ربما كان الدافع الأول و الأخير لكتابة هذه المقالة هو ما نلحظه اليوم على ألسنة الأجيال الناشئة من تقدير بالغ الحفاة باللغات الأجنبية ..
بينما لغتنا الأم ما نالت منا إلا ما يصبح في نظري إهانة و فقط ..
كلماتي تلك إن كانت نابعة من أصل فهو مواقف شخصية لا أرغب في حصرها و كما إنها إطلاعي في هذا الأمر ..
فإذا راجعنا فصائل اللغات وجدنها ما يقرب التسعة .. و وجدنا أن لغتنا العربية تنتمي لأحد أعرق الفصائل و هي الفصيلة السامية - حامية ..
فإذا نظرنا لتقسيم اللغات من حيث التطور وجدناه الآتي :
1- لغات اشتقاقية : حيث توجد مادة أو جذر، يتم منه اشتقاقا رأسيا، وآخر أفقيا لاستنباط الكلمات و من هذه اللغات : العربية
مثل: الجذر (خرج) الذي يمكن أن نشتق منه رأسيا
خَرَخ،
أَخْرَج،
استخرج،
خَرَّج،
تَخَرَّج،
تَخَارجَ، ..،
ويمكن من كل اشتقاق سابق نشتق أفقيا الآتي، فكلمة "خَرَج"َ يأتي منها
خارج،
وخروج،
وخَرْج،
وخُراج،
وخَراج..،
وكلمة "أخرج" يأتي منها
إخراج،
مُخرِج،
مُخرِج،
وكلمة "استخرج" يأتي منها
استخراج،
مستخرَج،
مستخرِج،
وكلمة "خرَّج" يأتي منها
تخريج..إلخ
2- لغات إلصاقية : حيث توجد مادة، أو كلمة، يضاف إليها سوابق، أو لواحق، أو كلمات أخرى، لتكوين كلمات جديدة، و من هذه اللغات الإنجليزية و التركية و اليابانية..
مثل: act بمعني يمثل،
التي تضاف إليها لاحقةor لتكون بمعنى الممثل actor،
أو ress لتكون بمعنى الممثلة actress...إلخ
3- أخيراً اللغات العازلة : و هي اللغات غير المتصرفة فبنية الكلمة لا تتغير و لا يضاف لها سوابق و لواحق و مثال ذلك : الصينية ..
و يرى واضعي هذه النظريات أن اللغة تنشأ عازلة ثم تصبح إلصاقية ثم اشتقاقية..
تميز العربية على قريناتها من اللغات :
أحب أن أوجز بعض هذه المميزات في نقاط ليسهل الأخذ بها
1- الأبجدية العربية أثبتت تميزها على مر القرون .. فقد استخدمت ليس فقط لكتابة العربية أو حتى شقيقاتها من الفصيلة السامية - الحامية بل امتدت للفصائل الأخرى و حتى للمجموعات الإلصاقية و العازلة و لم تقصر .. فلقد كتب بها التركية ( و هي إلصاقية) و كتب بها الفارسية و الأوردية( كلاهما إلصاقي) و أيضاُ بعض اللغات الملاوية ..
فإذا قارنا مثلاً بالأبجدية اللاتينية وجدنها أوسع نطاقاً منها فاللاتينية لم تستخدم إلا لكتابة فصيلة واحدة من اللغات و هي فصيلة الهندية - أوروبية ..
2- الأبجدية العربية حين استخدمت في اللغات الأخرى أدت وظيفتها كاملة فلم يحتاج أصحاب اللغات الأخرى إلى التعديل في تركيبها أو شكلها المنفرد .. و لم تزد عليها إلا العلامات و النقط على بعض الحروف و هذا لا يعيب اللغة فالعرب أنفسهم استحدثوا النقط .. و على كثرة العائلات و الفصائل اللغوية فإن العربية استطاعت بجدارة أن تحافظ على ضبطها للألفاظ ..
و ذلك عكس اللاتينية مثلاً .. فاللغة الفرنسية برغم استخدمها للأبجدية نفسها التي تستخدمها الإنجليزية فإن ضبط الألفاظ و الحروف يختلف كثيراً
مثلاً العلم Franklin ..
ينطق بالإنجليزية فرانكلن
و بالفرنسية فرانكلا
و حتى في اللغة الواحدة قد يلفظ الحرف بأكثر من وجه
مثلاً الحرف T
في الإنجليزية ينطق تاء كما في to
و ينطق ثاء كما في think
و ينطق ذالا كما في this
و ينطق شيناً كما في mention
و هذا لا نعهده في نطق الفارسي الذي يقرأ الأوردية أو التركية أو العربية .. فقد ننطق الكلام سليم لكن قد لا نفهمه ..
3- في قواعد النحو و الصرف نجد أن اللغة العربية من أقدر اللغات على التعبير و أكمل اللغات تطوراً ..
فمثلاً من الأشياء التي قد تميزها عن أي لغة أخرى .. اشتمالها على التمييز بين المذكر و المؤنث .. و بين المفرد و المثنى و الجمع .. و بين جموع القلة و جموع الكثرة .. و بين الصفات العارضة و اللازمة إلخ ...
على عكس كثير من اللغات الأخرى التي لا تعنى بهذا التمييز .. بل و تضم كلمات كثيرة تخرج على القواعد النحوية و الصرفية فيضطر المتعلم معها أن يحفظ الأفعال لشذوذها و تصريفاتها مع المضارع و الماضي و أيضاً الصفات و الظروف ..
و هذا واقع في اللغة الإنجليزية و الفرنسية على سبيل المثال
أعود لأستكمل ميزات اللغة العربية على اللغات الأخرى قريباً ..
مضيفة عليها مميزات تفردها
دمتمـ و العربية على ألسنتكم