النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم

  1. #1
    التسجيل
    12-01-2007
    الدولة
    K S A
    المشاركات
    686

    وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم

    (بســــــــــــــــــــــــم الله الرحمن الرحيم )



    الحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين ................ اما بعد :

    في هذا الموضوع سوف اتحدث عن امور اوصى بها الرسول r ينبغي علينا اتباعها والعمل بها وامور نهانا عنها ينبغي علينا اجتنابها قال تعالى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} وهي كالتالي:

    اولا"/ أمور حذر النبي صلى الله عليه و سلم منها:
    1- التحذير من السبع الموبقات
    2-التحذير من الغش
    3-التحذير من الغلو في الدين
    4-التحذير من الكذب
    5-التحذير من النميمه
    6-حكم الرشوه في الاسلام
    7-متى يحل دم المسلم

    ثانيا"/ أمور حث النبي صلى الله عليه و سلم عليها:
    1-الثقه في رزق الله
    2-اهميه الدعوه الي الله
    3-اهميه السنه
    4-من اداب الاسلام
    5-نظره الاسلام الى المال


    MMMMMMM

    اولا"/ أمور حذر النبي صلى الله عليه و سلم منها:

    1- التحذير من السبع الموبقات :

    عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله علية وسلم قال :" اجتنبوا السبع الموبقات "
    قالوا : يا رسول الله وما هن ؟
    قال : "الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، واكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " .
    وهذا حديث مهم ، حذر النبي صلى الله عليه وسلم فيه من الموبقات السبع ، والموبقات : المهلكات . ونأتي على ذكر كل واحدة من هذه المعاصي باختصار فنقول :

    أولا :الشرك بالله

    فأكبر الكبائر " الشرك بالله تعالى " وهو نوعان:
    أحدهما : أن يجعل لله ندا ويعبد معه غيره من حجر أو شجر أو شمس أو قمر أو نبي أو شيخ أو نجم أو ملك أو غير ذلك ، وهذا هو الشرك الأكبر الذي ذكره الله تعالى .
    قال الله عز وجل : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) . ومن مات مشركا ـ والعياذ بالله ـ ، حرم الله عليه الجنة ومأواه النار.
    قال تعالى : " أنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار " . والآيات في ذلك كثيرة . فمن أشرك بالله مات مشركا فهو من أصحاب النار قطعا ، كما أن من أمن بالله ومات مؤمنا فهو من أصحاب الجنة إن عذب بالنار .
    ومن الشرك الأكبر : الذبح و النذر لغير الله .
    ومن الشرك الأكبر : السحر والكهانة والعرافة .
    ومن الشرك الأكبر: اعتقاد النفع في أشياء لم تشرع :كاعتقاد النفع في التمائم والعزائم ونحوها .
    ومن الشرك الأكبر : الطواف حول القبور وعبادتها الاستعانة بأصحابها ، باعتقاد أنهم ينفعونهم ويقضون لهم حاجاتهم . وهكذا دعائهم ونداءهم عند حصول الكربات والمكروهات .
    ومن الشرك الأكبر :
    تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله

    والنوع الثاني من الشرك :الرياء بالأعمال كما قال تعلى :" فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ". أي لا يرائي بعمله أحدا .
    والرياء : هو طلب المنزلة في قلوب الناس ، من غير صدق قي نفسه ، والتكلف بفعل خصال الخير ليقال عليه كذا وكذا ، فما له في الآخرة من ثواب ، لأنه لم يقصد وجه الله .
    قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "إياكم والشرك الأصغر "
    قالوا : يا رسول الله وما الشرك الأصغر ؟
    قال : " الرياء ، يقول الله تعالى يوم يجازى العباد بأعمالهم : أذهبوا إلى الذين كنتم تراءونهم بأعمالكم في الدنيا فنظروا هل تجدون عندهم جزاء " .
    وهذا النوع من الشرك لا يخرج من الملة .
    ومن الشرك الأصغر : الطيرة وهى التشاؤم ويدخل فيه التشاؤم ببعض الشهور أو الأيام أو بعض الأسماء أو أصحاب العاهات .
    ومن الشرك الأصغر ـ أيضا ـ : الحلف بغير الله : كالحلف بالأباء أو الأمهات أو الأولاد ، أو الحلف بالأمانة أو الحلف بالكعبة ، أو الشرف ،أو النبي ، أو جاه النبي ، أو الحلف بفلان ، أو بحياة فلان ، أو الحلف بالولي بغير ذلك كثير : فلا يجوز .
    قال الفضيل بن عياض ـ رحمه الله تعالى ـ : (ترك العمل أجل الناس رياء ، والعمل للأجل الناس شرك ، والإخلاص آن يعافيك الله منهما ). اللهم عافينا منهما وأعف عنا .


    ثانيا : السحر

    لأن الساحر لا بد وأن يكفر .
    قال الله تعالى : "ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ".
    وما للشيطان الملعون غرض من تعليمه الإنسان السحر إلا ليشرك به . قال الله تعالى مخبرا عن " هاروت وماروت " : " وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بأذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق " . أي من نصيب .فترى خلقا كثيرا من الضلال يدخلون في السحر ويظنونه حراما فقط ، وما يشعرون أنه الكفر فيدخلون في تعليم الكيمياء وعملها وهي محض السحر ، وفي عقد الرجل عن زوجته ، وهو سحر ، وفي محبة الرجل للمرأة وبغضها له ، أشباه ذلك بكلمات مجهولة أكثرها شرك وضلال .
    وحد الساحر : " القتل " ، لأنه كفر بالله أو مضارع الكفر . فليتق العبد ربه ولا يدخل فيما يخسر به الدنيا والآخرة .
    عن بجالة بن عبدة أنه قال : " أتانا كتاب عمر رضي الله عنه قبل موته بسنه أن اقتلوا كل ساحر وساحرة " .
    ولقد أنتشر في هذا الزمان اللجوء إلى السحرة وهذا أمر محرم ، لما يترتب عليه من أضرار تصيب عقيدة المسلم ، وتصيب ماله ، وقد يؤدى الذهاب إليهم إلي ضياع الشرف انتهاك العرض .
    وفي كلام الله وسنة رسوله صلي الله علية وسلم غنية لمن أصابه السحر ونحوه ، وعليه أن يطلب الشفاء من الله أولا ثم يلجأ ألي الأسباب الشرعية : قال العلامة ابن باز ـ رحمه الله ـ : " لا يجوز للمريض أن يذهب إلى الكهنة الذين يدعون معرفة المغيبات ... كما لا يجوز له أن يصدقهم فيما يخبرونه به فأنهم يتكلمون رجما بالغيب ...
    وقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما " .
    وقال : " من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم " . رواه أبو داود
    ولا يجوز للمسلم أن يخضع لما يزعمونه علاجا كنمنمتهم بالطلاسم أو صب الرصاص ونحو ذلك من الخرافات التي يعملونها فإن هذا من الكهانة والتلبيس عل الناس ومن رضي بذلك فقد ساعدهم على باطلهم وكفرهم . وقد شرع الله سبحانه لعباده ما يتقون به السحر قبل وقوعه وأوضح لهم سبحانه ما يعالجونه بعد وقوعه رحمة منه لهم وإحسانا منه اليهم وإتماما لنعمته عليهم .

    وفيما يلي بيان للأشياء التي يتقى بها خطر السحر قبل وقوعه والأشياء التي يعالج بها بعد وقوعه من الأمور المباحة شرعا :
    أما النوع الأول :
    هو الذي يتقى به خطر السحر قبل وقوعه فأهم ذلك وأنفعه هو التحصين بالأذكار الشرعية والدعوات والتعويذات المأثورة ومن ذلك قرأه أية الكرسي خلف كل صلاة مكتوبة بعد الأذكار المشروعة بعد السلام ، ومن ذلك قراءتها عند النوم ... ومن ذلك قراءة قل هو الله أحد ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس ، خلف كل صلاة مكتوبة وقراءة السور الثلاث (ثلاث مرات ). في أول النهار بعد صلاة الفجر. وفي أول الليل بعد صلاة المغرب . ومن ذلك قراءة الآيتين من آخر سورة البقرة في أول الليل .

    النوع الثاني :
    ومن الأدعية الثابتة عنه صلي الله علية وسلم في علاج الأمراض من السحر وغيرة :
    كان صلي اله علية وسلم يرقى أصحابه : " اللهم رب الناس اذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما ".
    ومن ذلك الرقية التي رقى بها جبريل النبي صلي الله علية وسلم وهى قوله : " بسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك " . وليكرر ذلك " ثلاث مرات " .
    ومن علاج السحر بعد وقوعه ـ أيضا ـ وهو علاج نافع للرجل إذا حبس من جماع أهله أن يأخذ سبع ورقات من السدر الأخضر فيدقها بحجر أو نحوه ويجعلها في إناء ويصيب عليه من الماء ما يكفيه للغسل ويقرأ فيها آية الكرسي ، وسورة الكافرون ، وسورة الإخلاص والمعوذتين ،وآيات ـ إبطال السحر ـ التي في سورة "الأعراف " وهى الآيات رقم (117 ـ118 ـ119 ـ 120 ـ 121 ـ 122ـ ).
    والآيات التي في سورة ( يونس ) وهي الآيات رقم ( 79 ، 80 ، 81 ، 82 ، ).
    والآيات التي في سورة " طه " وهي الآيات رقم ( 65 ، 66 ، 67 ، 68 ، 69 ، ) .
    وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب بعض الشيء ويغتسل بالباقي وبذلك يزول الداء إن شاء الله تعالى وإن دعت الحاجة لاستعماله مرتين أو أكثر فلا بأس " .


    ثالثا : قتل النفس



    وأما القتل : فالمراد به الاعتداء علي المسلم بسفك دمه . وقد ورد الوعيد الشديد علي قتل المسلم عمدا.
    قال تعالى : "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ".
    وعن معاوية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله علية وسلم : " كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرا، أو الرجل يقتل مؤمنا متعمدا ".
    وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقتل والمتقول في النار "
    قيل : يا رسول الله هذا القاتل فما بال المتقول ؟.
    قال : " لأنه كان حريصا علي قتل صاحبه ".
    قال الإمام الخطابي ـ رحمه الله تعالى ـ :" هذا إنما يكون كذلك إذا لم يكون يقتلان علي تأويل ، إنما يقتلان علي عداوة بينهما وعصبية أو طلب دنيا أو رئاسة أو علو. فأما من قاتل أهل البغي على الصفة التي يجب قتالهم بها . أو دفع عن نفسه ، أو حريمه ، فإنه لا يدخل في هذا الوعيد ، لأنه مأمور بالقتال للذب عن نفسه ، غير قاصد به قتل صاحبه . ألا تراه يقول : " إنه كان حريصا علي قتل صاحبه " . ومن قاتل باغيا أو قاطع طريق من المسلمين ، فإنه لا يحرص على قتله ،أي يدفعه عن نفسه ، فإن انتهي صاحبه كف عنه ولم يتبعه . فالحديث لم يرد في أهل هذه الصفة ، فلا يدخلون فيه بخلاف من كان على غير هذه الصفة ، فلا يدخلون فيه بخلاف من كان علي غير هذه الصفة فإنهم المرادون منه ، والله أعلم " وعلى ما تقدم فقد توعد الله القاتل بأنواع من العقوبات :
    الأولى : جزاؤه جهنم وهو اسم من أسماء النار .
    الثانية : الخلود فيها يعنى : طول المقام إلى أجل لا يعلمه إلا الله .
    الثالثة : الغضب : أي :غضب الله عليه .
    الرابعة : اللعن وهو الطرد والإبعاد من رحمة الله .
    الخامسة : العذاب : على هذا الذنب الذي هو اعتداؤه على حرمة مسلم وإراقة دمه بغير حق .


    رابعا : أكل الربا



    قال الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون "
    والربا : هو المال الذي يؤخذ بغير حق من المعاملات الربوية المحرمة شرعا وهو من " كبائر الذنوب "
    قال تعالى : " فمن جاءوه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يمحق الله الربا ويربى الصدقات )
    وقال صلي الله علية وسلم : " الربا اثنان وسبعون بابا أدناها مثل إتيان الرجل أمه ، وإن أربى الربا استطالة الجل في عرض أخيه "
    وقال صلي الله عليه وسلم : "الربا سبعون حوبا أيسرها أن ينكح الرجل أمه " .

    ولا شك أن الربا متمكن في الأمة . فكثير من المعاملات يكون فيها ربا وأهلها لا يشعرون ، ولكن يفعلون ذلك تقليدا أو يفعلونه ظنا منهم أنه لا إثم فيه . فالواجب أن نبتعد عنه وألا نتعامل بالربا يحارب الله ورسوله ، ويا خيبه من أعلن حربه على الله ورسوله لأنه خاسر لا محالة . فيما أيها المرابي : اسمع إلى قول ربك وهو يناديك : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ". واسمع إلى قول رسولك وهو يحذرك وينذرك :عن عبد الله بن حنظلة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله علية وسلم : " درهم ربا يأكله الرجل وهو بعلم أشد من ستة وثلاثين زنية !!" فاللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، واغننا بفضلك عمن سواك .

    خامسا : أكل مال اليتيم



    قال الله تعالى : " إن الذين يأكلون أموال اليتامى بلا سبب ، فإنما يأكلون نارا تتأجج في بطونهم يوم القيامة ".
    قال السدى ـ رحمه الله تعالى ـ:" يحشر آكل مال اليتيم ظلما يوم القامة ، ولهب النار يخرج من فيه ومن مسامعه وأنفه وعينه ، كل من رآه يعرفه أنه آكل مال اليتيم ".
    وقال تعالى : في شأن أموال اليتامى :"ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ". مبادرة قبل بلوغهم .
    ثم قال تعالى : " ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ".

    قال العلماء : " فكل ولى ليتيم إذا كان فقيرا فأكل من ماله بالمعروف بقدر قيامه عليه في مصالحة ، وتنمية ماله فلا بأس عليه ، وما زاد علي المعروف أربعة أقوال :
    أحدها : أنه الأخذ علي وجه القرض .
    والثاني : الأكل يقدر الحاجة من غير إسراف .
    والثالث : أنه أخذ بقدر إذا عمل لليتيم عملا .
    والرابع : أنه الأخذ ـ عند الضرورة ـ فإن أيسر قضاه ، وإن لم يوسر فهو في حل .

    "حكى عن بعض السلف قال : كنت ـ في بداية أمري ـ مكبا علي المعاصي وشرب الخمر ، فظفرت يوما بصبي يتيم فقير فأخذته وأحسنت إليه وأطعمته وكسوته ، وأدخلته الحمام ، وأزلت شعئه : وأكرمته كما يكرم الرجل ولده بل أكثر ، فبت ليله بعد ذلك ، فرأيت في النوم أن القيامة قامت ، ودعيت إلى الحساب ، وأمر بي إلى النار لسوء ما كنت عليه من المعاصي . فسحبتني الزبانية ليمضوا بي إلى النار ، وأنا بين أيديهم حقير ذليل يجرونني سحبا إلى النار . وإذا بذلك اليتيم قد اعترضني بالطريق ، وقال : خلوا عنه يا ملائكة ربى حتى أشفع له إلى ربى ، فإنه قد أحسن إلى وأكرمني .
    فقالت الملائكة : إنا لم نؤمر بذلك .
    وإذا النداء من قبل الله ـ تعالى ـ يقول : "خلوا عنه فقد وهب له ما كان منه بشفاعة اليتيم وإحسانه إليه
    قال : فاستيقظت وتبت إلى الله عز وجل ، وبذلت جهدي في إيصال الرحمة إلى الأيتام ".
    وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم إذ يقول : " صنائع المعروف : تقي مصارع السوء وصدقة السر : تطفئ غضب الرب ، وصلة الحم: تزيد في العمر " .


    سادسا : التولي يوم الزحف



    وهو الفرار من القتال عندما تتقابل الصفوف وتدور رحى المعارك ، إذا لم يزد العدو على ضعف المسلمين إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة وإن بعدت . قال الله تعالى : (ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ).
    وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : لما نزلت : "إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين " . فكتب الله عليهم أن لا يفر عشرون من مائتين .ثم نزلت : "الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين ". فكتب أن لا يفر مائة من مائتين ".

    سابعا : قذف المحصنات الغافلات المؤمنات




    قال الله تعالى : " إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ".
    وقال تعالى : " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون".
    بين الله تعالى في الآيتين الأوليين أن من قذف امرأة محصنة حرة عفيفة عن الزنا والفاحشة أنه ملعون في الدنيا والآخرة وله عذاب عظيم .
    وعاقب الله من رمى مؤمنا أو مؤمنة بفاحشة ـ في الآية الثانية ـ بثلاث عقوبات :
    الأولى : الجلد . ( فاجلدوهم ثمانين جلدة ).
    الثانية : رفض الشهادة (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ).
    الثالثة : الحكم عليهم بأنهم فاسقون . (وأولئك هم الفاسقون ).
    قال الأمام الذهبي ـرحمه الله تعالى ـ : " والقذف : أن يقول لامرأة أجنبية حرة عفيفة مسلمة : يا زانية ، أو يا باغية ، أو يا قحبة ، أو يقول لزوجها : يا زوج القحبة ، أو يقول لولدها : يا ولد الزانية أو يا ابن القحبة . أو يقول لبنتها : يا بنت الزانية أو يا بنت القحبة . فإن القحبة عبارة عن الزانية ، فإذا قال ذلك أحد من رجل أو امرأة لرجل أو لامرأة كمن قال لرجل : يا زانى ، أو قال لصبي حر : يا منكوح ... وجب عليه الحد ثمانون جلدة ، إلا أن يقيم بينه بذلك .
    والبينة كما قال الله : أربعة شهود ، يشهدون على صدقه فيما قذف به تلك المرأة أو ذاك الرجل ، فإن لم يقم بينه جلد إذا طالبته بذلك التي قذفها أو إذا طالبه بذلك الذي قذفه ، وكذلك إذا قذف مملوك أو جاريته بأن قال لمملوك : يا زانى أو لجاريته يا زانيه أو يا باغية أو يا قبحة ، لما ثبت في " الصحيحين "
    عن رسول الله صلي الله علية وسلم أنه قال :"من قذف مملوك بالزنا يقام عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال " . وكثير من الجهال واقعون في هذا الكلام الفاحش الذي عليهم فيه العقوبية في الدنيا والآخرة ، ولهذا ثبت في "الصحيحين " عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال :"إن العبد ليتكلم بالكلمة ما بين ما فيها يهوى بها في النار أبعد ما بين المشرق والغرب " . وقانا الله شر ألسنتنا بمنه وكرمه " .
    فيا أيها العاصي : " المقيم علي الخطايا والعصيان ، التارك لما أمر به الرحمن ، المطيع لغوى الشيطان ، إلى متى أنت على جرمك مصر ؟!، ومما يقربك إلى مولاك تفر ؟!، تطلب من الدنيا ما لا تدركه ؟! وتنبغي من الآخرة بما لا تملكه ؟! لا أنت بما قسم الله لك من الرزق واثق ، ولا أنت بما أمرك به لاحق ؟! الموعظة لا تنفعك ، والحوادث لا تردعك ، ولا الدهر يردعك ، لا داعي الموت يسمعك ، كأنك يا مسكين لم تزل حيا موجودا ، وكأنك لا تعود نسيا مفقودا ، فاز والله ـ المخففون من الأوزار ، وسلم المتقون من عذاب النار ، وأنت مقيم علي كسب الجرائم والأوزار


    MMMMMMM

    2-التحذير من الغش:


    عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا فقال :" ما هذا يا صاحب الطعام ؟ "
    قال : أصابته السماء يا رسول الله .
    قال :"أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس ، من غشنا فليس منا"
    الغش مرض ملعون . . إذا تخلل جسم مجتمع تآكلت أطرافه . . وتصدع بنيانه . .وكان عاقبة أمره خسرا . فالغش لا يظهر إلا في مجتمع أصابه اعتلال في الضمير . . وضمور في الإيمان ؟ وحقيق بمن هذا حاله أن يطرد من صفوف المؤمنين : " من غشنا فليس منا " . إنه إعلان حرب على الضمائر الفاسدة . . والنفوس الغفنة . . التي لا تراقب ربها سرا ولا علانية . إنه تحذير لكل من تسول له نفسه الخبيثة غش المسلمين وخداعهم وأكل أموالهم بالباطل . فهل من عاقل ؟ ! . "ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العلمين ". إن المكر والخديعة ، والخيانة في النار !
    عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " من غشنا فليس من ، والمكر والخداع في النار " .
    فأين يذهب هؤلاء . . والله رقيب عليهم . . وكتابهم لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها . . " وكل صغير وكبير مستطر " .
    أخي المسلم : ودائرة الغش واسعة . . ولها عدة أشكال وألوان ، منها :
    غش الإمام الرعية :
    عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : " ما من عبد يسترعيه الله عز وجل رعية يموت يوم ، وهو غاش رعيته إلا حرم الله تعالى عليه الجنة " . وعن رواية : " فلم يحطها بنصحه لم يرح رائحة الجنة " .
    الغش في البيع والشراء والميزان :
    ويشمل كل بيع وشراء . . ولا يتوقف على الطعام والراب وفقط :
    فعن أبى سباع ، قال : اشتريت ناقة من دار " واثلة بن الأسقع رضي الله عنه " ، فلما خرجت بها أدركني يجر إزاره
    فقال : اشتريت ؟
    قلت : نعم .
    قال : بين لك ما فيها ؟
    قلت : وما فيها ؟ إنها لسمينة ظاهرة الصحة .
    قال : أردت بها سفرا أو أردت بها لحما .
    قلت : أردت بها الحج .
    قال : ارتجعها .
    فقال صاحبها : ما أردت إلى هذا أصلحك الله تفسد على ؟
    قال : إني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : " لا يحل لأحد أن يبيع شيئا إلا بين ما فيه ، ولا يحل لمن علم ذلك إلا بينه " .

    نعم يا سيدي ، فالمؤمنون ، فالمؤمن بعضهم لبعض نصحة وادون وإن بعدت منازلهم وأبدانهم ، والفجرة بعضهم لبعض غششة متخاونون وإن اقتربت منازلهم وأبدانهم .
    مر أبو هريرة رضي الله عنه بناحية " الحرة " فإذا إنسان يحمل لبنا يبيعه فنظر إليه أبو هريرة فإذا هو قد خلطه بالماء !! فقال له أبو هريرة : كيف بك إذا قيل لك يوم القيامة خلص الماء من اللبن ؟!
    وخرج النبي صلي الله عليه وسلم إلى السوق فرأى طعاما مصبرا فأدخل يده فيه فأخرج طعاما رطبا قد أصابته السماء فقال لصاحبه : " ما حملك على هذا ؟ ".
    قال : والذي بعثك بالحق إنه لطعام واحد .
    قال : " أفلا عزلت الرطب على حدته ، واليابس على حدته فتتبايعون ما تعرفون من غشنا فليس منا " .
    وروى أحمد والبزار والطبراني : مر رسول الله صلي الله عليه وسلم بطعام وقد حسنه صاحبه فأدخل يده فيه ، فإذا الطعام رديء، فقال : "بع هذا على حدة فمن غشنا فليس منا " .
    وقال نافع : كان ابن عمر يمر بالبائع فيقول : "اتق الله وأوف الكيل والوزن ، فإن المطففين يوقفون حتى أن العرق ليلجمهم إلى أتصاف آذانهم " .
    وكان " بعض السلف " يقول : " ويل لمن بحبة يعطيها ناقصة جنة عرضها السماوات والأرض ، وويح لمن يشترى الويل بحبة يأخذها زائدة " .
    قال تعالى : " ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناي لرب العالمين " .
    قال الأمام السدى :" قدم رسول الله صلي الله عليه وسلم المدينة وبها رجل يقال له "أبو جهينة " ومعه صاعان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر ، فأنزل الله ـ تعالى ـ هذه الآية " .

    قال بعضهم : " دخلت على مريض وقد نزل به الموت ، فجعلت ألقه الشهادة ولسانه لا ينطق بها فلما أفاق قلت له : يا أخي ، ما لي ألقنك الشهادة ولسانك لا ينطق بها ؟!
    قال : يا أخي لسان الميزان على لساني يمنعني من النطق بها !
    فقلت له : بالله أكنت تزن ناقصا ؟
    قال : لا والله ، ولكن ما كنت أقف مدة لأختبر صحة ميزاني ! "
    عن "مالك بن دينار " قال : " دخلت على جار لي ، وقد نزل به الموت ، وهو يقول : جبلين من نار ، جبلين من نار
    قلت : ما تقول ؟
    قال : يا أبا يحيى ، كان لي مكيالان أكيل بأحدهما وأكتال بالآخر .
    قال مالك : فقمت ، فجعلت أضرب أحدهما بالآخر! .
    فقال : يا أبا يحيى ، كلما ضربت أحدهما بالآخر ازداد الأمر عظما وشدة ، فمات في مرضه ! ! " .
    أخي : ولو تأمل الغشاش الخائن الآكل أموال الناس بالباطل ما جاء في إثم ذلك في القرآن والسنة لربما انزجر عن ذلك أو عن بعضه ، ولو يكن من عقابه إلا قوله صلي الله عليه وسلم :" إنه لا دين لمن لا أمانة له " .
    وقوله صلي الله عليه وسلم : " لا تزال قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن من أين اكتسبه وفيما أنفقه ،وعن علمه ماذا عمل فيه " .
    وقوله صلي الله عليه وسلم : " من اكتسب في الدنيا مالا من غير حله وأنفقه ، في غير حقه أورده دار الهوان ، ثم رب متخوض في مال الله ورسوله له النار يوم القيامة
    يقول الله :" كلما خبت زدناهم سعيرا " .
    وقوله صلي اله عليه وسلم ـ في الحديث الذي رواه ثوبان ـ : " يؤتى يوم القيامة بأناس معهم من الحسنات كأمثال جبال تهامة حتى إذا جيء بهم جعلها الله هباء منثورا ثم يقذف بهم في النار " .
    قيل : يا رسول الله كيف ذلك ؟
    قال : " كانوا يصلون ويركزون ويصومون ويحجون غير أنهم كانوا إذا عرض لهم شيء من الحرام أخذوه فأحبط الله أعمالهم " .

    فتأمل ذلك أيها الماكر المخادع الغشاش الآكل أموال الناس بتلك البيوعات الباطلة . والتجارات الفاسدة تعلم أنه لا صلاة لك ولا زكاة ولا صوم ولا حج كما جاء عن الذي لا ينطق عن الهوى ، وليتأمل الغشاش بخصوصه قوله صلي الله عليه وسلم : " من غشنا فليس منا " يعلم أن الغش عظيم وأن عاقبته وخيمة ، فإنه ربما أدى إلى الخروج عن الإسلام والعياذ بالله تعالى ، فإن الغالب أنه صلي الله عليه وسلم لا يقول ليس من إلا في شيء قبيح جدا يؤدى بصاحبه إلى أمر خطير ويخشى منه الكفر . وليتأمل الغشاش ـ أيضا ـ لا سيما التجار والعطارون وغيرهم ممن يجعل في بضاعته غشا يخفي على المشترى حتى يقع فيه من غير أن يشعر ولو علم ذلك الغش فيه لما اشتراه بذلك الثمن أصلا .
    والأحاديث في الغش والتحذير منه كثيرة مر منها جملة فمن تأملها ووقفه الله لفهمها والعمل بها انكف عن الغش وعلم عظيم قبحه وخطره ، وأن الله تعالى لا بد وأن يمحق ما حصله الغاشون بغشهم. فعن أبى هريرة رضي الله عه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : " إن رجلا حمل معه خمرا في سفينة ، ومعه قرد قال : فكان الرجل إذا باع الخمر شابه بالماء ثم باعه قال : فأخذ القرد الكيس ، فصعد به فوق الدقل . قال : فجعل يطرح دينارا في البحر ، ودينارا في السفينة حتى قسمه ".
    فالسعيد من وعظ بغيره . . والعاقل من اتقي الله تعالى وعلم أن الدنيا فانية وأن الحساب واقع على النقير والفتيل والقطمير " ولا يظلم ربك أحدا " .
    الغش في الامتحان :
    الغش في الامتحان . . مرض العصر . . ووباء الوقت . . الذي عم وطم . .
    واعتقد الناس حلالا !! واستندوا لمعاذير أوهي من بيت العنكبوت ، مع أن مفاسده لا تخفي على ذوى العقول القويمة . . والفطر السليمة ، فمن مفاسده :
    · إعانة الطالب على الانحراف ، وتشجيعه على الإهمال ، والاعتماد على الغير .
    · فقدان الثقة في المدرس " القدوة " الذي سهل له طريق الغش .
    · تخريج دفعات " فاشلة " لا ترفع للأمة رأسا .
    · إعانة الطالب على التهاون بالمدرسة والدراسة والقائمين عليها .
    · مساواة الطالب المجتهد بالطالب الفاشل . . وهذا يهز ميزان العدالة في الأرض .
    · إعانة المدرس على إهمال الشرح طوال العام ، معتمدا على غش الطالب أخر العام ، وغير ذلك من المفاسد .
    ولا يلتفت لقول بعض الجاهلين :" المساواة في الظلم عدل " .. فالمساواة في الظلم ، أظلم الظلم . . وليت شعري ، كيف يكون الظلم عدلا ؟ !!
    وفي الحديث : " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " .
    وقال ابن مسعود : " لا يكن أحدكم إمعة ، يقول : إن أحسن الناس أحسنت ، وإن أساءوا أساءت . . ولكن وطنوا أنفسكم ، وإن أحسن الناس أن تحسنوا ، وإن أساءوا فاجتنبوا إساءتهم" .
    فتوى لفضيلة الشيخ / عطية صقر ـ رئيس لجنة الفتوى بالأزهر ـ " :
    سئل فضيلته :
    ما حكم الدين في محاولات الطلاب للغش أثناء الامتحانات ، وهل يجوز للملاحظين أن يساعدوهم نظرا لصعوبة الامتحان ؟ .
    الجواب :
    " من المقرر أن الغش في أي شيء حرام ، والحديث واضح في ذلك " من غشنا فليس منا " رواه مسلم ، وهو حكم عام لكل شيء فيه ما يخالف الحقيقة ، فالذي يغش ارتكب معصيتة والذي يساعده على لكل الغش شريك له في الإثم ، ولا يصح أن تكون صعوبة الامتحان مبررة للغش ، فقد جعل الامتحان لتمييز المجتهد من غيره ، والدين لا سوى بينهما في المعاملة ، وكذلك العقل السليم لا يرضى بهذه التسوية . قال تعالى : " أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار " .

    وبخصوص العلم قال : " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " . وانتشار الغش في الامتحانات وغيرها رذيلة من أخطر الرذائل على المجتمع ، حيث يسود فيه الباطل وينحسر الحق ، ولا يعيش مجتمع بانقلاب الموازين التي تسند فيه الأمور إلى غير أهلها وهو ضياع للأمانة ، وأحد علامات الساعة كما صح في الحديث الشريف . والذي تولى عملا يحتاج إلى مؤهل يشهد بكفاءته ، وقد نال الشهادة بالغش يحرم عليه ما كسبه من وراء ذلك ، وكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به ، وقد يصدق عليه قول الله تعالى : " لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم " .
    وإذا كان قد أدي عملا فله أجر عمله كجهد بذله أي عامل ، وليس مرتبطا بقيمة المؤهل ، وهو ما يعرف بأجر المثل في الإجارة الفاسدة ، وما وراء ذلك فهو حرام " .
    صور ومواقف من ورع الصالحين
    وعلى السطور القادمة . . نقدم نماذج مضيئة من حياة الصالحين وورعهم :
    محمد بن سيرين صاحب الضمير اليقظ قال الذهبي : " وقد وقف على ابن سيرين دين كثير من أجل زيت كثير أراقه ، لكونه وجد في بع الظروف فأرة !! ".
    أبو بكر الثقفي .. صحابي جليل
    عن الحكم بن الأعراج ، قال : " جلب رجل خشبا ، فطلبه زياد ـ أمير البصرة ـ فأبي أن يبيعه ، فغصبه إياه ، وبني صفة مسجد البصرة . قال : فلم يصل أبو بكر فيها حتى قلعت !!" . يا رجال . . إلى هذا الحد تخالفون ؟! ولم لا ؟! ألستم أصحاب رسول الله ؟! قال طاووس : " مثل الإسلام كمثل شجرة ، فأصلها الشهادة ، وساقها كذا وكذا ، وورقها كذا ـ شيء سماه ـ وثمرها الورع ، لا خير في شجرة لا ثمر لها ، ولا خير في إنسان لا ورع فيه " .
    كهمس : العابد الورع
    قال الذهبي :" قيل : أن كهمسا سقط منه دينار ، ففتش ، فلقيه ، فلم يأخذه ، وقال : لعله غيره !!" .
    مجمع التيمى : آية في الورع
    قال سفيان بن مسعر :" جاء مجمع التيمى بشاة يبيعها ، فقال :إني أحسب أو أظن في لبنها ملوحة " . هكذا كانوا يتعاملون . . استقامت قلوبهم فقومت جوارحهم .
    قال سيفان ـ رحمه الله تعالى ـ :" عليك بالزهد يبصرك الله عورات الدنيا ، وعليك بالورع يخفف الله حسابك ، ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، وادفع الشك باليقين يسلم لك دينك " .

    أخي المسلم :
    هذه بعض أحوال الصالحين في "الورع " . . كانوا يعلمون أن الدينار والدرهم أزمة المنافقين ، بها يقادون إلى السوءات . وكانوا يعرفون أن أبناء الدنيا يرضعونها ، لا ينفطمون عن رضاعها فأخذوا حذرهم منها . . وتركوها قبل أن تتركهم . فكن أخا الإسلام على طريق القوم . . وبهداهم اقتده . عن جندب بن عبد الله ، قال :قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " من استطاع منكم ألا يجعل في بطنه إلا طيبا فليفعل ، فإن أول ما بين من الإنسان بطنه " .




    MMMMMMM


  2. #2
    التسجيل
    12-01-2007
    الدولة
    K S A
    المشاركات
    686

    رد: وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم




    MMMMMMM


    3-التحذير من الغلو في الدين :


    عن ابن عباس رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلي الله علية وسلم غداة العقبة وهو علي ناقته القط لي حصى ). فلقطت له سبع حصيات هن حصى الحذف ، فجعل ينفضهن في كفة في كفة و يقول : (أمثال هؤلاء فارموا ، وإياكم والغلو في الدين ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين ).
    أخي المسلم : الغلو في الدين آفة قديمة في جميع الأمم السابقة ، وقد كانت هذه الآفة الخطيرة سببا لهلاكها كما قال صلي الله علية وسلم (فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين ) .من أجل ذلك جاءت الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية محذرة من هذه الآفة .. ومبينة ما يترتب على الغلو من أضرار ..
    فمن الآيات :
    قولة تعالى : (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق )
    قال تعلى : (قل يا أهل لكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل )
    وجاء في (صحيح البخاري ) (كتاب الاعتصام بالسنة ) (باب ما يكره من التعمق والتنازع والغلو في الدين والبدع )، لقولة تعالى ( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا علي الله إلا الحق )
    قال الحافظ ابن حجر (التعميق ـ فهو بالمهمة وبتشديد الميم ثم قاف ـ ومعنا التشديد في الأمر حتى يتجاوز الحد فيه ).
    وقال : (وأما الغلو المبالغة في الشيء والتشديد فيه بتجاوز الحد ، وفيه معنى التعمق ) .
    وقال تعالي : ( وكذلك جعلنا كم أمة وسطا ).
    قال الإمام ابن الجوزى ـ رحمه الله ـ في تفسيره لهذه الآية : ( وأصل ذلك أن خير الأشياء أوسطها ، والغلو والتقصير مذموما ، وذكر ابن جبر الطبري أنه من التوسط في الفعل ، فإن المسلمين لم يقصروا في دينهم كاليهود ، فإنهم قتلوا الأنبياء وبدلوا كتاب الله ، ولم يغلوا كالنصارى ، فإنهم زعموا أن عيسى ابن الله !!)
    ومن الأحاديث :
    فالأحاديث التي حذرت من الغلو ونهت عنه كثيرة ، منها :
    قوله صلي الله علية وسلم : ( هلك المتنطعون ) قالها ثلاثا . قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ في الشرح الحديث : (المتنطعون ): أي المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم
    وروى البخاري وغيره عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله علية وسلم يسألون عن عبادة النبي صلي الله علية وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها وقالوا : أين نحن من النبي صلي الله علية وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر !.
    قال أحدهم : أما أنا فأصلي الليل أبدا .
    وقال الأخر : وأنا أصوم الدهر أبدا ولا أفطر .
    وقال الأخر : وأنا اعتزل النساء فلا أتزوج أبدا !!.
    فجاء رسول الله صلي الله علية وسلم إليهم فقال : ( أنتم الذين قتلهم كذا وكذا ؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكنى أصوم وأفطر ، وأصلى وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فلي منى )

    وعن عائشة رضي الله عنها قالت : دخلت علي ( خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية ) وكانت عند (عثمان بن مظعون ) ، قالت : فرأى رسول الله صلي الله علية وسلم بذاذة هيئتها ، فقال لي : (يا عائشة ما أبذهيئة خويلة !).
    قلت : فقلت يا رسول الله امرأة لها زوج يصوم النهار ويقوم الليل ، فهي كمن لا زوج لها ، فتركت نفسها وأضاعتها .
    قلت : فبعث رسول الله صلي الله علية وسم إلى (عثمان بن مظعون )، فجاءه فقال : (يا عثمان أرغبه عن سنتي ؟ ).
    فقال : لا والله يا رسول الله ، ولكن سنتك أطلب .
    قال : ( فإني أنام وأصلي ، وأصوم وأفطر ، وأنكح النساء ، فاتق الله يا عثمان ، فإن لأهلك عليك حقا ، وإن لضيفك عليك حقا ، وإن لنفسك عليك حقا ، فصم وأفطر وصل ونم )
    وفي رواية (يا عثمان إن الرهبانية لم تكتب علينا ، أفمالك في أسوة؟ فوالله إني أخشاكم لله وأحفظكم لحدوده ).

    وعن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله علية وسلم : (إن مما أتخوف عليكم رجل قرأن حتى إذا رؤيت بهجته عليه وكان رداؤه الإسلام اعتراه إلى ما شاء الله انسلخ منه ونبذه وراء ظهره وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك ).
    قال : قلت : يا بنى الله أيهما أولى بالشرك المرمى أو الرامي ؟
    قال : (بل الرامي )

    وعن جابر بن عبد الله ، قال : كان رسول الله صلي الله علية وسلم بالجعرانة "موضع قرب مكة وهو يقسم التبر " الذهب والفضة قبل أن يصاغ" والغنائم، وهو في حجر بلال، فقال رجل: أعدل يا محمد! فإنك لم تعدل!!!.
    فقال:" ويلك ومن يعدل بعدى إذا لم أعدل ؟".
    فقال عمر : دعني يا رسول الله حتى أضرب عنق هذا المنافق .
    فقال رسول الله صلي الله علية وسلم : "إن هذا في أصحاب ـ أو أصيحاب ـ له يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمى ".

    ومن مظاهر الغلو في هذا العصر :
    • تكفير المجتمع على العموم ، حتى وصل الأمر ببعضهم أنهم كفروا من لا يوافقهم على أرائهم !!.
    • وهناك من يتوقف في الناس فلا يحكم عليهم بشيء حتى يتحقق من صحة عقيدتهم .
    • وهناك من يحرم الصلاة في مساجد المسلمين ، وبعضهم يقول : لا نصلى إلا وراء من نعرف عقيدته !!.
    • الدعوة الي العنف والخروج علي المسلمين بالسلاح ، وقتل الأبرياء وإثارة الفتن والقلاقل وعدم مراعاة حرمة دماء المسلمين.
    • يزعم بعضهم إن جماعتهم الوحيدة المسلمة في العالم !!.
    • رفض إجماع الأمة ، والطعن في أئمة الدين وانتقاص حقهم.
    • التشدد في الفرعيات : وهذا يقع في كثير من الدعاة . وهو التزامهم التشدد في كل الأمور ، وكأن الأحكام الشرعية عند هؤلاء أصبحت حكمين ، الحرام والواجب ،مع إن الأحكام الشرعية تنقسم إلي خمسة أقسام معروفة ، والشريعة الغراء مبنية علي التيسير والتخفيف ورفع الحرب .
    قال تعالى : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ). ويا ليت هؤلاء أعذروا من خالفهم في هذه المسائل الفرعية ، وأحسنوا الظن بهم ووسعوا صدورهم لقبول الاختلاف في الرأي والاجتهاد ، ليتهم سلكوا هذا المسلك ، لهان الخطب حينئذ ، ولكن الواحد منهم يراى ما يتبناه من أمور اجتهادية بمنزلة وحي السماء ، وكل مخالف لها هالك أو ضال أو زائغ أو مبدع أو متبع لهواه ... الخ . إلى غير ذلك من مظاهر الغلو التي كان سببا في نفر الناس من التدين .
    أسباب الغلو :
    والغلو في الدين له عدة أسباب ، منها :
    أولاً: قله التفقه في الدين :
    " تجرأ بعض الناس علي إصدار الأحكام ـ خاصة في الأمر العقدية ـ من خلال نظرتهم غير المتعمقة في بعض الآيات القرآنية ، أو الأحاديث النبوية دون علم ببقية النصوص المتصلة بمناط الاستشهاد ، أو أخذهم بالمتشابهات وترك المحكمات ، أو بالجزئيات مع إغفال القواعد الكلية ، مع أن الواجب على كل من يتصدر للفتوى خاصة في الناحية العقدية أن يكون محيطا بالتأويل وأسباب النزول ، والناسخ والمنسوخ ، والمحكم والمتشابه ، و الأساليب اللغوية المختلفة مما يجعلنا نوصي لطلب العلم ، ونؤكد على أهمية الحرص علي التفقه في الدين والالتزام للتخصص الدقيق وقت الحاجة الضرورية فالعامل علي غير علم قد يفسد أكثر مما يصلح ، والأخذ بظواهر النصوص في كل حال كان من أهم الأسباب التي أوجدت الفرقة بين كثير من المسلمين"

    قال الحسن البصري ـ رحمه الله ـ:
    " العامل علي غير علم كالسالك علي غير طريق ، والعامل علي غير علم ، ما يفسد أكثر مما يصلح فطلبوا العلم طلبا لا يضر بالعبادة، و اطلبوا العبادة طلبا لا يضر بالعلم ، فإن قوما طلبوا العبادة وتركوا العلم ، حتى خرجوا بأسيافهم علي أمة محمد صلي الله علية وسلم ولو طلبوا العلم لم يدلهم علي ما فعلوه "
    وفي ضوء ما سبق ندرك لماذا شدد الفقها علي التأني في الفتوى والتمهل في الحكم ، فقد كان " عمر بن الخطاب" رضى الله عنه وهو من هو ، لو عرضت علية مسألة يجمع لها أهل بدر . فليتقى الله أقوام ـ في هذا العصر ـ يتجرءون علي الفتوى : وتسورون أسوار النصوص بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير. حتى يقول قائلهم : " إن الأفغان أشد خطرا من الشيوعيين لأن الأفغان أحناف وهم يقرءون خلف الأمام في الصلة !!. ألم يعلم هؤلاء إن صحابة رسول صلي الله علية وسلم اختلفوا فيما بينهم في أمور ومسائل ، ولم يحل ذلك بينهم وبين التحاب والتناصر وجهاد الخصوم الحقيقيين للإسلام والمسلمين معا ؟ !!.
    ثانياً: الاستعلاء علي الغير بالعبادة :
    قد يتخذ بعض الناس من عبادته سببا للاستعلاء علي غيرة ، وينظر إليهم نظرة فيها شيء من السخرية والتحقير ، ظننا منه أن العلماء تهاونوا في موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولا يدرى ـ المسكين ـ أن جمهرة العلماء قرروا أن السكوت على المنكر مخافة الوقوع في منكر أكبر منه واجب تطبيقا لقاعدة : " ارتكاب أخف الضررين واجب " .
    قال الشيخ بن باز ـ رحمة الله تعالى ـ : " شاع في هذا العصر إن كثيرا من المنتسبين إلى العلم والدعوة إلى الخير يقعون في أعراض كثير من أخواتهم الدعاة المشهورين ويتكلمون في أعراض طلبة العلم والدعاة والمحاضرين يفعلون ذلك سرا في مجالسهم ، وربما ، سجلوه في أشرطة تنشر علي الناس ، وقد يفعلونه علانية في محاضرات عامة في المساجد ، وهذا المسلك مخالف لما أمر الله به رسوله من جهات عديدة ". منها ما يلي :
    • إنه تعد على خاصة المسلمين وهم الدعاة الذين بذلوا وسعهم في توعية الناس وأرشادهم للطريق المستقيم وتصحيح عقائدهم ومناهجهم .
    • إنه تفريق لوحدة المسلمين ، وتمزيق لصفوفهم ، وهم أحوج ما يكونون إلى الوحدة .
    • إن هذا العمل فيه مصلحة لأعدا ء الإسلام الذين لاهم لهم إلا الوقيعة بين علماء الأمة .
    • إن فيه إفسادا لقلوب العامة والخاصة وترويجا لأكاذيب والإشاعات الباطلة كما إن فيه سببا كبيرا للغيبة والنميمة ، وفتح أبواب الشر لضعاف النفوس .
    • إن معظم ما قيل لا حقيقة له ، وبعض الظن إثم ، وعلى المؤمن أن يحمل كلام أخيه على محمل حسن . يقول بعض السلف : (لا تظن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا ) .
    • والمسائل الاجتهادية التي يسوغ فيها الاجتهاد ، لا يؤاخذ عليها ما دام المتحدث فيها آهلا للاجتهاد ، والأجدر بمن يجادله أن يجادله بالتي هي أحسن حرصا على الوصول إلى الحق من أقرب طريق ، ولا داعي للتهجم والتجريح والشطط في القول ، الذي ربما يدعو لرد الحق والأعراض عنه . وأخيرا نصح الشيخ ابن باز هؤلاء بالرجوع إلي دعاة الحق ، وطلبة العلم ، إذا أشكل عليهم أمر ليبينوا لهم حقيقته".
    ثالثاً: فقدان الثقة في بعض العلماء
    لقد كان لبعض العلماء موقف من الحكام والحكم يتسم بالسلبية ، ومهما كانت الأسباب التي كانت وراء هذه السلبية : فقد كان لها رد فعل علي الشباب أدى إلى عدم الثقة في أقوالهم فأخذ بعض الشباب يتجه إلى القرآن والسنة ليستقى منهما الأحكام مع عدم حصولهم علي المؤهلات التي تؤهلهم للاجتهاد ، فوقعوا في مثل هذه الأخطاء . وعلاج هذا الخلل يتم بسد تلك الفجوة ، ومد جسور المودة بين الشباب المتدين والعلماء العاملين .
    رابعاً: الاقتصار على القراءة في كتب معينه دون غيرها
    مما يؤدى ألي التعصب الذي يعمى ويصم ، مع أن كل إنسان يؤخذ من قولة ويرد إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم . والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها .. فيجيب على المسلم أن يقرأ لجميع علماء الأمة حتى يستبين له الرأي و الرأي الأخر ،ثم يتبع الرأي الذي يشهد له الدليل ، هذا هو الأنصاف .
    خامساً: منع حرية التدين :
    منع حرية التدين ، من الأسباب الرئيسية في انتشار الغلو والتطرف ، لأن الناس فيهم تدين بالفطرة ، حتى الفاسق منهم لا يرضى المساس بحرمة الدين . إن هذا المنع يتخذ طرقا ووسائل مختلفة ، فاستعمال وسائل الإرهاب المختلفة والضغوط النفسية علي الشباب المسلم ، من أكبر أسباب انتشار الغلو ، إن الغلو يعشش وينمو في مثل هذه الأجواء "المشحونة" ومن تتبع نشأة بعض الفرق المغالية في هذا العصر يعلم ذلك .
    إن الفكر لا تقاوم إلا بالفكرة ، واستخدام العنف وحده في مقاومتها قد لا يزيدها إلا توسعا ، ولا يزيد أصحابها إلا إصرارا عليها . إنما تعالج بالإقناع والبيان إقامة الحجة وإزاحة الشبهات .
    سادساً: اتباع الهوى :
    فاتباع الهوى يصد عن الحق .. ويعمى ويصم .. قال تعالى : ( أفرأيت من أتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقبله وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ).
    قال عكرمة : أفرأيت من جعل إلهه الذي يعبده ما يهواه أو يستحسنه ، فإذا استحسن شيئا وهويه اتخذه إلها .
    وقال الحسن بن الفضل : في هذه الآية تقدم وتأخير ، مجازة : أفرأيت من اتخذ هواه إلهه.
    وقال الشعبي : إنما سمى الهوى هوى لأنه يهوى بصاحبه في النار .
    وقال ابن عباس : ما ذكر الله هوى في القرآن إلا ذمه ، قال تعالى: " واتبع هواه وكان أمره فرطا".
    وقال تعالى : " بل لتبع الذين ظلموا أهواءكم بغير علم فمن يهدى من أضل الله ) .
    وقال تعالى : ( ومن أضل ممن هواه اتبع هواه بغير هدى من الله).
    وقال تعالى : ( ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ).
    وقد ذم النبي صلي الله عليه وسلم اتباع في قوله : " ثلاث مهلكات ، وثلاث منجيات ، فالمهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه ، والمنجيات : خشية الله في السر والعلانية ، والقصد في الغنى والفقر ، والعد في الراضا والغضب ".
    وقال سهل بن عبد اله : " هواك داؤك ، فإن خالفته فدواؤك ".
    وقال ابن دريد :


    إذا طالبتك يومــا بشهـوة ....................وكان اليها للخلاف طريق

    فدعها وخالف ما هويت فإنما ...................هواك عدو والخلاف صديق


    ولا بن الجوزي كتاب في " ذم الهوى " أفاد فيه وأجاد
    وبالجملة : ما عبد تحت السماء إله أبغض إلى الله من الهوى !
    وفي الحديث : " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به".
    هذه بعض أسباب الغلو في الدين .

    سابعاً: ذم التفريط :
    واعلم أن الإسلام كما ذم الغلو ، فقد ذم التفريط وإضاعة الفروض ، وإهدار السنن باسم " الدين يسر "!!.
    فيسر الإسلام لا يعنى التفريط في أوامره ، وترك حدوده الله واقتحام محارمه . لقد زين الشيطان للناس اليوم أن المحافظة على أداء الصلوات .. والدعوة إلى تحكيم الشريعة ، وإلزام المرأة بالحجاب تزمت وتطرف وتضييق !! وان مخالفة أحكام الله ، والعرى ، وترك الصلوات ، والتعامل بالربا يسر ورفق !!...وضاع الشيطان العقول على هذا الانحراف واتبعوه !!.
    قال ابن القيم : " فما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان : إما إلى تفريط وإضاعة . وإما إلى إفراط وغلو . ودين الله وسط بين الجافي عنه والغالي فيه ، كالوادي بين جبلين ، والهدى بين ضلالتين "
    فاللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه .


    MMMMMMM

    4-التحذير من الكذب :

    عن عبد الله بن عامر رضي الله عنه ،قال : دعتني أمي يوما ،ورسول الله صلي الله علية وسلم قاعد في بيتنا ، فقالت: ها تعال أعطلك ، فقال لها رسول الله صلي الله علية وسلم : (ما أدرت أن تعطيه ؟ ) . فقال لها رسول الله صلي الله علية وسلم : ( أما إنك لو لم تعطه شيئا كتبت عليك كذبة ! ).
    أخي المسلم : اعلم أن الكذب من قبائح الذنوب ، وفواحش العيوب . قال إسماعيل بن واسط : سمعت أبا بكر الصديق رضي الله عنه يخطب بعده وفاة رسول الله صلي الله علية وسلم فقال :قام فينا رسول الله صلي الله علية وسلم مقامي هذا عام أول ـ ثم بكي ـ وقال : (إياكم والكذب فإنه مع الجور وهما في النار )
    تعريف الكذب :
    الكذب :هو الكلام علي خلاف الحقيقة ،وهو :أصل الذي بني علية النفاق ! . وهو محرم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة . هذا ، والإسلام لاحترامه الشديد للحق ، طارد الكذابين ، وشديد عليهم بالنكير . عن عائشة رضي الله عنها قالت : (ما كان من خلق أبغض إلى رسول الله صلي الله علية وسلم من الكذب ، ما اطلع علي أحد من ذلك بشيء فيخرج من قلبه حتى يعلم أنه قد أحدث توبة ) ولا غرو فلقد كان السلف الصالح يتلاقون علي الفضائل ويتعارفون بها ، فإذا أساء السيرة وحاول أن ينفرد بمسلك خاطئ بدا بعمله هذا كالأجرب بين الأصحاب فلا يطيب له مقام بينهم حتى يبرأ من علته !!. وبالجملة : فالكذب رذيلة محضة تنبئ عن تمن الفساد في نفس صاحبها !!.
    أنواع الكذب :
    اعلم ـ أخي الكريم ـ أن الكذب ثلاثة أنواع : النوع الأول : الكذب علي الله :
    وبعد هذا النوع أفحش أنواع الكذب ، وأعلاه : (أ) أن يجعل الإنسان مع الله إلها آخر :
    قال تعالي : ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون
    . الحق من ربك فلا تكن من الممترين. فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبناءكم ونساءنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين ).
    (ب)- تكذيب الله تعالي فيما أخبر :
    عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله علية وسلم قال : (قال تعالي : كذبني ابن آدم ، ولم لم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك . فأما تكذيبه إياي ، فقوله :لن يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته . وأما شتمه إياي ،فقوله :اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ، ولم يكن لي كفوا أحد )

    (ج)- تحريم ما أحل ، أو تحليل ما حرم :
    قال تعالي : ( قل أر أيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل الله أذن لكم أم علي الله تفترقون . وما ظن الذين يفترون علي الله الكذب يوما القيامة ....).
    النوع الثاني :الكذب علي الرسل :
    قال رسول الله صلي الله علية وسلم : (إن كذبا علي ليس ككذب علي أحد فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعدة من النار ) ويدخل في نطاق هذا الافتراء، سائر ما ابتدعته الجهال ، وأقحموه في دين الله من محدثات لا أصل لها ، عدها العوام دينا ، وما هي بدين !! وقد نبه النبي صلي الله عليه وسلم أمته إلى مصادر هذه البدع المنكرة ، وحذر من الانقياد إلى تيارها ، وتمسك المسلمين بأي كتابتهم وسنة سلفهم ، قال : (يكون في آخر أمتي أناس دجالون كذابون يحدثونكم بما تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم ، لا يضلونكم ولا يفتنوكم ) .
    قلت : رأينا بعضهم ، وسمعنا أحاديثهم وهم يكذبون السنة الصحيحة وينكرون عذاب القبر ونعمته ، والشفاعة ، وحد الردة ، ويقولون : (إن حجاب المرأة بدعة يهودية )! ، ودولة الخلفاء الراشدين كانت علمانية !! وغير ذلك من الأضاليل والأباطيل .
    النوع الثالث : الكذب علي الناس :
    أحصي الشارع الحكيم مز الق الكذب ، وأوضح سوء عقباها ، حتى لا يبقي لا حد منفذ إلي الشرود عن الحقيقة ، أو الاستهانة بتقريرها . فالمرء قد يستسهل الكذب حين يمزج حاسبا أن مجال الله لا خطر فيه !! هنا يقول النبي صلي الله عليه وسلم : (ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك منه القوم فيكذب ، ويل له ، ويل له ، ويل له ) ويدخل في نطاق الكذب علي الناس : شهادة الزور ، وإنفاق السلعة بالخلف الكاذب ، والغش في البيع والشراء ..الخ .
    قال صلي الله علية وسم : (كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدق وأنت له به كذب ) ونظرا لما يترتب علي الكذب من أضرار ، أوصي الإسلام بغرس الصدق في نفوس الأطفال حتى يثبوا عليها ، وقد ألفوها في أقوالهم وأحوالهم كلها ، لذا قال النبي صلي الله علية وسلم لأم عبد الله بن عامر : ( أما إنك لو لم تعه شيئا كتبت عليك كذبة ).
    النهي عن الإطراء :
    (هناك فريق من الناس يتخذ المدائح الفارغة بضاعة يتملق بها الأكابر ويصوغ من الشعر القصائد المطولة ، ومن الثر الخطب المرسلة ، فيكيل الثناء جزافا ويهرف بما لا يعرف وربما وصف بالعدالة الحكام الجائزين .. ووصف بالشجاعة الأغبياء الخوارين ، ابتغاء عرض من الدنيا ند هؤلاء وأولئك . هذا الصنف من الأذناب الكذبة ، أوصي الرسول صلي الله عليه وسلم بمطاردتهم ، حتى يرجعوا من تزويدهم ، بوجوه عفرها الخزى والحرمان .
    عن أبي هريرة ،قال : (أمرنا رسول اله أن نحثو في وجوه المداحين التراب ). وقد ذكر شراح الحديث : أن المداحين المعنيين هنا : ( هم الذين اتخذوا مدح الناس عادة ، ستأكلون به الممدوح ، فأما من مح علي الأمر الحسن والفعل المحمود ـ ترغيبا في أمثاله، وتحريضا للناس علي الاقتداء به ـ فليس بمداح ). والحدود التي يقف عندها المسلم ، ويخرج بها من تبعة الملق والمبالغة ، وينتفع بها ممدوحة ، فلا يزله إلى العجب والكبرياء ، قد بينها النبي صلي الله علية وسلم .
    أثني رجل علي رجل عند رسول الله ، فقال له : (ويحك قطعت عنق صاحبك ) ـ قالها ثلاثا ـثم قال : (من كان مادحا أخاه لا محالة فليقل : أحسب فلانا ـ والله حسيسة ولا يزكي علي الله أحد ـ أحسب فلانا كذا وكذا ، إن كان يعلم ذلك منه )
    أخي المسلم : ويمتد التحذير من الكذب ليشمل كل أنواع المعاملات :
    قال رسول الله صلي الله علية وسلم : (البيعان بالخيار مال يتفرقا ، فإن صدق البيعان وبينا بورك لهما في بيعها ، وإن كذبا وكتما فعسي أن يرجا ربحا ما ، ويمحق بركة بيعهما ، اليمن الفاجرة منفقة للسلعة ممحقة للكسب ).
    وعن أبى ذر رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ).
    قال : فقرأها رسول الله صلي الله علية وسلم ثلاث مرات ، فقلت : خابوا وخسروا ، ومن هم يا رسول الله ؟
    قال : ( المسبل ، والمنان ، والمنفق سلعته بالخلف الكاذب )
    ولا يجوز للبائع أن يغطي عيب بضاعته .
    قال رسول الله صلي الله علية وسلم : ( لا يحل لا مريء مسلم يبيع سلعته ، يعلم أن بها داء إلا أخبر به ).
    وكذلك الحيف في (الشهادة) من أشنع الكذب ، وأضره علي الإنسان
    قال تعالي : (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو علي أنفسكم أو الو الدين و الأقربين إن يكن غناء أو فقيرا فالله أولي بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا ) .
    إن التزوير كذب كثيف الظالمات، إنه لا يكتم الحق فحسب ، بل يمحقه ليثبت مكانه الباطل ، وخطره علي المجتمع شديد مبيد ، وهو دليل علي فساد الباطن .
    قال تعالي : ( ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليهم ).
    هذا وعلي المسلمين أن يجعلوا من كلمتهم قانونا مرعي الجانب ، يقفون عنده ويستمسكون به ، فإنه لمن المؤسف أن تكون الوعود المختلفة ، والحدود المائعة عادة مأثورة عن كثير من المسلمين ، مع أن دينهم جعل الوعود الكاذبة أمارة النفاق !!.
    عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلي الله علية وسلم قال: (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ، ومن كان فيه مخلصة منهن كانت فيه خصلة النفاق حتى يدعها : إذا ائتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر).

    ( قصة مؤثرة ):
    قال الشيخ (عبد القادر الجيلاني):
    بنت أمري علي الصدق ، وذلك أني خرجت من مكة إلى بغداد أطلب العلم ، فأعطي أمي أربعين دينار ، وعاهدتني علي الصدق .ولما وصلنا أرض (مهدان ) خرج علينا عرب ، فأخذوا القافلة ، واحد منهم وقال : ما معك ؟.
    قلت : أربعون دينار ، فظن أني أهزأ به ،فتركني . فرآني رجل آخر فقال ما حملك علي الصدق ؟
    قلت: عاهدتني أمي علي الصدق ، فأخاف أن أخون عهدها . فصاح باكيا ، وقال : أنت تخاف أن تخون عهد أمك ، وأنا لا أخاف أن أخون عهد الله !!. ثم أمر برد ما أخذوه من القافلة ، وقال: أنا تائب لله علي يديك .
    فقال من معه : أنت كبيرنا في قطع الطريق ، وأنت اليوم كبيرنا في التوبة . فتابوا جميعا ببركة الصدق وسببه .
    أثار في النهي عن الكذب :
    يروى أن موسى علية السلام قال : يا رب أي عبادك خير لك عملا ؟
    قال : ( من لا يكذب لسانه ، ولا يفجر قلبه ، ولا يزني فرجة ).
    وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (أحبكم إلينا ما لم نركم : أحسنكم اسما ، فإذا رأيناكم فأحبكم إلينا أحسنكم خلقا فإذا اختبرناكم فأحبكم إلينا أصدقكم حديثا وأعظمكم أمانة )
    وقال علي رضى الله عنه : ( أعظم الخطايا عند الله : اللسان الكذوب ، وشر الندامة : ندامة يوم القيامة ).
    وقال الشعبي ـ رحمة الله تعالي ـ (ما أدرى أيهما أبعد غورا في النار الكذاب أو البخيل ).
    وقال مالك بن دينار ـ رحمة الله تعالي ـ : قرأت في بعض الكتب : (ما من خطيب إلا وتعرض خطبته علي عمله فإذا كان صادقا صدق ، وإن كان كاذبا قرضت شفتاه بماقريض من نار كلما قرضتا نبتتا !!.)
    وقال ـرحمة الله ـ : ( الصدق والكذب يعتركان في القلب حتى يخرج أحدهما صاحبه ).
    ما رخص فيه من الكذب :
    اعلم أن الكذب لي حراما لعينه بل لما فيه من الضرر علي المخاطب أو علي غيره ، فإن أقل درجاته أن يعتقد المخبر الشيء علي خلاف ما هو علية فيكون جاهلا ، وقد يكون الكذب مأذونا فيه وربما كان واجبا .
    قال ميمون بن مهران ـ رحمة الله ـ : الكذب في بعض المواطن خير من الصدق ، أريت لو أن رجلا سعي خلف إنسان بالسيف ليقتله فدخل دار فانتهي إليك فقال : أرأيت فلانا ؟ ما كنت قائلا ؟ ألست تقول : لم أره ؟ وما تصدق به . وهذا الكذب الواجب .
    قلت : وفي الحديث : عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلي الله علية وسلم قال : (من حمى مؤمنا من منافق أراه قال : بعث الله ملكا يحمي لحمه يوم القيامة من نار جنهم ...) فمهما كان لا يتم مقصود الحرب أو إصلاح ذات البين أن استمالة قلب المجني عليه إلا بكذب فالكذب مباح ، إلا أنه ينبغي أن يحترز منه ما أمكن ، لأنه إذا فتح باب الكذب علي نفسه فيخشى أن يتداعى إلى ما يستغني عنه والي ما لا يقتصر على حد الضرورة ، فيكون الكذب حراما في الأصل إلا لضرورة.
    وعن أم كلثوم قالت : ما سمعت رسول الله صلي الله علية وسلم رخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث : الرجل يقول يريد به الإصلاح ، والرجل يقول القول في الحرب ، والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها . قلت : قوله : ( والرجل يحد امرأته ...) أي : من أجل أن يرضيها ، أو يستميل قلبها إليه ، وكذلك بالنسبة لها يجوز لها أن تنتقى من الكلام أحسنه ،أو تضفي عليه أوصافا لم يصل إليها ، تأليفا للقلوب ، وترطيبا للحياة بين الزوجين .
    أخي : أما ما عدا ما رخص فيه من الكذب فهو حرام يهدى إلى الفجور، والفجور يهدى إلى النار . ويكفى الكذب ذما أنه صفة متأصلة في اليهود!!.
    قال تعالى : ( ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه ).
    وهو من ذنوب إبليس !. قال تعالي : (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين . فدلاهما بغرور ).
    فيا أخا الإسلام : عليك بالصدق ، واعلم أنك إذا طلبت الله بالصدق آتاك الله مرآة بيدك حتى تبصر كل شيء من عجائب الدنيا والآخرة . (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ). اللهم طهر قلوبنا من النفاق ، وأعيننا من الخيانة ، وألسنتنا من الكذب .

    MMMMMMM

    5-التحذير من النميمه :

    عن ابن عباس رضي الله عنه : أن رسول الله صلي الله علية وسلم مر بقبرين يعذبان ، فقال : (إنهما يعذبان ، وما يعذبان في كبير بلى إنه كبير : أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة ، وأما الأخر فكان لا يستتر من بوله أخي المسلم : في هذا (الحديث ) تحذير شديد من عملين كبيرين تسبب كل واحد منهما في تعذيب صاحبه في قبرة :
    الأول :النميمة .
    والثاني : عدم الاستتار من البول .
    وحديثنا يدور ـ هنا ـ حول (النميمة) ما هي النميمة ؟ وما أدلة تحريمها ؟. وما الأسباب الباعثة عليها ؟. ومتى تجوز ؟. وما موقفنا من أهلها ؟. هذا ما سوف نفصله على السطور القادمة ـ إن شاء الله ـ .
    النميمة : هي نقل الحديث بين الناس على جهة الإفساد بينهم .. فالنمام يعمل جاسوسا لحساب الشيطان !!. فإذا كان الشيطان يريد أن يوقع العداوة والبغضاء بين المسلمين .. فصاحب النميمة ذراعه في ذلك .. وسهمه الصائب في هذا المضمار . فكم من دماء سفكت بسبب وشاية كاذبة !. وكم من بيوت انهارت وأرحام قطعت بسبب كلمة فاجرة غادرة . لذا فالنميمة عند الله أشد من قتل النفس !!. قال تعالي : (والفتنه أشد من القتل ).
    أدلة تحريمها :
    النميمة حرام بإجماع المسلمين ، وقد ظاهرت علي تحريمها الدلائل الشرعية من الكتاب والسنة :
    • قال تعالى : (ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم ) قال عبد الله بن البارك ـ رحمة الله ـ :الزنيم : ولد الزنا الذي لا يكتم الحديث .
    • وقال تعالى : (ويل لكل همزة لمزة ) قيل : الهمزة : النمام .
    • وقال تعالى : (وامرأته حمالة الحطب ). قيل : كانت نمامة حمالة للحديث .
    • وقال صلى الله علية وسلم ( لا يدخل الجنة نمام ). وفى رواية : (قتات ). قال الحفظ المنذرى : والقتات والنمام بمعنى واحد، وقيل النمام : الذي يكون مع جماعة يتحدثون حديثا فينم عليهم . والقتات : الذي يتسمع عليهم وهم لا يعلمون ثم ينم .
    • وعن أبى هريرة قال : كنا نمشى مع رسول الله صلى لله علية وسلم فمررنا على قبرين فقام فقمنا معه ، فجعل لونه يتغير حتى رعد كم قميصه ، فقلنا : ما لك يا رسول الله ؟.
      فقال : (أما تسمعون ما أسمع ؟ ) .
      فقلنا : وما ذاك يا نبي الله ؟
      قال : ( هذان رجلان يعذبان في قبورهم عذابا شديدا في ذنب هين ).
      قلنا : فيم ذاك ؟.
      قال : (كان أحدهما لا يستنزه من البول ، وكان الآخر يؤذى الناس بلسانه ، ويمشى بينهم بالنميمة ).
      فدعا بجريدتين من جرائد النخل ، فجعل في كل قبر واحدة ، قلنا: وهل ينفعهم ذلك ؟
      قال : ( نعم يخفف عنهما ما دامتا رطبين ).
      قال الإمام المنذرى رحمه الله ـ: ( قوله : في ذنب هين ) أي هين عندهما ، وفي ظنهما ، لا أنه هين في نفس الأمر ، فقد تقدم في حديث ابن عباس قوله صلي الله علية وسلم (بلي إنه كبير )، وقد أجمعت الأمة علي تحريم النميمة ، وأنهما من أعظم الذنوب عند الله تعالي ).
    • وقال صلى الله علية وسلم : (خيار عباد الله الذين إذا رؤوا ذكر الله ، وشرار عباد الله المشاءون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة ، الباغون للبراء العنت )
    الأسباب الباعثة علي النميمة :
    الأسباب الباعثة علي النميمة ، كثيرة نذكر منها سببين :
    الأول : فساد القلب وظلمة السر وسوء الطوية .
    والثاني : الحقد الدفين .

    متى تجوز النميمة ؟ :
    تجوز النميمة لمصلحة شرعية .. كأن يكون هناك تأمر ضد الدولة مثلا من جهة معادية ، أو تأمر يستهدف عرض مسلم أو ماله أو أرضه أو دمه وسمعت عن هذا التآمر فواجب عليك (شرعا ) تحذير المستهدف من هذا الخطر . وفي الحديث : (من حمى مؤمنا من منافق بعث الله ملكا يحمى لحمة يوم القيانة من نار جهنم ). وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه عبد الله بن أبى يقول : ( لا تنفقوا علي من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله ، ولئن رجعنا من عنده ليخرجن الأعز منها الأذل ). فذكرت ذلك لعمي ـ أو لعمرت ـ فذكره للنبي صلى الله علية وسلم فدعاني فحدثته ، فأرسل رسول الله صلي الله علية وسلم إلى عبد بن أبى وأصحابه فحلفوا ما قالوا ، فكذبني رسول الله صلي الله عليه وسلم وصدقه ، فأصابني هم لم يصبني مثله قط ، فجلست مثله قط ، فجلست في البيت ، فقال لي عمى ما أردت إلى أن كذبك رسول اله صلي الله علية وسلم ومقتك ، فأنزل الله تعالي : (إذا جاءك المنافقون ) فبعث إلى النبي صلي الله علية وسلم فقرا فقال : (إن الله صدقك يا زيد )
    كيف نتعامل مع أهل النميمة ؟
    قال الأمام الغزالي ـ رحمة الله تعالى ـ ما مختصره : (كل من حملت إليه النميمة ،وقيل له : إن فلانا قال فيك كذا وكذا ، أو فعل في حقك كذا ،أو هو يدبر في إفساد أمرك ، أو في ممالأة عدوك أو تقبيح حالك أو ما يجرى مجراه ، فعليه ستة أمور :
    الأول : أن لا يصدقه لأن النمام فاسق ، وهو مردود الشهادة . قال تعالى : ( إن جاءكم فاسق بنا فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة ....)
    والثاني : أن ينهاه عن ذلك وينصح له ويقبح عليه فعله . قال تعالى : ( وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر ).
    والثالث : أن يبغضه في الله تعالي فإنه بغيض عند الله تعالي ويجب بغض من يبغضه الله تعالي .
    الرابع : أن لا تظن بأخيك الغائب السوء لقوله تعالي : (اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ).
    الخامس : أن لا يحملك ما حكى لك علي التجسس والبحث لتتحق ، اتباعا لقوله تعالي : (ولا تجسسوا ) .
    السادس : أن لا ترضي لنفسك ما نهيت النمام عليه ، ولا تحكي نميمته فتقول : فلان قد حكى لي كذا وكذا ، فتكون به نماما ومغتابا ، وقد تكون قد أتيت ما عند نهيت .
    وقد روى عن عمر بن عبد العزيز أنه دخل عليه رجل فذكر له عمر : إن شئت نظرنا في أمرك فإن كنت كاذبا فأنت من أهل هذه الآية (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) .وإن شئت عفونا عنك ؟
    فقال : العفو يا أمير المؤمنين لا أعود إليه أبدا .
    وقال الحسن : (من نم إليك ، نم عليك ).
    وقال رجل لعمرو بن عبيد : إن الأسوارى ما يزال يذكرك في قصصه بشر ، فقال له عمرو : يا هذا ما رعيت حق مجالسه الرجل حيث نقلت إلينا حديثه ، ولا أديت حقي حين أعلمتني عن أخي ما أكره ، ولكن أعلمه أن يعمنا ، والقبر يضمنا والقيامة تجمعنا والله يحكم بيننا وهو خير الحاكمين . وعلي الجملة : فشر النمام عظيم.

    (حكاية) :
    قال حماد بن سلمة : ( باع رجل عبدا وقال للمشترى : ما فيه عيب إلا النميمة .
    قال : رضيت . فاشتره ، فمكث الغلام أياما ثم قال لزوجة مولاه : إن سيدي لا يحبك وهو يريد إن (يتزوج عليك ) أو يتسرى عليك فخذي الموسى واحلقي من شعر قفاه عند نومة شعرات حتى أسحره عليها فيجبك .
    ثم قال للزوج : إن امرأتك اتخذت خليلا وتريد أن تقتلك ، فتنام لها حتى تعرف ذلك ، فتناوم لها .. فجاءت المرأة بالموسى ، أنها تريد قتله فقام إليها فقتلها ، فجا أهل المرأة فقتلوا الزوج ، ووقع القتال بين القبلتين !!).
    فيها أيها المسلم : إذا عرفت هذا الخطر .. فكن منهم على حذر .. ولا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين .

    MMMMMMM


  3. #3
    التسجيل
    12-01-2007
    الدولة
    K S A
    المشاركات
    686

    رد: وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم

    MMMMMMM


    6-حكم الرشوه في الاسلام :



    عن أبى حميد الساعدى رضي الله عنه قال : استعمل النبي صلي الله علية وسلم رجلا من الأزد يقال له : "ابن اللتبية " على الصدقة ، فلما قدم قال : هذا لكم ، وهذا أهدى إلى !!.
    قال : فقام رسول الله صلي الله علية وسلم ،فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :
    "أما بعد :
    فإني أستعمل الرجل منكم علي العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول : هذا لكم وهذا هدية أهديت لي ، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقا ؟ والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله بحمله يوم القيامة فلا أعرفن أحدكم منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء ، أو بقرة لها خوار ، أو شاة تيعر "، ثم رفع يديه حتى رؤى بياض إبطيه يقول : "اللهم هل بلغت ".

    أخي المسام : في هذه " الوصية " يحذر النبي الكريم صلي الله عليه وسلم من استغلال المناصب ، وينكح جماح كل من ولاه الله تعالى منصبا عن أموال الناس وهداياهم ، ويبين فيها : أن من استعمل علي عمل فمد يده لهدايا الناس أو أموالهم فهو آثم ومرتش
    تعريف الرشوة :
    الرشوة : ـ بفتح الراء وكسرها ـ هي ما يمده المحتاج من مصانعة ومال ونحوه لنيل حاجة متعذرة .
    "أو هي :ما يدفعه ظالم لأخذ حق ليس له ، أو لتفويت حق علي صاحبه انتقاما منه ومكرا به ، وللحصول علي مناصب ليس جديرا به ، أو عمل ليس أهلا له .
    والرشوة : مأخوذة من الرشا أو الرشاء وهو " الدلو " أو "الحبل الذي يدلى ف البئر من أجل الحصول علي الباقية .
    فهو يمد للحاكم حبال مودته الكاذبة من أجل أن ينال ما يريد منه بأيسر طريق ، وأخس وسيلة غير مبال بما يترتب علي ذلك من العواقب المهلكة والجرائم المزرية بالأخلاق والقيم " .
    وهى : ضرب من ضروب أكل أموال الناس بالباطل ، وهى ماحقة للبركة ومزيلة لها .
    والراشي: المعطي للرشوة .
    والمرتشي : الآخذ لها .
    والرائش : الوسيط بينهما .

    تحريم الرشوة بالكتاب والسنة :
    جاءت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تحذر من الرشوة ، ومن أكل أموال الناس بالباطل :

    • قال تعالى : " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحاكم لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ".

      أي : لا تدلوا بأموالكم إلى الحاكم ، أي لا تصانعوهم بها ولا ترشوهم ليقتطعوا لكم حقا لغيركم وأنتم تعلمون أنه لا يحل لكم .
    • وعن أبى أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "من شفع لأخيه بشفاعة فأهدى له عليها هدية فقد أتى بابا عظيما من أبواب الربا ".
    • وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال : " لعن رسول الله صلي الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم " .؟ رواه الترمذى وحسنه وابن حبان في "صحيحة " والحاكم ، وزادوا : "والرائش " .
    • وعن عبد اله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " لعنه الله علي الراشي والمرتشي ".
    • ومن الآثار قال ابن مسعود رضي الله عنه : " الرشوة في الحكم كفر ، وهي بين لناس سحت ".
      وعنه رضي الله عنه ، قال : " السحت أن تطلب لأخيك الحاجة فتقضي فيهدى إليك هدية فتقبلها منه " .
    أنواعها :
    الرشوة ثلاثة أنواع :
    النوع الأول : ما يتوصل به إلى أخذ شيء بغير حق كالتي يدفعها الجاهل الآثم ن لحاكم أو مسئول من أجل الحصول علي إعفاء من شيء وجب عليه أداؤه ، أو للحصول علي شيء قبل أوانه ، أو من أجل ترويج سلعة فاسدة ، أو من أجل أن يحظى بصيد ثمين في مزاد علني أو مناقصة عالمية ، وما أشبه ذلك من الأمور التي يترتب عليها أكل أموال الناس بالباطل . وهذا النوع هو من أشد الأنواع جرما وأعظمها إثما وأكبرها خطرا على المجتمع .. قال الله تعالى : " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحاكم لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون " .

    النوع الثاني : ما يتوصل به إلى تفويت حق على صاحبه انتقاما منه بدافع من الغيرة والحسد وما إلى ذلك . وهو قريب من النوع الأول بل هو داخل فيه . وهل هناك شيء أكبر جرما من ظلم الأخ لأخيه بمثل هذه الوسيلة المخزية المردية ؟! ليس في العالمين أخبث سريرة ، وأسوأ سيرة من ذلكم المحتال على الحاكم ، لحماهم على تضييع الأمانة ، وتفويت الحقوق على مستحقيها .
    النوع الثالث : ما يتوصل به إلى منصب أو عمل وهو حرام بإجماع الأمة ....وتشتد الحرمة إذا كان الراشي ليس جديرا بهذا المنصب ، ولا أهلا لذاك العمل " .
    متى تجوز الرشوة:
    أجاز العلماء دفع الرشوة من أجل رفع ظلم أو رد حق ، شريطة أن يتيقن من أنه لا يستطيع التوصل إلى دف هذا الظلم أو ر هذا الحق إلا إذا دفع رشوة لمن بيده القدرة علي ذلك . والإثم هنا يقع على الآخذ دون المعطي . وذلك لأن المشقة تجلب التيسير .. والله تعالى يقول : " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ". ورفع الحرج له أصل في أصل في الشريعة ، شريطة أن تقدر الضرورة بقدرها . وقال تعالى : " فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم " . فهذه الآية عامة تشمل بعمومها كل مضطر معرض للخطر المحقق ،والضرر المحدق . ولا يجوز أن تتسع دائرة الإباحة في هذا الأمر لتشمل كل اضطرار فهناك ضر خفيف لا يقاوم إثم الرشوة وما يترتب عليها من غضب وعقاب ! وبالجملة : فالإنسان أبصر بنفسه ، وهو المسئول وحده عن تصرفه بين يدي الله يوم القيامة ، هل كان معذورا أم لا ؟ والسعيد من أعد للسؤال جوابا . فإذا تعرض لدفع رشوة وهو كاره ، ومضطر فلا جناح عليه عند جمهور العلماء ، ولكن عليه أن يتبع السيئة بالحسنة . أما المرتشي فإن عليه من الوزر ما تقشعر منه القلوب والأبدان . إن ذنب الرشوة لا يقل عن الربا لما فيها من استغلال القوى للضعيف ، والحاكم للمحكوم ، ولما يترتب عليها من ضياع للحقوق وإفساد للذمم وإغطاط الأخلاق .
    وقال الحافظ الذهبي : ـرحمه الله تعالى ـ: "قال العلماء .... وإنما تلحق اللعنة الراشي إذا قصد بها أذية مسلم ، أو ينال بها ما لا يستحق . أما إذا أعطى ليتوصل إلى حق له ويدفع عن نفسه ظلما فإنه غير داخل في اللعنة . وأما الحاكم فالرشوة عليه حرام أبطل بها حقا أو دفع بها ظلما . وقد روى من حديث آخر : " إن اللعنة على الرائش " أيضا وهو الساعي بينهما ، وهما تابع للراشي في قصده ، إن كان خيرا لم تلحقه اللعنة وإلا لحقته " وبالجملة : فالرشوة من أجل دفع الضرر ورد الحق الضائع جائزة شرعا وعرفا بشرطين .
    الأول : تيقنه من استحالة نيل حقوقه إلا بها (وتكون بقدر الضرورة فقط ) .
    والثاني : ألا يستحل ذلك ، بل يستنكره في نفسه على الأقل ، ويستغفر الله تعالى .

    أخي المسلم : لقد سمعت عن عقوبة الراشي والمرتشي والرائش في الآخرة وهي اللعن والطرد من رحمة الله . وسمعت شيئا عن مفاسدها في المجتمع ، أفلا يكون في ذلك ، راعا عنها لكل مؤمن يخشى الله ويخاف عقابه ، ولكل مخلص يحافظ علي دينه ومجتمعه ؟!. كيف يرضي مسلم أن يعرض نفسه لغضب الله وعقوبته ؟ بل كيف يرضي أن يخون دينه وأمانته ؟. هل يليق بمؤمن يعرف الله ويوقن باليوم الآخر أن يسعى في فساد المجتمع وإبادته ؟!.
    إن الرشوة : " تطمس الحق ، وتحجب العدل ، وتكون سببا في ضياع الحقوق وإعطاء من لا يستحق ما ليس له ، كما تساعد على إخفاء الجرائم ، وتستر القبائح ، وتقلب الوقائع . وقد تقدم غير الكفء على الكفء ، وترفع الخامل ،وتخفض المجد ، وتنفع الغنى القادر وتضر الفقير المحتاج وقد تجلب لبلاد المسلمين المواد الفاسدة والمخدرة والسموم والمحرمات وتتيح التجسس ويحل الغش محل الإخلاص ، والخيانة محل الأمانة ... وما ترتب على ذلك من المفاسد والآثار البالغة السوء على الأفراد والجماعات والأمة الإسلامية ، ولهذا كانت الرشوة في نظر أهل الدنيا جريمة يعاقب عليها القانون ، وخيانة وطنية ، وهي في نظر الشرع إثم عظيم ، وقد تكون وسيلة للكفرـوالعياذ بالله ـ إذا أحلت حراما وحرمت حلالا وهذا ما ينطق به الواقع المؤلم !!!. فما فشت الرشوة في أمة إلا وحل فيها الغش محل النصح ، والخيانة محل الأمانة ، والخوف محل الأمن ، والظلم محل العدل . فالرشوة مهدرة للحقوق ،معطلة للمصالح ، مجرئة للظلمة والمفسدين . ما فشت في مجتمع إلا وآنت بهلاكه". والخلاصة :
    • 1ـ التحذير من الرشوة والإعانة عليها .قال تعالى : "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ".
    • 2ـ الرشوة سبب مباشر لعدم إجابة الدعاء ، لأن الحرام يوصد أبواب السماء أمام الداعي !! وفى "صحيح مسلم "حين ذكر النبي صلي الله علية وسلم " الرجل يطيل السفر أشعت أغير يمد يديه إلى السماء يا رب ، وطعمه من حرام ، ومشربه من حرام ، وملبسة من حرام ، وغذى بالحرام فأنى يستجاب لذلك ؟!".
    • 3ـ الرشوة سبب مباشر لدخول النار . ففي " صحيح البخاري ": أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : "إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة ". وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : "إن الله عز وجل قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم ، وإن الله عز وجل يعطى الدنيا من يجب ومن لا يجب ، ولا يعطى الدين إ من أجب ، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه ، والذي نفسي بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه ، ولا يكسب مالا من حرام فينفق منه فيبارك فيه ، ولا يتصدق به فيقبل منه ، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار . إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ،ولكن يمحو السيئ بالحسن . إن الخبيث لا يمحو الخبيث ".
    • 4 ـ الرائش يعين المرتشي على الظلم ، والله تعالى يقول : " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون ". وقال مكحول الدمشقي ـ رحمه الله تعالى ـ: "ينادى مناد يوم القيامة : أين الظلمة وأعوانهم ؟ فما يبقى أحد مد لهم حبرا أو حبر لهم دواة أو برى لهم قلما فما فوق ذلك إلا حضر معهم فيجمعون في تابوت من نار فيلقون في جهنم " .
    • 5 ـ الرشوة تؤدى إلى اختلال ميزان العدالة في المجتمع ، وإحداث خلل فيه ، قد يؤدى إلى ضياعه وانهياره . قال الشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-:" إن الله تعالى ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ، ويخذل الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة!".
    • 6- الهدايا التي تقدم للموظفين من الرعية ، تعد رشوة مقنعة ، لذا أنكر النبي صلي الله عليه وسلم على " ابن اللتبية " قائلا : " أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقا ؟ والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حق إلا لقي الله يحمله يوم القيامة." الحديث
    • 7ـ وجوب محاسبة الموظفين والقائمين على أعمال داخل الدولة أو خارجها من جهة ولاة الأمور إذا حدث تجاوز كما فعل النبي صلي الله عليه وسلم مع " ابن اللتبية "
    ضمائر الأبرار :
    سطر الأنبياء والصالحون مواقف مشهودة في يقظة الضمير ، ونظافة السيد والاستعلاء على الشهوات والشبهات :
    • فها هو " سليمان علية السلام " يرفض الرشوة في إباء واستعلاء ، فعندما قالت "ملكة سبأ ": "وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون ". ماذا فعل "سليمان علية السلام "؟. قال الله تعالى : "فلما جاء سليمان قال آتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون ". صمود مبارك أمام الإغراء .
    • وعن سليمان بن يسار .أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يبعث ابن رواحه إلى خيبر فيخرص بينه وبين يهود ، فجمعوا حليا من نسائهم ، فقالوا : هذا لك وخفف عنا !!.
      قال : يا معشر يهود ! والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلى ، وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم ، والرشوة سحت .
      فقالوا : بهذا قامت السماوات والأرض .
      فيا أخا الإسلام : كن حارسا على دينك وضميرك ، واحرص على أخرتك ومصيرك ، " ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ". " اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام ، واكنفنا بركنك الذي لا يرام ، فلا نهلك وأنت رجاؤنا ".
    MMMMMMM

    7-متى يحل دم المسلم :

    عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " لا يحل دم أمري مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة " .
    أخي المؤمن : هذا الحديث المبارك . . شوكة في حلق المجرمين والمضلين . . لذا قوبل باعتراضات " ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب ". لقد أعلن النبي صلي اله عليه وسلم فيه الحرب على الفساد . . وأمر فيه بالهجوم على مواقع الرذيلة وحرصها . . وتقليم أظافر المجرمين وردعها . قال الإمام ابن رجب ـ رحمه الله ـ في شرحه لهذا الحديث ـ ما مختصره : " وفيه تفسير أن هذه الثلاث خصال هي حق الإسلام التي يستباح بها دم من شهد أن لا إله إلا الله ، و أن محمد رسول الله ، والقتل بكل واحدة من هذه الخصال الثلاث متفق عليه بين المسلمين . فأما زنى " الثيب " فأجمع المسلمون على أن حده الرجم حتى يموت ، وفد رجم النبي صلي الله عليه وسلم " ماعز " و " الغامدية " . وقد استنبط ابن عباس الحكم من القرآن من قوله تعالى : " يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير " . قال : " فمن كفر بالرجم فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب " ثم تلا هذه الآية وقال "كان الرجم مما أخفوا ". واخرج " مسلم " في " صحيحة " من حديث البراء بن عازب قصة رجم اليهوديين وقال في حديثه : فأنزل الله ( يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر ) وأنزل ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) في الكفار كلها .

    وكان الله تعالى قد أمر أولا بحبس النساء الزواني إلى أن يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ، ثم جعل الله لهن سبيلا . ففي " صحيح مسلم " عن عبادة عن النبي صلي الله عليه قال : " خذوا عنى قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " . وقد أخذ بظاهر هذا الحديث جماعة من العلماء وأوجبوا جلد الثيب مائة ثم رجمه ، كما فعل على رضي الله عنه بشراحة الهمدانية وقال: " جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم " . ويشير إلى أن كتاب الله فيه جلد الزانيين من غير تفصيل بين ثيب وبكر . وجاءت السنه برجم الثيب خاصة مع استنباطه من القرآن أيضا ، وهذا القول هو المشهور عن الإمام أحمد وإسحاق ، وهو قول الحسن وطائفة من السلف . وقالت طائفة منهم : إن كان الثيبان شيخين جلدا ورجما ، وإن كانا شابين رجما بغير جلد ، لأن ذنب الشيخ أقبح ، لا سيما بالزنا ، وهذا قول أبى بن كعب ، وهو رواية عن أحمد وإسحاق أيضا .
    وأما النفس بالنفس : فمعناه أن المكلف إذا قتل نفسا بغير حق عمدا فإنه يقتل بها . وقد دل القرآن على ذلك بقوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى " . وقال تعالى : " وكتبنا عليهم فيها إن النفس بالنفس " . ويستثنى من عموم قوله تعالى : "النفس بالنفس " صور :
    منها : أ ن يقتل الوالد ولده ، فالجمهور على أنه لا يقتل به ، وصح ذلك عن عمر رضي الله عنه .
    وقال مالك : " إن تعمد قتله تعمدا لا يشك فيه مثل أن يذبحه ، فإنه يقتل به ، وإن حذفه بسيف أو عصي لم يقتل " .
    وقال الليث : " يقتل بقتله بجميع وجوه العمد للعمومات ".
    ومنها : أن يقتل الحر عبدا فالأكثرون على أنه لا يقتل به وقد وردت في ذلك أحاديث أسانيدها مقال .
    ومنها : أن يقتل المسلم كافرا ، فإن كان حربيا لم يقتل به بغير خلاف ، لأن قتل الحربي مباح بلا ريب ، وإن كان ذميا أو معاهدا فالجمهور على أنه لا يقتل به أيضا .
    وفي "صحيح البخاري " عن على عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " لا يقتل مسلم بكافر " .
    ومنها : أن يقتل الرجل أمراه فيقتل بها بغير خلاف وفي كتاب عمرو بن حزم عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " إن الرجل يقتل بامرأة " وصح" أنه صلي الله عليه وسلم قتل يهوديا قتل جاريه " وأكثر العلماء على أنه لا يدفع إلى رجل شيء . وروى عن على أنه يدفع إليهم نصف الدية ، لأن دية المرأة نصف دية الرجل وهو قول طائفة من السلف وأحمد في رواية عنه .

    وأما التارك لدينه المفارق للجماعة : فالمراض به من ترك الإسلام وأرتد عنه وفارق جماعة المسلمين كما جاء التصريح بذلك في حديث عثمان ، وأنما استثناه مع من يحل دمه من أهل الشهادتين باعتبار ما كان عليه قبل الردة وحكم الإسلام لازم له ، ولهذا يستتاب ويطلب منه العود إلى الإسلام . وفي إلزامه بقضاء ما فاته في زمن الردة من العبادات اختلاف مشهور بين العلماء .
    وأيضا فقد يترك دينه ويفارق الجماعة وهو مقر بالشهادتين ويدعي الإسلام ، كما إذا جحد شيء من أركان الإسلام أو سب الله ورسوله، أ وكفر ببعض الملائكة أو النبيين ، أو الكتب المذكورة في القرآن مع العلم بذلك . وفي "صحيح البخاري " عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " من بدل دينه فاقتلوه " . ولا فرق في هذا بين الرجل والمرأة عند أكثر العلماء .
    ومنهم من قال : " لا تقتل المرأة إذا ارتدت كما لا تقتل نساء أهل دار الحرب في الحرب وإنما يقتل رجالهم " . وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه وجعلوا الكفر الطارئ كالأصلي . والجمهور فرقوا بينهما ، وجعلوا الطارئ أغلظ لما سبقه من الإسلام ، ولهذا يقتل بالردة عنهم من لا يقتل من أهل الحرب كالشيخ الفاني والزمن والأعمى ولا يقتلون في الحرب . وقوله صلي الله عليه وسلم : " التارك لدينه المفارق للجماعة " : يدل على أنه لو تاب ورجع إلى الإسلام لا يقتل ، لأنه ليس بتارك لدينه بعد رجوعه ولا مفارق للجماعة " . قلت : وهناك من أرتد عن الإسلام في الصدر الأول ، ثم عاد إلى الإسلام وتاب وحسن إسلامه ، وأبلى بلاء حسنا ، ومنهم من نال الشهادة في سبيل الله مثل : " طليحة بن خويلد " رضي الله عنه ، و " عبد الله بن سعد بن أبي السرح " الذي مات بين السليمتين في صلاة الصبح !!.
    نماذج من حول فرعيات الردة :
    الأول : الاستتابة :
    كثر عند الفقهاء القول بأن المرتد يستتاب إيقاع الحد عليه . وذهبوا في هذه الاستتابة عدة مذاهب : فالأكثرون يقولون بأنها واجبة على ولاة الأمر ، وحق للمرتد نفسه، وقليل منهم قال : إن الاستتابة مستحبة وليست واجبة . . . ومنهم من قال : أنه يقتل فورا فلا تجب استتابته ولا تستحب .والراجح هو الرأي الأول .

    الثاني : المرتد الذي يقتل :
    إذا تحققت الردة من مسلم فجمهور الفقهاء يقول إنه يقتل إن لم يتب ، سواء أكان رجلا أو امرأة . وخالف الحنفية فقالوا : إن المرأة إذا ارتدت ولم تتب لا تقت ، بل تحبس مدى الحياة ويعرض عليها الإسلام كل يوم ! أخذ الجمهور بدلالة العموم في قوله صلي الله عليه وسلم : " من بدل دينه فاقتلوه " لأن " من بدل دينه " لم يفرق بين الرجل والمرأة . وأخذ الحنفية بقياس المسلة إذا ارتدت على المرأة الكافرة كفرا أصليا ، لأن النبي صلي الله عليه وسلم نهى المسلمين عن قتل النساء الحربيات إذا نشب بين قومهن وبين المسلمين حرب ، فجعلوا النهى عن قتل الحربيات مخصصا للعموم الوراد في "من بدل دينه فاقتلوه " ثم قاسوا المرتدة على الحربية .
    الثالث : مصير مال المرتد :
    إذا ارتد المسلم ولم يتب ثم قتل فما هو مصير ماله الذي تركه ؟ للفقهاء مذاهب في هذا الفرع أقواها وأولادها بالقبول : أن ماله الذي اكتسبه حال إسلامه قبل ارتداده هو لورثته الشرعيين أما ما اكتسبه حال ردته قبل قتله فلا يرثه ورثته لاختلاف الدين حال كسب المال" قلت : وحد الردة ثابت بالسنة القولية والفعلية ، ففي عام الفتح أمر النبي صلي الله عليه وسلم بقتل ابن وكان مسلما ثم ارتد ورجع إلى مكة . ولما علم بقدوم موكب الفتح . . . هرع إلى المسجد الحرام وتعلق بأستار الكعبة ، ورغم هذه الحيلة أمر النبي صلي الله عليه وسلم بقتله !"
    ولكن يقال على هذا : إنه قد ورد قتل المسلم بغير هذه الخصال الثلاث :فمنها :
    اللواط : وقد جاء في حديث ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : (اقتلوا الفاعل و المفعول به)-حديث صحيح اخرجه أبو داوود (4462) و الترمذي (1456) واخذ به كثير من العلماء كمالك وأحمد وقالوا : إنه موجب للقتل بكل حال محصنا كان أو غير محصن . وروى : أن النبي صلي الله علية وسلم قتل من تزوج بامرأة أبيه ، وأخذ بذلك طائفة من العلماء وأوجبوا قتله مطلقا محصنا كان أو غير محصن .
    ومنها : الساحر : وفي الترمذى من حديث جندب مرفوعا : " حد الساحر ضربة بالسيف " وذكر أن الصحيح وقفه على جندب ، وهو مذهب جماعة من العلماء منهم : عمر بن عبد العزيز ، ومالك ، وأحمد ، وإسحاق ، ولكن هؤلاء يقولون : إنه يكفر بسحره فيكون حكمه حكم المرتد .
    ومنها : قتل من وقع ببهيمة : وقد ورد في حديث مرفوع وقال به طائفة من العلماء .
    ومنها : من ترك الصلاة : فإنه يقتل عند كثير من العلماء مع قولهم : إنه ليس بكافر ، وقد سبق ذكر ذلك مستوفي .
    ومنها : قتل شارب الخمر في المرة الرابعة : وقد ورد الأمر به عن النبي صلي الله عليه وسلم من وجوه متعددة ، وأخذ بذلك عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وأكثر العلماء على أن القتل نسخ .وفي " صحيح البخاري " أن رجلا كان يؤتى به للنبي صلي الله عليه وسلم في الخمر ، فلعنه رجل وقال : ما أكثر ما يؤتى به ، فقال النبي صلي الله عليه وسلم : " لا تعلنه فإنه يجب الله ورسوله " ولم يقتله بذلك .
    ومنها : ما روى عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال : " إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما " أخرجه مسلم .
    ومنها : قوله صلي الله عليه وسلم : " من أتاكم جميع رجل على رجل واحد ، فأراد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه " وفي رواية : " فاضربوا رأسه بالسيف كائنا من كان "
    ومنها : من شهر السلاح : فخرج النسائي من حديث ابن الزبير رضي الله عنه عن النبي صلي الله علية وسلم قال : " من شهر السلاح ثم وضعه فدمه هدر " وسئل أحمد ـ رحمه الله ـ عن معني هذا الحديث فقال : ما أدرى ما هذا .وقال إسحاق بن راهويه : إنما يريد من شهر سلاحه ثم وضعه في الناس حتى استعرض الناس ، فقد حل قتله . وهو مذهب الحرورية يستعرضون الرجال والنساء والذرية .

    وقد روى عن عائشة ما يخالف تفسير إسحاق ، فخرج الحاكم من رواية علقمة ابن أبى علقمة عن أمه أن غلاما شهر السيف على مولاه في إمرة سعيد بن العاص ، وتلفت به عليه ، فأمسكه الناس عنه ، فدخل المولى على عائشة ، فقالت : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : " من أشار بحديدة إلى أحد من المسلمين يريد قتله وجب دمه ، فأخذه مولاه فقتله " . وقال : صحيح على شرط الشيخين . وقد صح عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال :" من قتل دون ماله فهو شهيد ". وفي رواية " من قتل دون دمه فهو شهيد " . فإذا أريد مال المرء أو دمه عنه بالأسهل هذا مذهب الشافعي وأحمد رحمهما الله ، وهل يجب أن ينوى أنه لا يريد قتله أم لا ؟ فيه روايتان عن أحمد ، وذهب طائفة إلى أن من ماله أو دمه أبيح له قتله ابتداء . ودخل على ابن لص ، فقام إليه بالسيف صلتا ، فلولا أنهم حالوا بينه وبينه لقتله . وسئل الحسن عن لص دخل بيت ومعه حديدة ، قال : اقتله بأي قتله قدرت عليه . وهؤلاء قتله وإن ولى هاربا من غير جناية ، منهم أبو أيوب السختيانى . ومنها : قتل الجاسوس المسلم إذا تجسس لكفار على المسلمين وقد توقف فيه أحمد . وأباح قتله طائفة من أصحاب مالك ، وابن عقيل ، ومن الماليكة من قال : إن تكرر ذلك منه أبيح قتله واستدل من أباح قتله بقول النبي صلي الله عليه وسلم في حق " حاطب بن أبى بلعتة " كما كتب الكتاب إلى أهل مكة يخبرهم بسير النبي صلي الله عليه وسلم إليهم ، ويأمرهم بأخذ حذرهم ، فاستأذن عمر في قتله فقال صلي الله عليه وسلم : "إنه شهد بدرا " . فلم يقل : إنه لم يأت بما يبيح دمه ، وإنما علل بوجود مانع من قتله وهو شهود بدرا ومغفرة الله لأهل بدر وهذا المائع منتف في حق من بعده . ومنها : ما خرجه أبو داود في " المراسيل " من رواية ابن المسيب أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " من ضرب أباه فاقتلوه " .
    أخي الحبيب : هذه هي أحكام الإسلام الرادعة للمجرمين . . والقاطعة لدابر المفسدين . . شرعها الله تعالى صيانة للدين والمال والعرض والنفس والعقل . . فمتى ترى النور في حياة المسلمين ؟!. إن أي قانون في العالم غير شريعة الإسلام قد فشل في منع الجريمة . . وتقليص ظل الانحلال . . لأن قوانين الأرض تداعب المنحرفين وتساند المضلين !!. فما أحوج البشرية إلى شريعة ربها ، إذا أرادت الخروج من مأزقها والنهوض من كيوتها " ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون "


    MMMMMMM


  4. #4
    التسجيل
    12-01-2007
    الدولة
    K S A
    المشاركات
    686

    رد: وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم


    MMMMMMM


    ثانيا"/ أمور حث النبي صلى الله عليه و سلم عليها:


    1-الثقه في رزق الله :

    عن حبة وسواء ابني خالد رضي الله عنه أنهما أتيا رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يعمل عملا يبني بناء ، فلما فرغ دعانا فقال : " لا تنافسا في الرزق ما تهزهزت رءوسكما ، فإن الإنسان يلده أمه أحمر ليس عليه قشر ، ثم يعطيه الله ويرزقه " .
    أخي المسلم : في هذه " الوصية " يطمئن النبي صلي الله عليه وسلم الناس بأن الرزق يبد الله تعالى وحده فإذا أيقن الإنسان بذلك ، فرغ قلبه لعبادة ربه ، وأزاح عن كاهله كابوس هم الرزق ، وجعل الهموم هما واحدا ، هم واحدا ، هم مرضاة ربه . والآيات والأحاديث في هذا المعني كثيرة منها :
    قوله تعالى : " وفي السماء رزقكم وما توعدون . فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تتطقون ".
    قال الحسن ـ رحمه الله تعالى ـ في هذه الآية : بلغني أن النبي صلي الله عليه وسلم قال :" قاتل الله أقواما أقسم لهم ربهم بنفسه ثم لم يصدقوه !
    قال الله تعالى : " فورب السماء والأرض إنه لحق " .
    وقال الأصمعي : " أقبلت ذات مرة من مسجد البصرة فلطلع أعرابي جاف على قعود له متقلداً سيفه و بيده قوسه فدنا و سلم و قال : ممن الرجل ؟
    قلت : من بني أصمع .
    قال : أنت الأصمعي ؟
    قلت : نعم .
    قال : ومن أين أقبلت ؟
    قلت : من موضع يتلى فيه كلام الرحمن .
    قال : وللرحمن كلام يتلوه الآدميون ؟
    قلت : نعم .
    قال : فاتل على منه شيئا .
    فقرأت " والذاريات ذروا " إلى قوله " وفي السماء رزقكم وما توعدون " .
    فقال : يا أصمعي حسبك !! .
    ثم قام إلى ناقته فنحرها وقطعها بجلدها ، وقال : أعني على توزيعها ، ففرقناها على من أقبل وأدبر ، ثم عمد إلى سيفه وقوسه فكسرهما ووضعها تحت الرحل وولى نحو البادية وهو يقول :" وفي السماء رزقكم وما توعدون " .
    فمقت نفسي ولمتها ، ثم حججت مع " الرشيد " ، فبينما أنا أطرف إذا أنا بصوت رقيق ، فالتفت فإذا أنا بالأعرابي وهو ناحل مصفر ، فسلم على وأخذ بيدي وقال : اتل على كلام الرحمن ، وأجلسني من وراء المقام فقرأت : " والذاريات " حتى وصلت إلى قوله تعالى : " وفي السماء رزقكم وما توعدون "
    فقال الأعرابي : لقد وجدنا ما وعدنا الرحمن حقا ، وقال : وهل غير هذا ؟
    قلت : نعم ، يقول الله تبارك وتعالى : " فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون " .
    قال : فصاح الأعرابي وقال: يا سبحان الله ! من الذي أغضب الجليل حتى حلف ! ألم يصدقوه في قوله حتى ألجئوه إلى اليمين ؟ فقالها ثلاثا وخرجت بها نفسه !!!.

    وقوله تعالى : " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين " . أخبر ـ سبحانه وتعالى ـ في هذه الآية برزق الجميع ، والدابة كل حيوان يدب والرزق حقيقة ما يتغذى به الحي ، ويكون فيه بقاء روحه ونماء جسده . قيل لحاتم الأصم : من أين تأكل ؟
    فقال : من عند الله .
    فقيل له : الله ينزل لك دنانير ودراهم من السماء ؟
    فقال : كأن ماله إلا السماء ! يا هذا الأرض له والسماء له ، فإن لم يؤتني رزقي من السماء ساقه لي من الأرض وأنشد :

    وكيف أخاف الفقر والله رازقي
    ورازق هذا الخلق في العسر واليسر
    تكفل بالأرزاق للخلق كلهم
    وللضب في البيداء والحوت في البحر




    وذكر الترمذى الحكيم في " نوادر الأصول " بإسناده عن زيد بن أسلم : أن الأشعريين أبا موسى وأبا ومالك وأبا عامر في نفر منهم ، لما هاجروا وقدموا على رسول الله صلي الله عليه وسلم في ذلك وقد أرملوا من الزاد ، فأرسلوا رجلا منهم إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم يسأله ، فلما انتهى إلى الباب رسول الله صلي الله عليه وسلم سمعه يقرأ هذه الآية : " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين " . فقال الرجل : ما الأشعريون بأهون الدواب على الله بأهون الدواب على الله . فرجع ولم يدخل على رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال لأصحابه: أبشروا أتاكم الغوث ، ولا يظنون إلا أنه قد كلم رسول الله صلي الله عليه وسلم فوعده ، فبينما هم كذلك إذ أتاهم رجلان يحملان قصعة بينهما مملوءة خبزا ولحما فأكلوا منها ما شاءوا ، ثم قال بعضهم لبعض : لو أنا رددنا هذا الطعام إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم ليقضي به حاجته . فقالوا للرجلين : اذهبا بهذا الطعام إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فإنا قد قضينا منه حاجتنا ، ثم إنهم أتوا رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ما رأينا طعاما أكثر ولا أطيب من طعام أرسلت به . قال : " ما أرسلت إليكم طعاما " . فأخبروه أنهم أرسلوا صاحبهم ، فسأله رسول الله عليه وسلم فأخبره ما صنع ، وما قال لهم . فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " ذلك شيء رزقكموه الله " .
    قصة
    " روى أن قوما من الأعراب زرعوا زرعا فأصابه جائحة فحزنوا لأجله فخرجت عليهم أعرابية فقالت : مالي أراكم قد نكستم رؤؤسكم ، وضاقت صدوركم ، هو ربنا والعالم بنا ، ورزقنا عليه يأتينا به حيث شاء ! ثم أنشأت تقول :
    لو في صخرة في البحر راسية
    صما ململة ملسا نواحيها
    رزق لنفس براها الله لانفلقت
    حتى تودي اليها كل ما فيها
    اوكان بين طباق السبع مسلكها
    لسهل الله في المرقي مراقيها

    حتى تنال الذي في اللوح خط لها
    ان لم تنله وإلا سوف ياتيها


    ومن الأحاديث : عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله لي الله عله وسلم : " يا أيها الناس اتقوا الله ، واجملوا في الطلب ، فإن لن تموت حتى تستوفي رزقها ، وإن أبطأ عنها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، خذوا ما حل ودعوا ما حرم " وعن أبى الدراء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله " . ورواه الطبراني بإسناد جيد إلا أنه قال : " إن ارزق ليطلب العبد أكثر مم يطلبه أجله " . وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " لو فر أحدكم من رزقه أدركه كما يدركه الموت " .

    فيا من طويت فسيح الأرض ملتمسا

    مالا وأنت بالأموال موعود


    قد تحرم الأسد قسرا عن فريستها


    وفي صخور الفيافي يرزق الدود

    لا شيء أعجب في الأنام من رجل

    يرجو الخلائق والخلاق موجود


    حكاية
    قيل : إن حاتم الأصم ــ رحمه الله قال لأولاده : إني أريد الحج . فبكوا وقالوا إلى من تكلنا ؟
    فقالت ابنته لهم : اسكتوا دعوه فليس هو برازق إن الله هو الرازق . فباتوا جياعا وجعلوا يوبخون البنت ، فقالت : " اللهم لا تخجلي بينهم " .
    فمر أمير البلد وطلب ماء فناوله أهل حاتم كوزا جديدا فيه ماء بارد فشرب ، وقال : دار من هذه ؟
    فقالوا : حاتم الأصم .
    فرمي فيها منطقة من ذهب . وقال لأصحابه : من أحبني فعل مثلي ، فرمي من حوله كلهم مثله !! فجعلت بنت حاتم تبكي !
    فقالت لها أمها : ما يبكيك وقد وسع الله علينا ؟!.
    فقالت : مخلوق نظر إلينا فاستغنينا ، أي : فما ظنك بالخالق جل وعلا الذي سخر لنا هذا المخلوق فعطفه علينا .
    قلت : وهذا مقام جليل من مقامات التوكيل ، والثقة في الله تعالى .
    قال عامر بن عبد قيس : أربع آيات في كتاب الله إذا ذكرتهن لا أبالى على ما أصبحت أو أمسيت :
    1ـ " ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده " .
    2ـ " وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو " .
    3ـ " سيجعل الله بعد عسر يسرا " .
    4ـ " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " ، ومعنى حسبه : أي كافيه وهاديه .
    والنبي صلي الله عليه وسلم يقول : " لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير ، تغدو خماصا وتروح بطانا " .
    وعن أبى ذر رضي الله عنه قال : جعل رسول الله صلي الله عليه وسلم يتلو هذه الآية : " ومن يتق الله يجعل له مخرجا
    . ويرزقه من حيث لا يحتسب " .
    فجعل يرددها حتى نعست ، فقال : " يا أبا ذر لو أن الناس أخذوا بها لكفتهم " .
    يقين أطفال الصحابة
    روى أن صحابيا رأى طفلا في " المسجد " يصلى بخشوع وإتقان فقال له بعد صلاته : ابن من أنت ؟
    فقال : إني يتيم فقدت أبي وأمي !.
    فقال : أترضي أن تكون لي ولدا ؟
    فقال : هل تطعمني إذا جعت ؟
    قال : نعم
    قال: وهل تكسوني إذا عريت ؟
    قال : نعم
    قال : وهل تحييني إذا مت ؟
    فدهش الصحابي وقال : هذا ليس إليه سبيل
    فأشاح الصبي بوجهه وقال : إذن اتركني للذي خلقني ثم رزقني ثم يحييني
    فقال الصحابي : لعمري من توكل على الله كفاه.
    الربط بين الأسباب والمسببات :
    وفي " الوصية " إثبات الأسباب والمسببات ، وإبطال قول من أنكرها ، فالرواية تقول : عن حبة وسواء ابني خالد ـ رضي الله عنهما ـ أنهما أتيا رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يعمل عملا يبني بناء !! وهذا من الأسباب.
    ثم تقول الرواية :
    فلما فرغ دعانا فقال : " لا تنافسا في الرزق ما تهزهزت رءوسكما ، فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشر ، ثم يعطيه الله ويرزقه " . وهذا من التوكل . فدل على أن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل ، كما لا ينافيه دفع داء الجوع ، والعطش ، والحر ، والبرد بأضدادها .
    قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ : " لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدرا وشرعا ، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل ، كما يقدح في الأمر والحكمة ، ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكيل ، فإن تركها عجزا ينافي التوكيل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه ، ودفع ما يضره في دينه ودنياه ، ولابد مع هذا الاعتماد على مباشرة الأسباب ، وإلا كان معطلا للحكمة والشرع ، فلا يجعل العبد عجزه توكلا ، ولا توكله عجزا " وقد ثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لأحد أصحابه : " اعقلها وتوكل " .
    والتوكل : اعتماد القلب على الله في جلب المنافع المضار ، مع الثقة بالله وفعل الأسباب :

    وكن بالذي قد خط باللوح راضيا ........... فلا مهرب مما قضاه وخطه
    وان مع الرزق اشتراط التماسه ............وقد يتعدى إن تعديت شرطه
    ولو شاء القى في فم الطير قوته .............ولكنه أوحى إلى الطير لقطه


    وقال الله تعالى : " فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور " .
    قال ابن كثير ـ رحمه الله تعالى ـ في تفسير لهذه الآية : ـ " أي فسافروا حيث شئتم من أقطارها وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات، واعلموا أن سعيكم لا يجدي عليكم شيئا إلا أن ييسره الله عليكم ، ولهذا قال تعالى : " وكلوا من رزقه " فالسعي في السبب لا ينافي التوكل وفي الحديث : " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا " ، فأثبت لها رواحا وغدوا لطلب الرزق مع توكلها على الله عز وجل وهو المسخر المسير المسبب " .
    ودعا النبي صلي الله عليه وسلم أتباعه إلى الأخذ بالأسباب وترك التواكل ، وحذر من المسألة :
    • عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " لأن يأخذ أحدكم أحلبه فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فكيف بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أم منعوه " .
    • وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " ما أكل أحد طعاما خيرا من أن بأكل من عمل يده ، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده " .
    • وعن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن رجلا من الأنصار أتى النبي صلي الله عليه وسلم فسأله ، فقال : " أما في بيتك شيء ؟ "
      قال: بلى . حلس نلبس بعضه ، ونبسط بعضه ، وقعب نشرب فيه من الماء .
      قال : " ائتني بهما " .
      فأتاه بهما فأخذهما رسول الله صلي الله عليه وسلم بيده ، وقال : " من يشترى هذين ؟ "
      قال رجل : أنا آخذهما بدرهم .
      قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " من يزيد على درهم " مرتين أو ثلاثا .
      قال رجل : أنا آخذهما بدرهمين ، فأعطاهما إياه ، وخذ الدرهمين فأعطاهما الأنصاري ، وقال : " اشترى بأحدهما طعاما فانبذه إلى أهلك ، واشتر بالآخر قدوما فأتني به " .
      فأتاه به فشد فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم عودا بيده ، ثم قال له : " اذهب فاحتطب وبع ، ولا أرينك خمسة عشر يوما " .
      ففعل فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما ، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " هذا خير لك من أن تجيء المسالة نكتة في وجهك يوم القيامة ، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاث : لذي فقر مدفع ، أو لذي غرم مفظع ،أو لذي دم موجع " . رواه أبو داود .
    عفاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وعلو همتهم :
    وهذا نموذج كريم ، عطر صفحات التاريخ بموقف خالد : قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : " لما قدمنا المدينة ، آخي رسول الله صلي الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الربيع ، فقال سعد بن الربيع : إني أكثر الأنصار مالا . فأقسم لك نصف مالي ، وانظر أي زوجتي هويت ، نزلت لك عنها ، فإذا حلت تزوجتها .
    فقال له عبد الرحمن : لا حاجة لي في ذلك ، هل من سوق فيه تجارة؟
    قال : سوق " قينقاع " .
    فغدا إليه عبد الرحمن ، فأتي بأقط وسمن ، ثم تابع الغدو ، فما لبث أن جاء عبد الرحمن عليه أثر صفرة ، فقال رسول اله صلي الله عليه وسلم : " تزوجت ؟ "
    قال : نعم
    قال : " من ؟ "
    قال : امرأة من الأنصار .
    قال : " كم سقت؟ " .
    قال : زنه نواة من ذب ، أو نواة من ذهب
    فقال له النبي صلي الله عليه وسلم : " أولم ولو بشاة "
    هكذا كان أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم .. علموا أن من كرس حياته للحق والخير ، فعلمه عبادة ، وكل قطرة عرق تبذل فيه فهي آية جهاد ، توضع في موازين المرء مع صلاته وزكاته ، فالعمل هو وسيلة البقاء ، والوسيلة تتبع الغاية في رفها وخستها . مسك الختام روي عن على بن الموفق ـ رحمه الله ـ أنه قال : خرجت يوما لأؤذن فأصبت قرطاسا فأخذته ووضعته في كمي وأقمت الصلاة وصليت ، فلما قرأته فإذا فيه مكتوب :"بسم الله الرحمن الرحيم ، يا علي بن الموفق أتخاف الفقر وأنا ربك !".


    MMMMMMM

    2-اهميه الدعوه الي الله :



    عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، ومن كذب على متعمدا فليتنبوأ مقعده من النار " .
    مدح الله تعالى الأمة الإسلامية بقوله : " كنتم خيرا أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون با لله " . فمن اتصف من هذه الأمة بهذه الصفات دخل معهم في هذا المدح كما قال قتادة : بلغنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حجة حجها ، أي من الناس دعة ، فقرأ هذه الآية : " كنتم خير أمة أخرجت للناس " ثم قال : " من سره أن يكون من هذه الأمة ، فليؤد شرط الله فيها " ومن لم يتصف بذلك أشبه أهل الكتاب الذين ذمهم الله بقوله تعالى : " كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه " وفي هذه " الوصية " : عظم النبي صلي الله عليه وسلم شأن الدعوة إلى الله تعالى ، وأمر أمته بالبلاغ ، فقال : " بلغوا عني ولو آية " . فلا حجة لمسلم بعد هذا في ترك الدعوة إلى الله تعالى . قال المعافي النهرواني ـرحمه الله ـ في قوله صلي الله عليه وسلم : " ولو آية " : " أي واحدة ليسارع كل سامع إلى تبلغ ما وقع له من الآي ولو قل ليتصل بذلك نقل جميع ما جاء به صلي الله عليه وسلم"
    هذا والعصر الذي نعيش فيه هو أشد العصور فقرا إلى الاتصال بالسماء ، والانعطاف إلى الدن ، والتوقير لكلمات الله . فالعالم ـ اليوم ـ يحتاج إلى أن يعرف الله كما عرف نفسه إلى عباده في القرآن . محتاج إلى أن يعرف "محمدا " صلي الله عليه وسلم وأن يدرس سيرته دراسة بعيدة عن التزايد والأهواء. محتاج إلى أن جملة الحقائق التي جاء بها الإسلام من عقائد وعبادات وأخلاق ومعاملات . ولو أن الأقدار يسرب تقريبه وتحقيقه للعالمين لا ستفاد منه البشر أجمعون . ولكن كم خسر العلم من انحطاط المسلمين ؟ روى ابن وضاح في كتاب "البدع والنهي عنها": عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه "أنه أخذ الحصاة بيضاء ، فوضعها في كفه ، ثم قال : إن هذا الدين قد استضاء إضاءة هذه الحصاة . ثم أخذ كفا من تراب ، فجعل يذره على الحصاة حتى واراها ، ثم قال :"والذي نفسي بيده ليجيئن أقوام يدفنون الدين كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم . فعن أبي أيوب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله " .
    ودور الأمة الإسلامية ـ اليوم ـ : محاولة استعادة مجدها بتجديد ما اندرس من معالم دينها في حياتها . فوظيفتها في حياتها . فوظيفتها آلتي خلقت من أجلها : حراسة وحي السماء ، وإبقاء مناره عاليا يومض بالإشعاع الهادي كي يهتدي به السائرون في ظلمات البر والبحر . " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون " . إن وقوف الأمة الإسلامية في خندق واحد للدفاع عن حرمات دينها والذود عن حياضه ، وتطبيق أحكامه واحترام جنابه ، هو السبيل الوحيد لإنقاذ نفسها من وهدتها السحيقة التي سقطت فيها : " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم " . وها هو النبي صلي الله عليه وسلم يأمرنا بالاستنفار العام ، فيقول : " بلغوا عني ولو آية " .إن قيام جماهير الأمة الإسلامية ـ فيما مضي ـ بذلك الواجب ابقى شعائر الإسلام حية في المجتمع ، وجعل أمام العصاة والمنحلين حواجز مرهبة ، ولن يصلح حال هذه الأمة إلا بما صلح به أولها " فهل من مدكر " .
    قوله صلي الله عليه وسلم : " وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج " : لا ضيق عليكم في الحديث عنهم لأنه كان تقدم منه صلي الله عليه وسلم الزجر عن الأخذ عنهم والنظر في كتبهم ثم حصل الوسع في ذلك ، وكن النهي وقع قبل استقرار الأحكام الإسلامية والقواعد الدينية خشية الفتنة ، ثم ما زال المخدور وقع الإذن في ذلك لما في سماع الأخبار التي كانت في زمانهم من الاعتبار .
    وقيل : معني قوله :" ولا حرج " : لا تضيق صدوركم بما تسمعونه عنهم من الأعاجيب فإن ذلك وقع لهم كثيرا .
    وقيل : لا حرج في أن تحدوا عنهم لأن قوله أولا : " حدثوا " صيغة أمر تقتضي الوجوب فأشار إلى عدم الوجوب وأن الأمر فيه للإباحة بقوله : " ولا حرج " أي في ترك الحديث عنهم وقال مالك ـ رحمه الله تعالى ـ : " المراد : جواز التحدث عنهم بما كان من أمر حسن أما ما علم كذبه فلا " وقيل : المعني حدثوا عنهم بمثل ما ورد في القرآن والحديث الصحيح .
    وقال الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ : " من المعلوم أن النبي صلي الله عليه وسلم لا يجير التحدث بالكذب ، فالمعني : حدثوا عن نبي إسرائيل بما لا تعلمون كذبه ، وأما ما تجوزونه فلا حرج عليكم في التحدث به عنهم ، وهو نظير قوله : " إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم " ولم يرد الإذن ولا المنع من التحدث بما يقطع بصدقه " .
    خلاصة القول في حكم رواية الإسرائيليات :
    وخلاصة القول في حكم رواية الإسرائيليات : أن ما جاء لما في شرعنا صدقناه ، وجازت روايته ، وما جاء مخالفا لما في شرعنا كذبناه وحرمت روايته إلا لبيان بطلانه ، وما سكت عنه شرعنا توقفنا فيه : فلا نحكم عليه بصدق ولا بكذب ، وتجوز روايته ، لأن غالب ما يروى من ذلك راجع إلى القصص والأخبار ، لا إلى العقائد والأحكام ، وروايته ليست إلا مجرد حكاية له كما هو في كتبهم أو كما يحدثون به بصرف النظر عن كونه حقا أو غير حق
    قال الشيخ الإسلام ابن تيمة ـ رحمه الله تعالى ـ : " الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد ، فإنها على ثلاثة أقسام :
    أحدهما : ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق . فذاك صحيح .
    الثاني : ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه .
    الثالث : ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ، ولا من هذا القبيل ، فلا نؤمن به ولا نكذبه ، ويجوز حكايته ، وغالب ذلك ما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني ، ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيرا ، ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب أهل الكهف ولون كلبهم ، وعدتهم ، وعصا موسى عليه السلام من أي شجر كانت ، وأسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم وتعيين البعض الذي ضرب به المقتول من البقرة ، ونوع الشجرة التي كلم الله منها موسى ، إلى غير ذلك مما أبهمه الله في القرآن مما لا فائدة من تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا دينهم ، ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز كما قال تعالى : " سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا " . فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا ، فإنه تعالى أخبر عنهم بثلاثة أقوال ضعف القولين الأولين ، وسكت عن الثالث ، فدل على صحته ، إذ لو كان باطلا لرده كما ردها ، ثم أرشد إلى أن الإطلاع على عدتهم لا طائل تحته ، فيقال في مثل هذا : " قل ربي أعلم بعدتهم " فإنه ما يعلم بذلك إلا قليل من الناس ، ممن أطلعه الله عليه . فلهذا قال : " فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا " أي : لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته ، ولا تسألهم عن ذلك ، فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب . فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف : أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام ، وأن يبينه على الصحيح منها ويبطل الباطل ، وتذكر فائدة الخلاف وثمرته ، لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته فيشغل به عن الأهم . فأما من حكى خلافا في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص ، إذ قد يكون الصواب في الذي تركه . ومن يحكي الخلاف ويطلق ولا ينبه على الصحيح من الأقوال فهو ناقص أيضا ، فإن صحح غير الصحيح عامدا تعمد الكذب ، أو جاهلا فقد أخطأ . كذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته ، أو حكي أقوالا متعددة لفظا ويرجع حاصلها إلى قول أو قولين معني فقد ضيع الزمان ، وأكثر مما ليس بصحيح ، فهو كلابس ثوبي زور . والله الموفق للصواب " . وعلى ما تقدم ، فينبغي على الداعية غربلة كل ما يقرأ من قصص وحكايات خشية الوقوع في تكذيب نص من نصوص الشرع المطهر ، فيقع في المحظور ، ولا يسلم من الإثم .

    قوله صلي الله عليه وسلم : " ومن كذب على متعمدا فلتبوأ مقعده من النار " : معناه : فلينزل ، وقيل : فليتخذ منزلة من النار .
    وقيل : إنه دعاء بلفظ الأمر . أي : بوأه الله ذلك .
    وقيل : هو خبر بلفظ الأمر . أي معناه فقد استوجب ذلك ، فليوطن نفسه عليه .
    قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ ما مختصره ومعناه : ثم معني الحديث : أن هذا جزاؤه ، قد يجازي به ، وقد يعفو الله عنه ، ولا يقطع عليه بدخول النار . وهكذا سبيل كل ما جاء من الوعيد بالنار لأصحاب الكبائر ، غير الكفر ، فكلها يقال فيها هذا جزاؤه ، وقد يجازي وقد يعفي عنه . ثم إن جوزي وأدخل النار فلا يخلد فيها بل لا بد من خروجه منها بفضل الله تعالى ورحمته . ولا يخلد في النار أحد مات على التوحيد . وهذه قاعدة متفق عليها عند أهل السنة . وأما الكذب فهو الإخبار عن الشيء خلاف ما هو عمدا كان أو سهوا . . . . . ولا إثم على الناسي والغالط .
    واعلم أن هذا الحديث يشتمل على فوائد وجمل من القواعد :
    إحداهما : تقرير هذه القاعدة لأهل السنة أن الكذب يتناول إخبار العامد .
    الثانية : تعظيم تحريم الكذب عليه صلي الله عليه وسلم وأنه فاحشة عظيمة ، وموبقة كبيرة ، ولكن لا يكفر بهذا الكذب إلا أن يستحله . هذا هو المشهور من مذاهب العلماء من الطائف .
    وقال الشيخ أبو محمد الجويني والد إمام الحرمين أبى المعالي : " يكفر بتعمد الكذب عليه صلي الله عليه وسلم " .
    وحكاه إمام الحرمين عن والده وأنه كان يقول في درسه كثيرا : " من كذب على رسول الله صلي الله عليه وسلم عمدا كفر وأريق دمه ! " .
    وضعف إمام الحرمين هذا القول ، وقال : إنه لم يره لأحد من الأصحاب وإنه هفوة عظيمة .

    الثالثة : أنه لا يفرق في تحريم الكذب عليه بين ما كان في الأحكام ، وما لا حكم فيه كالترغيب والترهيب والمواعظ وغي ذلك فكله حرام من أكبر الكبائر ، وأقبح القبائح بإجماع المسلمين الذين يعتد بهم في الإجماع . خلافا للكراهية المبتدعة في زعمهم الباطل : أنه يجوز وضع الحديث في الترغيب والترهيب !! وتابعهم على هذا كثيرون من الجهلة الذين ينسبون أنفسهم إلى الزهد . . . وزعم بعضهم أن هذا كذب له ـ عليه الصلاة والسلام ـ لا كذب عليه !!. فخالفوا صريح هذه الأحاديث المتواترة ، والأحاديث الصريحة المشهورة في إعظام شهادة الزور . خالفوا أهل الحل والتعقد وغي ذلك من الدلائل القطعيات في تحريم الكذب على آحاد الناس ، فكيف بمن قوله شرع ، وكلامه وحي ؟
    وفي الحديث : " من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ".
    وقال العلماء : ينبغي لمن أراد رواية حديث أن ينظر فإن كان صحيحا أو حسنا ، قال : قال رسول الله ، وإن كان ضعيفا فلا يقل : قال ، أو فعل ، أو مر ، أو نهى . بل يقول : " روى " أو يذكر " أو " يحكي " أو " بلغنا " . وإذا اشتبه عليه لفظ في حديث يقول : أو كما قال والله أعلم " .
    اللهم نسألك إيمانا دائما ، وقلبا خاشعا ، ولسانا صادقا .

    MMMMMMM


  5. #5
    التسجيل
    12-01-2007
    الدولة
    K S A
    المشاركات
    686

    رد: وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم

    MMMMMMM


    3-اهميه السنه :


    عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي قال : " دعوني ما تركتكم ، فإنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم علي أنبيائهم ، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ".
    أخي المسلم : هذه "وصية" عظيمة الشأن ، تبين أهمية السنة ،وتحذر من الاختلاف ، انتهي عن كثرة المسائل على وجه التعنت والتكلف والتعمق وقد وردت بها عدة روايات متقاربة المعنى ، منها :
    عن أبى هريرة قال : خطبنا رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال : "أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج ".
    فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟
    فسكت حتى قالها ثلاثا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لو قلت :نعم لو جبت ولما استطعتم ".
    ثم قال : " ذرونى ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم . فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه " وأخرجه " الدارقطنى"من وجه آخر مختصرا ، وقال فيه : فنزل قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤ كم ".
    وعن ابن عباس ، كان قوم يسألون رسول الله صلي الله عليه وسلم استهزاء ، فيقول الرجل : من أبى ؟ ويقول الرجل تضل ناقته : أين ناقتي ؟ فأنزل الله هذه الآية : " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء ..."رواه البخاري .
    فدلت هذه الأحاديث على النهى عن السؤال عما لا يحتاج إليه ما يسوء السائل جوابه ، وعلى النهى عن السؤال على التعنت والبعث والاستهزاء كما كان يفعله كثير من المنافقين وغيرهم. وقريب من هذا : سؤال الآيات واقتراحها على وجه التعنت كما كان يسأله المشركون وأهل الكتاب . قال عكرمة : إن الآية نزلت في ذلك . ويقرب من ذلك السؤال عما أخفاه الله عن عباده ولم يطلعهم عليه كالسؤال عن وقت الساعة وعن الروح . ودلت ـ أيضا ـ على نهي المسلمين عن السؤال عن الحج هل يجب كل عام أم لا ؟
    وفي " الصحيح " عن سعد بن أبى وقاص عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : "إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته " .
    وقال الأوزاعى ـ رحمه الله ـ : " إن الله إذا أراد أن يحرم عبده بركة العلم ألقى على لسانه المغاليط ، فلقد رأيتهم أقل الناس علما ".
    قلت : المغاليط : أو الأغلوطات : هي شداد المسائل كما قال الأوزعى .
    وكان النبي صلي الله عليه وسلم ينهي عن : قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ولم يكن النبي صلي الله عليه وسلم يرخص في المسائل إلا للأعراب ونحوهم من الوفود القادمين عليه يتألفهم بذلك. فأما المهاجرون والأنصار المقيمون بالمدينة الذين رسخ الإيمان في قلوبهم فنهوا عن المسألة ، كما في صحيح مسلم عن النواس بن سمعان ، قال : أقمت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم بالمدينة سنة ما يمنعني من الهجرة إلا المسألة ، كان أحدنا إذا هاجر لم يسأل النبي صلي الله عليه وسلم . وعن أنس رضي الله عنه قال : " نهينا أن نسأل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن شيء فكان عجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع ".
    وفي مسند " البزار " عن ابن عباس رضي الله عنه ، قال : ما رأيت قوما أخبر من أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم ما سألوه إلا عن اثنتي عشرة مسألة كلها في القرآن .
    "يسألونك عن الخمر والميسر " .
    "يسألونك عن الشهر الحرام ".
    " يسألونك عن الأهلة ".
    " ويسألونك عن اليتامى ". وذكر الحديث
    وقد كان أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم أحيانا يسألون عن حكم حوادث قبل وقوعها لكن للعمل بها عند وقوعها كما قالوا له : " إنا لاقوا العدو غدا وليس معنا مدى أفنذبح بالقصب ؟".
    وسأله حذيفة عن الفتن وما يصنع فيها . فهذا الحديث وهو قوله صلي الله عليه وسلم : "ذرونى ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم " . يدل على كراهة المسائل وذمها ، ولكن بعض الناس يزعم أن ذلك كان مختصا بزمن النبي صلي الله عليه وسلم لما يخشى حينئذ من تحريم ما لم يحرم ، أو إيجاب ما يشق القيام به ، وهذا قد أمن بعد وفاته صلي الله عليه وسلم ، ولكن ليس هذا وحده هو سبب كراهة المسائل ، بل له سبب آخر وهو الذي أشار إليه ابن عباس في قوله : " ولكن انتظروا فإذا نزل القرآن فإنكم لا تسألون عن شيء إلا وجدتم تبيانه " . ومعنى هذا أن جميع ما يحتاج إليه المسلمون في دينهم لابد أن يبينه الله في كتابه العزيز ويبلغ ذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم عنه فلا حاجة بعد هذا لأحد في السؤال ، فإن الله تعالى أعلم بمصالح عباده منهم ، فما كان فيه هدايتهم ونفعهم فإن الله تعالى لابد أن يبينه لهم ابتداء من غير سؤال كما قال : "يبين الله لكم أن تضلوا " .
    وحينئذ فلا حاجة إلى السؤال عن شيء ولا سيما قبل وقوعه والحاجة إليه ، وإنما الحاجة المهمة إلى فهم ما أخبر الله به ورسوله ثم اتباع ذلك والعمل به .

    وقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يسأل عن المسائل فيحيل على القرآن كما سأله عمر بن الخطاب عن الكلالة ، فقال : " يكفيك آية الصيف " .
    وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى أن في الاشتغال بامتثال أمره واجتناب نهيه شغلا عن المسائل ، فقال : " فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ".
    قال الأمام النووي-في شرحه لهذا الحديث- : " هذا الحديث من قواعد الإسلام المهمة ومن جوامع الكلم التي أعطيها صلي الله عليه وسلم ، ويدخل فيه ما لا يحصي من الأحكام كالصلاة بأنواعها ، فإذا عجز عن بعض أركانها أو بعض شروطها أتي بالباقي ، وإذا عجز عن بعض أعضاء الوضوء أو الغسل غسل الممكن ، وإذا وجد ما يستر بعض عورته أو حفظ بعض الفاتحة أتى بالممكن ، وأشباه هذا غير منحصرة وهي مشهورة في كتب الفقه والمقصود التنبيه على أصل ذلك .
    وهذا الحديث موافق لقول الله تعالى : " فاتقوا الله ما استطعتم " .
    وأما قوله تعالى : " اتقوا الله حق تقاته " ففيها مذهبان :
    أحدهما : أنها منسوخة بقوله تعالى : " فاتقوا الله ما استطعتم " .
    والثاني : وهو الصحيح أو الصواب وبه جزم المحققون أنها ليست منسوخة بل قوله تعالى :" فاتقوا الله ما استطعتم ".
    مفسرة لها ومبينة للمراد بها . وقالوا : وحق تقاته : هو امتثال أمره واجتناب نهيه ، ولم يأمر سبحانه وتعالى إلا بالمستطاع قال تعالى : " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " .
    وقال تعالى : " وما جعل عليكم في الدين من حرج " . والله أعلم

    واستدل بهذا الحديث على أن اعتناء الشرع بالمنهيات فوق اعتنائه بالمأمورات ، لأنه أطلق الاجتناب في المنهيات ولو مع المشقة في الترك ، وقيد في المأمورات بقدر الطاقة ، وهذا منقول عن الإمام أحمد .
    وقال ابن فرج في "شرح الأربعين " : قوله : "فاجتنبوه " هو على إطلاقه حتى يوجد ما يبيحه ، كأكل الميتة عند الضرورة ، وشرب الخمر عند الإكراه ، والأصل في ذلك جواز التلفظ بكلمة الكفر إذا كان القلب بالإيمان كما نطق القرآن .
    وقال الإمام البغوى ـ رحمه الله تعالى ـ في " شرح السنة ": " المسائل على وجهين :
    أحدهما : ما كان على وجه التعليم لما يحتاج إلي من أمر الدين فهو جائز بل مأمور به لقوله تعالى : "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ". ، على ذلك تتنزل أسئلة الصحابة عن الأنفال والكلالة وغيرهما .
    ثانيهما : ما كان على وجه التعنت والتكلف وهو المراد في هذا الحديث والله أعلم ".
    وقال ابن العربي ـ رحمه الله تعالى ـ : " كان النهي عن السؤال في العهد النبوي خشية أن ينزل ما يشق عليهم ، فأما بعد فقد أمن ذلك لكن أكثر النقل عن السلف بكراهية الكلام في المسائل التي لم تقع " .
    قال : " وإنه لمكروه إن لم يكن حراما إلا للعلماء فإنهم فرعوا ومهدوا فنفع الله من بعدهم بذلك ، ولا سيما مع ذهاب العلماء ودروس العلم " ا.هـ ملخصا .
    فالذي يتعين على المسام الاعتناء به الاهتمام أن يبحث عما جاء عن الله ورسوله صلي الله عليه وسلم ، ثم يجتهد في فهم ذلك والوقوف على معاينة ، ثم يشتغل بالتصديق بذلك إن كان من الأمور العلمية ، وإن كان من الأمور العلمية بذل وسعه في الاجتهاد في فعل ما يستطيعه من الأوامر واجتناب ما ينهى عنه فتكون همته مصروفه بالكلية إلى ذلك لا إلى غيره ، وهكذا كان حال أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان في طلب العلم النافع من الكتاب والسنة .
    فأما إن كانت همة السامع مصروفه عند سماع الأمر والنهى إلى فرض أمور قد تقع وقد لا تقع ، فإن هذا مما يدخل في النهى ويثبط عن الجد في متابعة الأمر . وقد سأل رجل ابن عمر عن استلام الحجر فقال له : رأيت النبي صلي لله عليه وسلم يستلمه ويقبله .
    فقال له الرجل : أرأيت إن غلبت عنه ؟ أرأيت إن زوحمت ؟
    فقال له ابن عمر : اجعل أرأيت باليمن ، رأيت رسول الله صلي الله علية وسلم يستلمه ويقلبه
    ومراد ابن عمر أن لا يكون لك هم إلا في الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ولا حاجة إلى فرض العجز عن ذلك أو تعسره قبل وقوعه ، فإنه يفترض العزم على التصميم على المتابعة ، فإن التفقه في الدين والسؤال عن العلم إنما يحمد إذا كان للعمل لا للمراء والجدال .
    وروى عن على رضي الله عنه أنه ذكر فتنا تكون في آخر الزمان فقال له عمر : متى ذلك يا على ؟
    قال : إذا تفقه لغير الدين ، وتعلم لغير العمل ، والتمست الدنيا بعمل الآخرة .

    وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال :" كيف بكم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير ، ويهرم فيها الكبير ، وتتخذ سنة فإن غيرت يوما قيل : هذا منكر !!" .
    قال : " إذا قلت أمناؤكم ، وكثرت أمراؤكم ، وقلت فقهاؤكم ، وكثرت قراؤكم ، وتفقه لغير الدين ، والتمست الدنيا بعمل الآخرة ".
    ولهذا المعني كان كثير من الصحابة والتابعين يكرهون السؤال عن الحوادث قبل وقوعها ولا يجيبون عن ذلك .
    قال عمر بن مرة : خرج عمر على الناس فقال : " أحَرِج عليكم أن تسألونا عما لم يكن فإن لنا فيما كان شغلا".
    وكان زيد بن ثابت سئل عن شيء يقول : كان هذا ؟
    فإن قالوا : لا
    قال : دعوه حتى يكون .
    وعن الصلت بن راشد ، قال : سألت طاووسا عن شيء فانتهرني فقال : أكان هذا ؟
    قلت : نعم
    قال : آلله ؟
    قلت : الله .
    قال : إن أصحابنا أخبرونا عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال: " يا أيها الناس لا تعجلوا بالبلاء قبل نزوله فيذهب بكم هاهنا وهاهنا ، فأنكم إن لم تعجلوا بالبلاء قبل نزوله لم ينفك المسلمون أن يكون فيهم من إذا سئل سدد أو وفق " .
    وقال الحسن : " شرار عباد الله الذين يتبعون شرار المسائل يعمون بها عباد الله "
    وقال ابن وهب عن مالك : " أدركت هذه البلدة وإنهم ليكرهون الإكثار الذي فيه الناس اليوم " يريد المسائل .
    وقال أيضا : سمعت مالك وهو يعيب كثرة الكلام وكثرة الفتيا ثم قال: "يتكلم كأنه جمل مغتلم يقول : هو كذا هو كذا : يهدر في كلامه "
    وقال : سمعت مالكا يكره الجواب في كثرة المسائل وقال : قال الله عز وجل : " ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى " . فلم يأته في ذلك جواب ، فكان مالك يكره المجادلة عن السنن .
    وكان مالك ـ رحمه الله ـ يقول : " المرء والجدال في العلم يذهب بنور العلم من قلب الرجل " .
    وكان يقول : " المراء في العلم يقسي القلب ويورث الضغن "
    وقد انقسم الناس في هذا الباب أقساما :
    فمن أتباع أهل الحديث من سد باب المسائل حتى يقول فهمه وعمله بحدود ما أنزل الله على رسوله وصار حامل فقه غير فقيه .
    ومن فقهاء أهل الرأي من توسع في توليد المسائل قبل وقوعها ما يقع في العادة منها وما لا يقع ، واشتغلوا بتكلف الجواب عن ذلك وكثرة الخصومات فيه والجدال عليه حتى يتولد من ذلك افتراق القلوب ويستقر فيها بسبه الأهواء والشحناء والعداوة والبغضاء ، ويقترن ذلك كثيرا بنيه المغالبة وطلب العلو والمباهاه وصرف وجوه الناس وهذا مما ذمه العلماء الربانيون ودلت السنة على قبحه وتحريمه : فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " من طلب العلم ليباهي به العلماء ، ويماري به السفهاء ، أو يصرف وجوه الناس إليه فهو في النار " .
    وأما فقهاء أهل الحديث العاملون به فإن معظم همهم البحث عن معاني كتاب الله وما يفسره من السنن الصحيحة وكلام الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، و عن سنة رسول اله صلي الله علية وسلم ومعرفة صحيحها وسقيلها ، ثم تفقه فيها وفهمها والقوف على معانيها ، ثم معرفة كلام الصحابة والتابعين لهم بإحسان في أنواع العلوم والتفسير والحديث ومسائل الحلال والحرام وأصول ألسنه والزهد والرقائق وغير ذلك ، وهذا هو طريق الإمام أحمد ومن يوافقه من علماء الحديث الربانيين .
    وفي الجملة : فمن امتثل ما أمر به النبي صلي الله عليه وسلم وانتهى عما نهى عنه ، وكان مشتغلا بذلك عن غيره حصل له النجاة في الدنيا والآخرة .
    ومن خالف ذلك وأشتغل بخواطره وما يستحسنه وقع فيما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم من حال أهل الكتاب الذين هلكوا بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم وعدم انقيادهم وطاعته لرسلهم .
    وقوله صلي الله عليه وسلم : " إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ".
    يأخذ منه أن النهى أشد من الأمر ، لأن النهى لم يرخص في ارتكاب شيء منه ، والأمر قيد بحسب الاستطاعة . ولذلك قال صلي الله عليه وسلم : " أتق المحارم تكن أعبد الناس " .
    وقال بن عمر رضي الله عنه : " لرد دانق مما يكرهه الله أحب إلى الله من خمسمائة حجه !!"
    وقال بن المبارك ـ رحمه الله تعالى ـ : " لأن أرد درهما من شبهة أحب إلى من أن أتصدق بمائه آلف ، ومائه آلف ، حتى بلغ ستمائة آلف !!" .
    ولما رأى الفضيل ولده يمسح كفة الميزان قبل الوزن ، قال له : " إن عملك هذا أفضل عند الله تعالى من حجتين وستين عمره !!"
    نسأل الله تعالى التوفيق .

    MMMMMMM

    4-من اداب الاسلام :

    عن على بن طلق رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تأتوا النساء في أعجاز هن ، فإن الله لا يستحي من الحق ". والعجز : الدبر .
    أخي المسلم : هذه الوصية المباركة، تعد معجزة عظيمة من معجزات النبي صلي الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى . وقد جاء هذا التحذير في روايات أخرى كثيرة ، منها :
    1ـ عن ابن عباس رضي الله عنه قال : "لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في الدبر "
    2ـ وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "من أتي حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا ، فصدقه ، فقد طفر بما أنزل على محمد صلي الله عليه وسلم ".
    3ـ وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله علية وسلم ، فقال : يا رسول الله ، هلكت
    فقال : "وما الذي أهلكك ؟".
    قال : حولت رحلي البارحة .

    قال : فلم يرد عليه شيئا ، فأوحي الله إلى رسوله : (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ). " أقبل وأدبر ، واتق الحيضة والدبر ".
    4ـ عن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه : أن رجلا سأل النبي عن إتيان النساء في أدبارهن فقال : "حلال " , فلما ولى ، دعاه فقال : "كيف قلت ، في أي الخربتين ، أو في أي الخرزتين ، أو في أي الخصفتين أمن دبرها في قلبها ؟ فنعم .أم من دبرها ، فلا ، إن الله لا يستحي من الحق ، لا تأتوا النساء في أدبارهن ".
    قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ معلقا على هذا الحديث : "ومن ها هنا نشأ الغلط من نقل عنه الإباحة من السلف والأئمة ، فإنهم أباحوا أن يكون الدبر طريقا إلى الوطء في الفرج ، فيطأ من الدبر لا في الدبر ، فاشتبه على السامع "من " ب"في" ولم يظن بينهما فرقا ، فهذا الذي أباحه السلف والأئمة ، فغلط عليهم الغالط أقبح الغلط وأفحشه .
    وقد قال تعالى :"فأتوهن من حيث أمركم الله " فقال : "تأتيها من حيث أمرت أن تعتزلها " يعني في الحيض .
    وقال على بن أبى طلحة عنه : يقول :في الفرج ، ولا تعده إلى غيره.
    5ـ وقال البغوى : حدثنا همام ،قال : سئل قتادة عن الذي يأتي امرأته في دبرها ؟
    فقال : حدثني عمرو بن شعيب ،عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : "تلك اللوطية الصغرى ".
    6ـ وفي "مسند الحارث بن أبي أسامة " من حديث أبي هريرة وابن عباس ، قالا : خطبنا رسول الله صلي الله عليه وسلم قبل وفاته ،وهي آخر خطبة بالمدينة حتى لحق بالله عز وجل ،وعظنا فيها وقال : "من نكح امرأة في دبرها أو رجلا أو صبيا ، حشر يوم القيامة ، وريحه أنتن من الجيفة يتأذى به الناس حتى يدخل النار ، وأحبط الله أجره ، ولا يقبل منه صرفا ولا عدلا ، ويدخل في تابوت من نار ، ويشد عليه مسامير من نار ". قال أبو هريرة : هذا لمن لم يتب .
    7ـ وفي " الصحيحين " عن جابر ، قال : كانت اليهود تقول : إذا أتى الرجل امراته في دبرها في قبلها ، كان الولد أحول ، فأنزل الله عز وجل : "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ".
    وفي لفظ لمسلم : " إن شاء مجبية ، وإن شاء غير محبية ، غير أن ذلك في صمام واحد " .
    والمجبية : المنكبة على وجهها ، والصمام الواحد : الفرج ، وهو موضع الحرث والولد .
    وأما الدبر : فلم يبح قط علي لسان نبي من الأنبياء ، ومن نسب إلى بعض السلف إباحة وطء الزوجة في دبرها ، فقد غلط عليه
    وفي " سنن أبى داود " عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلي الله علية وسلم : " ملعون من أتى المرأة في دبرها " .
    أخي الحبيب : " وإذا كان الله حرم الوطء في الفرج لأجل الأذى العارض ، فما بالحش الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسد بالتعرض لانقطاع النسل والذريعة القريبة جدا من أدبار النساء أدبار الصبيان .وأيضا : فللمرأة علي الزوج في الوطء ، ووطؤها في دبرها يفوت حقها ، ولا يقضى ، ولا يحصل مقصودها .
    وأيضا : فإن الدبر لم يتهيأ لهذا العمل ، ولم يخلق له ، وإنما الذي هيئ له الفرج ، فالعادلون عنه إلى الدبر خارجون عن حكمة الله وشرعه جميعا .
    وأيضا : فإن ذلك مضر بالرجل ، ولهذا ينهى عنه عقلاء الأطباء من الفلاسفة وغيرهم ، ولأن للفرج خاصية في اجتذاب جميع الماء ، ولا يخرج كل المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعي .
    وأيضا : يضر من وجه آخر ، وهو إحواجه إلى حركات متعبة جدا لمخالفته للطبيعة .
    وأيضا : فإنه محل القذر ، فيستقبله الرجل بوجهه ، ويلابسه .
    وأيضا : فإنه يضر بالمرأة جدا ، لأنه وارد غريب بعيد عن الطباع ، منافر لها غاية المنافرة .
    وأيضا : فإنه يحدث الهم والغم ، والنقرة عن الفاعل والمفعول .
    وأيضا : فإنه يسود الوجه ، ويظلم الصدر ، ويطمس نور القلب ، ويكسو الوجه وحشة تصير عليه كالسيماء يعرفها من له أدني فراسة.
    وأيضا : فإنه يوجب النفرة والتباغض الشديد ، والتقاطع بين الفاعل والمفعول ولا بد .
    وأيضا : فإنه يفسد حال الفاعل والمفعول فسادا لا يكاد يرجى بعده صلاح ، إلا أن يشاء الله بالتوبة النصوح .
    وأيضا : فإنه يذهب بالمحاسن منهما ، ويكسوهما ضدها ، كما يذهب بالمودة بينهما ، ويبدلهما بها تباغضا وتلاعنا .
    وأيضا : فإنه من أكبر زوال النعم ، وحلول النقم ، فإنه يوجب اللعنة والمقت من الله ، وإعراضه عن فاعله ، وعدم نظره إليه ، فأى خير يرجوه بعد هذا ، وأي شر بأمنه ، وكيف حياة عبد قد حلت عليه لعنه الله ومقته ، وأعرض عنه بوجهه ، ولم ينظر إليه .
    وأيضا : فإنه يذهب بالحياء جملة ، والحياء هو حياة القلوب ، فإذا فقدها القلب ، استحسن القبيح ، واستقبح الحسن ، وحينئذ فقد استحكم فساده .
    وأيضا : فإنه يحيل الطباع عما ركبها الله ، ويخرج الإنسان عن طبعه إلى طبع لم يركب الله عليه شيئا من الحيوان بل هو طبع منكوس ، وإذا نكس الطبع انتكس القلب ، والعمل ، والهدى ، فيستطيب حينئذ الخبيث من الأعمال والهيئات ، ويفسد حاله وعمله وكلامه بغير اختياره .
    وأيضا : فإنه يورث من الوحاقة والجرأة ما لا يورثه سواه .
    وأيضا : فإنه يورث من المهانة والسفال والحقارة ما لا يورثه غيرة.
    وأيضا : فإنه يكسو العبد من حلة المقت والبغضاء ، وازدراء الناس له ، واحتقارهم إياه ، واستصغارهم له ما هو مشاهد بالحسن ، فصلاة الله وسلامه على من سعادة الدنيا والآخرة في هديه واتباع ما جاء به ، وهلاك الدنيا والآخرة في مخالفة هديه وما جاء به " .

    وقال الإمام القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ : "وقد قل أصحاب أبى حنيفة : إنه ـ أي الذي يأتي المرأة في الدبر ـ عندنا ولائط الذكر سواء في الحكم ، ولأن القذر والأذى في موضع النجو أكثر من دم الحيض ، فكان أشنع . وأما صمام البول فغير صمام االرحم .
    وقال ابن العربي في قبسه : قال لنا الشيخ الإمام فخر الإسلام أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسين فقيه الوقت وإمامه : " الفرج أشبه شيء بخمسة وثلاثين ، وأخرج يده عاقدا بها .
    وقال : مسلك البول ما تحت الثلاثين ، ومسلك الذكر والفرج ما أشتملت عليه الخمسة ، وقد حرم الله تعالى الفرج حال الحيض لأجل النجاسة العارضة . فأولى أن يحرم الدبر لأجل النجاسة اللازمة " .
    وقال مالك ـ رحمه الله ـ لابن وهب وعلى بن لما أخبراه أن ناسا بمصر يتحدثون عنه أنه يجيز ذلك ، فنفر من ذلك ، وبادر إلى تكذيب الناقل فقال : كذبوا على ، كذبوا على ! ثم قال : الستم قوما عربا ؟ ألم يقل الله تعالى :"نساؤكم حرث لكم " ؟ وهل يكون الحرث إلا في موضع المنبت !.
    وما استدل به المخالف من أن قوله عز وجل :" أنى شئتم " شامل للمسالك بحكم عمومها فلا حجة فيها ، إذ هي مخصصة بما ذكرناه ، وبأحاديث صحيحه حسان وشهيرة رواها عن رسول الله صلي الله عليه وسلم اثنا عشر صحابيا بمتون مختلفة ، كلها متواردة على تحريم إتيان النساء في الأدبار ، ذكرها أحمد ابن حنبل في مسنده ، وأبو داود والنسائي والترمذى وغيرهم . وقد جمعها أبو الفرج ابن الجوزى بطريقها في جزء سماه :" تحريم المحل المكروه " ولشيخنا أبى العباس أيضا في ذلك جزء سماه " إظهار إدبار ، من أجل الوطء في الأدبار ".
    قلت ـ أي القرطبي ـ : وهذا هو الحق المتبع والصحيح في المسألة ، ولا ينبغي لمؤمن بالله واليوم الآخر أن يعرج في هذه النازلة على زلة عالم بعد أن تصح عنه وقد حذرنا من زلة العلم "
    قلت : ولقد عظم ابن عباس رضي الله عنه هذا الأمر جدا : فعن طاووس : أن رجلا سأل ابن عباس عن إتيان المرأة في دبرها ، قال : تسألني عن الكفر!!.

    ماذا قال الأطباء في هذا الأمر ؟:
    اتفقت كلمة الأطباء على خطورة الوطء في " الدبر " على صحة الإنسان وأجمعت الآراء على ضرورة اجتنابه
    قال الدكتور /على محمد مطاوع ـ عميد لكلية طب الأزهر أستاذ الأشعة بها ـ في قوله تعالى :" فأتوهن من حيث أمركم الله " .
    قال : "وقاية من الميكروبات التي توجد في الشرج والتي قد تصيب قناة مجري البول في الرجل إن هو خالف الأمر وأتى زوجته في دبرها".
    أوفي بعض الآثار الإلهية : "ابن آدم ما انصفتني ، أذكرك وتنساني ، وأدعوك إلي فتفر منى إلى غيري ، وأذهب عنك البلايا وأنت معتكف على الخطايا ، ابن آدم ما يكون اعتذارك غدا إذا جئتني ؟". طوبى لمن أجاب دعوة مولاه ، " يا قومنا أجيبوا داعي الله ".

    يانفس ويحك قد أياك هداك ...............اجيبي فداعي الحق قد ناداك


    كم قد دعيت إلى الرشاد فتعرضي........... واجبت داعي الغي حين دعاك


    نسأل الله السلامة من كل إثم




    MMMMMMM

  6. #6
    التسجيل
    12-01-2007
    الدولة
    K S A
    المشاركات
    686

    رد: وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم




    MMMMMMM


    5-نظره الاسلام الى المال :



    عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " إن أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض " .
    قيل : ما بركات الأرض ؟
    قال : " زهرة الدنيا "
    فقال له الرجل : هل يأتي الخير بالشر ؟
    فصمت رسول الله صلي الله عليه وسلم حتى ظننت أنه سينزل عليه ثم جعل يمسح عن جبينه . قال : " أين السائل ؟".
    قال : أنا
    قال : " لا يأتي الخير إلا بالخير ، إن هذا المال خضرة حلوة ، وإن كل ما أثبت الربيع يقتل حبطا أو يلم ، إلا آكلة الخضر ، أكلت ، حتى إذا امتدت خاصرتاها استقبلت الشمس ، فاجترت وثلطت وبالت ، ثم عادت فأكلت ، وإن هذا المال خضرة حلوة ، من أخذه بحقه ، ووضعه في حقه ، فنعم المعونة هو ، وإن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع".
    قال ابن الأثير ـ معلقا على هذا الحديث ـ: " وفى هذا الحديث مثلان :
    أحدهما : للمفرط في جمع الدنيا .
    والآخر : للمقتصد في أخذها والانتفاع بها .فأما قوله : " وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم " .
    فإنه مثل للمفرط الذي يأخذ الدنيا بغير حقها ، وذلك أن الربيع ينبت أحرار البقول ، فتستكثر الماشية منه لاستطابتها إياه ، حتى تنتفخ بطونها عند مجاوزتها حد الاحتمال ، فتنشق أمعاؤها من ذلك فتهلك، أو تقارب الهلاك ، وكذلك الذي يجمع الدنيا من غير حقها ويمنعها من حقها ، قد تعرض للهلاك في الآخرة ، لا بل في الدنيا .
    وأما مثل المقتصد ، فقوله : " إلا آكلة الخضر " وذلك أن الخضر ليس من أحرار البقول وجيدها التي ينبتها الربيع بتوالي أمطاره فتحسن وتنعم ، ولكنه من التي ترعها المواشي بعد هيج البقول ويسها ، حيث لا تجد سواها ، وتسميها العرب : الجنبة ، فلا ترى الماشية تكثر من آكلها ولا تستمرئها ، فضرب آكلة الخضر من المواشي مثلا لمن يقتصر في أخذ الدنيا وجمعها ، ولا يحمله الحرص على أخذها بغير حقها ، فهو ينجو من وبالها ، كما نجت آكلة الخضر . ألا تراه قال : " أكلت ، حتى إذا مدت خاصرتاها استقبلت عين الشمس ، فثلطت وبالت " . أراد أنها شبعت منها بركت مستقبلة عين الشمس ، تستمرئ بذلك ما أكلت ، وتجتر وتثلط ، فإذا ثلطت فقد زال عنها الحبط ، وإنما تحبط الماشية لأنها تمتلئ بطونها ولا تثلط ولا تبول ، فيعرض لها المرض فتهلك ".
    أخي المسلم : كان النبي صلي الله عليه وسلم يتخوف على أمته من فتح الدنيا عليهم ، فيخاف الافتتان بها .
    • فعن عمرو بن عوف : أن النبي صلي الله عليه وسلم قال للأنصار لما جاءه مال من البحرين : " أبشروا وأملوا ما يسركم ، فوالله ما الفقر أخشى عليكم ، ولكن أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم بسطت على من كان قبلكم ، فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم " .
    • وكان آخر خطبة خطبها على المنبر حذر فيها من زهرة الدنيا. فعن عقبة بن عامر أن النبي صلي الله عليه وسلم صعد المنبر ، فقال : " إني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدى ، ولكنى أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها فتقتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم". قال عقبة : فكان آخر ما رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم على المنبر .
    • وعن عبد الله بن عمرو أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " إذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم ، أي قوم أنتم ؟ " .
      فقال عبد الرحمن بن عوف : نقول كما أمرنا الله عز وجل .
      فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :" أو غير ذلك تتنافسون ، ثم تتحاسدون ، ثم تتدابرون ، ثم تتباغضون " .
    • وعن عمر رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " لا تفتح الدنيا على أحد إلا ألقي الله بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة ". قال عمر : " وأنا أشفق من ذلك " .
      وعن أبى ذر رضي الله عنه : أن أعرابيا قال : يا رسول الله ! أكلتنا الضبع ، يعني السنة والجدب
      فقال النبي صلي الله عليه وسلم : " غير ذلك أخوف مني عليكم حين تصب عليكم الدنيا صبا ، فليت أمتي لا يلبسون الذهب " .
    • وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " ولكل أمة فتنة ، وإن فتنة أمتي المال ".
    شرح الحديث :
    وقوله صلي الله عليه وسلم : " إن أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض "، ثم فسره بزهرة الدنيا
    ومراده : ما يفتح على أمته منها من ملك فارس والروم وغيرهم من الكفار الذين ورثت هذه الأمة ديارهم وأموالهم وأراضيهم التي تخرج منها زروعهم وثمارهم وأنهارهم ومعادنهم ، وغير ذلك مما يخرج من بركات الأرض ، وهذا من أعظم المعجزات ، وهو إخباره بظهور أمته على كنوز فارس والروم وأموالهم وديارهم . ووقع على ما أخبر به ، ولكنه سمي ذلك " بركات الأرض " وأخبر أنه " أخوف ما يخاف عليهم " أشكل ذلك على بعض من سمعه حيث سماه بركة ، ثم خاف منه أشد الخوف ، فإن البركة إنما هي خير ورحمة .
    وقد سمي الله تعال المال خيرا في مواضع كثيرة من القرآن : فقال : "وأنه لحب الخير لشديد" .
    وقال : " إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين " .
    وقال تعالى عن سليمان علية السلام : " إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي " .
    • فلما سأله السائل : هل يأتي الخير بالشر ؟ صمت النبي صلي الله عليه وسلم حتى ظنوا أنه أوحى إليه ، والظاهر أن الأمر كان كذلك ، ويدل عليه أنه ورد في رواية لمسلم في هذا الحديث :
    • " فأفاق يمسح عنه الرحضاء " وهو العرق ، وكان النبي صلي الله عليه وسلم إذا أوحى إليه يتحدر منه مثل الجمان من العروق من شدة الوحي وثقله عليه ، وفى هذا دليل على أنه صلي الله عليه وسلم كان إذا سئل عن شيء لم يكن أوحى إليه فيه شيء انتظر الوحي فيه ، ولم يتكلم فيه بشيء حتى يوحي إليه فيه ، فلما نزل عليه جواب ما سئل عنه ، قال : " أين السائل ؟" .
      قال : ها أنا .
      قال : " إن الخير لا يأتي إلا بالخير " .
      وفي رواية لمسلم ، فقال : " أو خير هو " .
      وفي ذلك دليل على أن المال ليس بخير على الإطلاق ، بل منه خير ومنه شر .
      ثم ضرب مثل المال ومثل من يأخذه بحقه ويصرفه في حقه ، ومن يأخذه من غير حقه ويصرفه في غير حقه ، فالمال في حق الأول خير ، وفي الثاني شر فتبين بهذا أن المال ليس بخير مطلق ، بل هو خير مقيد ، فإن استعان به المؤمن على ما ينفعه في أخيرا له ، وإلا كان شرا له .
    فأما المال ، فقال : " إنه خضرة حلوة " وقد وصف المال والدنيا بهذا الوصف في أحاديث كثيرة :
    ففي " الصحيحين " عن حكيم بن حزام ، أنه سأل النبي صلي الله عليه وسلم فأعطاه ، ثم سأله فأعطاه ، ثم سأله ، فقال له النبي صلي الله عليه وسلم :" يا حكيم ! إن هذا المال خضرة حلوة ، فمن بسخاوة نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه ، وكان كالذي يأكل ولا يشبع ".
    وفي " صحيح مسلم " عن أبى سعيد رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " إن الدنيا خضرة حلوة ، وإن الله مستخلفكم فبها ، فناظر كيف تعلمون ، فاتقوا الدنيا ، واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " . واستخلافهم فيها هو ما أورثهم الله منها مما كان في أيدى الأمم من قبلهم كفارس والروم ، وحذرهم من فتنه الدنيا ، وفتنه النساء خصوصا ، فإن النساء أول ما ذكره الله تعالى من شهوات الدنيا ومتاعها في قوله تعالى : " زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا " .
    وعن عمرة بنت الحارث رضي الله عنه قالت : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " الدنيا حلوة خضرة ، فمن أخذها بحقها بارك الله له فيها ، ورب متخوض في مال الله ورسوله له النار يوم القيامة" . وفي المعنى أحاديث أخر .
    • وقوله صلي الله عليه وسلم : " إن مما ينبت الربيع يقتل حبطا ، أ, يلم ، إلا آكلة الخضر " ، مثل آخر ضربه النبي صلي الله عليه وسلم لزهرة الدنيا وبهجة منظرها نعيمها وحلاوته في النفوس ، فمثله كمثل نبات الربيع ، وهو المرعى الخضر الذي ينبت في زمان الربيع ، فإنه يعجب الدواب التي ترعى فيه وتستطيبه وتكثر من الأكل منه أكثر من قدر حاجتها ، لا ستحلائها له ، فإما أن يقتلها فتهلك وتموت حبطا ، والحبط : انتفاخ البطن من كثرة الأول ، أو يقارب قتلها ويلم به ، فتمرض منه مرضا مخوفا مقاربا للموت .
    فهذا مثل من يأخذ من الدنيا بشره وجوع نفس من حيث لاحت له،لا بقليل يقنع ، ولا بكثير يشبع ، ولا يحلل ولا يحرم ، بل الحلال عنده ما يحل بيده وقدر عليه ، والحرام عنده ما منع منه وعجز عنه . فهذا هو المتخوض في مال الله ورسوله فيما شاءت نفسه ، وليس له إلا النار يوم القيامة والمراد بمال الله ومال رسوله الأموال التي يجب على ولاة الأمور حفظها وصفها في طاعة الله ورسوله من أموال الفيء والغنائم ويتبع ذلك مال الخراج والجزية ، وكذلك أموال الصدقات التي تصرف للفقراء والمساكين ، كمال الزكاة والوقف ونحو ذلك وفي هذا تنيه على أن من تخوض من الدنيا في الأموال المحرم أكلها ، كمال الربا ، ومال الأتيام الذي من أكله أكل نارا ، والمغصوب ، والسرقة ، والغش في البيوع ، والخداع المكر وجحد الأمانات والدعاوى البطلة ، ونحوها من الحيل المحرمة ، أولى أن يتخوض صاحبها في نار جهنم غدا . فكل هذه الأموال وما أشبهها يتوسع بها أهلها في الدنيا ويتلذون بها ، ويتوصلون بها إلى لذات الدنيا وشهواتها ، ثم ينقلب ذلك بعد موتهم فيصير جمرا من جمر جهنم في بطونهم ، فما تفي لذتها بتبعتها ،كما قيل:

    تفني اللذاذة ممن نال لذتها ...............من الحرام ويبقى الإثم والعار
    تبقى عواقب سوء من مغبتها .............لا خير في لذة من بعدها النار
    فلهذا شبه النبي صلي الله عليه وسلم من يأخذ الدنيا بغير حقها ، ويضعها في غير حقها ، بالبهائم الراعية من خضراء الربيع حتى تنتفخ بطونها من أكله ، فإما أن يقتلها ، وإما أن يقارب قتلها . فكذلك من أخذ الدنيا من غير حقها ووضعها في غير وجهها ، إما أن يقتله ذلك فيموت به قلبه ودينه ، وهو من مات على ذلك من غير توبة منه وإصلاح حال فيستحق النار بعمله ، قال الله تعالى: " والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم" . وهذا هو الميت حقيقة ، فإن الميت من مات قلبه ، كما قيل :
    ليس من مات فاستراح بميت ...............إنما الميت ميت الأحياء
    أما أن يقارب موته ثم يعافي ، وهو من أفاق من هذه السكرة وتاب ، وأصلح عمله قبل موته . وفي الأبيات المشهورة التي كان عمر بن عبد العزيز ينشدها كثيرا:
    نهارك يا مغرور سهو وغفلة ................وليلك نوم والردى لك لازم
    تسر بما يفني وتفرح بالمني................ كما سر باللذات في النوم حالم
    وتتعب فيما سوف تكره غبه .................كذلك في الدنيا تعيش البهائم
    وأما استثنائه صلي الله عليه وسلم من ذلك " أكلة الخضر" فمراده بذلك مثل المقتصد الذي يأخذ من الدنيا بحقها مقدار حاجته ، فإذا نفد واحتاج عاد إلى الأخذ منها قدر الحاجة بحقه .
    وأكلة الخضر : دويبة تأكل من الخضر بقدر حاجتها إذا احتاجت إلى الأكل ، ثم تصرفه فتستقبل عين الشمس ، فتصرف بذلك ما في بطنها وتخرج منه ما يؤذيها من الفضلات .
    وقد قيل : إن الخضر ليس من نبات الربيع عند العرب ، إنما هو من كلا الصيف بعد يبس العشب وهيجه واصفراره ، والماشية من الإبل لا تستكثر منه ، بل تأخذ منه قليلا قليلا ، ولا تحبط بطونها منه . فهذا مثل المؤمن المقتصد من الدنيا ، يأخذ من حلالها وهو قليل بالنسبة إلى حرامها ، قد بلغته وحاجته ، ويجتزئ من متاعها بأدونه وأخشنه ، ثم لا يعود إلى الأخذ منها إلا إذا نفد ما عنده وخرجت فضلات، فلا يوجب له هذا الأخذ ضرارا ولا مراضا ولا هلاكا ، بل يكون ذلك بلاغا له ، ويتبلغ به مدة حياته ، ويعنيه على التزود لأخرته . وفي هذا إشارة إلى مدح من أخذ من حلال الدنيا بقدر بلغته مقنع بذلك ، كما قال صلي الله عليه وسلم : " قد أفلح من هداه الله إلى الإسلام ، وإذا كان عيشه كفافا فقنع به" .
    وعن سعيد بن أبى وقاص رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : " خير الذكر الخفي ، وخير الرزق أو العيش ما يكفي " .

    خذ من الرزق ما كفي .............ومن العيش ما صفا
    كل هذا سينقض................ كسراج إذا أنطفا

    ثم قال صلي الله عليه وسلم : " إن هذا المال خضرة حلوة " فأعاد مرة ثانية تحذيرا من الاغترار به ، فخضرته بهجة منظره ، وحلاوته طيب طعمه ، فلذلك تشتهيه النفوس وتسارع إلى طلبه ، ولكن لو فكرت في عواقبه لهربت منه . الدنيا في الحال حلوة خضرة ، وفي المال مرة كدرة ، نعمة المرضعة ، وبئست الفاطمة ! . الذي بشر أمته بفتح الدنيا عليهم حذرهم من الاغترار بز هوتها ، وخوفهم من خضرتها وحلاوتها ، وأخبرهم بخرابها وفنائها ، وأن بين ايديهم دارا لا تنقطع خضرتها وحلاوتها ، فمن وقف مع زهرة هذه العاجلة أنقطع وهلك ، ومن لم يقف معها وسار إلى تلك الأجلة ، وصل ونجا وفي " المسند " عن ابن عباس رضي الله عنه : " إن النبي صلي الله عليه وسلم أتاه فيما يرى النائم ملكان ، فقعد أحدهما عند رأسه ، والأخر عند رجليه ، فقال أحدهما للأخر : أضرب له مثلا ، فقال : إن مثله ومثل أمته كمثل قوم سفر انتهوا إلى رأس مفازة ، فلم يكن معهم من الزاد ما يقطعون به المفازة ، ولا يرجعون به ، فبينما هم كذلك إذ أتاهم رجل في حلة حبرة ، فقال : أرأيتم إن وردت بكم رياضا مع شبة وحياضا رواء ، أتتبعوني ؟
    قالوا : نعم
    قال : فانطلق بهم فأوردهم رياضا مع شبه ، وحياضا رواء ، فأكلوا وشربوا وسمنوا ، فقال لهم : آلم ألقكم على تلك الحال فجعلتم لي إن وردت بكم رياضا معشبة وحياضا رواء اتتبعوني ؟
    قالوا : بلى .
    قال : فإن بين أيديكم رياضا هي أعشب من هذه ، وحياضا هي أروى من هذه ، فاتبعوني .
    قال : فقالت طائفة : صدق والله ، لنتبعه .
    وقالت طائفة : قد رضينا بهذا نقيم عليه " .
    موعظة :
    " الدنيا خضراء الدمن . ومعنى ذلك أن خضرتها على مزيلة منتنة . يا دنى الهمة ، قنعت بروضة على مزبلة ، والملك يدعوك إلى فردوسه الأعلى ، "أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الدنيا في الآخرة إلا قليل " . أرضيتم بخرابات البلى من الفردوس ؟ يا لها صفقة غبن ما أخسرها ! أتقنع بخسائس الحشائش والرياض معشبة بين يديك؟".
    وقوله صلي الله عليه وسلم : " من أخذه بحقه ووضعه في حقه ، فنعم المعونة هو ، ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع " تقسيم لمن المال إلى قسمين :
    فأحدهما : يشبه حال آكلة الخضر ، وهو من أخذه بحقه ووضعه في حقه ، وذكر أنه نعم المعونة هو ، فإنه نعم العون لمن هذه صفته على الآخرة ، كما في حديث عمرو ابن العاص عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " نعم المال الصالح للرجل الصالح " ، وهو الذي يأخذه بحقه ويضعه في حقه فهذا يوصله ماله إلى الله عز وجل ، فمن أخذ من المال بحقه ما يقويه ما يقويه على طاعة الله ، ويستعين به عليها ، كان أخذه طاعة ، ونفقته طاعة . وفي الحديث " الصحيح " عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " إنك لن تنفق نفقتة تنتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها ، حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك ".
    وفي حديث آخر : " ما أطعمت نفسك فهو لك صدقة ، وما أطعمت أهلك فهو لك صدقة ، وما أطعمت ولدك فهو لك صدقة ، وما أطعمت خادمك فهو لك صدقة "فما أخذ من الدنيا بنية التقوى على طلب الآخرة فهو داخل فيقسم إرادة الآخرة والسعي لها في إرادة الدنيا والسعي لها . قال الحسن : " ليس من حب الدنيا طلبك ما يصلك فيها ، ومن زهدك فيها ترك الحاجة يسدها عنك تركها . ومن أحب الدنيا وسرته ذهب خوف الآخرة من قلبه " . وقال سعيد بن جبير ـ رحمه الله تعالى ـ :" متاع الغرور ما يلهيك عن طلب الآخرة ، وما لم يلهك فليس بمتاع الغرور ، ولكنه بلاغ إلى ما هو خير منه ". وقال أبو سليمان ـ رحمه الله تعالى ـ : " الدنيا حجاب عن الله لأعدائه ، وطية موصلة إليه لأوليائه ، فسبحان من جعل شيئا واحدا سببا للاتصال به والانقطاع عنه " .
    والقسم الثاني : يشبه حاله حال البهائم التي ترعي ترعي مما ينبت الربيع ، فيقتلها حبطا أو يلم ، وهو من يأخذ المال بغير حقه ، فيأخذه من الوجوه المحرمة ، فلا يقنع منه بقليل ولا بكثير ، ولا تشبع نفسه منه ، ولهذا قال : " وكان كالذي يأكل ولا يشبع " . وكان النبي صلي الله عليه وسلم يتعوذ من نفس لا تشبع . وفي حديث زيد بن ثابت ، عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " من كانت الدنيا همه ، فرق الله عليه أمره ، وجعل فقره بين عينيه ، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له " . فمن كان فقره بين عينيه لم يزل خائفا من الفقر ،لا يستغني قلبه بشيء ، ولا يشبع من الدنيا ، فإن الغني غني القلب ، والفقر فقر النفس .
    وعن عيسى عليه السلام قال : " مثل طالب الدنيا كشارب البحر ، كلما ذاد شربا منه زاد عطشا حتى يقتله " وقال يحيى بن معاذ ـ رحمه الله تعالى ـ : " من كان غناه في قلبه لم يزل غنيا ، ومن كان غناه في كسبه لم يزل فقيرا ، ومن قصد المخلوقين لحوائجه لم محروما ". ويشهد لذلك الحديث الصحيح ، عن النبي صلي الله عليه وسلم : " لو كان لا بن آدم واديان من ذهب لا تبتغى لهما ثالثا ، ولا يملا جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب " . لو فكر الطامع في عاقبة الدنيا لقنع ، ولو تذكر الجائع إلى فضول مالها لشبع .
    هب أنك قد ملكت الأرض طرا ...................ودان لك العباد فكان ماذا
    أليس إذا مصيرك جوف قبر .....................ويحثى الترب هذا ثم هذا
    وقد ضرب الله تعالى في كتابه مثل الدنيا وخضرتها ونضرتها وبهجتها وسرعة تقلبها وزوالها ، وجعل مثلها كمثل نبات الأرض النابت من مطر السماء في تقلب أحواله وماله . قال الله تعالى : " واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح شيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا " .
    وقال تعالى :" اعلموا إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخر عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور " .
    فالدنيا وجميع ما فيها من الخضر والبهجة والنضر تقلب أحواله وتتبدل ، ثم تصير حطاما يابسا .
    وقد عدد الله سبحانه زينة الدنيا ومتاعها المبهج في قوله تعالى : " زين للناس حب الشهوات من النساء والبنتين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة النعام والحرث ذلك متاع الحية الدنيا والله عنده حسن المآب " .
    وهذا كله يصير ترابا ، ما خلا الذهب والفضة ، ولا ينتفع بأعيانهما ، بل هما قيم الأشياء ، فلا ينتفع صاحبهما بإمساكهما ، وإنما ينتفع بإنفاقهما ، ولهذا قال الحسن : " بئس الرفيق الدرهم والدينار ، لا ينفعانك حتى يفارقانك " .
    وأجسام بنى آدم ، بل وسائر الحيوانات ، كنبات الأرض تتقلب من حال إلى حال ، ثم تجف وتصير ترابا ، قال تعالى : " والله أنبتكم من الأرض نباتا J ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا " .
    وما المرء إلا كالنبات وزهره .................يعود رفاتا بعدما هو ساطع
    فينتقل ابن آدم من الشباب إلى الهرم ، ومن الصحة إلى القسم ، ومن الوجود إلى العدم ، ثم إذا شاء الذي أنشأ أعاده كما بدأه .
    قد يبلغ الزرعمنتـــــــهـــــاه ...........لابد للزرع من حـــصــــاد

    وقد يدرك الزرع آفة قبل بلوغ حصاد فيهلك ، كما أشير إليه في قوله تعالى :" حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس . . . . ."
    قال ميمون بن مهران لجلسائه : يا معشر الشيوخ ! ما ينتظر بالزرع إذا ابيض ؟
    قالوا : الحصاد .
    فنظر إلى الشباب ، فقال : يا معشر الشباب ! إن الزرع قد تدركه الآفة قبل أن يستحصد .
    وقال بعضهم : أكثر من يموت الشباب ، وآية ذلك أن الشيوخ في الناس قليل .
    أيا ابن آدم لا تغررك ...............عافيه عليك صافيه فالعمر معدود
    ما أنت إلا كزرع عند خضرته................ بكل شيء من الآفات مقصود
    فإن سلمت من الآفات أجمعها ..............فأنت عند كمال الأمر محصود
    كل ما في الدنيا فهو مذكر بالآخرة ، ودليل عليه ، فنبات الأرض واخضرارها بعد كونها خشبا يابسا يدل على بعث الموتى من الأرض ، وقد ذكر الله تعالى ذلك في كتابه في مواضع كثيرة
    قال الله تعالى : " وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج . ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيى الموتى وأنه على كل شيء قدير . وأن الساعة آتيتة لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور " .
    وقال الله تعالى : " ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد . والنخل باسقا لها طلع نضيد . رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج " .
    وقال أبو رزين للنبي صلي الله عليه وسلم : كيف يحيى الله الموتى ؟ وما لآية ذلك في خلقه ؟
    قال : " هل مررت بواد أهلك محلا ، ثم مررت به يهتز خضرا؟"
    قال : نعم .
    قال : " كذلك يخرج الله الموتى ، وذلك آيته في خلقه " .
    وقصر مدة الزرع والثمار وعود الأرض بعد ذك إلى يبسها ، والشجر إلى حالها الأول ، كعود ابن آدم بعد كونه حيا إلى التراب الذي خلق منه .
    وفصول السنة تذكر بالآخرة ، فشدة حر الصيف يذكر بحر جهنم ، وهو من سمومها ، وشدة برد الشتاء يذكر بزمهرير جهنم وهو من زمهريرها ، والخريف يكمل فيه اجتناء الثمرات التي تبقي وتدخر في البيوت ، فهو منبه على اجتناء ثمرات الأعمال في الآخرة ، وأما الربيع فهو أطيب فصول السنة ، وهو يذكر بنعم الجنة وطيب عيشها ، فينبغي أن يحث المؤمن على الاستعداد لطلب الجنة بالأعمال الصالحة .
    كان بعض السلف يخرج في أيام الرياحين والفواكه إلى السوق ، فيقف وينظر ويعتبر ، ويسأل الله الجنة .
    ومر سعيد عليه بن جبر بشباب من أبناء الملوك جلوس في مجالسهم في زينتهم ، فسلموا عليه ، فلما عنهم بكي واشتد بكاؤه ، وقال : ذكرني هؤلاء شباب أهل الجنة .
    تزوج " صلة بن أشيم " بمعاذة العدوية ، وكانا من كبار الصالحين فأدخله ابن أخيه الحمام ، ثم أدخله على زوجته في بيت مطيب منجد ، فقاما يصلبان إلى الصباح ، فسأله ابن عن حاله ، فقال : أدخلتني بالأمس بيتا أذكرتنى به الجنة ، فلم يزل فكرى في الجنة والنار إلى الصباح . ولله در القائل :
    تفكر في نبات الأرض وانظر ....................إلى آثار ما صنع المليك
    عيون من لجين ناظرات ........................بأحداق هى الذهب السبيك
    على قضب الزبر جد شاهدات ....................بأن الله ليس شريك
    سبحان من سبحت المخلوقات بحمده ، فملأ الأكوان تحميده ، وأفصحت الكائنات بالشهادة بوحدانيته ، فوضح توحيده واعجبا للمتقلب بين مشاهدة حكمه وتناول نعمه ، ثم لا يشكر نعمه ولا يبصر حكمه .

    فوا عجبا كيف يعصى الإله .......................أم كيف يجحده الجاحد
    ولله في كل تحريكة ..............................وتسكينة أبدا شاهد
    وفي كل شيء له آية .............................تدل على أنه واحد

    MMMMMMM

    المرجع:
    من كتاب : وصايا الرسول صلى الله عليه و سلم

    MMMMMMM


    اتمنى من الله ان اكون قد وفقت في طرح الموضوع وان يفيد به جميع المسلمين

    سبحان الله وبحمده .......... سبحان الله العظيم

  7. #7
    التسجيل
    11-06-2005
    الدولة
    ما زلت ُ هنا في نفس المكان ..
    المشاركات
    1,391

    رد: وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم

    ما شاء الله ^^

    سلمت يداك وبارك الله فيك ووفقك الله لما يحب ويرضى

    ^__^





    صمتا ً يا ضجيج الماضي ! .. فأنا أريد أن أرسم مستقبلي بهدوء ..


  8. #8
    التسجيل
    12-01-2007
    الدولة
    K S A
    المشاركات
    686

    رد: وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة meyrin مشاهدة المشاركة
    ما شاء الله ^^




    سلمت يداك وبارك الله فيك ووفقك الله لما يحب ويرضى

    ^__^


    شكر لك يا اخ meyrin على قرائتك للموضوع

    واتمنى من الله ان يستفيد منه ,وان تعم الفائده للجميع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •