عمر بن لادن: إبن أسامة المسالم أو المضلل المعلوماتي للقاعدة؟

بقلم



مايكل شوير

الرئيس السابق لوحدة بن لادن

خلال الأشهر الأخيرة, كان عمر بن لادن البالغ من العمر 26 عاما – أكبر أبناء أسامة بن لادن – عنوانا رئيسيا في الصحف حول العالم لزواجه من جدة بريطانية عمرها 51 عاما و يبدو ذلك كأنه لاجئ من زمن الستينات في سان فرانسيسكو, حاثا أبيه على إعطاء السلام فرصة. بشعره الطويل الضفائر, سافر عمر عبر أوروبا و الولايات المتحدة في جاكت جلدي و جينز مصمم, داعيا للمصالحة بين الإسلام و الغرب. بشكل عام, تعامل معه الإعلام كنوع من الشذوذ – و ربما سيكون كذلك. و لكن لكون في العالم العربي الدم دائما أغلظ من الماء, و الدين يغلظ الدماء أكثر, قد يكون عمر بن لادن لا يزال يساعد والده.منذ زمن رسالة سن تزو في القرن السادس قبل الميلاد حول "فن الحرب" إلى الوقت الحالي, كانت الخديعة هي أداة الحرب الرئيسية. بطبيعة الحال, عندها, ينشأ السؤال: ماذا لو كان عمر بن لادن يعمل لجبهة القاعدة الدعائية؟ ماذا لو, بدلا من كونه هاو ثري الذي يتمنى أن يكون "سفير سلام للأمم المتحدة", هو لا يزال إبن أبيه, رجل شاب تلقى ست سنوات من تدريبات التمرد في أفغانستان – عندما كان يعيش في منزل أيمن الظواهري – قبل أن يغادر إلى العربية السعودية في 2000؟ ماذا لو كان يكذب حول عدم إتصاله بأبيه منذ ذلك الوقت؟ ماذا لو كان عمر يتلاعب بالغرب – و خصوصا الأوروبيين – كالمغفلين؟هذا الطبع تخمين, و لكن ثلاثة عوامل سوى روابط الدم تجعل منه يستحق الإعتبار. أولا, للقاعدة تنظيم إعلامي معقد و سيكون من الحماقة و الخطورة أن نعتقد أنها لا تستخدم خبرات التضليل المعلوماتي. ثانيا, مشى عمر في خط حذر جدا في مناقشة أنشطة أبيه و القاعدة, مشيرا إلى أنه حزين بسبب الدماء المسفوكة على الجانبين, و لكنه كثيرا ما يشير إلى الهجمات الولايات المتحدة على المسلمين و الحب الذي يكنه لأبيه. ثالثا, هناك سوق في بعض الدول الأوروبية و الإعلام لفرد يرفع أمل لتسوية سلمية مع القاعدة و حلفاؤها يمكن الوصول إليها سواء عن طريق المفاوضات أو الإسترضاء.أحد أكثر بيانات القاعدة صراحة حول إستخدام معلومات مفصلة لجمهور معين قدمها كاتب مقالات في القاعدة يسمى أبو عبيدة القرشي. في يناير 2002م, شرح القرشي أن كلمات أسامة بن لادن في خطاباته الصوتية مصاغة لمختلف الجماهير. "الشيخ يخاطب عدة أنواع من الناس", حيث كتب:"بعضهم بين صفوف المجاهدين, لذلك يخاطبهم لرفع معنوياتهم و حثهم على العمل. غيرهم معترض أو في شك, لذلك يخاطبهم الشيخ لإنهاء شكوكهم حول بربرية أمريكا. بعض كلماته موجهة مباشرة لأعدائه (في حالة الولايات المتحدة). لذلك أظهر علامات من الضعف في خطابه. كان يستطيع أن يعطي إنطباعا مختلفا لو أراد. يمكن أن نجد تفسير ذلك في كتاب "فن الحرب", الذي ذكر فيه المؤلف أنه عندما يكون عدد الأعداء كبيرا جدا و نتيجة المعركة غير مؤكدة من المهم أن "تظهر التواضع لتقود العدو للشعور بالتعجرف". هذه العجرفة تقود العدو للإهمال, و تعجل الحركة, و السقوط في شرك غير متوقع".سواء كان ذلك أو لم يكن لأن بن لادن " أظهر علامات من الضعف في خطابه" بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لأفغانستان, من غير القابل للجدل أن واشنطن و حلفاؤها كانوا "متعجلين" لموازنة الإستيلاء على المدن الأفغانية مع النصر في الحرب و سقطوا الآن في "الشرك غير المتوقع" لقتال تمرد عميق.في كلماته غير المهددة و مظهره غير الإسلامي, حاول عمر بن لادن إبعاد نفسه عن أنشطة والده و دعا للمفاوضات – مناشدا الغرب – بينما يحتفظ بولائه للرأي المهيمن عند المسلمين بإصراره أن سياسة الولايات المتحدة و الغرب هي هجوم على الإسلام و أن والده في الأصل رجل صالح. بخصوص هجمات 11/9, مثلا, يقول عمر بن لادن أن والده "على صلة به" و بذلك أنه مسئول, و أنه يعتقد أن والده أخطأ عندما أمر بالهجمات (ABC News, 21 يناير). قال عمر للتلفزيون المصري: "صحيح أنني أدين قتل أي مدني أيا كان ... و لكن لو إعتبرنا, من أجل المناقشة, أن والدي إرهابي, عندها يجب أن نعتبر بوش و شارون إرهابيا أيضا". طلب عمر من والده وقف الهجمات و "محاولة إيجاد وسائل أخرى للوصول لأهدافه" مضيفا "أن هذه القنابل, و الأسلحة ليست جيدة لأحد" و أن على الغرب كذلك أن يأخذ بهذه النصيحة و إتباع سوابقه بمفاوضة من إعتبرهم إرهابيين, كما في حالة غيري آدمز و سين فين, جناح الجيش الجمهوري الإيرلندي. (القناة الأولى المصرية, 28 يناير, MENA, 29 يناير) و يختم عمر بياناته بثبات بإظهار حبه لأبيه. حيث قال في نهاية يناير "أبي رجل صالح جدا, لا زلت أحبه كثيرا, من كل قلبي ... و أنا سأخبئه لو إقتضت الضرورة". (ABC News, 21 يناير)بحكم إحاطته بالجانبين, يبدو عمر يركز على مناشدة الرأي العام الأوروبي بطريقة تفصل الأوروبيين عن الولايات المتحدة. إنه يؤكد أن واشنطن تسعى للسيطرة على نفط المسلمين, و أن الناخبين الأمريكيين يدعمون "سياسة بوش الظالمة", و أن التفاوض مع القاعدة هي "قضية دولية شرعية" لمجلس الأمن, لو سمح الزعماء الأمريكيين له بالتدخل. في مواجهة هذا العنوان الأمريكي, يذكر عمر الأوروبيين أن والده سبق أن عرض عليهم هدنتين إذا نأوا بأنفسهم عن أعمال الولايات المتحدة. (القناة الأولى المصرية, 28 يناير, The Post, 13 مارس)إذا عمر بن لادن واجهة لرأي القاعدة المشابه للرأي الأوروبي – الذي يزيد خوفه من الإسلام و يبحث عن السبل لتهدئة المتطرفين – لديه بوضوح ساحة لينشط فيها حيث فكرة المفاوضات مع القاعدة, و حتى الإسترضاء, ستجد جمهورا, فخلال الشهور الأخيرة, مثلا:- إعترفت السلطات البريطانية أن التمرد الإسلامي يتصاعد في المدن الرئيسية و هناك مناطق "يمنع دخولها" و ان بعضها خارج سلطة الشرطة البريطانية. في رد على ذلك, دعا أسقف كنتاربري أنه جاء الوقت لإدخال قوانين الشريعة إلى النظام القضائي البريطاني لأن "قانون واحد للجميع ... فيه شيء من الخطر", و في مجهود لتهدئة غضب المسلمين, منعت وزارة الداخلية البريطانية, مصطلح "الحرب على الإرهاب" – واصفة إياه "باللغة العدوانية" – و إستبدلت مصطلح "الإرهاب الإسلامي" بعبارة "النشاط الإسلامي المعادي". (Timesonline, 16 مارس, BBC, 8 فبراير, Guardian, 4 فبراير, Daily Mail, 17 يناير)- السلطات التعليمية الألمانية أمرت بتعليم الإسلام كجزء من المنهج الدراسي في البلاد لجميع الطلبة. و يتم القيام بذلك من أجل أمل إندماج أفضل للمسلمين في المجتمع الألماني, و ضمان تعليم نسخة من الإسلام موافق عليها من قبل برلين, و منافسة ما يسمى "دعاة الكراهية الإسلاميين". قال وزير الداخلية وولفغانغ سشاوبل "في المستقبل القريب, سيكون هناك دروس للديانة الإسلامية في المدارس الألمانية". (Euronews, 13 مارس, Deutsche Welle, 13 مارس)- ذكر أن المسئولين النمساويين يتفاوضون حول مطالب فدية مباشرة مع مقاتلي القاعدة في الجزائر الذين إختطفوا سائحين نمساويين في تونس في منتصف مارس. يدعي الإعلام أن فيينا "تحاول تهدئة" الإسلاميين الذين يحتجزون السائحين, و يستخدمون المساعي الحميدة للمسلمين المقيمين في النمسا لتمديد الموعد الأخير للمفاوضات. (elkhabar.com, 16 مارس)- في منتصف مارس قال جوناثن باول, معاون كبير لرئيس الوزاء السابق توني بلير, أنه "من الضروري الإحتفاظ بخط إتصال مفتوح مع الجماعات الإرهابية". مستشهدا بتعاون لندن مع جيري آدمز و الجيش الجمهوري الأيرلندي, و إدعى باول "أنه في مرحلة ما سيتوجب علينا أن نصل إلى حل سياسي كما الحل الأمني". و أيد موقف باول وزير الأمن, لورد ويست, الذي قال أنه سيكون من "السذاجة" أن لا يكون لدينا "طريقا خلفيا" إلى القاعدة و غيرها من الجماعات الإرهابية. (Daily Telegraph, 15 مارس, BBC, 17 مارس)بعد كل ما قيل من غير المحتمل أن نعرف إذا كان عمر بن لادن سعوديا لا نفع منه أو مروجا دعائيا للقاعدة, في بعض النواحي ذلك لا يهم. سواء كان يعمل للقاعدة أو بكل بساطة ساعيا وراء حلمه "أن يعمل وسيطا" بين أبيه و الرئيس بوش, عمر يعبر عن أفكاره التي هي موضوعات شائعة مسبقا عند الرأي العام الأوروبي بينما يزيد من الخوف من حرب لا نهاية لها مع الإسلام.إن حضور عمر و كلماته العلنية و نشاطاته في أوروبا - و خصوصا في المملكة المتحدة – سيزيد من الضغط الشعبي على الحكومات القلقة من تنامي التمرد الإسلامي المحلي و التي تبحث عن مخرج من الدور الذين تلعبه في الخارج الحرب على الإرهاب التي الولايات المتحدة. عن نشرة TERRORISM FOCUS, عدد 18 مارس 2008م

http://www.jamestown.org/terrorism/news/article.php?articleid=2374043