صفحة 1 من 5 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 71

الموضوع: قصة طويلة لكنها رااائعة

  1. #1
    التسجيل
    01-07-2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    64

    قصة طويلة لكنها رااائعة

    الجزء الأول : الأنامل السحرية ..

    - حسين .. ضع هذا الشريط ..
    وصدحت موسيقى هادئة في السيارة ... بدأت بعدها فتاة أجنبية ترطن بلغتها مترنمة في هدوء وحزن ..

    - إلى أين آنسة غادة ؟؟
    - توجه إلى القرطاسية ثم إلى محل لبيع الآلات الموسيقية ..
    - أمرك ..
    كان الطريق طويلا وخاليا من السيارات ... فشرعت غادة تنظر من النافذة إلى أطلال الجبال السامقة في تلك الظلمة ... والى الأفق الممتد من فوقها ... بينما أمسكت يدها بطرحتها لتغطي بها نصف وجهها ...

    سرحت بعيدا مع ألحان الأغنية الهادئة وأطرقت برأسها إلى اليمين وهي تتمتم لنفسها :
    اليوم ستلمسين بداية حلمك بأناملك السحرية .. لتضاهي بها هذه الألحان العذبة ..
    اليوم ستعيشين في الجو الذي لطالما تقت إليه ... وسترحلين إلى عالم مرهف لا مثيل له على أرض الواقع ..
    ثم أرتفع صوتها قليلا وهي تقول : يكاد قلبي ينفطر ...

    وصلت السيارة إلى القرطاسية فأسرعت غادة بمغادرتها وابتاعت بعض أدوات الرسم بالفحم ثم خرجت بخطوات متعجلة لتعود إلى مقعدها ..

    وهناك .. في ذلك المحل التجاري ... راحت يدها تتلمس الأسطح الخشبية المصقولة ... واحتارت في اللون الذي ستختاره .. أيكون الخشبي الغامق .. أم البني المحمر .. أم تراه يكون اللون الأسود اللامع ؟؟

    وفي النهاية .. استقرت على أخذ البيانو الخشبي الغامق ... وبادرت إلى البائع لتعرف سعره .

    - ياااااااااه .. إنه باهظ الثمن ..
    - لكنك اخترت أجود الأنواع آنستي .. صدقيني لن تندمين على اختياره ... سيرافقك مدى الحياة .. ثم إن عليه ضمانا لمدة 3 سنوات ..
    - لا بأس .. سآخذه ...
    وامتدت يدها إلى الحقيبة .. وأخرجت النقود التي جمعتها طيلة خمسة أشهر لتدفعها للبائع ...
    ثم قالت لنفسها ... ما أقسى هذه الحياة .... جهد خمسة أشهر .. يذهب في لحظة ... ليس عدلا ..

    لكن فرحتها بالبيانو كانت قد غمرتها تماما .. حتى أنستها ثمنه الباهظ ..
    وانطلقت إلى بيتها .. تحتضن قطعه المفككة في حجرها ... وتعد الثواني لتركيبه وتجربة صوته الساحر ..

    وبعد أن انتهت من تركيب آخر قطعة .. قربت كرسيها الدوار منه .. ومررت أناملها على أزراره بحب ... وهي تنظر إليه نظرة حالمة ..

    ثم قالت : علي أن أبدأ أولا بتعلم السلم الموسيقي .. ترى أي هذه الأزرار يمثل الدو ؟؟

    وانهمكت في تدريباتها حتى النخاع .. وما هي إلا سويعات حتى وجدت أصابعها تتحرك برشاقة .. لتعزف لحنا سمعته في إحدى البرامج ... يقطر حزنا ورقة ...

    فصارت تكرره وتكرره وتكرره ... وفجأة .. اتكأت بمرفقيها على البيانو وأمسكت رأسها بكفيها لينسدل شعرها إلى الأمام ....

    وشرعت تبكي .............

  2. #2
    التسجيل
    01-07-2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    64

    مشاركة: قصة طويلة لكنها رااائعة

    الجزء الثاني (هروب)

    اقتربت يد حانية و ربتت على كتف غادة بينما همست صاحبتها قائلة:ما الأمر يا غادة؟
    التفتت غادة في حركة سريعة إلى مصدر الصوت..و ما أن وقعت عيناها على وجه رهف الذي اكتسى قلقاً..حتى أشاحت برأسها بعيداً و هي تمسح بقايا الدموع من على وجنتيها...و من ثم تنهدت بقوة في محاولة يائسة لطرد تلك الذكريات الأليمة التي اجتاحتها...
    عادت رهف تسأل مجدداً:غادة..ما بك؟..هل كنت تبكين..؟
    حاولت غادة أن تطبع ابتسامة على شفتيها و هي تجيب:لا شيء..لا شيء يا رهف..
    تطلعت رهف إلى غادة باستنكار مما جعل غادة تسرع معقبة:صحيح..انظري إلى البيانو لقد اشتريته اليوم..أليس جميلاً! لقد حرصت على اختياره من أجود أنواع الخشب....
    مطت رهف شفتيها على مضض..بينما اعتدلت غادة على كرسيها الدوار..و هي تكمل:سأعزف لك لحناً لن تنسيه أبداً...
    و مع آخر حروفها أخذت غادة تعزف على البيانو مقطوعة موسيقية هادئة..
    ألقت رهف نظرة فاحصة على غادة و قالت:و ماذا ستفعلين بالبيانو ؟
    ابتسمت غادة و هي ما تزال تعزف..و أجابت رهف قائلة:أنت تعلمين كم أحب العزف على البيانو..لقد كان حلماً من أحلامي أن أقتني واحداً..و لا أخفيك أنني أفكر في إعداد حفلة أدعو إليها صديقاتي..و عندها سأريهن براعتي في العزف..
    تنهدت رهف و عقبت قائلة:و لما كل هذا..؟
    تجاهلت غادة سؤالها و اكتفت بالصمت.. فعادت رهف لتكمل في عصبية:يكفي أرجوك توقفي..صوته يجلب لي الصداع..
    ضربت غادة بكفها على مفاتيح البيانو فانطلقت نغمة قوية لا علاقة لها باللحن الذي كان يعزف قبل قليل..و تجمدت الأنامل السحرية..بينما بقي بصر صاحبتها معلقاً بسطح البيانو الخشبي..و غزت الدموع مقلتيها و هي تتمتم قائلة:لماذا تحاولين دوماً أن تحطمي سعادتي يا رهف...و كأننا لسنا أختين!...
    بدت ملامح التعجب على رهف و هي تجيب قائلة:أنا يا غادة..؟كل ما في الأمر أن حالك يؤلمني..فمنذ الحادث و أنت تعيشين في عالم آخر..أهو هروب من الواقع..من الحقيقة..ماذا دهاك يا غادة؟
    لم تعقب غادة بكلمة..فتنهدت رهف بدورها و قالت:لا فائدة منك..على كل اتصل عادل قبل قليل و هو قادم لرؤيتك..
    نظرت غادة إلى رهف و عقبت قائلة:عجباً لما لم يتصل على هاتفي المحمول؟؟
    أكملت رهف و هي ترفع خصلة انسد لت على جبينها قائلة:قال أنه وجده مقفلاً..لكنه بدا غاضباً ..
    سألت غادة في تعجب:غاضب؟ ترى ماذا يريد؟
    لكن رهفاً لم تجبها ...و مضت تصعد الدرج بخطا ثقيلة و هي تردد:اسمحي لي يا غادة فعلي أن أستعد لمتحان الغد..
    رمقتها غادة بنظرة استنكار..ثم ألقت ببصرها على البيانو..بينما تسارعت نبضات قلبها بشكل جعلها تشعر بالقلق..
    كل القلق..


  3. #3
    التسجيل
    01-07-2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    64

    مشاركة: قصة طويلة لكنها رااائعة

    الجزء الثالث : الثنائي
    .. نظرت غادة إلى نفسها ... لم يعجبها ما ترتديه .. فهي من النوع الذي يقدس الأناقة ويقتبس منها الثقة بالنفس .. وذلك مع الجميع دون استثناء .. فكيف إذا كان الزائر هو خطيبها ؟؟

    ولما كان عليها أن تفتح له الباب فقد سارعت إلى ارتداء شرشف الصلاة المهمل ليغطي ما تحته وركضت إلى الباب وقلبها يخفق بقوة ..

    - السلام عليكم ..
    ابتسمت غادة وهي تنظر إلى قطعة الجاتو الضخمة التي يحملها عادل وقالت :
    - وعليك السلام .. لم هذا التعب ؟ تفضل ..
    دخل عادل بخطوات بطيئة .. ووجهه لا يحمل أية تعبيرات .. مما جعل غادة تتساءل أكثر عما إذا كان غاضبا كما قالت رهف أم لا ..
    - كنت تصلين ؟؟
    تلعثمت غادة وهي تقول : نعم نعم .. انتظرني في حجرة الضيوف لو سمحت سآتي حالا ..
    ثم راحت تثب وثبات رشيقة إلى غرفتها بعد أن تأكدت أنه لا يراها .. وبدأت رحلة التأنق التي حاولت جاهدة أن تقصرها قدر المستطاع ..

    - تبدو شهية ..
    - حقا ؟؟ يسرني ذلك ..
    - أنت دائما مبتكر في هداياك ..
    - هذا من ذوقك ..
    شعرت برسميته غير المعتادة .. فبادرت إلى سؤاله بكل صراحة :
    - عادل ..
    - نعم ..
    - قالت رهف بأنك كنت تبدو غاضبا عندما تحدثت بالهاتف .. هل فعلت شيئا يزعجك ؟؟
    - ............
    - عادل ..
    - كلا .. إن رهف تبالغ دائما .. رجاء اطلبي منها أن توفر انطباعاتها لنفسها .. إذ دائما تسبب لك قلقا لا مبرر له ..
    - عادل .. ماذا أصابك ؟؟ رهف لم تفعل ما يستحق كل هذا الانفعال ..
    تنهد عادل بقوة .. وهو يحاول أن يقبض على ثورته بقبضته الحديدية ويعيد الى وجهه ذاك القناع الصامت من أي معنى ..
    - أنا آسف .. يبدو أنني لست على ما يرام اليوم ..
    - لكن ... ماذا حدث ؟؟
    - بعد عودتي من العمل شعرت بضيق هائل يجثم على صدري .. وقلت لنفسي .. ليس هناك من يستطيع تسليتي وإسعادي الا غادة الحبيبة .. فأسرعت لشراء قطعة الجاتو .. ومن هناك اتصلت على هاتفك المحمول .. لكنه كان مغلقا .. واستمرت محاولاتي لنصف ساعة .. في النهاية .. اضطررت للاتصال بالبيت .. لكنهم أخبروني أنك لست موجودة .. مما ملأني غيظا وتعاسة .. ربما لهذا ظنت رهف أني غاضب .. هذا كل شيء ..
    تمتمت غادة في تعاطف :
    - عادل ..
    نظر إليها عادل وبعينيه بحر من العواطف المتماوجة .. ثم أمسك بيديها وهو يقول في همس :
    - لم أعد أحتمل الانتظار .. متى ستدخلين إلى القفص ؟؟
    - عدنا ..
    - أرجوك يا غادة .. فكري بالأمر جيدا .. لا أجد سببا واحدا لتأجيل الزفاف كل هذه المدة ..
    حاولت غادة أن تهرب بوجهها من نظراته الفاحصة وقالت :
    - الدراسة ..
    - ما معنى الدراسة ؟؟ تستطيعين إكمالها في بيت الزوجية .. أقسم لك أن أوفر كل أسباب الراحة لك .. فقط وافقي ..
    - أرجوك لنناقش الأمر فيما بعد .. تعال معي .. أريد أن أريك مفاجأة ..
    وأمسكت بيده في مرح ثم راحت تسحبه بكل ما أوتيت من قوة .. لكنه ما تزحزح من مكانه ..
    - كالجبل الراسخ ........ انهض ..
    - أين قوة النساء التي يتحدث عنها الجميع ؟؟
    وضعت يدها على خاصرتها وقالت :
    - قوة النساء في كيدهن ..
    قال بلا مبالاة :
    - كيدي لي إذن ...
    قطبت غادة حاجبيها في غضب مصطنع .. وعقلها يبحث عن حيلة ما .. ثم قفزت فجأة كقطة نحوه .. وراحت تزغزغه في كل مكان تقع يدها عليه .. فما لبث الجبل أن استحال إلى تل رملي هش .. وصاح بتوسل :
    - كفى كفى .. أنا استسلم ..
    ضحكت غادة قائلة :
    - من الأقوى إذن ؟؟
    - إن كيدكن عظيم .. عرفت نقطة ضعفي .. لكن اصبري علي .. عندما أدخلك إلى قفصي سأعرف كيف أوقفك عند حدك ..
    - ولم لا تفعل ذلك الآن ؟؟
    - لا زلنا مخطوبين ..
    - كفاك مراوغة .. وهيا معي لأريك المفاجأة ..
    - ما هي ؟؟
    - شيء اشتريته .. تعال ... هيـــــــــــا ..
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ



  4. #4
    التسجيل
    01-07-2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    64

    مشاركة: قصة طويلة لكنها رااائعة

    الجزء الرابع(أسرار)
    أسرعت غادة تعدو نحو غرفتها و من خلفها كان عادل..و مضت تصعد الدرجات في سرعة و رشاقة و ما أن وصلت غرفتها حتى استدارت نحو خطيبها و هي تقول:أغمض عينيك..
    أجابها عادل و هو يحاول أن يجمع أنفاسه المتقطعة:و لماذا؟
    لوحت غادة بكفيها في حماس و هي تجيب:عادل لا تجادلني..
    ارتسمت ابتسامة صافية على ثغر عادل فأغمض عينيه مستسلماً و هو يتمتم:طلباتك أوامر يا أميرتي..
    أطلقت غادة ضحكة جذلة..و من ثم اقتادت عادل إلى داخل غرفتها..و سارت به في أرجائها حتى وصلت إلى البيانو..
    عندها همست لخطيبها قائلة: الآن افتح عينيك..
    أجابها عادل ساخراً:هل أنت متأكدة..
    أجابت غادة في دلال و طفولية:عادل! كف عن ذلك..
    فتح عادل عينيه في هدوء..و ما أن وقع بصرة على تلك الآلة الموسيقية الضخمة حتى ظهرت عليه ملامح الدهشة..بينما أسرعت غادة تجلس على كرسيها الدوار و هي تسأل في لهفة :ما رأيك؟؟
    لكن عادلاً لم يجبها
    -عادل ما رأيك؟
    -هــا عذراً غادة..
    ابتسمت غادة و عادت تسأل:
    -إلى أين مضت بك أفكارك..
    -لا شيء..لكنني دهشت فحسب..ترى هل تجيدين العزف عليه..؟
    -بالطبع و أنوي أن أبتكر مقطوعات أنافس فيها مقطوعات بتهوفن المشهورة...
    -كنت أظنك تملكين موهبة الرسم و الجدال فقط و ها أنا اليوم أكتشف أنك عازفة مغرمة بالبيانو...
    -حتى تعلم كم أنت محظوظ بي..فأنا جوهرة لا تقدر بثمن..و صاحبة أكثر الأنامل إبداعاً في هذا العالم.
    -يبدو أن الغرور بدأ يغزوك..كفي عن المبالغة....
    قطبت غادة حاجبيها في غضب و عقبت قائلة:سأثبت لك..سأعزف لك مقطوعة رائعة تجعلك تغادر إلى عالم الخيال..
    -كلا أرجوك فأنا أريد أن أغادر إلى عملي..
    نهضت غادة من كرسيها في حركة حادة و عقبت:مستحيل..ستتناول طعام العشاء معنا اليوم..
    لكن عادلا أجابها و هو يغادر الغرفة:لا أستطيع يا عزيزتي..فلدي الكثير من الأشغال..
    لحقت به غادة و عادت تكرر في إلحاح:
    -أرجوك عادل أبقى من أجلي..أرجوك..لقد أعددت لحناً رائعاً سأعزفه لك عند العشاء..ستكون أمسية رائعة..
    أجابها عادل و هو يمضي على الدرج بسرعة:
    -صدقيني غادة لا أستطيع..أعدك أن أبقى للعشاء في المرة القادمة
    -وعد؟
    -وعد..و الآن هلا أحضرتي معطفي من غرفة الجلوس..سأنتظرك في فناء منزلكم..
    أومأت غادة برأسها إيجاباً..و انطلقت لتجلب المعطف و ما هي إلا ثوان حتى كان المعطف ينسدل فوق كتفي عادل..
    و قبل أن يمضي خارجاً التفت إلى غادة التي كانت تقف خلفه و باغتها قائلاً:غادة..هل تثقين بي..؟
    أجابت غادة في انفعال:بالطبع..كيف لك أن تشك في ذلك؟!..
    رمقها عادل بنظرة استنكار و عقب قائلاً:لطالما كنت واضحاً وصريحاً..فمنذ خطبتنا و أنا أفضي إليك بأسراري و تفاصيل حياتي..لقد جعلت من نفسي كتاباً مفتوحاً لك أن تقرئيه متى شئت..أما ما أعرفه عنك فهو لا يتجاوز صفحتين من عمرك.. ما الذي تخفينه عني من أسرار؟ ترى بما ذا ستفاجئنني بالغد..أحياناً أشعر بأنني عاجز عن فهمك..و أن بيننا الكثير من الأسوار التي لم تهدم بعد...هل تخشين دخول قفص الزوجية حقاً..أم أنك تخشين مني؟..
    خيم الصمت لدقائق فهمت غادة بالمغادرة إلى غرفتها لولا أن عادلا سحبها من يدها..فارتفع جزء من كم قميصها وظهر من تحته حرقاً قاتم اللون..عندها سأل عادل غادة في قلق:غادة ما هذا؟
    سحبت غادة يدها بسرعة..وغطت الحرق بكمها و هي تتمتم:لا شيء..ألم تقل بأن لديك الكثير من الأعمال..
    رمقها عادل بنظرة فاحصة وسأل:هل أنت غاضبة..
    أجابت غادة باقتضاب:و لما الغضب..فلا بد من الصراحة حتى لا تنهار علاقتنا..
    -لكنك لم تجيبيني..
    -...............
    -على كل لن أغادر حتى أرى ثغر أميرتي يبتسم...
    -.............
    -هيا غادة..
    رسمت غادة ابتسامة واهنة على شفتيها..و مضت خلف عادل لتودعه..و ما أن رحل بسيارته..حتى أشاحت بالكم عن يدها..و من ثم أخذت ترمقه في حزن..و هي تتمتم :لا بد أن أذهب غداً إلى أخصائية تجميل..فعلي أن أتخلص من هذا الحرق..فبقاءه يذكرني بالحادث..و أنا لا أريد لعادل أن يعلم بشأن ما حدث..
    مضت غادة تغادر نحو غرفتها بخطى ثقيلة..و إذا بها تحس بشيء تحت قدمها..فانحنت لتحمله..لقد كان ظرفاً ..
    تفحصته غادة في استنكار ثم تمتمت قائلة:لا بد أنه سقط من معطف عادل..لا بأس سأعطيه إياه متى حضر لزيارتي..
    ثم صمتت للحظة وظل بصرها معلقاً بالظرف بينما حار سؤال في أعماقها
    -ترى هل أعرف عن عادل كل شيء حقاً؟..

  5. #5
    التسجيل
    01-07-2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    64

    مشاركة: قصة طويلة لكنها رااائعة

    الجزء الخامس : كابوس ..

    صوت الموسيقى ينساب بنعومة .. يخالطه صوت محرك السيارة .. وهمهمات لعاشقين وصلا لذروة الحب والهيام ..
    يتلو ذلك بثواني صوت صراخ وارتطام شديدين ..
    ( ربيـــــــــــــــــــع .. ربيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع )
    نداء أنثوي يقطع الفؤاد .. مفعم بالحرقة والارتياع .. صورة يد محترقة تمتد في استنجاد تتخللها سحب ضبابية .. وتمسك بقطعة من قميص رجالي ملوث بالدم .. وذو أطراف محترقة ..

    ( أخرجوه .. أرجوكــــــــــــــــم .. )

    ..........
    هنا .. استيقظت غادة من نومها لتجد نفسها متشبثة بغطائها ... بينما غرقت وسادتها بالدموع ..
    جلست في إعياء وهي تمسح دموعها ... وراحت تستعيد حلمها الأليم .. الذي ما فتئ يزورها من حين إلى حين ..

    مدت يدها إلى زر المصباح لتضيئه ... وفوجئت بأن الساعة ما تزال الثانية صباحا .. أي أنه ما زال عليها أن تنام 5 ساعات إضافية ... فتنهدت بقوة وهي تتمتم :
    - لا سبيل إلى النوم الآن .. ماذا أفعل ؟؟
    قلبت بصرها تبحث عن شيء ما تضيع به وقتها ريثما يعاودها النوم .. فتوقفت عيناها عند جهاز التسجيل .. حيث يقبع جواره شريط أثير إلى قلبها .. حاولت عدة مرات أن تتخلص منه لكنها لم تستطع .. أزاحت الغطاء جانبا ونهضت تقدم خطوة وتؤخر أخرى .. حتى وصلت إلى الشريط .. فأمسكت به برهبة .. ثم وضعته في الجهاز .. وأخذت تستمع .. فما لبثت دموعها أن عاودت الانهمار ..

    استدارت إلى خزانة ملابسها .. وأخرجت كيسا بلاستيكيا .. يحوي قطعة قماش ذات أطراف محترقة .. وأخذت تملي عينيها منه وقد غطت على بصرها غشاوة من الدمع ..

    ثم انتفضت فجأة .. وقالت لنفسها باستنكار :
    - إن هذه لخيانة صريحة لعادل .. ويحي ما الذي أفعله ؟؟
    ثم ألقت بالكيس داخل الخزانة .. وركضت إلى جهاز التسجيل فأغلقته .. ثم تنهدت ..

    ( لماذا أحاول دائما أن أجدد الألم وأنكأ الجرح ؟؟ كل الناس يهربون من الذكريات الأليمة .. ويحاولون طمسها بتجديد حياتهم وإدخال البهجة عليها .. أما أنا .. فلا أعيش إلا معها .. ولا أبحث إلا عنها .. رغم توفر أسباب السعادة لي ......... )

    وارتفع صوتها وهي تقول :
    - أففففففف .. أليس هناك ما يزيل عني هذه الكآبة ؟؟
    وفجأة .. اتجه نظرها صوب ركن قصي في حجرتها .. كانت قد وضعت فيه شرشف الصلاة ذا اللون الأرجواني .. وخيل إليها أنه يضيء بنور غريب وسط عتمة حجرتها .. فأخذت تقترب منه رويدا رويدا .. وسمعت صوتا يلامس شغاف قلبها .. وينادي باسمها : ( تعالي إلي .. تعالي .. فلدي كل ما تبحثين عنه .. ) وصلت إليه وامتدت يدها .. لكنها ما كادت تلمسه حتى ارتدت يدها في عنف وهي تقول بتذمر : اووه أنا لا أصلي فروضي .. فكيف أصلي النافلة ؟؟؟
    وعاد الصوت ليقول ( وما يضرك أن تجربي .. فلعل تجربتك هذه تدفعك لأداء كل فروضك بعدها .. اقتربي مني .. أعدك أن تجدي راحتك بين جنباتي )
    شعرت بالحنين يجرفها .. وأحست بالحزن على نفسها يطغى ليصل للذروة .. لكنها أبت وكابرت .. وخافت أن يعاودها النداء .. فهربت إلى سريرها للتو .. وشرعت تراود النوم عن نفسه مرارا .. حتى أسلمها القياد .. فغابت في لججه .. وأبحرت فوق أمواجه .. لترى نفسها تقف أمام البيانو الضخم .. وقد تحول إلى قطعة هلامية برزت من وسطها أزراره البيضاء على شكل أنياب حادة .. فاتسعت عيناها وعجلت بالهروب .. فما كان منه إلا أن لاحقها .. وأثناء هروبها سقطت في حفرة مظلمة لتجد نفسها جوار إنسان مسجى تشتعل أذناه نارا .. ويطفح وجهه بالرعب والألم .. فاقتربت منه قليلا لتتعرف عليه .. فإذا به ربيع .. وإذا بيده تتشبث بيدها لتنقذه .. فيحترق معصمها من أثر مسكته .. وتصرخ وهي لا تدري أتهرب منه أم تدنو وتنقذه .. وبينما هي كذلك إذ ظهر فجأة عادل بقوام هائل لم تعهده .. وضرب جسدها بكلتا يديه صارخا : ابتعدي يا فاجرة ..

    فطار جسدها عاليا .. وراح يهوي في هاوية سحيقة .. إلى أن استقر فجأة على قطعة قماشية .. أرجوانية اللون .. التقطته وطارت به ثانية كبساط الريح .. ونظرت غادة إليها بدهشة تمتزج بالامتنان .. فرأتها تنظر لها بعتب حنون .. ثم تلفها بالكامل .. ليعم الظلام .. ويهدأ كل شيء ...



    القصة طبعا منقولة من احد المنتديات
    ولها بقية سأكملها ان شاء الله في وقت اخر
    ولكني الآن في انتظار تعليقاتكم
    وشكرا
    مع تحيات ابو الدحم



  6. #6
    التسجيل
    01-07-2005
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    7

    مشاركة: قصة طويلة لكنها رااائعة

    قرأت جزء من القصه حلو كتير ومشكور خيي ابو الدحم :shakehand
    {IMG}

  7. #7
    التسجيل
    01-07-2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    64

    مشاركة: قصة طويلة لكنها رااائعة

    اشكرك اخوي على المرووور

  8. #8
    التسجيل
    01-07-2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    64

    مشاركة: قصة طويلة لكنها رااائعة

    ]اشكرك اخوي على المرووور


    وان شاء الله راح اكملها متى ما سنحت


    لي الفرصة

  9. #9
    التسجيل
    01-07-2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    64

    مشاركة: قصة طويلة لكنها رااائعة

    الجزء السادس (طيف الماضي)

    ألقت رهف نظرة متفحصة على غادة و تمتمت في خفوت:حمداً لله....إنها نائمة..
    سحبت رهف خطواتها في بطء شديد و اتجهت بها نحو المسجل الضخم القابع في أحد أركان الغرفة..و ما أن وصلت إليه حتى أخرجت شريطاً من جيب سترتها...لتضعه في عجل داخل ذلك الجهاز بعد أن أخرجت الشريط الذي كان يبيت داخله ليستقر بدوره في جيبها..
    تنهدت رهف و هي تحدث نفسها بصوت منخفض قائلة:حمداً لله...كل شيء على ما يرام..
    (( رهف...ماذا تفعلين هنا؟))
    التفت رهف نحو غادة بحركة حادة و قد بدت عليها علامات الارتباك..و أخذت تسرق النظرات من هنا و هناك حنى وقع بصرها على قطعة القماش الأرجوانية..فأسرعت تجيب أختها في عجل: فكرت في أن آخذ شرشف صلاتك حتى أغسله مع شرشفي...
    اعتدلت غادة على سريرها..و مررت كفيها بين خصلات شعرها المتشابكة..و قالت في كسل: لا داعي لذلك..فأنا ..
    بترت عبارتها فجأة و عقبت قائلة:لا بأس..أنا لا أمانع..
    أسرعت رهف تحمل تلك القطعة الأرجوانية بين ذراعيها لتتخذ منها عذراً يسمح لها بالمغادرة...
    تثاءبت غادة في تثاقل و ألقت نظرة على ساعتها...فهتفت قائلة:يا إلهي لقد تأخرت على الجامعة..
    ألقت غادة نظرة أخرى على ساعتها و أكملت:لا بأس سأتغيب اليوم..
    مع آخر حروفها سمعت غادة صوت تساقط المطر..فهرعت إلى النافذة و فتحتها..ومن ثم أخذا نفساً عميقاً..لتتغلغل رائحة المطر في جميع جوارحها...بينما تكونت سحب ضبابية من الماضي أمام عينيها...و تطايرت عبارات عتيقة إلى عقلها...
    ((ربيع...ما الذي دهاك ؟ منذ الحادث و أنت تتحاشى رويتي أو حتى محادثتي...
    -........................
    -ثم ما هذا الظلام الذي يعم المكان...بالكاد أرى ما تحت قدمي...
    -أحيانا يكون الظلام أفضل من النور...
    -كف عن ذلك....سأفتح الستائر...
    -كلا لا تفعلي...
    -لما لا؟
    -لا أريد أن تمحى صورتي السابقة من ذهنك...
    -ربيع...
    -لا بد أن نفترق..
    -لا تقل هذا أرجوك..
    -كفي عن المثالية..لماذا نخدع أنفسنا؟...كيف لك أن تعيشي مع إنسان لم يبقى منه سوى الرماد...كيف لك أن تنظري إلى وجه بلا معالم...كيف لك أن تحلمي بجوار رجل أقصى آماله أن يبيت تحت التراب...لم أعد من
    تعرفين...لقد حولني الحريق إلى وحش...))
    تساقطت دموع حارة من عيني غادة...بينما هبت نسمات قوية أ طارت بخصلات شعرها لترتطم بوجهها..مما أجبر غادة على العودة إلى الواقع...
    ارتفع صوت رنين الهاتف فجأة..فأسرعت غادة إليه في محاولة يائسة لتحرر من قيود أرقتها..و رفعت السماعة..و ما أن قربتها إلى إذنها حتى سمعت صوت عادل يقول:السلام عليكم...
    هتفت غادة:عادل؟!
    -كيف حال أميرتي؟
    -بخير ما دمت بخير...
    -لن أطيل عليك فلدي الكثير من المشاغل..هل تركت مظروفاً عندك البارحة؟؟
    -آه..نعم يبدو أنه سقط من جيب معطفك...
    -حمداً لله...خفت أن تفوتني الرحلة..
    -أي رحلة؟
    -نسيت أن أخبرك بأنني سأسافر اليوم..
    -و هل هذا أمر ينسى؟!
    -كنت أنوي إخبارك البارحة..لكن ابتسامتك العذبة أنستني كل شيء
    -أنت دائماً هكذا..تفحمني بلباقة..
    -أخيرا اعترفت بذلك..هل تستطيعين أن ترسلي لي المظروف فهو يحوي تذكرة السفر..؟
    - لا تقلق سأرسلها إلى مكتبك مع حسين..إلى اللقاء الآن..
    -إلى اللقاء..
    انطلقت غادة تنزل الدرج وهي تحمل ذاك الظرف بأطراف أصابعها..و من ثم فتحت الباب الرئيسي و أخذت تنادي حسين من خلفه رغم أن المطر لم يتوقف..و ما أن ظهر أمامها حسين حتى أعطته الظرف و أمرته أن يوصله إلى مكتب عادل...عندها وضع حسين طرداً أم الباب فسألته قائلة:ما هذا ؟
    -لقد وصل بالبريد يا آنستي...
    -لا بأس..ناولني إياه..
    -تفضلي..آنستي..
    أمسكت غادة الطرد بين كفيها...وقلبته بحثاً عن اسم المرسل...و ما أن وقع يصرها على ما كانت تبحث عنه حتى تسمرت في مكانها..و اكتست ملامحها بثوب من الدهشة...بينما ردد لسانها:
    مستحيل...
    لقد مرت ثلاث سنوات...
    مستحيل...
    ربيع..
    .
    .

    .

  10. #10
    التسجيل
    01-07-2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    64

    مشاركة: قصة طويلة لكنها رااائعة

    الجزء السادس (طيف الماضي)

    ألقت رهف نظرة متفحصة على غادة و تمتمت في خفوت:حمداً لله....إنها نائمة..
    سحبت رهف خطواتها في بطء شديد و اتجهت بها نحو المسجل الضخم القابع في أحد أركان الغرفة..و ما أن وصلت إليه حتى أخرجت شريطاً من جيب سترتها...لتضعه في عجل داخل ذلك الجهاز بعد أن أخرجت الشريط الذي كان يبيت داخله ليستقر بدوره في جيبها..
    تنهدت رهف و هي تحدث نفسها بصوت منخفض قائلة:حمداً لله...كل شيء على ما يرام..
    (( رهف...ماذا تفعلين هنا؟))
    التفت رهف نحو غادة بحركة حادة و قد بدت عليها علامات الارتباك..و أخذت تسرق النظرات من هنا و هناك حنى وقع بصرها على قطعة القماش الأرجوانية..فأسرعت تجيب أختها في عجل: فكرت في أن آخذ شرشف صلاتك حتى أغسله مع شرشفي...
    اعتدلت غادة على سريرها..و مررت كفيها بين خصلات شعرها المتشابكة..و قالت في كسل: لا داعي لذلك..فأنا ..
    بترت عبارتها فجأة و عقبت قائلة:لا بأس..أنا لا أمانع..
    أسرعت رهف تحمل تلك القطعة الأرجوانية بين ذراعيها لتتخذ منها عذراً يسمح لها بالمغادرة...
    تثاءبت غادة في تثاقل و ألقت نظرة على ساعتها...فهتفت قائلة:يا إلهي لقد تأخرت على الجامعة..
    ألقت غادة نظرة أخرى على ساعتها و أكملت:لا بأس سأتغيب اليوم..
    مع آخر حروفها سمعت غادة صوت تساقط المطر..فهرعت إلى النافذة و فتحتها..ومن ثم أخذا نفساً عميقاً..لتتغلغل رائحة المطر في جميع جوارحها...بينما تكونت سحب ضبابية من الماضي أمام عينيها...و تطايرت عبارات عتيقة إلى عقلها...
    ((ربيع...ما الذي دهاك ؟ منذ الحادث و أنت تتحاشى رويتي أو حتى محادثتي...
    -........................
    -ثم ما هذا الظلام الذي يعم المكان...بالكاد أرى ما تحت قدمي...
    -أحيانا يكون الظلام أفضل من النور...
    -كف عن ذلك....سأفتح الستائر...
    -كلا لا تفعلي...
    -لما لا؟
    -لا أريد أن تمحى صورتي السابقة من ذهنك...
    -ربيع...
    -لا بد أن نفترق..
    -لا تقل هذا أرجوك..
    -كفي عن المثالية..لماذا نخدع أنفسنا؟...كيف لك أن تعيشي مع إنسان لم يبقى منه سوى الرماد...كيف لك أن تنظري إلى وجه بلا معالم...كيف لك أن تحلمي بجوار رجل أقصى آماله أن يبيت تحت التراب...لم أعد من
    تعرفين...لقد حولني الحريق إلى وحش...))
    تساقطت دموع حارة من عيني غادة...بينما هبت نسمات قوية أ طارت بخصلات شعرها لترتطم بوجهها..مما أجبر غادة على العودة إلى الواقع...
    ارتفع صوت رنين الهاتف فجأة..فأسرعت غادة إليه في محاولة يائسة لتحرر من قيود أرقتها..و رفعت السماعة..و ما أن قربتها إلى إذنها حتى سمعت صوت عادل يقول:السلام عليكم...
    هتفت غادة:عادل؟!
    -كيف حال أميرتي؟
    -بخير ما دمت بخير...
    -لن أطيل عليك فلدي الكثير من المشاغل..هل تركت مظروفاً عندك البارحة؟؟
    -آه..نعم يبدو أنه سقط من جيب معطفك...
    -حمداً لله...خفت أن تفوتني الرحلة..
    -أي رحلة؟
    -نسيت أن أخبرك بأنني سأسافر اليوم..
    -و هل هذا أمر ينسى؟!
    -كنت أنوي إخبارك البارحة..لكن ابتسامتك العذبة أنستني كل شيء
    -أنت دائماً هكذا..تفحمني بلباقة..
    -أخيرا اعترفت بذلك..هل تستطيعين أن ترسلي لي المظروف فهو يحوي تذكرة السفر..؟
    - لا تقلق سأرسلها إلى مكتبك مع حسين..إلى اللقاء الآن..
    -إلى اللقاء..
    انطلقت غادة تنزل الدرج وهي تحمل ذاك الظرف بأطراف أصابعها..و من ثم فتحت الباب الرئيسي و أخذت تنادي حسين من خلفه رغم أن المطر لم يتوقف..و ما أن ظهر أمامها حسين حتى أعطته الظرف و أمرته أن يوصله إلى مكتب عادل...عندها وضع حسين طرداً أم الباب فسألته قائلة:ما هذا ؟
    -لقد وصل بالبريد يا آنستي...
    -لا بأس..ناولني إياه..
    -تفضلي..آنستي..
    أمسكت غادة الطرد بين كفيها...وقلبته بحثاً عن اسم المرسل...و ما أن وقع يصرها على ما كانت تبحث عنه حتى تسمرت في مكانها..و اكتست ملامحها بثوب من الدهشة...بينما ردد لسانها:
    مستحيل...
    لقد مرت ثلاث سنوات...
    مستحيل...
    ربيع..

    .
    .

    .

  11. #11
    التسجيل
    01-07-2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    64

    مشاركة: قصة طويلة لكنها رااائعة

    الجزء السابع : قلق

    مرت أكثر من نصف ساعة ... والطرد لا يزال مغلقا .. وموضوعا على مكتب غادة بينما تتأمله هي في ريبة ...

    دارت بها الأفكار .. ووضعت ألوف الاحتمالات لما يمكن أن يحويه هذا الصندوق الصغير .. لكنها لم تتجرأ أن تفتحه وتوقف هذا التيار المزعج من القلق ..

    وبينما هي تجوب بعقلها في ردهات الماضي .. اذ دخلت والدتها فجأة مما جعلها تنتفض بعنف .. فقالت الأم :
    - بسم الله الرحمن الرحيم ... هل أفزعتك ؟؟
    ابتسمت غادة في لطف وقالت :
    - لا أبدا ... لكنك فاجأتني ... مرحبا بك أمي ... منذ زمن لم تدخلي غرفتي ...
    - وأنا منذ زمن لم أرك تخرجين من غرفتك ... لماذا تحبسين نفسك فيها كالراهبات ؟؟ أليس لي حق عليك ؟؟ رغم الوحدة وبعد أخيكما عني إلا أنكما لا تهتمان لكل ذلك أنت ورهف ...

    شعرت غادة بشيء من الضيق لما اعتادته من تذمر أمها دون انقطاع ... وهذا ما جعلها تهرب من مجالستها ... لكنها شعرت أيضا بوخز الضمير فقالت :
    - نعم معك حق .. أنا آسفة .. تعرفين كم أحب غرفتي ... لكنني لا أفهم لم لا تأتي أنت وتجلسين فيها معي ..
    - أوووه .. كنت أعرف بأن الحوار لن يجدي معك ... دعك من هذا الآن فأنا أريد إخبارك بشيء يخص رهف ..
    - رهف ؟!!
    - أجل يا ابنتي ... لقد اتصل أخوك اليوم ليخبرني أنه وجد لها عريسا ..
    قالت غادة بفرح :
    - حقا ؟؟؟؟ هذا رائع جدا يا أمي ..
    قاطعتها الأم بلهجة بادية الحزن قائلة :
    - لا تفرحي كثيرا يا غادة .. فالعريس متزوج ..
    بدت الخيبة على وجه غادة وسكتت لبرهة ثم قالت :
    - هل هذا يعني أنك لن توافقي ؟؟
    هتفت الأم بغضب :
    - بالطبع لن أوافق .. ابنتي لا يعيبها شيء حتى تتزوج من رجل متزوج .
    - أمي .. لا تندفعي كثيرا وراء عاطفتك وتقولي أشياء ليست صحيحة .. أنت تعلمين أن بدانة رهف تقف عائقا أمام طريق كل من يخطبها .. وهاهي تبلغ الخامسة والعشرين ... وقلما تجدين عرسانا يلائمونها سنا ... أمي ... لا تكوني السبب في تعاسة رهف وأنت تظنين أنك تريدين سعادتها ..
    قطبت الأم حاجبيها في استنكار شديد .. ثم قالت :
    - ما الذي أسمعه منك يا غادة ؟؟ هل تعقلين ما تقولين ؟؟ أم أن غرورك جعلك لا تفكرين إلا بنفسك وبسعادتك ... ألا يهمك شأن أختك ؟؟؟ كيف تريدينني أن ألقي بها في أحضان أول خاطب أيا كانت مواصفاته لمجرد ألا يفوتها القطار ؟؟

    استشاطت غادة من الغضب حين سمعت اتهامات أمها الظالمة .. لكنها حاولت أن تتماسك قليلا وألا يعلو صوتها على والدتها ... فصمتت لمدة طويلة .. لكن أمها لم تمهلها لكي تهدأ .. بل راحت تكيل لها اللوم والتقريع .. مما جعلها تزمع السكوت التام .. وعدم إبداء رأيها الذي قتل في المهد .. وظلت على صمتها ذاك .. حتى أفرغت أمها كل شحنات الغضب في غرفتها .. وتابعتها بنظرها وهي تمضي خارجا .. ثم ألقت برأسها على الوسادة بعنف .. وأرسلت دموعها على خدها .. لا يوقفها شيء ..

    شعرت بعاطفة جياشة تجاه أختها الكبرى رهف .. وتمنت لو كان الأمر بيدها .. لكن عقلية أمها لا يمكن أن تتغير .. لابد من فعل شيء ما .. لابد ..
    وفكرت بأن تخبر أختها بالأمر قبل أن تعلن أمهما الرفض لهذا العريس دون علم رهف .. فقفزت من مكانها .. لكنها ما لبثت أن تسمرت خطواتها أمام الطرد الذي ظل ينتظر فوق المكتب .. فعادت الى دوامة القلق .. ومدت يدا مرتجفة إليه .. لتفتح شرائطه .. وتزيح الغطاء عنه ...
    ومن أعماقه تلألأ فستان تفاحي رائع .. قد وشي بخيوط فضية باهتة .. رفعته غادة بانبهار .. لتكتشف أنه عاري الأكتاف والصدر إلا من خيطين رفيعين .. وقد ارتفع ذيله حتى تخطى الساق ..
    والى جواره في الصندوق .. قبعت بطاقة متناهية في الصغر .. تحوي رقم جوال وكلمتين ليس إلا :

    هــلا الـتـقـيـنـا ؟؟
    .
    .

    .

  12. #12
    التسجيل
    01-07-2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    64

    مشاركة: قصة طويلة لكنها رااائعة

    الجزء الثامن (وجوه)
    ألقت غادة نظرة مطولة على الفستان..و تمتمت في نفسها قائلة :هل هو ربيع حقاً..؟
    إنه يعلم أنني أحب هذا اللون...لا بد أنه هو..ترى لماذا يريد أن يراني..؟
    شعرت غادة بالاختناق..لقد تجمعت الأفكار في رأسها..لوهلة ظنت أنها ستنفجر و تتحول إلى أشلاء..
    عندها نهضت مسرعة إلى صديقها العزيز..إلى البيانو..و بدأت بالعزف....موسيقى حزينة ملأت أرجاء الغرفة..
    مرت الدقائق تجر خلفها الساعات لكن غادة لم تتوقف..بل أصبحت تتمايل مع النغمات الصادرة من مفاتيحه البيضاء و السوداء..
    و بينما هي كذلك..إذا بباب غرفتها يفتح بقوة ليرتطم بدوره على الجدار..توقفت غادة في حركة تلقائية..و استدارت نحو الباب و هتفت:رهف..ما هذا..؟
    تحركت رهف في عصبية زائدة و اتجهت نحو غادة و هي تهتف بصوت متمرد:هل هذا صحيح؟
    تطلعت غادة نحو رهف في تعجب و سألتها بدورها:عما تتكلمين؟
    أمسكت رهف كتفي غادة بقوة و هي تكرر:هل تريد أمي أن تبقيني هنا للأبد؟
    أشاحت غادة ببصرها بعيداً و هي تتمتم:هل استرقت السمع كعادتك يا رهف..؟
    أبعدت رهف كفيها عن كتف غادة و هي تعقب:و هل هناك ما أفعله؟؟..
    ثم ألقت نظرة حاقدة غاضبة على غادة..فقامت تلك الأخيرة تربت على شعر أختها في حنان و هي تقول:أمي أعلم بمصلحتك..رهف..صدقيني سيــ...
    صرخت رهف في وجهها قائلة:غادة أبعدي يدك عني..أبعديها هيا..
    تنحت غادة في حركة حادة و عقبت في استنكار:رهف؟!
    تطلعت رهف إليها و عيناها ما زالت تحمل شظايا الحقد و الحسد و من ثم قالت و صوتها يعلو شيئاً فشيئا..
    :أكرهك يا غادة..أكرهك..لطالما كنت فتاة البيت المدللة و المحبوبة..خصوصاً من أمي..لما ؟..هل لأنك الأجمل لقد دمرت حياتي يا غادة..حجبت عني بنورك ضوء الشمس..و سرقت مني بهجة الحياة..كلما أنظر إلى شعرك المنسدل..إلى رشاقتك..إلى ملامح وجهك..أشعر بالعجز..بالفشل..و أهمس لنفسي أختي الصغرى ستكون أماً عما قريب..و أنا..لا شيء...الكل يقارنني بك.. أمي صديقاتي..الكل يطالبني أن أكون مثلك..كم مرة سمعتك تضحكين بصحبة عادل..تمنيت أن أكون مكانك...كل ما أملكه هو الأحلام و الأماني..أما الواقع فهو ملكك لوحدك..
    لن تملي علي أمي رغباتها..لا يهمني أن أتزوج رجلاً ذا مكانة مثل عادل..لا يهمني كلام الناس..كل ما أريده أن أعيش..و لن أسمح لكائن من كان أن يسلبني حياتي...
    انطلقت رهف تغادر الغرفة و قد تركت غادة في وضع لا تحسد عليه..تساءلت في أعماقها..هل هذه رهف؟؟..هل هي أختي التي عهدتها بجانبي تواسيني؟؟...ماذا دهاها..ما الذي صنع بيننا هذه الحواجز؟؟...هل كانت تقاوم دوماً تلك المشاعر...هل كانت تلبسها ثوب الحنان رغماً عنها...منذ متى تكرهني؟؟أنا لا ذنب لي..ذنب من إذاً أهو ذنب أمي...؟
    لوهلة أحسست أنني أرى وجهين مختلفين وجه أخت ..و وجه عدوة..لما يا رهف؟..
    أطلقت غادة دموعاً محبوسة..و رمت بنفسها فوق سريرها..و شعرت برائحة الياسمين تفوح من ذلك الفستان..رفعت رأسها و تلمسته بأطراف أصابعها..و همست في ضيق: أكاد أنفجر..
    تسللت نغمات المسيقى الحزينة إلى أذنيها من دون عزف..فهزت غادة رأسها بقوة..و و ضعت يديها على مسمعيها..عندها تتالى شريطا من الذكريات في مخيلتها..لتقف عند كلمتين..هلا التقينا؟..
    هلا التقينا؟؟..
    لم تشعر غادة بنفسها إلا و هي تردد هلا التقينا؟؟
    أمسكت غادة بهاتفها الخليوي في محاولة للهروب..و ضربت أصابعها الأرقام في توتر ..و انتظرت وهلة و إذا بصوت يجيبها:كنت واثقاً بأنك ستتصلين..
    صمت غادة و أخذت تحلل هذا الصوت القديم..لتهتف:ربيع..
    أطلق ربيع ضحكة قصيرة و عقب:بالطبع ربيع من كنت تظنين؟
    -لقد مرت ثلاث سنوات..
    -لقد كنات أكثر من ذلك بكثير بالنسبة لي على الأقل..
    -......
    -ماذا بك..أنا ربيع فعلاً..معك حق أن تشك بذلك فقد..
    قاطعته قائلة :ربيع أنا مخطوبة..
    -أعلم ذلك..عادل أليس هذا اسمه.؟
    -لماذا عدت؟؟
    -لأني ما زلت أحبك..
    -ربيع أنت من تركني..
    -و ها أنا أعود..غادة لقد أجريت عمليات جراحية عدة...لو رأيتني الآن لما عرفتني..لقد بت شخصاً آخر..كل هذا لأنني أردت أن أراك ثانية...
    -لكنك ما زلت تحتفظ بصوتك..
    -كنت واثقا أنك لن تنسيني..لو لم يكن لي مكان في قلبك لما اتصلت بي..
    -ربيع أنا مخطوبة..هل تعي ذلك..؟
    -أعلم ذلك..كل ما أريده أن تكوني صديقتي..نتحدث عبر الهاتف..نتبادل الرسائل عبر الإنترنت...
    -و نتقابل..؟
    -أنا لا أطلب سوى صداقتك..ما رأيك يا غادة القلب و الروح؟؟
    ***********************************************************
    .
    .

    .

  13. #13
    التسجيل
    01-07-2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    64

    مشاركة: قصة طويلة لكنها رااائعة

    الجزء التاسع : أوحال ..
    مرت الأيام رتيبة خاوية ... انقطعت فيها غادة عن الذهاب للجامعة ... وأغلقت جوالها وانعزلت في غرفتها .. لا يؤنسها في وحدتها سوى البيانو الأثير وفرشاة الرسم الحبيبة ..

    أوحت لها الأحداث برسومات رهيبة .. فكانت كلما نظرت إلى لوحاتها تسري القشعريرة في بدنها .. وتشيح بوجهها عنها .. لقد كانت ناطقة بالحياة ..

    أما ربيع فاحتار في الوصول إليها .. وعاش تلك الفترة قلقا من ردها الذي لم يصله بعد .. إذ طلبت منه أن يعطيها فرصة للتفكير ..

    ونظرا لهذا الحال المزري فقد رأت غادة بأن عليها أن تكسر الروتين وتفعل شيئا ممتعا يعيد إليها حيويتها ويكون ملاذا لها من نهش الأفكار الموجع ..
    لذا سارعت بإخبار أمها أنها على وشك إقامة حفل ضخم لصديقاتها .. واستغرقت عدة أيام ريثما تجهز كل شيء .. ثم قامت بدعوة صديقاتها .. وأخبرت رهف أن بإمكانها أن تدعو من تشاء هي أيضا .. لكن رهف لم تكن كثيرة الصديقات مثل غادة .. بل فضلت إقامة علاقات قليلة وراسخة .. لذا .. لم تدع سوى سامية .. أخلص صديقة لها ..

    وفي اليوم الموعود .. وقبل حضور الضيوف ... كانت غادة على أتم استعداد لمهرجانها الضخم .. ولنلق نظرة سريعة على مظهرها ومظهر المنزل بالعموم ..

    ارتدت غادة الفستان الذي أهداها ربيع إياه .. مما أثار استياء رهف كثيرا .. إذ كشف الفستان عن جزء من فخذ غادة .. وأظهر مفاتنها بشكل وقح .. فبدت كراقصة في ملهى ليلي ..

    لكن غادة لم تأبه لتعليقات رهف اللاذعة .. إذ أن ثقتها بنفسها كانت تتخطى نظرة الآخرين لها بمراحل ..
    واكتفت بالتجاهل التام ..

    أما غرفة الضيوف فقد أخرجت بعض الأرائك من صدرها ليحل محلها البيانو الضخم وقد زينته شرائط وورود مجففة وردية اللون ..

    وضمت طاولة الطعام في غرفة أخرى صنوفا شهية من الطعام يسيل لمرآها اللعاب ..

    باختصار كان كل شيء جاهزا تماما ..

    وبدأت الفتيات بالتوافد .. وضجت الغرفة بالأصوات الهازلة .. وما لبث صوت البيانو أن ارتفع بعد إلحاح الفتيات على غادة أن تعزف .. عندها هربت رهف إلى غرفتها لتتصل بسامية التي تأخرت ..
    - آلو
    - السلام عليكم ..
    - وعليكم السلام ورحمة الله .. لماذا تأخرت ؟؟
    - سأخرج الآن ..
    - أسرعي أرجوك .. أكاد أختنق من الوحدة ..
    - حسنا .. أنا قادمة ..
    وصلت سامية .. فعم الهدوء .. وسلمت الفتيات عليها برسمية .. وبدى واضحا أن وجودها غير مرغوب إطلاقا ..

    لكن سامية كانت ألطف مما يجب .. واحتوت الجميع ببسمتها الصافية رغم النفور الواضح في العيون .. ثم جلست في أحد الأركان .. وأخذت تنظر إلى البيانو بصمت ..

    على أن الأمور لم تسر على ما يرام .. إذ سرعان ما قالت فتاة خبيثة تدعى سارة :
    - غادة بدأنا نشعر بالملل .. ألن نمرح قليلا ؟؟
    كانت ترمي إلى الرقص .. وقد تعمدت ذلك لأنها تعلم أن سامية تعتقد بحرمة الموسيقى .. فأرادت إغاظتها ..
    ولم تكن غادة بأقل خبث منها .. فقد فهمت مقصدها على الفور فركضت لإحضار المسجل ..
    وسرعان ما تحول المكان إلى قاعة رقص ..

    وتعالت الصيحات عندما توسطت غادة الغرفة وأخذت ترقص باحتراف .. وتميل يمنة ويسرة .. فيرتفع فستانها القصير أكثر فأكثر لتظهر ملابسها الداخلية من تحته ...

    ومن بين أصوات التصفيق والصراخ صدرت همهمات غاضبة من قبل سامية .. ثم همست لرهف :
    - ألا يوجد مكان آخر نهرب إليه من هذا الدعر ؟؟
    كان وجه رهف محتقنا .. فقدت أحرجتها غادة بما فيه الكفاية .. لذا سارعت بأخذ سامية إلى حجرتها .. وجلستا على سريرها الواسع ... والصمت يدق جنبات قلبيهما ..

    وهمست رهف :
    - أنا آسفة ..
    كانت سامية في حالة من الشرود .. لكنها أجابت رهف دون أن تنظر إليها :
    - ما من خطأ تعتذرين من أجله ..
    - بلى .. كان علي أن أتوقع ذلك .. وألا أدعوك من البداية ..
    - أتظنين أن ما فعلناه كان صحيحا ؟؟
    - أتعنين هروبنا ؟؟
    - أجل ..
    - وماذا بإمكاننا أن نفعل أكثر من ذلك ..
    امتعضت سامية وقالت :
    - هذا هو الواقع الدامي ... كم نحن ضعاف النفوس ..
    - سامية .. لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ..
    - كلا .. ليس هذا هو أقصى ما نستطيع .. حتى الآن لم نصب بأي أذى في سبيل دعوتنا ..
    - ألا تسمين تلك النظرات الساخرة أذى يا سامية ..
    - وهل تقارنين النظرات بالدماء ؟؟ لقد أرخص الدعاة أرواحهم ولم يبالوا .. ونحن هنا .. نكتفي بالصمت والهروب ثم نقول أوذينا بنظراتهم .. ألم أقل لك إننا ضعاف النفوس ..
    صمتت رهف قليلا وأطرقت تفكر .. ثم قالت :
    - ما تقولينه هو عين الصواب .. كان علينا أن نفعل شيئا يعذرنا أمام الله ..
    - أخبريني .. كيف رضيت لأختك بهذا الزي ..
    - لقد كلمتها مرارا .. لكنها أصمت أذنيها .. على كل .. أنت ترين أنه ليس أسوأ من ملابس صديقاتها .. فالصاحب ساحب كما يقولون ..

    وفي غرفة الضيوف كان فلاش الكاميرا يلتمع بين الفينة والفينة .. آخذا لقطات حميمة للصديقات الست .. لكنه توقف فجأة معلنا انتهاء الفيلم .. فجلست الفتيات في إرهاق بعد أن أعياهن رقص السلو على نغمات غادة الرومانسية .. وقالت إحداهن :
    - أنا جائعة ..
    ضحكت غادة وقالت :
    - لا تقلقي .. لقد أعددت لكن وليمة لن تحلمن بمثلها ..
    قفزت سارة من مكانها وقالت :
    - حقا ؟؟
    - وماذا تظنين ؟؟ لقد كنت أعلم أنكن مدمنات للرقص .. والرقص رياضة عنيفة تحتاج لوجبة دسمة بعدها ..
    - انك رائعة بحق .. هيا إذن عجلي لنا بها ..
    - تفضلن إذن لغرفة الطعام .. سأصعد لأنادي رهف وسامية ..
    - اقترح أن ترسلي لهما أطباقهما .. لا نريد ثقيلي الدم معنا ..
    - ليس من اللياقة ذلك يا عزيزتي لابد من الأصول ..
    مطت سارة شفتيها بقرف .. وقالت :
    - لو كان البيت بيتي لأريتك كيف أتحرر من كل هذه القيود المسماة بالأصول ..


    وانتهت الحفلة .. وعاد كل طير إلى عشه .. ونام الجميع .. بينما احتضنت غادة باقة ورد أهدتها إياها إحدى صديقاتها .. وغابت في دوامة من البكاء المرير .. وصورة ربيع لا تفارق مخيلتها للحظة ..
    لقد كانت تراه في كل ركن من الغرفة أثناء الحفل ..
    رأته يصفق لها وهي ترقص ..
    رأته يرمقها بإعجاب وهي تعزف ..
    رأته يمد لها الشوكة ويطعمها بيده ..
    شعرت بأن الحفلة أقيمت من أجله ... لا هروبا منه .. وامتطت قارب ذكرياتها .. تعيش فيه أحلى الأيام .. وتذرف الدموع السخية ..
    أنى لها الهروب ممن نال منها القلب والروح .. ولم يتركها حتى في المنام ..
    لابد أن تلقاه ..
    لابد أن تروي ظمأها الذي طال لثلاث سنوات ..
    لابد ..


    .
    .

    .

  14. #14
    التسجيل
    01-07-2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    64

    مشاركة: قصة طويلة لكنها رااائعة

    الجزء العاشر(حيرة)
    ألقت غادة نظرة سريعة على ساعتها..و تمتمت: إنها الخامسة صباحاً...
    لقد غلبها الأرق رغم الجهد الذي بذلته في الحفلة بين العزف و الرقص و الإشراف على الوليمة..
    تنهدت بعمق و أرسلت نظرة متفحصة على هاتفها الخلوي..و همست لنفسها قائلة:إن كان فعلاً هو..فلابد أنه ما زال مستيقظاً إلى الآن... فهذه عادته..
    عندها استدركت بسرعة قائلة:ما لي اهتم بأمر ربيع؟ أما زال في قلبي بعد كل تلك السنين..لما أخشى الاعتراف بذلك؟..عجباً لي..قبل ثلاث سنوات و بعد أن تعرفت عليه في غرف المحادثة على الإنترنت كنت أخشى أن لا أجده بين صفحاتها...استمتع بحديثه..و استشعر صوته..لقد أحببته..بل بت أهواه..حتى أنني لم أستطع أن أكتم هذا الشعور عنه..أخبرته..فانقطعت أخباره..شعرت حينها بالضيق..بالندم..و همست لنفسي ليته يعود فكل ما أريده صداقته..
    اقتربت غادة من نافذتها و هي ترقب شروق الشمس و استرسلت قائلة:بعدها بأيام جاء لخطبتي..يومها أحاطتني السعادة فبت أبني أرض أحلامي طوبة طوبة..و على أرض الواقع..لوهلة شعرت بالانتصار...فقد رأيت الوجه الذي لامس صاحبه شغاف قلبي..و أمتعت أذني بصوته حتى بات هذا الصوت جزءاً من ذاكرتي... ليس له أن يمحى..و لكن..
    أشاحت غادة بوجهها بعيداً و أرسلت دموعاً غزيرة...اقتربت أكثر من نافذتها..و فتحتها..فتدفقت نسائم الصبح الندية مختلطة بعبير الفجر و أطارت بخصلات شعر غادة..
    رغم أن غادة كانت كثيرات الصديقات إلا أنها لم تتحدث لإحداهن عن ألامها..أحلامها..في الحقيقة لم تكن تبحث عنهن إلا و قت اللهو..و الرقص..و الغناء..فهذا ما هن أهل له..لذا كانت غادة صديقة نفسها..تحكي لها دوماً.. تلومها..تسألها..
    تطوف بها هنا و هناك..
    عادت غادة تحدث نفسها عن ربيع قائلة:لقد حسدنا الكل على حبنا و سعادتنا..فكان الحادث الذي فرقنا..لقد طلب فراقي بسبب تشوه علا وجه..نسي أنني أحببته قبل أن أرى معالم ذلك الوجه..
    ضحكت غادة و عقبت:يا لسخرية الزمان..الوجه الذي تمنيت أن أره فرق بيني و بين صاحبه..و ها هو يعود في محاولة لإصلاح ما كسر..هل هذا ممكن؟...و لما لا ؟..كل شيء ممكن..
    كما أنه لم يطلب سوى صداقتي ..لا أنكر أنني في لحظة ما فضلت صداقته على أن يغادر ني للأبد..علي أن أتخذ قراراً سريعاً..
    رمت غادة بجسدها على مقعدها الوثير و أغمضت جفنيها لتأسرها الذكريات...عمرها يمر أمامها...لحظات تجري في عجل..
    فتحت غادة عينيها بهدوء...و ارتسمت ابتسامة هادئة على وجهها وعقبت قائلة سأقوم باختبار...
    أسرعت غادة تمسك بالهاتف..لتطلب رقماً..و من ثم اعتدلت على كرسيها الأثير أمام البيانو..و ما أن سمعت محدثها يقول:آلو..
    حتى وضعت السماعة جانباً في مكان ما قرب البيانو..و بدأت تعزف..تسارعت أناملها فوق مفاتيح البيانو..و اعتلت النغمات حتى ملأت أرجاء الغرفة...مضت ربع ساعة و غادة على حالها..و ما أن أنهت عزف مقطوعتها حتى هرعت إلى سماعة الهاتف..و أمسكت بها..حاولت أن تقول شيئاً لكن أنفاسها المتسارعة سبقتها..فأتاها صوت ربيع قائلاً:صباح الورد و الفل و الياسمين يا غادة
    ابتسمت غادة و عقبت
    -هل عرفته؟؟
    -بالطبع فأنا لن أنسى هذا اللحن ما حييت..
    -اثبت لي..
    -لقد عزفت لي هذا اللحن في يوم عيد ميلادك التاسع عشر..أتذكرين؟
    -و كيف لي أن أنسى الأيام التي قضيناها سوياً..
    -هل يعني ذلك أنك قبلت صداقتي؟
    -هذا سيعتمد على لقاءنا
    هتف ربيع قائلاً
    -لقاءنا أتعنين..
    -أريد أن أراك يا ربيع..أرد أن أرى ماذا فعلت السنوات الثلاث بشخصك..أريد أن أحدث ربيع الذي كان جزءاً من أحلامي يوماً ما..
    -ألم يعد لي وجود في أحلامك يا غادة..
    -لقاءي بك سيحدد ذلك
    -كم أنا مشتاق لرؤيتك...لعزفك..لحديثك...لبسمتك..
    -...........................
    -غادة ما لك لا تردين؟؟
    -عذراً لقد سرحت قليلاً..
    -متى و أين اللقاء؟
    -سأرسل تفاصيل موعدنا إلى بريدك الإلكتروني..هل غيرت عنوانك؟
    -كلا لم أفعل..أما زلت تذكرينه؟
    -و كيف لي أن أنساه!
    -سأنتظرك..
    أنهت غادة المكالمة..تسمرت للحظات في مكانها..ثم قفزت في سعادة..و بدأت تدور حول نفسها..
    و تدور..و تدور..
    و تطايرت ضحكاتها هنا وهناك..
    اقتربت إلى النافذة..و أخرجت رأسها و هي تهتف:سألقاه...ياه..سألقاه..
    لكنها بهتت فجأة ..فلقد تسرب إليها بعض القلق...و عادت تتساءل..
    -ماذا لو لم يكن الشخص الذي أحببت..ماذا لو غيرته معارك الحياة..ماذا عن واقعي؟...الحياة التي أحياها..
    هزت غادة رأسها بقوة لتنفض عن رأسها تلك الأفكار..و إذا بصوت الهاتف يرتفع ..
    رمت غادة نظرة إلى ساعتها و تمتمت:إنها السادسة و النصف..لا بد أنه هو..
    و هرعت ترفع السماعة..و ما أن لا مست تلك السماعة أذنها حتى هتفت:ربيع..
    -ربيع؟!
    تلعثمت غادة..ذلك لأن الصوت الذي أتاها لم يكن صوت ربيع...
    فقد كان هذا آخر صوت تتوقع أن تسمعه في هذا الوقت..
    صوت عادل..
    **********************************


    .
    .

    .

  15. #15
    التسجيل
    01-07-2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    64

    مشاركة: قصة طويلة لكنها رااائعة

    الجزء الحادي عشر : مفارقة ..

    أغلقت غادة السماعة بكل قوتها .. وقلبها يكاد يتوقف من شدة الاضطراب ...
    وشرعت تفكر في طريقة تتخلص بها من هذه الورطة ..
    لكن الهاتف لم يعطها فرصة طويلة ... فما لبث أن دق ثانية ..
    دارت الأفكار بسرعة جنونية في عقل غادة .. انتظرت قليلا عل دقات الهاتف أن تتوقف .. لكن لا فائدة .. فعلى ما يبدو أن عادل مصر تماما على محادثتها ..
    أخيرا رفعت غادة السماعة بيد مرتجفة وهي تقول لنفسها ( يا الهي لم أهابه لهذه الدرجة ؟؟ )

    كست صوتها بنبرة النوم .. وهي تقول :
    - آلو ..
    - السلام عليكم ..
    - وعليكم السلام ورحمة الله ..
    تثاءبت ثم قالت :
    - هذا أنت يا عادل .. حمدا لله على سلامتك يا حبي ..
    - كيف حال حلوتي الرقيقة ؟؟
    - بخير .. مرهقة قليلا .. فقد أقمت حفلة بالأمس لصديقاتي .. ليتك كنت معي ..
    - غادة ..
    - نعم ..
    - اتصلت قبل قليل .. وخيل إلى أنني سمعت صوتك تهتفي باسم ربيع ..
    - أووووووه .. أنا لم أرفع السماعة إلا الآن .. لاشك أنك أخطأت بالرقم ..
    - ربما ..

    غص حلق غادة لكل هذه الأكاذيب ... لقد وضعت نفسها في موقف دقيق للغاية .... إن عادل رجل طاهر لأبعد الحدود ... وان كانت قد اعتادت الكذب ... لكنها تأبى أن تمارس هذا الدور على أمثال عادل ... فهناك أشخاص يبلغون من السمو ما يجعل المحيطين بهم يترفعون عن كل دنيء أثناء صحبتهم ...

    وطالت المكالمة ... وكل منهما يبث الآخر لواعج قلبه ... وبدوا كعاشقين ثملين من كأس الغرام ... وان صدق أحدهما وكذب الآخر ...

    وحين ودع عادل غادته الأثيرة ... كانت الأخيرة في حال يرثى لها ... وقد استبد بها الألم ... ولم تشعر في حياتها بعذاب الضمير كما شعرت به في تلك اللحظة القاسية ...

    أيمكن أن تستمر طوال حياتها على هذا المنوال ؟؟
    كيف سمحت لنفسها بتقبل هذه الفكرة الصبيانية ؟؟ هل تظن نفسها في أوروبا ... تبيت الليلة مع زوجها .. وغدا تبيت مع عشيقها ؟؟
    وتمتمت لنفسها :
    - عادل .. أنت لا تستحق مني هذا .. لكن ماذا أفعل .. وشخص ربيع يلاحقني حتى وأنا معك ...
    ربيع هو كل حياتي ... لكنني بالرغم من ذلك أشعر بأنني أكن لك الحب أيضا ..... أوووووه ماذا دهاني ؟؟

    وزحف الصداع إلى رأسها شيئا فشيئا ... حتى كاد أن يفجره ... وبالرغم من كل محاولاتها لمقاومة هذا الألم الممض ... إلا أن صرخة مدوية أفلتت من بين شفتيها .. حتى ظنت أنها صدرت من شخص آخر ...

    فتح الباب بقوة .. وتوافد أشخاص كثر إلى حجرتها ... فلم تستطع تبين هوياتهم ... لكنها شعرت بقربهم الشديد والتفافهم حولها ... وسمعت صرخات خافتة ونشيج وآهات ... ثم أظلمت دنياها ... فاستسلمت لتلك الظلمة المدلهمة .. إلا أنها ما لبثت أن شعرت بطعم حلو يخالط لعابها .. وتبددت الظلمة مجددا .. لتتبين صورة رهف وهي جالسة على حافة السرير .. بينما تقف والدتها خلفها بوجه بادي القلق .. وسمعت رهف تقول :
    - اطمئني يا أمي .. هاهي تعود إلى وعيها ..
    - أووه ابنتي .. الحمد لله ..
    وشرعت الأم تبكي في صمت .. بينما حاولت غادة أن تعتدل في جلستها وهي تقول في ضعف :
    - ماذا حدث ؟؟
    عاونتها رهف وهي تجيب :
    - أظن أنه فقر الدم .. فوجهك مصفر جدا .. لكنني أتعجب لأنه أصابك باغماءة .. لابد أن تجري تحليلا ..
    - آه .. أجل .. فقر الدم .. لا تتعجبي يا أختي .. فقد داهمتني الشقيقة .. وأظن جسدي لم يستطع مقاومتها فحصل ما حصل .. أريد كوب ماء ..
    هرعت الأم التي اكتفت بالبكاء والصمت لتجلب كأس ماء لابنتها المدللة .. فاستغلت رهف غياب أمها لتقول :
    - استغفري الله يا غادة .. فما هذا إلا بذاك ........
    نظرت غادة إلى أختها نظرة طويلة تحمل ألف معنى .. لكنها التزمت الصمت .. وشعرت رهف بأن أختها تنفذ إلى أعماقها بنظرتها الحارقة تلك .. فارتبكت وصرفت بصرها عنها وهي تقول :
    - ما بك ؟؟ كنت أنتظر عاصفة من عواصفك التي تجتاحني كلما نصحتك ..
    أطرقت غادة وقد غالبتها دمعة أبت إلا أن تترقرق .. ثم قالت :
    - هل كنت تعنين ما قلته ؟؟
    دهشت رهف لاستكانة غادة هذه المرة .. فقد اعتادت منها المكابرة وسلاطة اللسان رغم أنها تكبرها ب3 أعوام .. وطال صمتها فعادت غادة تلح عليها .......
    - ماذا أصابك ؟؟ أعنيت ما قلته ؟
    - أجل .. معذرة .. أقصد ..
    - لم أنت مضطربة ؟؟
    ملأت رهف رئتيها بالهواء ثم تمالكت نفسها وقالت :
    - غادة .. تعلمين أن ما فعلته بالأمس كان غاية في ال .. .. أوه كلا لست أريد شتمك لكن الأجدر بك أن تخجلي مما فعلته .. كيف تستطيعين فعل ذلك والله ينظر إليك ؟؟ أما تستحين من ربك ؟؟
    صمت مطبق خيم على الشقيقتين .. ووجف قلب رهف المرهف .. خوفا من أن تحصل بينها وبين أختها خصومة كبيرة .. وحين ظنت أنها ستسمع جواب أختها وجدت أمهما أمامها تحمل كأس الماء فقررت الانسحاب متذرعة بعملها .. وتركت غادة في أسوأ حال ..........

    أخذت غادة تفكر في شخصيتها المتذبذبة .. وشعرت بأن هذه الوقفة بالذات ستكون جادة .. وستغير من مجرى حياتها .. لكن .. وكالعادة .. سرعان ما تلاشى إحساسها بالذنب .. وداهمتها الأفكار حول ربيع .. فألقت بكل همومها خلف ظهرها ونهضت بنشاط .. متوجهة إلى الحاسب الآلي ................ لترسل لربيع تفاصيل اللقاء ..

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



    .
    .

    .

صفحة 1 من 5 12345 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •