قصة خبز فداء
ود حين جاذبه أطراف الحديث عن تلك الايام لو يدعه يتصرف كطفل فيبكي ... انه يشعر بالدموع تنحبس و تغرق عينيه , فيدير رأسه و يمسحها بطرف كمه , و يروح يدارؤي المه الخجول بأن يمد رأسه من فوق المتاريس , ثم يلتفت لرفاقه فيجد في سكوتهم تفجعا يدفع الدمع الى عينيه ثانية. و يرى في كل شيء في الليل الصامت الذي يطل عليه هلال غائم بعيد , الما يجسد انحاقه...و كأن كل ما في الون يدري بأن له حكاية, و أن أكثر ما يشتهيه في هذه اللحظة أن يمارس ترف الحزن بتلقائية . فهو الساعة أضعف من أن يصطنع أي جبروت وأكثر ما يريده هو أن ينفض اخوانه من حوله قليلا ليعود انسانا يخلع قناع الصلابة و يبكي بلا خجل . ورفع كمه يمسح عينيه , و أحس بخيوط القميص الصوفي تخدش عينيه... و تذكره بتعويذتها التي يلبسها و التي سترد عنه-كما قالت- كل رصاصة غدارة.
أجل انه يتذكر تلك الليلة ...
ليلة كهذه هلالها صغير, و بردها يقرص الاجساد,وكان مكلفا بحراسة مستشفى صغير أقامه جيش الانقاذ في بيت من بيوت المدينة , مؤلفا من اربع غرف حجرية و حديقة صغيرة. وكانت اسرة المستشفى الشمالية مشغولة بثمانيية جرحى حملهم اخوانهم بعد معركة انصبت النار فيها من مستعمرة(نهاريا)اليهودية, على القرى العربية في قضاء عكا , و أحضروهم ليسعفوا في المستشفى . ثم اختاره لجنة الانضباط ليقوم بحراسة المستشفى الواقع في طرف من اطراف المدينة طفرقت فيه البيوت و تباعدت .
أجل باردة كانت الليلة, و لم تحمه كوفيتة و لا معطفه السميك من وخزات البرد اللاذع , فكان لايفتأ يتمشى ليمنع الدم من أن يتخثر في شرايينه , ثم يعود اذا ما تعب ليتكئ الى جدار المستشفى قريبا من الباب , ويراقب من بعيد دور المدينة التي تنام نوما تهدده اية غارة مفاجئة ,ولايدري كم كانت الساعة بالضبط , فقد خبت الانوار الا تلك التي تتوج اعمدة الطرق العامة , و سكت اللية الا من اصوات ابن آوى , هذه التي تبلغه من بعيد...
أجل , لا يدري كم كانت الساعة بالضبط , حين شعر بها الى جانبه في ثياب التمريض البيضاء , تسأله ان كان يريد فنجان من الشاي , انه لم يفكر في الشاي و لا في اي شيء اخر ... ولكنه احس بأنه يريد اي جسم حار يشد اليه اصابعه المقرورة.فقبل شاكرا ,ولما عادت تحمله اليه,جرعه في اربع رشفات حتى لا يدعها تنتظر طويلا,ولما رده اليها فارغا غمغم بكلمة شكر,ولكنه فكر بعد ان انسحبت بانه كان من المناسب ان يلاطفها بسؤال ,وادار راسه يبحث عن ظلها خلف النافذه,ولكنها لم تلح.وفكر في ان يشكرها في الصباح...


ولكن من عساها تكون؟...ان هناك ممرضتين,وهو لم ير منها الا بياض ثوبها.ولكنه في الليلة الثانيه عزم ان يكون اكثر طراوطة لو حملت الشاي...وانتظر طويلا ولكنها لم تحضر ....وقال في نفسه :إنها مشغولة عن شايه بمن هم احوج الى عطفها ....فلماذا لا يطرق الباب ويطلب الشاي بنفسه؟واستحيا