ملــل
تثاءبت و مددت يديّ عاليا مُصدرا صوتا أقرب إلى العويل.. أزحت الغطاء و أنا أفرك عيني وقد وخزهما ضوء الشمس الذي يعلن كعادته عن نهار ممل، طويل..
فتحت المذيـاع على أغنية بشعة.. كم أكره الجاز !..
مـاء الصنبور البارد ينسكب على يدي و أنا أرمقني بالمرآة شارد الذهن... يا للهول !!..متى كـانت هذه الشعيرات البيضاء هنا ؟.. تبا.. أنا أشيخ بسرعة مرعبة !.. تجاعيد وجهي أضحت واضحة كل الوضوح، خصوصا تلك الأخاديد على جبيني !..
كنت أرفع البرّاد عـاليا لينسكـب خيط رفيع من السائل الأحمر إياه، و الذي يدعونه الشاي..
أحسست بحرارة لذيذة تجتاح حنجرتي و أنا أرشف أولى الرشفات من القدح..
نهضت و الكأس بيدي لأفتح التلفاز.. ولأتذكر بعد عودتي لمكـاني أنه عليّ إطفاء المذيـاع أولا..
لا تفزعوا !.. فتصرفاتي الغبية هاته باتت جزءا لا يتجزأ من حياتي..
مرة أخرى أرى بالتلفـاز أعمدة دخان و أناس يركضون هنا و هناك... طبعا انفجرت سيارة ملغومة ببعقوبة و السلطات الأمنية تعلن...
أكـاد أختنق من شدة الملل.. لماذا أرى الحياة كفيلم رخيص أشاهده كل يوم، لدرجة أنني حفظت عن ظهر قلب حركات الممثلين و تنفساتهم..
أسكتُّ التلفاز و عرجت إلى بيت النوم، فتحت النافذة و إذا بالضجيج يملأ الغرفة... صوت دراجة نارية يتلاشى ببطء و هي تبتعد.. سيارات الأجرة بكل مكان تتشاجر صارخة و...
أغلقت النافذة بعصبية لأنهي هذا المشهد المضجر !..
حسنا، لن أقف مكتوف الأيدي أمام وحش الملل الذي سيتمكن مني و يُنهي حياتي بذبحة قلبية أو ما شابه... سأبحث حالا عن شيء يستحق القيام به..
سآخذ حماما دافئا، أبتاع جريدة الصباح من أقرب مكتبة، أجلس بأقرب مقهى.. أرشف العناوين و القهوة..
رفعت خالد