النتائج 1 إلى 15 من 15

الموضوع: .. فصاحة الشيخ علي القرني و " إيـماضُ البرقِ في خـُلقِ سيِّدِ الخـَلْق "

  1. #1
    الصورة الرمزية annabi
    annabi غير متصل عضو مميز في المنتدى الإسلامي
    التسجيل
    19-02-2006
    المشاركات
    749

    .. فصاحة الشيخ علي القرني و " إيـماضُ البرقِ في خـُلقِ سيِّدِ الخـَلْق "

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    إيماض البرق في خلق سيد الخلق صلى وسلم عليه الحق


    إيماض البرق في خلق سيد الخلق صلى وسلم عليه الحق

    فضيلة الشيخ علي بن عبد الخالق القرني

    الحمد لله الذي قد أنزلا كتابه وللرسول أرسلا..
    اللهم لك الحمد حمداً يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك..
    ولك الحمد زنة عرشك وعدد خلقك ورضا نفسك ومداد كلماتك..
    لا تشكر نعمتك إلا بنعمتك.. ولا تنال كرامتك إلا برحمتك..
    أنت أهل الثناء والمجد ** فامنن بجميل من الثناء المواتي

    يا محب الثناء والمدح إني ** من حيائي خواطري في شتاتي

    حمدنا وثنائنا ليس إلا **هبة منك يا عظيم الهبات

    لو نظمنا قلائد من جمان ** ومعان خلابة بالمئات

    لو برينا الأشجار أقلام شكر ** بمداد من دجلة والفرات

    لو نقشنا ثنائنا من دمانا ** أو بذلنا أرواحنا الغاليات

    أو وصلنا نهارنا بدجانا ** في صلاة وألسن ذاكرات

    أو قطعنا مفاوز من لهيب ** ومشينا بأرجل حافيات

    أو بكينا دما وفاضت عيون ** بلهيب المدامع الحارقات

    ما أبنا عن همسة من معاني ** في حنايا نفوسنا ماكينات

    أي شيء أبقى وأنقى وأرقى ** من حروف بمدحكم مترعات


    فالق الحب والنوى جل شائنا.. لم يزل مرغما أنوف الطغاة.. الولي المتين ما خاب ظن لنفوس في فضله طامعات.. الحمد لك لا ند لك.. والملك لك من عالم الذر الخفي إلى الفلك.. ما عام أو ما طار فيه أو سلك.. ما كان من إنس وجن أو ملك.. إلا وقد شهدوا بأن الملك لك.. الحمد لله على توفيقه ومنه وفضله وجوده.. وصلوات الله والسلام ما ناح طير الأيك والحمام.. على النبي المصطفى البشير الهاشمي المجتبى النذير وآله.. ما انبلج الصباح وصحبه ما هبت الرياح.. بذكر الله ترتاح القلوب.. ودنيانا بذكراه تطيب.. من شاء في ظل السعادة هجعته.. فهنا تشاد صروحها وتقام.. أورام نسيان الهموم فهاهنا.. تنسى الهموم وتنسخ الألأم.. سبحان من لا هدي إلا هديه.. نفنى ويبقى الواحد العلام..
    أي فلذات الأكباد وثمرات الفؤاد.. فتيان الحمى وجنود الهدى.. معاقد الأمل ورجال العمل.. قادة السفينة في موج كالجبال.. وليل خافت الذبال.. حداة القافلة في خضم العواصف الهوج والملتويات العوج..
    نظر الله هذه الوجوه التي أحسبها في الخير قد رقت أندائها.. وتجاوبت أصدائها.. وغردت أطيارها.. وتنفست أزهارها.. وفاح أريج أصائلها وأسحارها.. فالسعد والإيمان في بسماتها.. والورد والريحان من نسماتها.. في هذه الليلة الغراء.. التي لا أرى فيها إلا المغوار وأب المغوار.. والرجال وأبناء الرجال وأحفاد الرجال..
    أحييكم بتحية الإسلام تحية ظامئ لريكم ورياكم.. ومتطلع لسهيلكم وثرياكم.. تحية الأبوة للبنوة.. والشيخوخة للفتوة.. والقرابة للأخوة.. فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. تصافح مواطن الإحساس من نفوسكم.. وتخالط معاقد الإيمان من قلوبكم.. وتحرك أوتار الحمية في صدوركم.. سائلين لكم التأييد من ذي العرش المجيد.. وزيادة في النعيم.. وسيادة تدفع إلى حرم العز من ثنية التنعيم..
    أهلا بني طه ونون والضحى.. وبني تبارك والكتاب المحكم.. وبني الأباطح والمشاعر والصفا.. والركن والبيت العتيق وزمزم..
    حياكم الله وأحياكم للأمة.. ترفعون منارها.. وتورون نارها.. وتقومون منئآدها.. وتصلحون فسادها.. وتنفقون كسادها.. وتحسنون تهيئتها وإعدادها.. فتملكون قيادها.. وتستنشقون رندها وعرارها وشيحها وقيصومها وريحانها..
    جمع الهداية قد شرفت منزلا ** قدر المنازل عن سناها نازل

    كم سرت فيها نحو ربعك منشدا ** لك يا منازل في القلوب منازل

    معشر الإخوة...... غير خاف على الغبي والنبيه.. والحليم والسفيه.. أننا نعيش مرحلة حرجة لم يسبق لها مثال.. الأمة كثير فيما يعد العادون لكنهم مع هذا العدد مبددون..
    مدوا يدا لغريب بات يقطعها ** وكان يلثمها لو أنه لطما

    أسراهم في سجون البغي ما عرفوا ** لون الحياة وقتلاهم بلا قودي

    بنوا اللقيطة داسوا حرمة الصحف ** واستأسد الغي حين استنوق الرشدوا


    يهان كتاب الله في حملة إذلال منظمة.. فلا تنشق مرارة ولا تثور حرارة.. فتتخذ مواقف تدل على الثأر للكرامة..
    ماذا سيبقى من كرامة ديننا ** لما تداس وتستباح مصاحف


    ردود أفعال هلاهيل..!! لا تتناسب مع فداحة المصيبة ومقدار الإهانة..!! فلم يجد أبرهة حتى من يقول: أنا رب الأسرى وللمصحف رب يحميه.. فوا ذلاه..!!!
    في زمان الصقور صرنا حماما ** كيف يحيا مع الصقور الحماما؟

    وقع السقف يا صناديد قومي ** أوى صاحون أنتم أم نياما

    لا يهين الجموع إلا رضاها ** رضي الناس بالهوان فهانوا

    ولا عجب إذا أرخصت نفسك عند ** قوم فلا تغضب عليهم إن أساءوا

    لو كنت من هاشم لم تستبح صحفي ** بنوا اللقيطة من قرد ابن نصرانيا


    أمة تداعى عليها الأعداء.. فإذا هي في عمومها غثاء لا منفعة ولا غناء.. في اضطراب واحتراب.. السرائر منها بليت.. والصحائف نشرت.. والدفائن نبشت..
    فهي والأحداث تستهدفها ** تعشق اللهو وتعشق الطربَ

    تساق إلى الذبح خاضعة ** وترفع للذابحين الذنبَ


    تتلمس الهداية من مطالع الظلال.. وتطلب الشفاء بأسباب المرض العضال.. تبحث عن الدليل وهو معها وحي من ربها.. يراد لها ومنها أن تفزع إلى عدوها.. تتعادى لإرضائه.. !! وتتمادى بإغوائه..!! تتنازل عن عقلها لعقله وإن كان مأفونا..!! وعن فكرها لفكره وإن كان مجنونا..!! يراد لها أن تلقح فضائلها برذائله..!! وتهزأ بماضيها افتتانا بحاضره..!! وتسخر من رجالها إعجابا برجاله..!! وتنسى تاريخها لتحفظ تاريخه..!! وتحتقر لسانها احتراما للسانه..!! وتحت ضغط ما يراد لها تضاءلت فيها السوابق.. وتصاهلت عرج الحمير.. وترجل الجنس اللطيف.. مخلفا فينا شبابا للأنوثة ينتمي.. ونطق الرويبضة والتافه.. وأشار بالرأي البليد للذكا.. وتؤم أشباه الرجال نسائها.. خابت ذكور إذ تأمهم نساء.. ووئدت الأخلاق بأيدي نساء بلحى.. من كل ذي وجه لو الناصفاته تندى لكان من الفضيحة يقطر..

    بئس المناخ لقد حسبت هوائه ** دنسا وأن بحاره لا تطهر

    كل ذلك عبر شبكات وقنوات وصحف ومجلات.. نظَّرَ لها المفسدون.. واستحوذ عليها المستهترون.. لو اطلعت عليها لوليت منها فرارا ولمئت منها رعبًا.. ولازالوا يخصفون عليها زخرف القول غرورا.. واتخذوا معها القرآن مهجورا.. تنفث السموم وتحمل النفاق والتدجيل.. فإذا الحق باطل والأباطيل حقوق والإفك أثوم قيلا.. شعاراها من ذا يعيب هز البطون.. وذاك من روائع الفنون.. الدين أن تبدوا ظريفا مرنا.. وإن عبدت نعجة أو وثنا..

    ما الدين بالعفاف والصلاة ** الدين خذ فيه خفة وهات

    فيها أعذب مطرب هو الحمار.. وشر مزعج هو الهزار.. وأشجع الشجعان ذاك الأرنب.. والليث رمز الجبن لا تعجب.. دنيا الإعلام تقليب الحقائق.. وتظهر العلقم حلو الرائق.. فأفرزت لنا جيلا غالبه مظلم الروح.. بليد الذهن.. ضعيف الإرادة.. يترنح كالذي يتخبطه الشيطان من المس.. سقط متاع لا يباع ولا يبتاع.. دوٍ كحال الطبل.. ما في جوفه شيء.. ولكن للمسامع يشغل.. هبل إذا اجتمعوا صاحوا.. كأنهم ثعالب ظبحت بين النواويس.. رؤاهم أهدافهم ما عرضت إلا رأيت عجبا.. ترى ناسا يتمنون العمى.. وآخرين يحمدون الصمم..!!
    معشر الأخوة..... إن بلائنا ليس في هجمة عدونا فحسب.. بل إن من بلائنا فئة من بني جلدتنا.. هي بمثابة بوق عدونا..!! لا دور لها سوى ترديد كلامه لكن بصوت أعلى..!! آله صماء يديروها على ما شاء..!! ويريدها على ما شاء..!! يحركها للفتنة فتتحرك.. لتغطي الشمس بغربال.. وتطاول العماليق بالتنبال..!! يدعوها لتفريق الصفوف فتستجيب وتجيد التخريب..!! يريدها حمى تنهك فتكون طاعون يُهلك..!! يريدها لسانا فتكون لساناً وعيناً وأذناً ويداً ورجلاً ومقراضاً للقطع وفأساً للقلع ومعولاً للصدع..!! ما يشاء العدو إخماد حركة إلا كانت على يديها الهلكة..!! قد تهيأت فيها أدوات الفتنة.. فجنسها وفردها غبي العين عن طلب المعالي.. وفي السوءات شيطان مريد..!! بينه وبين أمته إدغام بغير غنة..!! كما تدغم اللام في اللام فلا يظهر إلا المتحرك..!! طويل اليد اليسرى وأما يمينه فليس لها في المكرمات بنان..!! يهدم الأمة ويدعي إنهاضها..!!

    يا من حملت الفأس تهدمها على أنقاضها ** أقعد فما أنت الذي يسعى إلى إنهاضها


    كـم قلت أمراض البــلاد ** وأنــت مــن أمراضــها


    وتحت وطأة تداعي الأعداء.. خرج مدافعون عن الإسلام بمنطق الضعفاء العجزة.. يتمسكون بالقشة لينفوا عنهم التهمة.. فلا الإسلام نصروا..!! ولا لأعدائه كسروا..!! فضروا وما نفعوا..!! بل سوغوا وميعوا وخلطوا البعر بالدر الثمين..!! فلم يميز بين غث وسمين..!! فجاءوا بالكفن في ثياب العرس..!! وعرضوا النوائح في مواكب الفرح..!! فصارت الأمة في عمومها تمثالا.. لا يؤوي بل يغري.. وسراب يخدعوا ولا يروي..(وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلَـكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)..(قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ).. إن أمة تتزحزح عن دينها مقدار شعرة.. تنأى عن مراق الفلاح والعزة سبعين ذراعا..!! ومع هذا كله فهي أمة مرحومة.. لا تزال فيها طائفة على الحق ظاهرين إلى قيام الساعة.. فما زال في الكرخ زند يوري بالمرخ نلمح شعلته.. وما زلنا نرى من السنان صفحته..

    لا تقل ذلت فما يصدق ** أن يستذل الفار ليث الأجمي


    مـا غفـا طرفـي ** ولا قلبي سها


    لم أزل ألمح في روضتنا ** وجنة الورد وأهداب المها


    لم أزل أحمل في ذاكرتي ** صورة النجم الذي فوق السها


    والناس مثل الأرض منها بقعة ** تلقي بها خبثا وأخرى مسجد


    لهذا كله كانت هذه الكلمات بعنوان:

    ((إيماض البرق في خلق سيد الخلق صلى وسلم عليه الحق))


    خفق القلب له لما ومض ** بارق شب الجوى لما برق


    خلته من بين أسداف الدجى ** أملا من بعد يأس قد برق


    إيماض يقول: إن المعركة مع أعداء الله ليست معركة خاطفة سريعة..!! لكنها شاقة طويلة مستمرة..!!(وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ).. نحتاج معها إلى طول نفس.. وشدة صبر.. وعمق إيمان.. ورسوخ يقين.. وبذل جهد.. وتظافر جهود.. لاستنقاذ الغثاء من دوامة السيل.. فالسيل فيه غرق وويل.. ورسولنا صلى الله عليه وسلم في ذلك أسوة.. فإن لم نجعل الإنقاذ نهجا.. فسوف تضيق بالدمع المآقي..!!
    إيماض يقول: لئن تخلينا اليوم عن كل وسائل الانتصار المادية.. فقد بقي في أيدينا سلاح من أنضى الأسلحة.. لا يقوم له شيء(لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ).. والله ما هي إلا نفحة من نفحاته.. تهب على هذا القطيع المبدد.. فإذا قلوبهم مجتمعة.. ونوافرهم متآلفة.. وأخلاقهم شاما..

    كلمات رب العالمين بها ** سما عقل وفيها للظلام كواشف


    إيماض يقول: زمزم فينا ولكن أين من يقنع الدنيا بجدوى زمزم..؟؟!!
    إيماض يقول: إن الدعوة إلى الله بأخلاق الإسلام.. روح تجري.. ونفحة تسري.. حقيقة جذابة.. ليس بين النفوس وبين الإذعان لها إلا إشراقها عليها..

    ولولاها لساوى الليث ذئبا ** وساوى الصارم الماضي قرابا

    يشهد بذلك العقل والنقل والقريب والغريب والموالي والمعادي.. يذكر الأستاذ النجار أن أحد عقلاء الغرب وقف يخاطب جمعاً من المسلمين يقول: يا أيها المسلمون إنكم لن تستطيعوا أن تسايروا الغرب اليوم.. لا اقتصاديا ولا عسكريا ولا سياسيا ولا إعلاميا..!! ولكنكم تستطيعون هذا الغرب المتكبر المتغطرس المستعلي يجثوا على ركبهم أمامكم بالإسلام..!! ثم يقول إيتوني بأربعين شاباً يحسنون فهم هذا الدين فهما دقيقا.. ويحسنون تطبيقه على أنفسهم تطبيق دقيقاً.. ويحسنون عرضه على الناس بلغة العصر عرضا دقيقاً.. وأنا أظمن لكم أن أفتح بهم الأمريكيتين الشمالية والجنوبية..!!
    حالـه:

    ولسوف تشرق شمسكم بسمائهم ** يوماً وليست بعد ذلك تغرب


    والتاريخ أثبت أن انتشار الإسلام في بقاع من آسيا ورقاع من أفريقيا.. لم يكن بجيوش ولا حشود.. بل بأخلاق الإسلام التي كان يتعامل بها معهم تجار الإسلام..!!

    ليس بعد اليقين يا عين شك ** أكد الفعل ما حواه الكلام

    إيماض يقول: أننا نعيش أزمة أخلاق وإننا أمة الأخلاق.. وإنما الأمم الأخلاق..

    إذا الأخلاق قد ولى ذووها ** فقل يا موت مر بنا سريعا

    إيماض يقول: ألا ما أحوج الأمة الغافلة المنقطعة عن القافلة.. إلى صور مثالية عليا لأخلاق فاضلة.. وليس ذلك إلا في أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم الزاكيا..

    سل الشيح عنها والخزامى ورندها ** وطيب مغانيها وصفو الجداول


    فالورد والريحان عرف عبيرها ** والمسك كدرة ماءها والعنبر

    إيماض يقول: والله وبالله وتالله.. لا نعرف أحداً كمله الله بكل فضيلة ونزهه عن كل رذيلة.. مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم..!!

    فلن ترى في وصفه مثيلا ** مستوجب ثنائي الجميلا


    فهو ختام الرسل باتفاق ** وأفضل الخلق على الإطلاق


    ما فضيلة إلا وهي صفته إتمام مكارم الأخلاق مـن مهمة بعثته.. سئلت عائشة رضي الله عنها عن خُلقه. فقالت تنثر الدر عبقريا عجيبا ** ليس من مسقط ولا من عمان

    قالت: " كان خلقه القرآن ".. ما خُلق سني دعا القرآن له.. إلا كان أول عامل به وداع إليه.. وما خُلق سيء حذر منه القرآن.. إلا كان أول مجتنب له ومحذر منه..
    وحاله(وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ)..

    في وجهه قسمات قد دللن على** ما ضمه القلب من أخلاق قرآن

    إيماض يقولوَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا)..

    فكن في إتباع المصطفى مثل عصبة ** وراء خبير في ملغم بقعة


    فمن ينحرف يردى ومن يتبع يفز ** وبين الردى والفوز زح بخطوة


    فلزم صفاته وإياك الملل ** إن يستطل الوصف ولم يستطل


    اجعله نصب العين والقلب ولا ** تعدل به فهو يضاهي المثلَ


    إيماض فحواهلَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ).. صلاح القدوة صلاح الأتباع.. وإن صلحت العين صلح سواقيها.. وإن رشد المربي كان موسى.. وإن هو ضل كان السامري..
    إنه إيماض برق يكاد يخطف بصر زنيم.. ليس يعرف من أبوه.. نبطي من زجاج مظلم.. نسبة لا يعرف إلا بالسراج.. من أسخن الله عينه وأدنى هلاكه وحينا.. فكشف عن لكنته.. وصرح بسوءته.. يتطاول على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ويطعن في رسالته وفي خلقه.. بل وفي نسبه.. ويا لله..

    يريد بقوله تدنيس شمس ** وأين الشمس من دنس وعار

    ضريبان سلاحه الفسا.. نعوذ بالله وبالله نعوذ.. قد جف من ماء الكرامة وجهه.. لكنه واقحة ولؤم ينقط.. لو أن صاعقة هوت.. ما أثرت في وجه الوقح العديم الماء.. لا تعجبن إذا امتحنت بسخفه.. فالحر ممتحن بأولاد الزنا..!! إنه شواظ يقول:

    أرعد وأبرق يا سخيف فما ** على آساد غيل من نباح جراء


    أخسأ رقيع فليس كفؤك غير ** ما يجري من الأعفاج والأمعاء

    لو ذات سوار لطمتني.. والضرورة دعتني.. ولولا الضرورة لم آته.. وعند الضرورات آتي الكنيف!!
    آلا أرغم الله معطسك من شآن.. مغالط أنتن من حلتيت.. وأثقل من كبريت.. وأهدى إلى الظلال من خريت.. وعريت وهريت.. وقطعت وفريت.. وأحرقت وذريت.. وأذبت وأجريت.. أَغريت أم أُغريت.. وضريت أم ضريت.. وتطوعت أم كريت.. ألا خبت.. لو ضربت الجبل بالزجاج ألف ضربة ما انكسر..!! ولو سترت الصبح بكل شيء ما أنستر..!! إنه خيار من خيار من خيار زكاه الله وكفاه.. زكى استقامته(مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى).. ونطقه(وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى).. وعلمه(عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى).. وفؤاده(مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى).. وبصره(مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى).. وصدره وذكره(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ).. وخُلقه(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).. وزكاه كله(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)..

    فإذا كتاب الله أثنى مفصحا ** كان القصور قصارى كل فصيح

    وأين دوي الذباب والزنبور من نغم الفرقان والزبور..

    فما على البدر أن قالوا به كلف ** ولا على المسك أن المسك مفتوت


    وطالما أخلي الياقوت جمر غضا ** ثم انطفى الجمر والياقوت ياقوت

    ومن العجائب والعجائب جمة أن تسخر القرعاء بالفرعاء..!!
    والشمس لا تخفى محاسنها وإن غطى عليها برقع الأنواء..

    لكن أنى يرى الشمس خفاش يلاحظها ** والشمس تبهر أبصار الخفافيش

    إيماض يقول: إن رسول الله عليه وسلم مثلٌ أعلى.. لأقصى ما يبلغه البشر من مراق الكمال.. وغاية تنقطع دونها الآمال.. يقول الصديق من رجح إيمانه بإيمان الأمة: أما كلفتموني أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم.. والله ما ذاك عندي ولا عند أحد من الناس.. والله ما في طاقة متحدث ولو ألقت إليه البلاغة أعنتها.. أن يتقصى أخلاقه ويستوربها.. لكنها تتحدث عن نفسها..

    فالمسك ما قد شف عن ** ذاته لا ما غدا ينعته بائعه

    فحسبي وحسبكم أن نُنيخَ ركائبنا على ساحل بحر مسك أخلاقه.. لنظفر منه الليلة بدرة.. وعلى روض ريحان خلاله.. لنشتم منها نفحه.. فيكون العنوان:

    ((إيماض البرق في شجاعة سيد الخلق))

    وأنا على يقين أني لن أبلغ.. من تأمل هذا الخُلق.. في هذه الدقائق.. إلا مقدار ما يبلغه واصف الشمس وهو لا يعرف منها إلا أنها كوكب ينسخ طلوعه سواد الليل..!!

    ماذا عسى بلـغاء اليوم قائلة ** من بعد ما نطقت حم تنزيل

    موضع النجم لا ينال بباع لا تقسه بغيره في جناس.. سبع الغاب ليس مثل السباع.. ما عسى أجمله من ورق العرار إلى العبير والعنبر.. في خير من حملت أنثى ووضعت.. وخير حاف على الدنيا ومنتعل.. إن هي إلا دماجيل للعضد.. وقلائد للجيد.. عجزت فيها عن أداء الواجب.. وأحاول الجبر بالمسنون.. وفضل الله على من يشاء ليس بممنوع ولا ممنون.. وكلن ينفق على قدر استطاعته.. وهو ابن ساعته.. من لم يقل له ربي أعيت عليه مطالبه.. أسألك اللهم أن تجعلها لوجهك الأعلى وأن تقبلها.. أقول والله تعالى المستعان ومن بغيره استعان لا يعان..
    شجاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شجاعته..؟! تناقلتها الأخبار.. وسارت مسير الشمس في رائعة النهار.. حدث عنها لا حرج.. بمكان لا يجهل.. ومنزلة لا تدفع.. تناقلها الرواة بكل فج.. وأهدتها الحواضر للبوادي.. وحسبه أنه نبي.. وأنه أبو الشجعان وصانعهم.. على عينيه ملك الشجاعة فهي طوع زمامه.. ولغيره جمحت وليست تركب.. والذي رفع السماء وعلم آدم الأسماء.. ما شهدت الغبراء أشجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ولا أثبت منه قلبا.. كان طودا لا يتزعزع.. شامخا لا يتزلزل.. لا ترهبه الأزمات.. ولا تهزه الحوادث والملمات..

    تروى أحاديث الوغى عن بأسه ** فالسيف يسند والعوالي تطلق


    وما رآه فارس إلا استتر ** في فعل النجوم عاين القمر

    وحسبه أنه نبي..... كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس حين خرج على قومه بدعوة ينكرونها جميعا.. وليس له من معين سوى ربه.. فصدع بها في جميع الأماكن والأزمان والأحوال.. فوق الجبل وفي المسجد وفي الطريق والسوق.. في المنازل والمواسم والحواضر والبوادي حتى في المقابر.. في الحضر والسفر والأمن والقتال والصحة والمرض.. وحين يزور وحين يزار.. دعا من أحبوه ومن أبغضوه.. ومن استمعوا له ومن أعرضوا عنه.. خطيبه يقارع الخطباء.. وشاعره ينازل الشعراء.. دعاته يجوبون الآفاق.. في استنفار دعوي لم تملك قريش أمامه إلا أن تقول: لا تسمعوا لهذا القران والغوا فيه لعلكم تغلبون..!!
    بذل كل وسعه.. واستخدم كل أسلوب ووسيلة مشروعة.. في حلم وأناة وهدوء.. قذف بالحق على الباطل.. فأزاح العلل وسد الخلل.. وقال ما يرضي الله وإن أغضب البشر.. فذهب الزبد جفاء وطاعنا حتى لم يجد من مطاعن.. ونازل حتى لم يجد من منازل.. وبقي صلى الله عليه وسلم قدوة.. يصبوا إليها كل من عرف الحق.. وبالحق يدين مثلا.. أعلى لنفس جمعت.. سطوة العادل في أنس الحليم.. فهو الحياء ما حل في بلد إلا بإذن الله أحياه.. وحسبه أنه نبي..........
    كان أشجع الناس.. حين قوطع وحوصر مع بني هاشم في شعب لسنوات بلا ميرة.. حتى اضطروا لأكل ورق الشجر.. وسمع صوت الصبية يتضائون من شد الجوع.. فصبر وما وهن وما ضعف وما استكان.. حتى انتصر وسقطت المقاطعة.. وأحق الله الحق وأبطل الباطل.. وكذلك الحق لا يتغير أصله وسوسه.. وإن تغير لبوسه..

    ففي المعادن ما تمضي برونقه ** يد الصباغر لا يصدأ الذهب

    والصخر في ظل العقيدة عسجد والآل في ظل العقيد ماء.. والعز في كنف العزيز ومن عبد العبيد أذله الله..
    وحسبه انه نبي........ كان صلى الله عليه وسلم شجاعا أشجع من الشجاعة.. وأشد في الحق من الشدة..

    ماضي العزيمة والسيوف كليلة ** طلق المحيا والخطوب دواجي

    سعى كفار قريش إلى عمه أبي طالب فقالوا: يا أبا طالب إن لك فينا سنا ومنزلة وشرفا.. وإنا قد إستنهيناك في ابن أخيك فلم تنه عنا.. وإنا والله لا نصبر على ذلك.. فإما أن تكفه عنا أو ننازلك وإياه حتى يهلك أحد الفريقين ثم انصرفوا.. فعظم عليه فراق قومه ولم يطب نفسا بإسلام ابن أخيه لهم وخذلانه.. فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا ابن أخي أبقي علي وعلى نفسك ولا تحملني من الأمر مالا أطيق.. فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خاذله.. فحلق وحدق ببصره إلى السماء.. ووقفت الدنيا مشدودة السمع لما تفتر عنه شفتا رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وأصاخ الكون وأنصت التاريخ لكلمة التي يتوقف عليها مصير السعادة البشرية والحضارة الإنسانية.. فقال: أترون هذه الشمس .؟! قالوا: نعم .! ففي تصميم يفل الحديد.. وعزيمة لا تعرف الهزيمة.. وتحد يقهر الخصوم اللد.. وإصرار يقتحم البحر بجزره والمد.. قال كلمة صريحة لا يقبل معناها التأويل.. ببلاغة لو قست سحبانا بها ألفيته ذا منطق تمتامي.. قال: والله ما أنا بأقدر أن أدع ما بعثت به من إن يشعل أحدكم من هذه شمسي شعلة نار.. والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري.. على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه.. ثم استعبر وبكى وولى.. كأنما أنفاسه حرجف.. وبين جنبيه لظى واقده.. لو مادت الأجبال من تحته.. أو خرت الأفلاك ما زعزع..!
    يا لقوة الإيمان وجلال البطولة.. رجل يظن أنه تخلى عنه ناصره الوحيد من أهله.. ثم يقف هذا الموقف العظيم.. إنه ثبات النبوة..

    إن يكن أعزل فالحق له سيف ولامه ** فهو في جيش من الإيمان ما فل لهامه

    وقف أبو طالب مأخوذا بما سمع ورأى.. وهو في قرارة نفسه يقول: والله ما هذا إلا نبي كريم .. بلغ أسمى درجات الثقة بالله رب العالمين.. فلن ينكس على عقبيه لأنه يأوي إلى ركن شديد.. فما عليه وبين جنبيه دين.. لو أراد به صم الجبال لما قرت رواسيها.. ثم يناديه أقبل يا ابن أخي فأقبل صلى الله عليه وسلم فقال له: إذهب فقل ما أحببت والله لا أسلمك لشيء أبدا.. والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينًا.. حالـه:

    قم وأبلغ نوره للعلمين ** قم واسمعه البرايا أجمعين


    إن تكون في مثل نيران الخليل ** أسمع النمرود توحيد الجليل

    فلم يزل يجهر بالتوحيد ولا يخاف سطوة العبيد..! وحسبه أنه نبي صلى الله عليه وسلم.......
    كان أشجع الناس صلى الله عليه وسلم.. عرضت عليه المغريات من مال وملك وشرف وجاه ونساء.. نظير أن يتنازل عن دعوته فأبى ذلك العرض وازدراه ورفضه..

    متميزا كالليث ديس عرينه ** متوثبا يدعوا الرجال نزالي


    لا تذكروا نار الصواعق عنده ** نار الصواعق عنده كذبالي


    قال قائل قريش: يا معشر قريش إنه والله قد نزل بكم أمر ما أتيتم له بحيله.. قد كان محمد غلاما حدثا فيكم.. أصدقكم حديثا وأعظمكم أمانة.. حتى إذا رأيتم الشيب في صدغيه قلتم ساحر كاهن شاعر مجنون.. والله ما هو بذلك فانظروا في شأنكم.. وما معهم إلا العناد وما بهم من العقل من الإنصاف مثقال درهم.. أجمعوا رأيهم على أن يفاوض ويغرى بالدنيا والنساء.. وهو القائل صلى الله عليه وسلم: " فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ".. انتدبوا لتلك المهمة أبا الوليد بن عتبة.. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا محمد أنت خير أم هاشم؟! أنت خير أم عبد المطلب؟! أنت خير أم عبد الله؟! فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم.. لأنه يريد هدايته.. فمن الحكمة أن لا يدخل معه في معارك جانبيه تعيقه عن ذلك الهدف.. لقد كان بإمكانه صلى الله عليه وسلم أن يقول أنا أفضل وصدق.. فهو سيد ولد آدم أجمعين.. لكنه بذلك قد يضيع الفرصة الذهبية من هداية هذا الرجل.. وكان بإمكانه أن يثني على آباءه بما فيهم من صفات حميدة.. لكنه بذلك يتيح الفرصة أن يلزمه بما يترتب على ذلك من إتباع دينهم.. وقد فعل ولذا آثر بحكمته عدم الإجابة.. فالسؤال لا يستحق ذلك.. لأنه ليس في صميم الموضوع الذي عقد من أجله الحوار.. فهم عتبة ذلك فقال: إن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك.. فقد عبدوا الآلهة التي عبت.. وإن كنت تزعم أنك خير منهم.. فقل حتى نسمع قولك.. والله ما رئينا سخلة أشئم على قومه منك.. فرقت جماعتنا.. وعبت ديننا.. وفضحتنا.. والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى.. فيقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف.. فنقتتل حتى نتفانى.. وياله من عور عن الحقيقة..

    لابد في العور من تيه ومن صلفا ** لأنهم يحسبون الناس أنصافا


    من أين يدري الفضل معدومه ** لا يعرف المعـروف إلا ذووه


    تظن بعض القـوم علامـة ** وهو إذا ينـطق بوم يـفوه

    ثم ألقى عتبة حباله وعصيه.. إغراءات تغشى البصائر.. وتزيغ الأبصار.. بلغة مسمومة.. ما لامست مستشرفا لها.. إلا أهدته السم ونزعت منه الروح.. وأبقت الجسم.. وكم لعبت بهذا النغمات من نشاز أصابع من على أوتار.. فلم يبالي الصادقون بما وقع منها وطار.. قال: يا محمد إن كان إن ما بك المال جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا.. وإن كنت تريد شرفا سودناك فلا نقطع أمرا دونك.. وإن كنت تريد ملكا ملكناك.. وإن كان شيئا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب حتى نبرئك.. وإن كان إن ما بك النسا فاختر من أجمل نساء قريش عشرًا.. يا محمد قل نسمع..

    فلوا كان الحديد للينوه ** ولكن كان أشد من الحديد

    في حلم ورحابة صدر.. أعرض عن كرهات عتبة وأغضى عن سبابه.. وقال في أدب النبوة يكنيه: أفرغت يا أبا الوليد..؟ قال: نعم..! فأعلن موقفه الحاسم بشجاعة نادرة.. دون مراوغة أو مداهنة أو استعطاف أو استلطاف.. لأن قضيته قضية عقيدة تقوم على الصراحة والبيان فلا تنازل ولا إدهان..

    كالكوكب الدري تلقاه ** العز بين يديه والجاه


    والأرض في عينيه خردله ** وعلى عبيد الأرض نعلاه

    قذف باطلهم بأوائل فصلت .. فالشمس منها سطعت وحسمت.. ورفعت الحجاب.. وأثارت الإعجاب.. ومحت السلب بالإيجاب..(حم{1} تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ{2} كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ{3} بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ{4})..
    عتبة يسمع القرآن من فم من أنزل عليه القرآن.. فيلقي يديه خلف ظهره وقد فغر فوه مأخوذا بسلطان البيان.. ورسول الله قد استحضر عظمة الله الذي خاطبه به.. يتلوه بكل أحاسيسه ومشاعره.. ويهوي به على إغراءاتهم ومطامعهم..

    فكان الآي صاعقة عليهم ** تشب على مطامعهم سعيرا


    كذالك السيف أمضى وهو هاو ** واقطع مضربا منه شهيرا


    لما بلغ قول الله(فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ).. هب عتبة مذعورا قد خيل إليه أن الصاعقة حلت به.. فأمسك بفم النبي صلى الله عليه وسلم يناشده الله والرحم إلا صمت.. فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم..(فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{118} فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ{119}).. انقلب إلى قومه فلما راؤه قالوا: نحلف بالله لقد جاءكم بغير الوجه الذي ذهب به..!!

    قد نطقت بضعفه العيون ** ما أبلغ العيون إذ تبين

    بادروه.. ما وراءك يا أبا الوليد..؟؟ فقال وقد آمن بسلطان اللغة والبيان وإن لم يؤمن بالقران: ما هو والله إلا أن جئته فعرضت عليه ما عرضت.. ثم سمعت منه قولا والله ما سمعت مثله قط..! والله ما هو بالسحر ولا بالكهانة ولا الشعر ما فقهت إلا قوله..(أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ) فأمسكت بفيه وناشدته أن يكف.. ولقد علمتم أن محمد إذا قال شيئا لم يكذب.. يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي وخلوا بين هذا الرجل وما هو فيه.. والله ليكونن قوله بالذي سمعته نبأ عظيم.. قالوا: سحرك والله يا أبا الوليد..!! فعاد كالكلب بالوصيد.. وكان قريبا على صحة.. فقد داخلته حروف العلل ولا عجب..!!
    من يكن للجرب خلا.. ليس يخلوا من إصابة.. وهل يبصر الرمداء شمس الضحى .؟؟ وهل يحس بطعم العذب من إيف في الفم..؟؟(وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)..
    معشر الإخوة:
    إنها إشارة منه صلى الله عليه وسلم في شجاعة فذة.. مفادها لا لقاء بين الحق والباطل.. لا إجتماع بين النور والظلام.. الاختلاف جوهري يستحيل معه اللقاء على شيء في منتصف الطريق.. الأمر لا يحتاج إلى مراوغة ولا مساومة.. ليس إلا الخروج عن الكفر بجملته إلى الإسلام بجملته.. وإلا فالبراءة التامة..(لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ).. إن قوة الهجمة اليوم على الدين.. ينبغي أن تقابل برد في غاية الوضوح.. بعيدا عن التعميم والتمييع.. فالأمر جد لا هزل فيه..(وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ).. لا بد من الوضوح التام.. في القضايا المصيرية التي لا تحتمل إلا وجها واحدا..(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ{1} لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ{2})..

    من يملك النبع لن يحتاج من ظمأ ** إلى الدلاء ولن يحتاج للقرب

    يا ابن الإسلام.. إن الرؤوس التي رفعها الإسلام تأبى أن تخضع لغير الإسلام.. وإن الألسنة التي استقامة على قول الحق.. تأبى أن يلويها لاوي لغير الحق.. الإسلام دعوة ربانية لا مجال فيها للمساومات.. مهما كانت الدوافع والإغراءات والمبررات.. فإذا نثر الحب وتساقطت العصافير.. وطرح الأب وتهافتت اليعافير.. فكن ليثا ديس عرينه.. ووسم عرنينه.. وأبرق وأرعد.. وقلها بملأ الفم.. مطعم خبيث لا يأكله إلا الخاطئون.. والذي خلق الضب وأنبت النجم والأب.. وفلق النوى والحب.. لو حالف بطن الراحة الشعر.. وسقطت السماء على الغبراء.. وصار الشرق غربا والشمال جنوبا.. فإني لأرجوا الله أن لا يزل لي قدم.. ولا يزيغ لي بصر.. ولا أحيد عن مبدأ حق.. إني على بينة من ربي..
    ألا يا قبح الله شهوة أبيع بها ديني..!! وأعق بها سلفي..!! وأهين بها نفسي..!! وأهدم شرفي..!! وأكون عارا على أمتي..!!

    عرى العقيدة جلت عن مساومة ** ما قيمتي في الملا من غير معتقدي

    هل يصير الحر عبدا آبقا..؟! هل يصير الصقر مثل الرخم..؟! هل يتيه الشهم في أوهامه ينحني بعد بلوغ القمم..؟!.......... لا.......... لا يكون العير مهرا لا يكون.. المهر مهر.. المهر مهر.. وحسب أنه نبي....
    كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس.. كبير الهمة.. لا ينقض عزمه.. ولا ينكث عقده..

    أصالة عزم أخجلت كل صارم ** من البيض حتى خاف أن يتجردا


    وحسب الفتى من عزمه خير ** صاحب يؤازره في كل خطب يئوده


    فإن لم يكن للمرء من عزماته ** نصير فأخلق أن تخيب جذوده

    أشار الشباب على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أحد.. بالخروج إلى المشركين خارج المدينة.. وكان صلى الله عليه وسلم يرى القتال داخلها.. فنزل على رأيهم.. وعلم الله أنه ما به إليهم من حاجة.. ولكن ليستن به من بعده من القادة.. كما قال الحسن رحمه الله.. صلى بالمسلمين ثم دخل منزله.. فتدجج بسلاحه وخرج في كامل عدته.. وأمرهم بالخروج إلى العدو.. فندم ذوي الرأي منهم حين شعروا أنه أشاروا عليه بخطه كان يفضل غيرها.. فقالوا: يا رسول الله ما كان لنا أن نخالفك فامكث واصنع ما شئت.. فأتى بالإعجاز في باب الإيجاز.. وقال بقلب أسد في همة تدك الجبل الأشم والخصم الألد: ما كان لنبي إذا لبس لامته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه..


    حبُ الصحــابة والقرابةِ سُنَّةٌ ... ألقى بها ربي إذا أحياني
    فكـأنما آل الرسـول وصَحبه ... روحٌ يضم جميعها جسدان
    يـا أهل بيت رســول الله حُبكمُ ... فرضٌ من الله في القرآنِ أنزلهُ
    يكفيكمُ من عظيمِ الفخـر أنكمُ ... من لم يُصلِ عليكم لا صلاة لهُ
    حب الصحابة كلهم لي مذهبٌ ... ومودةُ القربى بها أتوسلُ

  2. #2
    الصورة الرمزية annabi
    annabi غير متصل عضو مميز في المنتدى الإسلامي
    التسجيل
    19-02-2006
    المشاركات
    749

    رد: ... فصاحة الشيخ علي القرني و إيماض البرق

    ماض البصيرة غلاب إذا اشتبهت ** مسالك الرأي صاد الباز بالحجل


    إن قال برا وإن ناداه منتصر ** لبى وإن هم لم يرجع بلا نفلي


    وحسبه أنه نبي.......... كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس..

    هو للصديق كما يحب وللعدى ** عند الكريهة ضيغم زئار

    يجتمعون على حربه.. ويحرض بعضهم بعضا.. للوقوف في وجهه.. وعدم التقصير في عداوته.. ويتطاولون عليه بالسخرية.. وهو صامد كالجبل الشهيق في علياءه.. يقرر أن ما جاء به سينفذ.. لو كان الثمن إهلاك هؤلاء الصناديد.. وحاله:

    إن قومي تجمعوا وبقتلي تحدثوا ** لا أبالي بجمعهم كل جمع مؤنث

    يقول عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما: اجتمع أشراف قريش في الحجر.. فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم.. قالوا: ما رأينا مثل صبرنا على هذا الرجل.. سفه أحلامنا.. وعاب ديننا.. وفرق جماعتنا فبين هم كذلك.. إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فأقبل يمشي حتى أستلم الركن.. وعداته منه تغص وتشرق.. فمغرب من غيظه ومشرق.. ثم مر بهم وهو يطوف بالبيت.. فغمزوه ببعض ما يقول.. وأشاروا بأعينهم وحواجبهم.. وهروا هرير المجحرات اللواهث.. قال ابن عمر: فعرفت ذلك في وجهه إذ تغير.. وظهرت عليه علامات الغضب.. ثم مضى فغمزوه بمثلها.. ثم مضى فغمزوه بمثلها.. فإذا السكون تحرك.. وإذا الخمود تلهب.. وإذا السكوت كلام.. يستنزل الهلك من أعلى منابره.. ويستوي عنده الرعديد والبطل.. فسل حساما من بيان فهومه.. فرد سيوف الغي مفلولة الحد.. قال : تسمعون يا معشر قريش أما والذي نفس محمد بيده.. لقد جئتكم بالذبح.. ألا إنها لو تنزلت على جبل.. أهوت به وهو خاشع.. فأخذت القوم كلمته.. حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر..
    حال الجريظ دون القريظ.. صادف در السل در يدفعه.. في هضبته ترفعه وتضعه.. وإن أشدهم وصات على إيذاءه.. ليرفؤه ويسكنه بأحسن ما يجد من القول.. يا أبا القاسم انصرف راشدا والله ما كنت جهولا.. والله ما كان جهولا صلى الله عليه وسلم..

    لكنه جبل الوقار رسا وأشرف ** واعتلى وسما فطأطأت التلال رؤوس


    من أنكر الفضل الذي أوتيته ** جحد العيان وأنكر المحسوس

    كذلك كان إذا غضب.. ولا يغضب إلا لله ثم لا يقوم لغضبه شيء..

    فإذا أوثير رأيت بركان رمى ** حمما ودك الأرض زلزالا


    ترى الرجال وقوفا بعد فتكته ** بهم يظنون أحياء وقد قتلوا

    وحسبه أنه نبي............ كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس.. أدركته القائلة في إحدى غزواته في واد كثير العظاح.. فنزل تحت سمرة وعلق بها سيفه.. وتفرق عنه أصحابه.. فجاء أعرابي فاختلط سيفه وسله.. ويا لله عدو متمكن وسيف شاهر وموت حاضر.. يقول: يا محمد أتخافني..؟؟ فلا نفس جزعت ولا حال تغيرت ولا روعة حصلت..!! وما كان إلا الرعد دعوى هديده.. يقول:......... لا........

    كأنما الليث شبيه له ** فهو أخو الليث لام وأب


    من اتق الله فأسد الشرى ** لديه مثل الأكلب العاوية

    قال: فمن يمنعك مني يا محمد..؟؟ فاستحضر عظمة الله وقدرته ونصرته لأولياءه.. وقال..

    يهوي فصيح القول من لهواته ** كالصخر يهبط من ذرى ثهلان

    ............ الله........... فخارت قواه وانحلت وسقط السيف من يده وأمكن من نفسه.. وقال: كن خير آخذ يا محمد فعفا عنه يتألفه.. فالله ما أشجعه وما أحلمه..

    تهوي الجبال الراسيات وحلمه ** في الصدر لا يهوي ولا يتزعزع

    رجع الأعرابي إلى قومه يقول جئتكم من عند خير الناس.. حاله:

    قضيت التعجب من أمره ** فصرت أطالع باب البدل

    وحسبه أنه نبي.......... كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس.. خبيرا بفنون المنازلة.. يزلزل الخصم فيوهي بنيانه.. يقوض أركانه.. يرعب جنانه..

    عزيمته ترد الغمد سيفا ** وحكمة تر السيف غمدا


    إن تعدوا يا سيف لتستعينه ** أجاب قبل أن تتم سينه

    ثبت في سنن الترمذي رحمه الله.. أن ركانة مصارع لم يضع أحد جنبه على الأرض.. طلب منازلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومصارعته تبجحا بقوته وإعجابا ببنيته وسطوته.. معه ثلاث مئة من الغنم وقال: يا محمد هي لك أن تصارعني..؟؟

    وساوس إبليس تغشى النظر ** وتخفي عن العقل نور الفكر


    أي ركان أرح المطية ولا تكن ** كمحاول صيد النجوم من المياه الركد

    هل لك أن تصارعني يا محمد..؟؟ فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا العرض وسيلة لهدف أسمى من المصارعة.. وهو إسلام هذا الرجل مع توظيف هذه الطاقة المتفجرة لإعلاء كلمة الله.. لا يريد صرعه لا يريد قتله.. وإنما يريد حياته.. فما هو إلا الغيث.. أما وقوعه خصب.. وأما ماؤء فطهور صلى الله عليه وسلم.. عامله صلى الله عليه وسلم على أنه غريق بحاجة إلى من ينتشله.. حاله:

    يا رب حيران لو شئته ** تدا ظمئآن لو شئت وردت

    يقول له: وما تجعل لي إن صرعتك..؟؟ فقال: مئة من الغنم.. فصارعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرعه.. فقال ركانة: هل لك في العود..؟؟ قال صلى الله عليه وسلم: وما تجعل لي إن صرعتك..؟؟ قال: مئة أخرى فصارعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرعه..

    هو بالله وهل يخشى انهزاما ** من يكون الله في الدنيا نصيره

    قال: هل لك في العود..؟؟ قال صلى الله عليه وسلم: وما تجعل لي إن صرعتك..؟؟ قال المئة الباقية فصارعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرعه.. ثم بقي عليه كسرت شوكته ومالت هامته.. ارتطم بالأرض ظهره هوى بأسه وهوت قواه.. ومع ذلك فقد ذهب ماله وصار حاله:

    وإني لمقدام وعندك هائب ** وفي الحي سحفان وندك باقل

    ثم قال: يا محمد والله ما وضع جنبي على الأرض أحد قبلك.. وما كان أحد أبغض إليّ منك وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.. حاله: والله ما على الأرض أحد أحب إليّ منك اليوم

    وأسبلت العينان منه بواكف ** من الدمع يجري بعد سح بوابلي


    والليل ولى والظلام تبددا ** والصبح أشرق والضياء تجددا

    فصار حال ركانة.. عملت الجزم بي.. وخفضت مني محل النصب.. ثم رفعت حالي.. قام عنه صلى الله عليه وسلم ورد عليه غنمه.. وهدفه هدايته.. فما الدنيا والله ببغيته.. يرى الدنيا وإن عظمت وجلت لديه.. أقل من شسع النعال.. ومن شيمة العضب المهند.. أنه يخاف ويرجى مغمدا ومجردا.. وحسبه أنه نبي.....

    تبلى عظامي وفيها من محبته ** حب مقيم وشوق غير منصرم

    كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس.. لا يجارى في قوة رأيه وإدراكه وبعد نظره فطن..

    تكاد العمي تبصر الدجى لو ** أنها اكتحلت بنور ذكائه

    وقف ضد رغبات أصحابه يوم الحديبية حين بركت ناقته فأعلن مقسما.. والذي نفسي بيده لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم.. حاله: مع حرمات الله فديتك بالسويدا من فؤادي.. ومن حدقي فديتك بالسواد.. دارت المفاوضات وسدت قريش السبل وأشيع مقتل عثمان رضي الله عنه.. فبايع أصحابه تحت الشجرة على الموت وعدم الفرار.. وتحت ذلك التصميم أرسلت قريش سهيل للصلح..

    ولا ملامة إن هابوا وإن حرجوا ** لا يزار الليث إلا فرق الغنم


    أجبتهم معلنا بالسيف منصلتا ** ولو أجبت بغير السيف لم تجبي

    النبي صلى الله عليه وسلم يفاوض من مركز قوة.. ويتنازل في بعد نظر وأصالة رأي.. عن بسم الله إلى باسمك اللهم.. وعن رسول الله إلى محمد ابن عبدالله..

    عذب المناهل غير أن ورودها ** نار المنايا حوله تتأجج


    وكانت قريش إذ تأبى لشرطها ** كباحثت عن مدية تستثيرها

    رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل برد من جاء من المسلمين مهاجرا ولا العكس.. ويعلل ويقول: من ذهب منا إليهم فأبعده الله.. ومن جاءنا فرد جعل الله له فرجا ومخرجا.. وثقل ذلك على المسلمين وذهلوا عن أنفسهم.. لما أعيد أبو جندل رضي الله عنه إلى أبيه يرفس في قيوده.. يضربه أبوه في وجهه ويأخذ بتلابيبه وهو يستصرخ.. أأرد إلى المشركين وقد جئت مسلما..؟؟
    فاضطرمت القلوب واضطربت.. وزلزل الهم قاصيهم ودانيهم.. حتى السماء رأوها غير ما عهدوا.. أما الصديق رضي الله عنه فقد تلقى ذلك بالرضا والتسليم.. فكان قلبه على قلب محمد صلى الله عليه وسلم حاله:

    والكف ليس الزند ينكر قربه ** والعين لا يقسوا عليها المحجر


    من لحمه لحمي ومن دمه دمعي ** وعلى محبته أموت وأحشر

    أما عمر رضي الله عنه لعظم الوارد عليه.. أبى إلا أن يعلن عما في نفسه فيقول: يا رسول الله ألست نبي الله حقا..؟؟ ألسنا المسلمين..؟؟ أليسوا بالمشركين..؟؟ ألسنا على الحق وهم على الباطل..؟؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي عمر حرية إبداء رأيه .. مع تسديده بلا عقاب ولا تجريم.. ويقول لعمر في كل ذلك: بلى.. بلى.. فيقول عمر: فلم نعطي الدنية في ديننا يا رسول الله.. فيقول صلى الله عليه وسلم إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري.. ويذعن الفاروق ويؤنب نفسه بعد.. وماهي والله إلا غيرة على الإسلام منه.. فهم بعدها هو وغيره إنما يحقق المكاسب العليا للإسلام.. فهو السنة النبوية والسياسة الشرعية التي يجب أن تقتفى.. فأذعنوا وندموا وعرفوا قصورهم فاقتصروا..

    أخاطب البرق إن يسقي ديارهم ** ولو أراد بدمعي أو أراد دمي

    معشر الأخوة:
    ومع ما فيه الصحابة من غم لا مزيد عليه.. لم يخرجوا عن طوع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وهم يرون سهيل فردا في جيش يتمادى في تفاوضه.. فلم ينله أحد بأذى وإنما مرجعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ورسول الله يسعه بالحلم حتى وصل إلى الغاية المنشودة من الصلح.. وانبلج الصبح فإذا الصلح فتح.. والغبن في الظاهر نصر.. سمعوا كلام الله وعظمت حرمات الله..

    وكلما أوقدوا نارا بها احترقوا ** وأحدثوا الحرب فيهم يحدث الحرب

    هكذا تبدوا شجاعة وسياسة رسول الله صلى الله عليه وسلم العملاقة.. إلى جانب سطحية التفكير لدى زعماء المشركين.. فشرطهم الذي اشترطوه تعنتا واستعلاء.. كان وبالا عليهم حيث سبب لهم حروبا عصابات على أيدي أبي بصير وصحبه لم يحسبوا لها حسابا..

    حتى أقامت رؤوسا كان يحبلها ** أجلاف قوم وفي أعناقهم صعر

    فقدوا الهدف الأعلى من الصلح.. وهو تأمين طريقهم إلى الشام.. فعادوا خاضعين ذليلين يعلنون تنازلهم عن شرطهم الجائر.. ويرجون من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤوي كل من جاءه من المسلمين..

    فصار لواء الحق بالنصر خافقا ** وظل لواء الشرك بالذل يقهر

    فما هو في صورته الظاهرة ظيم للمسلمين.. هو عز وفتح ونصر مبين.. نزلت السكينة على المؤمنين ودخل في دين الله أضعاف ما دخل قبل من المشركين.. وما فتح في الإسلام فتح قبله كان أعظم منه.. وتم تحييد قريش وتكبيلها بهذه المعاهدة.. فلم يفكروا في الحرب لعشر سنين..!! فحول المسلمون المعركة إلى اليهود وغيرهم من المجرمين..

    عافوا المذلة في الدنيا فعندهم ** عز الحياة وعز الموت سياني


    تلكم هي الشجاعة حقا يا معشر الإخوة:
    تريث في غير عجلة.. تثبت في تؤدة.. بعد نظر في أصالة رأي.. لزم الوحي مع اتهام الرأي.. قضاء المصالح على أحسن وجه.. درء المفاسد في أجمل هيئة..

    من يلاقي النار بالنار يزهدها ** لهبا إطفائه يغدوا محالا

    الحد والشدة ليست لوازم قوة.. والتعقل والمدارات ليست مؤشرات ضعف.. والحزم والقوة والشجاعة حقا فعل ما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي..!!

    وريث المثابر أمضى خطا ** وأبلغ من قفزات الصخب

    وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ليس الشديد بالسرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"

    والسيف لا يمضي بدون روية ** والرأي لا يمضي بغير مهند


    وقد يدفع الإنسان عن نفسه الأذى ** بمقوله إن لم يدافعه باليد

    كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس.. خاض غمار الحروب في سبيل الله.. لإعلاء كلمة الله حتى لم تكن فتنة وكان الدين كله لله..

    أزال ظلام الغي عن نير الهدى ** وحكم سيف الحق في كل باطل


    مضى فعله المشتق من مصدر العلا ** فصح له منه اشتقاق اسم فاعل

    في يوم حنين اختل نظام جيشه وانفض عنه معظمه.. وهو ثابت في الميدان لا يبرح.. مقبل لا يدبر.. ظاهر لا يتوارى.. وكيف يتوارى عن الموت.. من يوقن أن موته انتقال من حياة نصب ومشقة.. إلى ما اشتهت نفسه ولذت عينه.. يركض بغلته البيضاء في نحر العدو.. ويترجل عنها حينا.. فلا يرى أحد أشد منه يومئذ.. كالسيل في دفعاته.. والسيف في عزماته.. والموت في وثباته.. يشهر نفسه وهو هدف العدو الأعلى.. ويزأر.. هلموا إلي أيها الناس.. أنا رسول الله.. أنا محمد ابن عبد الله.. أنا النبي لا كذب.. أنا ابن عبد المطلب..

    تخرج الألفاظ من فيه كما ** تخرج الدرة من جوف الصدف


    له عزمة لو صادمت ركن يذبل ** ورضوى لهدت يذبل ومحت رضوى

    مناديه ينادي: يا أصحاب السمرة.. يا أصحاب سورة البقرة.. فجر النداء مكامن الإباء.. وثاب الفار منهم ولبى.. وأما الصوت وحاله: يا رسول الله هانا ذا..

    أنا بعض منك والكف على ** كل حال لا تضيع المعصم

    وحمي الوطيس وبذل النفيس.. ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوه القوم بقبضة من تراب قائلا: شاهت الوجوه فما خلق الله إنسانا منهم.. إلا ملئت عيناه من تلك القبضة فولوا مدبرين..

    قد زلزل الرعب أيديهم وأرجلهم ** وعاد ثعلب قفر ذلك الأسد

    فمجدل ومرمل وموسد ومضرج ومضمخ ومخضب.. ونزلت السكينة على المؤمنين..(فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)..

    ومن لاذ بالله في دربه ** كفاه المهيمن من كل شر

    كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس على الإطلاق.. فر عنه الكماة الأبطال غير مرة . وما أحصيت غير مرة.. ذهل عنه الشجعان ووجم الفرسان غير مرة.. ولم يحفظ له وجمة..

    على الزعازع والأهوال والباس ** لو مادت الأرض يبقى الشامخ الراسي

    ما وقعت هيعة أو صيحة أو فزع.. إلا تقلد السيف في عنقه وبادر ظهر الفرس يسبق إلى العدو.. يستبرأ الخبر ويطمئن أصحابه بشعار.. لن تراعوا لن تراعوا..

    ليس يدنوا الخوف منه أبدا ** ليس غير الله يخشى أحدا


    يغدوا وهوج الذاريات رواكد ** ويبيت يسري والكواكب نوموا

    وحسبه أنه نبي....... كان النبي صلى الله عليه وسلم أشجع الناس يحقر كل ما يسميه الناس خطرا.. يثبت حين تزلزل أقدام الأبطال رهبا.. موقفه أقرب موقف من عدوه.. إذا اتقدت جمرة الحرب آوى الناس إليه وإحتموا بظله..

    يتقي الموت به أشياعه ** حين جف الريق وانشق البصر

    يشهد بذلك غصن من دوحته وجزء من جملته.. يؤكد العيان بالبيان ويؤد الإصطاح بالمصباح.. إنه علي رضي الله عنه فارس الفرسان وفتى الفتيان.. البطل المقدام همام الهمام الليث الكرار.. مفرق كتائب الكفار من روي في شجاعته مشهود الأخبار.. ما أمسك بذراع علج إلا حار وانقطع نفسه وخار..

    لو عاين الأسد الضرغام لمته ** ما ليم أن ظن رعبا أنه الأسد

    يقول علي رضي الله عنه في رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ولقد رأيتنا يوم بدر وقد حمي البأس واحمرت الحدق.. ونحن نلوذ ونتقي برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو وأشدنا بأسا.. وإن الشجاع منا للذي يحاذي به..

    له من بديع العزم ما لو تلوته ** على جبل لنهال في الدوي ربده


    له هيبة في قوله وفعاله ** فلوا شاهدته الأسد كانت تهابه

    هذه شهادة علي.. وحسبه أنه رسول نبي..........

    لا تسألن القوافي عن شجاعته ** إن شئت فاستنطق القران والصحف

    كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس لم يملأ صدره هول قط.. وما كر إلا كان أول طاعن ولا عاينته الخيل إلا اقشعرت..

    يكون أمام الخيل أولا طاعن ** ويضرب أخراها إذا هي ولت

    روي أن أبيّ ابن خلف قال بعد بدر متهددا.. إني لي فرسا أعلفه كل يوم فرقا من ذرة أقتل عليها محمدا..

    ظل عنك المحال يا من تعنى ** ليس يلقى الرجال غير الرجال


    هيهات لقد رمت أمرا يا أبيّ ** ودونه خياطف إلود صعاب مراتبه


    شماريخ لو أن أبيّ أراداها ** رأى نفسه أذل من القرد

    (فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ).. بلغت المقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة.. بل أنا أقتله عليها إن شاء الله.. وحاله:

    فأنتم وعدتم بالهدية قبلنا ** فكان علينا يا أبيّ ثوابها

    وفي يوم أحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم أبيّ فآذنوني.. لأنه صلى الله عليه وسلم لا يلتفت في القتال وراءه..

    هزبر تفادى الأسد من وثباته ** لو مربض عنه يحيد الأكابر


    إذا ما رأته العين غير لونها ** له واقشعرت من عراه الدوائر

    أقبل أبيّ يركض فرسه متدرعا بالحديد مملوء الوطاب من سوء أدب الخطاب..

    لو أن خفة عقله في رجله ** سبق الغزال ولم يفته الأرنب


    يبحث عن حتفه بظلفه ** ويجدع مارن أنفه بكفه

    يصيح بأعلى صوته: يا محمد لا نجوت إن نجوت.. يا محمد لا نجوت إن نجوت.. فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ما كنت صانع حين يغشاك فقد أتاك.. وإن شئت عطف عليه بعضنا فكفاكه.. فأبى صلى الله عليه وسلم أشد الإباء..

    بطل تشيعه الأسود إذا غزى ** حتى وثقنا أنها من جنده


    قنصت مهابته البزات وصادت ** الأسد الكماة قشاعم من جرده

    فصاح أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما أبى: نوصيك بالبغل شرا فإنه ابن الحمار.. رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبادره.. بل تركه يرعد وهو في غاية السكون والتؤدة والهدوء..

    وهدوء أمواج البحار تأهب ** للمد يكتسح الشواطىء صرصرا


    إذا رأيت الموج في البحر سكن ** فالموت كامن لإغراق السفن

    ما أحد يشبهه صلى الله عليه وسلم ولا يكون له إذا جد الجد..

    يتلاشى البحر في نيرانه ** ويخاف البحر من طوفانه

    ولما دنى أبيّ تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة ثم هزها.. وحاله:

    اقترب الوعد وحان الهلاك ** وكل ما تحذره قد أتاك

    ثم انتفض بالحرمة كما ينتفض البعير.. فتطاير الصحابة من حوله تطاير الشعارير.. هيبة له حتى إذا رضيها عطف عليها بالفاء لا بثم.. فضربه بها في عنقه في فرجَة بين درعه وبيضته.. فأقتلعه من على فرسه فخر..

    فلم يزده الله إلا هوانا ** وهو مهتضم حقير


    وكان كفاقع عينيه عمدا ** فأصبح لا يضيء لها النهار

    جعل يخور كما يخور الثور.. قتلني محمد.. قتلني محمد.. وعاد عواء بعد نبح هريره..

    متبرقعا لؤما كأن عيونه ** طليت حواجبها عنية قاري


    لم تغني عنه سيوف الهند مصلتتا ** لما أتته سيوف الواحد الصمد

    جاءه أصحابه يقولون: أبا عامر والله ما بك من بأس ولو كان الذي بك بعين أحدنا ما ضره.. فقال: واللات والعزى لو كان الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون.. أليس قال لأقتلنك..!! والله لو بصق علي لقتلني.. فأصمت منهم كل من كان ينطق..!!

    وما هم إلا بائل من مخافتي ** وآخر منهم ظل بالريق يشرق


    وباء أبيّ بالصفقة الخاسرة ** وضيع الدنيا والآخرة

    وهلك في طريقهم إلى مكة ولا يجني الظالم إلا على نفسه..

    ومن ينزوا في أرض تسوخ فإنه ** على قدر ما ينزو يغوص ويغرق


    شجاعة أعجزت قولي ** وفخري أن يلم بها لماما


    ولولا إحتقار الأسد شبهتها به ** ولكنها معدودة في البهائم


    كل الذي قلت شيء من شجاعته ** ما زدت إلا لعلي زدت نقصانا

    فمن رام من شجاعة المختار كل الأخبار.. فدونه نزح البحار وما هذه كلها إلا إيماض برق باختصار..!!

    ألفاظها نمت على مضمونها ** وصدورها دلت على الإعجاز


    قولوا لأشباه الرجال تصنعا ** إلا تكونوا مثله فتقنعوا

    معشر الإخوة:
    أما إنه لولا الإيمان مقرونا بهذا الخُلق.. ما قام لله ناصح وما نفح عن الإسلام منافح.. إن الشجاعة ليست منازلة في الحروب فحسب..!!((الشجاعة)) تكليف يلتزم المسلم أداءه في السلم والحرب.. الأمر والنهي عن المنكر في عالم ضال((شجاعة)).. الدعوة إلى الإصلاح في أمة فاسدة النظم((شجاعة)).. الثبات أمام الشبهات والشهوات((شجاعة)).. فعل أوامر الله والكف عن نواهي الله((شجاعة)).. الدفاع عن النفس والمال والعرض والدين والمظلوم((شجاعة)).. ثبات المسلمة أمام شبهات أدعياء تحرير المرأة((شجاعة))..

    هكذا كوني ولا تخشي أذى ** من أحب الشهد قاس الأبرا

    الإنفاق في السراء والضراء وكظم الغيظ والعفو عن الناس((شجاعة)).. المجاهدة على ذلك كله((شجاعة))..

    وكل شجاعة في المرء تغني ** ولا مثل الشجاعة في الحكيم

    معشر الإخوة:
    بهذا الخُلق نصر الإسلام على يدي أبي بكر رضي الله عنه يوم الردة.. والإمام أحمد رحمه الله يوم المحنة..

    وإن لم يسر نجل السري بسيره ** فلا بدع إن طال العدى إنه دعي

    هذا الخُلق هو الذي ترجم معنى لا إله إلا الله في قلب عبدالله رضي الله عنه ابن رأس النفاق أبي.. حين بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بأبيه ودعاه.. فخمر أنفه وقال: غبر علينا ابن أبي كبشة إليك عنا فقد آذانا نتن حمارك.. فغضب عبدالله لله.. وفي ظلال قول الله..(لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ).. أتى رسول الله وقال: يا رسول الله والذي أكرمك بالهدى ودين الحق لإن شئت لآتيتك برأسه.. حاله:

    وإني لأرجوا أن أنال بقتله ** من الله أجرا مثل أجر المرابط

    فقال صلى الله عليه وسلم:..... لا...... ولكن بر أباك وأحسن صحبته.. والحال:

    فما البحر الخضم يعاب يوما ** إذا بالت بجانبه القرود


    هذا الخُلق مع الإيمان هو الذي حرك الغيرة في قلب الشيخ المحاربي.. حين رأى منكرا على الحجاج لا يسعه السكوت عليه.. فأنكر عليه وهو يستشعر أن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.. فقال له: أسكت وأغرب والله لقد هممت أن أخلع لسانك فأضرب بها وجهك..

    فقال الشيخ بعزيمة جبارة لو ** حملت أحدا لما شعرت له بكلال

    سبحان الله إن صدقناك أغضبناك وإن غششناك أغضبنا الله.. ولا والله الذي لا إله إلا هو.. لغضب الأمير أهون من غضب الله..(وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ) ثم مضى.. وحاله:

    فما دحضت رجلي ولا زل مقولي ** ولا طاش عقلي يوم تلك الزلازل


    وما أنا ممن تقبل الضيم نفسه ** ويرضى بما يرضى به كل مائق

    هذا الخُلق مع الإيمان هو الذي جعل عبادة في فتنة القول بخلق القرآن يصدع ويقول: كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود.. ثم كان حجة يفهم من يقول بذلك القول.. حين دخل يوما على الواثق وقال: يا أمير المؤمنين أعظم الله أجرك في القرآن..!! قال: ويلك القرآن يموت..!! قال: يا أمير المؤمنين كل مخلوق يموت.. ثم موه عليه ومخرق.. قال: بالله يا أمير المؤمنين من يصلي بالناس التراويح إذا مات القرآن..

    فأعاد الحر منهم حائرا ** وثنا منهم المنطيق مفحما


    سيرت سفنهم في بحره ** فهوت في قعره والتطما

    سدت الطريق وأغص بالريق ويئس من الساحل الغريق..!!

    وإن رغمت أنوف من أناس ** فقل يا رب لا ترغم سواه


    وما كانت كِلام السيف يوما ** لتبلغ مثل ما بلغ الكلام

    هذا الخُلق مع الإيمان هو الذي جعل دعاة القيم يزدرون حطام الدنيا وينظرون بشفقة ورثاء لمن يلهث ورائها كخادم لسيده..

    تراه يشفق من تضييع درهمه ** وليس يشفق من دين يضيعه

    حداه في درهمه أعز عندي من وحيد أمه كل المنى في ضمه وشمه.. فرفعوا أصواتهم إنما هذه الحياة الدنيا متاع.. من هؤلاء شاعر مسلم شجاع استنفر فوجب عليه النفير.. لما سمع يا خيل الله اركبي وبالجنة ابشري.. خرج مجاهدا في سبيل الله أمسكت به زوجته وهي تبكي وتقول: كيف تخرج وتتركني..؟! إلى من تدعني..؟! فكر وتأمل ورأى أن لا عذر له فولى وهو يغالب عواطفه.. يقول:

    باتت تذكرني بالله قاعدة ** والدمع ينهل من شانيه سبلا


    يا بنت عمي كتاب الله أخرجني ** كرها وهل أمنع الله ما فعلا


    فإن رجعت فرب الكون أرجعني ** وان لحقت بربي فابتغي بدلا


    ما كنت أعرج أو أعمى فيعذرني ** أو ضارع من ضنا لم يستطع هولا

    ثم مضى شجاعا آثر الله ورسوله والدار الآخرة وجعل الدنيا دابة يركبها يستخدمها ولا يخدمها حداءه..

    اختر لنفسك منزلا تعلوا به ** أو مت كريما تحت ظل القسطل


    موت الفتى في عزة خير له ** من أن يعيش أسير طرف أكحل

    عبد الله...........

    من يرضى بالعير يهجر كاهل الفرس ** أتطلب جيفة الغربان يا خير الشياهين

    خذها رافعيا إذا رأيت أمة فتنت بدنياها.. فاعلم أنها أمة جبانة مأكولة مفلولة.. فلو شهرت السيف الماضي.. لقاتل في يدها بروح ملعقة.. ولو رعدت بالأسطول المهول.. لصلصل كآنية المطبخ..
    أسود لدى الأبيات عند نسائهم ** ولكنهم عند الهياج نقانق

    إذا أبصروا شخصا يقولون جحفل ** وجبن الفتى سيف لعينيه بارق


    فلا رحم الله امرأ باع دينه ** بدنيا سواه وهو للحق رامق

    .. .. .. .. .. ........

    هذا الخُلق مع خوف الله هو الذي جعل القاسم ابن محمد رحمه الله أحد الفقهاء السبعة يقول لمن سأله عن شيء لا يعلمه: لا أعلمه.. لا أحسنه.. فجعل يقول الرجل: إني أرسلت إليك لا أعرف غيرك..!! فقال القاسم: لا تنظر إلى طول لحيتي وكثرة الناس حولي.. والله لا أحسنه.. ووالله لأن يقطع لساني أحب إليّ من أن أتكلم بما لا علم لي به..

    نأى بأعطافه من خوفه ورسا ** بأصله وسما بالأنف والراسي

    فقال شيخ من قريش كان بجنبه: إلزمها فوالله ما رأيتك في مجلس أنبل منك اليوم..!!

    تحكي السماء إذا أنوارها لمعت ** برج ببرج ونبراسا بنبراس


    كم شارب عسلا فيه منيته ** وكم تقلد سيفا من به ذبحا

    (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ)..
    هذا الخُلق مع القرآن هو الذي جعل الشيخ ابن باز رحمه الله أسد إذا علم بظلم يقع على المسلمين أو عدوان على شريعة رب العالمين..

    الحلم شيمته ولكن حينما ** يعصى الإله فإنما هو ضيغم


    فلا يغرنك وجه راق منظره ** فالنصل فيه المنايا وهو بسام

    يقول المجذوب رحمه الله: حينما كان الشيخ للجامعة الإسلامية صدر حكم بقتل أحد الدعاة في بلد ما فاعترى الشيخ ما يعتري المؤمن من غم في هذه النازلة التي تستهدف الإسلام.. فنفسه تخذل عنه يقول المجذوب: فكلفني بصياغة برقة لحاكم ذلك البلد.. قال: فكتبتها بقلب منذر يقطر غيرة وغضبا وجئت بها وكلي يقين أنه سيدخل على لهجتها من التعديل ما يجعلها إلى لغة المسئولين المنذرين.. لكنه حطم كل توقعاتي..!! فأقرها جميعا ثم قال أضف إليها قول الله..(وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً).. وأرسلت الرسالة وقضى الله قضاءه وقد أدى الشيخ ما عليه رحمه الله.. وحالـه:

    وما كل نفس تحمل الذل إنني ** رأيت احتمال الذل شأن البهائم


    ولا خير في العيدان إلا صلابها ** ولا ناهضات الطير إلا صقورها

    ولا عجب يا معشر الإخوة فقد نقل عنه أنه قال يوما: والله منذ عقلت إلى اليوم ما أعلم أني عملت عملا لغير الله..

    تعود صدق القول حتى لو أنه ** تكلف قولا غيره لا يجيده

    فرحمه الله.............
    هذا الخُلق مع الحق هو الذي جعل شابا مسلما يدخل في جموع النصارى.. ليفحم كبيرهم حين وقف يتحدث عن عيسى عليه السلام ويضعه في منزلة الله ويقول: من قال آمنت بعيسى إله لم يضره شيء ولم يتعرض لأذى..!! واستمر بعقول الناس ويداعب خيالهم وآمالهم بتعاليل لا تطفىء الغليل..!!

    كلام كل ما فيه هراء ** وأشخاص الحكاية أغبياء

    فقل أين التصامم والعماء ..؟! لكن أعذب الأصوات عند الحمير صوت الحمار.. عندما انتهى قام الشاب المسلم الشجاع وسأله قائلا: هل فعلا أنت تؤمن حق الإيمان بأن من قال آمنت بعيسى إله لا يضره شيء..؟! قال القس: نعم..!! فأخرج الشاب كأسا استجلس بها الراكب واستركب بها الجالس وقال: إن في هذه الكأس سما نوعه كذا ودرجة تأثيره كذا أرجوا أن تثبت لنا بطريقة عمليه تترجم صدق إيمانك بما قلت وتشرب بما في داخل هذه الكأس..؟!

    فمحا بنور الحق آية ليلهم ** وتطايروا كالحمر لاقت قسورا

    اتضح الحق.. والقس افتضح .. إسود وجه.. وأربد وهدد وأرعد.. ثم لان الجعد وسكن الرعد.. وحاله:
    لا مساس.. لله الأمر من قبل ومن بعد.. كالسامري يقول إن حركته دعني .. فليس علي غير إزاري..!!
    كذلك يعلوا الحق والحق واضح ** ويسهل كعب الزور والزور عاثر
    هذا الخُلق مع الإيمان هو الذي جعل المهلب يعرض عن من شتمه وأقذعه وبهته بما ليس فيه.. ولما قيل له: لما لا ترد عليه..؟! قال: لا أعرف مساوئه وأخشى الله أن أبهته بما ليس فيه..!!

    ومن الناس اسود خدر**ومن الناس ذباب وطنين

    وهذا الخُلق مع إيمان كالجبال هو الذي حرك سيف الله ليث الإسلام وفارس المشاهد.. أبا سليمان خالد رضي الله عنه فدمر جيش مهران الفارسي مع نصارى العرب بأكمله.. دون أن يخسر جنديا واحدا..!!
    يستسهل الصعب إن هاجت حفيظته ** لا يشاور إلا السيف إن غضبا
    لما إلتقى جيش الإسلام بجيش الفرس مع النصارى العرب قال أحد نصارى العرب لمهران الفارسي: دعنا وخالدا نحن العرب أعلم بقتال العرب.. فقدمه مهران الفارسي ليتقي به..

    وكيف يجيء البغل يوما بحاجة ** تسر وفيه للحمار نصيب

    ولكن...........؟!

    وإذا الحمار بأرض قوم لم ** يروا خيلا قالوا أغروا محجل

    بلغت المقالة خالدا رضي الله عنه فعزم على أن يلقن المغرور درسا لكل مغرور ويخبره أي رجال حرب هم المسلمون.. وفي أناة القطاة ووثوب الأسد قام عاشق المفاجأة من لا ينام ولا ينيم.. ولا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه.. وقال: إني حامل عليه بعينه ومينه..!!

    فما كان إلا الليث انهوه الطوى ** وما كان إلا السيف فارقه الغمد

    خرج إليه في جريدة من الخيل وهو مشغول بتسوية صفوف جيشه وجيشه منشغل بالنظر إلى خالد.. ما عسى أن يفعل أمام عشرات الآلاف وبينا هم غارقون في دهشتهم.. إذ انقض خالد في أسلوب صاعق مفاجىء كالبرق الخاطف والرعد القاصف والريح العاصف.. على المغرور فاختطفه من بين يدي جيشه كأنه ذباب..

    ذباب طار في لهواته ليث ** كذاك الليث يلتهم الذباب

    حمله على فرسه كما يحمل الصبي الرضيع ليرجع به إلى المسلمين.. وحاله:

    فلو كنت حر العرض أو ذا حفيظة ** غلبت ولكن لم تلدتك الحرائر

    ثم قال له خالد نفس مقالته: نحن العرب أعلم بقتال العرب.. ثم قده بالسيف ورماه على الجسر وقال: هكذا فاصنعوا بهم.. لله در أبي سليمان.. إنتضح بحره فأغرق..!! وقدح زنده فأحرق..!! فصار حيهم ميتا وهذرهم صمتا وجبالهم لا ترى فيها عوجا ولا أمتا.. لم يتحملوا الصدمة فلاذوا بالفرار..!!

    وضاقت الأرض حتى صار هاربهم ** إذا رأى غير شيء ظنه رجلا

    فركبهم المسلمون يقتلون ويأسرون ويسبون وهرب من هرب منهم إلى الحصن ثم نزلوا على رأيه فدمر جيشهم بأكمله ولم يخسر من جيشه..!!

    لا يغمد السيف إلا بعد ملحمة ** ولا يعاقب إلا بعد تحذير


    بعض المواقف يا رجال حرائر ** والبعض يا ابن الأكرمين إماء


    ما جاء سيف الله من خمارة ** ما أنجبته الليلة الحمراء

    حالـه:

    أناضل عن دين عظيم وهبته ** عطاء مقل مهجتي وحياتيا


    فممتثل لله أسلم وجهه ** يقول أنا وحدي سأحمي دينيا


    بظهري ببطني بالذراع بمقلتي ** بجنبي بعظم الصدر حتى التراقيا


    على ذروة التوحيد تخفق رايتي ** وتحت روابيها تصب دمائيا

    بمثل هذا الشجاعة في إيمان بالله ترتفع راية الله.. في أرض الله.. وعندها يفرح المؤمنون بنصر الله.. لا توهمه بعيدا إنما الآتي قريب..!

    لكن النصر لا يأتي ** جزافا بائنا عن مقصدي


    لكنه بالصبر والإيمان**لا الفعل الردي


    يا قوموا إن الله أكبر**من جموع المعتدي


    فامضوا على نهج الرسول**وعزمه المتوقدي


    تجمل أيها الآسي**وبث الخير في الناسي


    وقرب فارس الإيمان**واطرد فارس اليأسي


    ليزرع دربنا وردا**ويتحفنا بريحاني


    ويقطع مارد الأشواك**في رفق وإحساني


    ويسقي من معين الوحي ** عذبا كل ظمآني
    حبُ الصحــابة والقرابةِ سُنَّةٌ ... ألقى بها ربي إذا أحياني
    فكـأنما آل الرسـول وصَحبه ... روحٌ يضم جميعها جسدان
    يـا أهل بيت رســول الله حُبكمُ ... فرضٌ من الله في القرآنِ أنزلهُ
    يكفيكمُ من عظيمِ الفخـر أنكمُ ... من لم يُصلِ عليكم لا صلاة لهُ
    حب الصحابة كلهم لي مذهبٌ ... ومودةُ القربى بها أتوسلُ

  3. #3
    الصورة الرمزية annabi
    annabi غير متصل عضو مميز في المنتدى الإسلامي
    التسجيل
    19-02-2006
    المشاركات
    749

    رد: ... فصاحة الشيخ علي القرني و إيماض البرق

    ماض البصيرة غلاب إذا اشتبهت ** مسالك الرأي صاد الباز بالحجل


    إن قال برا وإن ناداه منتصر ** لبى وإن هم لم يرجع بلا نفلي


    وحسبه أنه نبي.......... كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس..

    هو للصديق كما يحب وللعدى ** عند الكريهة ضيغم زئار

    يجتمعون على حربه.. ويحرض بعضهم بعضا.. للوقوف في وجهه.. وعدم التقصير في عداوته.. ويتطاولون عليه بالسخرية.. وهو صامد كالجبل الشهيق في علياءه.. يقرر أن ما جاء به سينفذ.. لو كان الثمن إهلاك هؤلاء الصناديد.. وحاله:

    إن قومي تجمعوا وبقتلي تحدثوا ** لا أبالي بجمعهم كل جمع مؤنث

    يقول عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما: اجتمع أشراف قريش في الحجر.. فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم.. قالوا: ما رأينا مثل صبرنا على هذا الرجل.. سفه أحلامنا.. وعاب ديننا.. وفرق جماعتنا فبين هم كذلك.. إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فأقبل يمشي حتى أستلم الركن.. وعداته منه تغص وتشرق.. فمغرب من غيظه ومشرق.. ثم مر بهم وهو يطوف بالبيت.. فغمزوه ببعض ما يقول.. وأشاروا بأعينهم وحواجبهم.. وهروا هرير المجحرات اللواهث.. قال ابن عمر: فعرفت ذلك في وجهه إذ تغير.. وظهرت عليه علامات الغضب.. ثم مضى فغمزوه بمثلها.. ثم مضى فغمزوه بمثلها.. فإذا السكون تحرك.. وإذا الخمود تلهب.. وإذا السكوت كلام.. يستنزل الهلك من أعلى منابره.. ويستوي عنده الرعديد والبطل.. فسل حساما من بيان فهومه.. فرد سيوف الغي مفلولة الحد.. قال : تسمعون يا معشر قريش أما والذي نفس محمد بيده.. لقد جئتكم بالذبح.. ألا إنها لو تنزلت على جبل.. أهوت به وهو خاشع.. فأخذت القوم كلمته.. حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر..
    حال الجريظ دون القريظ.. صادف در السل در يدفعه.. في هضبته ترفعه وتضعه.. وإن أشدهم وصات على إيذاءه.. ليرفؤه ويسكنه بأحسن ما يجد من القول.. يا أبا القاسم انصرف راشدا والله ما كنت جهولا.. والله ما كان جهولا صلى الله عليه وسلم..

    لكنه جبل الوقار رسا وأشرف ** واعتلى وسما فطأطأت التلال رؤوس


    من أنكر الفضل الذي أوتيته ** جحد العيان وأنكر المحسوس

    كذلك كان إذا غضب.. ولا يغضب إلا لله ثم لا يقوم لغضبه شيء..

    فإذا أوثير رأيت بركان رمى ** حمما ودك الأرض زلزالا


    ترى الرجال وقوفا بعد فتكته ** بهم يظنون أحياء وقد قتلوا

    وحسبه أنه نبي............ كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس.. أدركته القائلة في إحدى غزواته في واد كثير العظاح.. فنزل تحت سمرة وعلق بها سيفه.. وتفرق عنه أصحابه.. فجاء أعرابي فاختلط سيفه وسله.. ويا لله عدو متمكن وسيف شاهر وموت حاضر.. يقول: يا محمد أتخافني..؟؟ فلا نفس جزعت ولا حال تغيرت ولا روعة حصلت..!! وما كان إلا الرعد دعوى هديده.. يقول:......... لا........

    كأنما الليث شبيه له ** فهو أخو الليث لام وأب


    من اتق الله فأسد الشرى ** لديه مثل الأكلب العاوية

    قال: فمن يمنعك مني يا محمد..؟؟ فاستحضر عظمة الله وقدرته ونصرته لأولياءه.. وقال..

    يهوي فصيح القول من لهواته ** كالصخر يهبط من ذرى ثهلان

    ............ الله........... فخارت قواه وانحلت وسقط السيف من يده وأمكن من نفسه.. وقال: كن خير آخذ يا محمد فعفا عنه يتألفه.. فالله ما أشجعه وما أحلمه..

    تهوي الجبال الراسيات وحلمه ** في الصدر لا يهوي ولا يتزعزع

    رجع الأعرابي إلى قومه يقول جئتكم من عند خير الناس.. حاله:

    قضيت التعجب من أمره ** فصرت أطالع باب البدل

    وحسبه أنه نبي.......... كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس.. خبيرا بفنون المنازلة.. يزلزل الخصم فيوهي بنيانه.. يقوض أركانه.. يرعب جنانه..

    عزيمته ترد الغمد سيفا ** وحكمة تر السيف غمدا


    إن تعدوا يا سيف لتستعينه ** أجاب قبل أن تتم سينه

    ثبت في سنن الترمذي رحمه الله.. أن ركانة مصارع لم يضع أحد جنبه على الأرض.. طلب منازلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومصارعته تبجحا بقوته وإعجابا ببنيته وسطوته.. معه ثلاث مئة من الغنم وقال: يا محمد هي لك أن تصارعني..؟؟

    وساوس إبليس تغشى النظر ** وتخفي عن العقل نور الفكر


    أي ركان أرح المطية ولا تكن ** كمحاول صيد النجوم من المياه الركد

    هل لك أن تصارعني يا محمد..؟؟ فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا العرض وسيلة لهدف أسمى من المصارعة.. وهو إسلام هذا الرجل مع توظيف هذه الطاقة المتفجرة لإعلاء كلمة الله.. لا يريد صرعه لا يريد قتله.. وإنما يريد حياته.. فما هو إلا الغيث.. أما وقوعه خصب.. وأما ماؤء فطهور صلى الله عليه وسلم.. عامله صلى الله عليه وسلم على أنه غريق بحاجة إلى من ينتشله.. حاله:

    يا رب حيران لو شئته ** تدا ظمئآن لو شئت وردت

    يقول له: وما تجعل لي إن صرعتك..؟؟ فقال: مئة من الغنم.. فصارعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرعه.. فقال ركانة: هل لك في العود..؟؟ قال صلى الله عليه وسلم: وما تجعل لي إن صرعتك..؟؟ قال: مئة أخرى فصارعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرعه..

    هو بالله وهل يخشى انهزاما ** من يكون الله في الدنيا نصيره

    قال: هل لك في العود..؟؟ قال صلى الله عليه وسلم: وما تجعل لي إن صرعتك..؟؟ قال المئة الباقية فصارعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرعه.. ثم بقي عليه كسرت شوكته ومالت هامته.. ارتطم بالأرض ظهره هوى بأسه وهوت قواه.. ومع ذلك فقد ذهب ماله وصار حاله:

    وإني لمقدام وعندك هائب ** وفي الحي سحفان وندك باقل

    ثم قال: يا محمد والله ما وضع جنبي على الأرض أحد قبلك.. وما كان أحد أبغض إليّ منك وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.. حاله: والله ما على الأرض أحد أحب إليّ منك اليوم

    وأسبلت العينان منه بواكف ** من الدمع يجري بعد سح بوابلي


    والليل ولى والظلام تبددا ** والصبح أشرق والضياء تجددا

    فصار حال ركانة.. عملت الجزم بي.. وخفضت مني محل النصب.. ثم رفعت حالي.. قام عنه صلى الله عليه وسلم ورد عليه غنمه.. وهدفه هدايته.. فما الدنيا والله ببغيته.. يرى الدنيا وإن عظمت وجلت لديه.. أقل من شسع النعال.. ومن شيمة العضب المهند.. أنه يخاف ويرجى مغمدا ومجردا.. وحسبه أنه نبي.....

    تبلى عظامي وفيها من محبته ** حب مقيم وشوق غير منصرم

    كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس.. لا يجارى في قوة رأيه وإدراكه وبعد نظره فطن..

    تكاد العمي تبصر الدجى لو ** أنها اكتحلت بنور ذكائه

    وقف ضد رغبات أصحابه يوم الحديبية حين بركت ناقته فأعلن مقسما.. والذي نفسي بيده لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم.. حاله: مع حرمات الله فديتك بالسويدا من فؤادي.. ومن حدقي فديتك بالسواد.. دارت المفاوضات وسدت قريش السبل وأشيع مقتل عثمان رضي الله عنه.. فبايع أصحابه تحت الشجرة على الموت وعدم الفرار.. وتحت ذلك التصميم أرسلت قريش سهيل للصلح..

    ولا ملامة إن هابوا وإن حرجوا ** لا يزار الليث إلا فرق الغنم


    أجبتهم معلنا بالسيف منصلتا ** ولو أجبت بغير السيف لم تجبي

    النبي صلى الله عليه وسلم يفاوض من مركز قوة.. ويتنازل في بعد نظر وأصالة رأي.. عن بسم الله إلى باسمك اللهم.. وعن رسول الله إلى محمد ابن عبدالله..

    عذب المناهل غير أن ورودها ** نار المنايا حوله تتأجج


    وكانت قريش إذ تأبى لشرطها ** كباحثت عن مدية تستثيرها

    رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل برد من جاء من المسلمين مهاجرا ولا العكس.. ويعلل ويقول: من ذهب منا إليهم فأبعده الله.. ومن جاءنا فرد جعل الله له فرجا ومخرجا.. وثقل ذلك على المسلمين وذهلوا عن أنفسهم.. لما أعيد أبو جندل رضي الله عنه إلى أبيه يرفس في قيوده.. يضربه أبوه في وجهه ويأخذ بتلابيبه وهو يستصرخ.. أأرد إلى المشركين وقد جئت مسلما..؟؟
    فاضطرمت القلوب واضطربت.. وزلزل الهم قاصيهم ودانيهم.. حتى السماء رأوها غير ما عهدوا.. أما الصديق رضي الله عنه فقد تلقى ذلك بالرضا والتسليم.. فكان قلبه على قلب محمد صلى الله عليه وسلم حاله:

    والكف ليس الزند ينكر قربه ** والعين لا يقسوا عليها المحجر


    من لحمه لحمي ومن دمه دمعي ** وعلى محبته أموت وأحشر

    أما عمر رضي الله عنه لعظم الوارد عليه.. أبى إلا أن يعلن عما في نفسه فيقول: يا رسول الله ألست نبي الله حقا..؟؟ ألسنا المسلمين..؟؟ أليسوا بالمشركين..؟؟ ألسنا على الحق وهم على الباطل..؟؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي عمر حرية إبداء رأيه .. مع تسديده بلا عقاب ولا تجريم.. ويقول لعمر في كل ذلك: بلى.. بلى.. فيقول عمر: فلم نعطي الدنية في ديننا يا رسول الله.. فيقول صلى الله عليه وسلم إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري.. ويذعن الفاروق ويؤنب نفسه بعد.. وماهي والله إلا غيرة على الإسلام منه.. فهم بعدها هو وغيره إنما يحقق المكاسب العليا للإسلام.. فهو السنة النبوية والسياسة الشرعية التي يجب أن تقتفى.. فأذعنوا وندموا وعرفوا قصورهم فاقتصروا..

    أخاطب البرق إن يسقي ديارهم ** ولو أراد بدمعي أو أراد دمي

    معشر الأخوة:
    ومع ما فيه الصحابة من غم لا مزيد عليه.. لم يخرجوا عن طوع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وهم يرون سهيل فردا في جيش يتمادى في تفاوضه.. فلم ينله أحد بأذى وإنما مرجعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ورسول الله يسعه بالحلم حتى وصل إلى الغاية المنشودة من الصلح.. وانبلج الصبح فإذا الصلح فتح.. والغبن في الظاهر نصر.. سمعوا كلام الله وعظمت حرمات الله..

    وكلما أوقدوا نارا بها احترقوا ** وأحدثوا الحرب فيهم يحدث الحرب

    هكذا تبدوا شجاعة وسياسة رسول الله صلى الله عليه وسلم العملاقة.. إلى جانب سطحية التفكير لدى زعماء المشركين.. فشرطهم الذي اشترطوه تعنتا واستعلاء.. كان وبالا عليهم حيث سبب لهم حروبا عصابات على أيدي أبي بصير وصحبه لم يحسبوا لها حسابا..

    حتى أقامت رؤوسا كان يحبلها ** أجلاف قوم وفي أعناقهم صعر

    فقدوا الهدف الأعلى من الصلح.. وهو تأمين طريقهم إلى الشام.. فعادوا خاضعين ذليلين يعلنون تنازلهم عن شرطهم الجائر.. ويرجون من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤوي كل من جاءه من المسلمين..

    فصار لواء الحق بالنصر خافقا ** وظل لواء الشرك بالذل يقهر

    فما هو في صورته الظاهرة ظيم للمسلمين.. هو عز وفتح ونصر مبين.. نزلت السكينة على المؤمنين ودخل في دين الله أضعاف ما دخل قبل من المشركين.. وما فتح في الإسلام فتح قبله كان أعظم منه.. وتم تحييد قريش وتكبيلها بهذه المعاهدة.. فلم يفكروا في الحرب لعشر سنين..!! فحول المسلمون المعركة إلى اليهود وغيرهم من المجرمين..

    عافوا المذلة في الدنيا فعندهم ** عز الحياة وعز الموت سياني


    تلكم هي الشجاعة حقا يا معشر الإخوة:
    تريث في غير عجلة.. تثبت في تؤدة.. بعد نظر في أصالة رأي.. لزم الوحي مع اتهام الرأي.. قضاء المصالح على أحسن وجه.. درء المفاسد في أجمل هيئة..

    من يلاقي النار بالنار يزهدها ** لهبا إطفائه يغدوا محالا

    الحد والشدة ليست لوازم قوة.. والتعقل والمدارات ليست مؤشرات ضعف.. والحزم والقوة والشجاعة حقا فعل ما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي..!!

    وريث المثابر أمضى خطا ** وأبلغ من قفزات الصخب

    وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ليس الشديد بالسرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"

    والسيف لا يمضي بدون روية ** والرأي لا يمضي بغير مهند


    وقد يدفع الإنسان عن نفسه الأذى ** بمقوله إن لم يدافعه باليد

    كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس.. خاض غمار الحروب في سبيل الله.. لإعلاء كلمة الله حتى لم تكن فتنة وكان الدين كله لله..

    أزال ظلام الغي عن نير الهدى ** وحكم سيف الحق في كل باطل


    مضى فعله المشتق من مصدر العلا ** فصح له منه اشتقاق اسم فاعل

    في يوم حنين اختل نظام جيشه وانفض عنه معظمه.. وهو ثابت في الميدان لا يبرح.. مقبل لا يدبر.. ظاهر لا يتوارى.. وكيف يتوارى عن الموت.. من يوقن أن موته انتقال من حياة نصب ومشقة.. إلى ما اشتهت نفسه ولذت عينه.. يركض بغلته البيضاء في نحر العدو.. ويترجل عنها حينا.. فلا يرى أحد أشد منه يومئذ.. كالسيل في دفعاته.. والسيف في عزماته.. والموت في وثباته.. يشهر نفسه وهو هدف العدو الأعلى.. ويزأر.. هلموا إلي أيها الناس.. أنا رسول الله.. أنا محمد ابن عبد الله.. أنا النبي لا كذب.. أنا ابن عبد المطلب..

    تخرج الألفاظ من فيه كما ** تخرج الدرة من جوف الصدف


    له عزمة لو صادمت ركن يذبل ** ورضوى لهدت يذبل ومحت رضوى

    مناديه ينادي: يا أصحاب السمرة.. يا أصحاب سورة البقرة.. فجر النداء مكامن الإباء.. وثاب الفار منهم ولبى.. وأما الصوت وحاله: يا رسول الله هانا ذا..

    أنا بعض منك والكف على ** كل حال لا تضيع المعصم

    وحمي الوطيس وبذل النفيس.. ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوه القوم بقبضة من تراب قائلا: شاهت الوجوه فما خلق الله إنسانا منهم.. إلا ملئت عيناه من تلك القبضة فولوا مدبرين..

    قد زلزل الرعب أيديهم وأرجلهم ** وعاد ثعلب قفر ذلك الأسد

    فمجدل ومرمل وموسد ومضرج ومضمخ ومخضب.. ونزلت السكينة على المؤمنين..(فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)..

    ومن لاذ بالله في دربه ** كفاه المهيمن من كل شر

    كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس على الإطلاق.. فر عنه الكماة الأبطال غير مرة . وما أحصيت غير مرة.. ذهل عنه الشجعان ووجم الفرسان غير مرة.. ولم يحفظ له وجمة..

    على الزعازع والأهوال والباس ** لو مادت الأرض يبقى الشامخ الراسي

    ما وقعت هيعة أو صيحة أو فزع.. إلا تقلد السيف في عنقه وبادر ظهر الفرس يسبق إلى العدو.. يستبرأ الخبر ويطمئن أصحابه بشعار.. لن تراعوا لن تراعوا..

    ليس يدنوا الخوف منه أبدا ** ليس غير الله يخشى أحدا


    يغدوا وهوج الذاريات رواكد ** ويبيت يسري والكواكب نوموا

    وحسبه أنه نبي....... كان النبي صلى الله عليه وسلم أشجع الناس يحقر كل ما يسميه الناس خطرا.. يثبت حين تزلزل أقدام الأبطال رهبا.. موقفه أقرب موقف من عدوه.. إذا اتقدت جمرة الحرب آوى الناس إليه وإحتموا بظله..

    يتقي الموت به أشياعه ** حين جف الريق وانشق البصر

    يشهد بذلك غصن من دوحته وجزء من جملته.. يؤكد العيان بالبيان ويؤد الإصطاح بالمصباح.. إنه علي رضي الله عنه فارس الفرسان وفتى الفتيان.. البطل المقدام همام الهمام الليث الكرار.. مفرق كتائب الكفار من روي في شجاعته مشهود الأخبار.. ما أمسك بذراع علج إلا حار وانقطع نفسه وخار..

    لو عاين الأسد الضرغام لمته ** ما ليم أن ظن رعبا أنه الأسد

    يقول علي رضي الله عنه في رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ولقد رأيتنا يوم بدر وقد حمي البأس واحمرت الحدق.. ونحن نلوذ ونتقي برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو وأشدنا بأسا.. وإن الشجاع منا للذي يحاذي به..

    له من بديع العزم ما لو تلوته ** على جبل لنهال في الدوي ربده


    له هيبة في قوله وفعاله ** فلوا شاهدته الأسد كانت تهابه

    هذه شهادة علي.. وحسبه أنه رسول نبي..........

    لا تسألن القوافي عن شجاعته ** إن شئت فاستنطق القران والصحف

    كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس لم يملأ صدره هول قط.. وما كر إلا كان أول طاعن ولا عاينته الخيل إلا اقشعرت..

    يكون أمام الخيل أولا طاعن ** ويضرب أخراها إذا هي ولت

    روي أن أبيّ ابن خلف قال بعد بدر متهددا.. إني لي فرسا أعلفه كل يوم فرقا من ذرة أقتل عليها محمدا..

    ظل عنك المحال يا من تعنى ** ليس يلقى الرجال غير الرجال


    هيهات لقد رمت أمرا يا أبيّ ** ودونه خياطف إلود صعاب مراتبه


    شماريخ لو أن أبيّ أراداها ** رأى نفسه أذل من القرد

    (فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ).. بلغت المقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة.. بل أنا أقتله عليها إن شاء الله.. وحاله:

    فأنتم وعدتم بالهدية قبلنا ** فكان علينا يا أبيّ ثوابها

    وفي يوم أحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم أبيّ فآذنوني.. لأنه صلى الله عليه وسلم لا يلتفت في القتال وراءه..

    هزبر تفادى الأسد من وثباته ** لو مربض عنه يحيد الأكابر


    إذا ما رأته العين غير لونها ** له واقشعرت من عراه الدوائر

    أقبل أبيّ يركض فرسه متدرعا بالحديد مملوء الوطاب من سوء أدب الخطاب..

    لو أن خفة عقله في رجله ** سبق الغزال ولم يفته الأرنب


    يبحث عن حتفه بظلفه ** ويجدع مارن أنفه بكفه

    يصيح بأعلى صوته: يا محمد لا نجوت إن نجوت.. يا محمد لا نجوت إن نجوت.. فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ما كنت صانع حين يغشاك فقد أتاك.. وإن شئت عطف عليه بعضنا فكفاكه.. فأبى صلى الله عليه وسلم أشد الإباء..

    بطل تشيعه الأسود إذا غزى ** حتى وثقنا أنها من جنده


    قنصت مهابته البزات وصادت ** الأسد الكماة قشاعم من جرده

    فصاح أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما أبى: نوصيك بالبغل شرا فإنه ابن الحمار.. رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبادره.. بل تركه يرعد وهو في غاية السكون والتؤدة والهدوء..

    وهدوء أمواج البحار تأهب ** للمد يكتسح الشواطىء صرصرا


    إذا رأيت الموج في البحر سكن ** فالموت كامن لإغراق السفن

    ما أحد يشبهه صلى الله عليه وسلم ولا يكون له إذا جد الجد..

    يتلاشى البحر في نيرانه ** ويخاف البحر من طوفانه

    ولما دنى أبيّ تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة ثم هزها.. وحاله:

    اقترب الوعد وحان الهلاك ** وكل ما تحذره قد أتاك

    ثم انتفض بالحرمة كما ينتفض البعير.. فتطاير الصحابة من حوله تطاير الشعارير.. هيبة له حتى إذا رضيها عطف عليها بالفاء لا بثم.. فضربه بها في عنقه في فرجَة بين درعه وبيضته.. فأقتلعه من على فرسه فخر..

    فلم يزده الله إلا هوانا ** وهو مهتضم حقير


    وكان كفاقع عينيه عمدا ** فأصبح لا يضيء لها النهار

    جعل يخور كما يخور الثور.. قتلني محمد.. قتلني محمد.. وعاد عواء بعد نبح هريره..

    متبرقعا لؤما كأن عيونه ** طليت حواجبها عنية قاري


    لم تغني عنه سيوف الهند مصلتتا ** لما أتته سيوف الواحد الصمد

    جاءه أصحابه يقولون: أبا عامر والله ما بك من بأس ولو كان الذي بك بعين أحدنا ما ضره.. فقال: واللات والعزى لو كان الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون.. أليس قال لأقتلنك..!! والله لو بصق علي لقتلني.. فأصمت منهم كل من كان ينطق..!!

    وما هم إلا بائل من مخافتي ** وآخر منهم ظل بالريق يشرق


    وباء أبيّ بالصفقة الخاسرة ** وضيع الدنيا والآخرة

    وهلك في طريقهم إلى مكة ولا يجني الظالم إلا على نفسه..

    ومن ينزوا في أرض تسوخ فإنه ** على قدر ما ينزو يغوص ويغرق


    شجاعة أعجزت قولي ** وفخري أن يلم بها لماما


    ولولا إحتقار الأسد شبهتها به ** ولكنها معدودة في البهائم


    كل الذي قلت شيء من شجاعته ** ما زدت إلا لعلي زدت نقصانا

    فمن رام من شجاعة المختار كل الأخبار.. فدونه نزح البحار وما هذه كلها إلا إيماض برق باختصار..!!

    ألفاظها نمت على مضمونها ** وصدورها دلت على الإعجاز


    قولوا لأشباه الرجال تصنعا ** إلا تكونوا مثله فتقنعوا

    معشر الإخوة:
    أما إنه لولا الإيمان مقرونا بهذا الخُلق.. ما قام لله ناصح وما نفح عن الإسلام منافح.. إن الشجاعة ليست منازلة في الحروب فحسب..!!((الشجاعة)) تكليف يلتزم المسلم أداءه في السلم والحرب.. الأمر والنهي عن المنكر في عالم ضال((شجاعة)).. الدعوة إلى الإصلاح في أمة فاسدة النظم((شجاعة)).. الثبات أمام الشبهات والشهوات((شجاعة)).. فعل أوامر الله والكف عن نواهي الله((شجاعة)).. الدفاع عن النفس والمال والعرض والدين والمظلوم((شجاعة)).. ثبات المسلمة أمام شبهات أدعياء تحرير المرأة((شجاعة))..

    هكذا كوني ولا تخشي أذى ** من أحب الشهد قاس الأبرا

    الإنفاق في السراء والضراء وكظم الغيظ والعفو عن الناس((شجاعة)).. المجاهدة على ذلك كله((شجاعة))..

    وكل شجاعة في المرء تغني ** ولا مثل الشجاعة في الحكيم

    معشر الإخوة:
    بهذا الخُلق نصر الإسلام على يدي أبي بكر رضي الله عنه يوم الردة.. والإمام أحمد رحمه الله يوم المحنة..

    وإن لم يسر نجل السري بسيره ** فلا بدع إن طال العدى إنه دعي

    هذا الخُلق هو الذي ترجم معنى لا إله إلا الله في قلب عبدالله رضي الله عنه ابن رأس النفاق أبي.. حين بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بأبيه ودعاه.. فخمر أنفه وقال: غبر علينا ابن أبي كبشة إليك عنا فقد آذانا نتن حمارك.. فغضب عبدالله لله.. وفي ظلال قول الله..(لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ).. أتى رسول الله وقال: يا رسول الله والذي أكرمك بالهدى ودين الحق لإن شئت لآتيتك برأسه.. حاله:

    وإني لأرجوا أن أنال بقتله ** من الله أجرا مثل أجر المرابط

    فقال صلى الله عليه وسلم:..... لا...... ولكن بر أباك وأحسن صحبته.. والحال:

    فما البحر الخضم يعاب يوما ** إذا بالت بجانبه القرود


    هذا الخُلق مع الإيمان هو الذي حرك الغيرة في قلب الشيخ المحاربي.. حين رأى منكرا على الحجاج لا يسعه السكوت عليه.. فأنكر عليه وهو يستشعر أن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.. فقال له: أسكت وأغرب والله لقد هممت أن أخلع لسانك فأضرب بها وجهك..

    فقال الشيخ بعزيمة جبارة لو ** حملت أحدا لما شعرت له بكلال

    سبحان الله إن صدقناك أغضبناك وإن غششناك أغضبنا الله.. ولا والله الذي لا إله إلا هو.. لغضب الأمير أهون من غضب الله..(وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ) ثم مضى.. وحاله:

    فما دحضت رجلي ولا زل مقولي ** ولا طاش عقلي يوم تلك الزلازل


    وما أنا ممن تقبل الضيم نفسه ** ويرضى بما يرضى به كل مائق

    هذا الخُلق مع الإيمان هو الذي جعل عبادة في فتنة القول بخلق القرآن يصدع ويقول: كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود.. ثم كان حجة يفهم من يقول بذلك القول.. حين دخل يوما على الواثق وقال: يا أمير المؤمنين أعظم الله أجرك في القرآن..!! قال: ويلك القرآن يموت..!! قال: يا أمير المؤمنين كل مخلوق يموت.. ثم موه عليه ومخرق.. قال: بالله يا أمير المؤمنين من يصلي بالناس التراويح إذا مات القرآن..

    فأعاد الحر منهم حائرا ** وثنا منهم المنطيق مفحما


    سيرت سفنهم في بحره ** فهوت في قعره والتطما

    سدت الطريق وأغص بالريق ويئس من الساحل الغريق..!!

    وإن رغمت أنوف من أناس ** فقل يا رب لا ترغم سواه


    وما كانت كِلام السيف يوما ** لتبلغ مثل ما بلغ الكلام

    هذا الخُلق مع الإيمان هو الذي جعل دعاة القيم يزدرون حطام الدنيا وينظرون بشفقة ورثاء لمن يلهث ورائها كخادم لسيده..

    تراه يشفق من تضييع درهمه ** وليس يشفق من دين يضيعه

    حداه في درهمه أعز عندي من وحيد أمه كل المنى في ضمه وشمه.. فرفعوا أصواتهم إنما هذه الحياة الدنيا متاع.. من هؤلاء شاعر مسلم شجاع استنفر فوجب عليه النفير.. لما سمع يا خيل الله اركبي وبالجنة ابشري.. خرج مجاهدا في سبيل الله أمسكت به زوجته وهي تبكي وتقول: كيف تخرج وتتركني..؟! إلى من تدعني..؟! فكر وتأمل ورأى أن لا عذر له فولى وهو يغالب عواطفه.. يقول:

    باتت تذكرني بالله قاعدة ** والدمع ينهل من شانيه سبلا


    يا بنت عمي كتاب الله أخرجني ** كرها وهل أمنع الله ما فعلا


    فإن رجعت فرب الكون أرجعني ** وان لحقت بربي فابتغي بدلا


    ما كنت أعرج أو أعمى فيعذرني ** أو ضارع من ضنا لم يستطع هولا

    ثم مضى شجاعا آثر الله ورسوله والدار الآخرة وجعل الدنيا دابة يركبها يستخدمها ولا يخدمها حداءه..

    اختر لنفسك منزلا تعلوا به ** أو مت كريما تحت ظل القسطل


    موت الفتى في عزة خير له ** من أن يعيش أسير طرف أكحل

    عبد الله...........

    من يرضى بالعير يهجر كاهل الفرس ** أتطلب جيفة الغربان يا خير الشياهين

    خذها رافعيا إذا رأيت أمة فتنت بدنياها.. فاعلم أنها أمة جبانة مأكولة مفلولة.. فلو شهرت السيف الماضي.. لقاتل في يدها بروح ملعقة.. ولو رعدت بالأسطول المهول.. لصلصل كآنية المطبخ..
    أسود لدى الأبيات عند نسائهم ** ولكنهم عند الهياج نقانق

    إذا أبصروا شخصا يقولون جحفل ** وجبن الفتى سيف لعينيه بارق


    فلا رحم الله امرأ باع دينه ** بدنيا سواه وهو للحق رامق

    .. .. .. .. .. ........

    هذا الخُلق مع خوف الله هو الذي جعل القاسم ابن محمد رحمه الله أحد الفقهاء السبعة يقول لمن سأله عن شيء لا يعلمه: لا أعلمه.. لا أحسنه.. فجعل يقول الرجل: إني أرسلت إليك لا أعرف غيرك..!! فقال القاسم: لا تنظر إلى طول لحيتي وكثرة الناس حولي.. والله لا أحسنه.. ووالله لأن يقطع لساني أحب إليّ من أن أتكلم بما لا علم لي به..

    نأى بأعطافه من خوفه ورسا ** بأصله وسما بالأنف والراسي

    فقال شيخ من قريش كان بجنبه: إلزمها فوالله ما رأيتك في مجلس أنبل منك اليوم..!!

    تحكي السماء إذا أنوارها لمعت ** برج ببرج ونبراسا بنبراس


    كم شارب عسلا فيه منيته ** وكم تقلد سيفا من به ذبحا

    (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ)..
    هذا الخُلق مع القرآن هو الذي جعل الشيخ ابن باز رحمه الله أسد إذا علم بظلم يقع على المسلمين أو عدوان على شريعة رب العالمين..

    الحلم شيمته ولكن حينما ** يعصى الإله فإنما هو ضيغم


    فلا يغرنك وجه راق منظره ** فالنصل فيه المنايا وهو بسام

    يقول المجذوب رحمه الله: حينما كان الشيخ للجامعة الإسلامية صدر حكم بقتل أحد الدعاة في بلد ما فاعترى الشيخ ما يعتري المؤمن من غم في هذه النازلة التي تستهدف الإسلام.. فنفسه تخذل عنه يقول المجذوب: فكلفني بصياغة برقة لحاكم ذلك البلد.. قال: فكتبتها بقلب منذر يقطر غيرة وغضبا وجئت بها وكلي يقين أنه سيدخل على لهجتها من التعديل ما يجعلها إلى لغة المسئولين المنذرين.. لكنه حطم كل توقعاتي..!! فأقرها جميعا ثم قال أضف إليها قول الله..(وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً).. وأرسلت الرسالة وقضى الله قضاءه وقد أدى الشيخ ما عليه رحمه الله.. وحالـه:

    وما كل نفس تحمل الذل إنني ** رأيت احتمال الذل شأن البهائم


    ولا خير في العيدان إلا صلابها ** ولا ناهضات الطير إلا صقورها

    ولا عجب يا معشر الإخوة فقد نقل عنه أنه قال يوما: والله منذ عقلت إلى اليوم ما أعلم أني عملت عملا لغير الله..

    تعود صدق القول حتى لو أنه ** تكلف قولا غيره لا يجيده

    فرحمه الله.............
    هذا الخُلق مع الحق هو الذي جعل شابا مسلما يدخل في جموع النصارى.. ليفحم كبيرهم حين وقف يتحدث عن عيسى عليه السلام ويضعه في منزلة الله ويقول: من قال آمنت بعيسى إله لم يضره شيء ولم يتعرض لأذى..!! واستمر بعقول الناس ويداعب خيالهم وآمالهم بتعاليل لا تطفىء الغليل..!!

    كلام كل ما فيه هراء ** وأشخاص الحكاية أغبياء

    فقل أين التصامم والعماء ..؟! لكن أعذب الأصوات عند الحمير صوت الحمار.. عندما انتهى قام الشاب المسلم الشجاع وسأله قائلا: هل فعلا أنت تؤمن حق الإيمان بأن من قال آمنت بعيسى إله لا يضره شيء..؟! قال القس: نعم..!! فأخرج الشاب كأسا استجلس بها الراكب واستركب بها الجالس وقال: إن في هذه الكأس سما نوعه كذا ودرجة تأثيره كذا أرجوا أن تثبت لنا بطريقة عمليه تترجم صدق إيمانك بما قلت وتشرب بما في داخل هذه الكأس..؟!

    فمحا بنور الحق آية ليلهم ** وتطايروا كالحمر لاقت قسورا

    اتضح الحق.. والقس افتضح .. إسود وجه.. وأربد وهدد وأرعد.. ثم لان الجعد وسكن الرعد.. وحاله:
    لا مساس.. لله الأمر من قبل ومن بعد.. كالسامري يقول إن حركته دعني .. فليس علي غير إزاري..!!
    كذلك يعلوا الحق والحق واضح ** ويسهل كعب الزور والزور عاثر
    هذا الخُلق مع الإيمان هو الذي جعل المهلب يعرض عن من شتمه وأقذعه وبهته بما ليس فيه.. ولما قيل له: لما لا ترد عليه..؟! قال: لا أعرف مساوئه وأخشى الله أن أبهته بما ليس فيه..!!

    ومن الناس اسود خدر**ومن الناس ذباب وطنين

    وهذا الخُلق مع إيمان كالجبال هو الذي حرك سيف الله ليث الإسلام وفارس المشاهد.. أبا سليمان خالد رضي الله عنه فدمر جيش مهران الفارسي مع نصارى العرب بأكمله.. دون أن يخسر جنديا واحدا..!!
    يستسهل الصعب إن هاجت حفيظته ** لا يشاور إلا السيف إن غضبا
    لما إلتقى جيش الإسلام بجيش الفرس مع النصارى العرب قال أحد نصارى العرب لمهران الفارسي: دعنا وخالدا نحن العرب أعلم بقتال العرب.. فقدمه مهران الفارسي ليتقي به..

    وكيف يجيء البغل يوما بحاجة ** تسر وفيه للحمار نصيب

    ولكن...........؟!

    وإذا الحمار بأرض قوم لم ** يروا خيلا قالوا أغروا محجل

    بلغت المقالة خالدا رضي الله عنه فعزم على أن يلقن المغرور درسا لكل مغرور ويخبره أي رجال حرب هم المسلمون.. وفي أناة القطاة ووثوب الأسد قام عاشق المفاجأة من لا ينام ولا ينيم.. ولا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه.. وقال: إني حامل عليه بعينه ومينه..!!

    فما كان إلا الليث انهوه الطوى ** وما كان إلا السيف فارقه الغمد

    خرج إليه في جريدة من الخيل وهو مشغول بتسوية صفوف جيشه وجيشه منشغل بالنظر إلى خالد.. ما عسى أن يفعل أمام عشرات الآلاف وبينا هم غارقون في دهشتهم.. إذ انقض خالد في أسلوب صاعق مفاجىء كالبرق الخاطف والرعد القاصف والريح العاصف.. على المغرور فاختطفه من بين يدي جيشه كأنه ذباب..

    ذباب طار في لهواته ليث ** كذاك الليث يلتهم الذباب

    حمله على فرسه كما يحمل الصبي الرضيع ليرجع به إلى المسلمين.. وحاله:

    فلو كنت حر العرض أو ذا حفيظة ** غلبت ولكن لم تلدتك الحرائر

    ثم قال له خالد نفس مقالته: نحن العرب أعلم بقتال العرب.. ثم قده بالسيف ورماه على الجسر وقال: هكذا فاصنعوا بهم.. لله در أبي سليمان.. إنتضح بحره فأغرق..!! وقدح زنده فأحرق..!! فصار حيهم ميتا وهذرهم صمتا وجبالهم لا ترى فيها عوجا ولا أمتا.. لم يتحملوا الصدمة فلاذوا بالفرار..!!

    وضاقت الأرض حتى صار هاربهم ** إذا رأى غير شيء ظنه رجلا

    فركبهم المسلمون يقتلون ويأسرون ويسبون وهرب من هرب منهم إلى الحصن ثم نزلوا على رأيه فدمر جيشهم بأكمله ولم يخسر من جيشه..!!

    لا يغمد السيف إلا بعد ملحمة ** ولا يعاقب إلا بعد تحذير


    بعض المواقف يا رجال حرائر ** والبعض يا ابن الأكرمين إماء


    ما جاء سيف الله من خمارة ** ما أنجبته الليلة الحمراء

    حالـه:

    أناضل عن دين عظيم وهبته ** عطاء مقل مهجتي وحياتيا


    فممتثل لله أسلم وجهه ** يقول أنا وحدي سأحمي دينيا


    بظهري ببطني بالذراع بمقلتي ** بجنبي بعظم الصدر حتى التراقيا


    على ذروة التوحيد تخفق رايتي ** وتحت روابيها تصب دمائيا

    بمثل هذا الشجاعة في إيمان بالله ترتفع راية الله.. في أرض الله.. وعندها يفرح المؤمنون بنصر الله.. لا توهمه بعيدا إنما الآتي قريب..!

    لكن النصر لا يأتي ** جزافا بائنا عن مقصدي


    لكنه بالصبر والإيمان**لا الفعل الردي


    يا قوموا إن الله أكبر**من جموع المعتدي


    فامضوا على نهج الرسول**وعزمه المتوقدي


    تجمل أيها الآسي**وبث الخير في الناسي


    وقرب فارس الإيمان**واطرد فارس اليأسي


    ليزرع دربنا وردا**ويتحفنا بريحاني


    ويقطع مارد الأشواك**في رفق وإحساني


    ويسقي من معين الوحي ** عذبا كل ظمآني
    حبُ الصحــابة والقرابةِ سُنَّةٌ ... ألقى بها ربي إذا أحياني
    فكـأنما آل الرسـول وصَحبه ... روحٌ يضم جميعها جسدان
    يـا أهل بيت رســول الله حُبكمُ ... فرضٌ من الله في القرآنِ أنزلهُ
    يكفيكمُ من عظيمِ الفخـر أنكمُ ... من لم يُصلِ عليكم لا صلاة لهُ
    حب الصحابة كلهم لي مذهبٌ ... ومودةُ القربى بها أتوسلُ

  4. #4
    الصورة الرمزية annabi
    annabi غير متصل عضو مميز في المنتدى الإسلامي
    التسجيل
    19-02-2006
    المشاركات
    749

    رد: ... فصاحة الشيخ علي القرني و إيماض البرق

    أيها الجيل:
    إن سلاحنا الذي لا يفل هو إيماننا.. فكلما قوي إيماننا ازداد يقيننا بتحقق وعد الله بالدفاع عنا..(إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا)..
    أيها الجيل:
    مالنا من فائت أضعناه من خصال أسلافنا.. وحرمناه بسوء فعالنا.. مثل الشجاعة بلا تهور ولا حماقة.. ولعمر الله.. إن تلك الشجاعة لم تمت إنما هي كامنة..!! ولم تنطفىء شعلتها فهي في كنف القرآن والسنة آمنة..!! وما دامت نفحات الوحي تلامس القلوب والعقول على أيدي القدوات فلابد من يوم يتحرك فيه ذلك العرق المخبوء ليأتي بالعجائب..!!

    إن الرماح حدائد منبوذة ** حتى يثقف جنبيها سمهر

    أيها الجيل الخاطب:
    الشجاعة عقيلة كرام لا يساق في مهرها بهرج الكلام..!! إنها كريمة بيت لا تنال بلو أو ليت..!! إنما تنال بالإيمان الثابت.. يظاهره مجاهدة ومصابرة.. وقوة توكل في ثقة وحلم وأناة وشدة بأس.. بلا يأس ولا طمع ولا فزع.. مع نظر في سير أنبياء الله.. وكثرة ذكر لله وحبس للنفس مع منهم كذلك من عباد الله...
    ترنوا إلى تلك الوجوه التي ** فيها يضيء الليل بل يرحل
    (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)..

    من رام نيل الشيء قبل أوانه ** رام انتقال يلملم وعسيب


    ومستعجل الشيء قبل الأوان ** يصيب الخسارة ويجني التعب

    أيها الجيل:
    الحق ساهر والعدو وقح كافر.. لم يعد يخشى من التصريح بنا.. يريد فعله في ديار المسلمين.. ألفاظه محددة صريحة لا تورية.. فعلى الأمة أخذ الحذر في تعقل ووعي.. لا يجر الأمة إلى معركة ليست مستعدة لها.. الهجمة عظيمة لو قدر لها أن تنجح فلن تبقي ولن تذر..!! وعندها تتحول الأمة عافاها الله.. إلى رعاة خنازير لعباد صليب..!!

    فيا أمتي فكري في المصير ** فان الحساب علينا عسير

    فلنطرح التصرفات الرعناء جانبا.. لسنا دعاة حرب اليوم.. بل في حالة دفاع عن ضرورياتنا.. من دين ونفس ومال وعرض ومقدسات بكل وسيلة تنفع ولا تضر.. وليس يكون ذلك إلا برد الأمر إلى أهله الذين يستنبطونه.. لسنا في حالة هجوم لكن علينا أن نشعر من تسول له نفسه أن يقترب من حياضنا.. أننا لسنا اللقمة السائغة بل اللقمة المرة..!! التي لن يشعر معها بسعادة إن حاول بلعها أبدا.. بل تسد حلقه حتى تقضي عليه والله غالب على أمره..
    أعداء الله مسلكهم خائب وكيدهم حابط.. وسعيهم في ضلال وأخرتهم خزي ووبال.. ولم يبق منا نحن إلا أن ننصر الله لِنُنْصَر.. حققوا الشرط يحقق الله الجزاء..(إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)..
    عبد الله.. تعرف سبيل المجرمين من كتاب رب العالمين.. وجدد الإيمان وأكد التوحيد وزد نون التوكيد..

    خذ يا مليك فكلنا ** من بحر جودك والعطا


    خذ من سويدانا ** قرابين المحبة والولا


    ما ظل ماء في البحار ** وطار طير في السما

    أيها الجيل:
    إنما السائل من لون الإناء.. إن تأنيث الأسماء جبن يورث تأنيث الشمائل والطباع.. والظاهر يؤثر على الباطن.. لقد كان المسلمون على عدوهم صخورا وجنادل.. يوم كان منهم صخر وجندلا..!!
    وكانوا عليهم غصصا وسموما يوم كان فيهم مرة وحنظلا..!! وكانوا عليهم حسكا وشوكا يوم كان فيهم قتادة وعوسجا..!! ولا يرضى بالأسماء والكنى والألقاب الرخوة إلا العبيد..!! وما شاعت هذه الرخاوة يوم كان المسلمون سادة ..!! وما راجت بينهم إلا عندما أضاعوا السيادة والقيادة..!! أما والله لو نادى منادي ببعض هذه الأسماء في حظرة عمر رضي الله عنه لهاجت شرته وبادرت بالجواب درته..!!

    فإن لم يكن حسن فعال فليكن ** قوة اسم وكنية ولقب وحسن فال


    وعادت النصل أن يزهى بجوهره ** وليس يعمل إلا في يدي بطل

    أيها الجيل:
    المسلمون جسد واحد.. ودار الإسلام دار واحدة.. لا تقبل القسمان..!! فإذا حاول تفريقها محاول.. سفهته السواحل باتحاد أمواجها.. وصدمته الجبال بتناوح أثباجها.. واشتباه فجاجها.. وكذبته الصحاري بسرابها وسراجها.. ومراتع غزلانها ونعاجها ومراعي أذوادها وأعراجها..

    لن نبلغ الآمال في دربنا ** ما لم نوحد سيرنا في اللقاء


    وهل يهز العضو إذا لم ** تكن الأعضاء ذات التقاء

    إن الخلاف جبن وفشل وذهاب ريح.. والشاهد وحي الله.. لا يكاد يذكر الأحزاب بلفظ الجمع إلا في مقام الهزيمة والخلاف(فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ).. ولا يكاد يذكر الحزب بلفظ مفرد إلا في مقام الخير والفلاح(أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).. لقد مللنا جمع التكسير لكثرة ما تردد.. وسئمنا منه لكثرة ما تعدد ونتطلع لجمع السالم الصحيح يحدوا ويغرد..
    إن التفرق شر كله.. وشره ما كان في الدين.. وأشنعه ما كان عن هوى.. ونتيجته التعادي.. وأثره السخرية من الدين.. وما أعظم جناية مسلم.. يقيم من عمله الفاسد.. حجة على دينه الصحيح..

    إذا افترقت آراء قوم تشتتوا ** ولم يرجعوا إلا بعار التخاذل

    نريد مواجهة عدونا فلا يكون بأسنا بيننا..
    نريد إقامة فرض فلا تشغلونا بالخلاف في نافلا..
    نريد بالإسلام العاليا فلا تنزلوا به بالخلاف السافلا..
    الخلاف شر كله والعدو يستهدف الجمع كله(وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ)..

    أرضنا أرض كتاب الله فيها**كملت دائرة الوحي الأخيره


    شهدت مبعث خير الناس لما**تتمم الأخلاق في أكرم سيره


    يئس الشيطان أن يعبد فيها**فانبرى يطلب تفريق العشيره


    اجمعوا الآراء كي نبي بناءا**دونه تهوي الأساطيل المغيره


    واحذوا أن يوقد الشيطان فيكم**لهب التحريش يا أهل الجزيره


    فاتِقوا أكناف ورد الحب**حتى يجد البائس والشاتي عبيره

    أيها الجيل:
    ما غرد بلبل بغير حنجرة

    قل من يحتقر الليث تقدم ** حينما تسمع عن قرب زئيره

    والله لن نجاري الأمم ونفوقها في ميادين الحياة.. إلا((بالإسلام وأخلاقه)).. فإن لم يكن فنحن هازلون في جد الزمان..!! مغترون بالخوف بعهده الأمان..!! سائرون إلى الورا بهدى الشيطان..!! من تطلع إلى ثوب العز فليحكه بأنامله..
    وليجلبه بعوامله وإلا فشاعر الذي يقول: ما حك جلدك صارخ في واد ** وسيبويه نافخ في رماد

    يا من يداوي الجرح من دائه ** مهلا فلن تحظى بطعم الشفا


    ماذا يفيد الظامئين المنى ** إن لم يروا ماء بذاك السقا


    أيها الجيل:
    ظل سبيل من وها سقائه.. ومن أريق بالفلاة ماؤه.. لا تطلب الحكمة من عند غيرك.. فعندك معدن الحكمة كتاب وسنة.. لا تتطفل على موائد الغير فعندك الجفنة الرائدة..
    هل يطلب الماء ممن يشتكي عطشا**أو يطلب الثوب ممن جسمه عاري
    العمل.. العمل.. بكتاب الله تلك نصرته حقا(وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً).. لا تكونن كبارق ليس في برقه ندى..!!

    أوقد من الحق للراجين نبراسا ** واقرع لإيقاظ أهل الكهف أجراسا

    وأبشر...........أبشر فإنك رأس والعلا جسد ** والمجد وجه وأنت السمع والبصر
    ولم تزل نخلة الإسلام باسقة مليئة بعذوق التمر والرطب.. وإن الفقاقيع تطفوا ثم يمضينا..!!
    لا يأس.... فالنخلة الشماء كانت بذرة تحت التراب والموجة الرعناء كانت قطرة فوق السحاب..!!
    لا يأس... فالفجر يولد رغم أشباح الظلام والشمس تشرق رغم أطباق القتام..!!
    لا يأس... فالريح لا تهوى سوى قمم الجبال والطير لا ترقى سوى الشجر الطوال والورد لا يزدان إلا فوق أطراف التلال..!!
    لا يأس... إن أظلمت فستنجلي وكمثل ما حملت تضع..!!
    لا يأس... إن ضاقت الأرض على بلبل فسوف يشدو في رحاب السماء..!!
    أيها الرافع في وجه غصون الشوك ما أخفيت بال....!
    إنني أملك في وجه المآسي السود رايات اتزان.....!
    إنني أبصر شمسا تشرئب الأرض في شوق إليها يتسامى الأخشبان.....!
    وأرى نهرا من النور يغني فيتيه الشاطئان......!
    وأرى القصواء تحيي في رمال البيد أقوى مهرجان......!
    وارى بلقاء سعد وأبا محجل والسيف اليماني وأطراف السنان.....!
    وأرى اليرموك تستعذب صوت النهروان......!
    أيها الرافع في وجه غصون الشوك ما أخفيت بان.......!
    مرحبا بالموت في عز ويا بعد هوان.......!
    (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)..
    هو الله الذي يخشى..
    هو الله الذي يحيي..
    هو الله الذي يحمي..
    وأهل الأرض كل الأرض.. لا والله ما ضروا ولا نفعوا.. ولا رفعوا ولا خفضوا.. فما لاقيته في الله فلا تجزع ولا تيأس(وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئا ً)..

    سيروا فإن لكم خيلا ومضمارا ** وفجروا الصخر ريحانا ونوارا


    وذكرونا بأيام لنا سلفت ** فقد نسينا شرحبيلا وعمارا

    وإن الفجر مرتقب بلا ريب سيأتينا ** ويملأ نوره أرجاء هذي الأرض يحيينا
    وإنا لنأمل نصر الليوث وأن يلقم الحجر النابح..!!... إلهنا قد تم ما أردنا وغاية انتهائي ما قصدنا...
    إيماض لمع ومر.. نقطة من يم.. وقرطعب من جم وعبر.. ووخز إبر.. وجمل من الأخلاق سمعنا ومبتداها ولا زلنا في انتظار الخبر.. فإيعاب هدي المصطفى وخلاله عسير.. فمن يقوى على حصر الأنجم.. أرجوا الله أن يهز بهذا الإيماض جامدا.. ويؤز إلى الخير خامدا.. لنجني شيئا من ثمرة النية.. ونغير أواخر الأسماء المبينة.. فإن تم فبيان وتوكيد.. وذاك ما نريد.. وإلا فهو بث ونفث.. ومعراج صعود لمن يريد.. ربما تبلغ يوما كلماتي للقلوب.. والله يقضي بهبات جمة.. لي ولكم ولجميع الأمة.. ونسأل الله القبول والرضا.. والختم بالحسنى إذا العمر انقضى.. اللهم إليك نشكو ضعف قوتنا.. وقلة حيلتنا.. وهواننا على الناس.. أنت رب المستضعفين وأنت ربنا وأنت أرحم الراحمين.. نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات من أن تنزل بنا غضبك.. لك العتبى حتى ترضى.. ولا حول ولا قوة إلا بك.. يا من لا يهزم جنده.. ولا يغلب أولياؤه.. أنت حسبنا ومن كنت حسبه فقد كفيته.. حسبنا الله ونعم الوكيل.. حسبنا الله ونعم الوكيل.. حسبنا الله ونعم الوكيل.. والحمد لله على إتمامه.. ثم صلاة الله مع سلامه.. على النبي وأله وصحبه وحزبه وكل مؤمن به.. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك..

    ~~~**--**--**--**~~~



    لسماع المحاضرة


    من هنا

    *لا تنسونا من صالح دعائكم*
    حبُ الصحــابة والقرابةِ سُنَّةٌ ... ألقى بها ربي إذا أحياني
    فكـأنما آل الرسـول وصَحبه ... روحٌ يضم جميعها جسدان
    يـا أهل بيت رســول الله حُبكمُ ... فرضٌ من الله في القرآنِ أنزلهُ
    يكفيكمُ من عظيمِ الفخـر أنكمُ ... من لم يُصلِ عليكم لا صلاة لهُ
    حب الصحابة كلهم لي مذهبٌ ... ومودةُ القربى بها أتوسلُ

  5. #5
    الصورة الرمزية أحْـــــمَـدْ
    أحْـــــمَـدْ غير متصل عضو قدير ومراقب عام سابق
    oOo غـريبُ الـرُّوح oOo
    التسجيل
    11-08-2004
    الدولة
    .َ أحلق بحثا ً عن أرواحٍ تـُضئ جوانحَ روحي بأنوار محبتها .َ
    المشاركات
    2,433

    . جزاكَ اللهُ خيرا ً ،،

    بِسْمِ اللـَّهِ الرَّحـْمـَنِ الرَّحِـيمِ
    السَّـلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّـهِ وَ بَرَكَاتُه



    . لا إله إلا الله ، يا لها من قلوب ذابت شوقا ً و حبا ً ، و احترقت ألما ً و حزنا ً ، يا لها من قلوب رقراقة ،،

    . حفظ الله الشيخ من كل مكروه و سوء ، و زاده الله إيمانا ً و خشوعا ً و تقوي ،،

    . جزاكَ اللهُ خيرا ً أخي الحبيب في الله ، غفر اللهُ لكَ و تابَ عليكَ و رزقكَ محبته و رضوانه ،،


    ... لاَ تَنْسَاني مِنْ دَعْوَةٍ ضـَارِعـَةٍ خَالِصَةِ صَالِحَةٍ بِظَهْرِ الْغَيْبِ ...
    ... وَ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْراً ...

    ... وَ السَّـلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّـهِ وَ بَرَكَاتُهْ ...
    ... أَخُوكَ المـُحبُّ لكَ فِى اللَّه ...

  6. #6
    التسجيل
    09-08-2004
    المشاركات
    13,035

    رد: ... فصاحة الشيخ علي القرني و إيماض البرق

    (وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئا ً)..

  7. #7
    الصورة الرمزية أحْـــــمَـدْ
    أحْـــــمَـدْ غير متصل عضو قدير ومراقب عام سابق
    oOo غـريبُ الـرُّوح oOo
    التسجيل
    11-08-2004
    الدولة
    .َ أحلق بحثا ً عن أرواحٍ تـُضئ جوانحَ روحي بأنوار محبتها .َ
    المشاركات
    2,433

    ...،،

    بِسْمِ اللـَّهِ الرَّحـْمـَنِ الرَّحِـيمِ
    السَّـلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّـهِ وَ بَرَكَاتُه



    إلي المميزة بجدارة ، و إن كان يستحقُّ أكثرَ من ذلك ،،


    ... وَ السَّـلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّـهِ وَ بَرَكَاتُهْ ...

  8. #8
    التسجيل
    27-11-2007
    المشاركات
    4

    رد: .. فصاحة الشيخ علي القرني و " إيـماضُ البرقِ في خـُلقِ سيِّدِ الخـَلْق "

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    و الله اخي الحبيب في الله إن الموضوع جميل جدا جدا و الله يقدرك على المزيد من هذه المواضيع المهمه جدا جدا 000 و أتحفنا بالمزيد أخي بارك الله فيك ولك الأجر إن شاء الله تبارك و تعالى 000

  9. #9
    التسجيل
    30-06-2004
    الدولة
    مُسْـلِمٌ مِنْ أُمَّةِ الإسِــلامِ
    المشاركات
    3,266

    رد: .. فصاحة الشيخ علي القرني و " إيـماضُ البرقِ في خـُلقِ سيِّدِ الخـَلْق "













    أخــــــــــى الكريم الفاضل







  10. #10
    الصورة الرمزية annabi
    annabi غير متصل عضو مميز في المنتدى الإسلامي
    التسجيل
    19-02-2006
    المشاركات
    749

    رد: .. فصاحة الشيخ علي القرني و " إيـماضُ البرقِ في خـُلقِ سيِّدِ الخـَلْق "

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    جزاكم الله خيرا على مروركم العطر اخوتي واعتذر عن بعض الأخطاء في الكتابة باذن الله يتم تصحيحها لما يكون وقت بارك الله فيكم جميعا
    حبُ الصحــابة والقرابةِ سُنَّةٌ ... ألقى بها ربي إذا أحياني
    فكـأنما آل الرسـول وصَحبه ... روحٌ يضم جميعها جسدان
    يـا أهل بيت رســول الله حُبكمُ ... فرضٌ من الله في القرآنِ أنزلهُ
    يكفيكمُ من عظيمِ الفخـر أنكمُ ... من لم يُصلِ عليكم لا صلاة لهُ
    حب الصحابة كلهم لي مذهبٌ ... ومودةُ القربى بها أتوسلُ

  11. #11
    التسجيل
    14-10-2004
    الدولة
    في دار زايد .......في.بيت الوالد
    المشاركات
    900

    رد: .. فصاحة الشيخ علي القرني و " إيـماضُ البرقِ في خـُلقِ سيِّدِ الخـَلْق "

    السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
    كنت اظن ان مثل هذه الفصاحه قد لاتولد مجددا وابدا
    ولكن الحمد لله ربي بارك له واكرمه بلبلاغه والفصاحه وليس اي فصاحه
    جزاك الله خير اخوي
    اذا كتبت بهذا اللون يعني انا مستانسه ^^
    واذا كتبت بهذا الون يعني متضايقه ^^
    واذا كتبت بلوني المفضل والاسود يعني مافي في راسي شي **
    سبــــــــــــــــــــــــحان الله وبحمده سبــــــــــــــــحان الله العظيم
    ولا اله الا الله وحده لا شريك له محمد عبده ورسوله


  12. #12
    التسجيل
    28-04-2007
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    147

    رد: .. فصاحة الشيخ علي القرني و " إيـماضُ البرقِ في خـُلقِ سيِّدِ الخـَلْق "

    ما شاء الله بلاغة ماسمعت مثلها وفصاحة منقطعة النظير لله در الشيخ علي القرني أمازال في الأمة من أشباه هذا الرجل ؟ اذن الأمة بخير وألف خير .. يعلم الله اني لم اسمع باسم الشيخ الا في الاسبوعين الذين خليا فلا اعلم انحن المقصرين في ان نبحث عن أسود التوحيد من أمثال الشيخ ام ان المسؤولية تقع على المشايخ انفسهم لانهم تركوا الاعلام للرويبضة يصولون ويجولون لان الاعلام في عالمنا يرسم للاعدام فلا يبرز الا الذئاب ولا يلمع الا اللئام بارك الله في مجهود الاخ annabi فقد عودنا على ماهو مفيد وغير مرئي فجزاك الله خيرا على التوجيه الطيب المبارك ونفع الله بك




    فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ..أسدا تخلف بعدها أشبالا.


  13. #13
    التسجيل
    02-01-2008
    الدولة
    فــ الـدنيـا: ـالإماراتـ ... بـ عـدهـا فـ القـبـر اللـه يرحمنا برحمته
    المشاركات
    21

    رد: .. فصاحة الشيخ علي القرني و " إيـماضُ البرقِ في خـُلقِ سيِّدِ الخـَلْق "

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    جزاك الله خيرا على هذا المجهود
    وجعله في ميزان حسناتك

  14. #14
    التسجيل
    14-12-2007
    المشاركات
    26

    رد: .. فصاحة الشيخ علي القرني و " إيـماضُ البرقِ في خـُلقِ سيِّدِ الخـَلْق "

    جزاك الله ألف خير أخوي


    موضوع جدا رائع ,,,,

    وهكذا جميع محاضرات الشيخ لا أستطيع فهمها حتى أستمعها أكثر من مره ,,,,

    الله يزيده من فصله ,,,,



    تقبل مروووري ,,,,
    أخوك ,,,, كيلو استهبال ,,,
    التعديل الأخير تم بواسطة كيلو استهبال ; 09-01-2008 الساعة 04:02 PM

  15. #15
    التسجيل
    21-01-2007
    الدولة
    فلسطين
    المشاركات
    122

    رد: .. فصاحة الشيخ علي القرني و " إيـماضُ البرقِ في خـُلقِ سيِّدِ الخـَلْق "

    جميل ما كتبه ...............ز وما افصح لسانه

    يبدو ان عائلة القرني يمبلكون موهبة الفصاحة والبلاغة فهناك ايضا الشيخ عائض القرني وانا جدا من المعجبين بعلمه وفصاحته وكتبه وانسان فعلا رائع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •