صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 28

الموضوع: |-| فن الروايةِ و القصةِ القصيرة .. أبجديته |-|

  1. #1
    التسجيل
    20-07-2005
    الدولة
    مَمالكٌ من ظِلْ
    المشاركات
    2,059

    |-| فن الروايةِ و القصةِ القصيرة .. أبجديته |-|



    إخواني في الله ..

    مساحة بسيطة .. نحاول أن نستشف معًا ماهية الرواية و القصة القصيرة ..

    و سنبدأ بالقصة القصيرة لبساطتها بالنسبة للرواية ..

    بإذن الله بعد طرح تعريفها و عناصرها و التي عبارة عن تجميع لبعض أراء النقاد و الأدباء .. نطرح بعض الدروس في القصة القصيرة ..

    و أخيرًا نتبعها بأبجديات الرواية بنفس الطرح السابق في القصة القصيرة..



    و لنبدأ

  2. #2
    التسجيل
    20-07-2005
    الدولة
    مَمالكٌ من ظِلْ
    المشاركات
    2,059

    رد: |-| فن الروايةِ و القصةِ القصيرة .. أبجديته |-|

    القصة القصيرة :

    سرد قصصي قصير نسبيًا (قد يقل عن عشرة آلاف كلمة) يهدف إلى إحداث تأثير مفرد مهيمن ويمتلك عناصر الدراما.
    وفي أغلب الأحوال تركز القصة القصيرة على شخصية واحدة في موقف واحد في لحظة واحدة.
    وحتى إذا لم تتحقق هذه الشروط فلا بد أن تكون الوحدة هي المبدأ الموجه لها.
    والكثير من القصص القصيرة يتكون من شخصية (أو مجموعة من الشخصيات) تقدم في مواجهة خلفية أو وضع، وتنغمس خلال الفعل الذهني أو الفيزيائي في موقف.
    وهذا الصراع الدرامي أي اصطدام قوى متضادة ماثل في قلب الكثير من القصص القصيرة الممتازة. فالتوتر من العناصر البنائية للقصة القصيرة كما أن تكامل الانطباع من سمات تلقيها بالإضافة إلى أنها كثيرًا ما تعبر عن صوت منفرد لواحد من جماعة مغمورة.



    بدايتها:

    ويذهب بعض الباحثين إلى الزعم بأن القصة القصيرة قد وجدت طوال التاريخ بأشكال مختلفة؛ مثل قصص العهد القديم عن الملك داوود، وسيدنا يوسف وراعوث، وكانت الأحدوثة وقصص القدوة الأخلاقية في زعمهم هي أشكال العصر الوسيط للقصة القصيرة. ولكن الكثير من الباحثين يعتبرون أن المسألة أكبر من أشكال مختلفة للقصة القصيرة، فذلك الجنس الأدبي يفترض تحرر الفرد العادي من ربقة التبعيات القديمة وظهوره كذات فردية مستقلة تعي حرياتها الباطنة في الشعور والتفكير، ولها خصائصها المميزة لفرديتها على العكس من الأنماط النموذجية الجاهزة التي لعبت دور البطولة في السرد القصصي القديم.


    القصة الحديثة :

    ويعتبر ( إدجار ألن بو ) من رواد القصة القصيرة الحديثة في الغرب . وقد ازدهر هذا اللون من الأدب،في أرجاء العالم المختلفة، طوال قرن مضى على أيدي ( موباسان وزولا وتورجنيف وتشيخوف وهاردي وستيفنسن )، ومئات من فناني القصة القصيرة. وفي العالم العربي بلغت القصة القصيرة درجة عالية من النضج على أيدي يوسف إدريس في مصر، وزكريا تامر في سوريا ، ومحمد المر في دولة الإمارات.



  3. #3
    التسجيل
    20-07-2005
    الدولة
    مَمالكٌ من ظِلْ
    المشاركات
    2,059

    رد: |-| فن الروايةِ و القصةِ القصيرة .. أبجديته |-|

    عناصر القصة :


    1- الفكرة والمغزى:
    وهو الهدف الذي يحاول الكاتب عرضه في القصة، أو هو الدرس والعبرة التي يريدنا منا تعلُّمه ؛ لذلك يفضل قراءة القصة أكثر من مرة واستبعاد الأحكام المسبقة ، والتركيز على العلاقة بين الأشخاص والأحداث والأفكار المطروحة ، وربط كل ذلك بعنوان القصة وأسماء الشخوص وطبقاتهم الاجتماعية …


    2- الحــدث:
    وهو مجموعة الأفعال والوقائع مرتبة ترتيبا سببياً ،تدور حول موضوع عام، وتصور الشخصية وتكشف عن صراعها مع الشخصيات الأخرى … وتتحقق وحدة الحدث عندما يجيب الكاتب على أربعة أسئلة هي : كيف وأين ومتى ولماذا وقع الحدث ؟ . ويعرض الكاتب الحدث بوجهة نظر الراوي الذي يقدم لنا معلومات كلية أو جزئية ، فالراوي قد يكون كلي العلم ، أو محدودة ، وقد يكون بصيغة الأنا ( السردي ) . وقد لا يكون في القصة راوٍ ، وإنما يعتمد الحدث حينئذٍ على حوار الشخصيات والزمان والمكان وما ينتج عن ذلك من صراع يطور الحدث ويدفعه إلى الأمام .أو يعتمد على الحديث الداخلي …


    3- العقدة أو الحبكة :
    وهي مجموعة من الحوادث مرتبطة زمنيا ، ومعيار الحبكة الممتازة هو وحدتها ، ولفهم الحبكة يمكن للقارئ أن يسأل نفسه الأسئلة التالية : -
    - ما الصراع الذي تدور حوله الحبكة ؟ أهو داخلي أم خارجي؟.
    - ما أهم الحوادث التي تشكل الحبكة ؟ وهل الحوادث مرتبة على نسق تاريخي أم نفسي؟
    - ما التغيرات الحاصلة بين بداية الحبكة ونهايتها ؟ وهل هي مقنعة أم مفتعلة؟
    - هل الحبكة متماسكة .
    - هل يمكن شرح الحبكة بالاعتماد على عناصرها من عرض وحدث صاعد وأزمة، وحدث نازل وخاتمة .


    4- القصة والشخوص:
    يختار الكاتب شخوصه من الحياة عادة ، ويحرص على عرضها واضحة في الأبعاد التالية :
    أولا : البعد الجسمي : ويتمثل في صفات الجسم من طول وقصر وبدانة ونحافة وذكر أو أنثى وعيوبها ، وسنها .
    ثانيا: البعد الاجتماعي: ويتمثل في انتماء الشخصية إلى طبقة اجتماعية وفي نوع العمل الذي يقوم به وثقافته ونشاطه وكل ظروفه المؤثرة في حياته ، ودينه وجنسيته وهواياته .
    ثالثا :البعد النفسي : ويكون في الاستعداد والسلوك من رغبات وآمال وعزيمة وفكر ، ومزاج الشخصية من انفعال وهدوء وانطواء أو انبساط .


    5- القصة والبيئة:
    تعد البيئة الوسط الطبيعي الذي تجري ضمنه الأحداث وتتحرك فيه الشخوص ضمن بيئة مكانية وزمانية تمارس وجودها .




  4. #4
    التسجيل
    20-07-2005
    الدولة
    مَمالكٌ من ظِلْ
    المشاركات
    2,059

    رد: |-| فن الروايةِ و القصةِ القصيرة .. أبجديته |-|

    بناء القصة :

    تروي القصة خبرا وليس كل خبر قصة ولكي يصبح الخبر كذلك لابد ان تتهيأ له الخصائص السابق الاشارة لها وفي مقدمتها ان يكون الاثر كليا وان تكون وسيلتنا الي ذلك ترابط تفاصيله وان يصور مانسميه بالحدث وهو يتكون من بداية ووسط ونهاية
    وكاتب القصة يحاكي حدثا لا يشارك فيه ومن الخطأ ان يقرر رأيا او فكرة في سياق القصة الا اذا جاءت على لسان احد من شخصياتها ، وكان لها علاقة بتطور الحدث ، والتقرير من الاشياء التي تعيب النسيج القصصي عيبا شديدا والقصاص الماهر يترجم مايريد الي معادل موضوعي ، وبقدر مايبرع في ايجاد المعادل ، تكون فنية القصة وتميزها ، فالكاتب يصور الحدث ولا يشارك فيه ، ويدعنا نرى الاشياء من خلال شخصياته ، ومن ثم وجب ان تجيء اللغة اقرب ماتكون الي لغة الشخصية التي يتحدث الكاتب من خلالها الينا .


    اللغة :
    قضية اللغة في القصة والمسرح تثير الكثير من النقاش المتجدد
    ولكن للتبسيط والايجاز يمكن التوصل الي الخلاصة التالية :
    بما ان اللغة العربية هي لغة الكتابة وجب علينا اذن ان نكتب القصة جميعها واوصافها وحوارها باللغة العربية ويجب على الكاتب ان يتوخى في كتابة حواره السهولة ماامكن ولا حرج عليه ان استعان ببعض الالفاظ او ببعض جمل صغيرة عامية اذا اضطرته الحاجة لذلك
    انا اميل لهذا الرأي
    وهناك من يميل للكتابة بالعامية


    الحوار: يمكن ان يستخدم ومن الضروري جدا ان يكون قصيرا موجزا محكما بلا فضول ، بل وقد يلعب الحوار دورا رئيسيا كعنصر قصصي وهناك قصص تقوم في مجملها على الحوار
    وقد تجيء على العكس فتخلو منه تماما ، دون ان يمس هذا في شي حقيقة الجنس الادبي ، او روعة القصة وتماسك بنائها .

    لكني أرى أن استخدام الحوار كبناء كامل للقصة يفقد القصة حيويتها و الجو الغامض نوعًا ما ..








  5. #5
    التسجيل
    20-07-2005
    الدولة
    مَمالكٌ من ظِلْ
    المشاركات
    2,059

    رد: |-| فن الروايةِ و القصةِ القصيرة .. أبجديته |-|

    عرض القـــصّــة:

    الحق ُّ أنّ عرض القصة له طرقٌ كثيرة يصعبُ تحديدها ,إذ أنّ حرية المؤلف في هذا الجنس
    الأدبي لاتحدُّها القواعد كلّ التحديد . وعبقريته هي التي تعينه على الإفادة من الطريقة التي
    يختارها ,أو على الانتفاع بكثيرٍ من الطرق ,يزاوج بينها في قصته .فقد يبدأ المؤلف قصته
    من أوّ ل حوادثها, فيصفُ نشأة أبطاله , وميلاد َ علاقاتهم بعضهم ببعض, ويتبع في ذلك
    منهجاً زمنياً في عرض الأحداث . وقد تبدأ القصة ُ بنهايتها, وكثيراً مايقع ذلك في القصص
    البوليسية. وللكاتب في طريقة عرض شخصياته أن يصوّرهم من خلال حركتهم ومواقفهم,
    في حديثهم بعضهم مع بعض, في الحوار , أو في حديث كل منهم لنفسه .وللقاص ّ أن يتوسع
    في الأحاديث النفسيّة لشخصياته, ليصوّر بها وعيهم الباطني.

    الأشخاص في القــصــّة:

    الأشخاص في القصة مدار المعاني الإنسانية, ومحور الأفكار والآراء العامّة , ولهذه المعاني
    والأفكار المكانة الأولى في القصّة منذ انصرفت لدراسة الإنسان وقضاياه ,فلا مناص أن تحيا
    الأفكار في الأشخاص وتحيا بها الأشخاص.
    والكاتب يوجد أشخاصه ,مستوحياً في إيجادهم الواقع,مستعيناً بالتجارب التي عاناها هو أو
    لحظها,وهو يعرفُ عنهم كل شيء ٍ , ولكنّهُ لايفضي بكل شيءٍ ..فلا يصح أن يذكر تفصيلات
    الحياة اليومية إذا كانت لاتمُت بصلة إلى فكرة القصة ,ولاتدلّ على الحال النفسية لأشخاصه ,
    أو على العادات والتقاليد ذات السلطة في المجتمع..



    تكوين القصة :

    1_ المقــــــدمــــــــــة: وفيها يهيأُ ذهن القاريء للمرحلة الآتية التي يُمهّد ُ لها بأحداثٍ تكون
    المرحلة الثانية نتيجة لها.
    2_ التــــعقيـــدأو العُقدة: وهي المرحلة الثانية التي تشتبك ُ فيها الأحداث وتتأزم ُ المواقف ُ
    فتنطمس أمام القاريء معالم الحلّ ,ويصبح في حالة تحفُّز ٍ كامل لما يأتي بعد ذلك.
    3_ الحـــــــــلُّ: وهو النهاية التي لاتأتي فجأةً ودَفعةً واحدةً , بل يمهّدُ لها بأمور توميء
    ولاتوضّح ,وتشيرُ ولا تُفصحُ,لكي لايصلُ القاريء إلى الحلِّ مباشرةً , فيبرُدُ شوقهُ
    وتفتُرُ عزيمتهُ ,لأنّهُ لم يعُد في حاجة ٍ إلى معرفةٍ جديدةٍ.
    وهذه العناصر ُ الثلاثة إنما تأتي بعد العنصر الأساسي الذي لايمكن وجودها إلا
    بوجوده,ذلكم هو...............(( الحدث )).


  6. #6
    التسجيل
    10-12-2002
    الدولة
    ادوماتو
    المشاركات
    2,455

    رد: |-| فن الروايةِ و القصةِ القصيرة .. أبجديته |-|

    حجزت الكرسي الأول

    التلميذ الأول حاضر معلمتنا، لكنه الليلة ساهر لا يستطيع الكتابة

    الوعي الخائن نام قبل أن أنام

    قريبا نغرقك بشتى الأسئلة

    دمتي لنا ^^

  7. #7
    التسجيل
    20-07-2005
    الدولة
    مَمالكٌ من ظِلْ
    المشاركات
    2,059

    رد: |-| فن الروايةِ و القصةِ القصيرة .. أبجديته |-|

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Chrono Scar
    حجزت الكرسي الأول

    التلميذ الأول حاضر معلمتنا، لكنه الليلة ساهر لا يستطيع الكتابة

    الوعي الخائن نام قبل أن أنام

    قريبا نغرقك بشتى الأسئلة

    دمتي لنا ^^


    الأماكن الفارغة ستغدو كثيرة فيما يبدو .. لك أيها شئت ..

    أنا على ارتقاب في أي وقت ..

    فيض تحية

  8. #8
    التسجيل
    20-07-2005
    الدولة
    مَمالكٌ من ظِلْ
    المشاركات
    2,059

    رد: |-| فن الروايةِ و القصةِ القصيرة .. أبجديته |-|



    أمهلوني إذًا يومان أجمع فيهما مصادر الدرس الأول

    و عسى أن ينفعنا الله و إياكم به ..

    لكن أروني بعض الحماس

    فلكم أكتب

  9. #9
    التسجيل
    10-12-2002
    الدولة
    ادوماتو
    المشاركات
    2,455

    رد: |-| فن الروايةِ و القصةِ القصيرة .. أبجديته |-|

    سرد قصصي قصير نسبيًا (قد يقل عن عشرة آلاف كلمة) يهدف إلى إحداث تأثير مفرد مهيمن ويمتلك عناصر الدراما.
    وفي أغلب الأحوال تركز القصة القصيرة على شخصية واحدة في موقف واحد في لحظة واحدة.
    وحتى إذا لم تتحقق هذه الشروط فلا بد أن تكون الوحدة هي المبدأ الموجه لها.

    وحدة الانطباع impression أو كذلك يسميها إدجار

    وقد حدد حجمها بمعيار زمني حيث هي ما يحتاج نصف ساعة إلى ساعتين لقرائتها وفهمها فهما دقيقا ..

    لكن هناك من اختلف معه ليحددها بربع الساعه او الثلث لا أكثر

    بينما موزلي حددها بعدد الكلمات، فالقصة التي تأخذ 500 كلمة أو أقل تسمى Sketch وتسمى قصيصة Novelette اذا تجاوزت 10000 كلمة ، والقصة القصيرة ما تتراوح بين 1500 و 10000 كلمة .

    لقصر القصة القصيرة ميزتها على الرواية أو القصة التركيز لطبيعتها ، وحتى العواطف الكثيرة والقلق الذي نجده في القصة في العادة هو نتاج موقف واحد معين لا أكثر

    الشخصيات قليلة لانها ليست ها هنا لمناقشة كل شخصية على حدة، بل الموقف أو الشخصية الرئيسية هي الأهم

    ويمكن للقصة القصيرة أن تأخذ فترة زمانية طويلة لكن الفرق بينها وبين الرواية في طريقة العرض وفنيات الكاتب\ـة الذي يتجاوز فترات زمانية متباعدة بلمسات سريعة غاضا الطرف عن التفاصيل والجزئيات غير المهمة .


    امممممممم هذا كل ما جال في خاطري منذ قرأت الموضوع تعليقا على المعلومات التي أفادتني حقيقة خصوصا وأنا في طور كتابة قصتي القصيرة الأولى ^^


    هل يمكنني نقل مثال مما قرأت ؟ سأذكر المصدر لا ريب @@

    لأني أرى الموضوع كمعلومات مكتمل ما شاء الله تبارك سبحانه بقي المثال >.>

  10. #10
    التسجيل
    20-07-2005
    الدولة
    مَمالكٌ من ظِلْ
    المشاركات
    2,059

    رد: |-| فن الروايةِ و القصةِ القصيرة .. أبجديته |-|

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Chrono Scar
    سرد قصصي قصير نسبيًا (قد يقل عن عشرة آلاف كلمة) يهدف إلى إحداث تأثير مفرد مهيمن ويمتلك عناصر الدراما.
    وفي أغلب الأحوال تركز القصة القصيرة على شخصية واحدة في موقف واحد في لحظة واحدة.
    وحتى إذا لم تتحقق هذه الشروط فلا بد أن تكون الوحدة هي المبدأ الموجه لها.

    وحدة الانطباع impression أو كذلك يسميها إدجار

    وقد حدد حجمها بمعيار زمني حيث هي ما يحتاج نصف ساعة إلى ساعتين لقرائتها وفهمها فهما دقيقا ..

    لكن هناك من اختلف معه ليحددها بربع الساعه او الثلث لا أكثر

    بينما موزلي حددها بعدد الكلمات، فالقصة التي تأخذ 500 كلمة أو أقل تسمى Sketch وتسمى قصيصة Novelette اذا تجاوزت 10000 كلمة ، والقصة القصيرة ما تتراوح بين 1500 و 10000 كلمة .

    لقصر القصة القصيرة ميزتها على الرواية أو القصة التركيز لطبيعتها ، وحتى العواطف الكثيرة والقلق الذي نجده في القصة في العادة هو نتاج موقف واحد معين لا أكثر

    الشخصيات قليلة لانها ليست ها هنا لمناقشة كل شخصية على حدة، بل الموقف أو الشخصية الرئيسية هي الأهم

    ويمكن للقصة القصيرة أن تأخذ فترة زمانية طويلة لكن الفرق بينها وبين الرواية في طريقة العرض وفنيات الكاتب\ـة الذي يتجاوز فترات زمانية متباعدة بلمسات سريعة غاضا الطرف عن التفاصيل والجزئيات غير المهمة .


    امممممممم هذا كل ما جال في خاطري منذ قرأت الموضوع تعليقا على المعلومات التي أفادتني حقيقة خصوصا وأنا في طور كتابة قصتي القصيرة الأولى ^^


    هل يمكنني نقل مثال مما قرأت ؟ سأذكر المصدر لا ريب @@

    لأني أرى الموضوع كمعلومات مكتمل ما شاء الله تبارك سبحانه بقي المثال >.>

    يعجبني حقًا نشاطك ^^ ..

    أورد ما شئت .. لك مساحات تنتظرك

    إضاقتك جد مثمرة .. أفادتني ..

    فيض تحية

  11. #11
    التسجيل
    10-12-2002
    الدولة
    ادوماتو
    المشاركات
    2,455

    رد: |-| فن الروايةِ و القصةِ القصيرة .. أبجديته |-|

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جِهَاد و كَفَى

    يعجبني حقًا نشاطك ^^ ..

    أورد ما شئت .. لك مساحات تنتظرك

    إضاقتك جد مثمرة .. أفادتني ..

    فيض تحية
    امممم اذا موافقة على ايرادي لمثال @@

    أوكيك

    ووعدتينا بمثال >.>


    =-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

    مجرد مقدمة للمثال قبل أن يخلق حرباً شعواء، قد تكون القصة القصيرة التي أوردها وقع عنيف على من تعودوا قصص الأطفال >.> لكنها أقرب ما قرأت من قليل لقلبي >.<

    عذراً، لكن إنتظروا لنهايتها
    التعديل الأخير تم بواسطة احلامو ادوماتو ; 23-06-2006 الساعة 05:24 AM

  12. #12
    التسجيل
    10-12-2002
    الدولة
    ادوماتو
    المشاركات
    2,455

    رد: |-| فن الروايةِ و القصةِ القصيرة .. أبجديته |-|

    ما وراء الحب


    غادة السمان - عيناك قدري

    أيها الإنسان الغريب الذي يقودني إلى شاطئ لم أره ودرب لم أطأها .. تراك ستمنحني الخلود حقاً بعدما فشلت في انتزاعه بنفسي ؟ تراك ستمنحني الخلود الليلة عند ذلك الأسود الغامض الذي طالما حدثتني عنه ؟

    السيارة ما زالت تندس في أحشاء الظلمة، وقد خلفت أضواء المدينة وراءها .. تندفع بسرعة شيطانية كوميض عينيه، تدور بنا في المنعطفات الساحلية الخطرة وأنامله الفنانة تتشنج فوق المقود .. وعيناي معلقتان بجانب وجهه المحبب بشفتيه اللتين ترتعشان كظل معبد في غدير حالم .. بالاصرار المبدع في انتصاب رقبته. كل ما فيه يذكرني بتحفز إله يستعد للحظة الخلق الحاسمة ..

    عجلات السيارة تئن ذعراً من سرعة هيثم. صريرها في المنعطفات يفجر في كياني نشوة تحد همجية.. اني أحيا وأحب.. لا أريد أن أموت. فالليل عجينة طيب ودفء ورؤى. وشذى زهر الليمون يفوح من البيارات سحابات خفية، تحملني في ثرائها إلى قمم فستقية لا تعرف الهرم.
    ترى هل يستطيع هيثم أن يبعثني في لوحة تفوح منها أنفاس زهر الليمون، ويسمع فيها هتاف الأمواج الأبح؟ لماذا أتساءل؟.. التساؤل بداية الشك.. وأنا قد اعتدت أن أؤمن به منذ التقينا للمرة الأولى في معرضه الكبير..
    يلذ لي أن أذكر تلك أمسية تلك الأمسية من أواخر الصيف الماضي. كنت أحب الرسم وأمارسه منذ طفولتي، لذا لم أتردد في الذهاب لمشاهدة معرض هيثم، فنان المدينة الأول...

    وهناك التقيت بعينيه البنفسجيتين، وكانت تحيط بهما عشرات من العيون البله لفتيات يقرأن الصحف بالشوكة والسكين ويرتدين القفازات حتى أثناء النوم.. كن يتهافتن عليه ويضاحكنه.. لا أدري لم وقفت أتأمله بإشفاق وذهول. مسكبة البنفسج في عينيه كانت جافة، وكنت أعرف أني غيمة عقيمة. كان يتظاهر بالفرح رغم سأمه، ويضحك لصهيلهن الفاقع.. ولما مررت بهم ختف بي في غمرة مزاحه: ((وأنت أيتها الغجرية.. هل تودين أن أرسمك أيضاً؟)) وبعناد بغل أجبته: ((لا.. أفضل أن تعلمني الرسم))..
    أعجبته وقاحتي فعاد يسأل: ((لماذا؟)).
    -علمني الرسم كي لا أموت.. كي أخلق لوحة أستمر فيها أبداً..

    وتصادقنا.. وعلمني كيف أرسم، وعلمته كيف يحب!

    لكن مسكبة البنفسج ظلت عطشى في عينيه.. أتأملها الآن وأضواء لوحة القيادة الباهتة تتماوج في سمائها.. ستظل عطشى لأنني لن أتزوج به.. وإن مضيت، فأنا واثقة من انه لن ينساني أبداً.. لا يمكن لمثل هذا الشاب أن ينسى الفتاة الوحيدة التي رفضت أن تتزوج به رغم إلحاحه، والتي آمن في الوقت نفسه بأنها أحبته حقاً ..

    ألتفت الى الوراء. المنحنى يبتلع أضواء المدينة. الناس يموتون هناك. لن أموت. بعد قليل نصل الى الشاطئ المنشود، سأقف أمام هيثم ليرسمني في ضوء القمر. ليبخرني بين أهدابه ويصعدني نجمة عند الأفق. ليبعثني دفقة في موجة وثنية الأهازيج. وردة مغارية في قمة ما عانقتها سوى الغيوم والنسور. لينبتني قصيدة هوجاء في جبين عاصفة.. أتراني أنحو بهذا الأسلوب؟ أبي قال إن عليَّ أن أصنع خلودي بنفسي وأن لا أحد يصنع للآخرين خلودهم، وإنه لا جدوى من أن يرسمني هيثم.

    ورغم رأيه هذا، لم يعترض حينما ارتديت زي الغجرية، ولم يعترض حينما غادرت البيت منذ وقت قريب وكانت الساعة قد تجاوزت الثانية بعد منتصف الليل، ولكن صمته كان يهذي، وكنت أفهم هذيان صمته كما يفهم هذيان صمتي.. منذ طفولتي وأنا أتجادل معه دون أن ينطق أحدنا بكلمة واحدة. صمته كان يعاتبني متخوفاً هامساً: أرجو ألا يكون العامل للعامل الذي صعقه التيار صباحاً أمام شرفتك صلة بتراجعك هذا.. لماذا قبلت اليوم بالذات أن يرسمك هيثم بعدما كنت ترفضين عرضه وتفضلين الرسم بنفسك؟ الخوف والخلود لا يتفقان..
    لن تنتصري على الموت ما دمت تخافينه..

    كان واثقاً من أن تعليله هذا هو الحقيقة، ولم يكن مخطئاً. ورأيت بعينيه ساعة غادرت البيت نظرة مفجعة الحزن والحنان.

    هذه النظرة بالذات تخيفني وتملأني باحساس غربة سحيقة.. تذكرني أن كل إنسان يولد وحيداً ويصلب وحيداً وعليه أن ينتصر على الموت وحيداً أيضاً..

    ألتفت الى هيثم. ما زال يقود سيارته بجنون. أحبه، لكن يخيل إلي انني لو مددت يدي لأتحقق من وجوده، لأخترقت أصابعي جسده كأنه حلم زنبقة ذابلة.. لو حاولت الإمساك به لاستحال في قبضتي إلى حفنة من دخان، ولظللت أواجه قدري وحيدة.. كأنه ليس هنا أمامي يقودني إلى الشاطئ الأسود ليمنحني الخلود.. كأنه هو أيضاً مصلوب فوق عمود من أعمدة كهرباء المدينة..

    اهرب من خواطري، أدير رأسي نحو النافذة. القمر يتدحرج عند حافة الجبل البعيد. حيويته في ملاحقتي تثير حماستي.. الجبل يعلو. يلتحف غابات سوداء تتكاثف، أنين العجلات كئيب. القمر يهوي في الغابة. يتمزق بين أغصانها. السيارة ما زالت تركض والقمر رغم تمزقه ينطلق في الغابة. الجبل يسقط. القمر يعلو منتصراً تتجمع أشتاته في ثانية. يجمد في أوقيانوسات السماء. السيارة ما زالت تطير. لن أموت. رأسي ثقيل يسقط على المقعد. أصابع هيثم تتسلل من خلف المقعد وتغزو الخصل المتدلية.

    رغبة بدائية في البكاء تغمرني. أنا وحيدة وخائفة. أفترب منه وألتصق به. صوته يتحسسني عميقاً مثيراً وهو يسأل(ما الذي يخيفك؟)) أسمعها تجيب: ((لاشيء)). أكره أن يموت الناس أمامي، لأنهم يقنعوني بأنني سأموت حقاً. وكأسد لا يدري كيف أستطعت ترويضه يتوسل قائلاً: ((للمرة السابعة أرجو أن تقبلي بي زوجاً.. سوف أسعدك وستتخلصين من هواجسك كلها)).

    هواجس؟.. من يدري.. كلماته تلسعني. لم أتزوجه. لا أستطيع. يجب ألا يكتشف الحقيقة.. اتماسك أمام توسل البنفسج العطش في عينيه: (( ألم نصل بعد يا هيثم؟ ))
    لا يجيب. مقدمة السيارة تجيب . تتجه نحو طريق فرعية ضيقة، عمودية على الشاطئ. عبق الماء المالح يوقظ شرهي إلى الحياة، أحب البحر. أعتقد أن مدن الأعماق سعيدة لأن أسماكها خالدة لا يمكن أن تمرض أو تموت بلا سبب مثلنا، ولأنه ليس فيها أعمدة كهرباء.. أما نحن فنمرض ونتعذب ونصلب على أعمدة الكهرباء دون ذنب..

    السيارة ما زالت تتقدم. نصعد تلاً رملياً صغيراً. نهبط فجأة، وفجأة يبزغ الخليج الأسود.. ككرى شاحبة لأول حب ينبسط تحت أقدامنا بودعة. يمنح نفسه لأنظارنا بسخاء. وأراه مدهش الاستدارة عجيباً جذاباً كأسطورة.. وأراه، بيدراً من نجوم صيفية، ما زلنا نقترب من الماء. ضوء القمر يتلألأ فوق رماله الرمادية. شاطئ أصداف تفتحت لشذى زهر الليمون الدافئ وسكبت لآلئها. الأمواج تلعق النور عن الشاطئ بخفة عرائس البحر.. يا مدينتي التي تهترئ في الليل، في الشاطئ البكر هنا تبعث أمجاد الصحو والصيف والقمر.. أحس برغبة حارة في أن أمتلك هذا العالم المدهش الذي يقع تحت حواسي. عاصفة النشوة أقسى من أن تحتملها سهول الخيزران في نفسي.. هنا، في مهرجان الليل سيمنحني الخلود. سيسكبني لؤلؤة في حضن محارة ويودعني موجة من موجات الأعماق..
    -قف هيثم ودعنا نمش قليلاً..
    صوته رنين مرساة ذهبية في شطآن منبوذة، يقول (لا أستطيع الوقوف هنا، إنني بحاجة إلى أن تكون السيارة قريبة مني.. سأصل بمدخرتها سلكاً ومصباحاً صغيراً. هل تريدين أن أمزج الألوان في الظلام؟)).

    لا أجيب. يتقدم بالسيارة. نحن على بعد امتار قليلة من الماء. يتوقف. أقفز. اخلع حذائي المهذب. ادفن قدمي في بداءة الرمل. أقفز وأدور وأرقص وأرحب بالاله في كل شيء. أسقط على ركبتي وأنا ألهث. تعبت من صلاة النشوة. أطمر نفسي بالرمل الحي. الموت هنا يبدو مغرياً. لن أصلب على عمود كهرباء في الشارع. لن تأتي السيارة التي تنوح وهي تلملم الموتى من الأزقة لتشحنني.. سأظل روحاً شابة تهوم في الشاطئ الأسود، تحرسه، تمتزج مع أنسام نيسان وشذى زهر الليمون..

    هيثم يرتب أشياءه وفرشاته وألوانه. مصباح باهت يضيء قرب اللوحة المعدة بعد أن وصل سلكه بمدخرة سيارته. يجهز بعض الاسطوانات، يعمل بخفة أسد يصنع وليمة للخلود. لحن غجري حالم يغمر سحر المكان كسحابة ضباب ملونة.. يقترب مني.. عيناه تمطراني شهباًً. فراشات فرحات تتطاير في مسكبة البنفسج. يقول لي ( تمددي فوق الرمال السود، يجب أن أنتهي من اللوحة قبل الفجر.. أقسم أني سأصنع لك الخلود الليلة))

    لا أجيب. ليته يجلس بجانبي. أحدثه طويلاً عن الحقيقة. ليتنا نصنع الحياة قبل أن نصنع الخلود.. يخيل إلي أن الخلود يمكن أن يتفجر بعفوية من لحظة حماسة حقيقية للحياة.. لكني أجبن من أن أواجه حقيقتي.

    هيثم يبدو منغمساً في عمله. يهتف بي( دعي ثوبك يسقط على كتفك اليمنى. ويكشف عن جزء من صدرك)).
    ذعر الحقيقة يسوطني. سيكتشف الحقيقة. لا أستطيع. لا أتحرك. يعاتبني: ألا تثقين بي؟ أم انه عنادك؟

    من قال إني لا أثق به؟

    أكشف عن كتفي اليسرى وجزء من صدري..

    يصرخ غاضباً: (( قلت لك اليمنى)).

    لا أتحرك. يتجاهل عصياني أنا المتمردة قبل أن يخلقني. يستمر في الرسم، شيء ما في سحر الشاطئ يسخر منا. يهتف بنا أن نصنع الحياة قبل أن نفكر في الخلود. يقول إننا لن نخشى الموت إذا عشنا لحظة حقيقية واحدة. الذين لم يعيشوا فعلاً وحدهم الذين ايخافون الموت.. وهم الذين يفشلون في أن يصنعوا الخلود. وأنا محرومة من أن أحيا. قريباً يختطفني موكب الخريف دون أن يزهر في جدبي ربيع.. دون أن أرسم لوحة التي طالما حلمت بخلقها وحدثت أبي عنها.

    هيثم ما زال غارقاً بين خشبته ومصباحه وألوانه. رائحة زهر الليمون واللحن الغجري يملآني حياة ودفئاً وأملاً.. ذات يوم سأرسم اللوحة. سأحس انها نبتت من الأرض فعلاً، وإن لها جذوراً تنغرس في الشمس وفي الصخر وفي العاصفة وجذوراً تلبلب بين أهدابي وأعصابي وانها عالم حي يمزج وجودي الصغير بالوجود الأكبر... وانني يوم أرسمها سأظل فتاة صغيرة لا تهرم ولا تموت ولا تمرض كالأسماك. يوقظني صوته قائلاً: ((أغمضي عينيك)).
    -لماذا ؟
    - أيتها العنيدة أغمضي عينيك.. أريد أن أرسم الوداعة والطمأنينة في وجهك..
    - أخاف أن أغمض عيني.
    يصرخ ثائراً(قلت لك أغمضيها.. عنادك عجيب!))

    لا مفر. أغمضيها. الشاطئ يذبل. النجوم تنطفئ.اللحن الغجري يغرق في كهوف سحيقة. رائحة الليمون مشحونة برطوبة الفناء. هدير الأمواج يعلو. موجات سود حاقدة تهاجمني. تحتلني. تحملني إلى ليل المدينة المهترئ. الشارع أمام دارنا مهزوز زائغ ينتحب البوم في كواته..
    أعمدة الكهرباء وحدها تبدو صلبة حقيقية، صامدة كأعواد المشانق وعطشى لشهقات الذعر.. هنالك عمود ما أقيم لأجلي. أرفض أن أتحرك. أنا على الشرفة. الموجات السود تلطمني. الرجل المجهول يسير في الشارع. يقف أمامي على الرصيف يناديني. يقول وبين شفتيه ضحكة شيطانية انه سيصلح كهرباء دارنا. ينتعل قطعتين من الحديد. يتسلق العمود: إبق إنساناً، لسنا بحاجة للكهرباء... لا يسمع. يصل إلى الأعلى.
    يعبث بعدد من الأسلاك. شهقة مخيفة. يهوي إلى الرصيف كتلة من فحم وذعر واستسلام. ييستعيد رأسه الانساني. عيناه فجوتان ينسكب دم مظلم منهما. تهمهم أصوات غامضة بأنه مات.

    السيارة التي تنوح وهي تلملم الموتى من الأزقة تحمله وتمضي.. يولد من جديد على الرصيف. أريد أن أصرخ. أن أحذره. لا أستطيع. يتقدم. يصعد من جديد. يصعقه التيار. يهوي. تنوح السيارة. يولد من جديد. يتسلق العمود. يهوي. يصنع العدم أمامي عشرات المرات وأنا لا أستطيع أن أصرخ. موجة خفية تشدني عن الشرفة تحاول أن تصلبني من كتفي اليمنى وصدري فوق أحد الاعمدة. وأعول فجأة بهلع حقيقي بدائي:
    ((لا أريد أن أموت.. لا أريد)).

    ذراعان تحيطان بي. تهزاني. هيثم أمامي يمسح دموعي ويهدئني. ما زلت على الشاطئ الأسود. القمر والصيف وأنفاس زهر الليمون. من قال إني كنت أصرخ؟.. لم يحدث شيء. أبي كان على حق حينما ذكرني بالعامل الذي صعقه التيار فمات أمام شرفتي. هيثم يشدني إليه وبريق مجنون يلتمع في عينيه:
    - لن تموتي.. لقد خذلتك.. زرعتك نجمة في هذا الشاطئ.. تعالي.. أنظري إلى اللوحة..

    أنهض معه. اللوحة أمامي تلتمع مع الفجر الذي بدأ يبعثر خصلاته. أرى فيها غجرية ثرية الشعر بدائية التورد. عيناها مغمضتان باستسلام عجيب. الصحة تتفجر من كتفها اليمنى وطرف نهدها العاري حيث تتركز نظراتي والدم يتوهج في مسامي .. وأصرخ فيه:
    - لماذا عريت كتفها وصدرها؟.. لقد رفضت أنا ذلك..
    يجيب مفتخراً(رسمت الاشياء كما أتصورها.. وقد يكون الواقع أكثر جمالاً. أعتذر)).

    وأعود أتأملها. أتأمل وجهها الساذج الوديع. هذه هي الفتاة التي يحبها. رسمها دون أن ينظر إلى وجهي بينما كنت وحيدة أصلب على أحد أعمدة المدينة كما صلب التيار صباحاً ذاك العامل المسكين. هذه غريمتي. أتمنى أن أغرس الدبابيس في كتفها العارية وصدرها المتفجر صحة. لو يعرف..

    أحس بحاجة لأن أعترف له بالحقيقة. أتوسل إليه بأن يحطمها هي ويحبني أنا. سأفقده إذا أخبرته. سأظل صامتة، وقريباً ينتهي كل شيء. الفجر يكاد يطلع. يجب أن نهرب من هذا المكان. لقد منحها الخلود ولم يمنحني إياه. يجب أن نهرب. أخاف من الوقوف أمامه في فجر هذا الشاطئ، حينما يكون كل شيء ناصعاً وذهبياً إلا أنا .. إلا أنا أخدعه بالثوب الملون والشعر المتمرد وأطواق الغجرية.. دعنا نعود يا هيثم. جمودي أمام لوحته لا يهمه. يبدو واثقاً وفخوراً. ليتني أحطمها. يلملم أشياءه بسرعة. نعود إلى السيارة. يدير محركها وأهتف(أتوسل إليك أن تسرع! دعنا ننسحب قبل أن يطلع الضياء.))

    لهفتي تدهشه لكنه يطيع. لا يرفض لي طلباً. السيارة تزمجر ولا تتحرك. أقفز منها وأرى أن عجلاتها قد غاصت في الرمل حتى نصفها. أتوسل إليه أن يحاول من جديد. أستميت في دفعها من مؤخرتها. العجلات تدور في مكانها وسحب كثيفة من الرمل تتناثر من حولها.. السيارة تزداد غوصاً في الرمل. النور ينسكب من مكان ما. هيثم يقول انه من المستحيل أن تتحرك السيارة. من أية فجوة ينسكب النور لأسدها بجسدي. يخيل إلي انه يولد من كل ذرة رمل. من الأفق.. من انتفاضات الأمواج.. من صفاء الزبد.. من كل شيء إلا من صدري.. الفجر يولد ندياً بكراً وحشي الصفاء. هيثم يقترب.. يجب ألا يراني في النور هنا، حيث يغتسل كل شيء بالفجر وينفتح للنور بلا خوف.. إلا أنا

    .. يجب أن أهرب.. الضياء يتفجر من كل مكان حولي.. ينجدل في هالات.. يدنو. يغمرني.. يجب أن أهرب.. هيثم ينظر إلى رعبي متسائلاً.. إنه طيب وصادق ومخلص، يحبها كثيراً حسناء اللوحة.. يظنني هي.. لن أدعه يكتشف الحقيقة، أنطلق فجأة هاربة من الشمس.. أعدو، عنادي وذعري نيران تلهب موطئ أقدامي. أنتزعها بصعوبة من الرمل الهش وأظل أعدو.. وقع أقدام هيثم ورائي. متعبة. لن أستسلم. يد ثقيلة على كتفي.. تمسك بثوبي. أحاول انتزاعه وأظل أعدو. الثوب يتمزق. ينكشف عن كتفي اليمنى وصدري.
    اليد الثقيلة تسمرني- وعينا هيثم تتأملان ما انكشف عن الثوب.
    غابات من ذعر واشمئزاز وبؤس تغطي مسكبة البنفسج. أقف أمامه كأن الأمر لا يعنيني بينما هو يتأمل آثار اللحم الممزق في كتفي وصدري. يظل يتأملني بوجه جمدت الصدمة ملامحه.



  13. #13
    التسجيل
    10-12-2002
    الدولة
    ادوماتو
    المشاركات
    2,455

    رد: |-| فن الروايةِ و القصةِ القصيرة .. أبجديته |-|

    لا أشعر بخجل لقبح المنظر. أهتف به (( قل أي شيء.. قل أني انني خدعتك.. قل أن آثار السرطان في صدري تخيفك.. قل إن التشويه الذي أحدثته العملية في صدري يخمش البنفسج المدلل في عينيك.. قل انك تحبها، حسناء اللوحة، لا أنا.. انني سعيدة لأنك عرفت))..

    لا يجيب. يظل يحدق ذاهلاً. الوجود يبسط نفسه أمامي بعري صادق، وأنا أقف أمامه ببشاعة لكن حقيقية. الآن أستطيع أن أنضم إلى الأشياء أحرقها بآلامي وتحرقني بصمودها لننصهر ونصبح كلاً واحداً يتصعد من فحم إلى ماس..
    الآن أفهم ما كان يقوله أبي عن الشجاعة والإخلاص في مواجهة الموت والوجود..
    سأرسم لوحة.. لم يعد بيننا حجاب..

    هيثم ما زال جامداً. يده تتحرك بحنان عجيب لتستر كتفي ببقايا الثوب. لست بحاجة بحاجة إلى شفقة إنسان.. أحس اني قوية ومحبوبة كما لم أكن قط من قبل. الوجود الذي كان قد نفاني يحتضنني. الفجر ينعشني. يسكب في تشويه صدري بركته وسطوعه. لم أعد مهجورة. هيثم يتأمل وجهي والعرق البارد يتصبب منه. يداه تحيطان بوجهي بحنان حقيقي. تكادان تخيفانه. لن يعيدني طفلة متعبة ضالة. لقد فقد تأثيره علي.. أحس انني أتجاوزه وأتجاوز مراهقتي وأخلفهما ورائي في بحر الضيق وما فيه من أنواء سطحية، وزبد يعمي الأعين ويلهيها عن حقيقة وجودها.. أشعر بأنني في هذه اللحظة أنسلخ كلياً عن وجود تقليدي مبهرج ضيق، وأرتمي في محيطات شاسعة هادئة الضياءحيث يبدو كل شيء ضخماً وحقيقياً وصامتاً.. اسطورة الحب أتجاوزها إلى آفاق جديدة من الرعب والحقيقة والصفا والألم.

    هيثم أرثي لقوته..
    يحبها كثيراً حسناء اللوحة...
    صوته الممزق يقول: (( هل رفضت الزواج بي لهذا السبب؟))
    أجيب: (( ألا يكفي؟ قال الطبيب الذي استأصلهانه من المحتمل يعاودني المرض في أية لحظة))..
    -لهذا كنتي تبحثين عن الخلود؟.
    -لا أدري.. لم أعد أخشى الموت وما زلت أرغب في الخلود.. وأنت قد فشلت في منحي إياه.. إنك تحبها هي.. لا تنكر..
    -إنني مخلص لنفسي.. سنتزوج..

    تصفعني كلماته..

    -سيدي.. إن كنت تصر على الاستمرار في اسطورة الحب فأنا اكره الصدقات..

    لا يجيب.. يعدو نحو السيارة: ينتزع اللوحة.. يحطمها على الصخر بجنون.. في حركاته بكاء حاد مكتوم. الأمواج تزحف لتلتهم البقايا.. ألحق به بعد فوات الأوان.

    أسأله: (( لماذا حطمتها؟))
    -لا يمكن أن نمنح الخلود لشيء غير موجود..
    -كانت المدينة ستصفق لها طويلاً..
    -لن أزيف بعد اليوم لتصفيق المدينة..

    أرفع عيني إليه وأتأمله. ملامحه تشف كما لم تشف الأشياء من قبل، عيناه سماء من فهم ومشاركة واستجابة عميقة.. عميقة. شبه استعطاف ورجاء في وجهه يسحرني.
    يسير..

    -إلى أين يا هيثم؟
    -سنسير حتى الطريق العام كي نجد من يقلنا إلى المدينة..

    أنتزع خطواتي وألحق به..
    يحدثني كأنه يخاطب نفسه.

    -لقد تجاوزت أراضي الحب الرخوة وبدأت تزحفين في الأرض البوار.. وبدأت تمسكين بأحجار النار لمجرد أنها صلبة وحقيقية.. سترسمين اللوحة.. انني أحسدك.

    أسير إلى جانبه. صدري المشوه متكبر يعانق الضياء. الشمس تكاد تطلع. لم تعد تخيفني. أنفاس زهر الليمون تفور من الأفق. لقد استهلكنا أقنعة الحب، واليوم نواجه قدرنا عاريين إلا من حقيقتنا. أسمعه يحدثني بحزن مصيري خاشع:
    -إنني أحترم عنادك وكفاحك.. أيتها الإنسانة، هل تقبلين صداقتي؟..

    بعد عشرات من حكايات الحب المراهقة.. بعد انهدام آكام من الأوهام الفضية.. بعد سلخ أردية التحذلق والعادات والأماني الاجتماعية.. بعد عذاب وخوف من كل شيء.. يتقدم إنسان ليطلب الصداقة... صداقة الوعي بحربنا اليائسة مع القدر.

    وصيحتنا الممزقة رغم كل شيء. نتحداك.. لن نموت..

    يده تضم يدي في صداقة الند للند.. أقدامنا ترسم الرمال خطين متوازيين متعرجين.. أنا متعبة. لم أعد أقوى على السير.. ألم حاد يمزقني.
    لن أموت حتى أرسم اللوحة

    أوهام الحب والغيرة والجمال لم تعد تقف بيني وبين الأشياء.. حسبي انني إنسانة، بشعة، لكن حقيقية، لأنصهر بالأشياء بصدق وإخلاص.

    أبي قال أن لا أحد يصنع للآخرين خلودهم، وسأصنع خلودي بنفسي..
    وسأرسم لنفسي لوحتي الحقيقية وسأكون مخلصة لبشاعتها..

    الموت؟ ...
    من قال إني سأموت قبل أن أنسكب في لوحة أستمر فيها؟..
    من قال إني سأموت؟ ..



    غادة السمان - عيناك قدري
    (مجموعة قصصية - الطبعة الثانية عشرة)

  14. #14
    التسجيل
    20-07-2005
    الدولة
    مَمالكٌ من ظِلْ
    المشاركات
    2,059

    رد: |-| فن الروايةِ و القصةِ القصيرة .. أبجديته |-|

    سلامٌ عليك ..

    أخي هيثم .. (( متكنش منقي القصة دي عشان اسم الأخ هيثم ))

    سيدي

    بإمكاننا أن نقول أن عناصر القصة القصيرة موجودة و بصورة واضحة ..

    أنصح الأخوة قراءتها ليروا المثال القوي لنموذج القصة القصيرة ..

    و أرجو أن يسترعي انتباهكم :

    1- الفكرة المحورية التي دارت حولها القصة بلا تشتت أو خوض في أشياء لن تفيدها
    2- الاستخدام اللغوي الثري الذي خدم المعنى في نقل الوصف و الفكرة
    3- الخيال و الأحداث في عمقها في إيصال الفكرة التي قد تصل بأكثر من طريقة لكن تلك كانت الأنسب في قوتها

    فيض تحية

  15. #15
    الصورة الرمزية kakarot
    kakarot غير متصل عضو مميز في منتدى التسجيلات الإسلامية
    التسجيل
    14-11-2005
    الدولة
    jordan
    المشاركات
    2,620

    رد: |-| فن الروايةِ و القصةِ القصيرة .. أبجديته |-|

    هل يجوز أخذ بعض الأفكار من قصص أخرى أو يسمونها سرقة

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •