النتائج 1 إلى 14 من 14

الموضوع: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

  1. #1
    التسجيل
    12-06-2005
    المشاركات
    1,096

    Thumbs up سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم


    المقدمة




    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن استن بسنته واهتدى بهدية واقتفى أثره وسار على نهجه إلى يوم الدين. أما بعد:

    فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الصورة العملية التطبيقية لهذا الدين، وجميع الطرق الموصلة إلى الله تعالى ثم إلى الجنة موصودة ومغلقة إلا طريقه صلى الله عليه وسلم، ويمتنع أن تعرف دين الإسلام ويصح لك إسلامك بدون معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكيف كان هديه وعمله وأمره ونهيه ومنهجه وسنته؟.

    لقد سالم وحارب، وأقام وسافر، وباع واشترى، وأخذ وأعطى، وما عاش صلى الله عليه وسلم وحده، ولا غاب عن الناس يوماً واحداً، ولا سافر وحده.

    وقد لاقى صنوف الأذى، وقاسى أشد أنواع الظلم، وكانت العاقبة والنصر له.

    بعث على فترة من الرسل، وضلال من البشر، وانحراف في الفطر، وواجه ركاماً هائلاً من الضلال والانحراف والبعد عن الله، والإغراق في الوثنية. فاستطاع بعون الله أن يخرجهم من الظلام إلى النور، ومن الضلال إلى الهدى ومن الشقاء إلى السعادة، فأحبوه وفَدَوْهُ بأنفسهم وأهليهم وأموالهم، واقتدوا به في كل صغيرة وكبيرة، وجعلوه نبراساً لهم يستضيئون بنوره، ويهتدون بهدية فأصبحوا أئمة الهدى وقادة البشرية.

    وما أصيب المسلمون إلا بسبب الإخلال بجانب الاقتداء به، والأخذ بهدية، وإتباع سنته، وقد قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.

    حتى اكتفى بعض المسلمين من سيرته بقراءتها في المنتديات والاحتفالات، ولا يتجاوز ذلك إلى موضع الاهتداء والتطبيق....

    وبعضهم بقراءتها للبركة، أو للاطلاع على أحداثها ووقائعها، أو حفظ غزواته وأيامه وبعوثه وسراياه.

    وهذا راجع إما لجهل بأصل مبدأ الإتباع والاهتداء والاقتداء، وعدم الإدراك بأن هذا من لوازم المحبة له صلى الله عليه وسلم، وإما لعدم إدراك مواضع الاقتداء من سيرته صلى الله عليه وسلم؛ نظراً لضعف الملكة في الاستنباط، أو لقلة العلم والاطلاع على كتب أهل العلم.

    إن سيرته صلى الله عليه وسلم رسمت المنهج الصحيح الآمن في دعوة الناس، وهداية البشر، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، ومن الشقاء إلى السعادة. وما فشلت كثير من المناهج الدعوية المعاصرة في إصلاح البشر إلاّ بسبب الإخلال بهديه والتقصير في معرفة سنته، ونقص في دراسة منهجه صلى الله عليه وسلم في هداية البشر وإصلاحهم




    نسب النبي صلى الله عليه وسلم من جهة أبيه وأمه
    هو سيدنا ونبينا محمد سيد الأولين والآخرين وخاتم الأنبياء والمرسلين ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصَيِّ بن حكيم بن مُرّة بن كعب بن لُؤيِّ بن غالب بن فِهْر بن مالك بن النَّضْر بن كِنانة بن خُزَيْمَة بن مُدْرِكَة بن إلياس بن مُضَر بن نِزار بن مَعَدِّ بن عَدْنان.

    هذا هو النسب المتفق على صحته، كما اتفقوا على أن النسب المحمدي الشريف يتصل بسيدنا إسماعيل بن سيدنا إبراهيم عليهما الصلاة والسلام ولكن سلسلة النسب بين عدنان وسيدنا إسماعيل عليه السلام لم يثبت علمها من طريق صحيح.

    فالجد الأول للنبي صلى الله عليه وسلم هو عبد المطلب بن هاشم وكان شيخاً معظماً في قريش يحترمونه ويرجعون إليه في مهمات أمورهم.

    وأمه صلى الله عليه وسلم هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن حكيم ابن مرة الذي هو الجد الخامس للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أبيه.

    مما سبق تعلم أن أباه وأمه صلى الله عليه وسلم من أصل واحد، وأنهما يجتمعان في حكيم بن مرة (وكان يسمى كلابا)، وأن عبد مناف بن زهرة الذي هو الجد الثاني للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أمه غير عبد مناف الجد الثالث للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أبيه.

    ومن جدودهما فهر الذي هو (قريش)، وهو عاشر أجداد النبي صلى الله عليه وسلم، وإليه تنسب أمة قريش كلها، وقد تفرعت منه اثنتا عشرة قبيلة سميت باسمه، منهم بنو عبد مناف الذي هو الجد الثالث للنبي صلى الله عليه وسلم، فهو صلى الله عليه وسلم من صميم قريش المشهود لهم بالشرف ورفعة الشأن بين العرب.

    وأجداده من جهة أبيه وأمه كلهم سادة كرام، وكل اجتماع بين أجداده وزوجاتهم كان شرعياً بحسب الأصول العربية، فلم يكن في نسبه الشريف شيء من سفاح الجاهلية فهو نسب شريف طاهر من آباء طاهرين وأمهات طاهرات والحمد لله رب العالمين.


    مولده صلى الله عليه وسلم

    تزوج عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن حكيم؛ وعمره ثماني عشرة سنة ، وهي يومئذ من أفضل نساء قريش نسباً وأكرمهم خلقاً. ولما دخل بها حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم، وسافر والده عبد الله عقب ذلك بتجارة له إلى الشام فأدركته الوفاة بالمدينة (يثرب) وهو راجع من الشام ، ودفن بها عند أخواله بني عدى بن النجار، وكان ذلك بعد شهرين من حمل أمه آمنة به صلى الله عليه وسلم.

    وقد توفي والد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يترك من المال إلا خمساً من الإبل وأمَته (أم أيمن).

    ولما تمت مدة الحمل ولدته صلى الله عليه وسلم بمكة المشرفة في اليوم الثانى عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل، الذي يوافق سنة 571 من ميلاد المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وهو العام الذي أغار فيه ملك الحبشة على مكة بجيش تتقدمه الفيلة قاصداً هدم الكعبة (البيت الحرام) فأهلكهم الله تعالى.

    كانت ولادته صلى الله عليه وسلم في دار عمه أبي طالب في شِعْب بني هاشم، أي مساكنهم المجتمعة في بقعة واحدة، وسماه جده عبد المطلب (محمداً) ولم يكن هذا الاسم شائعاً إذ ذاك عند العرب ولكن الله تعالى ألهمه إياه فوافق ذلك ما جاء في التوراة من البشارة بالنبي الذي يأتي من بعد عيسى عليه الصلاة والسلام مسمى بهذا الاسم الشريف، لأنه قد جاء في التوراة ما هو صريح في البشارة بنبي تنطبق أوصافه تمام الانطباق على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: مسمى، أو موصوفا بعبارة ترجمتها هذا الاسم، كما جاءت البشارة به صلى الله عليه وسلم على لسان عيسى عليه الصلاة والسلام باسمه أحمد، وقد سمى بأحمد كما سمى بمحمد صلى الله عليه وسلم.

    وكانت قابلته صلى الله عليه وسلم الشفاء أم عبد الرحمن بن عوف وحاضنته أم أيمن بركة الحبشية أَمَة أبيه عبد الله، وقد ورد في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم وُلد مختوناً، وورد أيضا أن جده عبد المطلب ختنه يوم السابع من ولادته الذي سماه فيه..


    رضاعة النبي صلى الله عليه وسلم

    أرضعته صلى الله عليه وسلم أمه عقب الولادة، ثم أرضعته ثويبة أَمَة عمه أبي لهب أياماً، ثم جاء إلى مكة نسوة من البادية يطلبن أطفالاً يرضعنهم ابتغاء المعروف من آباء الرضعاء على حسب عادة أشراف العرب، فإنهم كانوا يدفعون بأولادهم إلى نساء البادية يرضعنهم هناك حتى يتربوا على النجابة والشهامة وقوة العزيمة، فاختيرت لإرضاعه صلى الله عليه وسلم من بين هؤلاء النسوة (حليمة) بنت أبي ذؤيب السعدية؛ من بني سعد بن بكر من قبيلة هوازن التي كانت منازلهم بالبادية بالقرب من مكة المكرمة، فأخذته معها بعد أن استشارت زوجها (أبو كبشة) الذي رجا أن يجعل الله لهم فيه بركة، فحقق الله تعالى رجاءه وبدل عسرهم يسراً، فَدَرَّ ثديها بعد أن كان لبنها لا يكفي ولدها ، ودَرَّت ناقتهم حتى أشبعتهم جميعاً بعد أن كانت لا تغنيهم ، وبعد أن وصلوا إلى أرضهم كانت غنمهم تأتيهم شباعاً غزيرة اللبن مع أن أرضهم كانت مجدبة في تلك السنة، واستمروا في خير وبركة مدة وجوده صلى الله عليه وسلم بينهم.

    ولما كمل له سنتان فصلته حليمة من الرضاع، ثم أتت به إلى جده وأمه وكلمتهما في رجوعها به وإبقائه عندها فأذنا لها بذلك.


    حادثة شق صدره صلى الله عليه وسلم

    بعد عودة حليمة السعدية به صلى الله عليه وسلم من مكة إلى ديار بني سعد بأشهر، بعث الله تعالى مَلَكين لشق صدره الشريف وتطهيره، فوجداه صلى الله عليه وسلم مع أخيه من الرضاع خلف البيوت، فأضجعاه وشقا صدره الشريف وطهراه من حظ الشيطان، وكان ذلك الشق بدون مدية ولا آلة بل كان بحالة من خوارق العادة ، ثم أطبقاه، فذهب ذلك الأخ إلى أمه حليمة وأبلغها الخبر، فخرجت إليه هي وزوجها فوجداه صلى الله عليه وسلم منتقع اللون من آثار الروع ، فالتزمته حليمة والتزمه زوجها حتى ذهب عنه الروع ، فقص عليهما القصة كما أخبرهما أخوه. وقد أحدثت هذه الحادثة عند حليمة وزوجها خوفاً عليه، ومما زادها خوفاً أن جماعة من نصارى الحبش كانوا رأوه معها فطلبوه منها ليذهبوا به إلى ملكهم، فخشيت عليه من بقائه عندها، فعادت به صلى الله عليه وسلم إلى أمه وأخبرتها الخبر، وتركته عندها مع ما كانت عليه من الحرص على بقائه معها.


    وفاة أمه صلى الله عليه وسلم
    وكفالة جده وعمه له


    بعد أن عادت حليمة السعدية به صلى الله عليه وسلم إلى أمه - وكان إذ ذاك في السنة الرابعة من عمره الشريف - بقى مع أمه وجده عبد المطلب بن هاشم بمكة في حفظ الله تعالى، ينبته الله نباتاً حسناً ، ثم سافرت به أمه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة لزيارة أخواله هناك من بني عدى بن النجار ، فتوفيت وهي راجعة به من المدينة إلى مكة بجهة (الأبواء) بالقرب من المدينة ودفنت هناك، فقامت به إلى مكة حاضنته أم أيمن وقد بلغ من العمر يومئذ ست سنين، ولما وصلت إلى مكة كفله جده عبد المطلب بن هاشم، وحن إليه حناناً زائداً وعطف عليه عطفاً بليغاً، حتى توفي عبد المطلب وعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمان سنين. وكان جده عبد المطلب يوصي به عمه أبا طالب -الذي هو الأخ الشقيق لأبيه- فلما مات عبد المطلب كان صلى الله عليه وسلم في كفالة عمه أبي طالب يشب على محاسن الأخلاق، متباعداً عن صغائر الأمور التي يشتغل بها الصبيان عادة ، وقد بارك الله تعالى لأبي طالب في الرزق مدة وجوده صلى الله عليه وسلم في كفالته وفي وسط عياله


    رحلته إلى الشام مرة ثانية في
    تجارة لخديجة بنت خويلد

    كان طريق الكسب في قريش هي التجارة، وكانت خديجة بنت خويلد من بني أسد بن عبد العزى بن قصي سيدة ذات مال، تتاجر في مالها بطريق المضاربة مع من تثق بهم من الرجال ، فلما سمعت بأمانة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه حتى اشتهر بين قومه باسم (الأمين) بعثت إليه، وعرضت عليه أن يسافر بمال لها إلى الشام وتعطيه من الربح أكثر مما كانت تعطى غيره، فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وسافر مع غلامها ( أى مملوكها) ميسرة فباع واشترى وعاد بربح عظيم.

    وقد شاهد ميسرة في هذه الرحلة كثيراً من بركات النبي صلى الله عليه وسلم وإكرام الله تعالى له، فإنه صلى الله عليه وسلم لما قدم الشام نزل في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب هناك، فقال هذا الراهب لميسرة أنه ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي، وكان ميسرة يشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مظللاً من حر الشمس وهو يسير على بعير بدون أن تكون معه مظلة.

    زواجه صلى الله عليه وسلم
    بالسيدة خديجة بنت خويلد


    لما قدم ميسرة إلى سيدته خديجة الحازمة اللبيبة، وأخبرها بما شاهده من بركات النبي صلى الله عليه وسلم وإكرام الله تعالى له، بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت له: يا ابن عم، إني قد رغبت فيك لقرابتك وأمانتك وصدق حديثك، وقد خاطبته بابن العم على عادة العرب من تخاطب الأقرباء من جهة الأبوة بابن العم، حيث يجتمع أصولهما في (قصي) فإنها من بني أسد بن عبد العزى بن قصي، وكانت خديجة قد ذكرت ما سمعت من غلامها ميسرة لابن عمها ورقة بن نوفل -من المتتبعين للكتب والأخبار- فكان يقول لها: يا خديجة إن محمداً لنبي هذه الأمة، وقد عرفت أنه كان لهذه الأمة نبي يُنتظر، هذا زمانه.

    وكانت خديجة مرغوبا فيها لشرف نسبها ورفعة قدرها بين قومها، فعرض النبي صلى الله عليه وسلم الأمر على أعمامه فوافقوه على زواجه صلى الله عليه وسلم، بها وتوجهوا معه إليها، وأتموا عقد الزواج بينهما ، وتولاه عنها عمها (عمرو بن أسد)، كما تولاه عن النبي صلى الله عليه وسلم عمه (أبو طالب) ، وكان صداقها عشرين بِكْرة ، وكان سن السيدة خديجة أربعين سنة وسنه صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين سنة ، ولم يتزوج عليها النبي صلى الله عليه وسلم حتى توفيت رضى الله عنها، وكانت متزوجة قبله صلى الله عليه وسلم برجل اسمه (هند)، ولدت منه ولداً اسمه (هالة)، فكان ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وقد مكث صلى الله عليه وسلم بعد زواجه بالسيدة خديجة يشتغل بالتجارة والتنسك، حتى بعثه الله رحمة للعالمين.


    شهوده صلى الله عليه وسلم بناء الكعبة

    الكعبة هي أول بيت وضع في الأرض للعبادة، وقد بناها سيدنا إبراهيم الخليل مع ولده سيدنا إسماعيل عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، ثم جُدد بناؤها من بعده ثلاث مرات، وكان بناؤها من الصخر وارتفاعها فوق القامة.

    ويقال أن أول من بناها سيدنا آدم أبو البشر عليه الصلاة والسلام، وقد وصلوا في نقض أنقاضها إلى أساس سيدنا إسماعيل عليه الصلاة والسلام، ويقال أنهم وجدوا هناك صحافا منقوشا فيها كثير من الحكم تذكرة للمتأخرين، وقد تحرى أشراف قريش أن تكون نفقة بنائها من طيب أموالهم؛ فكانوا لا يدخلون في نفقتها مهر بغى ولا مال ربا، ولما ضاقت بهم النفقة الطيبة عن إتمامها على قواعد سيدنا إبراهيم عليه السلام أخرجوا منها الحجر، وبنوا عليه جدارا قصيراً علامة على أنه منها.

    وعندما بلغ سن النبي صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة، اتفق أن نزل سيل عظيم بمكة أثر في جدران الكعبة فأوهنها -على ما كانت عليه من الضعف بسبب حريق أصابها من قبل، فاجتمعت قبائل قريش وشرعوا في هدمها وبنائها بناء مرتفعاً، وكان الأشراف منهم يتسابقون في نقل الحجارة وحملها على أعناقهم، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن يحمل الحجارة وينقلها الى مكان البناء، مع عمه العباس رضى الله عنه.

    بنيت الكعبة حينئذ بارتفاع ثماني عشر ذراعا، بحيث يزيد عن أصله تسعة أذرع، وقد رفع الباب بحيث لايصعد إليه إلا بدَرَج.

    ولما تم بناء الكعبة وأرادت قريش وضع الحجر الأسود في موضعه، اختلف أشرافهم فيمن يضعه، وظلوا مختلفين أربعة أيام، فأشار عليهم أبو أمية الوليد بن المغيرة - وهو أكبرهم سنا - بأن يحكِّموا بينهم من يرضون بحكمه، فاتفقوا على أن يكون الحكم لأول قادم من باب الصفا.

    فكان أول داخل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتاحوا جميعا لما يعهدونه من أمانته وحكمته وصدقه وإخلاصه للحق، وقالوا: هذا الأمين رضيناه، هذا محمد، فلما وصل إليهم وأخبروه الخبر بسط رداءه، وتناول الحجر فوضعه فيه بيده، ثم قال: لتأخذ كل قبيلة بطرف من الرداء ثم ارفعوه جميعا، ففعلوا حتى وصلوا به إلى موضعه؛ فوضعه فيه بيده صلى الله عليه وسلم، وبذلك انتهت هذه المشكلة التي كادت تؤدى إلى الحرب والقتال فيما بينهم

  2. #2
    التسجيل
    12-06-2005
    المشاركات
    1,096

    رد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

    سيرته صلى الله عليه وسلم
    في قومه قبل النبوة


    قد علمت أن الله تعالى قد أكرم آل حليمة السعدية التي أرضعته صلى الله عليه وسلم، فبدل عسرهم يسراً وأشبع غنيماتهم وأدر ضروعها في سنة الجدب والشدة، كما بارك سبحانه وتعالى في رزق عمه أبي طالب حينما كان في كفالته، مع ضيق ذات يده، وأنه سبحانه وتعالى كان يسخر له الغمامة تظله وحده من حر الشمس في سفره إلى الشام، فتسير معه أنى سار دون غيره من أفراد القافلة.

    وكان سبحانه وتعالى يلهمه الحق ويرشده إلى المكارم والفضائل في أموره كلها، حتى إنه كان إذا خرج لقضاء الحاجة في صغره بَعُدَ عن الناس حتى لا يُرى.

    وكان سبحانه وتعالى يكرمه بتسليم الأحجار والأشجار عليه، ويُسمعه ذلك فيلتفت عن يمينه وشماله فلا يرى أحداً.

    وقد كان علماء اليهود والنصارى - رهبانهم وكهنتهم- يعرفون زمن مجيئه صلى الله عليه وسلم مما جاء من أوصافه في التوراة وما أخبر به المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام فكانوا يسألون عن مولده وظهوره وقد عرفه كثيرون منهم لما رأوا ذاته الشريفة أو سمعوا بأوصافه وأحواله صلى الله عليه وسلم.

    وقد نشأ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ممتازاً بكمال الأخلاق، متباعداً في صغره عن السفاسف التي يشتغل بها أمثاله في السن عادة، حتى بلغ مبلغ الرجال فكان أرجح الناس عقلاً، وأصحهم رأياً، وأعظمهم مروءة، وأصدقهم حديثاً، وأكبرهم أمانة، وأبعدهم عن الفحش، وقد لقبه قومه (بالأمين)، وكانوا يودعون عنده ودائعهم وأماناتهم.

    وقد حفظه الله تعالى منذ نشأته من قبيح أحوال الجاهلية، وبَغَّض إليه أوثانهم حتى إنه من صغره كان لا يحلف بها ولا يحترمها ولا يحضر لها عيداً أو احتفالاً، وكان لا يأكل ما ذبح على النُّصُب، و النصب هي حجارة كانوا ينصبونها ويصبون عليها دم الذبائح ويعبدونها.

    ولقد كان صلى الله عليه وسلم لين الجانب يحن إلى المسكين، ولا يحقر فقيراً لفقره، ولا يهاب ملكا لملكه، ولم يكن يشرب الخمر مع شيوع ذلك في قومه، ولا يزنى ولا يسرق ولا يقتل، بل كان ملتزما لمكارم الأخلاق التي أساسها الصدق والأمانة والوفاء.

    وبالجملة حفظه الله تعالى من النقائص والأدناس قبل النبوة كما عصمه منها بعد النبوة.

    وكان يلبس العمامة والقميص والسراويل، ويتزر ويرتدى بأكسية من القطن، وربما لبس الصوف والكتان، ولبس الخف والنعال وربما مشى بدونها.

    وركب الخيل والبغال والإبل والحمير.

    وكان ينام على الفراش تارة وعلى الحصير تارة وعلى السرير تارة وعلى الأرض تارة، ويجلس على الأرض، ويخصف نعله، ( أي يخرزها ويصلحها ) ويرقع ثوبه، وقد اتخذ من الغنم والرقيق من الإماء والعبيد بقدر الحاجة.

    وكان من هديه في الطعام ألا يرد موجوداً ولا يتكلف مفقوداً.


    معيشته صلى الله عليه وسلم قبل النبوة

    محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم كان جده هاشم كبير قريش وسيدها، وكانت قريش أشرف قبائل العرب، وكانت إقامتهم بمكة وضواحيها، وكانت معيشتهم من التجارة في الثياب والبز (متاع البيت من جنس الثياب) وما يحتاجه العرب، وكان لهم رحلتان تجاريتان إلى الشام إحداهما في الصيف والأخرى في الشتاء، وكان أكثر ما يقتنون من النَّعم الإبل والغنم للانتفاع بظهورها وألبانها وأصوافها وأوبارها.

    فلما بلغ سناًّ يمكنه فيه أن يعمل عملا كان ينفق على نفسه من عمل يده، وقد كانت فاتحة عمله رعاية الغنم، كما هي سنة الله تعالى في أنبيائه وأصفيائه؛ لتدريبهم على رعاية الخلق بالرفق الذي تستدعيه هذه الرعاية، فكان ينفق من أجرة رعايته، ثم كان يتجر فيما كانت تتجر فيه قريش وينفق من كسب تجارته.

    وفي كل ذلك كان يعمل على قدر الحاجة، لا مستكثراً من الدنيا ولا تاركا لها تركا كلياًّ، ليهيئه الله تعالى لما أراده سبحانه منه من التفرغ للدعوة إلى دينه القويم


    تعبده صلى الله عليه وسلم قبل البعثة

    كان من العرب قبل الإسلام من ينتمي إلى دين اليهودية، ومنهم من يدين بالنصرانية- على ما فيهما من تغيير وتحريف، والباقون عبده أصنام وأوثان، وكان على ذلك عامة قريش إلا نفرا قليلا منهم كانوا يعيبون على قومهم عبادة هذه التماثيل.

    وقد فُطر سيدنا محمد بن عبد الله - صلوات الله عليه وسلامه- على طهارة القلب وزكاء النفس.

    فطره الله تعالى على ذلك ليكون على تمام الصلاحية لتلقى شريعته المطهرة وإيصالها إلى الخلق على أتم وجه وأكمله.
    فلذلك كانت نفسه الكريمة مجبولة على ما هو الحق، لا تعرف غيره، ولا تقبل سواه، فكان يأنف عن الباطل بطبعه ويألف الحق بسجيته، فلم يحكم عليه شيء من عادات قومه: لا في تحسين باطل ممقوت، ولا في تقبيح حق مقبول.

    ولقد كانت تلك فطرة أبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام التي فُطر عليها قبل نبوته؛ كما كان ذلك شأن سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: يفطرون على الإقبال على الله تعالى، وتنصرف هممهم وأنفسهم الزكية قبل نبوتهم عما يكون عليه أقوامهم من باطل العقائد وفاسد العادات و التعبدات.

    نشأ صلى الله عليه وسلم مقبلا على الله تعالى بقلبه، خالصاً لله تعالى، حنيفا لم يحم الشرك حول قلبه الكريم، فكان بأصل فطرته مبغضاً لهذه الأوثان، نافراً من هذه المعبودات الباطلة، فلم يكن يحضر لها عيدا ولا يتقرب إليها ولا يحفل بها، وإنما كان يعبد خالق الكون وحده، مقبلا عليه سبحانه بما هو مظهر العبودية والإخلاص من تفكير وتمجيد.

    وكان يطوف بالكعبة ويحج كما كان الناس يحجون إتباعا لملة سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
    ولم يثبت من طريق صحيح التزامه التعبد على شريعة أحد من الأنبياء السابقين صلوات الله عليهم أجمعين.

    والذي ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يختلي في غار حراء من كل سنة شهر
    ( وكان يوافق ذلك شهر رمضان ) ، يعبد الله تعالى بالتفكر، ويطعم المساكين مما كان يتزود به في مدة خلوته
    (وروى أنه كان يتزود الكعك والزيت، وكان كلما فرغ زاده رجع إلى أهله فتزود وعاد)، وكان إذا انتهي من خلوته ينصرف إلى الكعبة فيطوف بها سبعاً أو ماشاء الله من ذلك قبل أن يرجع إلى بيته.
    ويسمى حراء: جبل النور، وهو على يسار السالك إلى عرفة، وبه ذلك الغار الذي كان يتعبد فيه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ضيق المدخل، ومساحته من الداخل تقرب من ثلاثة أمتار، وبه نزل الوحي عليه صلى الله عليه وسلم لأول مرة كما سيجيء، ويقال أن جده عبد المطلب كان يتعبد في حراء، ثم تبعه في ذلك من كان يتعبد منهم كورقة بن نوفل وأبي أمية بن العزى.

    وقد كان صلى الله عليه وسلم يحب العزلة والخلوة من زمن طفولته إلى أن بعثه الله تعالى رحمة للعالمين.

    وقبيل مبعثه كان لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح، أي واضحة وصريحة كوضوح ضوء الصباح وإنارته، أي أنها تتحقق في اليقظة مثل ما يراها في المنام، فكان ذلك مقدمة لنبوته صلى الله عليه وسلم.

    بدء الوحي

    لما كمل سنه صلى الله عليه وسلم أربعين سنة-وهو سن الكمال، أكرمه الله تعالى بالنبوة والرسالة رحمة للعالمين.
    فبينما هو صلى الله عليه وسلم في خلوته بغار حراء، وكان ذلك في شهر رمضان على أصح الروايات، إذ جاءه جبريل الأمين عليه السلام بأمر الله تعالى، ليبلغه رسالة ربه عز وجل، )
    وقد تمثل جبريل عليه السلام في هذه المرة بصورة رجل.
    فقال له: اقرأ، فقال له عليه الصلاة والسلام: ما أنا بقارئ
    (لأنه صلى الله عليه وسلم كان أمياً لم يتعلم القراءة)،
    فغطه جبريل عليه السلام في فراشه غطا شديدا (أي ضمه وعصره بشدة)، ثم أرسله فقال له: اقرأ،
    فقال: ما أنا بقارئ، فغطه ثانية ثم أرسله
    وقال له: اقرأ،
    فقال: ما أنا بقارئ، ثم غطه الثالثة وأرسله
    فقال له: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ اْلإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ اْلأَكْرَمِ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ اْلإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ).

    فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانصرف عنه جبريل عليه السلام وهو يقول: يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل.
    فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله يرجف فؤاده مما أدركه من الروع لشدة مقابلة الملك فجأة وشدة الغطّ التي اقتضاها الحال.
    ولما رجع عليه الصلاة والسلام إلى أهله، ودخل على زوجه خديجة رضى الله عنها قال: زَمِّلوني زَمِّلوني (أي اطرحوا عليَّ الغطاء ولفوني به - ليذهب عنه الروع)،
    فلما ذهب عنه الروع أخبر خديجة رضي الله عنها بما كان، فقالت له: أبشر يا ابن عم واثبت، فإني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة.

    ثم ذهبت خديجة مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، وكان شيخا كبيرا يعرف الإِنجيل وأخبار الرسل، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما رآه، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزَّل الله على موسى، أي أن هذا الملك الذي جاءك هو الناموس؛ أي صاحب سر الوحي الذي نزله الله تعالى على نبيه موسى عليه الصلاة والسلام؛ لأنه يعرف من الكتب القديمة وأخبارها أن جبريل هو رسول الله إلى أنبيائه.

    ثم تمنى ورقة أن لو كان شابا يقدر على نصرة النبي صلى الله عليه وسلم عند ظهوره بأمر الرسالة ومعاداة قومه له؛ لأنه يعرف من أخبار الرسل أن قومهم يعادونهم في مبدأ أمرهم، ثم توفي ورقة بعد ذلك بزمن قريب.

    فترة الوحي وعودته

    بعد هذه الحادثة فتر الوحي وانقطع مدة لا تقل عن أربعين يوما، اشتدّ فيها شوق النبي صلى الله عليه وسلم إلى الوحي وشقّ عليه تأخره عنه، وخاف من انقطاع هذه النعمة الكبرى: نعمة رسالته عليه الصلاة والسلام بين الله عز وجل وبين عباده ليهديهم إلى صراطه المستقيم.

    فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يمشى في أفنية مكة إذ سمع صوتا من السماء، فرفع بصره فإذا الملك الذي جاءه بغار حراء وهو جبريل عليه السلام، فعاد إليه الرعب الذي لحقه في بدء الوحي فرجع إلى أهله وقال: دثروني دثروني
    (التدثير بمعنى: التزميل السابق بيانه).

    فأوحى الله تعالى إليه: (( يـَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرْ* قُمْ فَأَنْذِرْ* وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ* وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ* وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ* وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرْ* وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ )).

    فأنذر: حذر الناس من عذاب الله إذا لم يفردوه بالعبادة.
    فكبر: أي عظِّمْ ربك وخُصَّه بالتعظيم والإجلال.
    فطهر: أي حافظ على الطهارة والنظافة من الأقذار والأنجاس.
    والرجز فاهجر: أي اترك المآثم والذنوب.
    ولا تمنن تستكثر: أي لا تتبع عطاياك وهباتك بالطمع في أخذ الزيادة ممن تعطيه. ولربك فاصبر: أي اصبر على ما يلحقك من الأذى في سبيل الدعوة إلى الإسلام ابتغاء وجه ربك.

    فكان ذلك مبدأ الأمر له صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الإسلام وبعد ذلك تتابع الوحي ولم ينقطع

    كيفية الوحي

    للوحي طرق متنوعة وقد عرفت أن من مبادئه الرؤيا الصادقة، فرؤيا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هي من قبيل الوحي.

    ومن طرق الوحي أن يأتي الملك إلى النبي متمثلا بصورة رجل، فيخاطب النبي حتى يأخذ عنه ما يقوله له ويوحي به إليه، وفي هذه الحالة لا مانع من أن يراه الناس أيضا، كما حصل في كثير من أحوال الوحي لنبينا عليه الصلاة والسلام.

    ومن طرق الوحي أيضاً أن يأتي الملك في صورته الأصلية التي خلقه الله تعالى عليها، ويراه النبي كذلك فيوحي إليه ما شاء الله أن يوحيه، ولم يحصل هذا لنبينا عليه الصلاة والسلام إلا قليلا.

    ومن طرق الوحي أيضاً أن يلقى الملك في روع (أي ذهن) النبي وقلبه ما يوحي به الله إليه، من غير أن يرى له صورة، وقد حصلت هذه الكيفية أيضاً لنبينا صلى الله عليه وسلم.

    وأحيانا كان يأتي الملك مخاطباً للنبي بصوت وكلام مثل صلصلة الجرس (أي صوته)، وهذه الحالة من أشد أحوال الوحي على النبي، فقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم عندما يأتيه الوحي بهذه الكيفية يعرق حتى يسيل العرق من جبينه في اليوم الشديد البرد، وإذا أتاه وهو راكب تبرك به ناقته.

    وقد يكون الوحي بكلام الله تعالى للنبي بدون واسطة الملك، بل من وراء حجاب، كما حصل ليلة الإسراء لنبينا صلى الله عليه وسلم

    الدعوة إلى الإسلام سراً

    على إثر عودة الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد فترته، قام عليه الصلاة والسلام بأمر الدعوة إلى ما أمره الله تعالى به من إرشاد الثقلين: الإنس والجن جميعا إلى توحيد الله تعالى، وإفراده بالعبادة دون سواه من الأصنام والمخلوقات، وأرشد الله تعالى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى أن يبدأ بالدعوة سراَّ؛ فكان يدعو إلى الإسلام من يطمئن إليه ويثق به من أهله وعشيرته الأقربين ومن يليهم من قومه.

    واستمر على ذلك ثلاث سنين مثابراً على الدعوة إلى الله تعالى خفية، حتى آمن به أفراد قلائل كانوا يقيمون صلاتهم ويؤدون ما أمروا به من شعائر الدين، مستخفين عمن سواهم لا يظهرون بذلك في مجامع قريش؛ بل كان الواحد منهم يختفي بعبادته عن أهله وولده.

    ولما بلغ عددهم نحو الثلاثين، وكان من اللازم اجتماعهم بالنبي صلى الله عليه وسلم لإرشادهم وتعليمهم، اختار لهم عليه الصلاة والسلام داراً فسيحة لأحدهم، وهي دار الأرقم بن الأرقم، فكانوا يجتمعون فيها، واستمروا على ذلك يزيد عددهم قليلا قليلا حتى أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالجهر بالدعوة.

    الباعث على الإسرار بالدعوة

    في أول ما نزل الوحي على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم- في أواخر شهر رمضان من السنة المتممة للأربعين من عمره الشريف بغار حراء الذي كان يتعبد فيه- لم يؤمر آنذاك بتبليغ الرسالة للناس، بل كان الأمر في ذلك قاصرا على إبلاغه رسالة ربه إليه، وتمجيده جلّ وعلا بما جاء في سورة (اقرأ باسم ربك)، وبعد أن فتر الوحي مدة عاد بأمر الله تعالى له بأن يقوم بتبليغ رسالة ربه.

    ولما كان أهل مكة الذين بُعِثَ فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما جفاة متخلقين بأخلاق تغلب عليها العزة والأنفة، وفيهم سدنة الكعبة، أي خدمها وهم القابضون على مفاتيحها، والقوَّام على الأوثان والأصنام، التي كانت مقدسة عند سائر العرب: يعبدونها ويتقربون إليها بالذبائح والهدايا، ولا يعرفون ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا ينقادون إليه بسهولة، كان من حكمة الله تعالى تلقاء ذلك أن تكون الدعوة إلى دين الإسلام في مبدأ أمرها سرية؛ لئلا يفاجئوا بما يهيجهم وينفرون منه ويكون سبباً لشنّ الغارات والحروب وإراقة الدماء.

    والداعي صلوات الله عليه وسلامه لم يكن له إذ ذاك ناصر ولا معين من خَلْق الله.

    ومن سنة الله تعالى في خلقه ربط الأسباب بالمسببات، فلم يأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالجهر بالدعوة من قبل أن يهيئ له أسباب النصر والفوز على من يقاومه في ذلك، خصوصاً أن قومه الذين بُعث فيها بينهم كانوا أشد الناس تمسكا بمعبوداتهم وحرصاً على ما كان عليه آباؤهم.

    ومن المعلوم أن من الناس من هو عظيم في قومه رفيع الدرجة فيما بينهم، ومنهم من هو دون ذلك، فالعظماء من الناس تمنعهم أنفتهم من إجابة الداعي لهم إلى مفارقة ما عليه جماعتهم، ونبذ ما بينهم من الروابط القومية والعادات المتأصلة، إذ كل فرد منهم يرى أن انفراده بالرضوخ للغير ينقصه في نظر قومه.

    فإذا فوجئ هؤلاء الأعاظم بإعلان الدعوة إلى غير ما كانوا عليه؛ ظهروا بمظهر المنكر المعاند وقاوموا الدعوة بجملتهم.
    وغير الأعاظم هم تبع العظماء والرؤساء؛ فإذا دعوا إلى مخالفة ما عليه أولئك العظماء جهارا لم يجسروا على إجابة الداعي متى لم يسبقهم إلى ذلك إفراد من العظماء.

    فإعلان الدعوة يحتاج إلى مقدمة يستأنس بها الفريقان، وما ذلك إلا باجتذاب أفراد من هؤلاء وهؤلاء خفية؛ حتى إذا تكونت منهم جماعة وأعلنت بهم الدعوة؛ سهل على غيرهم أن ينبذوا تقاليد قومهم، ويتبعوا ما يدعوهم إليه الداعي مما تنشرح له صدورهم ولا تأباه فطرهم.


    أول من أسلم

    كان أول من سطع عليه نور الإسلام من مبدإ الدعوة إليه خديجة بنت خويلد زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأسبقية إسلام السيدة خديجة على الجميع تكاد تكون بالاتفاق، والمشهور
    أن سيدنا أبا بكر الصديق أسبق الرجال إسلاما،
    وأن على بن أبي طالب أول الصبيان إسلاما،
    وأن زيد بن حارثة أول الموالى إسلاما.
    ثم أسلم ابن عمه على بن أبي طالب وعمره إذ ذاك عشر سنين؛ وكان مقيما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا حضرت الصلاة خرج به النبي صلى الله عليه وسلم إلى شعاب مكة مختفيين فيصليان ويعودان كذلك، وقد اطلع عليهمـا أبو طالب وهما يصليان مرة، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ابن أخى، ما هذا الدين الذي أراك تدين به.
    قال: أىْ عم، هذا دين الله ودين ملائكته ودين رسله ودين أبينا إبراهيم؛ بعثنى الله به رسولا إلى العباد، وأنت ياعم أحق من بذلت له النصيحة ودَعَوْته إلى الهدى، وأحق من أجابني وأعانني عليه.
    فقال أبو طالب: يا ابن أخي، إنى لا أستطيع أن افارق دين آبائي. ولكنه مع ذلك أقر ولده عليًّا على اتباع هذا الدين ووعد النبي صلى الله عليه وسلم بأن ينصره ويدفع عنه السوء.
    وقد أسلم بعد ذلك زيد بن حارثة مولى النبي صلى الله عليه وسلم، الذي تبناه بعد أن أعتقه وزوجه أم أيمن حاضنته صلى الله عليه وسلم، وقد كانت من السابقين إلى الإسلام.
    وأبو بكر الصديق رضى الله عنه وكان صديقاً للنبي صلى الله عليه وسلم قبل النبوة يعرف صدقه، فعندما أخبره برسالة الله أسرع بالتصديق، وقال: بأبي أنت وأمى أهل الصدق أنت، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حقه: ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت له كبوة غير أبي بكر.
    وكان رضى الله عنه عظيما في قومه يثقون برأيه، فدعا إلى الإسلام من توسم فيهم الإجابة، فأجابه عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد ابن أبي وقاص، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وأتى بهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا. ثم أسلم أبو عبيدة عامر بن الجراح، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، وسعيد بن زيد العدوى، وأبو سلمة المخزومى، وخالد ابن سعيد بن العاص، وعثمان بن مظعون وأخواه قدامة وعبيد الله، والأرقم بن الأرقم. وكل هؤلاء من بطون قريش. ومن غيرهم صهيب الرومي، وعمار بن ياسر، وأبو ذر الغفارى، وعبد الله بن مسعود وغيرهم.

    وقد استمرت هذه الدعوة السرية ثلاث سنين، أسلم فيها جماعة لهم شأن في قريش وتبعهم غيرهم، حتى فشا ذكر الإسلام بمكة وتحدث به الناس، فجاء وقت الجهر بالدعوة.

    مبدأ الجهر بالدعوة

    بعد أن مضى على الإسرار بالدعوة ثلاث سنين كثر دخول الناس في دين الإسلام من أشراف القوم ومواليهم: رجالهم ونسائهم، وفشا ذكر الإسلام بمكة وتحدث به الناس، فأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالجهر بالدعوة وأنزل عليه: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرْ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) فبادر بامتثال أمر ربه؛ وأعلن لقومه الدعوة إلى دين الله تعالى؛ وصعد على الصفا و نادى بطون قريش.

    فلما اجتمعوا
    قال لهم: أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقيّ.
    قالوا: نعم ما جربنا عليك كذبا،
    فقال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد.
    فقام أبو لهب من بينهم وقال: تبا لك ألهذا جمعتنا،

    فأنزل الله تعالى في شأنه:
    ( تَبَّتْ يَدَا أبي لَهَبٍ وَتَبَّ* مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ* سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ* وَامْرَأَتُهُ حَمَّاَلةَ الْحَطَبِ* في جِيدِها حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ )،

    وقد كانت امرأة أبي لهب تمشى بالنميمة في نوادي النساء وتتقول الأكاذيب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتشعل بذلك نار الفتنة،
    ثم أنزل الله تعالى عليه: ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ اْلأَقْرَبِينَ )،
    فجمع من بني عبد مناف نحو الأربعين وقال لهم: ما أعلم إنسانا جاء قومه بأفضل مما جئتكم به؛ قد جئتكم بخيرى الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، والله لو كَذَبْتُ الناسَ جميعاً ما كذبتكم، ولو غررت الناس جميعا ما غررتكم، والله الذي لا إله إلا هو إنى لرسول الله إليكم خاصة وإلى الناس كافة.

    والله لتموتن كما تنامون؛ ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، ولتجزون بالإحسان إحسانا وبالسوء سوءاً.
    إنها لجنة أبدا أو لنار أبدا. فتكلم القوم كلاما لينا، وقام أبو لهب وقال: شدَّ ما سحركم صاحبكم، خذوا على يديه قبل أن تجتمع عليه العرب.
    فمانعه في ذلك أبو طالب وتفرق الجمع.

  3. #3
    التسجيل
    12-06-2005
    المشاركات
    1,096

    رد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

    تذمر قريش من تسفيههم وعيب آلهتهم

    لما استمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في إعلان الدعوة إلى الله وتوحيده لم يجد من قومه في مبدإ الأمر مقاومة ولا أذى، غير أنهم كانوا ينكرون عليه فيما بينهم فيقولون إذا مر عليهم: "هذا ابن أبي كبشة يكلم من السماء، هذا غلام عبد المطلب يكلم من السماء".
    ولا يزيدون على ذلك، وأبو كبشة كنية لزوج حليمة السعدية مرضعة النبي صلى الله عليه وسلم، وكما أن المرضعة بمنزلة الأم كذلك صاحب اللبن بمنزلة الأب.

    وكانوا يريدون بذلك تنقيص النبي صلى الله عليه وسلم عنادا واستكباراً.
    ولكن لما استتبع إعلان الدعوة عيب معبوداتهم الباطلة، وتسفيه عقول من يعبدونها، نفروا منه وأظهروا له العداوة غيرة على تلك الآلهة التي يعبدونها كما كان يعبدها آباؤهم، فذهب جماعة منهم إلى عمه أبي طالب وطلبوا أن يمنعه عن عيب آلهتهم وتضليل آبائهم وتسفيه عقولهم أو يتنازل عن حمايته، فردهم أبو طالب رداً جميلا.

    واستمر رسول الله عليه وسلم يصدع بأمر الله تعالى، وينشر دعوته، ويحذر الناس من عبادة الأوثان، ولما لم يطيقوا الصبر على هذا الحال عادوا إلى أبي طالب وقالوا له: إنا قد طلبنا منك أن تنهي ابن أخيك فلم ينته عنا، وإنا لا نصبر على هذا الحال من تسفيه عقولنا وعيب آلهتنا وتضليل آبائنا، فإما أن تكفه أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين، فعظم الأمر على أبي طالب، ولم ترق لديه عداوة قومه ولا خذلان ابن أخيه، وكلم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: والله ياعم لو وضعوا الشمس في يمينى والقمر في يسارى على أن أترك هذا الأمر ما فعلت حتى يظهره الله أو أهلك دونه.

    فقال أبو طالب: اذهب فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء أبدا.
    ثم رأى أبو طالب أن يجمع بني هاشم وبني المطلب ليكونوا معه على حماية ابن أخيه؛ فأجابوه لذلك إلا أبا لهب فإنه فارقهم وانضم إلى بقية كفار قريش.

    ولما رأت قريش تصميم أبي طالب على نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم واتفاق بني هاشم وبني المطلب معه في ذلك؛ وكان وقت الحج قد قرب وخافوا من تأثير دعوته في أنفس العرب الوافدين لزيارة الكعبة فتزداد قوته وتنتشر دعوته؛ اجتمعوا وتداولوا فيما يصنعون في مقاومة ذلك،
    فقال قائل منهم: نقول كاهن،
    فقيل: ما هو بكاهن وما هو بحالة الكهان،
    فقيل: نقول مجنون، فقيل: ما هو بمجنون.
    لقد رأينا الجنون وعرفناه، فما حالته كحالة المجانين،
    فقيل: نقول هو شاعر، فقيل: ما هو بشاعر،
    لقد عرفنا الشعر بأنواعه فما هو بالشعر،
    فقيل: نقول ساحر، فقيل: لقد رأينا السحرة فما حالته كحالتهم.

    ثم اتفقوا على أن يذيعوا بين الوافدين إلى مكة من العرب أنه ساحر جاء بقول هو سحر، يفرق به بين المرء وأبيه؛ وبين المرء وأخيه؛ وبين المرء وزوجه؛ وبين المرء وعشيرته، وصاروا يجلسون بالطرق حين جاء موسم الحج، فلا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا له أمره.

    ولقد كان ذلك سبباً في شيوع دعوته صلى الله عليه وسلم وذكر اسمه في بلاد العرب كلها.

    تعرض قريش لرسول الله
    صلى الله عليه وسلم بالأذى


    ولما رأت قريش أنهم لم يفلحوا في إرجاع أبي طالب عن نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمايته، وأن قد انضم إليه في ذلك غيره، وأن دعوة رسول الله في انتشار، وأن المؤمنين به في ازدياد، لجأوا الى طريقة الأذى فأغروا سفاءهم أن يتظاهروا بالاستهزاء برسول الله وإيذائه؛ خصوصاً إذا ذهب إلى الصلاة عند الكعبة؛ وقد أراد أبو جهل أن يرضَّ رأسه عليه الصلاة والسلام وهو ساجد (أي يدق رأسه ليكسره).

    ولكن الله تعالى حفظه منه، فإنه لما قرب منه خانته قواه، وسقط من يده الحجر الذي أعده لذلك، ورجع إلى قومه مذعوراً منتقع اللون (أي متغير اللون) وهو يقول: إنه قد تعرض لى فحل ما رأيت مثله قط، همّ بي ليأكلني.
    وأغرى عقبة بن أبي معيط أن يتربص سجود رسول الله صلى الله عليه وسلم فيلقى عليه فرث جزور (ما في كرش الجزور - البعير - بعد ذبحها) ففعل، ولم يقدر أحد من المسلمين الحاضرين على إزالته، حتى أتت ابنته فاطمة الزهراء رضى الله عنها فألقته عنه.

    وكان ذلك الفاجر أبو جهل ينهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاته عند البيت، فقال له مرة حين رآه يصلى: ألم أنهك عن هذا، فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم رداًّ شديداً وهدده، فقال: أتهددنى وأنا أكثر أهل الوادى ناديا، والنادي هو مجتمع الناس، يريد أبو جهل أن القوم يجتمعون بمجلسه بكثرة لعظم منزلته،
    فأنزل الله تعالى: ( كلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ* نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ* فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ* سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ* كَلاَّ لاَ تْطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ).

    وبينما النبي صلى الله عليه وسلم يصلى في حجر الكعبة، إذ جاء الفاجر عقبة بن أبي معيط، فوضع ثوبه في عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخنقه خنقاً شديداً، فأقبل أبو بكر الصديق ودفعه عنه وقال:
    (أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم).

    وجاء رجل إلى مجمع قريش يشكو مطل أبي جهل، أي تسويفه، في دين له عليه، فقالوا للرجل: ينصفك محمد، يقصدون بذلك الإيقاع بين رسول الله وأبي جهل، فتوجه ذلك الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن ينصفه من أبي جهل، فقام معه إلى دار أبي جهل حتى ضرب على بابه، فقال: من هذا، قال: محمد، فخرج منتقعاً لونه، فقال له صلى الله عليه وسلم: أعط هذا حقه، فقال أبو جهل: لاتبرح حتى تأخذه. فأعطاه إياه من ساعته،

    فعجبت قريش من ذلك، حيث انعكس عليهم قصدهم، ورأوا ما لم يكن في حسبانهم من انهزام صاحبهم، فقال لهم: والله لقد سمعت حين ضرب على بابى صوتاً ملئت منه رعباً ورأيت فوق رأسي فحلا من الإبل ما رأيت مثله.
    وكان أبو لهب وهو عمه عليه الصلاة والسلام أشد عليه من الأباعد، وكان جارا له، فكان يرمى هو وزوجته القذر على بابه.
    وكان من المؤذين العاص بن وائل السهمي والد عمرو بن العاص، والأسود بن عبد يغوث الزهري، من بني زهرة أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأسود بن المطلب الأسدي ابن عم السيدة خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، والوليد بن المغيرة عم أبي جهل، والنضر بن الحارث العبدرى، ولم يُسلم من هؤلاء أحد، بل أهلكهم الله تعالى على الكفر، ما بين قتيل في غزوة بدر ومعذَّب بأشد الأمراض وأشنعها، والله عزيز ذو انتقام.

    وقد أسلم في ذلك الوقت حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما عيّرته بعض الجواري بإيذاء أبي جهل لابن أخيه، فأدركته الحمية وتوجه إلى ذك الفاجر وغاضبه وقال: كيف تسب محمداً وأنا على دينه، فأنار الله بصيرة حمزة، ودخل في دين الإسلام، وقد كان من أقوى المسلمين شكيمة على أعداء الدين حتى لُقِّب (أسد الله).


    فيما عرضته قريش عليه صلى الله
    عليه وسلم ليرجع عن الدعوة


    لما رأى كفار قريش أن طريق الأذى الذي لجأوا إليه لم يُجْدهم نفعا فيما يريدون؛ اجتمعوا للشورى فيما يعملون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لإرجاعه عن أمره، فاتفقوا على أن يبعثوا إليه عتبة بن ربيعة العبشمي (وكان من عظمائهم) ليعرض عليه أمورا لعله يقبلها ويرجع عن هذه الدعوة، فذهب إلى رسول الله صلى الله وسلم وهو يصلى في المسجد وقال له: يا ابن أخي إنك من خيارنا حسبا ونسبا، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت آلهتهم ودينهم ومن مضى من آبائهم، فإن كنت تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد شرفا سودناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا (أي مسًّا) من الجن لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه.

    فلما فرغ من كلامه قرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم سورة فصلت، حتى وصل إلى قوله تعالى: ( فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُوَد ).

    فأمسك عتبة بفيه، واستحلفه أن يكف عن ذلك، فلما رجع عتبة إلى قومه قال لهم: يا معشر قريش لقد سمعت قولا ما سمعت مثله، والله ما هو بالشعر ولا بالكهانة ولا بالسحر، فأطيعوني وامتنعوا عن الرجل، فوالله ليكونن لكلامه الذي سمعت شأن، فإن تصبه العرب فقد كُفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب فعزه عزكم، فقالوا: لقد سحرك محمد.

    ولما لم تنفعهم هذه الحيلة عمدوا إلى حيلة أخرى، فعرضوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشاركهم في عبادتهم ويشاركوه في عبادته، فأنزل الله تعالى عليه سورة ( قل ياأيها الكافرون )، فلما يئسوا من ذلك طلبوا منه أن ينزع من القرآن ما يغيظهم من ذم الأوثان والوعيد الشديد، فأنزل الله تعالى عليه: ( قُلْ مَا يَكُونُ لِى أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي، إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَىَّ ).

    ولما رأوا أن كل ذلك لم ينفعهم شيئاً لجأوا إلى طرق التعجيز فقالوا له: إن كنت صادقا فأرنا آية نطلبها منك، وهي أن ينشق القمر فرقتين.
    فلما أراهم الله تعالى ذلك تعنتوا واستمروا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسئلة تعنت وعناد مثل قولهم: ( لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ اْلأَرْضِ يَنْبُوعًا* أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ اْلأَنْهَارَ خِلاَلَهَا تَفْجِيرًا* أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ عَلَيْنَا كِسَفًا، أَوْ تَأْتِىَ بِاللهِ وَالْمَلاَئِكَةِ قَبِيلاً، أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ، أَوْ تَرْقَى في السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ ).

    كسفا: قطعا.
    قبيلا: أي كفيلا بما تقول و شاهدا على صحته.

    وكـان يجيبهم عن ذلك بما يأمره الله تعالى به مثل قوله تعالى: ( قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً ).

    ولما عجزوا عن مقاومته بهذه الوسائل عادوا إلى استعمال الشدة والأذى مع رسول الله والمؤمنين، ولم يتركوا لذلك باباً إلا ولجوه.


    إيذاء قريش للمؤمنين

    كما أوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الجهر بالدعوة إلى الإسلام أوذي أصحابه؛ فإن كل قبيلة كانت تسيء إلى من أسلم منها وهم يتحملون تلك الإساءات بالصبر الجميل، فلم يفتتنوا عن دينهم بل ثبتوا على يقينهم حتى أتم الله تعالى أمره.

    فمن الذين أوذوا في الله بلال بن رباح كان مملوكاً لأمية بن خلف الجمحي، فكان يجعل في عنقه حبلاً ويدفعه إلى الصبيان يلعبون به، وكان أمية يخرج به في شدة الحر ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، وقد اشتراه سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنه وأعتقه ابتغاء وجه ربه.

    ومنهم عامر بن فهيرة كان يعذب حتى لا يدرى ما يقول، وكان مملوكاً لصفوان بن أمية وقد اشتراه الصديق رضى الله عنه وأعتقه.

    ومنهم امرأة تسمى زنيرة عُذبت حتى عميت فلم يزدها ذلك إلا إيماناً رضى الله عنها.

    ومنهم عمار بن ياسر وأخوه وأبوه وأمه؛ كانوا يعذبون بالنار، وقد مر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة وهم يعذبون، فقال: صبراً آل ياسر فموعدكم الجنة.

    وقد مات أبوعمار وأمه تحت العذاب رضى الله عنهما، وأما عمار فنطق بكلمة الكفر ظاهراً فأُطلق،
    وفي ذلك نزل قوله تعالى: ( إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ).

    وبالجملة لم يخل أحد من المسلمين الأولين من أذية لحقته في الله تعالى ولكن كل ذلك لم يصدهم عن دينهم بل زادهم إيماناً وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل.

    ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصيب أصحابه من الأذى؛ وهم غير قادرين على منعه لقلة عددهم وعدم استعدادهم إذ ذاك؛ أشار عليهم أن يهاجروا إلى الحبشة حتى يجعل الله لهم فرجاً مما هم فيه، فهاجر إليها منهم عشرة رجال وخمس نسوة في مقدمتهم سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه وزوجه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومكثوا هناك ثلاثة أشهر رجعوا بعدها إلى مكة ولم يتمكنوا من دخولها إلا في حماية من أجارهم من عظماء القوم.

    وفي ذلك الوقت أسلم عمر بن الخطاب رضى الله عنه وكان عمره حين إسلامه ستاً أو سبعاً وعشرين سنة ولما أسلم قال المشركون: قد انتصف القوم منا اليوم.

    لما ضاقت الحيل بكفار قريش عرضوا على بني عبد مناف دية مضاعفة ليسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقبل ذلك بنو عبد مناف، فعرضت قريش على أبي طالب أن يعطوه فتى من فتيانهم ويسلم إليهم ابن أخيه فردهم وقال لهم: عجباً لكم تعطوني ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه.

    ثم لما انسدت في وجوه كفار قريش أبواب الحيل، ولم يفلحوا فيما استعملوه من طرق الأذى مع رسول الله والمؤمنين، اتفقوا على مقاطعة بني عبد مناف وإخراجهم من مكة والتضييق عليهم، فلا يعاملونهم ببيع ولا شراء حتى يسلموا إليهم محمداً صلى الله عليه وسلم للقتل، وكتبوا بذلك صحيفة وضعوها في جوف الكعبة توكيداً على أنفسهم بذلك فالتجأ بنو عبد مناف: مسلمهم وكافرهم إلى أبي طالب ودخلوا معه في شِعْبه، فحاصرهم فيه كفار قريش مدة تقرب من ثلاث سنين؛ حتى نفد ما عندهم من الزاد واضطروا لأكل أوراق الأشجار.

    الهجرة إلى الحبشة

    وبعد دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم الشِّعْب أشار على أصحابه بالهجرة إلى الحبشة فهاجر إليها منهم ثلاثة وثمانون رجلاً، ومعهم من نسائهم سبع عشرة امرأة ومن أخذوا من أولادهم، وكانوا جميعاً من بطون قريش، وقد مكثوا في هذه الهجرة إلى ما بعد خروج بني عبد مناف ورسول الله صلى الله عليه وسلم من حصار الشعب.

    ولما وصلوا إلى الحبشة وكان ملكها عادلاً أكرمهم وأمنهم على عبادتهم ومكنهم من إعلانها، فلما علمت قريش بذلك أرسلت إلى نجاشي الحبشة وفدا يحمل إليه وإلى بطارقته الهدايا ليرد هؤلاء المهاجرين ويمنعهم من الإقامة في أرضه، فلم يرض النجاشي بذلك بل استحضر المهاجرين إليه وسألهم عماهم عليه من الدين، فكلمه جعفر بن أبي طالب رضى الله عنه، وأبان له ما كانت عليه حالتهم قبل الإسلام وما جاءهم به الإسلام من ترك عبادة الأوثان وإفراد الله تعالى بالعبادة، وما أرشدهم إليه من مكارم الأخلاق، وقرأ عليه جعفر أول سورة مريم المشتملة على قصة مولد المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام،
    فقال النجاشي: إن هذا مثل الذي جاء به المسيح، ثم سألهم عما يتقوله عليهم وفد قريش في حق المسيح،
    فقال جعفر: نقول فيه الذي جاء به نبينا؛ هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول،
    فقال النجاشي: إن عيسى ابن مريم لا يزيد على ذلك،
    ثم قال للمهاجرين: اذهبوا فأنتم آمنون، ورد على وفد قريش هداياهم، فرجعوا إلى قومهم خائبين.

    وقد رغب أبوبكر الصديق رضى الله عنه في الهجرة إلى الحبشة لشدة مالقيه من أذى قومه، فلقيه ابن الدُّغنة
    فقال له: مثلك يا أبا بكر لا يخرج وأنا لك جار، فعدل وطاف ابن الدغنة في قريش وهو يقول: أبوبكر لا يخرج مثله، أتخرجون رجلاً يكسب المعدوم، ويصل الرحم، ويحمل الكل، ويقرى الضيف، ويعين على نوائب الحق.

    فقبلت قريش جوار ابن الدغنة لأنه كان عظيماً في قومه. ومكث أبوبكر يعبد ربه في داره، ثم ابتنى له بها مسجداً كان يصلى فيه ويقرأ فيه القرآن فيتطلع إليه أبناء قريش ونساؤهم يعجبون منه، فأفزع ذلك كفار قريش، وطلبوا من ابن الدغنة أن يتنازل عن حمايته إن لم يرجع عما هو فيه، فطلب ابن الدغنة من أبي بكر أن لا يعلن عبادته، فقال له الصديق رضى الله عنه: إنى أرد عليك جوارك وأرضى بجوار الله تعالى.
    واستمر رضى الله عنه على إعلان عبادته، متحملاً ما يلحقه من أذى كفار قريش صابراً، محتسباً أجره على الله تعالى، والله مع الصابرين.

    نقض الصحيفة

    ولما اشتد الحصار على بني عبد مناف تأثر لذلك جماعة من أعاظم قريش، فقاموا بنصرتهم وتوجهوا إلى الكعبة ونقضوا تلك الصحيفة، أي أزالوها ومزقوها بعد أن رأوها متآكلة كما أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم.

    وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرهم بأن الأَرَضَة قد أكلتها ولم يبق منها إلا اسم الله تعالى.

    فتمكنوا بعد ذلك من مبارحة الشِّعْب ، ومكث النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى دين الله، والمسلمون كل يوم في ازدياد من قريش ومن غيرهم، ولا يتمكن أعداؤهم من الاعتداء عليهم، حتى كانت السنة العاشرة من النبوة توفي فيها عمه أبو طالب الذي كان عضده ونصيره، فعاد كفار قريش إلى الأذى، حتى هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، وطلب من أشراف هذه الجهة تعضيده بعد أن دعاهم إلى دين الله تعالى، فلم يقبلوا ولم يسلموا بل أغروا سفهاءهم يسبونه ، فعاد إلى مكة وطلب من المطعم بن عدى أن ينصره فأجابه لذلك، وذهب صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة في جوار المطعم، فطاف وصلى ثم انصرف إلى منزله يحفظه الله تعالى من أذى الأعداء.

    وفاة السيدة خديجة وبيان أولاده
    صلى الله عليه وسلم منها وبقية أزواجه


    في الشهر الذي توفي فيه أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم توفيت أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك قبل الهجرة إلى المدينة المنورة بثلاث سنين وقد حزن عليها حزناً شديداً لأنها كانت من أكبر أعوانه وأرق الناس له ، ولم يتزوج عليها غيرها حتى توفاها الله تعالى إلى رحمته، وكان كثيراً ما يذكرها بعد وفاتها ويترحم عليها.

    وقد جاء منها بأولاده كلهم (ما عدا إبراهيم)،
    فأولهم القاسم، وقد توفي وهو صغير، وقيل أنه عاش حتى ركب الدواب.
    وبه كان يكنى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وتليه زينب، التي تزوجت قبل البعثة بالعاص بن الربيع، وأعقب منها أمامة التي تزوجها سيدنا على بن أبي طالب بعد وفاة السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها.
    ثم رقية، التي تزوجها سيدنا عثمان بن عفان قبل هجرته إلى الحبشة وهاجر بها،
    ثم تزوج بعد وفاتها بأختها السيدة أم كلثوم بالمدينة.
    ثم أم كلثوم،
    ثم فاطمة، و قد تزوجها سيدنا على بن أبي طالب وولدت منه سيدنا الحسن وسيدنا الحسين رضى الله عنهما.
    ثم عبد الله (الملقب بالطيب وبالطاهر)، وقد توفي صغيراً وكانت ولادته بعد البعثة.

    ولم يعش بعد الرسول صلى الله عليه وسلم من أولاده إلا السيدة فاطمة فإنها عاشت بعده ستة أشهر.

    وبعد وفاة السيدة خديجة تزوج صلى الله عليه وسلم بالسيدة سودة بنت زمعة العامرية القرشية في السنة العاشرة من البعثة وقد كانت من السابقين إلى الايمان وهاجرت مع زوجها إلى الحبشة في المرة الثانية ، وعقب رجوعه منها توفي عنها فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي التي وهبت يومها لعائشة. ثم تزوج بالسيدة عائشة بنت سيدنا أبي بكر الصديق رضى الله عنهما، وهي بكر صغير بين السادسة والسابعة من عمرها ، وبني بها وهي بنت تسع سنين، وكانت أحب نسائه إليه ، ) وكانت أفقه نساء الأمة وأعلمهن على الإطلاق ، وكان أكابر الصحابة يرجعون إلى قولها ويستفتونها ، وما نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم في فراش امرأة غيرها. ثم تزوج بالسيدة حفصة بنت سيدنا عمر بن الخطاب ، ثم تزوج بالسيدة زينب بنت خزيمة بن الحارث القيسية وتوفيت بعد بنائه بها بشهرين ، ثم تزوج بالسيدة أم سلمة هند بنت أبي أمية القرشية المخزومية. ثم تزوج بالسيدة زينب بنت جحش من بني أسد بن خزيمة، وهي ابنة عمته أميمة. ثم تزوج بالسيدة جويرية بنت الحارث من بني المصطلق، وكانت من سبايا بني المصطلق فتزوجها صلى الله عليه وسلم بعد أن أعتقها ليقتدي به المسلمون، فأعتقوا من كان بأيديهم من نساء بني المصطلق إكراماً لمصاهرة رسول الله صلى عليه وسلم لهم، فأسلم بنو المصطلق جميعا فكانت جويرية أيمن امرأة على قومها. ثم تزوج بالسيدة أم حبيبة، وتسمى هند أو رملة، بنت أبي سفيان صخر بن حرب القرشي الأموي، ثم تزوج بالسيدة صفية بنت حيي بن أخطب سيد بني النضير، ثم بالسيدة ميمونة بنت الحارث الهلالية وهي آخر من تزوج بهن، وكانت قبله صلى الله عليه وسلم تحت عمه سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، وهي خالة عبد الله بن عباس، وقد تزوجها بمكة في عمرة القضاء سنة سبع من الهجرة ولم يدخل بها إلا بعد أن تحلل من عمرته..

    وقد توفي صلى الله عليه وسلم عن تسع من نسائه: عائشة و حفصة و زينب بنت جحش وأم سلمة وصفية وأم حبيبة وميمونة وسودة وجويرية
    (وأول من توفي بعده منهن زينب بنت جحش وآخرهن أم سلمة).

    وقد تسرى صلى الله عليه وسلم بأربع إماء: منهن مارية القبطية وهي أم ولده (إبراهيم) الذي توفي طفلاً قبل الفطام، وكانت وفاته في السنة العاشرة من الهجرة. وكان أعمامه صلى الله عليه وسلم أحد عشر، لم يُسلم منهم سوى سيدنا حمزة وسيدنا العباس وهو أصغرهم، ولم يكن منهم شقيق لوالد رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى أبي طالب والزبير. وعماته ست ، لم يُسلم منهن سوى السيدة صفية والدة سيدنا الزبير بن العوام. وكان له صلى الله عليه وسلم موال كثيرون ذكور وإناث ، أعتق أكثرهم، منهم: زيد بن حارثة أعتقه وزوّجه مولاته أم أيمن فولدت سيدنا أسامة بن زيد. وقد تشرف بخدمته صلى الله عليه وسلم كثيرون، منهم أنس بن مالك، وعبد الله بن مسعود، وبلال بن رباح، وأبو ذر الغفاري. وكان من كتابـه صلى الله عليه وسلم سادتنا: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان، وعلى بن أبي طالب ، ومعاوية بن أبي سفيان ، والزبير بن العوام ، وعمرو بن العاص ، وكثير غيرهم كانوا يكتبون الوحي والعهود وكتبه صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والأمراء.

    عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نفسه على القبائل وبيعة العقبة الأولى


    لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كفار قريش لا ينفكون عن مقاومته ومعارضته في تأدية رسالة ربه ، ألهمه الله تعالى أن يعرض نفسه على غيرهم من كبار العرب؛ عسى أن يجد منهم حماية وعضداً يعينه على تأدية الرسالة وتبليغ الدعوة ، فكان صلى الله عليه وسلم يخرج في مواسم العرب وأسواقهم التي كانوا يقصدونها للتجارة والمفاخرة –وخصوصاً مواسم الحج- داعياً لهم إلى الله تعالى ، قارئاً عليهم القرآن الكريم ، طالباً منهم نصره حتى يؤدى رسالة ربه ، فلم يكونوا يجيبونه.

    إلى أن قدم وفد من يثرب (المدينة المنورة، واسمها أيضاً طيبة) من قبيلة (الأوس) يريدون أن يعقدوا حلفا مع قريش لينصروهم على بني عمهم (الخزرج)، فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بقدومهم قابلهم وقال لهم: هل لكم في خير مما جئتم له؟ أنا رسول الله بعثنى الله إلى العباد أدعوهم إلى أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً.
    وتلا عليهم شيئاً من القرآن ، وذكر لهم أمور الإسلام ، فمال بعضهم إلى قبول الإسلام وأبي الآخرون، فانصرف الجميع إلى المدينة دون أن يسلموا.
    ثم وفد في موسم الحج جماعة من الخزرج، فقابلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الإسلام وإلى معاونته في تبليغ رسالة ربه، وكانوا ستة رجال فأسلموا جميعاً ، ووعدوه المقابلة في الموسم المقبل ،
    وهم أول من أسلم من عرب المدينة،

    وهم

    أسعد بن زرارة،
    وعوف بن الحارث،
    ورافع بن مالك،
    وقطبة بن عامر،
    وعقبة بن عامر،
    وجابر بن عبد الله.

    فلما كان العام المقبل قدم خمسة منهم في اثنتي عشر رجلاً من الخزرج واثنان من الأوس، واجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم عند العقبة، وأسلم باقيهم، وبايعوا كلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا يشركوا بالله شيئاً ولا يسرقوا ولا يزنوا ولا يقتلوا أولادهم ولا يأتوا ببهتان يفترونه بين أيديهم وأرجلهم ولا يعصونه في معروف ، وأرسل معهم من يقرؤهم القرآن ويفقههم في الدين.

    وبذلك انتشر الإسلام في دور المدينة، وصار حديث القوم في مجتمعاتهم ونواديهم، وقد سميت هذه البيعة (بيعة العقبة الأولى).

    بيعة العقبة الثانية وهجرة بعض
    المسلمين إلى المدينة


    في موسم الحج في العام الذي يلي بيعة العقبة الأولى؛ وفد إلى مكة كثيرون من أهل المدينة ، فقابلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووعدهم المقابلة ليلاً عند العقبة ، وأمرهم أن يكتموا أمرهم فلا يطلع على ذلك أحد من كفار قريش ، فتوجهوا إلى موعدهم في منتصف الليل كاتمين أمرهم عمن معهم من المشركين (وكان مع النبي صلى الله عليه وسلم عمه العباس، وكان باقياً على دين قومه، وإنما أحضره معه ليتوثق له) ، فلما اجتمعوا قال لهم العباس: إن ابن أخى هذا لم يزل في منعة من قومه ، فإن كنتم ترون أنكم قوامون له بما دعوتموه إليه من البيعة ، وما نعوه ممن خالفه ، فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإلا فدعوه بين عشيرته ، فقال كبيرهم: إنما نريد الوفاء والصدق وبذل مهجنا دون رسول الله.

    وطلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبين لهم شروط البيعة ، فقال : أشترط لربى أن تعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئاً ، ولنفسي أن تمنعونى مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم متى قدمت عليكم.
    فبايعوه على ذلك، وكانوا ثلاثاً وسبعين رجلاً، منهم اثنان وستون من الخزرج ، وأحد عشر من الأوس ومعهم امرأتان وسميت هذه البيعة (بيعة العقبة الثانية).

    واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم اثني عشر نقيباً: تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس، وقال لهؤلاء النقباء: أنتم كفلاء على قومكم ؛ كل على عشيرته ، فلما رجعوا إلى المدينة ظهر الإسلام بها أكثر من المرة الأولى.

    وقد شعرت قريش بهذه البيعة فازداد أذاهم للمسلمين الموجودين بمكة ، فأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم بالهجرة إلى المدينة، فصاروا يتسللون إليها وحدانا وجماعات، مختفين عن أعين قريش ، حتى إنه لم يبق بمكة إلا أبو بكر الصديق وعلى بن أبي طالب وقليلون ممن لم يقدروا على الهجرة، وقد أراد أبو بكر رضى الله عنه الهجرة فأشار عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالانتظار حتى يأذن الله تعالى له صلى الله عليه وسلم بالهجرة ، فانتظر أبو بكر رضى الله عنه، وأعد لذلك راحلتين كانتا عنده: إحداهما له والأخرى لرسول الله صلى عليه وسلم.

    الإسراء والمعراج

    قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة بقليل؛ أكرمه الله تعالى بالإسراء والمعراج. أما الإسراء فهو توجهه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام الذي فيه الكعبة المشرفة إلى المسجد الأقصى وهو بيت المقدس (بالشام)، ليريه الله سبحانه وتعالى من عجائب آياته ما يناسب قدره العظيم.

    فقد ركب صلى الله عليه وسلم بأمر الله تعالى البراق ، وهو دابة ليست كدوابنا هذه، وإنما هي شيء سخره الله تعالى لرسوله إكراماً وتعظيماً ، يضع ذلك البراق حافره عند منتهي طرفه، فسار به من المسجد الحرام بمكة حتى وصل إلى بيت المقدس في ليلته ، فدخل المسجد وصلى فيه بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام إماماً.

    وأما المعراج فهو بعد أن خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيت المقدس ركب البراق وصعد به إلى السموات، فكان كلما وصل إلى سماء يستفتح جبريل فيقال: من أنت؟ ومن معك؟ فيقول: جبريل ومحمد، فيقال: أو قد بُعث إليه؟ فيقول: نعم، فيفتح لهما مع الترحيب والدعاء بالخير، حتى انتهيا من السماء السابعة، وبعدها توجه صلى الله عليه وسلم إلى سدرة المنتهي، وهناك شاهد ما لا تدرك العقول البشرية حقيقته، وأوحى الله تعالى إلى نبيه ما أوحى، وفرض سبحانه عليه وعلى أمته في ذلك الوقت خمسين صلاة في كل يوم وليلة، ونزل صلى الله عليه وسلم حتى وصل إلى السماء السادسة، ولقي فيها سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام فأخبره بما فرض الله عليه وعلى أمته، فأشار عليه أن يرجع فيسأل ربه التخفيف، فإن أمته لا تطيق ذلك.

    فلم يزل يرجع بين ربه عز وجل وبين موسى عليه السلام حتى جعل الله تعالى الصلوات المفروضة خمساً في الفعل وخمسين في الأجر.

    ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى مكة من ليلته، فلما أصبح ذهب إلى نادى قريش فأخبر القوم بما رآه، فكذَّب من كذَّب وارتد بعض ضعاف القلوب عن الإسلام، ثم امتحنوه بوصف بيت المقدس فوصفه كما هو، ثم سألوه عن عير (قافلة تجارة) لهم في الطريق فأخبرهم بعدد جمالها وأحوالها ووقت قدومها، فكان كما قال، ومع ذلك لم تردعهم تلك الأدلة الظاهرة عن عنادهم وكفرهم؛ إلا من وفقه الله تعالى وثبته على دين الإسلام.

    وفي صبيحة ليلة الإسراء جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأراه كيفية الصلوات الخمس وأوقاتها، وكانت الصلاة قبل ذلك ركعتين صباحاً وركعتين مساء كصلاة سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم.

  4. #4
    التسجيل
    12-06-2005
    المشاركات
    1,096

    رد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

    هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    وصاحبه أبي بكر الصديق رضى الله عنه


    لما علم كفار قريش أن رسول الله صلى عليه وسلم صارت له شيعة وأنصار من غيرهم، ورأوا مهاجرة أصحابه إلى أولئك الأنصار الذين بايعوه على المدافعة عنه حتى الموت، اجتمع رؤساؤهم وكبارهم في دار الندوة، وهي دار بناها قصي بن كلاب، كانوا يجتمعون فيها عند ما ينزل بهم حادث مهم، اجتمعوا ليتشاوروا فيما يصنعون بالنبي صلى الله عليه وسلم.

    فقال قائل منهم: نحبسه مكبلا بالحديد حتى يموت، وقال آخر: نخرجه وننفيه من بلادنا، فقال أحد كبرائهم: ما هذا ولا ذاك برأي؛ لأنه إن حُبس ظهر خبره فيأتي أصحابه وينتزعونه من بين أيديكم، وإن نُفي لم تأمنوا أن يتغلب على من يحل بحيهم من العرب؛ بحسن حديثه وحلاوة منطقه حتى يتبعوه فيسير بهم إليكم، فقال الطاغية أبو جهل: الرأي أن نختار من كل قبيلة فتى جلداً ثم يضربه أولئك الفتيان ضربة رجل واحد؛ فيتفرق دمه في القبائل جميعاً؛ فلا يقدر بنو عبد مناف على حرب جميع القبائل.

    فأعجبهم هذا الرأي واتفقوا جميعاً وعينوا الفتيان والليلة التي أرادوا تنفيذ هذا الأمر في سَحَرها، فأعلم الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بما أجمع عليه أعداؤه، وأذنه سبحانه وتعالى بالهجرة إلى يثرب (المدينة المنورة)، فذهب إلى أبي بكر الصديق رضى الله عنه وأخبره وأذن له أن يصحبه، واتفقا على إعداد الراحلتين اللتين هيأهما أبو بكر الصديق لذلك، واختارا دليلا يسلك بهما أقرب الطرق، وتواعدا على أن يبتدئا السير في الليلة التي اتفقت قريش عليها.

    وفي تلك الليلة أمر عليه الصلاة والسلام ابن عمه على ابن أبي طالب أن ينام في مكانه ويتغطى بغطائه حتى لا يشعر أحد بمبارحته بيته.

    ثم خرج صلى الله عليه وسلم، وفتيان قريش متجمهرون على باب بيته وهو يتلو سورة (يس)، فلم يكد يصل إليهم حتى بلغ قوله تعالى: ( فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ )، فجعل يكررها حتى ألقى الله تعالى عليهم النوم وعميت أبصارهم فلم يبصروه ولم يشعروا به، وتوجه إلى دار أبي بكر وخرجا معاً من خوخة في ظهر البيت، وتوجها إلى جبل ثور بأسفل مكة فدخلا في غاره.

    وأصبحت فتيان قريش تنتظر خروجه صلى الله عليه وسلم، فلما تبين لقريش أن فتيانهم إنما باتوا يحرسون على بن أبي طالب لا محمداً صلى الله عليه وسلم هاجت عواطفهم، وارتبكوا في أمرهم، ثم أرسلوا رسلهم في طلبه والبحث عنه من جميع الجهات، وجعلوا لمن يأتيهم به مائة ناقة، فذهبت رسلهم تقتفي أثره، وقد وصل بعضهم إلى ذلك الغار الصغير الذي لو التفت فيه قليلا لرأى من فيه.

    فحزن أبو بكر الصديق رضى الله عنه لظنه أنهم قد أدركوهما، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَتَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا)، فصرف الله تعالى أبصار هؤلاء القوم وبصائرهم حتى لم يلتفت إلى داخل ذلك الغار أحد منهم، بل جزم طاغيتهم أمية بن خلف بأنه لا يمكن اختفاؤهما به لِمَا رأوه من نسج العنكبوت وتعشيش الحمام على بابه.

    وقد أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه بالغار ثلاث ليال حتى ينقطع طلب القوم عنهما، وكان يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر ثم يصبح في القوم ويستمع منهم الأخبار عن رسول الله وصاحبه فيأتيهما كل ليلة بما سمع، وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام في كل ليلة من هذه الليالي، وقد أمر عبد الله بن أبي بكر غلامه بأن يرعى الغنم ويأتي بها إلى ذلك الغار ليختفي أثره وأثر أسماء.

    وفي صبيحة الليلة الثالثة من مبيت رسول الله عليه وسلم وصاحبه بالغار، وهي صبيحة يوم الاثنين في الأسبوع الأول من ربيع الأول سنة الهجرة (وهي سنة ثلاث وخمسين من مولده صلى الله عليه وسلم، وسنة ثلاث عشرة من البعثة المحمدية) جاءهما بالراحلتين عامر بن فهيرة مولى أبي بكر؛ وعبد الله بن أريقط الذي استأجراه ليدلهما على الطريق، فركبا وأردف أبو بكر عامر بن فهيرة ليخدمهما، وسلك بهما الدليل أسفل مكة، ثم مضى بهما في طريق الساحل.

    وبينما هم في الطريق إذ لحقهم سراقة بن مالك المدلجى؛ لأنه سمع في أحد مجالس قريش قائلا يقول: إني رأيت أسودة بالساحل أظنها محمدا وأصحابه.

    فلما قرب منهم عثرت فرسه حتى سقط عنها، ثم ركبها وسار حتى سمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وهو لايلتفت وأبوبكر يكثر الالتفات، فساخت قوائم فرس سراقة في الأرض فسقط عنها، ولم تنهض إلا بعد أن استغاث صاحبها بالنبي صلى الله عليه وسلم وقد شاهد غباراً يتصاعد كالدخان من آثار خروج قوائم فرسه من الأرض، فداخله رعب شديد ونادى بطلب الأمان، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه حتى جاءهم وعرض عليهم الزاد والمتاع فلم يقبلا منه شيئاً؛ وإنما قالا له: اكتم عنا، فسألهم كتاب أمن؛ فكتب له أبو بكر ما طلب بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعاد سراقة من حيث أتى كاتما ما رأى، وقد أخبر أبا جهل فيما بعد، وقد أسلم سراقة يوم فتح مكة وحسن إسلامه.

    واستمر رسول الله وصاحبه في طريقهما حتى وصلا قُباء، من ضواحي المدينة، في يوم الاثنين من ربيع الأول، فنزل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني عمرو بن عوف ونزل أبو بكر رضى الله عنه بالسُّنْح (محلة بالمدينة أيضا) على خارجة بن زيد، ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء ليالى؛ أنشأ فيها مسجداً، هو الموصوف في القرآن الكريم بأنه أسس على التقوى من أول يوم، وصلى فيه عليه الصلاة والسلام بمن معه من المهاجرين والأنصار، وقد أدركه صلى الله عليه وسلم بقباء على بن أبي طالب رضى الله عنه بعد أن أقام بمكة بعده بضعة أيام ليؤدى ما كان عنده من الودائع إلى أربابها.

    قدومه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة

    وقد كان أهل المدينة حينما سمعوا بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم يخرجون خارج المدينة يترقبون مقدمه كل يوم حتى يردهم حر الظهيرة، فبعد أن رجعوا إلى منازلهم يوما سمعوا من ينادى بأعلى صوته: يا معشر العرب؛ هذا حظكم الذي تنتظرون، فخرجوا وتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة (هي الأرض ذات الحجارة السوداء) قبل نزوله بقباء.

    ثم تحول عليه الصلاة والسلام من قباء إلى المدينة، يحيط به الأنصار فرحين متقلدي سيوفهم ما بين ماش وراكب، يتنازعون زمام ناقته كل يريد أن ينزل في داره والنساء والصبيان والولائد ينشدن:

    طلع البدر علينـا من ثنيـات الوداع
    وجب الشكر علينا ما دعــا لله داع
    أيها المبعوث فينـا جئت بالأمر المطاع

    وكان ذلك في يوم الجمعة، فأدركته صلاتها في ديار بني سالم بن عوف، فنزل وصلاها، وهي أول جمعة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث شرعت في هذا التاريخ على أشهر الروايات.

    ثم ركب وسار، وكلما مرّ على دار من دور الأنصار يتضرع إليه أهلها أن ينزل عليهم، ويأخذون بزمام ناقته، فيقول: دعوها فإنها مأمورة.

    ولم تزل سائرة حتى أتت فناء بني عدى بن النجار أخواله صلى الله عليه وسلم، فبركت أمام دار أبي أيوب الانصارى، فقال عليه الصلاة والسلام: هاهنا المنزل إن شاء الله تعالى، ونزل بدار أبي أيوب.

    وأقام بها أشهراً حتى اشترى الموضع الذي بركت فيه الناقة، وبني فيه المسجد، وقد بني المسجد باللبن مرتفعاً عن القامة قليلا، وجعلت عضادتا الباب من الحجارة، وسقف بالجريد، وجعلت عمده من جذوع النخل، وكان يعمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه تشجيعاً للعاملين.

    وبني بجواره حجرتين لزوجتيه عائشة و سودة، ولم يكن له من الزوجات إذ ذاك غيرهما، وصارت الحجرات تبني حول المسجد كلما جاءت زوجة، وأرسل من استحضر له أهله؛ كما أرسل أبو بكر رضى الله عنه من استحضر أهله، فقدمت سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وفاطمة وأم كلثوم بنتاه، أما زينب ابنته صلى الله عليه وسلم فمنعها زوجها أبو العاص بن الربيع ، وقدم عبد الله بن أبي بكر بزوجة أبيه وأختيه عائشة وأسماء زوج الزبير بن العوام، وكانت حاملا بابنها عبد الله وهو أول مولود ولد للمهاجرين بالمدينة.

    وتلاحق المهاجرون فلم يبق من المسلمين إلا قليل ممن لم يتيسر لهم الرحيل.

    ولما تمت الهجرة إلى المدينة تنافس الأنصار في المهاجرين؛ كل يريد أن يكون له منهم الحظ الأوفر، فكانوا يقترعون عليهم في النزول، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوى الإخاء بينهم؛ فآخى بين كل أنصاري ونزيله من المهاجرين، فكان الأنصار يؤثرون المهاجرين على أنفسهم، وذلك أعلى درجة تقتضيها الأخوة في الله تعالى

    الغزوات والسرايا إجمالا

    في السنة الأولى من الهجرة بعث سريتين.


    وفي السنة الثانية غزا بنفسه سبع غزوات وبعث سرية واحدة، وأكبر غزواتها غزوة بدر:

    1-->> غزوة (ودان) وهي قرية بين مكة والمدينة، وكان خروجه لها ليعترض عيراً لقريش فوجدها قد سبقته فرجع.
    2-->> وغزوة (بواط) وهو جبل جهينة بين المدينة وينبع، وكان خروجه فيها ليعترض عبر قريش فوجدها قد سبقته فرجع.
    3-->> وغزوة (العشيرة) وهي موضع من بطن ينبع وسنأتي على ذكرها في الأصل عند الكلام على غزوة بدر الكبرى.
    4-->> وغزوة (بدر الأولى). (بدر) موضع بين مكة والمدينة، وهو إلى المدينة أقرب في الجنوب الغربي منها، خرج فيها لتعقب من أغار على سرح المدينة فلم يجده.
    5-->> وغزوة (بدر الكبرى) وسنشرحها في الأصل.
    6-->> وغزوة بني (قينقاع) وهم حي من اليهود حول المدينة نبذوا عهد المسلمين وخانوهم، فخرج إليهم وحاصرهم خمس عشرة ليلة، حتى طلبوا منه أن يخرجوا من ديارهم بالنساء والأولاد ويتركوا للمسلمين الأموال، فقبل منهم ذلك وأجلاهم.
    7-->> وغزوة (السويق) التي خرج فيها أبو سفيان في مائتين إلى المدينة وأحرق بعض نخلها، فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم ففروا تاركين ما كانوا يحملون من أجربة السويق (ولذلك سميت غزوة السويق).


    وفي السنة الثالثة غزا أربع غزوات وبعث سرية واحدة،
    وأهم غزواتها غزوة (أحد):

    1-->> غزوة (غطفان) وهم حي من قيس بلغ النبي صلى الله عليه وسلم تجمعهم للإغارة على المدينة، فخرج اليهم فتشتتوا في رؤوس الجبال.
    2-->> وغزوة (بحران) وهو موضع بجهة الفرع من المدينة به قبيلة بني سليم، أرادوا الإغارة على المدينة فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فتفرقوا.
    3-->> وغزوة (أحد) وسنشرحها في الأصل.
    4-->> وغزوة (حمراء الأسد) وقد ذكرت بالأصل.


    وفي السنة الرابعة غزا ثلاث غزوات وبعث ثلاث سريات:

    1-->> غزوة (بني النضير) وسنأتى على ذكرها في الأصل.
    2-->> وغزوة (ذات الرقاع): اسم لصخور فيها بقع حمر وبيض وسود في جبل بجهة نجد؛ بلغه عليه الصلاة والسلام أن قبائل من نجد يتهيئون لحربه، فخرج إليهم في سبعمائة مقاتل فلم يجدوا غير النسوة فأخذوهن وعادوا، أما رجالهم فإنهم تفرقوا في رؤوس الجبال.
    3-->> وغزوة (بدر الآخرة) وسيأتي الكلام عليها في آخر غزوة أحد.



    وفي السنة الخامسة غزا أربع غزوات
    أشهرها غزوة الخندق:


    1-->> غزوة (دومة الجندل) وهي جهة بين المدينة المنورة ودمشق، على بعد خمس ليال من دمشق وخمس عشرة ليلة من المدينة، بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن بها جمعا من الأعراب يعتدون على من يمر بهم وأنهم يريدون القرب من المدينة، فخرج إليهم في ألف من أصحابه، فلما علموا بقربه منهم تفرقوا وغنم المسلمون مواشيهم.
    2-->> وغزوة (بني المصطلق) وهم حي من خزاعة ساعدوا قريشا على حرب المسلمين في غزوة أحد ثم تجمعوا لحرب المسلمين، فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم في جمع كثير فالتقى الجمعان بجهة (المريسيع) وهو ماء لقبيلة خزاعة؛ فانهزم المشركون بين قتيل وأسير، وقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية بنت زعيمهم الحارث وأعتق سائر نسائهم، وفي أثناء رجوع المسلمين من هذه الغزوة حصلت حادثة الإفك المشهورة.
    3-->> وغزوة (الخندق)
    4-->>وغزوة (بني قريظة) وسيأتى الكلام عليهما في الأصل.



    وفي السنة السادسة غزا ثلاث غزوات وبعث إحدى عشرة سرية،
    ومن غزواتها غزوة الحديبية:

    1-->> غزوة (بني لحيان).
    2-->> وغزوة (الغابة).
    3-->> وغزوة (الحديبية).



    وفي السنة السابعة غزا غزوة واحدة وهي

    1-->> غزوة خيبر
    وبعث ثلاث سرايا.



    وفي السنة الثامنة غزا أربع غزوات، وبعث عشر سرايا،
    وأكبر غزواتها غزوة فتح مكة ...

    1-->> فتح مكة المكرمة
    2-->> غزوة حنين:
    3-->> غزوة (مؤتة).
    4-->> وغزوة (الطائف)

    · وغزوة (الفتح). · وغزوة (حنين). · وغزوة (الطائف)، وسيأتي الكلام على جميعها في الأصل.



    وفي السنة التاسعة غزا غزوة واحدة وهي

    1-->>غزوة تبوك،
    وبعث سرية واحدة.



    وفي السنة العاشرة بعث سريتين، وفيها حج حجة الوداع.



    وفي السنة الحادية عشر بعث سرية واحدة.



    فجملة الغزوات التي خرج للقتال فيها بنفسه صلى الله عليه وسلم:
    سبع وعشرون غزوة،
    وجملة السرايا التي بعث فيها القواد ولم يخرج فيها بنفسه:
    خمس وثلاثون سرية.

    غزوة بدر الكبرى

    كان من عادة قريش أن تذهب بتجارتها إلى الشام لتبيع وتشتري فتمر في ذهابها وإيابها بطريق المدينة، ففي شهر جمادى الثانية من السنة الثانية للهجرة بعثت قريش بأعظم تجارة لها إلى الشام في عير كبيرة (وهم يسمون الركب الخارج بالتجارة عيرا) خرج بها أبو سفيان بن حرب في بضعة وثلاثين رجلا من قريش، فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إليهم في مائة وخمسين رجلا من المهاجرين فلم يدركهم، وتسمى هذه غزوة (العشيرة)، باسم واد من ناحية بدر.

    ولما علم برجوعهم من الشام خرج إليهم في العشر الأوائل من شهر رمضان في ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا من المهاجرين والأنصار، معهم فرسان وسبعون بعيرا، وسار حتى عسكر بالروحاء، وهو موضع على بعد أربعين ميلا في جنوب المدينة.

    وكان أبو سفيان حين قرب من الحجاز يسير محترسا، فلما علم بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الطريق المسلوكة وسار بساحل البحر، ثم بعث رجلا إلى مكة ليخبر قريشا ويستنفرهم لحفظ أموالهم، فقام منهم تسعمائة وخمسون رجلا فيهم مائة فارس وسبعمائة بعير، فلما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بخروج هذا الجمع استشار أصحابه فأشاروا بالإقدام، فارتحل بهم حتى وصل قريبا من وادي بدر، فبلغه أن أبا سفيان قد نجا بالتجارة وأن قريشا وراء الوادي، لأن أبا جهل أشار عليهم بعد أن علموا بنجاة العير ألا يرجعوا حتى يصلوا بدراً فينحروا ويطعموا الطعام ويسقوا الخمور فتسمع بهم العرب فتهابهم أبدا.

    فسار جيش المشركين حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادي (أي الشاطئ البعيد للوادي)، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه حتى نزلوا بالعدوة الدنيا من الوادي، ولم يكن بها ماء فأرسل الله تعالى الغيث حتى سال الوادي فشرب المسلمون وملئوا أسقيتهم، وتلبدت لهم الأرض حتى سهل المسير فيها، أما الجهة التي كان بها المشركون فإن المطر أوحلها، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم بجيشه حتى نزل بأقرب ماء من القوم، وأمر ببناء حوض يملأ ماء لجيشه؛ كما أمر بأن يغوّر ما وراءه من الآبار حتى ينقطع أمل المشركين في الشرب من وراء المسلمين، ثم أذن لأصحابه أن يبنوا له عريشاً يأوى إليه، فبني له فوق تل مشرف على ميدان القتال.

    فلما تراءى الجيشان، وكان ذلك في صبيحة يوم الثلاثاء 17 رمضان من السنة الثانية للهجرة قام النبي صلى الله عليه وسلم بتعديل صفوف جيشه حتى صاروا كأنهم بنيان مرصوص، ونظر لقريش فقال: اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادّك وتكذّب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني.

    ثم برز ثلاثة من صفوف المشركين، وهم عتبة بن ربيعة وابنه الوليد وأخوه شيبة وطلبوا من يخرج إليهم، فبرز لهم ثلاثة من الأنصار، فقال المشركون: إنما نطلب أكفاءنا من بني عمنا (أى القرشيين)، فبرز لهم حمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث وعليّ بن أبي طالب، فكان حمزة بإزاء شيبة وكان عبيدة بإزاء عتبة وكان عليّ بإزاء الوليد، فأما حمزة وعليّ فقد أجهز كل منهما على مبارزه، وأما عبيدة فقد ضرب صاحبه ضربة لم تمته وضربه صاحبه مثلها، فجاء علي وحمزة فأجهزا على مبارز عبيدة وحملا عبيدة وهو جريح إلى صفوف المسلمين، وقد مات من آثار جراحه رضى الله عنه.

    ثم بدأ الهجوم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العريش يشجع الناس ويقول: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ)، وأخذ من الحصباء حفنة رمى بها في وجوه المشركين قائلا: شاهت الوجوه ( أي: قبحت)، ثم قال لأصحابه: شدوا عليهم. فحمى الوطيس (أي: اشتد القتال).

    وأمد الله تعالى المسلمين بملائكة النصر، فلم تك إلا ساعة حتى انهزم المشركون وولوا الأدبار، وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون، فقتلوا منهم سبعين رجلا وأسروا سبعين، ومن بين القتلى كثيرون من صناديدهم. ولما انتهت الموقعة أمر عليه الصلاة والسلام بدفن الشهداء من المسلمين، كما أمر بإلقاء قتلى المشركين في قليب بدر، ولم يستشهد من المسلمين سوى أربعة عشر رجلا رضي الله عنهم.

    بعد أن انتهي القتال في بدر ودفن الشهداء والقتلى؛ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجمع الغنائم فجمعت، وأرسل من يبشر أهل المدينة بالنصر، ثم عاد عليه الصلاة والسلام بالغنائم والأسرى إلى المدينة، فقسم الغنائم بين المجاهدين ومن في حكمهم من المخلَّفين لمصلحة، وحفظ لورثة الشهداء أسهمهم، وأما الأسرى فرأى بعد أن استشار أصحابه فيهم أن يستبقيهم ويقبل الفداء من قريش عمَّن تريد فداءه، فبعثت قريش بالمال لفداء أسراهم، فكان فداء الرجل من ألف درهم الى أربعة آلاف درهم بحسب منزلته فيهم، ومن لم يكن معه فداء وهو يحسن القراءة والكتابة أعطوه عشرة من غلمان المسلمين يعلمهم، فكان ذلك فداءه.

    وكان من الأسرى العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم فلم يُعفه من الفداء مع أنه إنما خرج لهذه الحرب مُكْرَها، وقد أسلم العباس عقب غزوة بدر ولكنه لم يظهر إسلامه إلا قبيل فتح مكة.

    وكان منهم أيضاً أبو العاص بن الربيع زوج زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد افتدته رضى الله عنها بقلادتها فرُدَّت إليها، واشترط عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يمكّنها من الهجرة إلى المدينة فوفي بشرطه، وقد أسلم قبل فتح مكة، فرد إليه النبي صلى الله عليه وسلم زوجته.

    ومنهم من منَّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم بغير فداء؛ كأبي عزة الجمحي الذي كان يثير بشعره قريشاً ضد المسلمين، فطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفكه من الأسر على ألا يعود لمثل ذلك، فأطلقه على هذا الشرط، ولكنه لم يف بعهده بعد، وقتل بعد غزوة أحد.

    ومن قتلى قريش: أبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، وحنظلة بن أبي سفيان، والوليد بن عتبة، والجراح والد أبي عبيدة، قتله ابنه أبو عبيدة بعد أن ابتعد عنه فلم يرجع. وأما شهداء بدر الأربعة عشر فمنهم ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار،
    فمن المهاجرين: عبيدة بن الحارث وعمير بن أبي وقاص،
    ومن الأنصار: عوف ومعوّذ ابنا عفراء الخزرجيان، وهما اللذان قتلا أبا جهل، ومنهم سعد بن خيثمة الأوسيّ أحد النقباء في بيعة العقبة. وهذه الغزوة الكبرى التي انتصر فيها المسلمون ذلك الانتصار الباهر، مع قلة عَددهم وعُددهم وكثرة عَدد العدوّ وعُدده، من الأدلة الكبرى على عناية الله تعالى بالمسلمين الصادقي العزيمة الممتلئة قلوبهم طمأنينة بالله تعالى وثقة بما وعدهم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من الفوز والنصر.

    ولقد دخل بسببها الرعب في قلوب كافة العرب، فكانت للمسلمين عزاً وهيبة وقوة، والحمد لله رب العالمين.

    غزوة أُحُد

    بعد أن مضى على غزوة بدر عام كامل؛ وكانت عير قريش لم تزل موقوفة بدار الندوة؛ اجتمع من بقى من عظمائهم إلى أبي سفيان، واتفقوا على أن يتركوا ربح أموالهم في تلك العير استعداداً لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ربحها نحو خمسين ألف دينار، فاجتمع منهم ثلاثة آلاف رجل ومعهم حلفاؤهم من بني المصطلق وغيرهم، وخرجوا بالقيان والدفوف والخمور، ومعهم هند امرأة أبي سفيان وخمس عشرة امرأة ليشجعنهم ، وساروا حتى وصلوا إلى ذي الحليفة بالقرب من المدينة.

    وقد كان العباس بن عبد المطلب بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب يخبره فيه بخروج القوم، فجمع عليه الصلاة والسلام أصحابه وأخبرهم الخبر، واستشارهم في البقاء بالمدينة حتى إذا قدم القوم إليها قاتلوهم، فكان رأى الأكثرين الخروج للقاء العدو، ففي يوم الجمعة لعشر خَلَوْن من شوال في السنة الثالثة للهجرة صلى الجمعة بالناس، وحضّهم في خطبتها على الثبات والصبر، ثم دخل حجرته فلبس درعين وتقلد السيف وألقى الترس وراء ظهره، ولما خرج للناس بعُدَّته هذه قال بعض من أشار بالخروج: نتبع ما عرضته من البقاء، فقال: ما كان لنبي لبس سلاحه أن يضعه حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه.

    ثم عقد الألوية واستعرض الجيش وسار بألف رجل حتى منتصف الطريق بين المدينة وجبل أُحُد، وهو جبل في شمال المدينة، فرجع عبد الله بن أبي بن سلول رئيس المنافقين في ثلاثمائة من أصحابه، ثم سار الجيش حتى نزل الشِّعب من أُحُد وجعل ظهره للجبل ووجهه للمدينة؛ وقد نزل المشركون ببطن الوادي بالقرب من أُحُد، فاستحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم الرماة؛ وكانوا خمسين رجلا؛ فجعلهم خلف الجيش على ظهر الجبل، وأمرهم ألاّ يبرحوا مكانهم، ثم عَدَّل الصفوف وخطب في الجيش بالنصائح والمواعظ، ثم خرج رجل من صفوف المشركين فبرز له الزبير بن العوام فقتله؛ وقتل علىُّ بن أبي طالب حاملَ لواء المشركين، واسمه حمزة أرطاة، وخرج من صفوف المشركين عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق يطلب المبارزة فهمَّ أبو بكر أن يبرز إليه، فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم قائلا له: متعنا بنفسك يا أبا بكر. ثم التقت الصفوف، وجعلت نساء قريش يضربن الدفوف وينشدن الأشعار تهييجاً لرجالهن، فدارت رحا الحرب، وكانت الغلبة للمسلمين، إلا أن الرماة لما رأوا انكشاف المشركين ترك أكثرهم مكانهم الذي أُمروا ألا يتحولوا عنه، وتحولوا إلى العسكر، وخلوا ظهر المسلمين للعدو، واشتغل بعض الجيش بالغنائم، فاختلت الصفوف، فتحولت فرسان المشركين بقيادة خالد بن الوليد وجاءوهم من خلفهم، فأصابوا فيهم، وأُذيع قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأضعف ذلك من عزائم الجيش، وانهزم جماعة من المسلمين، وانكشف مكان النبي صلى الله عليه وسلم للعدو فأصابته الحجارة، ووقع لشقه، فأصيبت رباعيته (السن التي بين الناب والثنية)، وجرح وجهه وشفته، ودخلت حلقتان من المغفر في وجنته، والمغفر هو زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس، وقد عالج أبو عبيدة بن الجراح نزع هاتين الحلقتين من وجنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزعهما، وكسرت في ذلك ثنيتاه رضى الله عنه.

    وأحاط به الكفار فدافع دونه خمسة من الأنصار، وعاد إليهم فئة من المسلمين حتى أجلوا الكفار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ممن امتاز بالمدافعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت: سعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو طلحة الأنصارى الذي نثر كنانته بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو دجانة الذي كان النبل يقع في ظهره وهو منحن على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    بعد أن أجلى الكفار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه كعب بن مالك الأنصارى، فشرع ينادى: يا معشر المسلمين أبشروا، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اسكت، ثم سار عليه الصلاة والسلام نحو الشِّعب بين سعد بن أبي وقاص وسعد بن عبادة، ومعه أبو بكر وعمر وعليّ وطلحة والزبير وغيرهم، وجاءت فاطمة الزهراء رضى الله عنها فغسلت عنه الدم وضمدت جروحه، وأقبل أبي بن خلف من المشركين يقول: أين محمد؟ لا نجوتُ إن نجا، فطعنه النبي صلى الله عليه وسلم بحربة فوقع عن فرسه، وأصيب في عنقه، ومات بسبب ذلك،
    ولم يقتل بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد غيره،

    لا في هذه الغزوة ولا في غيرها. ثم أراد عليه الصلاة والسلام أن يعلو صخرة في الشِّعب لينظر جماعة المشركين فلم يتمكن من القيام بنفسه، فأعانه طلحة بن عبيد الله حتى أصعده على الصخرة، فرأى جماعة المشركين على ظهر الجبل فقال: لا ينبغي لهم أن يعلونا.
    فأرسل إليهم عمر بن الخطاب في جماعة فأنزلوهم، وقد صعد أبو سفيان ربوة ونادى بأعلى صوته: إن الحرب سجال، يوم بيوم بدر، اعْلُ هُبَل (اسم صنم لهم)، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب أن يجيبه، فأجابه عمر رضي الله عنه بقوله: الله أعلى وأجلّ لاسواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار.
    فلما سمع أبو سفيان صوت عمر قال: هلمَّ إلي ياعمر، فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتيه، فقال أبو سيفان: أنشدك الله ياعمر أقتلنا محمدا؟ فقال عمر: اللهم لا، وإنه ليسمع كلامك الآن.
    ثم نادى أبو سفيان: إن موعدكم بدر العام المقبل، فأجيب من قبل المسلمين بأمر النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، هو بيننا وبينك موعد، وقد أخلف أبو سفيان موعده فلم يخرج في العام التالي، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فقد خرج في ذلك العام إلى بدر ولم يلق أحدا، وسميت تلك الغزوة غزوة بدر الأخرى أو الصغرى.

    ثم انصرفوا، وتفقد رسول الله صلى الله عليه وسلم القتلى وأمر بدفنهم، وعاد إلى المدينة في منتصف شوال.

    وقد بلغ عدد قتلى المسلمين في هذه الغزوة سبعين شهيدا، منهم أربعة من المهاجرين والباقون من الأنصار، وقتل من المشركين اثنان وعشرون.

    وجعلت زوجة أبي سفيان ومن معها من النساء يمثلن بالشهداء، فجدعن الآذان والأنوف، واتخذن منها قلائد، وبقرت زوجة أبي سفيان بطن حمزة، ولاكت كبده تشفيا من نكايتهم في غزوة بدر.

    ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وصوله إلى المدينة بليلة واحدة أن يخرج معه لتعقب العدو كلُّ من حضر هذه الغزوة، فلما شعر أبو سفيان بذلك همَّ أن يعود بالمشركين للقاء المسلمين، فقيل له: إن محمدا قد أقبل في جميع أصحابه، فخاف وانثنى عن عزمه، واستمر راجعا إلى مكة، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه في حمراء الأسد، وهو موضع على ثمانية أميال من المدينة في طريق مكة، أقام هنالك ثلاثة أيام، ثم عاد إلى المدينة بعد أن تأكد من انصراف المشركين إلى مكة.

    غزوة الخندق

    كان بين المسلمين من الخزرج وبين يهود بني النضير المجاورين للمدينة عهد على التناصر، فخان اليهود عهدهم مع المسلمين، حيث هموا بقتل النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج عليه الصلاة والسلام إليهم في السنة الرابعة للهجرة حتى أجلاهم عن مواطنهم، فأورث الله تعالى المسلمين أرضهم وديارهم، ولم يقر لهؤلاء اليهود قرار بعد ذلك فذهب جمع منهم إلى مكة، وقابلوا رؤساء قريش واتفقوا معهم ومع قبيلة غطفان على حرب المسلمين، فتجهزت قريش ومن تبعهم من كنانة، وتجهزت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد، وتحزبوا جميعاً على محاربة المسلمين، حتى بلغ عدد جميعهم عشرة آلاف محارب قائدهم العام أبو سفيان فلما سمع رسول الله صلى عليه وسلم بتجمعهم لذلك استشار أصحابه فيما يعمل لمقاومتهم،

    فأشار سلمان الفارسيّ رضي الله عنه بحفر خندق في شمال المدينة من الجهة التي تؤتى منها المدينة، فحفروه وجاءت قريش ومن معها من الأحزاب ونزلوا خلف الخندق، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة آلاف من المسلمين أمام الخندق، واستمروا على هذه الحالة يترامون بالنبل بضعاً وعشرين ليلة، وقد رتب رسول الله صلى الله عليه وسلم حراسا على الخندق لئلا يقتحمه الأعداء ليلا، وكان يحرس بنفسه أصعب جهة فيه، ولما طالت المدة اقتحم جماعة من المشركين الخندق بخيلهم، فمنهم من وقع فيه فاندقَّ عنقه، ومنهم من برز له بعض شجعان المسلمين فقتله، وقد استمرت هذه المعركة يوما كاملا.

    غزوة بني قريظة

    ثم بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن يهود بني قريظة القاطنين بجوار المدينة يريدون نقض ما بينهم وبينه من العهود، فاسترجع من جيشه خمسمائة رجل لحراسة النساء والذرارى، ولما علم المسلمون بأمر بني قريظة اشتد وجلهم لأن العدو قد أصبح محيطاً بهم من الخارج والداخل، ولكن الله سبحانه وتعالى قيَّض لرسوله صلى الله عليه وسلم من انبث بين الأعداء يفرق جموعهم بالخديعة والحيلة، حتى استحكم الفشل بينهم، وخاف بعضهم بعضاً، وأرسل الله تعالى عليهم ريحا باردة في ليل مظلم أكْفَأت قدورهم وطرحت آنيتهم، فارتحلوا من ليلتهم، وأزاح الله تعالى هذه الغُمَّة التي تحزَّب فيها الأحزاب من قبائل العرب واليهود على المسلمين.

    وكانت هذه الحادثة بين شهري شوال وذي القعدة من شهور السنة الخامسة للهجرة، واستشهد فيها من المسلمين ستة، وقتل من المشركين ثلاثة. ولما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخلع لباس الحرب حتى حاصر بني قريظة لخيانتهم ونقضهم للعهد، واستمر محاصراً لهم خمساً وعشرين ليلة، حتى كادوا يهلكون ولم يروا بدًّا من التسليم لما يحكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضوا بأن ينزلوا على حكم سيدهم سعد بن معاذ.
    فحكم بقتل رجالهم وسبي نسائهم وذراريهم وأخذ غنائمهم، فحبس الرجال في دور الأنصار حتى حفرت لهم خنادق ضربت أعناقهم فيها.
    وكانوا نحو سبعمائة رجل، وبذلك أراح الله المسلمين من شر مجاورة هؤلاء الأعداء، والله عزيز ذو انتقام

  5. #5
    التسجيل
    12-06-2005
    المشاركات
    1,096

    رد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

    غزوة الحديبية وصلحها

    أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد غزوة الخندق بقية السنة الخامسة للهجرة، وفي السنة السادسة خرج إلى بني لحيان الذين قتلوا عاصم بن ثابت ومن معه، فوجد القوم قد تفرقوا، ثم إلى ذى قَرَد لرد إغارة عيينة بن حصن على لقاحه صلى الله عليه وسلم (واللقاح: جمع لَقْحة، وهي الناقة الحلوب)، ففر العدو بعد مناوشة لم تطل، ثم إلى بني المصطلق لما بلغه أنهم يجمعون له الجموع، فهزمهم وغنم منهم أموالا وسبايا.

    ثم خرج صلى الله عليه وسلم في ذى القعدة من تلك السنة إلى مكة يقصد العمرة، وخرج معه من المهاجرين والأنصار ألف وخمسمائة، وساق معه الهدى ليعلم الناس أنه لم يخرج محاربا، وأمر أصحابه ألا يستصحبوا معهم من السلاح إلا السيوف مغمدة في قُرُبها، حتى لايدخلوا المسجد الحرام بسيوف مجردة، فسار عليه الصلاة والسلام بهذا الجمع حتى وصلوا عسفان، وهو موضع على مرحلتين من مكة، فجاءه من أخبره أن قريشاً اتفقت على صد المسلمين عن مكة، وتجهزت للحرب، وأخرجت خالد ابن الوليد في مائتي فارس ليصدوا المسلمين عن التقدم، فسار المسلمون من طريق آخر تملك مكة من أسفلها، حتى وصلوا إلى مهبط الحديبية، وهي بئر بقرب مكة سمى الموضع باسمها، فبركت ناقته صلى الله عليه وسلم، فأمر أصحابه بالنزول، وهناك جاء رسول من قريش يسأِل عن سبب مجيء المسلمين، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بمقصده، فلما رجع إلى قريش لم يثقوا به، فأرسلوا آخر، فلما رأى الهدى وسمع التلبية رجع وقال لقريش: إن القوم جاءوا معتمرين، وما ينبغي أن يُصَدُّوا، وما ينبغي أن تحج لخم وجذام وحمير ويمنع عن البيت ابن عبد المطلب، فلم تسمع قريش لقوله، وبعثوا آخر فرأى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيم احترامهم لنبيهم ومحبتهم إياه، فرجع إلى قريش وحدثهم بما رأى وقال : إنى والله ما رأيت ملكا في قومه مثل محمد في أصحابه.

    فتكلم القوم فيما بينهم، وقالوا: نرده عامنا ويرجع إلى قابل. ثم أرسل رسول الله صلى الله عيه وسلم إليهم عثمان بن عفان رضى الله عنه في جوار رجل من بني أمية ليعلمهم بقصده، وخرج معه عشرة من المسلمين لزيارة أقاربهم بمكة، فقالت قريش: إن محمدا لا يدخلها علينا عنوة أبدا، ثم منعوا سيدنا عثمان رضى الله عنه ومن معه من الرجوع، وشاع بين المسلمين أنه قد قتل، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه للبيعة على القتال، فبايعوه على ذلك، وكان ذلك تحت شجرة سميت بعد بشجرة الرضوان، وسميت هذه البيعة أيضاً بيعة الرضوان، وبعث المشركون طلائعهم فأسر المسلمون منهم اثني عشر رجلا.

    ولما سمعت قريش بهذه البيعة خافوا أن تدور عليهم الدائرة؛ فأرسلوا أحدهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم للمكالمة في الصلح، وبعد أن أطلقوا سبيل سيدنا عثمان ومن معه، وأطلق المسلمون من أسروهم، اتفق معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قواعد الصلح،

    وهي أربعة أمور:
    ترك الحرب بين الفريقين عشر سنين.
    وأن يرجع رسول الله والمسلمون من عامهم دون أن يدخلوا مكة؛
    فإذا جاء العام الثانى دخلوها بدون سلاح سوى السيوف في القُرُب
    وأقاموا بها ثلاثة أيام بعد أن تخرج منها قريش.
    وأن من أتى إلى المسلمين من قريش ردوه إليهم،
    ومن جاء الى قريش من المسلمين لايلزمون برده.
    وأن من أحب أن يدخل في عهد المسلمين دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عهد قريش دخل فيه.

    وأملى النبي صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب، فكتب بذلك وثيقة، وقد رضي المسلمون بما رضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن تألموا من بعض هذه الشروط، ثم تحلل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون من عمرتهم وعادوا إلى المدينة.
    وقد نزلت في هذه الحادثة سورة الفتح.

    مراسلة رسول الله صلى
    الله عليه وسلم للملوك


    بعد تلك الهدنة التي تمت بصلح الحديبية أمن المسلمون شر قريش، وأصبحت طرق المواصلة مع سائر الجهات متيسرة، فشرع رسول الله صلى الله عليه وسلم في نشر الدعوة وتعميمها، فكاتب ملوك الأرض يدعوهم وأممهم إلى الإسلام، واتخذ له خاتما نقشه : (محمد رسول الله).

    فبعث دحية الكلبي بكتاب إلى قيصر ملك الروم وكان بالقدس، فلما وصله الكتاب، وكان أبو سفيان بالشام في تجارة، فاستدعاه وسأله عن نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو سفيان: هو فينا ذو نسب.
    فسأله: هل تكلم بهذا القول أحد قبله؟
    فقال: لا.
    فسأله هل كنتم تتهمونه بالكذب؟
    فقال: لا.
    فسأله: هل كان من آبائه ملك؟
    فقال: لا.
    فسأله: هل أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟
    فقال: بل ضعفاؤهم.
    فسأله: فهل يزيدون أم ينقصون؟
    فقال: بل يزيدون.
    فسأله: فهل يرتدُّ أحد منهم كراهية في دينه؟
    فقال: لا.
    فسأله: هل يغدر إذا عاهد؟
    فقال: لا.
    فسأله: هل قاتلتموه وكيف حربكم وحربه؟
    فقال: حاربناه، وكانت الحرب بيننا وبينه سجالا، مرة لنا ومرة علينا.
    فسأله: بم يأمركم؟
    فقال: يقول اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وينهي عما كان يعبده آباؤنا، ويأمر بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة.
    فاستنتج ذلك الملك مما ذكر أنه نبي،
    وقال لأبي سفيان: إن كان ما كلمتني به حقا فسيملك موضع قدميّ هاتين، ثم جمع عظماء الروم وحادثهم في اتباع هذا النبي، فنفروا وقد غلب عليه حب ملكه فلم يسلم، ولكنه رد دحية ردا جميلا.

    وأرسل عليه الصلاة والسلام الحارث بن عمير بكتاب إلى أمير بصرى، فلما بلغ مُؤْتَة من قرى الشام تعرض له شرحبيل العسالي فقتله، ولم يقتل لرسول الله صلى الله عليه وسلم رسول غيره.

    وأرسل عليه الصلاة والسلام كتاباً الى أمير دمشق التابع لملك الروم، فلما وصله الكتاب وقرأه رمى به واستعد لحرب المسلمين، واستأذن ملكه في ذلك فلم يأذن له.

    وأرسل عليه الصلاة والسلام حاطب بن أبي بلتعة بكتاب إلى المقوقس أمير مصر من قبل ملك الروم، وكان بالإسكندرية، فلما قرأه
    قال لحاطب: ما منعه إن كان نبيا أن يدعو على من خالفه وأخرجه من بلده؟
    فقال له حاطب: ألست تشهد أن عيسى رسولَ الله هو ابنُ الله ؟ فلِمَ لَمْ يمنعه الله حين أخذه قومه ليقتلوه؟
    فقال المقوقس لحاطب: أحسنت،
    ولقد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بمزهود فيه، ولا ينهي عن مرغوب فيه، ولم أجده بالساحر الضار، ولا بالكاهن الكذاب، وسأنظر.

    ثم كتب ردا لجواب لرسول الله صلى الله عليه وسلم بكـلام لا اعتراف فيه ولا إنكار، وأهدى له جاريتين، إحداهما مارية التي تسرى بها عليه الصلاة والسلام وأتى منها بولده إبراهيم عليه السلام.

    وأرسل عليه الصلاة والسلام كتابا إلى النجاشي ملك الحبشة، فلما قرأه
    قال للرسول: إني أعلم والله أن عيسى بَشَّر به، ولكن أعواني بالحبشة قليل.

    وأرسل إلى كسرى ملك الفرس فاستكبر ومزق الكتاب، فمزق الله تعالى ملكه كل ممزَّق.

    وأرسل إلى المنذر بن ساوى ملك البحرين، فأسلم وأسلم معه بعض قومه، وأقره النبي صلى الله عليه وسلم أميراً من قبله على جهة البحرين.

    وأرسل إلى جعفر وعبد الله ابني الجلندي ملكي عمان، فأسلما بعد أن سألا عما يأمر به النبي وينهي عنه،
    فقال لهما رسول النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأمر بطاعة الله عز وجل وينهي عن معصيته، ويأمر بالبر وصلة الرحم، وينهي عن الظلم والعدوان والزنا وشرب الخمر؛ وعن عبادة الحجر والوثن والصليب.

    وأرسل عليه الصلاة والسلام الى هوذة بن على ملك اليمامة، فطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل له بعض الأمر فلم يجبه.


    غزوة خيبر

    بعد أن تم صلح الحديبية واستراح المسلمون من غزوات قريش، رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستريح أيضاً من أعدائه القريبين الذين يتربصون به الشر، وهم أهل خيبر الذين حزبوا الأحزاب على المسلمين في غزوة الخندق، فخرج صلى الله عليه وسلم إلى خيبر في أول السنة السابعة للهجرة، وكانت خيبر محصنة بثمانية حصون، فعسكر المسلمون خارجها، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع نخيلهم ليرهبهم، فلما رآهم مصرين على القتال بدأهم بالمراماة،
    واستمروا في المناوشة سبعة أيام، ثم حمل المسلمون على اليهود حتى كشفوهم عن مواقفهم، وتبعوهم حتى دخلوا أول حصن، فانهزم الأعداء إلى الحصن الذي يليه، فقاتلوا عنه قتالا شديدا حتى كادوا يردون المسلمين عنه،
    ولكن المسلمين اقتحموا عليهم هذا الحصن حتى ألجأوهم إِلى الحصن الذي يليه، وحاصروهم فيه ومنعوا عنهم جداول الماء،
    فخرجوا وقاتلوا حتى انهزموا إلى حصن آخر، وهكذا حتى لم يبق غير الحصنين الأخيرين فلم يقاوم أهلهما، بل سلموا طالبين حقن دمائهم، وأن يخرجوا من أرض خيبر بذراريهم، لايأخذ الواحد منهم إلا ثوبا واحداً على ظهره، فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك، وغنم المسلمون من خيبر غنائم كثيرة من دروع وسيوف ورماح وأقواس وحلى وأثاث ومتاع وغنم وطعام.
    وقد قتل من اليهود في هذه الغزوة ثلاثة وتسعون قتيلا، واستشهد من المسلمين خمسة عشر شهيدا.

    وفي هذه الغزوة أهدت امرأة يهودية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذراع شاة مسمومة فأخذ منها مضغة ثم لفظها،
    حيث أعلمه الله تعالى أنها مسمومة، وقد اعترفت تلك المرأة بما فعلت، وقالت: قلت إن كان نبياًّ لن يضر، وإن كان كاذباً أراحنا الله منه.
    فعفا عنها صلى الله عليه وسلم.

    وبعد فتح خيبر أرسل صلى الله عليه وسلم إلى يهود فدك، فصالحوا على أن يتركوا له أموالهم ويحقن دماءهم، فأجابهم لذلك.

    وبعد رجوع المسلمين من خيبر قدم من الحبشة بقية من كان فيها من المهاجرين، منهم جعفر بن أبي طالب وأبو موسى الأشعري وقومه، بعد أن أقاموا بها عشر سنين.

    وقد أسلم بعد غزوة خيبر ثلاثة من عظماء الرجال:
    خالد بن الوليد
    وعمرو بن العاص
    وعثمان بن طليحة العبدري

    عمرة القضاء

    ولما حال الحول على صلح الحديبية خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه إلى الحديبية الذين صُدُّوا معه عن البيت عام الحديبية، ليقضوا تلك العمرة التي صُدُّوا عنها حسب عهدة الحديبية.
    فلما وصلوا إلى مكة خرجت منها قريش ودخلها المسلمون وقضوا عمرتهم، وأقاموا بمكة ثلاثة أيام وانصرفوا إلى المدينة بسلام.

    سرية مؤتة

    في منتصف السنة الثامنة للهجرة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً مؤلفاً من ثلاثة آلاف مقاتل،
    للاقتصاص من عمرو بن شرحبيل أمير بصرى من قبل الروم لقتله الحارث بن عمير الذي بعثه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام، فلما بلغ هذا الجيش أرض مؤتة قابلهم الروم والعرب المتنصرة في مائة وخمسين ألفاً، وكان قائد المسلمين زيد بن حارثة فقُتل، فتولى القيادة جعفر بن أبي طالب فقُتل، ثم عبد الله بن رواحة فقُتل، وكان هذا الترتيب بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد أن استشهد من سماهم النبي صلى الله عليه وسلم اتفق الجيش على تولية خالد بن الوليد، فجعل يخادع الأعداء حتى ألقى الله الرعب في قلوبهم وانصرفوا.


    فتح مكة

    كانت بطون خزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كما كانت بنو بكر بن وائل في عهد قريش، وكان بين هذين الجيشين دماء، فثار بنوبكر على خزاعة، وساعدتهم قريش بالسلاح والأنفس وقاتلوهم، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من خزاعة وأخبروه بنقض قريش للعهد، فلما أحست قريش بما فعلت جاء منهم أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقوى العهد ويزيد في المدة فلم يجبه إلى ذلك، وتأكد المسلمون من نقض قريش للعهد، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يتجهزوا وكتم عنهم الوجه، فاجتمع لذلك عشرة آلاف من المسلمين من المهاجرين والأنصار وطوائف من العرب، وخرج بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لعشر مضت من شهر رمضان في السنة الثامنة للهجرة، وساروا حتى نزلوا بمرِّ الظهران بقرب مكة بدون أن تعلم قريش بوجهتهم.

    وقد كان العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرا إلى المدينة بأهله، فقابله عليه الصلاة والسلام في الطريق فأرجعه معه، وبعث بعياله إلى المدينة. وبينما جيش المسلمين بمر الظهران إذ خرج أبو سفيان ومعه آخران يتجسسون الأخبار، لما كانوا يتوقعونه من عدم سكوت المسلمين على نقض العهد، فظفرت بهم جنود المسلمين، وكان أول من لقى أبا سفيان العباس بن عبد المطلب، فأخذه معه حتى وصل به إلى خيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمنه وسلمه للعباس. فلما أصبح أسلم وشهد شهادة الحق، فقال العباس: يارسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً، فقال عليه الصلاة والسلام: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن.

    ثم أمر العباس أن يقف بأبي سفيان حيث يسير الجيش حتى ينظر إلى المسلمين، فجعلت القبائل تمر عليه كتيبة كتيبة حتى انتهت، وانطلق أبو سفيان إلى مكة مسرعا ونادى بأعلى صوته : يامعشر قريش، لقد جاءكم محمد بما لا قبل لكم به.

    ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تركز رايته بالحجون، وهو جبل بمعلاة مكة، وأمر خالد بن الوليد أن يدخل مكة بمن معه من كُدَىّ، وهو جبل بأسفل مكة من جهة اليمن، ودخل صلى الله عليه وسلم ومن معه من كداء، وهو جبل بأعلا مكة، ونادى مناديه: من دخل داره وأغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. واستثنى من ذلك جماعة أهدر دماءهم لشدة ما ألحقوا بالمسلمين من الأذى، منهم عبد الله بن سعد بني أبي سرح وعكرمة بن أبي جهل وكعب بن زهير ووحشى قاتل حمزة وهند بنت عتبة زوج أبي سفيان وهبار بن الأسود والحارث بن هشام، وهؤلاء قد أسلموا.

    وقد صادف جيش خالد بن الوليد في دخوله مقاومة من طائشى قريش فقاتلهم وقتل منهم أربعة وعشرين، واستشهد من فرقته اثنان. وأما فرقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تصادف مقاومة، وقد دخل عليه الصلاة والسلام راكباً راحلته، وهو منحن على الرحل تواضعاً لله تعالى، وشكراً له عز وجل على هذه النعمة العظمى، وكان ذلك صبح يوم الجمعة لعشر خلت من رمضان.

    نصبت له عليه الصلاة والسلام قبة في الموضع الذي أشار بأن تركز فيه الراية، فاستراح في القبة قليلا، ثم سار وهو يقرأ سورة الفتح وبجانبه أبو بكر، حتى دخل البيت وطاف سبعاً على راحلته، واستلم الحجر بمحجنه، وكان حول الكعبة أصنام كثيرة؛ فكان يطعنها بعود في يده ويقول: جاء الحق وزهق الباطل، وما يبدئ الباطل وما يعيد.

    بعد أن أتم رسول الله صلى الله عليه وسلم طوافه أمر بالاصنام فأزيلت من حول الكعبة، وطهر الكعبة من هذه المعبودات الباطلة، ثم أخذ عليه الصلاة والسلام مفتاح الكعبة من حاجبها عثمان بن طلحة الشيبى، ودخلها وكبر في نواحيها ، ثم خرج إلى مقام إبراهيم وصلى فيه ، ثم جلس في المسجد والناس حوله ينتظرون ما هو آمر به في شأن قريش، فقال عليه الصلاة والسلام: يا معشر قريش ما تظنون أنى فاعل بكم؟ قالوا: خيراً ، أخ كريم وابن أخ كريم ، فقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء. وردَّ مفتاح الكعبة لسادنها، ثم خطب في الناس خطبة أبان فيها كثيراً من أحكام الدين، وبعد أن أتمها شرع الناس يبايعونه على الإسلام ، فأسلم كثير من قريش.

    وممن أسلم في ذلك الوقت معاوية بن أبي سفيان ، وأبو قحافة والد الصديق ، وأسلم بعض من أهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه في ذلك اليوم، وبايع فقبلت بيعته ، وبعد أن تمت بيعة الرجال بايعه النساء.

    ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا أن يؤذن على ظهر الكعبة، وكانت هذه أول مرة ظهر فيها الإسلام على ظهر البيت.

    وقد أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد فتحها تسعة عشر يوماً، أرسل في أثنائها خالد بن الوليد في ثلاثين فارساً لهدم هيكل (العُزَّى) ، وهو أكبر صنم لقريش، وأرسل عمرو بن العاص لهدم (سواع) وهو أعظم صنم لهذيل ، وبعث آخر لهدم (مناة) وهي صنم لخزاعة.

    غزوة حنين

    وبهذا الفتح دانت للإسلام جموع العرب، ودخلوا في دين الله أفواجاً. غير أن قبيلتي هوازن وثقيف أخذتهم العزة والأنفة وتجمعوا لحرب المسلمين في مكة، فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج لهم في اثني عشر ألف مقاتل (وهو أكثر جنده عليه الصلاة والسلام)، فلما وصل جيش المسلمين إلى وادي حنين كان العدو كامناً في شعابه، فقاموا على المسلمين قومة رجل واحد قبل أن يتمكن المسلمون من تهيئة صفوفهم ، فانهزمت مقدمة جيش المسلمين ، وكاد جيش المسلمين يتفرق مع كثرة عدده ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه العباس أن ينادي في جيش المسلمين بالثبات ، فاجتمعوا واقتتل الفريقان ، ولم تمض ساعات حتى انهزم الأعداء هزيمة شديدة ، وقد قتل من ثقيف وهوازن نحو سبعين، وغنم المسلمون ما كان مع العدو من مال وسلاح وإبل.

    ثم توجه رسول الله صلى عليه وسلم إلى ثقيف بالطائف فحاصرها مدة ولم يفتحها ، وبعد رجوعه منها أتاه وهو بالجعرانة وفود من هوازن يلتمسون منه رد نسائهم وأبنائهم الذين سباهم المسلمون، فقال عليه الصلاة والسلام: ما كان لى ولبني عبد المطلب فقد رددته إليكم. فقال المهاجرون والأنصار: وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فرُدَّت إلى هوازن نساؤهم وأبناؤهم.

    ثم قام عليه الصلاة والسلام من الجعرانة إلى مكة معتمراً، فأدى العمرة وعاد بعد ذلك إلى المدينة ، فوصلها لست بقين من ذى القعدة.


    غزوة تبوك

    أقام عليه الصلاة والسلام بالمدينة إلى منتصف السنة التاسعة للهجرة، ثم بلغه أن الروم يتجهزون في تبوك لحربه بعد ما كان بينهم وبين المسلمين في حادثة مؤتة،
    فتجهز عليه الصلاة والسلام لغزوهم في ثلاثين ألف مقاتل ، وكان المسلمون إذ ذاك في زمن عسرة وجدب، فلم يعقهم ذلك عن التأهب لقتال الأعداء ،
    وتصدق أبو بكر لذلك بجميع ماله؛ وعثمان بن عفان بمال كثير، فخرج عليه الصلاة والسلام حتى وصل تبوك فلم يجدهم بها، فأقام بضع عشرة ليلة، ثم قفل إلى المدينة، وهذه آخر غزواته صلى الله عليه وسلم.


    عام الوفود

    قد عرفت أن الدعوة إلى الإسلام كانت في مبدئها سراً وخفية، وأن الذين دخلوا في الإسلام إذ ذاك أفراد قليلون، وبعد الجهر بالدعوة أخـذ عددهم يزداد قليلاً قليلاً، إلى أن أُذِنَ له صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة، فازداد عددهم بدخول عرب المدينة ومن حولها في الدين وحدانا وجماعات، ولكن الدعوة لم تصل إلى الدرجة المطلوبة من الانتشار والعموم حتى تم صلح الحديبية بين قريش والمسلمين، فكان ذلك الصلح سبباً كبيراً من أسباب فشوّ الدعوة وعمومها حيث أمنت الطرق وتمكن الرسول عليه الصلاة والسلام من إرسال الرسل والكتب الى الملوك والأمم والقبائل ، ثم تم الأمر بفتح مكة ودخول أعاظم قريش في الإسلام، وانتشار القرآن بأسلوبه البديع وحكمه البالغة المؤثرين في عقول العرب ذلك التأثير الذي لانت به شكيمتهم وشرعوا يَفِدون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أفواجاً، وقد كان أكثر ذلك في السنة التاسعة للهجرة.

    فمن ذلك وفد (ثقيف) جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم عقب مقدمه من تبوك يريدون الإسلام ، وطلبوا أشياء أباها عليهم وأشياء أعطاها لهم.

    ووفد (نصارى نجران) ، وهؤلاء لم يسلموا بل رضوا بدفع الجزية.

    ووفود (بني فزارة) قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمين.

    ووفد (بني تميم) جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم أشرافهم ونادوه من وراء الحجرات ، وبعد تبادل الخطب وإنشاد الشعر بين خطبائهم وشعرائهم وخطباء المسلمين وشعرائهم أسلموا وعادوا إلى أوطانهم.

    ووفد (بني سعد بن بكر) يؤمهم ضمام بن ثعلبة ، الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أسئلة كثيرة وأجابه عنها ، فأسلم وعاد إلى قومه فما بقى منهم أحد إلا أسلم من يومه.

    ووفد (كندة) في مقدمته الأشعث بن قيس ، وقد أسلموا بعد أن سمعوا أوائل سورة الصافَّات.

    ووفد (بني عبد القيس بن ربيعة) وكانوا نصارى فأسلموا جميعاً.

    ووفد (بني حنيفة بن ربيعة) فأسلموا ، وكان فيهم مسيلمة بن حنيفة، الذي لقب بالكذاب لادعائه النبوة بعد انتقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الدار الآخرة.

    ووفد (طيء من قحطان) يقدمهم زيد الخيل، وقد أسلموا جميعاً.

    ووفد (بني الحارث بن كعب) فيهم خالد بن الوليد جاءوا مسلمين.

    ووفود آخرون من قبائل شتى من (بني أسد) و (بني محارب) و(همدان) و(غسان) وغيرهم ، منهم من جاء مسلماً ، ومنهم من جاء للإسلام وأسلم، ورسل من ملوك حمير وغيرهم، جاءوا يخبرون بإسلامهم.

    وهكذا دخل الناس في دين الله أفواجاً ، حتى بلغ من كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة أكثر من مائة ألف، والذين لم يحضروا حجة الوداع من المسلمين كانوا أكثر من ذلك أضعافاُ مضاعفة،

    ( وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَّشَاءُ إِنَّ في ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُولِى الأَبْصَارِ ).


    حجة الوداع

    بعد أن عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك، بعث أبا بكر الصديق رضى الله عنه في ذى القعدة إلى مكة سنة تسع من الهجرة ليحج بالناس ، وفي أواخر ذي القعدة من السنة العاشرة قام عليه الصلاة والسلام إلى مكة في جمع عظيم، وأحرم للحج عندما سارت به راحلته ....

    وقال: لبيك الله اللهم لبيك .
    لا شريك لك لبيك .
    إن الحمد والنعمة لك والملك.
    لا شريك لك.

    ولم يزل سائراً حتى دخل مكة ضحوة يوم الأحد لأربع خلون من ذي الحجة ، وكان دخوله من ثنية كداء ، فطاف بالبيت سبعاً ، واستلم الحجر الأسود ، وصلى ركعتين عند مقام إبراهيم ، وشرب من ماء زمزم ، وسعى بين الصفا والمروة سبعاً راكباً على راحلته ، وفي الثامن من ذى الحجة توجه إلى منى فبات بها ، وفي التاسع منه توجه إلى عرفة وخطب خطبته المشهورة بخطبة الوداع. ابتدأها بعد الثناء على الله تعالى بقوله: أيها الناس اسمعوا منى أبين لكم ، فإنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا في موقفي هذا. ثم قال: أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى الذي ائتمنه عليها . ثم قال: أيها الناس إن لنسائكم عليكم حقاًّ ولكم عليهن حقاًّ ، لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم غيركم ، ولا يُدخلن أحدا تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم ، ولا يأتين بفاحشة. أيها الناس إنما المؤمنون إخوة ، ولا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس منه ، فلا ترجعُنَّ بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ، فإنى قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله. ألا هل بلغت ، اللهم اشهد. ثم قال: أيها الناس إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد. كلكم لآدم وآدم من تراب. أكرمكم عند الله أتقاكم.
    ليس لعربى فضل على عجمىٍّ إلا بالتقوى. ألاهل بلغت ، اللهم اشهد ، فليبلغ الشاهد منكم الغائب.

    وقد اشتملت هذه الخطبة العظيمة على غير ذلك من أحكام الله تعالى وحدوده. وقد أنزل الله عليه في ذلك اليوم
    قوله سبحانه وتعالى: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً ).

    وبعد أن أدَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم مناسك الحج: من رمى الجمار والنحر والحلق والطواف ، أقام بمكة عشرة أيام ثم قفل إلى المدينة صلى الله عليه وسلم.

    مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفاته

    في أوائل صفر من السنة الحادية عشرة للهجرة مرض النبي صلى الله عليه وسلم بالحمى ،واستمر ثلاثة عشر يوماً يتنقل في بيوت أزواجه ، ولما اشتد عليه مرضه استأذن منهن أن يتمرض في بيت عائشة فأذنَّ له ، ولما تعذر عليه الخروج الى الصلاة قال : مروا أبا بكر فليصلّ بالناس ، ولما رأى الأنصار اشتداد مرضه أطافوا بالمسجد قلقين ، فخرج إليهم عليه الصلاة والسلام معصوب الرأس ، يخط برجليه متوكئاً على علىّ والفضل يتقدمهم العباس ، حتى جلس في أسفل مرقاة المنبر وأحاط به الناس ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس بلغنى أنكم تخافون من موت نبيكم. هل خلد نبي قبلى فيمن بعث الله فأخلد فيكم؟ ألا إنى لاحق بهم وإنكم لاحقون بى ، فأوصيكم بالمهاجرين الأولين خيراً وأوصى المهاجرين فيما بينهم. إلى أن قال : ألا وأنى فرط لكم وأنتم لاحقون بى ، ألا فإن موعدكم الحوض ، ألا فمن أحب أن يَرِده علىَّ غدا فليكف يده ولسانه إلا فيما ينبغى.

    وبينما المسلمون في صلاة الفجر يوم الاثنين ثالث عشر ربيع الأول؛ وأبو بكر رضى الله عنه يصلى بهم؛ إذا برسول الله صلى الله عليه وسلم قد كشف سجف (ستر) حجرة عائشة رضى الله عنها ، فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة وتبسم، فظن أبو بكر أن رسول الله يريد أن يخرج للصلاة فتقهقر إلى الصف، وكاد المسلمون يفتتنون في صلاتهم فرحاً برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليهم بيده أن أتموا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر، ثم حضرته الوفاة ورأسه الشريف على فخذ عائشة رضى الله عنها، فقال: اللهم في الرفيق الأعلى.
    ولم تأت ضحوة ذلك اليوم حتى فارق رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الحياة الدنيا ولحق بربه عز وجل .

    ولم يكن أبو بكر رضى الله عنه موجوداً في ذلك الوقت بالقرب من منزل عائشة، فلما حضر وأخبر الخبر دخل بيت عائشة وكشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعل يقبله ويبكى ويقول : صلوات الله عليك يا رسول الله، ما أطيبك حياًّ وميتاً.

    ثم خرج إلى الناس وقال: ألا إن من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حىٌّ لا يموت.
    ثم مكث عليه الصلاة والسلام في بيته بقية يوم الاثنين وليلة الثلاثاء ويومه وليلة الأربعاء، حتى انتهي المسلمون من إقامة خليفة لهم، وتفرغوا لغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنه،
    فغسله علي بن أبي طالب بمساعدة العباس وابنيه الفضل وقثم وأسامة بن زيد وشقران مولَيَىْ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كُفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة ، ووُضع على سريره في بيته، فدخل الناس يصلون عليه فرادى لا يؤمهم أحد ، ثم حفر اللحد في موضع وفاته من حجرة عائشة ورُش بالماء، وأنزله فيه علىّ والعباس وولداه الفضل وقثم، وقد رفع قبره الشريف عن الأرض قدر شبر.

    وقد بلغ عمره الشريف ثلاثاً وستين سنة، مكث منها بمكة ثلاثة وخمسين سنة، وبالمدينة المنورة عشر سنين، صلى الله عليه وسلم وعظم وكرم.


    صفة النبي صلى الله عليه وسلم

    كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميل الخلقة، أزهر اللون (أى أبيض مشرباً بحمرة)، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، عظيم الرأس، عظماً مناسباً لبقية أعضائه، شعره بين الجعودة والسبوط ، كأنه مشط فتكسر قليلاً ، لا يتجاوز شعره شحمة أذنيه إذا لم يقصره، وكان واسع الجبين ، أزج الحواجب بدون اقتران، في وسط أنفه ارتفاع قليل من غير طول فيه، ليس بضيق الفم ولا واسعه، رقيق الأسنان مفلجه ، أسيل الخدين (أى غير مرتفع الوجنتين )، غزير شعر اللحية ،جميل العنق، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، وموصول ما بين اللبة والسرة بالشعر، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالى الصدر، وليس على ثدييه وبطنه شعر غير ما ذكر. وكان معتدل الأعضاء في سمن معتدل، ليس بمسترخى اللحم، وكان طويل الزندين، رحب الراحتين، ممتلئ الكفين والقدمين، متجافي الإخمصين (أي أن باطن قدميه لا يصل إلى الأرض عند وضعهما عليها)، ليس في قدميه غضون، أي تكاميش، ولا تشقق، بحيث إذا أصابهما الماء لم يبق له أثر بهما.

    وكان متوسط القامة لا هو بالطويل ولا بالقصير، إذا مشى رفع رجليه بنشاط، وأوسع في خطاه، ومال إلى سنن المشي برفق ووقار، وكأنما هو في مشيته ينزل من مكان منحدر.

    وكان خافض الطرف ، نظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء، وإذا التفت التفت جميعاً، جل نظره الملاحظة ، يتأخر عن أصحابه في المشي، ويبدأ من لقيه بالسلام.

  6. #6
    التسجيل
    12-06-2005
    المشاركات
    1,096

    رد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

    نبذة في شمائله وأخلاقه الشريفة صلى الله عليه وسلم

    هانحن قد أوقفناك على خلاصة وافية من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، تعرف منها كيف كان يجاهد في إبلاغ دعوة ربه، وكم قاسى من الشدائد والمصاعب في سبيل إرشاد الخلق إلى طريق الحق.

    ولنسرد لك جملة وجيزة من شمائله الشريفة وأخلاقه الكريمة وآدابه الحميدة، راجين أن يوفقنا الله تعالى وإياك للتخلق بهذه الأخلاق الكريمة ، والتأدب بتلك الآداب الفاضلة.

    قد جمع الله تعالى لنبيه وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم بين محاسن الخَلْق والخُلُق، ومنحه سبحانه وتعالى من هذه وتلك أكملها وأعدلها، فكان جميل الصورة، متناسب الأعضاء، نظيف الجسم ، طيب الرائحة ، منزها عن الأقذار والعيوب ، معتدل الحركات ، حسن الشمائل ،مقتصراً من ضروريات الحياة كالأكل والنوم على قدر الحاجة ، وكان وافر العقل، ذكىّ اللب، قوى الحواس ، فصيح اللسان ، بليغ القول ، حليماً عفواًّ، صبوراً على ما يكره، لا يغضب إلا لله ولا ينتصر لنفسه، ولم يضرب بيده شيئاً إلا أن يجاهد في سبيل الله فلم يضرب غلاماً ولا امرأة.

    وكان شجاعاً ذا نجدة وفتوّة، لا يهاب أحداً، ولا يفر حيث تفر الأبطال، وكان جواداً كريماً سمحاً سخياً.

    وكان أشد الناس حياء، وأكثرهم عن العورات إغضاءاً لا يشافه أحداً بما يكره، فلم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا صخّاباً بالأسواق ولا عياباً، ولا يجزى بالسيئة سيئة بل يعفو ويصفح.

    وكان حسن العشرة، كامل الأدب، واسع الخلق، دائم البِشْر، لين الجانب، رؤوفاً رحيماً، يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم، من غير أن يطوى عن أحد بشره، يتواضع في غير منقصة، ويتفقد أصحابه، ويعطي كل جلسائه نصيبـه، لا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه.

    من جالسه أو فاوضه في حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول.

    قد وسع الناس خلقه فصار لهم أبا، وصاروا عنده في الحق سواء. وكان إذا أتى إلى مجلس جلس حيث ينتهي به المجلس،أي في أقرب مكان يصادفه، صلى الله عليه وسلم وعظم وكرم. وكان يجيب من دعاه ولو عبداً أو أمة ، ويقبل الهدية ولو كانت كراعاً ويكافئ عليها.

    وكان يخالط أصحابه ويحادثهم ، ويعود مرضاهم ، ويمازحهم أحياناً ولا يقول إلا حقا. وكان من خلقه الوفاء وحسن العهد والعدل والأمانة والعفة والصدق والمروءة.

    وكان في أعظم حالات الوقار والتؤدة وحسن السمت.
    وكان في خوف ربه وطاعته له عز وجل وإخلاصه في عبادته بالدرجة التي ليس بعدها غاية، صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم.


    كلامه وسكوته وضحكه وبكاؤه


    اتصف صلى الله عليه وسلم بصفات لم تجتمع لأحد قبله ولا بعده ، كيف لا وهو خير الناس وأكرمهم عند الله تعالى .
    فقد كان صلى الله عليه وسلم أفصح الناس ، وأعذبهم كلاماً وأسرعهم أداءً، وأحلاهم منطقا حتى إن كلامه ليأخذ بمجامع القلوب ويأسر الأرواح ، يشهد له بذلك كل من سمعه.

    وكان إذا تكلم تكلم بكلام فَصْلٍ مبين، يعده العاد ليس بسريع لا يُحفظ ، ولا بكلام منقطع لا يُدركُه السامع، بل هديه فيه أكمل الهديِّ ،كما وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بقولهاما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا ، ولكن كان يتكلم بكلام بيِّن فصل يتحفظه من جلس إليه) متفق عليه .

    وثبت في (( الصحيحين )) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بعثت بجوامع الكلام) وكان كثيراً ما يعيد الكلام ثلاثاً ليفهمه السامع ويعقله عنه ، ففي البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً ، حتى يفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم ، سلم ثلاثاً).

    وكان صلى الله عليه وسلم طويل الصمت لا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، وكان إذا تكلم افتتح كلامه واختتمه بذكر الله، وأتى بكلام فَصْلٍ ليس بالهزل ، لازيادة فيها عن بيان المراد ولاتقصير ، ولا فحش فيه ولا تقريع ،

    أما ضحكه صلى الله عليه وسلم فكان تبسماً، وغاية ما يكون من ضحكه أن تبدو نواجذه، فكان يَضْحَك مما يُضْحك منه، ويتعجب مما يُتعجب منه.

    وكان بكاؤه صلى الله عليه وسلم من جنس ضحكه ، فلم يكن بكاءه بشهيق ولا برفع صوت، كما لم يكن ضحكه بقهقهة، بل كانت عيناه تدمعان حتى تهملا، ويُسمع لصدره أزيز، وكان صلى الله عليه وسلم تارة يبكى رحمة للميت كما دمعت عيناه لموت ولده، وتارة يبكي خوفاً على أمته وشفقة عليها ، وتارة تفيض عيناه من خشية الله ، فقد بكى لما قرأ عليه ابن مسعود رضي الله عنه (سورة النساء ) وانتهى إلى قوله تعالى {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً} [النساء:41].

    وتارة كان يبكي اشتياقاً ومحبة وإجلالاً لعظمة خالقه سبحانه وتعالى.

    وما ذكرناه وأتينا عليه من صفاته صلى الله عليه وسلم غيض من فيض لا يحصره مقال ولا كتاب، وفيما ألمحنا إليه عبرة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً والحمد لله أولاً وأخيرا

    في غَزوة فتح مَكة شرّفها الله عز وجل

    * في غَزوة فتح مَكة شرّفها الله عز وجل :
    - الحمدُ لله الَّذِي خلق كلَّ شَيْء فَقَدَّرَه، وعلِمَ مَوْردَ كلِّ مخلوقٍ ومصْدَرَه، وأثْبَتَ في أمِّ الكتاب ما أرَادَه وسَطَّره، فلا مُؤخرَ لِمَا قدَّمَه، ولا مُقَدِّم لما أخَّرَه، ولا ناصرَ لمَنْ خَذلَهُ ولا خاذِلَ لِمَنْ نَصَره، تفرَّد بالمُلْكِ والبقاءِ، والعزَّةِ والكبرياء، فمَنْ نازَعه ذلك أحْقَرَه، الواحدُ الأحَدُ الربُّ الصَّمَد، فلا شريكَ له فيْمَا أبْدَعَه وفَطَرَه، الحيُّ القَيُّومُ فما أقْومَهَ بشُؤُونِ خلْقِه وأبْصَرَه، العليمُ الخبيرُ فلا يخْفَى عليه ما أسَرَّه العبدُ وأضْمَرَه، أحْمَدُه على ما أوْلَى مِنْ فضلِهِ ويَسَّرَه.

    - وأشْهد أنْ لا إِله إلاَّ الله وحدَه لا شريكَ لَهُ، قَبِلَ تَوْبةَ العاصِي فعفَا عن ذَنْبِه وغَفَرَه، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه الَّذِي أوْضَح به سبيلَ الهدايةِ ونَوَّرَه، وأزال به ظلماتِ الشِّرْكِ وقَتَرَه، وفَتحَ عليه مَكَّةَ فأزَال الأصنامَ مِن الْبَيْتِ وَطَهَّرَه، صلَّى الله عليه وعلى آلِهِ وأصحابِه الكرامِ الْبَرَرَة، وعلى التابعينَ لهم بإحْسَانٍ ما بَلَغَ القَمَرُ بدرَه وسَرَرَه، وسلَّم تسليماً.

    * إخواني:
    كما كان في هذا الشهرِ المباركِ غزوةُ بدْرٍ الَّتِي انتصر فيها الإِسْلامُ وعلا منارُه، كان فيه أيضاً غزوةُ فتْحِ مكةِ البلدِ الأمينِ في السَّنَةِ الثامِنَةِ من الْهِجرَةِ فأنقَذَه الله بهذا الفتحِ العظيمِ مِنَ الشركِ الأثِيم، وصار بلداً إسلامياً حَلَّ فيه التوحيدُ عن الشِّرْكِ، والإِيْمَانُ عن الكُفْرِ، والإِسلامُ عن الاسْتِكْبَار، أعلِنَتْ فيه عبادةُ الواحدِ الْقَهَّار، وكُسِرَتْ فيه أوْثانُ الشركِ فمَالها بعْدَ ذَلِكَ انْجِبَار، وسَبَبُ هذا الفتحِ العظيمِ أنَّه لما تَمَّ الصلْحُ بَيْنَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وبَيْنَ قريشٍ في الحُديْبيّةِ في السَّنَةِ السَّادسةِ كان مَنْ أحَبَّ أنْ يدْخُلَ في عهْدِ النبي صلى الله عليه وسلّم فَعلَ، ومَن أحبَّ أنْ يدخُلَ في عهدِ قريشٍ فَعَلَ، فَدَخَلَتْ خُزَاعَةُ في عهْدِ النبي صلى الله عليه وسلّم ودخلت بنو بكر في عهد قريش، وكان بَيْنَ القبيلتَين دماءٌ في الجاهليَّة فانْتَهَزَتْ بنو بكرٍ هذه الهُدنَةَ فأغَارتْ على خزاعةَ وهم آمِنُون، وأعَانَتْ قريشٌ حُلَفَاءها بَنِي بكرٍ بالرجالِ والسِّلاحِ سِرّاً على خزاعةَ حلفاءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم، فقدِم جماعةٌ منهم إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فأخبروهُ بما صنعت بنو بكر وإعانة قريش لها.



    - أما قريش فسُقِط في أيدِيْهم ورَأوْا أنّهُمْ بِفِعْلِهم هذا نَقَضَوا عَهْدهم، فأرسَلُوا زعيمهم أبَا سُفْيَانُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم لِيَشُدَّ الْعَقْدَ وَيَزِيْدَ في المُدَّة، فَكَلَّمَ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم في ذلك، فلم يَرُدَّ عليه ثم كلَّمَ أبَا بَكْرٍ وعُمَرَ لِيَشْفَعَا له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلم يُفْلِحْ، ثم كَلَّمَ عَلِيَّ بنَ أبي طالبٍ فلم يُفلحْ أيْضاً، فقال له: ما تَرَى يَا أبا الحَسَنِ، قال: ما أرَى شَيْئاً يُغْنِي عنك ولَكنَّك سَيِّدَ بنِي كِنَانَةَ فَقُمْ فأجِرْ بَيْنَ الناس، قال: أتَرَى ذلك مُغْنِياً عني شيئاً، قال: لا والله ولَكِنْ ما أجِدُ لك غَيَره، فَفَعَل أبو سفيانَ، ثم رَجَعَ إلى مكة فقالتْ له قريشُ: ما وَرَاءَكَ؟ قال: أتَيْتُ محمداً فكَلَّمْتُه فوَالله ما رَدَّ عَليَّ شَيْئاً، ثم أتَيْتُ ابن أبي قُحافةَ وابنَ الخطاب فلم أجدُ خيراً، ثم أتيتُ علِيَّاً فأشارَ عَليَّ بشيء صنَعْتُه أجَرْتُ بَينَ النَّاسِ، قالوا: فهل أجاز ذلك مُحمدٌ؟ قال: لا. قالوا: وَيْحَكَ، ما زادَ الرَّجُلُ (يعْنُون عليّاً) أنْ لَعِبَ بك.

    - وأمّا النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فقد أمر أصحابَه بالتَّجَهُّزِ لِلْقتالِ، وأخْبرهم بما يُريد واستَنْفَرَ مَنْ حولَه من القبائلِ وقال: اللَّهُمَّ خُذِ الأخبارِ والْعُيونَ عَنْ قريشٍ حتى نَبْغَتَها في بلادِها، ثم خرَجَ من المدينةِ بنحو عَشَرةِ آلاف مُقَاتِلٍ، وَوَلَّى على المدينةِ عَبْدَالله بنَ أمِّ مَكْتُومٍ ولما كانَ في أثْنَاءِ الطريق لَقِيَهُ في الْجُحْفَةِ عَمُّهُ العَبَّاسُ بأهْلِهِ وعيالِه مهاجراً مُسْلماً، وفي مَكَانٍ يُسَمَّى الأبْواءَ لقيه ابن عَمّه أبو سفيانَ بنُ الحارثِ ابنُ عَبْدِالمُطَّلِبِ وابنُ عَمَّتِهِ عبدُالله بنُ أبي أمَيَّةَ، وكانا من أشَدِّ أعْدائِه فأسْلَمَا فَقَبِل منهما، وقال في أبي سفيانَ: أرجو أنْ يكونَ خَلَفاً مِنْ حَمْزَةَ.

    - ولمَّا بلغ صلى الله عليه وسلّم مكاناً يُسَمَّى مَرَّ الظَّهْرَانِ قريباً مِنْ مكةَ أمَرَ الْجَيْشَ فأوْقَدُوا عَشَرَةَ آلاف نارٍ، وجَعل على الْحرس عُمَرَ بنَ الخطابِ رضيَ الله عنه، وَرَكِبَ العباسُ بَغْلَةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لِيلْتَمِسَ أحَداً يُبَلِّغِ قريشاً لِيَخْرُجوا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فيطلبوا الأمانَ منه ولا يحصُل القتالُ في مكةَ البلدِ الأمينِ، فَبَيْنَمَا هو يَسِيرُ سَمِع كلامَ أبي سفيانَ بن حرب يقول لِبُدَيلِ بن وَرْقَاءَ: ما رأيتُ كاللَيلةِ نِيراناً قطُّ فقال بُديْلٌ: هذه خزاعَةُ، فقال أبو سفيان: خزاعةُ أقل من ذلك وأذلُّ فعرف العباسُ صوت أبي سفيانَ فنَادَاه فقال: مالك أبَا الْفَضْلِ؟ قالَ: هذا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلّم في الناسِ قال: فما الحيلَةُ؟ قالَ العباسُ: ارْكَبْ حَتَّى آتِيَ بك رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم فأسْتأمِنَه لك، فأتى به النبيَّ صلى الله عليه وسلّم فقال: وَيْحَكَ يا أبا سفيانَ أمَا آنَ لكَ أنْ تَعْلَمَ أن لا إِله إلاّ الله؟ فقال: بأبِي أنتَ وأمِّي ما أحْلَمَكَ وأكرَمَك وأوْصَلَكَ لَقَدْ علمْتُ أنْ لَوْ كانَ مع الله غَيْرهُ لأغْنَى عنِّي، قال: أمَا آنَ لك أنْ تَعْلَم أنَّي رسولُ الله؟ فَتَلَكَّأ أبوُ سفيانَ، فقالَ له العباسُ: وَيْحك أسْلِمْ فأسْلَمَ وشَهدَ شهادةَ الحَقِّ.

    - ثم أمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم العباسَ أن يُوْقِفَ أبا سفيانَ بِمَضَيقِ الْوَادي عِنْد خَطْم الْجَبَل حَتَّى يمُرَّ به المسلمون، فَمَرَّتْ به الْقَبَائِلُ على رَايَاتِها ما تَمُرُّ به قَبيلةٌ إلاَّ سَأل عنها العَبَّاسَ فيُخْبِرُهُ فيقولُ: ما لي وَلَهَا حَتَّى أقْبَلَتْ كَتِيبةٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهَا فقال: مَنْ هَذِهِ؟ قال العباسُ: هؤلاءِ الأنْصارُ عليهم سَعدُ بنُ عُبَادَةَ معه الرَّايةُ فلما حاذَاه سُعدٌ قال: أبا سفيان اليومُ يومُ الملحمةِ اليومَ تستحلُّ الكعبة، ثم جاءت كتِيْبَةٌ وهي أقلُّ الكتائبِ وأجَلُّها فيهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم وأصْحَابُه ورَايَتُه مع الزُّبَيرِ بنِ العَوَّامِ، فَلَّما مَرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم بأبي سفيان أخْبَرَه بِمَا قال سعْدٌ فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم: « كَذَبَ سَعْدٌ ولكِنْ هذا يومٌ يُعَظِّمُ الله فيه الْكَعْبةَ ويومٌ تكْسَى فيه الْكَعْبَة ».

    - ثمَّ أمَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم أنْ تُؤْخَذَ الرَّايةُ من سَعْدٍ وتُدفَعَ إلى ابْنِهِ قَيْسٍ ورأى أنَّها لم تَخرُج عن سعْدٍ خروجاً كاملاً إذ صارت إلى ابنِه، ثم مضَى صلى الله عليه وسلّم وأمَرَ أن تُرْكَزَ رايتُه بالْحَجُونِ ثُمَّ دَخَلَ مكةَ فاتحاً مُؤَزَّراً منصوراً قد طأطأ رأسَه تَواضُعاً لله عزَّ وجلَّ حَتَّى إنَّ جبْهَتَه تَكَادُ تَمسُّ رَحْلَه وهو يَقْرأ: { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } [الفتح: 1] ويُرَجِّعُهَا وبعثَ صلى الله عليه وسلّم على إحدى المَجْنَبَتين خالدَ بنَ الْوَلِيدِ وعلى الأخْرَى الزُّبيرَ بنَ العَوَّامِ وقال: مَنْ دَخَلَ المسجد فهو آمِنٌ، ومَنْ دخلَ دارَ أبي سفيانَ فهو آمِنٌ، ومن دخلَ بيْتَه وأغْلَقَ بابَه فهو آمِنٌ، ثم مضى رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم حتى أتى المَسْجِدَ الْحَرَامَ فطافَ به على راحِلَتِهِ وكان حوْلَ البيتِ ستون وثَلثُمائَةِ صَنَم، فَجَعَلَ صلى الله عليه وسلّم يطْعُنُها بقَوْس معه ويُقول: { جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَـطِلُ إِنَّ الْبَـطِلَ كَانَ زَهُوقًا } [الإِسراء: 81] { جَآءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِىءُ الْبَـطِلُ وَمَا يُعِيدُ } [سبأ: 49]،
    والأصنامُ تَتساقَطُ على وجوهِها، ثم دَخَلَ صلى الله عليه وسلّم الكعبة فإذَا فيها صورٌ فأمَرَ بها فَمُحِيَتُ ثم صلَّى فيها فلَّما فرغَ دَارَ فيها وكبَّرَ في نَواحِيْها وَوَحَّدَ الله عزَّ وجلَّ، ثُمَّ وَقَفَ على باب الكعبةِ وقُريشٌ تَحْتَه ينْتَظِرُون ما يَفْعَلُ، فأخذَ بعِضَادَتِي الباب وقال: لا إِله إِلاَّ الله وحدَّه لا شريكَ له، لَهُ المُلْكُ وله الحمدُ وهو على كَلِّ شَيْءٍ قديرٌ، صَدَقَ وَعْدَه ونَصرَ عَبْدَه وهَزمَ الأحزابَ وحْدَه، يا مَعْشَر قُريش إنَّ الله قد أذهَبَ عَنكم نَخَوَةَ الجاهِليَّةِ وتَعَظُّمَها بالآباءِ، الناسُ مِنْ آدمَ وآدمُ من تُرابٍ { يأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَـكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَـكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَـرَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ أَتْقَـكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [الحجرات: 13].

    يا مَعْشرَ قريشٍ، ما تَظُنُّونَ أني فاعِلٌ بكُمْ؟ قالوا: خيراً أخٌ كرِيمٌ، وابنُ أخٍ كريم، قال: فإنِّي أقُول لكم كما قال يوسفُ لإخوَتِه { لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَحِمِينَ } [يوسف: 92] أذْهَبُوا فَأنْتم الطُّلَقَاء.

    - ولما كان اليومُ الثاني من الفتح قام النبيُّ صلى الله عليه وسلّم خطيباً في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله حرم مكة ولم يحرمْها الناس فلا يحلٌ لأمرأ يؤمنُ بالله واليوم الآخر أن يسفكَ بها دماً ولا يعضدَ بها شجرةً، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقولوا: إن الله أذنَ لرسولِه ولم يأذنْ لكم وإنما أذنَ لي فيها ساعةٌ من نهارٍ، وقد عادت حرمتُها اليوم كحرمتِها بالأمس، فَلْيُبَلِّغ الشاهدُ الغائب.

    وكانت الساعةُ التي أُحلِّتْ فيها لرسول الله صلى الله عليه وسلّم من طلوعِ الشمس إلى صلاةِ العصرِ يومَ الفتحِ، ثم أقامَ صلى الله عليه وسلّم تسعةَ عشرَ يوماً بمكةَ يقصرُ الصلاةَ ولم يصمْ بقيةَ الشهرِ لأنه لم ينوِ قطعَ السفرِ.
    أقامَ كذلك لتوطيدِ التوحيدِ ودعائمِ الإِسلام وتثبيتِ الإِيمان ومبايعةِ الناسِ. وفي الصحيح عن مجاشع قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم بأخي بعد الفتح ليبايعَه على الهجرةِ فقال صلى الله عليه وسلّم: ذهبَ أهلُ الهجرةِ بما فيها ولكنْ أبايعَه على الإِسلامِ والإِيمانِ والجهادِ.

    - وبهذا الْفَتـحِ المُبِين تمَّ نصـرُ الله ودخل الناس في دينِ الله أفواجاً، وعادَ بلدُ الله بلداً إسلاميَّاً أعْلِنَ فيه بتَوْحِيْدِ الله وتصديق رسولِه وتحكيم كتابِه، وصارتِ الدولَةُ فيه لِلْمُسْلمينِ، وانْدَحَرَ الشركُ وتَبَدَّدَ ظلامُه، واللهُ أكبرُ وللهِ الْحَمْدُ وَذَلِكَ مِنْ فضلِ الله على عبادِه إلى يوم القيامةِ.

    اللَّهُمَّ أرزُقْنا شُكْرَ هذه النعمةِ العظيمةِ، وحقِّق النِّصر للأمَّةِ الإِسلاميةِ كلَّ وقتٍ في كلِّ مكانٍ، واغفِرْ لنا ولوالِدِينا ولجميع المسلمين برحمتِك يا أرحَمَ الراحمينَ وصلى الله وسلَّم على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِه أجمعين

  7. #7
    التسجيل
    12-06-2005
    المشاركات
    1,096

    رد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

    التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين

    ويعد فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلّم أصحابه السنّة قولا وعملا ويحضّهم على الأخذ بها ، كما قال في حديثه : " عليكم بسنتي "
    وقال : " من رغب عن سنتي فليس مني " وروى عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ .. "رواه مسلم برقم 71 .

    ومن السنن ما يكون واجبا ومنها ما يكون مستحبّا ، والمسلم يقتدي بسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم أيّا كانت ما دامت قد ثبتت ، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم ينشرون سنة النبي صلى الله عليه وسلم بين الخلق ويدعون النّاس إليها .

    وتكبيرات الصلاة بالعدد سنّة
    عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ شَيْخٍ بِمَكَّةَ ( أي الظهر ) فَكَبَّرَ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً فَقُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّهُ أَحْمَقُ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( في كل ركعة خمس تكبيرات مع الإحرام والقيام إلى الثالثة )رواه البخاري برقم 746

    والافتراش في الصلاة سنّة
    عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَتَرَبَّعُ فِي الصَّلاةِ إِذَا جَلَسَ قال : فَفَعَلْتُهُ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ فَنَهَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَقَالَ إِنَّمَا سُنَّةُ الصَّلاةِ أَنْ تَنْصِبَ رِجْلَكَ الْيُمْنَى وَتَثْنِيَ الْيُسْرَى فَقُلْتُ إِنَّكَ تَفْعَلُ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ رِجْلَيَّ لا تَحْمِلانِي "رواه البخاري برقم 784

    وقصر المسافر في البلد الصلاة إذا فاتته المكتوبة مع الإمام سنّة
    عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ الْهُذَلِيِّ قَالَ " سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ كَيْفَ أُصَلِّي إِذَا كُنْتُ بِمَكَّةَ إِذَا لَمْ أُصَلِّ مَعَ الإِمَامِ فَقَالَ رَكْعَتَيْنِ سُنَّةَ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "رواه مسلم برقم 1111

    والتمتع بالعمرة إلى الحجّ سنّة
    حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَمْرَةَ الضُّبَعِيَّ قَالَ " تَمَتَّعْتُ فَنَهَانِي نَاسٌ عَنْ ذَلِكَ فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَمَرَنِي بِهَا قَالَ ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى الْبَيْتِ فَنِمْتُ فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي فَقَالَ عُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ وَحَجٌّ مَبْرُورٌ قَالَ فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي رَأَيْتُ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "رواه مسلم 2183 ورواه البخاري برقم 1465

    وركعتان بعد كل طواف سنّة
    قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ إِنَّ عَطَاءً يَقُولُ تُجْزِئُهُ الْمَكْتُوبَةُ مِنْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فَقَالَ : " السُّنَّةُ أَفْضَلُ لَمْ يَطُفْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبُوعًا قَطُّ إِلاَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ " رواه البخاري باب صلى النبي صلى الله عليه وسلم لسبوعه ركعتين

    وتقصير الخطبة وتعجيل الوقوف بعرفة سنّة
    عَنْ سَالِمٍ قَالَ كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنْ لا يُخَالِفَ ابْنَ عُمَرَ فِي الْحَجِّ فَجَاءَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ فَصَاحَ عِنْدَ سُرَادِقِ الْحَجَّاجِ فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ فَقَالَ مَا لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ الرَّوَاحَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ قَالَ هَذِهِ السَّاعَةَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَنْظِرْنِي حَتَّى أُفِيضَ عَلَى رَأْسِي ثُمَّ أَخْرُجُ فَنَزَلَ حَتَّى خَرَجَ الْحَجَّاجُ فَسَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي فَقُلْتُ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَاقْصُرْ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلْ الْوُقُوفَ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ صَدَقَ "رواه البخاري برقم 1550

    وفي الدّفع من مزدلفة إلى منى عند الإسفار سنة
    عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ : " خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى مَكَّةَ ثُمَّ قَدِمْنَا جَمْعًا فَصَلَّى الصَّلاتَيْنِ كُلَّ صَلاةٍ وَحْدَهَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَالْعَشَاءُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ قَائِلٌ يَقُولُ طَلَعَ الْفَجْرُ وَقَائِلٌ يَقُولُ لَمْ يَطْلُعْ الْفَجْرُ .. ثُمَّ وَقَفَ حَتَّى أَسْفَرَ ثُمَّ قَالَ لَوْ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَفَاضَ الآنَ أَصَابَ السُّنَّةَ فَمَا أَدْرِي أَقَوْلُهُ كَانَ أَسْرَعَ أَمْ دَفْعُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ "رواه البخاري برقم 1571

    وفي تقديم الصلاة على الخطبة في العيد سنّة
    عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ أَوَّلُ مَنْ قَدَّمَ الْخُطْبَةَ قَبْلَ الصَّلاةِ مَرْوَانُ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ لِمَرْوَانَ خَالَفْتَ السُّنَّةَ فَقَالَ يَا فُلانُ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ " مَنْ رَأَى مُنْكَرًا فَلْيُنْكِرْهُ بِيَدِهِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ "قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ 2098

    ونحر الإبل قائمة معقولة اليد اليسرى سنّة
    عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَتَهُ يَنْحَرُهَا قَالَ " ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً سُنَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "رواه البخاري 1598

    وفي الشّرب يقدّم الإناء للأيمن
    عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ قَالَ أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَارِنَا فَاسْتَسْقَى فَحَلَبْنَا لَهُ شَاةً ثُمَّ شُبْتُهُ مِنْ مَاءِ بِئْرِي هَذِهِ قَالَ فَأَعْطَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَسَارِهِ وَعُمَرُ وِجَاهَهُ وَأَعْرَابِيٌّ عَنْ يَمِينِهِ فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شُرْبِهِ قَالَ عُمَرُ هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ يُرِيهِ إِيَّاهُ فَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَعْرَابِيَّ وَتَرَكَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَيْمَنُونَ الأَيْمَنُونَ الأَيْمَنُونَ قَالَ أَنَسٌ فَهِيَ سُنَّةٌ فَهِيَ سُنَّةٌ فَهِيَ سُنَّةٌمتفق عليه وهذا لفظ مسلم 3785

    وفي القسم بين الزوجات سنّة
    عَنْ أَنَسٍ قَالَ : " مِنْ السُّنَّةِ إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَقَسَمَ وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى الْبِكْرِ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاثًا ثُمَّ قَسَمَ .. "رواه البخاري 4813

    وفي الطلاق اتباع السنة
    بَاب قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ أَحْصَيْنَاهُ حَفِظْنَاهُ وَعَدَدْنَاهُ وَطَلاقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ وَيُشْهِدَ شَاهِدَيْنِ صحيح البخاري

    وعند الخروج من الدنيا
    عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أُدْخِلَ الْمَيِّتُ الْقَبْرَ وَقَالَ أَبُو خَالِدٍ مَرَّةً إِذَا وُضِعَ الْمَيِّتُ فِي لَحْدِهِ قَالَ : " مَرَّةً بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَقَالَ مَرَّةً بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم "َقَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ت 967

    والاستئذان ثلاثا قد ثبت في السنّة
    عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ اسْتَأْذَنَ أَبُو مُوسَى عَلَى عُمَرَ فَقَالَ السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ قَالَ عُمَرُ وَاحِدَةٌ ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ قَالَ عُمَرُ ثِنْتَانِ ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً فَقَالَ السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ فَقَالَ عُمَرُ ثَلاثٌ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ عُمَرُ لِلْبَوَّابِ مَا صَنَعَ قَالَ رَجَعَ قَالَ عَلَيَّ بِهِ فَلَمَّا جَاءهُ قَالَ مَا هَذَا الَّذِي صَنَعْتَ قَالَ السُّنَّةُ قَالَ آلسُّنَّةُ .. فَقَالَ عُمَرُ مَا كُنْتُ عَلِمْتُ بِهَذَا .. قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ 2614

    جهر ابن عباس بالفاتحة في الجنازة ليعلّم النّاس السنّة
    عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَى جَنَازَةٍ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ( أي جهر بها في الصلاة ) قَالَ لِيَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ رواه البخاري 1249

    وأنكر الأئمة على من خالف السنن
    وهذا الترمذي رحمه الله نقل في سننه عن بعض أصحاب المذاهب أنه قال : لا تُصَلَّى صَلاةُ الاسْتِسْقَاءِ وَلا آمُرُهُمْ بِتَحْوِيلِ الرِّدَاءِ وَلَكِنْ يَدْعُونَ وَيَرْجِعُونَ بِجُمْلَتِهِمْ قَالَ أَبُو عِيسَى خَالَفَ السُّنَّةَ .

    قال البخاري رحمه الله في صحيحة ... بَاب الاقْتِدَاءِ بِسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


    وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ ثَلاثٌ أُحِبُّهُنَّ لِنَفْسِي وَلإِخْوَانِي هَذِهِ السُّنَّةُ أَنْ يَتَعَلَّمُوهَا وَيَسْأَلُوا عَنْهَا وَالْقُرْآنُ أَنْ يَتَفَهَّمُوهُ وَيَسْأَلُوا عَنْهُ وَيَدَعُوا النَّاسَ إِلا مِنْ خَيْرٍ "رواه البخاري كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة


    ألا فليتقّ الله أناس يهوّنون من شأن السنن ويقولون : قشور وليست بمهمة ويخالفونها عمدا يريدون إثبات اعتدالهم وتوسطهم زعموا ‍‍‍‍‍‍خابوا وخسروا بل سنّة نبينا صلى الله عليه وسلم أحبّ إلينا .

    وحتى لو كانت السنّة الواردة من السنن المستحبّة لا الواجبة افا ليس فيها أجرا لنا إن قمنا بها وهل حسناتنا يا تُرى من الكثرة بحيث لم نِعُد نحتاج إلى المزيد .

    فاحرصوا أيها الإخوة والأخوات رحمني الله وإياكم على العمل بكلّ سنة ثابتة علمتموها عن نبيكم صلى الله عليه وسلم ولا تفرّطوا بها فإنّها تنفعكم يوم لا ينفع مال ولا بنون ، و الزموا السنة وعلّموها أبناءكم وأحيوها في أوساط من جهلها لتكونوا أسعد الناس بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم .

    اللهم ارزقنا إتباع السنّة وأحينا على السنّة وأمتنا على السنّة وصلى الله على نبينا محمد .

  8. #8
    التسجيل
    12-06-2005
    المشاركات
    1,096

    رد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

    إحياء السنن النبوية

    أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتبع السنة المحمدية في جميع أقوالنا وأفعالنا وعقائدنا، فإن لم نعرف لذلك الأمر دليلا من الكتاب والسنة أو الإجماع أو القياس توقفنا عن العمل به ، ثم ننظر فإن كان ذلك الأمر قد استحسنه بعض العلماء استأذنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ثم فعلناه أدباً مع ذلك العالم ، وذلك كله خوف الابتداع في الشريعة المطهرة فنكون من جملة الأئمة المضلين ..

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أحيا سنتي عند فساد أمتي فله أجر شهيد )

    وفي رواية للبيهقي ( من تمسك بسنتي عند فساد أمتي فله أجر مائة شهيد ) ، وفي رواية : (( سبعين شهيد )) ..

    وروى ابن ماجه والترمذي مرفوعاً وقال حديث حسن : ( من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي كان له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص ذلك من أجورهم شيء، ومن ابتدع بدعة ضلالة لا يرضاها الله ورسوله كان عليه مثل آثام من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيء)
    ومعنى لا يرضاها الله ورسوله: أي لا يشهد لها كتاب ولا سنة بالصحة..

    فهنيئاً لمن يحي سنة الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه ، وهيا بنا نبدأ حملة إحياء السنن النبوية المطهرة .. وبإذن الله سوف نقوم بوضع كل سنة مع أدلتها المتفق عليها وفضلها وفوائدها وما فيها من إعجاز اكتشفه العلم الحديث ..
    ولنأخذ بأيدي بعضنا البعض لتنفيذها .. فلنتعاون على جمعها معاً على جمعها ..

    وصلى الله على سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً

    الســــــواك

    1- إحياء السنن النبوية (( الســــــواك ))



    إن ما توصل إليه الباحثون بتقنيات العلم الحديث ، فيما يتعلق بالسواك وفوائده ، قد جاء متأخرا بأكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان ، عما توصل إليه النبي الأمي سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الذي قال عنه رب العزة : (( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى)) (لنجم:3) ، (( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ )) (الحشر: من الآية7) ...

    فماذا عسانا أن نعرف عن السواك ؟ وماهي مكانته في السنة النبوية الشريفة ؟ وماذا عن التجارب والأبحاث الحديثة ، التي أثبتت فاعليته ؟ ...

    شجرة الآراك :
    إن أعواد السواك ، هي الحصاد الثمين لشجرة شبه استوائية ، تنتمي إلى الفصيلة السلفادورية .. تدعى " الآراك " ، وهي شجرة دائمة الخضرة ، تزرع في مناطق أبها وعسير وجيزان بالمملكة العربية السعودية ، وفي اليمن ، وبلاد الشام ، وإيران ، وشرق الهند ومناطق متفرقة في القارة الأفريقية ، خاصة إقليم وادي النيل ..
    وهي في شكلها العام تشبه إلى حد كبير شجرة الرمان ، أطرافها مغزلية ، وأوراقها ذات أسطح ناعمة ناصعة الإخضرار . تزهر ربيعياً ، وتكون زهورها صفراء اللون ، بها اخضرار بسيط . ومنها تخرج ثمار صغيرة ، بحجم حبات الحمص ، ذات طعم جيد ، وتدخل في بعض الصناعات الطبية . .

    والسواك
    يؤخذ عادة من الجذور ، التي تكون قد أكملت في التربة مدة نمو تتراوح بين عامين وثلاثة أعوام . وإن كان البعض يقطعون الأفرع الصغيرة ويجعلونها أعواداً لتسويك الأسنان ، إلا أنه ثبت علمياً أن الأفرع أقل في احتوائها للمواد الفعالة من الجذور .

    طريقة استخراج السواك :
    يتميز السواك برائحته الطيبة ، وطعمه المحبب ، يتم حفظه بعد تجفيفه ، في أماكن رطبة . وقبل الإستعمال يمكن نقع طرفه في الماء لبعض الوقت ، ثم إخراجه والدق عليه دقاً بسيطاً حتى تقع قشرته الخارجية وتظهرالألياف . عندئذ يكون جاهزاً للاستعمال في تنظيف الفم ، كأفضل معجون وفرشاة في العالم ، لكونه يحتوي على مواد فعالة مطهرة ، ومانحة الوقاية والمناعة الطبيعية للثة والأسنان .

    وقت استخدامه :
    ويتأكد استخدام السواك قبل الوضوء .. والصلاة .. قبل النوم وبعده .. عند تغير الفم ويسن كذلك عند قراءة القرآن والذكر .. والخروج من المنزل والدخول إليه ..

    مكانة السواك في السنة النبوية :
    للسواك مكانة مرموقة في سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فقد ورد بشأن السواك عشرات الأحاديث .. فعند كل صلاة ، كان صلى الله عليه وسلم يتسوك ويحث أصحابه على التسوك فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " وفي رواية ( عند كل صلاة مع الوضوء ) رواه البخاري ومسلم والنسائي .. وعن المقداد بن شريح عن أبيه قال : " سألنا عائشة رضي الله عنها : بأي شيء كان النبي يبدأ إذا دخل بيته ، قالت : بالسواك " صحيح مسلم . وفي حديث آخر : ( لقد أ ُمرتُ بالسواك حتى خشيت أن أدْرَد ) أخرجه البزار .

    (( الدْرَد :- سقوط الأسنان ))

    وكان يقول لأصحابه : (( لقد أكثرت عليكم في السواك )) رواه البخاري ..

    آخر ما فعله النبي قبل وفاته :
    ويكفي في ذلك أنه كان أخر شيء فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أستاك وهو في حجر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ..

    متى يستاك رسول الله ؟
    وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من استعمال السواك وهو صائم . عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه ، قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مالا أحصى يستاك وهو صائم " رواه ابن خزيمة وكان يتسوك كثيراً في ليله ، ففي الصحيحين عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك " .
    وكان صلى الله عليه وسلم يتسوك قبل أكله وبعد أن يفرغ من الأكل . وليس ثمة مبالغة إذا قلنا بأن السواك لم يكن يفارق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أينما ذهب وقد احتذى حذوه واتبع سنته صحابته رضوان الله عليهم جميعاً .

    كاد أن يكون السواك أمراً !!
    لقد كان الصحابة يظنون بأن رب العزة جل وعلا ، سوف ينزل في السواك أمراً ، لكثرة ما كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يحثهم على استعماله عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكثرت عليكم بالسواك " رواه البخاري في صحيحه ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد أمرت بالسواك حتى ظننت أنه سينزل به علي قرآن أو وحي " ، أخرجه لإمام أحمد في مسنده .

    الحكمة من السواك :
    عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " السواك مطهرة للفم ، مرضاة للرب " .

    فوائد في السواك :
    قال ابن دقيق العيد : الحكمة في استحباب السواك عند القيام إلى الصلاة كونها حال تقرب إلى الله , فاقتضى أن تكون حال كمال ونظافة إظهارا لشرف العبادة , وقد ورد من حديث علي عند البزار ما يدل على أنه لأمر يتعلق بالملك الذي يستمع القرآن من المصلي , فلا يزال يدنو منه حتى يضع فاه على فيه , لكنه لا ينافي ما تقدم . وأما حديث أنس فرجال إسناده بصريون ..

    ومن فوائده أيضاً :
    أنه مسخطة للشيطان ، يذكر الشهادة عند الوفاة ، يقوي اللثة ويطهر المعدة ويقوي الذاكرة ويطرد الشيطان .. وقال ابن القيم : أنه يقطع البلغم ويجلو البصر يذهب بالحفر ويصفي الصوت ويعين على هضم الطعام ويسهل مخارج الكلام و ينشط للقراءة والذكر والصلاة يطرد النوم يعجب الملائكة يكثر الحسنات .
    وفوائد أيضاً :
    أنه يطهر الفم ويرضي الرب ويبيض الأسنان ويطيب النكهة ويسوي الظهر ويبطىء الشيب ويصفي الخلقة ويزكي الفطنة ويضاعف الأجر ويسهل النزع ويذكر الشهادة والموت وإدامته : تورث السعة والغنى وتيسر الرزق وتطيب الفم وتسكن الصداع وتذهب جميع ما في الرأس من الأذى وتقوي الأسنان وتزيد في الحسنات وتفرح الملائكة وتصافحه لنور وجهه وتشيعه إذا خرج للصلاة ويعطى الكتاب باليمين وتذهب الجذام وتنمي المال والأولاد وتؤانس الإنسان في قبره ويأتيه ملك الموت عليه السلام وقبض روحه في صورة حسنة

    كيفية السواك :
    يكون في عرض الأسنان لخبر :" إذا استكتم فاستاكوا عرضاً " ، ويجزيء طولا لكنه يكره وكيفية الاستياك المسنون : أن يبدأ بجانب فمه الأيمن فيستوعبه باستعمال السواك في الأسنان العليا ظهرا وبطنا إلى الوسط ثم السفلى كذلك ثم الأيسر كذلك ثم يمره على سقف حلقه إمرارا لطيفاً ..
    ويسن أن يكون ذلك باليد اليمنى وأن يجعل الخنصر من أسفله والبنصر والوسطى والسبابة فوقه والإبهام أسفل رأسه ثم يضعه بعد أن يستاك خلف أذنه اليسرى لخبر فيه واقتداء بالصحابة ، واستحب بعضهم أن يقول في أوله : " اللهم وعثمان به أسناني وشد به لثاتي وثبت به لهاتي وبارك لي فيه يا أرحم الراحمين " .

    أحكام السواك :
    (1) - الوجوب فيما إذا توقف عليه زوال النجاسة أو ريح كريه في نحو جمعة .
    (2) - الحرمة فيما إذا استعمل سواك غيره بغير إذنه ولم يعلم رضاه .
    (3) - والكراهة للصائم بعد الزوال وفيما إذا استعمله طولا اللسان .
    (4) - والندب في كل حال . ولا تعتريه الإباحة لأن القاعدة أن ما كان أصله الندب لا تأتي الإباحة فيه .

    صفة السواك :
    السواك المقصود به اي آلة خشنة يمكن دلك الأسنان بها ، فيمكن لك اذا لم تجد عود الأراك ان تستخدم منديلا او ثوبك .. وأفضل أنواع السوك المسنون : غصن الأراك ، جذر الأراك اليابس المندّى بالماء ثم الرطب ، ثم سعف النخل ، ثم الزيتون ثم كل ذي ريح طيب ثم غيره من بقية العيدان ، ويكره الاستياك بالريحان لما قيل أنه يورث الجذام ..
    وأفضل الأراك المندى بالماء ثم المندى بماء الورد ثم المندى بالريق ثم المندى ثم الرَطب بفتح الراء وسكون الطاء وبعضهم يقدم الرطب على اليابس ..
    وأما حجم السواك فلا يزيد طوله على شبر لقول أن الشيطان يركب على الزائد منه ، ولا ينقص على أربعة أصابع ، وأما عرضه فيكون متوسط ليس بالدقيق ولا بالعريض جداً الذي يجرح اللثة أي تقريباًَ بحجم الاصبع النحيل ..

    طريقة بسيطة لحفظ السواك لمدة أطول :
    يمكن وضع مجموعة من السواك - وخاصة الجديد منها الأخضر - كل 10 حبات مثلاً في ورق الألمنيوم ويلف جيداً ويحفظ في كيس ويضع في الفريزر ، وكلما احتجت منها أخرج منها ثم أعيده إلى الفريزر ، فيبقى السواك جديد حتى لو طالت المدة ولو أكثر من سنتين ..

    السواك على مائدة البحث العلمي :
    بعد أربعة عشر قرناً من الزمان بدأت أسرار السواك ، ومكامن مواده الفعالة ، تكتشف على موائد البحث العلمي وكان الباحثون العرب و المسلمين قد قطعوا في عمليات البحث شوطاً كبيراً ، ونجحوا في التعرف إلى ما يزيد عن عشرين عنصراً فعالاً في السواك .
    ففي عام 1406 هـ (1986م) ، وبقسم الصيدلانيات بكلية الصيدلة ، جامعة الملك سعود في الرياض ، عكف فريق بحثي برئاسة كل من د. عاطف محمد شبل ، و د. يوسف عز الدين حمودة ، على تحليل مكونات جذور شجرة الآراك ودراستها ، بغرض معرفة مدى تأثيرها على نمو أنواع البكتيريا التي توجد داخل الفم ، والتي تصيب الأسنان بالتسوس والنخر ، ومدى تأثيرها في حماية أسطح الأسنان من الإذابة ، عند تعرها إلى وسط حامضي ناتج عن تخمير البكتيريا لبقايا الأطعمة الكربوهيدراتية ، وبعد عدة أشهر من التحليل والدراسة ..

    نتائج البحث :
    فقد أثبت أن المواد الفعالة التي تحتويها جذور شجرة الآراك ، تعطي الأسنان مناعة طبيعية ضد التسوس والنخر ، بالقضاء على الطفيليات والبكتيريا المسببة لهما . وأن هذه المواد لها قدرة عجيبة على حماية أسطح الأسنان من التأثيرات الحامضية وفي تجربة حديثة ، أجريت على خمسة وعشرين مريضاً ، في كلية طب الأسنان بنفس الجامعة ثبت أن أعواد السواك تتفوق على جميع وسائل تنظيف الأسنان الأخرى ، كالفرشاة وحيدة الحزمة ، والفرشاة البينية ، والخيط السني ..

    ويعتبر السواك أفضل علاج وقائي لتسوس أسنان الأطفال لاحتوائه لمادة الفلورايد ، يزيل الصبغ والبقع لاحتوائه لمادة الكلور ، تبيض الأسنان لاحتوائه لمادة السيلكا ، ويحمي الأسنان من البكتريا المسببة للتسوس لاحتوائه لمادة الكبريت والمادة القلوانية ، يفيد في التأم الجروح وشقوق اللثة وعلى نموها نمواًً سليماًً لاحتوائه لمادة تراي مثيل أمين (Trimethylamina) وفيتامين ( ج ) ، أفضل علاج لترك التدخين ..

    ويقول عالم ألماني : قرأت عن السواك الذي يستعمله العرب كفرشاةٍ للأسنان في كتابٍ لرحَّالةٍ زار البلاد العربية ، وعرض الكاتب الأمر بأسلوبٍ ساخرٍ لاذعٍ ، اتخذه دليلاً على تأخُّر هؤلاء الناس ، الذين ينظفون أسنانهم بقطعةٍ من الخشب في القرن العشرين ..

    ولكني أخذت المسألة من وجهة نظرٍ أخرى ، وفكَّرت لماذا لا يكون وراء هذه القطعة من الخشب والتي أسميتها فرشاة الأسنان العربية حقيقةً علمية ؟؟ وتمنّيت لو استطعت إجراء التجارب عليها ، ثم سافر زميلٌ لي إلى السودان ، وعاد ومعه مجموعةٌ منها وفوراً بدأت إجراء تجاربي عليها ، سحقتها ، وبللتها ، ووضعت المسحوق المبلل ، على مزارع الجراثيم ، فظهرت لي المفاجأة التي لم أكن أتوقعها حيث ظهرت على مزارع الجراثيم ، الآثار نفسها التي يؤثِّر بها البنسلين .. البنسلين مادةٌ فعالة في قتل الجراثيم ...

    فسبحان الله العظيم ..



    التثاؤب والعطاس

    2- إحياء السنن النبوية (( التثاؤب والعطاس ))



    عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن الله يحب العُطاس و يكره التثاؤب ، فإذا عطس فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يشمِّته ، و أما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فليردّه ما استطاع ، فإذا قال : ها ، ضحك منه الشيطان. صحيح البخاري ..
    قال الخطابي : معنى المحبة و الكراهة فيهما منصرف إلى سببهما ، و ذلك أن العُطاس يكون من خِفَّة البدن وانفتاح المسامّ وعدم الغاية في الشبع ، و هو بخلاف التثاؤب فإنه يكون من علَّة امتلاء البدن و ثقله من ما يكون ناشئاً عن كثرة الأكل و التخليط فيه ، والأول يستدعي النشاط للعبادة و الثاني على عكسه ..

    تشميت العاطس :
    وبيَّن النبي صلى الله عليه و سلم كيف يُشَمَّت العاطس في الحديث الشريف الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله ، و ليقل له أخوه أو صاحبه : يرحمك الله ، فإذا قال له يرحمك الله فليقل : يهديكم الله و يصلح بالكم " صحيح البخاري ..

    في العلم الحديث :
    والأطباء في العصر الحاضر يقولون :
    التثاؤب دليل على حاجة الدماغ و الجسم إلى الأوكسجين و الغذاء ، و على تقصير جهاز التنفس في تقديم ما يحتاجه الدماغ و الجسم من الأوكسجين ، و هذا ما يحدث عند النعاس و الإغماء و قبيل الوفاة .

    تعريف التثاؤب :
    هو شهيق عميق يجري عن طريق الفم ، وليس الفم بالطريق الطبيعي للشهيق لأنه ليس مجهزاً بجهاز لتصفية الهواء كما هو في الأنف ، فإذا بقي الفم مفتوحاً أثناء التثاؤب تسرَّب مع هواء الشهيق إلى داخل الجسم مختلف أنواع الجراثيم و الغبار و الهَبَاء و الهَوام ، لذلك جاء الهَدي النبوي الكريم برد التثاؤب على قدر الاستطاعة ، أو سد الفم براحة اليد اليمنى أو بظهر اليسرى .

    تعريف العُطاس :
    عكس التثاؤب ، فهو قوي ومفاجئ يخرج معه الهواء بقوة من الرئتين عن طريقي الأنف والفم ، فيجرف معه ما في طريقه من الغبار و الهباء و الهوام و الجراثيم التي تسربت إلى جهاز التنفس لذلك كان من الطبيعي أن يكون العطاس من الرحمن لأن فيه فائدة للجسم ، وأن يكون التثاؤب من الشيطان لأن فيه ضرراً للجسم ، و حق على المرء أن يحمد الله سبحانه و تعالى على العُطاس ، و أن يستعيذ به من الشيطان الرجيم في حالة التثاؤب ..
    __________________________

    المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم .



    البسملة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    3- إحياء السنن النبوية (( البسملة ))



    متى تُقال ؟

    يسن قول البسملة قبل الوضوء والطعام والشراب لما ذُكر في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لربيبه عمر بن أبي سلمة: « قل بسم الله وكل بيمينك وكل مما يليك» .

    والدخول والخروج من المسجد أو المنزل .

    وتستحب في أول الوضوء لما جاء في مسند الإمام أحمد والسنن من رواية أبي هريرة وسعيد بن زيد وأبي سعيد مرفوعاً « لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه » .

    وعند كل أمر ذي بال لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : « كل أمر لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أجذم » .

    وتستحب قولها عند الجماع لما في الصحيحين عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبداً» .

    وتستحب عند الذبيحة في مذهب الشافعي وأوجبها آخرون عند الذكر ومطلقاً إلا عند الدخول إلى الخلاء ..

    معاني بسم الله :
    وتعنى - ضمن معان عديدة - أن هذا العمل تفعله لا بسلطتك و لا بقويك و إنما باسمه سبحانه وتعالى وبسلطته و بحوله و قوته مرضاة له وتنفيذا لأمره .. باسم إلهي وربي .. باسم مليكي وخالقي .. بسم الله أفعلُ كذا.. وأقولُ كذا..

    البسملة كلمة عظيمة افتتح الله بها خطابه لخلقه .. وفي هذا سر عظيم .. وقد قال سيدنا علي كرم الله وجهه لو أردت اتكلم على الباء منها لأوقرت ألف بعير .. فلو كنا نتعامل مع مخلوقات الله باسم خالقها فتكون بذلك منسجمة ومتأدبة ..

    قال الإمام العالم الحبر العابد أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم رحمه الله في تفسيره : عن ابن عباس أن عثمان بن عفان سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ } ؟ فقال: « هو اسم من أسماء الله وما بينه وبين اسم الله الأكبر إلا كما بين سواد العينين وبياضهما من القرب» ..

    وقد روى الحافظ بن مردويه عن أبي سعيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن عيسى بن مريم عليه السلام أسلمته أمه إلى الكتّاب ليعلمه ، فقال له المعلم: اكتب فقال، ما أكتب ؟ قال بسم الله، قال له عيسى : وما بسم الله ؟ قال المعلم: ما أدري ، قال له عيسى : الباء بهاء الله، والسين سناؤه، والميم مملكته ، والله إله الآلهة ، والرحمن رحمن الدنيا والآخرة ، والرحيم رحيم الآخرة » ..
    وقال ابن جرير غريب جداً ، وقد يكون صحيحاً إلى من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد يكون من الإسرائيليات لا من المرفوعات والله أعلم ..

    فوائد بسم الله :
    وقد روى جويبر عن الضحاك نحوه من قبله عن ابن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « أنزلت علي آية لم تنزل على نبي غير سليمان بن دواد وغيري وهي {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ }، وروي بإسناده عن جابر بن عبد الله قال: لما نزل {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ } هرب الغيم إلى المشرق وسكنت الرياح ، وهاج البحر وأصغت البهائم بآذانها، ورجمت الشياطين من السماء، وحلف الله تعالى بعزته وجلاله أن لا يسمى اسمه على شيء إلا بارك فيه ..
    وقال وكيع عن الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود قال: من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرا {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـن الرَّحِيمِ } فيجعل الله له من كل حرف منها جنة من كل واحد. ذكره ابن عطية والقرطبي ووجهه ابن عطية ونصره بحديث « لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها » لقول الرجل ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، من أجل أنها بضعة وثلاثون حرفاً وغير ذلك ..
    وقال الإمام أحمد بن حنبل في مسنده: عن أبا تميمة يحدث عن رديف النبي صلى الله عليه وسلم قال عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم فقلت : تعس الشيطان فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تقل تعس الشيطان، فإنك إذا قلت تعس الشيطان تعاظم وقال بقوتي صرعته ، وإذا قلت باسم الله تصاغر حتى يصير مثل الذباب » ...
    عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى ، فأن نسي ان يذكر اسم الله تعالى في اوله ، فل يقل : بسم الله اوله وآخره )) رواه ابوداؤد والترمذي ..
    وعن أمية بن مخشي الصحابي رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ، ورجل يأكل فلم يسمي الله حتى لم يبقى من طعامة إلا لقمة . فلما رفعها إلى فيه ، قال : بسم الله في اوله وآخره ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : (( ما زال الشيطان يأكل معه ، فلما ذكر اسم الله استقاء ما في بطنه )) رواه أبو داؤد والنسائي ..
    وعن جابر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( اذا دخل الرجل بيته ، فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه ، قال الشيطان لأصحابه : لا مبيت لكم ولا عشاء ، واذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله ، قال الشيطان : ادركتم المبيت ، واذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه ، قال : ادركتم المبيت والعشاء )) رواه مسلم ..

    فوائد في البسملة من تفسير الفخر الرازي
    (1) - أن المقصود من بسم الله هو تنبيه العبد على أنه أول ما شرع في العمل كان مدار أمره على التسهيل والتخفيف والمسامحة ، فكأنه تعالى في أول كلمة ذكرها لك جعلها دليلاً على الصفح والإحسان ..
    (2) - روي أن فرعون قبل أن يدعي الإلهية بنى قصراً وأمر أن يكتب بسم الله على بابه الخارج ، فلما ادعى الإلهية وأرسل إليه موسى عليه السلام ودعاه فلم ير به أثر الرشد قال : إلهي كم أدعوه ولا أرى به خيراً ، فقال تعالى : " يا موسى ، لعلك تريد إهلاكه ، أنت تنظر إلى كفره وأنا أنظر إلى ما كتبه على بابه " .. والنكتة أن من كتب هذه الكلمة على بابه الخارج صار آمناً من الهلاك وإن كان كافراً ، فالذي كتبه على سويداء قلبه من أول عمره إلى آخره كيف يكون حاله ؟؟
    (3) - أن ذكر لفظ ( الله ) إشارة إلى القهر والقدرة و العلو ، ثم ذكر عقيبه الرحمن الرحيم ، وذلك يدل على أن رحمته أكثر وأكمل من قهره ..
    (4) - أن نوحاً عليه السلام لما ركب السفينة قال : ( بسم الله مجراها ومرساها ) فوجد النجاة بنصف هذه الكلمة ، فمن واظب على هذه الكلمة طول عمره كيف يبقى محروماً عن النجاة ؟ ..
    (5) - وأن سليمان عليه السلام نال مملكة الدنيا والآخرة بقوله : ( إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ) فالمرجو أن العبد إذا قاله فاز بملك الدنيا والآخرة .

    (6) - وقال صلى الله عليه وسلم : (( من رفع قرطاساً من الأرض فيه " بسم الله الرحمن الرحيم " إجلالاً له تعالى كتب عند الله من الصديقين ، وخفف عن والديه وإن كانا مشركين )) ..
    (7) - كتب قيصر إلى عمر رضي الله عنه أن بي صداعاً لا يسكن فابعث لي دواء ، فبعث إليه عمر قلنسوة فكان إذا وضعها على رأسه يسكن صداعه ، وإذا رفعها عن رأسه عاوده الصداع ، ففتش القلنسوة فإذا فيها كاغد مكتوب فيه : بسم الله الرحمن الرحيم .

    (8) - قال صلى الله عليه وسلم : (( من توضأ ولم يذكر اسم الله تعالى كان طهوراً لتلك الأعضاء ، ومن توضأ وذكر اسم الله تعالى طان طهوراً لجميع بدنه )) .. فإذا كان الذكر على الوضوء طهوراً لكل البدن فذكره عن صميم القلب أولى أن يكون طهوراً للقلب عن الكفر والبدعة ..
    (9) - مر عيسى بن مريم عليه السلام على قبر فرأى ملائكة العذاب يعذبون ميتاً ، فلما انصرف من حاجته مر على القبر فرأى ملائكة الرحمة معهم أطباق من نور ، فتعجب من ذلك ، فصلى ودعا الله تعالى فأوحى الله تعالى إليه : يا عيسى ، كان هذا العبد عاصياً ومذ مات كان محبوساً في عذابي ، وكان قد ترك امرأة حبلى فولدت ولداً وربته حتى كبر ، فسلمته إلى الكتّاب فلقنه المعلم ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ، فاستحييت من عبدي أن أعذبه بناري في بطن الأرض وولده يذكر اسمي على وجه الأرض ..
    (10) - طلب بعضهم آية من خالد بن الوليد فقال : إنك تدعي الإسلام فأرنا آية لنسلم ، فقال : ائتوني بطاس من السم ، فأخذه بيده وقال : بسم الله الرحمن الرحيم ، وأكل الكل وقام سالماً بإذن الله تعالى ، فقال المجوس : هذا دين حق ...
    (11) - سئلت عمرة الفرغانية - وكانت من كبار العارفات - ما الحكمة في أن الجنب والحائض منهيان عن قراءة القرآن دون التسمية ؟ فقالت : لأن التسمية ذكر اسم الحبيب ، والحبيب لا يمنع من ذكر الحبيب ..
    (12) - وقيل " بسم الله الرحمن الرحيم " تسعة عشر حرفاً ،
    وفيها فائدتان
    إحداهما : أن الزبانية تسعة عشر ، فالله تعالى يدفع بأسهم بهذه الحروف التسعة عشر ..
    الثانية : خلق الله تعالى الليل والنهار أربعة وعشرين ساعة ، ثم فرض خمس صلوات في خمس ساعات ، فهذه الحروف التسعة عشر تقع كفارات للذنوب التي تقع في تلك الساعات التسعة عشر ..
    (13) - لما كانت سورة التوبة مشتملة بالقتال لم يكتب في أولها ( بسم الله الرحمن الرحيم ) وأيضاً السنة أن يقال عند الذبح ( بسم الله .. الله أكبر ) ولا يقال ( بسم الله الرحمن الرحيم ) لأن وقت القتال والقتل لا يليق به ذكر الرحمن الرحيم ، فلما وفقك لذكر هذه الكلمة في كل يوم سبع عشرة مرة في الصلوات المفروضة ، دل ذلك على أن ما خلقك للقتل والعذاب ، وإنما خلقك للرحمة والفضل والإحسان ..


    وأما البسملة في العلم الحديث :

    جمال بلورات المــاء :
    فقد ذكر طبيب معالج بالطب البديل من سوريا أن أستاذا في علم الجزيئات المكونه للأجسام قال : أنه عند ذكر البسملة على الكوب المملوء بالماء فإن بلورات الماء تتشكل في أروع وأجمل أشكالها وتعطي طاقة إيجابيه .. نورانية ، وعندما يذكر أي كلام بذيء تتشكل مجموعات بشعة الشكل تحوي طاقه سالبة .. غير نافعه بل قد تكون مضرة ، فسبحان الخالق الباريء ، فانظر لإستجابة كل شيء وصلاح حاله بذكر الله عز وجل : (( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ )) (المدثر: من الآية31) ..

    علاج مرض الاكتئاب :
    كذلك لقد اتخذ الأطباء من بسم الله الرحمن الرحيم وصفة لعلاج مرض الاكتئاب النفسي وذلك بإرشادهم بالتنفس بعمق إلى أن يشعر أن الهواء الذى دخل إلى الجسم قد وصل إلى أعماق الجسم فتتم عملية الشهيق من الأنف والزفير يتم خروجه من الفم وخلال عملية الشهيق نذكر البسملة الشريفة بسم الله الرحمن الرحيم وقد أثبتت التجربة أن لهده العملية نتائج طيبة لعلاج الكثير من الحالات النفسية ولهذه العملية تأثير على الأرواح الخبيثة ..

    تحليـــل العلم الحديث :
    وقد حلل أحدهم فكرة العلاج بالبسملة بذكره أن ما ورد في السنة الشريفة من أن الشيطان يجرى فى الإنسان مجرى الدم وأن الإنسان إن لم يذكر التسمية فإن الشيطان يشارك الإنسان فى طعامه وشرابه وحتى فى سكنه و تقل البركة فى الطعام ومن خلال العلاج بالطاقة يعتبر أن التنفس أيضاً طاقة والجسم يستطيع أن يعيش إلى ساعات طويلة بدون غذاء ولكن لا يستطيع أن يعيش لدقائق بدون تنفس وبما أن الشيطان يشارك الانسان فى طعامه حتما يشاركه فى تنفسه وكما أظهر العلم أن من وظائف الدم ايصال الاكسجين إلى خلايا الجسد إذا التسمية الشريفة تحرم الشيطان من أن يستفيد من الغذاء إذ سوف تحرمه أيضاً من الاستفادة من الاكسجين لأنه تم تحصينه بذكر الله وكما ذكرنا يمكن العيش بدون غذاء إلى ساعات طويلة ولكن لا يمكن العيش بدون هواء ..

    فلا تنسى أن تذكر بسم الله الرحمن الرحيم في كل أمر تبدأ به ...

    آداب المساجـــــد

    4- إحياء السنن النبوية (( آداب المساجـــــد ))



    احتـــرام المسجــــد :
    أن نكرم المساجد ولا نقضي الحاجة قريبا من أبوابها في غير الأمكنة المعدة لذلك تعظيما وإجلالا لله تعالى ، وهذا العهد يخل به كثير من الناس الذين حوانيتهم قريبة من أبواب المساجد فيتكلفون دخول المساجد إن كانت مطهرته يدخل إلى مجازها منه لأجل خلع نعالهم إذا دخلوا المسجد أو لكونها دورة عليهم، ونحو ذلك وهذا الفعل من أقبح ما يكون، وليتأمل أحدهم إذا أراد أن يدخل قصر السلطان لا يقدر يبول قط على باب قصره هيبة للسلطان وخوفا من خدامه، فالله تعالى أحق بذلك.

    مما نهينا عنه في المسجد تشبيك الأصابع وعن تقليب الحصى ، وعدم زخرفة المساجد بالرخام الملون الرقيق وطلي سقفها بالذهب والألوان المعروفة ..

    أحب البقاع إلى الله :
    روى الإمام أحمد والحاكم وقال صحيح الإسناد: ( أن رجلا قال : يا رسول الله أي البلدان أحب إلى الله وأي البلدان أبغض إلى الله تعالى ، فقال : " لا أدري حتى أسأل جبريل ، فأتاه فأخبره جبريل أن أحب البقاع إلى الله المساجد وأبغض البقاع إلى الله الأسواق ). وفي رواية ” فقال جبريل لا أدري حتى أسأل ميكائيل” فذكره ..

    كثرة التردد إلى المساجـــد :
    روى الترمذي واللفظ له وقال حديث حسن والحاكم وقال صحيح الإسناد مرفوعاً : (( إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان )) ..
    وروى ابن أبي شيبا وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما وغيرهم مرفوعا: ( ما توطن رجل المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله إليه كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم )..

    الاهتمـــام بنظافــة المسجد :
    روى الشيخان: (( أنّ امرأةً سوداء كانت تقم المسجد أي تكنسه، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنها بعد أيام فقيل له إنها ماتت فقال: فهلاّ آذنتموني فأتى قبرها فصلى عليها )).. وفي رواية لابن ماجه: ( أنها كانت تلتقط الخرق والعيدان من المسجد )..
    وروى ابن ماجه والطبراني مرفوعاً: (جنبوا مساجدكم، صبيانكم ومجانينكم، وشراءكم وبيعكم، وخصوماتكم، ورفع أصواتكم، وإقامة حدودكم، وسل سيوفكم، واتخذوا على أبوابها المطاهر وجمّروها في الجمع ). ومعنى جمروها أي بخروها..
    فاجتهد أخي المسلم في أن تحمل الأذى إن وجدته في المسجد ، وتمتنع عن رمي الأذى في المسجد ، وإن استطعت أن تعطره بشئ من البخور والعود فهذا حسن لما كانت تفعله المرأة السوداء في رواية أخرى ، ولو أنك دخلت قصر الملك وحصل منك قذر فيه لم تصبر ساعة على تقديره قصر الملك ولو أنزل به الملك، وإذا رأيت ولدك الصغير بال أو تغوط على باب قصر الملك تبادر على الفور بإزالته وتطهيره وربما مسحته بردائك أو قميصك خوفاً أن يطلع عليه ذلك السلطان ولو رأيت مثل ذلك في المسجد ما كان مسحه بردائه ولا بقميصه قط بل يقال :" انظروا لفراشة يطهر هذا المكان " ، ولو لم تجده إلى آخر النهار لترك النجاسة في المسجد ..

    الترديد بعد الأذان والإسراع للمسجد عند سماعه :
    روى الشيخان وغيرهما مرفوعاً : " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي ، فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة " ..

    وروى أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه مرفوعاً : " من سمع المؤذن فقال مثل ما يقول فله مثل أجره. وفي رواية: "من قال مثل ذلك إذا سمع المؤذن وجبت له شفاعتي يوم القيامة " ..
    وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا قال المؤذن : الله أكبر ، الله أكبر فقال أحدكم : الله أكبر ، الله أكبر ، ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، ثم قال : أشهد أن محمداً رسول الله ، قال : أشهد أن محمداً رسول الله ، ثم قال : حي على الصلاة ، قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : حي على الفلاح ، قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : الله أكبر ، الله أكبر ، قال : الله أكبر ، الله أكبر ، ثم قال : لا إله إلا الله ، قال : لا إله إلا الله ، من قلبه دخل الجنة )) رواه مسلم وأبو داود ..
    وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من قال حين يسمع المؤذن : وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، رضيت بالله رباً وبمحمد نبياً وبالإسلام ديناً ، غُفر له ذنبه )) رواه مسلم وأبو داود .
    وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، آت محمداً الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاماً محمدواً الذي وعدته ، حلَّت له شفاعتي يوم القيامة " رواه البخاري وأبو داود .

    الدعاء بعد الأذان :
    وروى الحاكم مرفوعاً : " إذا نادى المنادي فتحت له أبواب السماء واستجيب الدعاء، فمن نزل به كرب أو شدة فليجب المنادي. أي ينتظر بدعوته حتى يؤذن المؤذن فيجيبه ثم يسأل الله حاجته ، كما يدل عليه حديث أبي داود والنسائي وغيرهما مرفوعاً: (( قل كما يقول المؤذن، فإذا انتهيت فسل تعط )) ..
    فلنسأل الله تعالى ما شئنا من حوائج الدنيا والآخرة لنا وللمسلمين فيما بين الأذان وإقامة الصلاة ، ولا نفرط في ذلك إلا لعذر شرعي، وذلك لأن الحجب ترفع في ذلك الوقت بين الداعي وبين ربه بمثابة فتح باب الملك والإذن في الدخول لأصحابه وخدامه عليه، فمن كان من أهل الرعيل الأول قضيت حاجته بسرعة مقابلة له على سرعة مجيئه بين يدي ربه تعالى، ومن كان من آخر الناس مجيئا كان أبطأهم إجابة مع أنه تعالى لا يشغله شأن عن شأن ولكن هكذا معاملته تعالى لخلقه ..
    ولا يخفى أن الحق تعالى يحب من عباده الإلحاح في الدعاء لأنه مؤذن بشدة الفاقة والحاجة ومن لم يلح في الدعاء فكأن لسان حاله يقول " أنا غير محتاج إلى فضل الله" ، وربما أن الله تعالى يكشف حاله حتى يصير يدعو فلا يستجيب له، ويلح في الدعاء ليلا ونهارا فلا يرى له أثر إجابة حتى يكاد كبده يتفتت من القهر ..

    المشي إلى المساجد في ظلم الليـــل :
    روى الطبراني وابن حبان في صحيحه مرفوعاً : (( إن الله تعالى ليغمر الذين يتخللون إلى المساجد في الظلم بنور ساطع يوم القيامة )) ..
    وفي رواية له أيضاً بإسناد حسن: (( من مشى في ظلمة الليل إلى المسجد لقي الله عز وجل بنور يوم القيامة )) ..

    دعاء المشي إلى المساجد :
    وهو ما جاء في حديث ابن عباس في مبيته في بيت خالته ميمونة رضي الله عنها ، وفيه بعد أن ذكر الحديث في تهجد النبي صلى الله عليه وسلم قال : فإذن المؤذن فخرج إلى الصلاة وهو يقول : (( اللهم اجعل في قلبي نوراً ، وفي لساني نوراً ، واجعل في سمعي نوراً ، واجعل في بصري نوراً ، واجعل من خلفي نوراً ، ومن أمامي نوراً ، واجعل من فوقي نوراً ، ومن تحتي نوراً ، اللهم أعطني نوراً )) رواه مسلم ..
    وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( من خرج من بيته إلى الصلاة فقال : اللهم إني أسألك بحق السائرين إليك وبحق ممشاي هذا فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياءً ولا سمعةً ، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك فأسألك أن تعيذني من النار وأن تغفر لي ذنبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، إلا أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك )) رواه ابن ماجة ..

    التؤددة والسكينة في المشي للمساجد :
    عن أبي قتادة رضي الله عنه قال : بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سمع جلبة رجال ، فلما صلى قال : (( ما شأنكم ؟ قالوا : استعجلنا إلى الصلاة ، قال : فلا تفعلوا ، إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة فما أدركتم فصلُّوا ، وما فاتكم فأتمُّوا )) رواه البخاري ومسلم ..

    زينة المساجد :
    عن جابر رضي الله عنه قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً شعثاً ، فقال : (( أما كان يجد هذا ما يسكن به شعره ، ورأى آخر عليه ثياب وسخة ، فقال : أما كان هذا يجد ما يغسل به ثوبه )) رواه أبو داود بإسناد صحيح ..
    وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده )) رواه الترمذي بإسناد حسن ..
    وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا - أو ليعتزل مسجدنا )) ..
    وأما المرأة فلا تتزين عند الخروج ولا تتعطر فإنها إن فعلت حرام عليها رائحة الجنة لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أيما امرأة أصابت بخوراً ، فلا تشهد معنا العشاء الآخرة )) رواه مسلم وأبو داود .

    الدخول للمسجد :
    قدم رجلك اليمنى ثم قل كما كان رسول الله يقول : (( أعوذ بالله العظيم ، وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم )) فإذا قلت ذلك قال الشيطان : حفظ مني سائر اليوم "
    وعن فاطمة رضي الله عنها قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم ، وقال : (( رب اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج صلى على محمد وسلم وقال : رب اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب فضلك )) ..

    تحية المسجد :
    عن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا جاء أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس " ..

    صلاة الجمــــاعة :
    روى الشيخان مرفوعاً
    صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ) .

    وروى مسلم وأبو داود عن عبدالله ابن مسعود قال: " ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها يعني صلاة الجماعة إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يأتي يتهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف " .. وقوله يهادي بين الرجلين يعني يرفد من جانبيه ويؤخذ بعضده من العجز حتى يمشي به إلى المسجد .
    وروى الإمام أحمد والطبراني كل منهما بإسناد حسن مرفوعاً : (( أن الله تبارك وتعالى ليعجب من الصلاة في الجمع )) .
    وروى الطبراني مرفوعاً: (( لو يعلم المتخلف عن الصلاة في الجماعة ما للماشي إليها لأتاها ولو حبوا على يديه ورجليه )) .
    وروى الترمذي مرفوعاً : (( من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق )) .
    وروى الإمام أحمد وأبو داود وابن حبان في صحيحه مرفوعاً : (( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده ، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل )) وكلما كثر فهو أحب إلى الله تعالى ، وينبغي أن يكون الباعث لنا على صلاة الجماعة محبة الحق تعالى لها لا طلب الثواب، فإن لذلك علة تقدح في الإخلاص، وما ساق الله تعالى أحداً من عباده إلا خير بالثواب الأخروي إلا لعلمه تعالى بأن ذلك الأحد ليس من أهل الإخلاص، لكونه يعبد الله على علة وحرف ، ولو أنه وصل إلى مقام الإخلاص لم يحتج إلى ذكر ثواب ، بل كان يبار لفعل ذلك امتثالا لأمر الله تعالى، ولا يتوقف على معرفة الثواب في ذلك ..

    دعاء الخروج من المسجد :
    ويسن قول : " اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ، اللهم إني أسألك من فضلك " ، وأن تقدم رجلك اليسرى ..

  9. #9
    التسجيل
    12-06-2005
    المشاركات
    1,096

    رد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

    بأبي وأمي أنت يا رسول الله

    فلقد كان لك جذع تخطبنا عليه..
    فلما كثر الناس اتخذت منبرا لتُسمعهم..
    فحن الجذع لفراقك حتى جعلت يدك عليه فسكن..
    فأهلك أولى بالحنين إليك حين فارقتهم

    بأبي وأمي أنت يا رسول الله..

    لقد بلغ من فضيلتك عند ربك، أن جعل طاعتك طاعته..
    (( فقال: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَد أَطاعَ الله ))
    بأبي وأمي أنت يا رسول الله..
    لقد بلغ من فضيلتك عنده أن بعثك آخر الأنبياء وذكرك في أولهم..
    فقال: (( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُم وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَعِيسَى ابنِ مَريَم ))

    بأبي وأمي أنت يا رسول الله..

    لقد بلغ من فضيلتك أن أهل النار يودون أن يكونوا أطاعوك وهم بين أطباقها يعذبون..
    يقولون: (( يَا لَيْتَنا أَطَعْنا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ ))

    بأبي وأمي أنت يا رسول الله..

    لئن كان موسى – عليه السلام – أعطاه الله حجرا تتفجر منه الأنهار
    فما ذلك بأعجب من أصابعك حين نبع الماء منها!!

    بأبي وأمي أنت يا رسول الله..

    لئن كان سليمان بن داوود – عليهما السلام – أعطاه الله ريحا غدوها شهر
    ورواحها شهر..
    فما ذلك بأعجب من البراق حين أسريت عليه إلى السماء السابعة..
    ثم صليت الصبح في ليلتك بالأبطح..

    بأبي وأمي أنت يا رسول الله..

    لئن كان عيسى بن مريم – عليه السلام – أعطاه الله إحياء الموتى..
    فما ذلك بأعجب من الشاة حين كلمتك وهي مسمومة..
    فقالت: لا تأكلني ، فإني مسمومة!!

    بأبي وأمي أنت يا رسول الله..

    لقد دعا نوح – عليه السلام – على قومه فقال:
    (( رَبِّ لاَ تَذَر عَلى الأَرْضِ مِنَ الكَافِرينَ دَيَّاراً ))
    ولو دعوت مثلها لهلكنا عن آخرنا!!!
    فلقد وَطِىء ظهرك.. وأُدمِيَ وجهك..
    وكُسرت رُباعيتك..
    فأبيت أن تقول إلا( اللهم اغفر لقومي ، فإنهم لا يعلمون ))

    بأبي وأمي أنت يا رسول الله..

    لقد أَتبَعَكَ في قلة سنيِّك، وقِصَرِ عُمرِك ما لم يُتبِع نوحاً- عليه السلام-
    في كَثرةِ سِنيِّهِ، وطُولِ عُمرِه..
    فلقد آمن بك كثير، وما آمن به إلا قليل..

    بأبي وأمي أنت يا رسول الله..

    لو لم تجالس إلا كفؤا لك.. لما جالستنا..
    ولو لم تواكل إلا كفؤا لك.. لما واكلتنا..
    ولبست الصوف.. وركبت الحمار.. وأردفت خلفك..
    ووضعت الطعام على الأرض..
    تواضعاً منك..




    يا حبيبي يا رسول الله.. صلى الله عليك وسلم ..

  10. #10
    التسجيل
    12-06-2005
    المشاركات
    1,096

    رد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

    بأبي وأمي أنت يا رسول الله

    فلقد كان لك جذع تخطبنا عليه..
    فلما كثر الناس اتخذت منبرا لتُسمعهم..
    فحن الجذع لفراقك حتى جعلت يدك عليه فسكن..
    فأهلك أولى بالحنين إليك حين فارقتهم

    بأبي وأمي أنت يا رسول الله..

    لقد بلغ من فضيلتك عند ربك، أن جعل طاعتك طاعته..
    (( فقال: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَد أَطاعَ الله ))
    بأبي وأمي أنت يا رسول الله..
    لقد بلغ من فضيلتك عنده أن بعثك آخر الأنبياء وذكرك في أولهم..
    فقال: (( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُم وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَعِيسَى ابنِ مَريَم ))

    بأبي وأمي أنت يا رسول الله..

    لقد بلغ من فضيلتك أن أهل النار يودون أن يكونوا أطاعوك وهم بين أطباقها يعذبون..
    يقولون: (( يَا لَيْتَنا أَطَعْنا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ ))

    بأبي وأمي أنت يا رسول الله..

    لئن كان موسى – عليه السلام – أعطاه الله حجرا تتفجر منه الأنهار
    فما ذلك بأعجب من أصابعك حين نبع الماء منها!!

    بأبي وأمي أنت يا رسول الله..

    لئن كان سليمان بن داوود – عليهما السلام – أعطاه الله ريحا غدوها شهر
    ورواحها شهر..
    فما ذلك بأعجب من البراق حين أسريت عليه إلى السماء السابعة..
    ثم صليت الصبح في ليلتك بالأبطح..

    بأبي وأمي أنت يا رسول الله..

    لئن كان عيسى بن مريم – عليه السلام – أعطاه الله إحياء الموتى..
    فما ذلك بأعجب من الشاة حين كلمتك وهي مسمومة..
    فقالت: لا تأكلني ، فإني مسمومة!!

    بأبي وأمي أنت يا رسول الله..

    لقد دعا نوح – عليه السلام – على قومه فقال:
    (( رَبِّ لاَ تَذَر عَلى الأَرْضِ مِنَ الكَافِرينَ دَيَّاراً ))
    ولو دعوت مثلها لهلكنا عن آخرنا!!!
    فلقد وَطِىء ظهرك.. وأُدمِيَ وجهك..
    وكُسرت رُباعيتك..
    فأبيت أن تقول إلا( اللهم اغفر لقومي ، فإنهم لا يعلمون ))

    بأبي وأمي أنت يا رسول الله..

    لقد أَتبَعَكَ في قلة سنيِّك، وقِصَرِ عُمرِك ما لم يُتبِع نوحاً- عليه السلام-
    في كَثرةِ سِنيِّهِ، وطُولِ عُمرِه..
    فلقد آمن بك كثير، وما آمن به إلا قليل..

    بأبي وأمي أنت يا رسول الله..

    لو لم تجالس إلا كفؤا لك.. لما جالستنا..
    ولو لم تواكل إلا كفؤا لك.. لما واكلتنا..
    ولبست الصوف.. وركبت الحمار.. وأردفت خلفك..
    ووضعت الطعام على الأرض..
    تواضعاً منك..




    يا حبيبي يا رسول الله.. صلى الله عليك وسلم ..

  11. #11
    التسجيل
    12-06-2005
    المشاركات
    1,096

    رد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

    من سنن الرسول عليه الصلاة و السلام اليومية



    سنن النوم
    1- النوم على وضوء:


    قـال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للبراء بن عازب رضي الله عنه : (( إذا أتيت مضجعك ، فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن... الحديث ))

    [ متفق عليه:6311-6882] .

    2- قراءة سورة الإخلاص ، والمعوذتين قبل النوم:

    عن عائشة رضي الله عنها ، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما ، فقرأ فيهما: (( قل هو الله أحد )) و (( قل أعوذ برب الفلق )) و (( قل أعوذ برب الناس )) ، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده ، يبدأ بهما على رأسه ووجهه ، وما أقبل من جسده ، يفعل ذلك ثلاث مرات. [ رواه البخاري: 5017]

    3- التكبير والتسبيح عند المنام :

    عن علي رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال حين طلبت منه فاطمة ـ رضي الله عنها ـ خادمًا: (( ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم ؟ إذا أويتما إلى فراشكما ، أو أخذتما مضاجعكما ، فكبرا أربعًا وثلاثين ، وسبحا ثلاثًا وثلاثين ، واحمدا ثلاثًا وثلاثين. فهذا خير لكما من خادم )) [متفق عليه: 6318 – 6915]

    4- الدعاء حين الاستيقاظ أثناء النوم :

    عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( من تعارَّ من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله ، وسبحان الله ، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا ، استُجيب له ، فإنْ توضأ وصلى قُبِلت صلاته )) [ رواه البخاري: 1154].

    5- الدعاء عند الاستيقاظ من النوم بالدعاء الوارد :

    (( الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا ، وإليه النشور )) [ رواه البخاري من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : 6312 ] .

    سنن الوضوء والصلاة

    6- المضمضة والاستنشاق من غرفة واحدة:


    عن عبدالله بن زيد رضي الله عنه ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( تمضمض ، واستنشق من كف واحدة )) [ رواه مسلم: 555 ] .


    7-الوضوء قبل الغُسل :


    عن عائشة رضي الله عنها ، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم : (( كان إذا اغتسل من الجنابة ، بدأ فغسل يديه ، ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة ، ثم يُدخل أصابعه في الماء ، فيخلل بها أصول الشعر ، ثم يَصُب على رأسه ثلاث غُرف بيديه ، ثم يُفيض الماء على جلده كله )) [ رواه البخاري :248 ].


    8-التشهد بعد الوضوء:


    عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول : أشهد أنَّ لا إله إلا الله ، وأنَّ محمدًا عبده ورسوله إلاَّ فتحت له أبواب الجنة الثمانية ، يدخل من أيها شاء )) [ رواه مسلم: 553 ] .


    9-الاقتصاد في الماء:


    عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: (( كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ، ويتوضأ بالـمُد )) [ متفق عليه: 201- 737 ].


    10- صلاة ركعتين بعد الوضوء:


    قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( من توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم صلى ركعتين لا يُحَدِّثُ فيهما نفسه ، غُفر له ما تقدم من ذنبه )) [ متفق عليه من حديث حُمران مولى عثمان رضي الله عنهما:159- 539 ] .


    11-الترديد مع المؤذن ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم :


    عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ، أنه سمـع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقــول: (( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليَّ، فإنه من صلى عليَّ صلاة ، صلى الله عليه بها عشرًا ... الحديث)) [ رواه مسلم: 849 ].


    ثم يقول بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته ) رواه البخاري. من قال ذلك حلت له شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم .



    12- الإكثار من السواك:


    عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( لولا أنْ أشق على أمتي ، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )) [ متفق عليه:887 - 589 ] .


    كما أن من السنة، السواك عند الاستيقاظ من النوم ، وعند الوضوء ، وعند تغير رائحة الفم ، وعند قراءة القرآن ، وعند دخول المنزل.



    13- التبكير إلى المسجد :


    عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ... ولو يعلمون ما في التهجير ( التبكير ) لاستبقوا إليه ... الحديث )) [ متفق عليه: 615-981 ] .


    14-الذهاب إلى المسجد ماشيا:


    عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ، ويرفع به الدرجات )) قالوا: بلى يا رسول الله. قال: (( إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط )) [ رواه مسلم: 587 ].


    15- إتيان الصلاة بسكينة ووقار:


    عن أبي هـريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (( إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون ، وأتوها تمشون ، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا )) [ متفق عليه: 908 - 1359 ] .


    16- الدعاء عند دخول المسجد ، و الخروج منه :


    عن أبي حُميد الساعدي ، أو عن أبي أُسيد ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك )) [ رواه مسلم: 1652 ].


    17- الصلاة إلى سترة :


    عن موسى بن طلحة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليُصَلِّ ، ولا يبال مَنْ مر وراء ذلك)) [ رواه مسلم: 1111 ]. ·

    السترة هي:

    ما يجعله المصلي أمامه حين الصلاة ، مثل: الجدار ، أو العمود ، أو غيره. ومؤخرة الرحل: ارتفاع ثُلثي ذراع تقريبا.


    18- الإقعاء بين السجدتين:


    عن أبي الزبير أنه سمع طاووسا يقول: قلنا لابن عباس ـ رضي الله عنه ـ في الإقعاء على القدمين ، فقال : (( هي السنة ))، فقلنا له: إنا لنراه جفاء بالرجل ، فقال ابن عباس: (( بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم )) [ رواه مسلم: 1198 ] .

    الإقعاء هو:

    نصب القدمين والجلوس على العقبين ، ويكون ذلك حين الجلوس بين السجدتين.


    19- التورك في التشهد الثاني:


    عن أبي حميد الساعدي ـ رضي الله عنه ـ قال: (( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا جلس في الركعة الآخرة ، قدم رجله اليسرى ، ونصب الأخرى ، وقعد على مقعدته )) [ رواه البخاري: 828 ] .


    20- الإكثار من الدعاء قبل التسليم:


    عن عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: (( كنا إذا كنا مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ،إلى أن قال: ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو )) [ رواه البخاري: 835 ] .


    21- أداء السنن الرواتب :


    عن أم حبيبة رضي الله عنها ، أنها سمعـت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول( ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعًا غير الفريضة ، إلا بنى الله له بيتًا في الجنة )) [ رواه مسلم: 1696 ].

    السنن الرواتب:

    عددها اثنتا عشرة ركعة، في اليوم والليلة : أربع ركعات قبل الظهر ، وركعتان بعدها ، وركعتان بعد المغرب ، وركعتان بعد العشاء ، وركعتان قبل الفجر.


    22- صلاة الضحى :


    عن أبي ذر رضي الله عنه ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: (( يصبح على كل سلامى ( أي: مفصل) من أحدكم صدقة ، فكل تسبيحة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن المنكر صدقة ، ويجزىء من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى )) [ رواه مسلم: 1671 ] .

    وأفضل وقتها

    حين ارتفاع النهار، واشتداد حرارة الشمس ، ويخرج وقتها بقيام قائم الظهيرة، وأقلها ركعتان ، ولا حدَّ لأكثرها.


    23- قيام الليل :


    عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سُئل : أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة، فقال: (( أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة ، الصلاة في جوف الليل )) [ رواه مسلم: 2756 ] .


    24- صلاة الوتر:


    عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أنَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا )) [متفق عليه:998 - 1755].


    25- الصلاة في النعلين إذا تحققت طهارتهما:


    سُئل أنس بن مالك رضي الله عنه : أكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصلي في نعليه؟ قال: (( نعم )) [ رواه البخاري: 386 ] .


    26- الصـلاة في مسجد قباء:


    عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: (( كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يأتي قباء راكبًا وماشيًا )) زاد ابن نمير: حدثنا عبيدالله،عن نافع: (( فيصلي فيه ركعتين )) [متفق عليه: 1194 – 3390 ]


    27- أداء صلاة النافلة في البيت :


    عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته ، فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرا )) [ رواه مسلم: 1822 ] .


    28- صلاة الاستخارة:


    عن جابر بن عبدالله ـ رضي الله عنه ـ قال: (( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن )) [ رواه البخاري: 1162 ]. ·

    وصفتها :-

    كما ورد في الحديث السابق:

    أن يصلي المرء ركعتين ، ثم يقول : (( اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسمي حاجته) خير لي في ديني ، ومعاشي ، وعاقبة أمري ، فاقدره لي ، ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ، و معاشي ، وعاقبة أمري ، فاصرفه عني ، واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به )) .


    29- الجلوس في المصلى بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس:


    عن جابر بن سمرة رضي الله عنه : ( أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس حسنا ) [ رواه مسلم: 1526] .


    30- الاغتسال يوم الجمعة :


    عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل )) [ متفق عليه: 877 -1951 ] .


    31- التبكير إلى صلاة الجمعة:


    عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا كان يوم الجمعة ، وقفت الملائكة على باب المسجد ، يكتبون الأول فالأول ، ومثل المُهَجِّر ( أي:المبكر) كمثل الذي يهدي بدنة ، ثم كالذي يهدي بقرة ، ثم كبشاً ، ثم دجاجة، ثم بيضة ، فإذا خرج الإمام طووا صحفهم ، ويستمعون الذكر )) [ متفق عليه: 929 - 1964 ] .


    32- تحري ساعة الإجابة يوم الجمعة:


    عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذَكَرَ يوم الجمعة فقال: (( فيه ساعة، لا يوافقها عبد مسلم ، وهو قائم يصلي ، يسأل الله تعالى شيئًا ، إلا أعطاه إياه )) وأشار بيده يقللها. [ متفق عليه: 935 - 1969 ].


    33- الذهاب إلى مصلى العيد من طريق، والعودة من طريق آخر:


    عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: (( كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا كان يوم عيد خالف الطريق )) [ رواه البخاري: 986 ].


    34- الصلاة على الجنازة:


    عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان )) قيل: وما القيراطان؟ قال: (( مثل الجبلين العظيمين )) [ رواه مسلم: 2189 ] .


    35- زيارة المقابر:


    عن بريدة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ...الحديث)) [ رواه مسلم: 2260 ].

    ملحوظة:

    النساء محرم عليهن زيارة المقابر كما أفتى بذلك الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ وجمع من العلماء.


    سنن الصيام

    36- السحور:


    عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( تسحروا ؛ فإن في السحور بركة )) [ متفق عليه: 1923 - 2549 ].


    37- تعجيل الفطر ، وذلك إذا تحقق غروب الشمس :


    عن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر )) [ متفق عليه: 1957 - 2554 ].


    38- قيام رمضان :


    عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : (( من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه )) [ متفق عليه: 37-1779 ]


    39- الاعتكاف في رمضان ، وخاصة في العشر الأواخر منه:


    عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: (( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعتكف العشر الآواخر من رمضان )) [ رواه البخاري: 2025 ] .


    40- صوم ستة أيام من شوال:


    عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( من صام رمضان ، ثم أتبعه ستًا من شوال ،كان كصيام الدهر )) [ رواه مسلم: 2758 ]


    41- صوم ثلاثة أيام من كل شهر:


    عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: (( أوصاني خليلي بثلاث ، لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر ، وصلاة الضحى ، ونوم على وتر )) [ متفق عليه: 1178-1672 ].


    42- صوم يوم عرفة:


    عن أبي قتادة رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبلة، والسنة التي بعده )) [ رواه مسلم: 3746 ] .


    43- صوم يوم عاشوراء:


    عن أبي قتادة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( صيام يوم عاشوراء ، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله )) [ رواه مسلم: 3746 ] .


    سنن السفر

    44- اختيار أمير في السفر:


    عن أبي سعيد ، وأبي هريرة ـ رضي الله عنهما ـ قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم )) [ رواه أبو داود: 2608 ] .


    45- التكبير عند الصعود والتسبيح عند النزول:


    عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: (( كنا إذا صعدنا كبرنا ، وإذا نزلنا سبحنا )) [ رواه البخاري: 2994 ] . · يكون التكبير عند صعود المرتفعات ، والتسبيح عند النزول وانحدار الطريق.


    46- الدعاء حين نزول منزل :


    عن خولة بنت حكيم ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (( من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم يضره شيء ، حتى يرتحل من منزله ذلك )) [ رواه مسلم: 6878 ] .


    47- البدء بالمسجد إذا قدم من السفر:


    عن كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: (( كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه )) [ متفق عليه: 443-1659 ] .


    سنن اللباس و الطعام
    48- الدعاء عند لبس ثوب جديد:


    عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا استجد ثوبا سماه باسمه : إما قميصا ، أو عمامة، ثم يقول: (( اللهم لك الحمد ، أنت كسوتنيه ، أسألك من خيره ، وخير ما صنع له ، وأعوذ بك من شره، وشر ما صنع له )) [ رواه أبو داود: 4020 ].

    49- لبس النعل باليمين :

    عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قـال: قـال رسـول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى ، وإذا خلع فليبدأ بالشمال، ولينعلهما جميعًا، أو ليخلعهما جميعًا )) [ متفق عليه:5855 - 5495 ].

    50- التسمية عند الأكل:

    عن عمر بن أبي سلمة ـ رضي الله عنه ـ قال: كنت في حجر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكانت يدي تطيش في الصحفة ، فقال لي: (( يا غلام سم الله ، وكل بيمينك، وكل مما يليك )) [ متفق عليه: 5376 - 5269 ] .

    51- حمد الله بعد الأكل والشرب:

    عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ، أو يشرب الشربة فيحمده عليها )) [ رواه مسلم: 6932 ] .

    52- الجلوس عند الشرب :


    عن أنس رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( أنه نهى أن يشرب الرجل قائمًا )) [ رواه مسلم: 5275 ] .

    53- المضمضة من اللبن:

    عن ابن عباس رضي الله عنه ،أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ شرب لبنًا فمضمض، وقال: (( إن له دسمًا )) [ متفق عليه:798- 5609 ].

    54- عدم عيب الطعام:


    عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: (( ما عاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ طعامًا قط ، كان إذا اشتهاه أكله ، وإن كرهه تركه )) [ متفق عليه:5409 - 5380 ]

    55- الأكل بثلاثة أصابع:


    عن كعب بن مال ـ رضي الله عنه ـ قال: (( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يأكل بثلاث أصابع ، ويلعق يده قبل أن يمسحها )) [ رواه مسلم: 5297 ]


    56- الشرب والاستشفاء من ماء زمزم:


    عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ماء زمزم: (( إنها مباركة ، إنها طعام طُعم )) [ رواه مسلم: 6359 ] زاد الطيالسي: (( وشفاء سُقم ))


    57- الأكل يوم عيد الفطر قبل الذهاب للمصلى:


    عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : (( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات )) وفي رواية: (( ويأكلهن وترًا )) [ رواه البخاري: 953 ]


    الذكر والدعاء
    58- الإكثار من قراءة القرآن :


    عن أبي أمامة الباهلي ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (( اقرؤوا القرآن ، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه )) [ رواه مسلم: 1874 ].


    59- تحسين الصوت بقراءة القرآن:


    عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنه سمع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (( ما أَذِنَ الله لشيء ما أَذِنَ لنبي حسن الصوت ، يتغنى بالقرآن يجهر به )) [ متفق عليه:5024 - 1847 ].


    60- ذكر الله على كل حال:


    عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: (( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يذكر الله على كل أحيانه )) [ رواه مسلم: 826 ] .


    61- التسبيح :


    عن جويرية رضي الله عنها ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خرج من عندها بُكرة حين صلى الصبح، وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أنْ أضحى ، وهي جالسة ، فقال: (( ما زلتِ على الحال التي فارقتك عليها ؟ )) قالت: نعم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لقد قُلتُ بعدك أربَعَ كلماتٍ ، ثلاث مراتٍ ، لو وُزِنَت بما قلتِ مُنذ اليوم لَوَزَنتهُن: سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه، ورضا نفسهِ ، وزِنةَ عرشهِ ، ومِدادَ كلماته )) [رواه مسلم: 2726]


    62- تشميت العاطس:


    عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( إذا عطس أحدُكُم فليقل: الحمد لله ، وليقل له أخوه أو صاحبه : يرحمك الله. فإذا قال له: يرحمك الله ، فليقل: يهديكم اللهُ ويُصْلِحُ بالكم )) [ رواه البخاري: 6224 ]


    63- الدعاء للمريض:


    عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ دخل على رجل يعوده ، فقال صلى الله عليه وسلم : (( لا بأس طهور ، إن شاء الله )) [ رواه البخاري: 5662]


    64- وضع اليد على موضع الألم ، مع الدعاء:


    عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه ، أنه شكا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجعًا، يجده في جسده مُنذ أسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ضع يدك على الذي يألم من جسدك، وقل: باسم الله ، ثلاثًا ، وقل سبع مرات: أعوذُ بالله وقدرتهِ من شَر ما أجد وأُحَاذر )) [ رواه مسلم: 5737 ]


    65- الدعاء عند سماع صياح الديك ، والتعوذ عند سماع نهيق الحمار:


    عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، فإنها رأت مَلَكًا ، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان ، فإنها رأت شيطانًا )) [ متفق عليه:3303 - 6920 ] .


    66-الدعـاء عند نزول المطر:


    عن عـائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا رأى المطر قال: (( اللهم صيبًا نافعًا )) [ رواه البخاري: 1032 ] .


    67- ذكر الله عند دخول المنزل :


    عن جابر بن عبدالله ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (( إذا دخل الرجل بيته فذكر الله ـ عز وجل ـ عند دخوله ، وعند طعامه، قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء. وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله ، قال الشيطان : أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه ، قال : أدركتم المبيت والعشاء)) [ رواه مسلم: 5262 ] .


    68- ذكر الله في المجلس:


    عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( ما جلس قوم مجلسًا لم يذكروا الله فيه ، ولم يُصَلوا على نبيهم،إلا كان عليهم تِرَة (أي: حسرة) فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم )) [ رواه الترمذي: 3380 ] .


    69- الدعاء عند دخول الخلاء:


    عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا دخل (أي: أراد دخول) الخلاء قال: (( اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث )) [متفق عليه: 6322-831]


    70- الدعاء عندما تعصف الريح:


    عن عائشة ـ رضي الله عنه ـ قالت: كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا عصفت الريح قال: (( اللهم إني أسألك خيرها ، وخير ما فيها ، وخير ما أُرسلت به، وأعوذ بك من شرها ، وشر ما فيها ، وشر ما أُرسلت به )) [ رواه مسلم: 2085 ]


    71- الدعاء للمسلمين بظهر الغيب:


    عن أبي الدرداء رضي الله عنه ، أنه سمع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (( من دعا لأخيه بظهر الغيب، قال المَلَكُ المُوَكَّلُ به: آمين ، ولك بمثل)) [ رواه مسلم: 6928 ].


    72- الدعاء عند المصيبة:


    عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت ، سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (( ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أُجُرني في مُصيبتي وأَخلِف لي خيرًا منها ـ إلا أخلف الله له خيرًا منها )) [ رواه مسلم: 2126]


    73- إفشاء السلام:


    عن البَراءِ بن عازِب ـ رضي الله عنه ـ قال: (( أمَرنا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بسبع ، ونهانا عن سَبع: أمرنا بعِيادة المريض، ... وإفشَاء السلام ،... الحديث )) [ متفق عليه: 5175 - 5388 ] .





    التعديل الأخير تم بواسطة john cena wwe ; 23-10-2006 الساعة 10:10 AM

  12. #12
    التسجيل
    12-06-2005
    المشاركات
    1,096

    رد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

    سنن متنوعة
    74- طلب العلم:


    عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة )) [ رواه مسلم: 6853 ] .


    75- الاستئذان قبل الدخول ثلاثاً:


    عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( الاستئذان ثلاثٌ، فإن أُذن لك، و إلا فارجع )) [ متفق عليه:6245- 5633 ] .


    76- تحنيك المولود :


    عن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال: (( وُلد لي غلام ، فأتيت به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فسماه إبراهيم ، فحنكه بتمرة ودعا له بالبركة ... الحديث )) [متفق عليه: 5467 - 5615] ·


    التحنيك:

    هو مضغ طعام حلو ، وتحريكه في فم المولود ، والأفضل أن يكون التحنيك بالتمر.


    77- العقيقة عن المولود:


    عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : (( أمرنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نعق عن الجارية شاة ، وعن الغلام شاتين )) [ رواه أحمد: 25764 ] .


    78- كشف بعض البدن ليصيبه المطر:


    عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: أصابنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مطر . قال: فحسر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ثوبه حتى أصابه من المطر ، فقلنا: يا رسول الله! لم صنعت هذا؟ قال: (( لأنه حديث عهد بربه)) [ رواه مسلم: 2083 ] . · حسر عن ثوبه أي: كشف بعض بدنه.


    79- عيادة المريض:


    عن ثوبان ، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( من عاد مريضا ، لم يزل في خُرفَة الجنة )) قيل : يا رسول الله! وما خُرفة الجنة؟ قال: (( جناها )) [ رواه مسلم: 6554 ] .


    80- التبسم:


    عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا تحقرن من المعروف شيئا ، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق )) [ رواه مسلم: 6690 ] .


    81- التزاور في الله :


    عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى ، فأرصد الله له على مدرجته ملكًا ( أي: أقعده على الطريق يرقبه ) فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تربها؟ قال: لا ، غير أني أحببته في الله عز وجل ، قال: فإني رسول الله إليك ، بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه )) [ رواه مسلم: 6549 ].


    82- إعلام الرجل أخيه أنه يحبه :


    عن المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه ، أنَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( إذا أحب أحدكم أخاه ، فليُعْلِمه أنه يحبه )) [ رواه أحمد: 16303 ] .


    83- رد التثاؤب:


    عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( التثاؤب من الشيطان ، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع ، فإن أحدكم إذا قال: ها ، ضحك الشيطان )) [ متفق عليه:3289 - 7490 ].


    84- إحسان الظن بالناس:


    عن أبي هــريرة رضي الله عنه ، أنَّ رســول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( إياكم والظن، فإنَّ الظن أكذب الحديث )) [ متفق عليه: 6067-6536 ] .


    85- معاونة الأهل في أعمال المنزل:


    عن الأسود قال: سَألتُ عائشة ـ رضي الله عنها ـ ما كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصنع في بيته؟ قالت: (( كان يكون في مهنة أهله (أي: خدمتهم) ، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة )) [ رواه البخاري: 676 ] .


    86- سُنن الفطرة:


    عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان ، والاستحداد (حلق شعر العانة)، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار ، وقص الشارب )) [ متفق عليه: 5889 - 597 ] .


    87- كفالة اليتيم:


    عن سهل بن سعد رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا )) . و قال بإصبعيه السبابة والوسطى.[ رواه البخاري: 6005 ] .


    88- تجنب الغضب:


    عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوصني ، قال: (( لا تغضب )) . فردد مرارًا ، قال: (( لا تغضب )) [ رواه البخاري: 6116 ] .


    89- البكاء من خشية الله:


    عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( سبعة يظلهم الله في ظله ، يوم لا ظل إلا ظله ... وذكر منهم : ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه )) [ متفق عليه: 660-1031 ].


    90- الصدقة الجارية:


    عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له )) [رواه مسلم: 4223]


    91- بناء المساجد:


    عن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ قال عند قول الناس فيه حين بنى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنكم أكثرتم وإني سمعت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (( من بنى مسجدًا ـ قال بُكير: حسبت أنه قال: يبتغي به وجه الله ـ بنى الله له مثله في الجنة )) [ متفق عليه: 450- 533]


    92- السماحة في البيع والشراء:


    عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( رحم الله رجلاً سمحًا إذا باع ، و إذا اشترى ، وإذا اقتضى )) [رواه البخاري: 2076]


    93- إزالة الأذى عن الطريق:


    عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( بينما رجل يمشي بطريق ، وجد غُصن شوك على الطريق ، فأخره ، فشكر الله له ، فغفر له )) [ رواه مسلم: 4940]


    94- الصدقة :


    عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ، ولا يقبل الله إلا الطيب ، فإن الله يتقبلها بيمينه ، ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فَلُوة حتى تكون مثل الجبل )) [متفق عليه: 1410-1014]


    95- الإكثار من الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة:


    عن بن عباس رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال: (( ما العمل في أيام أفضل منها في هذه ( يعني أيام العشر) )) قالوا: ولا الجهاد؟ قال: (( ولا الجهاد ، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء )) [رواه البخاري: 969]


    96- قتل الوزغ :


    عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من قتل وزغا في أول ضربة كتبت له مئة حسنة ، وفي الثانية دون ذلك ، وفي الثالثة دون ذلك )) [ رواه مسلم 8547 ]


    97- النهي عن أن يُحَدِّث المرء بكل ما سمع:


    عن حفص بن عاصم ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( كفى بالمرء إثمًأ أن يُحَدِّث بكل ما سمع )) [رواه مسلم: 7 ]


    98- احتساب النفقة على الأهل:


    عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( إن المسلم إذا أنفق على أهله نفقة ، وهو يحتسبُها، كانت له صدقة )) [ رواه مسلم: 2322]


    99- الرَّمَل في الطواف:


    عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: (( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا طاف الطواف الأول،

    خبَّ (أي:رَمَلَ) ثلاثًا ومشى أربعًا ... الحديث )) [ متفق عليه :1644- 3048 ]

    الرَّمَل:

    هو الإسراع بالمشي مع مقاربة الخطى. ويكون في الأشواط الثلاثة من الطواف الذي يأتي به المسلم أول ما يقدم إلى مكة ، سواء كان حاجًا أو معتمرًا.


    100-المداومة على العمل الصالح وإن قل:


    عن عائشة رضي الله عنها ، أنها قالت: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: (( أدوَمها وإن قلَّ )) [ متفق عليه:6465- 1828 ]



    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا

    محمد ، وآله وصحبه أجمعين.

  13. #13
    التسجيل
    12-06-2005
    المشاركات
    1,096

    رد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

    انا وضعته هنا عشان انا ماقدر اشارك بالقسم الاسلامي يقولي ماتقدر

    بس ياناس هذا الرسول الحبيب المصطفى

    ولا رد !!!

    اخص

  14. #14
    التسجيل
    02-12-2004
    الدولة
    U.A.E
    المشاركات
    1,043

    رد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة john cena wwe مشاهدة المشاركة
    انا وضعته هنا عشان انا ماقدر اشارك بالقسم الاسلامي يقولي ماتقدر

    بس ياناس هذا الرسول الحبيب المصطفى

    ولا رد !!!

    اخص
    السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

    بارك الله فيك اخي الكريم لما كتبته من شمائل وسنن نينا الحبيب محمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه اجمعين

    لاتحزن فاغلب الاعضاء لم ينتبهوا للموضوع مثل ما حدث لي

    لكن في النهايه انت تبتغي الاجر والثواب لما كتبته, بل اني اغبطك على الاجر الذي ستجنيه من وراء هذا العمل الرائع
    ثبتك الله على الصراط المستقيم

    سلامي^^


    ((()))




ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •