هذه القصة تعبر عن تجربة أليمة مررت بها في السابق, لقد أخفيتها بدرجي لسنوات طويلة, لكن بعد مرور كل هذا الوقت فأنا أشعر بالرحة لأشارككم بها.
جُرحت من أول حب
كانت ليلة مظلمة لا ضياء فيها, كنت جالساً مع صديقي الوحيد في السيارة و كغير عادته فقد كان هادئاً و لم ينب ببنت شفه طوال الطريق.
أحسست بأنه على غير ما يرام لذلك توقفت على جانب الطريق و التفت إليه, فإذا به قد بهت لونه وجهه و زال بريق عينيه
كان في أسوأ حالاته مذ عرفته فهو إنسان مرح ضحوك والابتسامة لا تفارق ثغره.
لم يلتفت إلي حين توقفنا و لم يسألني لم توقفنا, سألته: ما بك يا رجل؟ تبدو و كأن مصائب الدنيا كلها قد حلت على رأسك.
فأجابني بتنهيدة ثم فتح فاه بتردد و لكنه صمت.
أخذت أستحثه على الكلام و أنه إن كتم هذا الأمر في صدره فسيقضي عليه
فأخذت عقدة لسانه بالانحلال تدريجياً فبدأ الكلام بنبرة حزينة تفطر القلب:
لقد أخذوها مني, ذهبت بلا رجعة.
اغرورقت عيناه بالدموع فيما أخذ يكمل:
هي حبي الأول فلقد أحببتها مذ أبصرت عيناي النور لقد كان وجودها بالنسبة لي أهم من الماء و الغذاء.
هي ابنة خالي و هي تكبرني بأربع أعوام, كنت أقضي في صغري أوقاتاً طويلة لا نفعل شيئاً سوى الحديث
كنت أنقل لها كل همومي و أحلامي, و كانت تبادلني الأحاديث كأني في مثل عمرها بينما يستصفرني الآخرون و يحقرون من شأني.
ليتك ترى عيناي عندما أراقب شعرها الأسود الطويل المنسدل على كتفيها و عينيها الأخاذتين و بشرتها البيضاء الناعمة كنعومة الأطفال لقد أحببت كل شبر فيها.
أذكر ذات ليلة أني ذهبت إلى غرفتها كعادتي, فتحت الباب و إذا بها مستلقية على سريرها كالملاك واضعة كفها على خدها, ابتسمت لهذا المنظر الذي يفوق أي شيء يمكن أن تقع عليه عيناي.
اقتربت منها و جلست على ركبتي مقابلها و بقيت أنظر إليها هكذا لفترة قصيرة عندها انحنيت عليها بتردد و قبلتها على خدها قبلة طاهرة أحسست بعدها بأن قلبي يكاد يخرج من جوفي من شدة ضرباته.
عندها أحست بي و فتحت عيناها ببطء فرأتني و ابتسمت, سألتني: ماذا تفعل هنا, فأجبتها: لا شيء.
عندها جلست على السرير وهي تتثاءب قائلة: لا يجوز لك أن تدخل غرفة فتاة و هي نائمة, عيب عليك.
كانت تتكلم و السعادة تغمرني.
و منذ ذلك اليوم أقسمت بأنها ستكون شريكة حياتي و صار هذا هدفي الأول في الحياة و صار كل عمل أعمله في حياتي متعلقاً بتحقيق هذا الهدف محاولاً صنع رجل ترغب هي بالزواج منه.
حتى الأسبوع الفائت حين علمت بخطبتها من قبل أحد الشباب و من دون أي تفكير هرعت إلى الهاتف و أفصحت لها بكل ما أشعر.
فأخبرتني بأنها تحب خطيبها كثيراً و أن حبها لي هو حب الأخت لأخيها الصغير لا أكثر.
ليتها طعنتني بسكين قبل أن تقول لي هذا الكلام
فمذ كلمتها و أنا بين الحياة و الموت فلم أعد أحس بطعم شيء في هذه الحياة لا الطعام و لا الشراب و لا النوم أحس بأني ميت يمشي على قدميه.
لقد خلفت في قلبي جرحاً باتساع السماوات و الأرض فيا ترى هل سيندمل هذا الجرح؟
النهاية