزعج وقد أفسد علي أسعد يوم في حياتي ..
    هيا : إنسيه الآن وحديثنا عن نظراتكما الهائمة .. وكل ما جرا بينكما من حديث بالعيون ...
    سارة : أريد أن أسألكم شيئا ...
    منال ، غدير وشيماء بصوت واحد : ماهو ؟
    سارة : ألم تلاحظوا بأنه فقد الكثير من وزنه ؟!
    غدير : بلا لقد لاحظت ذلك ..
    شيماء : أنا ايضا شعرت بأن هناك شيء ما متغير به ولكني لا أدري ما هو تماما ،، والآن فقط عرفت ... نعم لقد فقد الكثير من وزنه ..
    سارة: ترى ماسبب فقده لوزنه بهذه الطريقه ؟! إنني قلقة عليه جدا ...
    هيا : لا تقلقي ، عله يكون فقدان طبيعي للوزن .. كنقص شهية او شيء ما ...
    سارة : أتمنى ذلك ,,, أتمنى ألا يكون الأمر خطيرا ..

    اتصلت الفتيات بمحمد وطلبن منه أخذهن إلى السينما .. فهذا هو يومهن الأول ولا يردن قضاءه في الفندق .. وافق محمد في الحال .. وطلب منهن إمهاله بضع دقائق ليقطع التذاكر ويعرف متى موعد العرض بالتحديد ثم يأتي لاصطحابهن ..

    اتصل بهن محمد وقال لهن بأن الفيلم سيبدأ بعد نصف ساعة من الآن وبأنه سيأتي في الحال لأخذهن .. فذهبوا جميعا إلى السينما .. واستمتعوا بوقتهم كثيرا .. وبعد السينما اصطحبهن محمد إلى مطعم جميل ليتناولوا العشاء .. وأخذوا يتحدثون جميعا .. وقد لاحظت سارة اهتمام اخيها ونظراته لهيا لأول مرة في حياتها .. فهي لم تفكر قط بأن محمد قد يكون منجذبا لهيا .. كما لاحظت خجل هيا من محمد وترددها في الإجابة على أسئلته .. فقررت الاستفسار من أخيها عن الأمر .. وإن كان فعلا يحب هيا .. فستحاول قدر استطاعتها التوفيق بينهما .. فهي تحبهما سويا .. وتتمنى لهما الخير ......



    يتبع

  13. #13
    التسجيل
    10-01-2005
    الدولة
    qatar
    المشاركات
    226

    مشاركة: قصة جديده ( غضي بالنظر ) من تأليفي ...

    الفصل السادس : محمد و خالد

    في صباح اليوم التالي استيقظت سارة على رنين الهاتف بالقرب من رأسها .. فرفعت السماعة بانزعاج ...
    سارة : ألو
    محمد : صباح الخير ..
    ساره : صباح النور ..
    محمد : أما زلت نائمة إلى الآن ؟!
    سارة : نعم كلنا نيام .. ماذا هناك ؟!
    محمد : مارأيك في أن أدعوكن للغداء اليوم ؟!
    سارة : أنا لا أمانع .. ولكن يجب أن أرى رأي الأخريات بالموضوع .. ثم إن كنت ستدعونا فنحن من سيختار المطعم لا أنت ..
    محمد : حسنا أنا موافق .. اخترن المكان الذي تردن ..
    سارة : كم الساعة الآن ؟!
    محمد : إنها الثانية عشر .. لماذا ؟!
    سارة : لا لا شيء .. فقط أردت أن أعرف .. لأحزر الوقت الذي سنكون مستعدين فيه للخروج ..
    محمد : ما رأيك بالواحدة والنصف ؟!
    ساره : إنك تسأل وكأن القرار بيدي وحدي .. دعني أوقظ الباقين لأتأكد إن كنا سنرافقك أم لا ..
    محمد : حسنا .. أنا انتظر قراركن .. اتصلي بي على هاتفي لأنني سأنزل لأتمشى قليلا ..
    سارة : حسنا .. إلى اللقاء ..

    قامت سارة بإيقاظ الفتيات وإخبارهن باقتراح محمد .. فوافقن بسرور بالغ .. وبدأن بالاستعداد للخروج .. في حين اتصلت سارة بمحمد بإبلاغه بأنهن سيرافقنه .. وبأت هي أيضا بالاستعداد للخروج .. مأملة النفس برؤية حبيبها في المطعم ...

    اتجهوا جميعا إلى المجمع برفقة محمد الذي أخبرهن بأنه سيتركهن في الساعة الثالثة ليذهب إلى أصدقائه لأنه اتفق معهم على التوجه إلى السبنما لمشاهدة أحد الأفلام .. ما إن وصلوا إلى المجمع حتى توجهوا إلى المطعم المعتاد .. واختاروا طاولة في وسط المطعم .. وما هي إلا دقائق معدودة حتى دخل حبيبها إلى المطعم وحيدا .. وتوجه إلى إحدى الطاولات المقابلة لطاولتهم ليجلس عليها ..

    فرحت سارة برؤيته .. فقد أتى اليوم .. لا بد أنه قد جاء خصيصا لرؤيتها .. نظرت إليه بخجل .. وابتسمت .. فبادلها ابتسامتها الخجولة ثم أطرق برأسه موجها نظره إلى قائمة الطعام ...

    التفت محمد ليطلب من النادل أخذ الطلبات .. فوقعت عيناه على حبيب سارة .. فأخذ ينظر إليه بتمعن .. أليس هذا خالد ؟! لقد مرت سنوات منذ رأه آخر مرة .. ولكنه متأكد بأنه هو .. ولكن .. قد لا يكون هو خالد الذي يعرفه .. قد يكون شخصا يشبهه فقط .. في نفس اللحظة رفع الشاب نظره والتقت عيناه بعيني محمد .. فابتسم له ... وهب واقفا على قدميه .. وهو ينادي .. ألست محمدا ؟! ذهب إليه محمد مسرعا : إنك خالد ... وأخذا يضحكان ويسلمان على بعضهما .. بشوق ..
    محمد : كيف حالك ؟! لقد مرت سنوات طويله دون أن أراك ؟!
    خالد : إنني بخير .. أنا أيضا اشتقت إليك كثيرا .. لم أرك منذ زمن طويل ...
    محمد : نعم .. لقد مرت سنوات منذ ان أنهيت الجامعة وانشغلت بالعمل .. ولكن قل لي .. هل تخرجت أنت ؟!
    خالد : نعم لقد تخرجت منذ سنتين والتحقت بالشرطة .. وأنا أعمل الآن في النيابة العامة .. ماذا عنك أنت ؟!
    محمد : لقد امتهنت المحاماة .. فأنت تعرف مدى حبي للمرافعة والدفاع عن المظلومين ...
    خالد : نعم أتذكر جيدا مهارتك وبلاغتك الكلاميه .. أما أنا فتعرف أنني لا أحب الحديث كثيرا .. وإعداد الخطب .. ففضلت العمل في مجال الشرطة بدلا من المحاماة ...
    محمد : هذا جيد .. والله لقد اشتقت للأيام الجميلة التي كنا فيها سويا في الجامعة .. والمقررات التي كنا ننهمك في دراستها ...
    خالد : بالفعل لقد كانت أياما رائعة .. أتذكر حين كنا نسهر الليل بطوله نراجع أرقام القوانين ونصوصها ..
    محمد : منذ متى وانت هنا ؟! لا بد أن أراك كثيرا ونخرج سويا ...
    خالد : إنني هنا منذ فتره .. وسأبقى أيضا لبعض الوقت .. وبالطبع ارغب كثيرا بالخروج معك .. لم لا تتناول الغداء معي ؟! فكما ترى أنا وحدي هنا ..
    محمد : في الحقيقة لقد جئت إلى هنا مع أخواتي وبنات عمومتي .. ولكن .. بما أنني لم أرك منذ زمن سأعتذر منهن .. وأتناول غدائي معك ... فقط أعطني بضع ثوان لأستأذن منهن ...
    خالد : نعم تفضل بكل سرور ...

    كانت ساره تنقل نظراتها بين خالد ومحمد وهي فاغرة فاها .. منذ متى يعرفان بعضهما ؟! كيف لم تره مسبقا مع محمد ؟! لم لم تسمع عنه قط ؟! أهو صديق قديم لمحمد ؟! أسئلة كثيرة ظلت تدور في رأسها عندما جاء إليهم محمد ليستأذن في تناول الغداء مع صديقه ... فقلن له بأنهن لا يمانعن بتاتا بشرط أن يعدهن بتناول العشاء معهن اليوم .. فقوافق محمد وابتعد في اتجاه طاولة صديقه خالد ..

    فكرت سارة بأنها أخيرا ستتمكن من معرفة معلومات عنه .. ستسأل أخاها محمد عنه اليوم مساء حين يخرجون للعشاء ... ولكن .. كيف ستفتح معه الموضوع ؟! وماذا ستسأله بالضبط ؟! وكيف ستستطيع إسكات فضولها إلى أن يحل المساء ؟!

    ظلت ساره تنظر إلى خالد .. الذي كان يختلس إليها النظرات بين لحظة وأخرى .. وهو يتبادل الأحاديث مع محمد .. ولكنه لم يكن يحدق إليها .. بل كانت نظراته جادة بعض الشيء ويبدو عليه الاتزان والهدوء في حديثه مع محمد ..

    انتهى وقت الغداء وانصرفت الفتيات من المطعم ... وما إن خرجن حتى نظرن كلهن إلى سارة وصرخن سوية ..
    هل رأيت ؟! إنه صديق محمد ... يا إلهي ما أصغر هذه الدنيا ... لقد ظللت سنة كاملة تبحثين عن معلومات عنه .. ومصدر المعلومات لا يبعد عنك سوى بضع أمتار ؟!
    سارة بسعادة : نعم لقد صدمت بشدة حين سلما على بعضهما ولكنني حاولت تمالك نفسي حتى لا تبدو آثار الصدمة على وجهي بجلاء ...
    هيا : نعم لقد لاحظت ذلك .. كان يجب أن تري التعبير المضحك الذي ارتسم على وجه منال حين قام محمد ليسلم عليه .. لقد ظلت تغمض عينيها وتفتحهما بذهول .. وكأنها غير مصدقة لما يحدث أمامها ...
    منال : في الحقيقه لم أتصور بتاتا أن يكون صديقا لمحمد .. لقد كانت صدمة بالنسبة إلي .. فقد كان لدي إنطباع بأنه ليس من قطر ...
    سارة : أما أنا فكنت أشعر دوما بأنه قطري .. ولكنني لم أتصور ان يكون صديقا لمحمد كذلك .. لا أدري لماذا .. ولكن يخيل إلي أن محمد يكبره ببضع سنين ..
    شيماء : نعم أعتقد فعلا أن محمد أكبر منه .. ولكن هل يشترط أن يكون صديقه يماثله سنا ؟!
    ساره : نعم .. أعتقد أنه لا يشترط أن يكون في مثل سنه تماما ... أنا سعيدة لأنني أخيرا سأعرف إسمه على الأقل .. أريد منكن مساعدتي على معرفة معلومات عنه .. في أثناء حديثنا اليوم مع محمد على العشاء ..
    فقلن لها : حسنا سنساعدك بأقصى ما نستطيع ..

    وانطلقت كل واحده منهن في اتجاه تبحث عن فستان مناسب لدعوة العشاء التي سيقيمها والدي سارة بعد أقل من أسبوع ... وحين انتهين جميعا من التسوق .. عدن إلى الفندق .. ليصلين ويغيرن ملابسهن .. ويرتحن قليلا قبل التوجه إلى الحديقة ..

    وكما حدث بالأمس .. وصلت سارة قبل وصوله بقليل .. إلا أنه في هذه المرة لم يصدم لرؤيتها .. بل كانت عيناه تشعان سعادة .. ولم يكن برفقة صديقه الذي كان معه بالأمس .. بل برفقة مجموعة أخرى من الشباب ..

    حالما توجهت الفتيات برفقة محمد إلى المطعم حتى بدأن بسيل من الأسئلة التي لا تنتهي حول الشاب الذي تركهن ليتناول الغداء معه ..
    وكانت سارة أول من وجه الأسئلة إليه : من هذا الشاب الذي تركتنا من أجله اليوم ؟
    محمد : آسف لأنني تركتكن .. ولكنه صديق قديم لم أره منذ مدة طويلة ..
    سارة : ولكنه يبدو أصغر منك بكثير .. فكيف يكون صديقك ؟
    محمد : نعم إنه أصغر مني فعلا .. ولكن ليس بكثير كما تعتقدين .. إنه أصغر مني بسنتين فقط ..
    شيماء : أين تعرفت إليه ؟ وما هو اسمه ؟
    محمد : لقد كان يدرس معي في الجامعه .. وقد أخذنا عدة مقررات سويا .. واسمه خالد ...
    كاد قلب سارة يرقص فرحا ... فها هي أخيرا تعرف اسمه ..
    ساره : إذن فهو يعمل في المحاماة مثلك تماما ..
    محمد : لا .. لطالما كان شابا هادئا لا يحب إطالة الحديث .. فضل أن يدخل في سلك الشرطة بدلا من المحاماة .. وهو يشغل منصبا مرموقا في النيابة العامة كما أخبرني ..
    شعرت سارة بأنها فخورة به جدا .. فكونه شاب جامعي مثقف وبمركز مرموق جعلها تشعر بأنه ليس شابا تافها يحب قضاء الوقت فيما لا ينفع .. بل إنه رجل يمكن الاعتماد عليه .. رجل بمعنى الكلمه ..
    منال : هل كان صديقا مقربا لك ؟ أم أنك كنت تعرفه مجرد معرفة عادية ؟!
    محمد : تستطيعين القول بأننا كنا نقضي وقتا طويلا معا في فترة من الفترات .. ولكن ظروف الحياة ومشاغلها .. دائما ما تلهي الأصدقاء عن بعضهم ...
    هيا : هل هو متزوج ؟ أم أنه أعزب ؟!
    شعر محمد بضيق من سؤال هيا .. وقد كان له وقع سيء في نفسه .. ترى لم تهتم إن كان متزوجا أم أعزبا ؟! هل أعجبها ؟! نعم إنه أصغر منه سنا .. كما أنه شاب وسيم .. وذو جاذبية طاغيه .. شعر محمد بغيرة قاتله .. ولكنه حاول تمالك نفسه وأجاب هيا بهدوء .. كلا إنه ليس متزوجا .. لا يزال عازبا .. ولم أسأله إن كان يرغب بالزواج أم لا .. ولكن !! لم تسألن كل هذه الأسئلة ؟! وما هو سبب هذا الاهتمام المفاجئ بأحد أصدقائي ؟! لطالما رأيتموني برفقة شباب آخرين .. ولكنكن لم تسألنني قط عن احدهم ؟!
    شعرت الفتيات بارتباك .. فيبدو أنهن قد أكثرن في الأسئلة .. فحاولت شيماء تبرير الموقف قائلة :
    لا شيء .. ولكنها أول مرة نراك فيها تلتقي بأحد أصدقائك الذين لم ترهم منذ مدة .. فأصبنا بالفضول ليس إلا ..
    محمد " بشك " حسنا لا بأس .. ما رأيكن بالذهاب إلى المتحف غدا صباحا ؟!
    ساره : حسنا لا بأس .. وهل سترافقنا للغداء بعد ذلك ..
    محمد : لا لا أعتقد ... لقد وعدت أبي أن أخرج معه في الغد .. فلديه عدة أمور يريد تسويتها ..
    سارة .. حسنا لا بأس يكفي أنك سترافقنا للمتحف صباحا .. ولكن في أي وقت تريد منا أن نكون مستعدين ؟!
    محمد : يفضل أن تكن مستعدات قبل العاشره ..
    وافقن جميعهن بسعادة .. وأكملوا عشاءهم وهم يتبادلون الضحكات والنكات الطريفة .. والمواقف المضحكة التي مر بها كل واحد منهم ...

    عادوا جميعا للفندق وبدأوا يستعدون للنوم بعد هذا اليوم الطويل .. وسارة سعيدة جدا .. أخيرا عرفت اسمه .. " خالد " ياله من اسم جميل .. يناسبه تماما .. يلائم شخصيته الهادئة الجادة .. لاسمه وقع موسيقي في أذنيها .. أخذت تردده مرات ومرات .. وكأنها تناديه .. وتستمتع بنطقها لاسمه بصوت خافت مرددة " خالد " .. ترى هل يسمعها ؟! هل يشعر بأنها وفي هذه اللحظة بالذات تناديه ؟!

    دخلت هيا إلى الغرفة وسمعت سارة تردد اسم خالد مرارا وتكرارا .. فأخذت هيا تقهقه عاليا .. ونادت باقي الفتيات .. تعالوا إلى هنا بسرعة .. لقد جنت سارة ...
    منال : إنها مجنونة منذ زمن ولكنكن لم تدركن ذلك ...
    غدير : ماذا هناك ؟!
    هيا : لقد دخلت الغرفة فسمعتها تردد اسم خالد .. ولم أتمالك نفسي من الضحك ...
    سارة : إنني سعيدة .. بل إنني أطير من الفرح .. أخيرا عرفت اسمه ..
    شيماء : يالك من بلهاء .. وماذا إن عرفت اسمه ؟! هل حصلت على كنز ؟! إنه مجرد اسم !!!
    سارة : لا أدري .. ولكنني أشعر بأنه بات أقرب إلي .. لم يعد الوصول إليه مستحيلا كما كان في السابق .. فها أنا شيئا فشيئا أقترب منه .. وأعرف أمورا عنه ..
    شيماء : حسنا حسنا .. لا بأس .. سأذهب لأنام .. أنا متعبه ..
    هيا " وهي تضحك " : إنني آسفة يا سارة لأنني سخرت من سعادتك .. ولكنني بالفعل لم أتمالك نفسي ... سامحيني ..
    سارة : سأسامحك .. لأنني الآن في غاية السعادة .. ولا يهمني أي شيء في هذا العالم .. إضحكي .. اصرخي .. افعلي ما شئت .. فلن يغير هذا من سعادتي شيئا ..
    منال : آه ياللغباء ... هيا بنا يا غدير لنذهب من هنا .. فسخافة هذه الفتاة بدأت تصيبني بالضجر ...
    غدير : حسنا هيا بنا .. يجب أن ننام لأننا سنستيقظ باكرا في الصباح ... تصبحون على خير ..
    هيا : وانتي من أهل الخير .. هيا يا سارة .. يجب أن ننام نحن أيضا ..
    سارة : حسنا ,, تصبحين على خير عزيزتي .. ولكن ذكريني في الغد .. أريد أتحدث معك في أمر مهم ..
    هيا : ما هو هذا الأمر المهم ؟!
    سارة : ليس الآن ... سأخبرك غدا ...
    هيا : حسنا إذن ..



    يتبع ...

  14. #14
    التسجيل
    10-01-2005
    الدولة
    qatar
    المشاركات
    226

    مشاركة: قصة جديده ( غضي بالنظر ) من تأليفي ...

    الفصل السابع : في قاعة الانتظار

    غرقت سارة في نوم عميق .. حلمت خلاله بوجه خالد .. وقد كان شديد القرب منها بشكل كبير .. إلا أن في عينيه نظرة ألم وعذاب .. فحاولت أن تمد يدها لتلمس وجهه عل هذه النظرة تختفي عن وجهه .. ولكن .. كانت كلما تمد يدها وتقترب من لمسه يبتعد عنها .. ظلت تقترب وهو يبتعد ويبتعد ويبتعد .. حاولت اللحاق به .. حاولت مناداته ليعود .. إلا أن صوتها لم يكن يطيعها .. كانت صرخاتها مكتومه .. فأخذت تذرف دموعها بخوف .. وتنادي عليه مجددا عله يسمعها فيتوقف عن الابتعاد ..
    فجأة استيقظت سارة من النوم .. لتجد عيناها مبللتان بالدموع .. وأنفاسها متسارعة ودقات قلبها غير منتظمة .. وخوف عميق يهز كيانها .. ترى ماذا جرى ؟! لم حلمت بهذا الحلم المزعج ؟! أخذت سارة تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وتقرأ الفاتحة والمعوذات حتى هدأت وعادت للنوم من جديد ...

    في هذه الأثناء .. كان خالد يتقلب في فراشه قلقا .. نظر خالد إلى ساعته فوجدها تشير للرابعة صباحا .. بقي له خمس ساعات ليقضيها في النوم وبعدها عليه الاستيقاظ والاستعداد للتوجه للمستشفى .. ليقابل الطبيب الذي يعالجه .. ترى ماذا سيخبره هذه المرة ؟! هل سيجبره على قضاء بضعة أيام هناك لإجراء تحاليل وما شابه ؟! إنه لا يريد ذلك .. ليس الآن بالتحديد .. إنه لا يخاف المرض .. ولكنه لا يريد أن يمرض الآن وفي هذا الوقت .. ليس وهي موجودة هنا .. إلهي أرجوك .. أمهلني شهرا او شهران قبل ان يهاجمني المرض مجددا .. لن تفهم غيابي .. ستعتقد بأنني أتهرب من رؤيتها .. لن تعرف بأنني هنا مريض واتحرق شوقا إليها ... لا أريد أن أجبر على الابتعاد عنها .. أريد أن أراها وأمتع ناظري بمرآها ..

    أخذ خالد يدعو الله بتضرع ألا يجبر على إمضاء بعض الوقت في المستشفى الآن .. أخذ يدعو ويدعو حتى غرق في النوم .. ولم يستيقظ إلا على يد والدته التي تربت على كتفه وتناديه ...
    الأم : خالد .. خالد .. هيا يابني .. استيقظ .. عليك الاستعداد للمستشفى ..
    خالد : صباح الخير امي .. كم الساعة الآن ؟!
    الأم : إنها التاسعة صباحا عزيزي..
    خالد : حسنا أمي سأنهض الآن ..
    الأم : سأنتظرك في الخارج بعد أن أعد لك الفطور ...

    نهض خالد من السرير واتجه لأخذ حمام سريع قبل توجهه إلى الطبيب .. ليزيل عنه إرهاق الأرق وقلة النوم .. ثم خذج وذهب ليتناول فطوره مع والدته الحبيبه .. التي أرادت مرافقته إلى الموعد إلا أنه رفض ذلك وبإصرار .. قائلا لها بأن لا ضرورة لذلك وأنه لا يشعر بسوء .. وأنه مجرد موعد عادي للتأكد بأن كل شيء على ما يرام .. وأسرع خارجا من الشقة حتى لا يتأخر على موعده مع الطبيب ..

    كان المستشفى قريبا من المكان الذي يسكن فيه خالد ، فقرر الذهاب مشيا على قدميه ، عله يخفف من حدة التوتر الذي يشعر به .. وسرعان ماوصل خالد إلى وجهته .. فقدم أوراقه للاستقبال .. ودفع رسوم الزيارة ، ثم طلب منه الانتظار قليلا ريثما ينادى على اسمه للدخول إلى الطبيب ..

    جلس خالد في غرفة الانتظار المكتظة بالمرضى المنتظرين .. وكل منهم يقضي وقته بطريقة مختلفه .. فمنهم من يقرأ الجريدة ومنهم من يتابع التلفاز وأخر يتحدث إلى الشخص الجالس بقربه .. بينما خالد قرر قضاء وقته بالاستغراق في ذكرياته .. فعاد بذاكرته إلى الصيف الماضي .. حين رأى سارة للمرة الأولى .. تذكر الصدمة التي شعر بها .. لا يدري لماذا ولكنه شعر بإحساس غريب .. لم يسبق له ان شعر بمثله .. كان نادرا ما يهتم بالفتيات أو بالحب .. كان يكرس كل وقته للعمل .. فهو ذو شخصية جادة مستقيمة .. إلا أنه حين رأها انقلب عالمه رأسا على عقب .. تذكر كيف أخذ يتابعها بنظراته وهي تمشي في أرجاء المجمع الواسع ..

    تذكر الخجل الذي كان يعتريها حين تلتقي اعينهما .. فينجذب إليها أكثر وأكثر .. كانت نظراتها الخجولة تملؤه نشوة وسعادة .. حاول التقرب منها أكثر من مرة .. ولكنه لم يكن يعرف كيف يتقرب إليها .. فهو لم يسبق له ان حاول التودد إلى فتاة .. فكان كلما أقدم على الاقتراب منها خطوة .. يتردد ويشعر بالخوف من أن تسيء فهمه أو أن يجرح شعورها .. أو تأخذ انطباعا خاطئا عنه .. أرادها أن تراه كما هو .. شخص محترم متزن .. وليس شابا لعوبا يتابع الفتيات من مكان لآخر للتسلية وقضاء الوقت ...

    بعد أسبوع واحد بالضبط من اللقاءات اليومية ، كان خالد قد اتخذ قراره بالزواج منها ، فهو يشعر بأنها قريبة منه بشكل غريب ، يشعر بأنها تفهمه دون أن ينطق ، يشعر بأنها تقرأ نظراته .. حركاته .. لفتاته .. تناجيه وتحاوره دون حاجة للكلام .. وما أن اتخذ قراره بالزواج منها حتى بدأ باتخاذ الخطوات التي تؤهله الوصول إلى هدفه .. فسأل عنها في الفندق وعرف اسمها .. ومن تكون .. واحس بسعادة كبيرة حين علم أنها من قطر , وأنها أخت لصديق عزيز .. صديق في غاية الاحترام والأدب والتهذيب .. فاطمأن إلى أنها لابد ان تكون كشقيقها تماما ..

    ولكن الحرص واجب .. فبدأ يسأل عنها كل من يعرف في لندن ، وامتدح الجميع أخلاقها وأهلها .. لم يبق سوى أن يعود للبلاد ويفاتح أهله في الموضوع .. ثم يرتب أموره المادية ليكون مستعدا تماما لخطوة الزواج ... ولكنه يريد أن يطمأنها هي .. يريد أن يعدها وعدا صامتا بأنه سيكون لها .. ويريدها أن تعده ألا تكون لسواه .. ولكن كيف السبيل لإفهامها ذلك ؟!

    تردد خالد في البوح لسارة مباشرة بما يريد .. فهو لا يدري ما تخبأ له الأيام والظروف .. لم يرد أن يلتزم لها بوعد ثم يخذلها بنقضه .. فآثر السكوت إلى أن يتأكد تماما بأن كل شيء على مايرام ثم يفاجأها بخطبته لها ..

    كان كلما فكر في اليوم الذي ستعرف فيه بأنه يريد الزواج بها .. يشعر بسعادة بالغة .. ويضحك في سره .. لا بد أنها ستفاجأ .. ولن تتوقع مدى حبه لها .. لا بد أنها ستفرح كثيرا ...

    كان يشعر بحنان بالغ حين يتخيل ابتسامتها وضحكتها .. كان يطير فرحا وسرورا لفرحها .. ويموت هما وحزنا حين يرى ألما في عينيها .. ويعي تماما بأنها تشعر بما يشعر .. وتبادله إحساسا بإحساس ... ألما بألم .. فرحا بفرح .. حبا وعشقا وهياما ..بحب وعشق وهيام مماثلين ...

    قبل سفره بيومين .. أراد خالد أن يقدم لسارة رمزا .. دليلا ما .. ليكون كالعهد الصامت بينهما .. ليكون دليلا على حبه لها وأنه لن يخذلها مهما كان .. فأخذ يفكر ويفكر .. ترى ماذا يقدم لها ؟! أراد أن يقدم شيئا بسيطا وفي نفس الوقت معبرا .. وفي النهاية استقر قراره على تقديم وردة .. وردة وحيدة .. يقدمها لها بكل الحب الذي يحمله في قلبه .. وهو متأكد تماما بأنها ستفهم ما يقصد .. ستفهم بأنه يعدها بمستقبل مشرق .. يربطهما معا .. لا يفرقهما شيء أبدا ..

    فقرر شراء الوردة في يومه الأخير .. ولكنه احتار في الطريقة التي سيتمكن فيها من تقديم هذه الوردة لها .. فهي دوما مع صديقاتها .. لا تفارقهن .. وهو يريد أن يلتقيها وحدهما .. حتى يستطيع أن يتجرأ ويقترب منها .. ولحسن الحظ .. تحقق له ما يريد فقد كانت وحدها .. ما أن رأها وحدها حتى كاد يطير سعادة ... أخيرا سيقترب منها ويقدم لها وردته ..

    هم خالد بشراء الوردة سريعا .. ثم تبعها بصمت ليقترب منها ويقدمها لها ، كان كلما اقترب خطوة .. ارتعد قلبه وارتجفت أوصاله .. إنها أول مرة يقوم بشيء كهذا .. ولكنه سيقوم به مهما كان الثمن .. اعتراه الخجل .. واحمر وجهه .. إلا أنه حاول إخفاء اضطرابه قدر الإمكان ..

    تذكر صدمتها حين كلمها .. ثم الألم في عينيها حين أخبرها بأنه عائد للوطن ... ثم التردد والخوف في أخذ الوردة .. وبعد ذلك السعادة برمز الوعد بينهما .. وبنظرته إليها المحملة بالوعود بعدم النسيان وباللقاء القريب ..

    ما أن عاد إلى الدوحة حتى فاتح أهله بالأمر .. وأخبرهم بكل شيء .. فكادت أمه تطير فرحا .. فلطالما حلمت بزواج ولدها .. وأخذت تسأله عن شكلها .. عن أهلها .. ماذا يعرف عنها .. كيف هي ؟! فأخبرها بأنه لم يتحدث إليها قط .. ولكنه يريد الزواج بها .. فقالت له أخته بأنها سمعت باسم ساره من قبل .. ولكنها لا تذكر أين .. وطلبت منه مهلة لتسأل صديقاتها ... علها تتذكر ...

    وبعد أقل من أسبوع عادت إليه شقيقته وقالت له بأنها تذكرت أين سمعت باسم ساره .. وأخبرته بأنها تراها في الجامعة .. وامتدحت أخلاقها وتهذيبها ...
    فسألها خالد : هل تعرفينها ؟!
    شقيقته مريم : ليس معرفة شخصية .. ولكنني أراها في المحاضرات والممرات ..
    خالد : إذن فهي تدرس مثل ما تدرسين ؟!
    مريم : لا .. ولكنني أخذت معها مقررا أو مقرران اختياريان ..
    خالد : في أي سنة هي ؟! وما هو تخصصها ؟! وكم هو عمرها ؟!
    مريم : أعتقد أنها في سنتها الأولى .. أما تخصصها .. فأعتقد أنها تدرس اللغة الانجليزيه .. ولكن فيما يتعلق بعمرها فلا أدري .. ولكن قد تكون في الثامنة عشر أو التاسعة عشر ...
    خالد : هل تعتقدين بأن أهلها سيوافقون على زواج ابنتهم قبل أن تنهي دراستها ؟!
    مريم : لست أدري .. تقدم انت لخطبتها .. واترك الباقي على الله ..
    خالد : لا أمانع في الانتظار إلى أن تتم دراستها بشرط أن نكون خطيبين حتى أكون مطمئنا بأنها لن تكون لأحد سواي ...
    مريم : أفهم لهفتك هذه .. فالفتاه في غاية الجمال والأدب .. وخجلها جذاب جدا ..
    خالد : أعرف ... إن خجلها هو أكثر ما جذبني إليها ..
    مريم : حسنا ولكن هل أنت مستعد للتقدم لخطبتها ؟!
    خالد : سأبدأ بتحضير نفسي منذ الآن .. وغالبا خلال أقل من ثلاثة أشهر سأكون مستعدا للإقدام على هذه الخطوة .. فسأحصل على درجة وظيفيه قريبا ..
    مريم : جيد .. أتمنى لك التوفيق يا أخي العزيز ...

    بدأ خالد يستعد لخطبة سارة ... فاجتهد في عمله .. وراجع ادخاراته .. فوجدها لا بأس بها .. وتكفي لتقديم مهر محترم .. ولتجهيز منزل صغير مستأجر .. كما بدأ في البحث عن مصدر دخل آخر يدعم به وضعه المالي .. حتى يستطيع أن يوفر لها حياة جيده ... فهو لا يحب الاعتماد على مال أبيه .. فلطالما آثر الاستقلال عنه ماديا وكان يتدبر أموره بطريقة أو بأخرى ...

    عاد خالد إلى الواقع مجددا .. هاهو لا يزال منتظرا في غرفة الانتظار في المستشفى .. ولم يحن بعد موعده مع الطبيب .. لفه الاكتئاب لأنه لم يستطع أن يفي لسارة بوعده الصامت .. فالظروف كانت أقوى منه .. أقوى من حبه لها .. لابد أنها شعرت بالخذلان حين لم تسمع منه خبرا .. حين لم يحاول الوصول إليها .. لابد أنه سبب لها الكثير من الحزن والألم ...

    دخلت الممرضة تنادي باسمه .. حان موعده مع الطبيب .. ابتسمت له الممرضه وسألته عن حاله .. فبادلها الابتسام وقال لها بأنه بخير .. وعلى أحسن ما يرام ... فقادته الممرضة إلى غرفة الطبيب .. وطمأنته بأن كل شيء سيكون على ما يرام .. وأن هذا الموعد ما هو إلا زيارة روتينيه .. فابتسم لها مؤكدا بأنه واثق من ذلك .. وليس خائفا من شيء .. فهو بالفعل يشعر بأنه بخير ...

    دخل خالد إلى الطبيب فحياه بحرارة .. ثم طلب منه الجلوس والسماح للمرضة بقياس ضغطه وحرارته قبل أن يبدأ الطبيب بالكشف عليه وقبل أن يتحدثا سويا في آخر التطورات ...

    لم تكن حرارته مرتفعه .. بل كانت طبيعيه .. والضغط كذلك كان طبيعيا .. قاست الممرضة وزنه .. وعلقت على الزيادة الملحوظة في الوزن .. وقالت له : جيد ، يبدو أنك تسترد عافيتك .. فقد ازداد وزنك أربعة كيلوات عن آخر مرة كنت فيها هنا ..
    خالد : نعم بالفعل .. إنني أسترد وزني بشكل جيد ولله الحمد ..
    الممرضة : هذا مؤشر ممتاز على أنك تتحسن ..
    خالد : أشكرك لطمأنتي ......
    الممرضة : لا داعي للقلق .. سيطمأنك الطبيب بنفسه بعد قليل .. تأكد من ذلك ...

    ما إن أتمت الممرضة تدوين ملاحظاتها .. حتى سلمتها للطبيب .. و خرجت من الغرفة تاركة خالد والطبيب وحدهما .......

    يتبع ...


  15. #15
    التسجيل
    10-01-2005
    الدولة
    qatar
    المشاركات
    226

    مشاركة: قصة جديده ( غضي بالنظر ) من تأليفي ...



    ياجماعه تراني بديت أحبط ... إذا القصه مش حلوه قولوا لي عشان اوقف وما اكملها ...

صفحة 1 من 5 12345 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •