في تقرير لمجلة (فورين بوليسي) الأمريكية:
الخيارات الأمريكية الجديدة في العراق لعام 2007
في ظل الغرق الأمريكي الكبير في المستنقع العراقي نتيجة ازدياد نشاط و قوة و تأثير المقاومة العراقية من جهة، و انتشار أعمال الفوضى و التصفيات التي تقوم بها الميليشيات بدعم من دول مجاورة للعراق أصبح لها نفوذ كبير بعد الإطاحة بالنظام السابق، تنطلق زوبعة من الخيارات و الإستراتيجيات و الأطروحات الرسميّة و غير الرسمية الصادرة عن مراكز أبحاث و متخصصين لرسم سياسة أمريكية جديدة يتم اعتمادها لتخليص الولايات المتّحدة من الورطة العراقية.
و في هذا الإطار طرحت مجلة(فورين بوليسي) الأمريكية في تقرير نُشر في عددها الصادر في كانون الأول 2006 الحالي بعنوان: "اللائحة: خيارات للعراق" عدداً من الخيارات الإستراتيجية التي من الممكن أن يتم اعتماد إحداها في ظل النقاش الحاصل اليوم في الإدارة الأمريكية لتغيير المسار الحالي في العراق و الذي أثبت إخفاقه، و تغييره باتجاه آخر.
و هذه ترجمه لنص التقرير:
"الذهاب كبيراً"
- المؤيدون: (سيناتور جون مكّين)، (ذا وييكلي ستاندرد)، (الجنرال أنتوني زيني).
- الطرح: زيادة عدد القوات الأمريكية الموجودة على الأرض في العراق بشكل دراماتيكي كبير، و من دون تحديد مهلة زمنية للانسحاب. الهدف من هذه المحاولة المتأخرة تعويض النقص الكبير في عدد الجنود المتواجدين على الأرض في المقام الأول.
- العوائق: لا يتوافر عدد كافٍ من الجنود الأمريكيين لدينا. الخطّة في هذه الحالة ستعني إطالة فترات الخدمة (مرّة أخرى)، و استدعاء المزيد من ألوية الحرس الوطني المنتشر. كما يعني أنّه سيضعف من قدرة الولايات المتّحدة فيما يتعلق بالرد على حجم "التمرد" المتزايد في أفغانستان.
- فرصة اعتماد هذا الخيار: صفر؛ فبدون توفير الحجم المطلوب للقوات تبدو الخطّة ميتة من البداية.
"الذهاب طويلاً"
- المؤيدون: رؤساء الأركان، مجموعة دراسة العراق.
- الطرح: العراق مهم جداً و هش أيضاً، و لذلك فليس من المفروض أن تتم مغادرته على عجلة. فعبر زيادة عدد القوات لفترة قصيرة، و نقل مهمة عدد كبير من الألوية المخصصة للقتال للقيام بمهمة تدريب القوات العراقية و بمهام استشارية تستطيع الولايات المتّحدة تثبيت الوضع بما فيه الكفاية لتفادي كارثة كبيرة في العراق. الالتزام ببقاء أطول، و لكن بمهمة أصغر سيدعم الحكومة العراقية المهزوزة.
- العوائق: إذا قامت الولايات المتّحدة بنقل مهام قواتها القتالية إلى مهام التدريب قبل أن يكون هناك قوات عراقية مستعدّة فإنّ القاعدة و الميليشيات الشيعية ستملأ الفراغ الحاصل. و مع نفاد صبر الشعب الأمريكي فقد يكون الوقت هو الشيء الوحيد الذي لا يمتلكه الجيش الأمريكي.
- فرصة اعتماد هذا الخيار: عالية. تعدّ هذه الخطة من أكثر الخطط قبولاً لدى الجنرالات الذين بقي لديهم عدد قليل من الجنود، و رجال الكونغرس أيضاً الذين لا يريدون البقاء على الخطّة القائمة و المسار الحالي، و لا الانسحاب الفوري من العراق على حد سواء.
"الذهاب سنيّاً"
- المؤيدون: رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي، السفير الأمريكي زلماي خليل زاد، الجوار السنّي للعراق.
- الطرح: البعثيون و شيوخ القبائل المنخرطين في "التمرد" يُعدّون من البراغماتيين و ليسوا من الأيديولوجيين. عبر منحهم العفو، التراجع عن سياسية اجتثاث البعث، و حصّة عادلة من العائدات النفطيّة، فانّ الولايات المتّحدة تستطيع بهذه الطريقة -من الناحية النظرية- شق و شرخ "التمرد" عبر إيجاد فجوة بين السنّة و القاعدة. و لأن الولايات المتّحدة قامت بشكل غير مقصود بتحقيق طموح إيران في العراق من خلال تفكيك الجيش العراقي، و من خلال دعم و تقوية الشيعة في الانتخابات فإنّ الميل إلى السنّة قد يطمئن العالم العربي الذي يضم 85% من السنّة.
- العقبات: التفاوض مع "المتمردين" السنّة قد يطلق ردّة فعل شيعية ضد الولايات المتّحدة الأمريكية، ممّا قد يتسبب في إطلاق يد مقتدى الصدر، و يضعف من موقف حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي. بالإضافة إلى ذلك لن يكون من السهل تقسيم "المتمردين" السنة أو إيجاد شرخ بينهم أو تحديد من هو المتحدّث باسمهم و عنهم.
- فرصة اعتماد هذا الخيار: منخفضة. لقد تفاوض الأمريكيون مع المتمردين من قبل في الماضي و لكن دون تحقيق نجاحات، و تقترح تقارير حديثة التخلي عن هذه الإستراتيجية نهائياً.
"الذهاب شيعيّاً"
- المؤيدون: نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، القيادي الشيعي عبد العزيز الحكيم.
- الطرح: الحروب الأهلية قد تستمر عقوداً، و عادة ما تنتهي فقط إذا حقّق أحد الأطراف نصراً عسكرياً ساحقاً. لذلك على الولايات المتّحدة اتبّاع سياسة قوامها إما ألاّ تتدخل فيما يحصل، أو تقاتل "التمرد" السنّي فقط.
- العقبات: اختيار الوقوف إلى أحد الأطراف الشيعية قد يفجّر التنافس الداخلي فيما بينهم. كما أنّه سيعني عزل جيران العراق السنّة مقابل تقوية النفوذ الإيراني فيه. كما أنّه سيعني تعريض السنّة لمذابح في العراق، و هو ما سيؤدي إلى زعزعة منطقة جوار العراق بأكملها.
- فرصة اعتماد هذا الخيار: متوسط إلى عالٍ. لن يشكل خيار الوقوف إلى جانب الشيعة تبديلاً دراماتيكياً، و لكنه الخيار الأقل مقاومة.
"الذهاب إلى الوطن"
- المؤيدون: ممثّل الديموقراطيين (جون مورثا)، إيران، سوريا و معظم العراقيين.
- الطرح: كلما طال بقاء القوات الأمريكية في العراق ازداد الوضع سوءاً. معظم العراقيين يريدون خروج القوات الأمريكية، و بقاؤها هناك قد يؤدي إلى تفاقم العنف الطائفي، و منع العراقيين من التصالح فيما بينهم. بعد الانسحاب فإنّ الولايات المتّحدة ستستعيد قدرتها من خلال انتشارها في قواعدها الموجودة في الخليج بحيث ستكون قادرة على الرد في حال تعرّضت مصالحها الحيوية للتهديد.
- العقبات: على الرغم من أن القاعدة ستعلن النصر في هذه الحالة، فإنّ الانسحاب الأمريكي من العراق سيعني وضعه في أيدي الإيرانيين. و في هذه الحالة فإنّ الدول السنيّة العصبية في المنطقة قد تتدخل لحماية إخوتهم في الدين. النتيجة ستكون حمّام دم كبير، و ارتفاع هائل جداً في أسعار النفط.
- فرصة اعتماد هذا الخيار: معتدلة. لقد استثمر الرئيس جورج بوش الكثير من رأس المال السياسي في الحرب ليقوم بمثل هذه الاستدارة الحادة، لكن القوات الأمريكية يجب أن ترحل في النهاية، و الإيرانيون سيظلون هناك أيضاً عندما يتم الرحيل.
"الذهاب إقليمياً"
- المؤيدون: مجموعة دراسة العراق، ديمقراطيو الكونجرس، و مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية.
- الطرح: لقد كانت كل من سوريا و إيران سعيدة جداً لرؤية الولايات المتّحدة تغرق في العراق على يد المتمردين، لكن يبدو أنّ لديهم مصلحة في استقرار العراق الآن. الاستقرار بعيد المنال طالما أن العراق في فوضى.
- العوائق: بعد الانسحاب المهين الذي يبدو في الأفق لن يكون لدى سوريا و إيران أي حافز لإجراء مفاوضات إلاّ إذا تمّ دفع ثمن باهظ جداً لهم.
- فرصة اعتماد هذا الخيار: منخفضة. قد تقوم إدارة بوش بمبادرة بسيطة في هذا الاتجاه، لكنها لن تمنح التنازلات المؤلمة التي تطالب كل من سوريا و إيران بها. قد يحصل مؤتمر إقليمي، و لكن لا نتوقع تبادل الكثير من الكلام الطيب فيه.
"تقسيم العراق"
- المؤيدون: السناتور الديموقراطي (جوزيف بايدن)، (ليزلي جيلب)، الأكراد و الشيعة الراديكاليون.
- الطرح: تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق حكم ذاتي –واحدة لكل من الأكراد، الشيعة و السنّة- مع حكومة مركزيّة محدودة الصلاحيات توزّع عائدات النفط حسب السكّان. الأكراد حالياً يملكون منطقة حكم ذاتي في الشمال، و هناك بعض الشيعة المنشغلين في الجنوب للتمهيد لـ "شيعستان" الخاصة بهم، عبر إيجاد منطقة خاصّة للسنّة و تأمين عائدات نفطيّة مضمونة لهم، فإنّه من الممكن إقناعهم بأنّ لهم حظّا و حصّة في العراق الجديد.
- العقبات: مثل هذه الخطّة قد تطلق حملة تطهير عرقي في المناطق المختلطة. و قد يخشى السنّة الذين سيحصلون على حصص أقل من عائدات النفط أن يُتركوا بلا شيء في ظل حقد الأكراد و الشيعة عليهم، و الولايات المتّحدة لا يمكن أن يعوّل عليها في هذا الموضوع، إلى جانب وجود حركة صدرية وطنية فإنّ السنّة تعتبر أنّ الفيدرالية مؤامرة أجنبية.
- فرصة اعتماد هذا الخيار: معتدلة. الفيدرالية ممكنة تحت الدستور العراقي القائم حالياً، لكنّ المعارضة الفيدرالية قوية جداً، و شرسة عند الوطنيين العراقيين. لكنّ الذين يدفعون باتجاه تبني هذا الطرح يقولون إنّ هذا الخيار يعطي طابعاً رسمياً فقط للعملية القائمة و التي تجري في مساره حالياً.
المصدر : الاسلام اليوم
________
وصحيفة المصريون
http://www.almesryoon.com/ShowDetails.asp?NewID=28775&Page=5
________
النص الأصلي
http://www.foreignpolicy.com/story/files/story3650.php