هذه هي المشاركه الاولى لي هنا لا تبخلوا بالردود

محطة القطب الشمالي

الزمان: 2700
المكان : محطة الفضاء المستقلة (( القطب الشمالي )) في مدار فضائي بين كوكب الأرض والمريخ


كان الأسبوع الأول من عمل المحطة منذ بداية تشغيلها الرسمي كانت هذه المحطة حديث أهل الأرض جميعهم بلا استثناء حتى قبل بدء تشغيلها فقد كانت اكبر مشروع يتم تصميمه وتنفيذه في الفضاء منذ بدء استعماره كان بعضهم يرى أنها مضيعة للجهود والأموال بينما كان يرى آخرون أنها علامة فارقه في تاريخ البشرية وآخرون كانوا يتحرقون شوقا للذهاب إليها ولم يطيقوا صبرا منذ أن أعلن عن طرح تذاكرها فكانوا يتخاطفونها ويبحثون عن تذاكرها كما المجانين .


في نهاية الأسبوع الأول من عملها ذهل معظم المسافرين الذين كانوا على متنها عندما اكتشفوا أنهم سيحتاجون إلي وقت أطول لاستكشاف أجزائها فقد كانت بالفعل ضخمة البناء لذلك أصيب بعض الركاب بخيبة أمل ممن كانت تذاكرهم تحمل تقييما زمنيا لرحلتهم محدد باسبوع لذلك كانوا سيغادرون من دون أن تتاح لهم ألفرصه لاستكشاف بقية أجزائها .



" هيا يا أطفال اسرعو من هذا الاتجاه سنحصل على منظر جميل من هنا " هكذا خاطبت السيدة أمينه أولادها الثلاثة سامي ويبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما وهناء عشرة أعوام وسارة الصغيرة ستة أعوام و كانت تحثهم على الإسراع أثناء توجهها إلي القبة الفضائية المفتوحة حيث كان بإمكانهم مشاهدة الأجرام السماوية بشكل واضح وجميل " ما أجملها " هكذا علقت السيدة أمينه على المنظر الخلاب الذي كانت تراه أمامها ثم أضافت قائله :
" في الرحلة القادمة يا أعزائي ساصحبكم إلي المريخ وسنستمتع كثيرا بوقتنا هناك . "
هناء : " ولكننا يا أمي حصلنا على تذاكرنا هذه عن طريق لجان خيريه وتعرفين السبب وأنت الآن تتكلمين عن المريخ إن تكلفة الذهاب إليه هي عشرة أضعاف من أي مكان آخر ! "
الأم : " ولكننا سنكون حينها أغنياء يا عزيزتي وستنتهي كل همومنا " رددت والدتهم الكلمات الاخيره بمرارة وهي تنظر إلي ابنها سامي .
والحقيقة أن ابنتها هناء كانت محقه في الأمر فهم في الأساس قد حصلوا على تذاكر المحطة من لجنة خيريه تعمل في حييهم كهدية تقديرا منهم للحالة الصحية للابن الأكبر سامي الذي كان يعاني من حالة مرضيه في قلبه لا علاج لها وكان الشيء الوحيد الذي يعتمد عليه سامي للتخفيف من حالته أقراص دوا ء يحتفظ بها في جيبه ولذلك قرر الجميع في حييه الذي يعيش فيه تحقيق أمنية غالية على نفسه فقد كانوا يعلمون كم هو مغرم بعلم الفضاء وكل ما يتعلق به لذلك نظموا حملة للتبرعات وقاموا بتجميع المبلغ المطلوب لسفر العائله في رحلة خياليه لمدة أسبوعين .
أدركت هناء أن أمها كانت تتمنى فقط لأنها تعرف مدى صعوبة إيجاد علاج لشقيقها أو حتى الحصول على مال لذلك اكتفت بهذا القول حتى لا تضايق والدتها بينما نظر إليها شقيقها بنظرة عتاب لأنها ذكرت والدتها بواقع حالهم المؤلم خاصة وأنهم شاهدوا دمعة تنحدر على خدها بعد عبارتها الاخيره حلت فترة صمت قصيرة بين الجميع قطعها عليهم النداء الآلي من أرجاء المحطة:
" انتباه...... يرجى من المسافرين الصغار في السن ممن تبلغ أعمارهم الثامنة عشر وما دونها التوجه إلي الأقسام المخصصه لراحتهم برفقة الرفيق الالى الذي سيأتي لاصطحابكم وشكرا "
تكرر النداء على هذه الهيئة ثلاث مرات لدرجة أن الصغيره سارة قامت بسد أذنيها حتى تتفادى الإزعاج الذي كان حاصلا بسبب الصوت الضخم الذي كان يعم أرجاء المكان وأبدت انزعاجها :
" لست افهم لم علينا الذهاب كل ست ساعات إلي النوم "

حاول شقيقها أن يبسط لها الأمر قدر الإمكان ويشرح لها الأمر
سامي:" هذا الأمر لمصلحتنا يا عزيزتي ينبغي أن نحافظ على نظام نومنا في الفضاء حتى لا نواجه مشاكل في النوم عندما نعود إلي الأرض "
أبدت الصغيره اقتناعها بكلمات شقيقها ومدت يدها الصغيره إليه لكي يمسكها في تلك اللحظه اقبل عليهم المرافق الآلي الذي كان معينا لهم .

كان المرافق الآلي الذي رحب بهم عبارة عن هيكل معدني وقد تم تغليفه بطبقة جلد مطاطية حتى يبدوا شبيها بالبشر ويرتدي زيا موحدا للآليين حتى يميزهم الجميع في المحطة عن غيرهم من البشر الحقيقيين ثم طلب منهم بلين أن يرافقوه إلي القسم خمسه وقام بحمل الصغيره سارة عندها قام الأطفال بالتلويح لوالدتهم مودعين غير مدركين أن هذه المرة ستكون المرة الاخيره التي سيرون بها أمهم على متن المحطة .

على الرغم من أن الأطفال قد صار لهم على متن المحطة أسبوعا كامل وأصبحوا يعرفون جيدا الطريق إلي أقسام النوم إلا انه كان دائما يحضر إليهم مرافق إلي يقوم بتوصيلهم مما كان يثير فضول هناء لمعرفة السبب

هناء: " هل تحمل اسما أيها الآلي ؟ "
المرافق : " احمل رقما تصنيعيا ! "
هناء : " ما هو ؟ "
المرافق: " الرقم ثلاثة وثلاثون ! "
هناء : " هل استطيع أن أسالك سؤالا ؟ "
المرافق : " طبعا تفضلي أنا مبرمج للإجابة عن جميع استفساراتكم "
هناء: " لماذا سميت المحطة الفضائية بهذا الاسم ( القطب الشمالي ) انه اسم غريب أليس كذلك ؟؟!!"
المرافق : " حسنا لقد تم تسميتها بهذا الاسم لأنه قبل مئات السنين كان القطب الشمالي على كوكب الأرض هو آخر الأماكن المستكشفة بالاضافه إلي الظروف الصعبة التي كان يواجهها من يقرر الذهاب إليه وكان الجميع يتوقع فشل محطات الأبحاث الأولى التي تم وضعها فيه ولكن ذلك لم يحصل بل أصبح مركزا مهما لدراسة الأرض واستمر لفترة طويلة من الزمن ..... وهذا بالضبط ما يعتقده مؤسسوا هذه المحطة ستكون حلقة الوصل العظيمة بين الأرض والكواكب الاخري ومكانا جيدا لدراسة الفضاء !"
هناء: " لا زلت اعتقد انه اسم غريب !"
في تلك الأثناء لفت انتباه هناء مجموعه من الأطفال كانوا يسيرون باتجاه قسم آخر ولم يكن معهم مرافقين آليين ووجدتها فرصة مناسبة لطرح سؤالها على المرافق الآلي :

هناء: " هؤلاء الأطفال الذين مروا بنا هل شاهدتهم ؟ "
المرافق: " ما بهم ؟ "
هناء: " لم ليس معهم احد من المرافقين الآليين ؟ "
المرافق: " إنهم من الأقسام الأولى في هذه المحطة وبعض القوانين لا تنطبق عليهم "

عندها أحست هنا بالغضب من إجابة المرافق:
" أتقصد أن تقول بأنكم ترافقوننا لأننا من الفقراء لعلكم تخشون أن نسرق شيئا من محطتكم "
حاول أخاها أن يهدئ من ثورتها ولكنه فشل كانت هناء دائما بطبعها تكره الظلم والتمييز بين الناس لذلك لم تكن متقبلة لما قاله المرافق الآلي لها
لم يفهم المرافق الآلي لم كانت هناء غاضبه وطلب منها أن تخفض صوتها ولكنها لم تستجب وسرعان ما اجتمع من حولها مجموعه من بقية الأولاد الآخرين من الذين كانوا ينتمون إلي قسمهم بعضهم أيد هناء فيما كانت تقوله والبعض الآخر كانوا يطلبون منها الهدوء حتى لا تتسبب في طرد عائلتها من المحطة بينما اكتفى البقية بالمشاهدة في هذه الأثناء بداء سامي يحس بشعور مؤلم في صدره أن هذه الآلام ليست غريبة عليه و أدرك في الحال أن عليه أن يتناول من أقراصه حتى يزول الألم ولكن الآلام التي كانت تعتريه كانت قويه جدا لدرجة انه انهار على الأرض .
عندها بدأ بعض الصبيه ممن كانوا موجودين بالالتفات ناحية سامي وادركو انه يحتاج إلي المساعده وبدؤوا يسألونه علهم يعرفون علته في تلك الأثناء كانت هناء منشغلة بالنقاش والجدال و بالاضافه إلي ذلك فان الذين تحلقوا حولها حجبوا عنها الرؤية فلم تكن ترى أخاها كان سامي يصارع الموت ويحس بان نهايته اقتربت استطاع سامي إخراج علبة الأقراص لكنه لم يستطع تناولها تنبه احد الصبيه الموجودين إلي ما كان سامي يريد فعله
فسارع لإخراج الأقراص وناولها إلي سامي عند تلك اللحظه انتبهت هناء إلي حالة شقيقها بعدما انفضت المجموعه التي كانت من حولها وذهبوا ليروا ما سيكون من أمر سامي و أدركت هناء صعوبة الحالة التي كان بها شقيقها فأصيبت بالفزع وانطلقت نحوه مسرعة تاركة الرقم ثلاثة وثلاثين وهو يحمل شقيقتها .

عندما اقتربت هنا من شقيقها كان اللون قد بدأ يعود إلي بشرته الشاحبة وبدأ يتحسن وضعه شيئا فشئا حاول سامي الجلوس ولكن الجميع طلبوا منه أن يبقى مستلقيا حتى يأتي المسئول الطبي عن قسمهم ففعل .

لم ينس سامي في تلك الأثناء أن يشكر الفتى الذي ساعده

سامي: " شكرا لأنك أنقذت حياتي "
الفتى: " لا شكر على واجب كل ما في الأمر أنني أدركت انك كنت تريد تناول دوائك "
مع ذلك أنا سعيد لأنك كنت موجودا بالمناسبة أنا ادعى سامي ما اسمك ؟
الفتى: "نادني بالمهرج !"
سامي : " أهذا اسمك فعلا ؟ "
الفتى : "أنا امزح انه لقبي أنا من السيرك الروسي وادعى ايفان"
سامي: "ولكن ما الذي يفعله السيرك الروسي بالمحطة ؟"
في تلك اللحظه قطع عليهما حديثهما وصول المسئول الطبي الذي قام بفحص سامي وبعد الاطمئنان عليه طلب من المرافقين الآليين ضرورة الالتزام بالقوانين وإدخال الأطفال إلي كبسولات النوم الفضائيه التي كانت موجودة في القسم فقد كانت الأقسام عبارة عن مجموعه هائلة من الكبسولات الشبيهه بالتوابيت الحديديه فقد كانت صلبه قاسيه تتحمل كل أنواع الضغوط وقد تم تصميمها بهذا الشكل لكي توفر اكبر قدر من الحماية للأطفال والحقيقة أن الغرض الأساسي من صنعها كان لحماية الأطفال أن تعرضت المحطة لأي نوع من أنواع الكوارث أما النوم فقد كان هدفا ثانويا
قام المرافقين الآليين بإدخال الأطفال إلي كبسولاتهم وكم كانت مفاجأة سارة عندما اكتشف سامي أن صديقه الجديد ينام بالكبسولة المقابله له فنادى عليه قبل أن يغلقوا الكبسولات
سامي: " ولكنك لم تخبرني ما الذي يفعله السيرك الروسي بالمحطة ؟ "
الفتى: " نحن في طريقنا إلي المريخ ! سنقيم عرضا هناك سأخبرك بالباقي عندما نستيقظ "
كان ايفان من عائله روسية متمرسة في فنون السيرك القديمه والحديثة وكان يماثل سامي بالعمر فقد كان والده متمرسا في التأرجح على الهواء بالإضافة إلي والدته.
وشقيقه الكبير كان مروضا للأسود وشقيقتاه التوأمان مرنتان في الألعاب الهوائيه على الرغم من صغر سنهما وأما بالنسبة لايفان فقد كان موهوبا
الشرائط الطويلة الملونه حيث يقوم بتحريكها وتمويجها ويحمل بيديه الاثنتان أكثر من واحده فيخيل للرائي من بعيد بان الحياة قد دبت بها كما الأفاعي ترقص معاه .

بعد فترة هدأ القسم الذي كان ضاجا بالأصوات وخلت ممراته من الأطفال لقد خلد الجميع إلي النوم ومكث كل مرافق إلي أمام المجموعة التي كلف بها من الكبسولات الفضائيه .

في مقر قيادة المحطة كان الضابط المسئول يستمع إلي التقرير الموجز من ملازمه عن أحوال المحطة
الضابط: " هل من شيء يستدعي القلق أيها الملازم ؟"
الملازم " كلا يا سيدي إنما تلقينا هذا التقرير من القسم الطبي لقد أصيب احد الأطفال بوعكة صحية لكنه تحسن الآن والقسم الطبي يرغب بتوقيعك على التقرير كإجراء روتيني يا سيدي "
الضابط: " حسنا.... "
قال هذه الكلمات وهو يتناول التقرير ويختمه بتململ واضح تمتم الضابط لنفسه " لست افهم لم علينا أن نقوم بجمع كل هذه الأوراق"
الملازم " سيدي نحن لا نريد تكرار ما حصل في المريخ عندما عمته أعمال شغب بسبب توقف الجهاز الصناعي عن العمل وضاعت حقوق كثير من عمال المناجم لأنها لم تكن مدونه على الورق "
الضابط " ولكن محطتنا هي الأعظم والأفضل ولن يصيبها الفشل أو الخلل".
الضابط: " هل من شيء آخر غير ذلك ؟ "
الملازم: " كلا يا سيدي "
الضابط : " انصراف "
الملازم : "حاضر يا ." وقبل أن يكمل الملازم كلماته قطع عليهم صوت الإنذار العام والذي انطلق في مقر القيادة فقط ولا يمكن سماعه في بقية الأقسام عندها صرخ الضابط المسئول غاضبا :
" من الأحمق الذي سمح لنفسه بإطلاق الإنذار العام "
والحقيقة أن غضبه كان مبررا فقد كان إطلاق الإنذار العام في المحطة من صميم عمله هو واختصاصه انطلق الضابط مسرعا نحو القسم الهندسي عندما اكتشف من ملازميه أن الخلل ربما قد صدر من قسمهم ولكن المهندسين اخبروه أن القاعدة الارضيه سما ون هي التي أرسلت بالإشارات إلي المحطة وقامت بإطلاق الإنذار وبالإضافة إلي ذلك قاموا بإرسال رسالة خاصة وسريه إلي المسئول عن المحطه الملقب بالكوميدار
" لا شك انه أمر خطير ...استدعوا الكوميدار في الحال "
في خلال دقائق معدودة حضر الكوميدار وقام بقراءة الرسالة وسرعان ما تغيرت معالم وجهه وبدا الوجوم واضحا عليه
الضابط : " ما الأمر سيدي ؟ "
الكوميدار:" علينا إخلاء المحطة الآن ليس لدينا متسع من الوقت "
الضابط :" ما الذي تقوله سيدي "
الكوميدار: " لقد صدرت الأوامر وعلينا تنفيذها "
الضابط : " لست افهم ما الذي حصل "
الكوميدار: " لقد رصدت المحطات الارضيه جميعها بلا استثناء جرم سماوي يقترب بسرعة هائلة من المحطة وهو في مسار اصطدام معنا "
الضابط :"سيدي هل هو مذنب ؟ "
الكوميدار: " أتمنى لو كان كذلك "
الضابط :" ما الذي تقصده ؟ "
الكوميدار: " انه يغير مساره بين فترة وأخرى ونحن لن نخاطر بحياة الناس قد يصطدم ذلك الشيء بنا وقد لا يفعل ولن نجازف بالأمر ."
الضابط : " سيدي عندما تقول يغير مساره هل تعني القول "
الكوميدار:" نعم هو بالفعل كما تظن ! نحن لا نعرف ما الذي نواجهه أهم شيء علينا القيام به الآن هو إخراج المدنيين من المحطة "
الضابط : " سيدي هل أكدت محطات المريخ الأمر هل يرصدونه في محطاتهم "
الكوميدار : " هل تريد منا تجاهل الأوامر وانتظار أهل المريخ ! نفذ الأوامر كما طلب منك وإلا استبدلتك بضابط آخر سيفعل "
الضابط : " حاضر سيدي "
كان الضابط على وشك الانصراف عندما تراجع وبتوتر واضح سأل الكوميدار :
" سيدي كم من الوقت نملك قبل أن يصطدم الجسم الغريب بنا ؟ "

الكوميدار " ليس الكثير فقط ساعتان ! "
عندها أدرك الضابط انه حتى لو باشروا عملية الإخلاء من الآن فلن ينجو الجميع .
انصرف الكوميدار ليجتمع بكبار الضباط وينسقوا عملية الإخلاء وبدأ صغار الملازمين غير المصدقين للأمر بالحوار فيما بينهم عن الأمر واستغربوا كيف أن المحطات في الأرض رصدته ولم ترصده محطتهم الضخمة بأجهزتها
" لا شك أنها تشوش على أجهزتنا "
قال احدهم
ورد عليه زميله " أن كانوا فعلوا فهذا قد يعني أن لديهم نوايا عدوانيه "
قطع عليهم حوارهم صوت القبطان وهو يعلن أن الأرض سترسل فيلقان من القوة الفضائيه للتصدي لهذا الجسم الفضائي في هذه الأثناء سيركز الجميع على إخلاء المحطة من مسافريها وبدأت عملية الإخلاء التي سيكون كل شيء سمتها الاساسيه ما عدا النظام والهدوء .


بدا العاملون في المحطة باجرأت الاجلاء وبرروا للمسافرين العمليه على أنها نوع من التدريبات الاحترازية التي تقوم بها المحطة من وقت لآخر وبالفعل امتثل المسافرون للاجرآت وكانوا سعيدين بها إذ أظهرت لهم أن المسئولين في المحطة مهتمون باجرآت السلامة والحقيقة أن معظم طاقم المحطة قاموا بإخبار أقاربهم وعوائلهم بحقيقة الوضع حتى يأخذوا المسألة على محمل الجد وينقذوا حياتهم وخلال ساعة واحده فقط انتشر الخبر الحقيقي وعمت الفوضى أرجاء المكان في تلك الأثناء قام المهندسون بإعادة برمجة أقسام النوم حتى تقوم بفتح كبسولات النوم المغلقه التي ينام بها الأطفال خاصة وان عوائلهم كانت ترفض المغادره إلا برفقتهم وقد نجحوا في ذلك ما عدا قسم واحد لم يستجب حيث أصابه عطل حين قام احد الآباء عن جهل منه بإصابة الدائرة الرئيسية بالقسم ظنا منه بأنها أن تعطلت ستنفتح الكبسولات تلقائيا والحقيقة على العكس انه زاد الأمر سوءا ولم يقم الرجل بما قام به إلا لأنه استبطأ قدوم المهندس المسئول عن القسم .

تجمهر أهالي الأطفال عند القسم وهم يحتجون ويتجادلون فيما بينهم ورفضوا المغادرة إلا ومعهم أولادهم وتم إبلاغ الكوميدار بالأوضاع الحاصلة في ذلك القسم الذي أعطى أوامره بالدور بضرورة إخراج الأهالي ولو استلزم الأمر منه استخدام القوه وبالفعل توجهت الفرق الامنيه الخاصة بالمحطة إلي حيث كان الأهالي متجمهرين فحصل نزاع وتشابك بين الفريقان وفي نهاية الأمر تم إخراج الأهالي من القسم ووضعهم بأحد مركبات الإخلاء حيث التقى بهم مهندس القسم ويدعى طارق وطمأنهم إلي انه لن يستسلم حتى يخرج أولادهم من ذلك المكان ووعدهم بأنه لن يعود إلا وأولادهم معه وقفل راجعا إلي مكانه .



في القسم رقم خمسه كان هناك شخصان فقط يعملان المهندس طارق الذي كان يحاول إصلاح الدائرة الالكترونية التالفة والضابط المسئول عنه راؤول الفاريز .
الضابط الفاريز :" الم تنته بعد ؟ "
المهندس طارق :"لست تفهم أن الأمر يحتاج بعض الوقت لقد حطم الأحمق جميع الوصلات الاساسيه في هذه اللوحه وعلى استبدالها !"
يقاطعهما صوت في جهاز الاتصال الخاص بالضابط الفاريز
" ضابط أول الفاريز هل تسمعني اجب ؟ "
الضابط الفاريز :" نعم أسمعك بوضوح "
" لقد غير الجسم الغريب سرعته حسب الإحداثيات المتوفرة لنا من المحطات القريبه وقت الاصطدام المتوقع هو نصف ساعة فقط !"
الضابط الفاريز : " علم "
"عليك أن تخرج أنت وزميلك لقد بقيت فرقة أمنيه واحده بالمحطة وهم ينتظرونكم على منصة الإقلاع من الأفضل أن تتوجها الآن إليهم "
المهندس طارق : "اخبرهم أني لم انته من العمل بعد "
الضابط الفاريز :" علينا لذهاب "
المهندس طارق :" لا أنا لن أغادر من دون الأطفال !"


في هذه اللحظه قام الفاريز وجذب طارق جذبة قويه بالكاد افلت منه
" هل تريد أن تموت هل تعرف أننا حتى لو استقلينا مركبة الإخلاء فسنحتاج على الأقل إلي ربع ساعة حتى نكون في مسافة آمنه من قوة الانفجار وإذا تأخرنا أكثر من ذلك فنحن هالكون لا محالة مهما فعلنا وان أخرجت الأطفال في وقت متأخر فلن تسدي لهم معروفا بلى على العكس سيتعذبون ويصرخون أمامك أهذا ما تريده ؟ "

جهاز الاتصال : " الفاريز أين أنت ؟ أيها الأحمق أن ذلك الشيء يتسارع كلما اقترب "
كان المتصل هو زميل لالفاريز من الفرقة الامنيه " أسرعا لن ننتظركم أكثر من هذا !"
الضابط الفاريز : " نحن قادمان انتظرونا"
اكتفي طارق والفاريز بالنظر إلي الأطفال النائمين نظرة واحده
" سامحوني "
قالها طارق قبل أن ينطلق مع زميله في الممرات الضخمة للمحطة على وقع صوت الإنذار الذي كان مدويا في أرجاء المحطة والحقيقة أن المسافة من أقسام النوم إلي منصة الإقلاع كبيره وهائلة وكان الاثنان يركضان بشده حتى وصلا إلي وجهتهما
" لا اصدق هذا !"
قالها الفاريز متعجبا وهويلهث من شدة التعب تبعه زميله طارق
" أين ذهبوا ؟"
أجابه الفاريز
" لقد رحلوا "
ومن خلال شاشات المراقبه استطاع الزميلان أن يريا الجسم الغريب وهو يقترب بسرعة جنونية


عندما فتح سامي عيناه كان يستطيع أن يرى نجوم الليل الجميله ويحس بنسيم الهواء البارد ماالذي حصل ؟ لا يمكن أن يكون في المحطة فهو متأكد من أن القسم رقم خمسه لم يكن قريبا من القبة الفضائيه وذلك الهواء البارد من أين يأتي أحس سامي ببعض الألم عندما حاول القيام ولكنه تحامل على نفسه ويا للمفاجأة الغريبة لم يكن سامي في المحطة لقد كان في غابة كثيفة الأشجار
" هل أنا احلم "
قالها سامي بنفسه وعندما نظر إلي كبسولته وجدها وقد استقرت على الأرض وكان بها أضرار شديدة من آثار حروق واصطدام
" هناء.... سارة " هولاء هما أول شخصان فكر يهما سامي وبدأ بالبحث عنهما وبدأ ينادي عليهما بصوت عال مكث سامي فتره من الزمن وهو يبحث عن شقيقتاه من دون جدوى وكاد أن يستسلم لولا أن سمع أصوات خافته تأتي من بعيد وشيئا فشيئا بدت واضحة فانطلق نحوها حتى وصل إلي سهل شاسع بالقرب من الغابه ووجد مجموعة من الأطفال الذين كانوا في القسم رقم خمسه ولحسن حظه عثر على شقيقتاه .
كانت الفتاتان سعيدتان برؤية شقيقهما سامي وهو حي يرزق
" هل الجميع بخير "
سأل سامي شقيقتاه بلهفه وردتا عليه بالإيجاب وطمأنتاه
" أين نحن ؟"
قالها احد الأطفال وهو يستغرب من منظر الغابه القريبه التي خرج منها سامي حيث كانت ضخمة الأشجار وكثيفة الأوراق وكان الصوت المنبعث من حفيف أوراقها مخيفا
" اعتقد أننا على الأرض ! ولكن كيف انتهينا إلي هنا ؟ "
جاءته الاجابه من طفل آخر كان يقف بجانبه .

كان الأطفال الذين نجوا من الاصطدام هم جميعهم من القسم رقم خمسه لقد أدت كبسولاتهم المهمة الاساسيه من تصنيعها وحمتهم لحظة الاصطدام وكان اكبر الأولاد عمرا في هذا القسم هو سامي الذي أدرك عندما رأى الأطفال منتشرين في السهل ضرورة تنظيمهم واحصاءهم حتى تأتي فرق الإنقاذ من اجلهم فبدا ينادي الأطفال من حوله حتى يجتمعوا وبالفعل بما انه اكبر شخص في المكان فقد بدأ الأطفال بالتجمهر عنده
" سامي هل هذا أنت "
صوت يناديه من بعيد انه صوت مألوف لقد كان صوت صديقه الجديد ايفان الذي تعرف عليه بالمحطة هنأ الصديقان بعضهما البعض على السلامة وهنا اخبر سامي صديقه ايفان بأنه من الضروري لهما أن يجمعا الأطفال ويحصوهم وافق ايفان على فكرة سامي
وبالفعل بدأ بالمهمة خاصة وانه كان أيضا يبحث عن شقيقتاه التؤامان
" مجموعنا ثمانية يا سامي فقط "
قالها ايفان وهو مصاب بالإحباط لأنه لم يعثر على شقيقاته بين الأطفال
" علينا أن ندون أسمائنا "
" هل جننت في هذا الظلام الدامس نحن بالكاد نرى في ضوء النجوم "
عندها خرج عليهم ضوء غريب لقد كانت احدي الناجين تحمل مفكرتها الرقمية معها
" لحسن الحظ أني احملها معي دائما في جيبي ! "
قالتها وهي تبتسم
" بالمناسبة أنا ادعى يوكو شيزو تستطيعون أن تنادونني بشيزو "
كانت يوكو هي ابنة احد العاملين بالمحطة والحقيقة أن القسم الذي اختارت النوم فيه في ذلك اليوم لم يكن من الأقسام المخصصة لها ولكنها ولكونها كانت تستمتع بالتجوال في المحطة وهذه إحدى ميزات كونها ابنة لأحد أفراد الطاقم فقد كانت تستطيع الدخول إلي أي قسم وقد جابت السواد الأعظم من المحطة قبل الافتتاح الرسمي للمحطة لذلك أن كان هناك من هو مؤهل كفاية بالأمور التقنية والفنية فقد كانت يوكو .
" سأقوم بتدوين أسماء الناجين وإرسالها إلي الذاكرة الرئيسية !"
قالتها يوكو وهي تلعب بأزرار مفكرتها
" أتقصدين إلي الحاسوب الأساسي في المحطة !؟"
قالها سامي وهو مستغرب من كلامها
" نعم ! طبعا إذا لم يلتقطها الحاسب الآلي في المحطة سيلتقطها أي حاسوب آخر في هذا المجال الأرضي وسيعرف الناس أن هناك ناجون وسيأتون من اجلنا "
" ولكن إلا ترين الدمار ؟ كيف تقولين أن الحاسب الآلي للمحطة سيلتقط رسالتنا "
" هذا لأنك لا تعرف شيء أن الحاسب الآلي للمحطة هو من أضخم الحواسيب التي صممت في تاريخ البشرية وهو مصمم للنجاة من أي ظرف من الظروف وسوف ترى ."

" أهم شيء أن تقومي الآن بتدوين أسمائنا "
" حسنا سأفعل وفي هذه الأثناء سأرسل اشاره لبقية الأطفال الناجين حتى يجتمعوا إلي هنا "
" هل تستطيعين عمل ذلك ؟"
" أنت اكتفي بالمشاهدة فقط وسترى "
عندها قامت يوكو بتوجيه مفكرتها إلي السماء وانطلق منها وميض ازرق أضاء ما حوله وصار يرى من مسافات بعيده لم يكن الأطفال مدركين لخطورة فعلهم هذا في ذلك الوقت أو مدركين بأنهم عن غير قصد منهم نبهوا المخلوقات الموجودة في ذلك الكوكب إلي مكانهم .

كان ايفان ينطلق مع وصول أطفال جدد على أمل العثور على شقيقاته معهم ولكن من دون جدوى وكانت شيزو كما تحب أن ينادوها تطلب من الوافدين الجدد أن يزودوها بأسمائهم حتى تقوم بتدوينها وبعد ثلاثة أيام من وجودهم في تلك البقعة النائية لم يزد عددهم عن العشرة مما آثار جوا عاما من الإحباط بين الجميع أيعقل هذا !
" سامي جميع الأسماء الموجودة لدي هنا كلهم من القسم رقم خمسه الذي كان يحوي اثنا عشر كبسولة للنوم ومجموعنا الآن هو عشره فقط والمفقود هما اثنتان" قالت شيزو الكلمة الاخيره وهي تنظر إلي ايفان لأنها تعرف أن المفقودان هما شقيقتاه التو أمتان
" حسنا يا شيزو أشكرك لمشاركتنا في هذه المعلومات "
قالها سامي ثم ربت على ظهر صديقه ايفان مواسيا وأضاف
" لا تقلق يا صديقي العزيز لا شك إنهما في مكان ما قريب من هنا وسنجدهما كن على ثقة "
أومأ ايفان رأسه بالموافقة وشكر سامي لإظهاره الاهتمام
كان الجميع ينظرون إلي سامي باعتباره المسئول عنهم فبعد كل شيء لقد كان هو أكبرهم عمرا وشيئا فشيئا بدأ في ذلك التجمع الصغير للأطفال شخصيات بالبروز من الذين كانوا يقاربون سامي بالعمر فبالإضافة إلي سامي وايفان وشيزو وهناء وسارة كانت هناك أيضا يارا التي حاولت أن تفرض آرائها على الجميع وتتوقع من الجميع الاستماع إلي أوامرها في كيفية إشعال النيران وإيجاد الماؤي ووصل الأمر بها إلي حد المطالبة بان تكون هي القائدة في المكان على اعتبار أنها ابنة لقائده عسكريه شهيره في المريخ والحقيقة أن أمها بالفعل كانت معروفه في جميع الأرجاء القائدة ايلونا بطلة أحداث شغب المريخ والذي قامت بإيقافه مع كتيبه صغيره من الجنود بالاضافه إلي أنها كانت مستكشفه قامت بإنفاق جميع الثروات التي جنتها في رحلاتها العميقة بالفضاء لذلك لم يكن مستغربا أن تكون ابنتها تسافر في القسم العادي من المحطة فأمها بالكاد تركت لها شيئا وعلى الرغم من ذلك كانت ابنتها فخوره وتردد دائما على مسامع الجميع كيف أن أمها ستحضر لإنقاذهم .

من بين الأطفال الناجين كان هناك أيضا بيتر الهادئ الذي لم يحبذ الكلام كثيرا وإذا سئل في أمر أجاب وكانت إجاباته تتسم بالعقلانية والهدوء حتى أن الأولاد كانوا يحسون في بعض الأحيان إنهم برفقة رجل عجوز لا صبي في مقتبل العمر وذلك لثقافته وحسن اطلاعه وعلى العكس من بيتر كان هناك راكان الحاد الطباع السريع البديهة من قبائل محاربي الصحراء وكانت رحلته على المحطة كمعظم الأطفال هي أول رحله له و كان يصغر سامي بعام واحد فقط وهو أول من تنبه من الأطفال إلي انه خلال فترة إقامتهم القصيرة لم يلحظ القمر في السماء في البداية لم يعر الأطفال اهتماما كبيرا لمقولة راكان على الرغم من انه استعار المفكرة الرقمية من شيزو واطلع على التواريخ الارضيه ولكن الأكبر منهم سنا مثل سامي وهناء كانوا يشاركونه المخاوف حتى شيزو كانت تؤيد كلام راكان.
و بعد مضي أسبوع كامل طلب راكان عقد اجتماع خاص للأطفال الكبار في السن حيث اطلعهم على استنتاجه
" يؤسفني أن أكون من يبلغكم بهذا الأمر .... ولكننا لسنا على سطح الأرض ! "
" ما الذي تقصده ؟ "
سأله ايفان
" نحن على سطح كوكب غريب , أجيبوا على سؤالي لم لم نر القمر منذ أن وطئت أقدامنا الأرض ؟"

سامي : " أنت تدرك جيدا أن سماء الأرض ملوثه بالادخنه والنفايات ولعلها حجبت القمر !"

هنا عم صمت رهيب المكان بينما تلفت الأطفال فيما بينهم لقد كان راكان أول من عبر منهم عن شكوكه علانية استأنف راكان حديثه
" لقد قمت باستعارة المفكرة الرقمية لشيزو واكتشفت أن مجموعة النجوم والأبراج الموجودة في سماء هذا الكوكب تختلف كلية عن الأبراج والنجوم الموجودة علي الأرض بالإضافة إلي الحقيقة الواضحة أمام أعينكم هذا الكوكب ليس له قمر تابع "
لقد كان هناك شعور خفي فيما بين الأطفال بأنهم ليسوا على سطح الأرض ولكنهم لم يرغبوا بمواجهة حقيقة الأمر لان ذلك يعني انه لن تكون هناك فرق إنقاذ من اجلهم بالإضافة إلي الخوف من المجهول فان لم يكن الكوكب الذي هم على سطحه هو كوكب الأرض فما هو ؟ وأي نوع من الحياة موجودة عليه
" ولكن كيف انتهى بنا الحال هنا "
قالتها يارا باندهاش بينما كان بقية الأطفال يتمتمون فيما بينهم
" عندي اقتراح لكم "
هكذا بادرت شيزو بقية الأطفال بالكلام
سامي : " هاتي ما عندك "
" علينا أن نعثر على حطام المحطة أو على الأقل المقر الرئيسي حيث الذاكرة الاساسيه للحاسوب الرئيسي للمحطة أنا شبه متاكده من انه لم يتضرر كثيرا وهكذا سنعرف ما حصل بالمحطة وكيف انتهى بنا الأمر
هنا "
" الأهم ثم ما يليه " قاطع بيتر الهادئ كلام شيزو التي انزعجت من معارضته لرايها
" ماذا تقصد ؟ " سألته شيزو بفضول
" علينا ان نجد ماؤى وننظم انفسنا في مجموعات عمل ونستقر ثم نبحث بعد ذلك عن الحطام "
كان كلام بيتر يبدو منطقيا ومعقولا لبقية الاطفال فهم منذ ان حطت اقدامهم على هذا المكان جل ما فعلوه هو ايقاد النيران والتحلق حولها واحصاء بعضهم البعض منتظرين الانقاذ من غير ان يبادروا الي محاولة تنظيم انفسهم والتخطيط فيما اذا طالت اقامتهم بعد استعراض تلك الحقائق المخيفه قرر الاطفال اجراء تصويت فيما بينهم لاختيار زعيم يقودهم ونائب زعيم طبعا قررت يارا ان تطرح اسمها كمرشحه ولكنها صدمت عندما اكتشفت ان الترشيحات انحصرت بين ثلاثة مرشحين سامي باعتباره الاكبر في السن والاقدر على القيادة وبيتر باعتباره الحكيم والمفكر وراكان باعتباره الشجاع والقوي بينهم وفي النهايه اتفق الاطفال فيما بينهم على هذا التسلسل وصار القائد هو سامي ونائبه ومستشاره بيتر بينما اصبح راكان هو مطبق القوانين والذراع اليمنى لهما .




في صباح اليوم التالي انطلق بيتر في جولة استكشافيه ناحية الغابات القريبه
حيث كانت الاشجار العملاقه الكثيفة الاوراق واصطحب معه راكان لقد كان الصبيان يبحثان عن مكان يمكن ان يصلح مقرا لمجموعتهم كانت الاصوات التي تصدر من كائنات الغابه مخيفه غير ان هذا الامر لم يكن ليمنع الاولاد من القيام بمهمتهم وبينما هما على هذه الحال في تفحص الاشجار ورؤية ما اذا كانت جذوعها صالحة للقطع سمعا اصوات تقترب منهم لم تكن اصواتا عاديه بل كانت اشبه باصوات زئير الاسد وكان من الواضح انه اكثر من صوت تنبه الصديقان لحقيقة كانت غائبه عنهما او انهما غفلا عنها لم يكن لديهما شيء يستطيعان استخدامه كسلاح للدفاع عن انفسهما ومع اقتراب الاصوات قررا الخروج من الغابه وبدأ بالركض كان راكان هو المتقدم بينما كان بيتر يجري ورائه كانت المخلوقات التي تجري خلفهم تتسلق الاشجار وتحاول ان تسبقهم عند اطراف الغابه وكان راكان يعرف ذلك من صوت جذوع الاشجار فكان يغير من اتجاهه حتى لا تقطع تلك المخلوقات الطريق عليه بينما صديقه بيتر من خلفه ولتسارع الاحداث
والارباك الذي كان حاصلا للولدين افترقا .
استطاع راكان بعد فتره الخروج من الغابه ويبدو ان المخلوقات التي كانت تطارده التزمت حدود الغابه ولم تخرج في ضوء الشمس الذي كان ساطعا على السهل .

كان الاطفال الموجودين في السهل يسمعون ايضا صوت المخلوقات المرعب لذلك كانوا يترقبون خروج بيتر وراكان ولما راووا راكان هللوا بسعاده لرؤيته والذي كان يلهث من شدة تعبه استقبله سامي وشيزو وسالاه عن مصير بيتر الذي كان لا يزال في الداخل فحاول راكان العوده ولكن سامي وشيزو منعاه من الذهاب استمرت الاصوات المرعبه لفتره بالتجوال على حدودالغابه وكان الاطفال في بعض الاحيان يلمحون احد المخلوقات وقد ابرز رأسه في محاولة للخروج غير ان شعاع الشمس يمنعه فيرجع الي الداخل بعد فتره هدأت الاصوات واختفت هل رحلوا كان هذا هو التساؤل الذي يدور في خلد الاطفال معظم الوقت والخوف من ان تعود هذه المخلوقات بعد حلول الظلام .

" هل مات ؟ " سؤال طرحه احد الاطفال الصغار وهو يسأل عن حال بيتر ولكن سامي طمأن الجميع واخبرهم ان بيتر ذكي ويعرف كيف يتصرف وانه من المؤكد في مكان ما ينتظر الفرصه المناسبه لخروجه سالما من الغابه تمنى سامي في قلبه لو انه استطاع ان يمنع الاطفال الصغار من رؤية ما حدث اذ ولا شك في ان الجميع لن يناموا ليلتهم هذه وهم هانئين بالاضافة الي التفكير في مصير بيتر طلب سامي من الاولاد الاكبر سنا ان يجتمعوا اذ انه لم يتبق شيء على موعد حلول الظلام ومن الواضح ان الشيء الوحيد الذي منع المخلوقات من الهجوم على الاطفال هو ضوء الشمس .

"علينا ان نشعل نار كبيره" قالتها يارا وهي منفعلة بعض الشيء وحاولت ان تخفي خوفها وقلقها بهذه الكلمات
" يارا محقه ... ان كنا سنوقف هذه الاشياء من الهجوم علينا علينا ان نفعل ذلك " هكذا ردد راكان كلماته وهو يوافق على رأي يارا


بعد الاجتماع استقر راي الاطفال بالاجماع علي ايقاد نيران كبيره على شكل حلقه ويكونون هم في وسطها الاهم ان تكون كبيره بما فيه الكفايه لحمايتهم شرع الاطفال في تنفيذ مخططهم والجميع شارك في الامر حتى الاطفال الصغار على الرغم من خطورة الامر حيث كانوا يقتربون من حدود الغابه ويجمعون جذوع الاشجار الساقطه والتي كانت متوفره بكثره واللافت في الامر ان الاطفال لما اقتربوا من الاشجار التي تقع على نهاية الغابه بدأت الجذوع والاخشاب بالتساقط بكثره وكان الاطفال يلتقطونها وكان سامي يشاهد هذا المنظر الغريب " غريبه كأن الاشجار تعرف باننا في حاجة لهذا الخشب " فكر سامي في نفسه ولم يعر للامر اهتماما كبيرا .
لما اقتربت الشمس من المغيب كان الاطفال قد جمعوا ما يكفيهم من الحطب لليلة واحده من المواجهه اذا ما قررت المخلوقات الظهوروبالفعل بدأ الاطفال باشعال النيران واتفق الكبار منهم فيما بينهم بالتناوب على الحراسه بينما تجمع الصغارفي حلقة صغيرة في الوسط كما طلب منهم وكانت شيزو تحتضنهم وتحاول ان تبعد الخوف عنهم .
اثناء مغيب الشمس بدأ الاطفال يسمعون الاصوات القادمه من الغابه وهي تقترب هذه المره لن يتوقفوا عند حدود الغابه وكان الجميع مدركين لحقيقة هذا الامر كان سامي قد قام بتوزيع الاولاد الاكبر في السن على شكل دائري وكانت مهمتهم تقتضي بان يبقوا على اشتعال النيران والا يخلدوا الي النوم حتى طلوع الشمس .
سامي الذي كان يتصبب عرقا في هذه الاثناء قام باخراج علبة اقراصه وتناول قرصا
" هل انت بخير ؟ " ساله ايفان فقد كان هو وهناء وحدهما من بين الاطفال المدركان لحقيقة الوضع الصحي لسامي

" نعم لا داعي لان تقلق بشأني " قال سامي هذه الكلمات وهو ينظر الي بقية الاقراص في يده " لم يتبق لدي سوي هذه الاقراص الاربع " قالها سامي بنفسه وهو يدرك انه ان طالت اقامته في هذا الكوكب فلن يعيش طويلا قطعت عليه حبل افكاره صرخة احد الاطفال الصغار وهو يشير بيده
" انهم قادمون ! "
كانت المخلوقات تخرج من حدود الغابه وكان عددها لا يتجاوز العشره
وصرخاتهم التي تسببت في بكاء الاطفال الصغار وكما توقع الجميع حاولت المخلوقات ان تقتحم الدائره التي اقامها الاطفال لحماية انفسهم وعبثا حاولوا فقد فشلت محاولاتهم
" لم لا نحاول الحديث معهم " قالتها شيزو بيأس
" من الواضح انهم مخلوقات تمتلك نسبه معينه من الذكاء ربما اننا فعلنا شيئا اغضبهم ؟ "
" شيزو اهتمي بالاطفال الوقت غير مناسب لحديثنا "
كان سامي ملتفتا الي شيزو وقد اعطى ظهره للمخلوقات التي كان يفصله عنها شعله من الحطب الموقد غير مدرك ان المخلوقات كان معها حبال والتي اغتنمت فرصة ان سامي كان غافلا عنها فالقت بالحبل نحوه وسحبته باتجاهها والحقيقه ان سامي كاد ان يختنق من الحبل وما بين صراخ شيزو المذهوله وبكاء الاطفال وتردد الاخرين جاء صوت راكان الجهوري
" لا تتركوا اماكنكم اثبتوا "
ثم طلب من شيزو ان تحل محله وانطلق ناحية المكان الذي قامت المخلوقات بسحب سامي اليه لم يتجاوز راكان الحدود الامنه لحلقة نارهم ولكنه بدأ يلقي ما لديه من الاخشاب الزائده باتجاه المخلوقات التي كانت مجتمعه في هذه الاثناء على سامي وتقوم بضربه كان سامي موقنا بالهلاك وان منيته اقتربت واغلق عينيه مستسلما لمصيره

وبينما هم على هذه الحال سمع سامي صوت شخص ما لقد كان يتعارك مع المخلوقات واشتبك معها وكان قويا جدا ولا يتاثر بضربات الوحوش قام ذلك الشخص الذي لم يميز سامي ملامحه بسبب ظلمة المكان بسحب سامي من بينهم ودخل معه حيث كان راكان بانتظارهما كانت المخلوقات متضايقه من القوه الهائله التي اظهرها ومتملمه من عجزها عن الوصول الي الاطفال ولم تتوقف عن الاحاطة بالمكان ومحاولة الوصول حيث كان الاطفال .

عندما قام راكان بتوجيه الشعله الي منقذهم ليروا ان كانوا سيميزونه كان الجميع سعداء عندما تعرفوا اليه انه ثلاثه وثلاثين المرافق الالي الذي كان بالمحطه لقد كان توقيته بالوصول ممتازا والحقيقه انه لو لم يصل لربما هلك سامي ومن معه في هذه الليله لقد كانت قوة ثلاثه وثلاثين في الدفاع عن الاطفال عاملا رادعا للمخلوقات عن الهجوم .

ارتاح الاطفال قليلا بعد رؤية المرافق الالي الذي بقي طوال الليله متيقظا يحرس الاولاد الصغار وكان الوحيد الذي يخرج من الحدود الامنه فيلوح بالشعله التي معه للمخلوقات التي كانت قد انسحبت الي مسافه معينه فتتراجع اكثر بعد ان اخافتها المواجهه الاولى مع ذلك الحارس الالى .

في اليوم التالي استيقظ الاطفال في وقت متاخر بعد ان كانوا قد امضوا ليلة عصيبه مع المخلوقات وكانوا مرهقين واول ما تبادر لاذهانهم كان صديقهم بيتر المفقود عليهم ان يعرفوا مصيره وما حل به اراد سامي وراكان ان يذهبا الي الغابه هذه المره سيوقدون المشاعل ويدخلون بها الي الغابه غير ان المرافق الالي طلب منهما الا يفعلا ذلك وكان هو الذي سيدخل الي الغابه المظلمه للبحث عن بيتر قبل الاطفال بمقترحه وتمنوا له التوفيق في مهمته .

عندما انطلق المرافق الالي نحو الغابه كان الجميع يترقبه وينظرون ناحية الغابه وقد اصغوا اسماعهم متخوفين من ظهور المخلوقات غير ان العامل الوحيد الذي كان مطمئنا لهم انهم في وضح النهار وحتى لو ظهرت المخلوقات وهاجمت المرافق الالي فلن تتجاوز حدود الغابه .
بدأ صوت بالظهور عندما اقترب ثلاثه وثلاثين من الاشجار لم يكن صوت مخيفا لقد كان صوت جذوع الشجر لقد كان هناك شيء ما او شخص ما يتجه ناحية ثلاثه وثلاثين توقف ثلاثه وثلاثين عن المشي حتى يكتشف ما هو الذي على وشك مواجهته " انه انت ! " قالها ثلاثه وثلاثين " لقد كنت قادما للبحث عنك ! اين كنت طوال هذه الفتره ؟ " بهذه الكلمات خاطب ثلاثه وثلاثين صديقه بيتر الذي ظهر من بين الاشجار .

"انت من المحطه اليس كذلك؟ .... احد المرافقين الاليين ؟ "
" نعم والان على ان اعيدك الي بقية المجموعه "
" اجل هذا صحيح سوف لن يصدق الجميع ما حصل لي انه بالفعل شيء غريب ! "

كان الاطفال يشاهدون من بعد عندما ميزوا صديقهم بيتر الذي خرج من بين الاشجار وهللوا فرحين
" هذا رائع المخلوقات لم تاكله " هكذا هتف احد الاطفال الصغار وهو سعيد .
عندما وصل بيتر الي بقية اصحابه بادره الجميع واحتضنوه لم يصدقوا ان المخلوقات لم تتعرض له جلس بيتر على الارض وكذلك فعل الجميع وطلبوا منه ان يخبرهم كيف استطاع النجاة من الوقوع في قبضة تلك المخلوقات المرعبه وبدأ بيتر في اخبارهم ما جرى
" لقد كنت اجري بين الاغصان الكثيفه وقد كان اللحاق براكان اصعب وبعد فتره لا اعرف كيف ولكنني افترقت عن راكان وكان بامكاني ان اسمع اصواتهم وهم يتجهون ناحيتي المهم انني اثناء الجري تعثرت بصخره وسقطت على الارض وايقنت في نفسي بانها نهايتي عندما حصل الامر " .
" ما الذي حصل؟ ينبغي ان تخبرنا ما الذي حصل ؟ " هكذا ردد الصغار وقد تشوقوا لمعرفة نهاية الاحداث
" حسنا ...حسنا.. ساخبركم يا اعزائي لقد قامت احد الاشجار بالتقاطي باغصانها من على الارض وحصل شيء اغرب من ذلك "

" هلا اخبرتنا ما حصل وتنتهي من الامر ؟ " قالتها شيزو بغضب
" لقد ظهرت فتحة في جذعها الضخم الهائل والقتني باغصانها الي الداخل ثم عادت الي الانغلاق ... يا اصدقائي لن تصدقوا ولكنها كانت مجوفه من الداخل بشكل كبير ومساحتها هائله اشبه بكوخ على هيئة شجرة عملاقه لقد انقذت حياتي "

عم صمت بالمكان لفتره فقد كانت قصة بيتر بالفعل غريبه
" اتقصد ان تقول لنا ان الاشجار في تلك الغابه حيه وتبادر الي فعل امور " هكذا بادر سامي صديقه بيتر بالكلام وهو يتذكر ما كان من امر الاشجار عندما كانوا يحاولون جمع الحطب لقد كانت بالفعل تساعدهم .
اجاب بيتر
" نعم ! ولن يتوقف الامر عند هذا الحد فقد خطرت في بالي فكرة عظيمه علينا تنفيذها "
" ما هي ؟ " سألته شيزو وقد بدا عليها الاهتمام
" سننتقل للاقامة هناك ! اعرف ما ستقولون انها في داخل الغابه ولكني اؤكد لكم انها صمدت في وجه ضربات المخلوقات التي كانت تعرف انني في داخل جذعها بالاضافه الي انها من اضخم الاشجار في الغابه حتى اني اطلقت عليها لقبا ( اولغا العجوز ) واظن ان هذا افضل من بقائنا كهدف مكشوف بالعراء وبالنسبة لكونها في الغابه فهي ليست بعمق الغابه بل قريبه من الحدود الخارجيه للغابه ونستطيع نحن ان نصنع ممرا لنا وعلى طول الممر نضيف اليه شعلات ما قولكم ؟ "
في الحقيقه كانت تبدوا خطة بيتر من افضل الخطط والاقتراحات التي طرحت عليهم بالاضافه الي انهم لا يملكون مقرا منيع يقيهم من الهجمات
" سنفعل " قالها سامي ثم اضاف " ولكن سيكون الامر مؤقتا حتى نجد مكانا اخر "

تحمس الجميع للامر وكانو فرحين وكان ثلاثه وثلاثين يساعد في حمل الاغراض البسيطه للصغار والتوجه بها الي داخل الغابه عندما وصل الجميع الي الموقع الذي عينه بيتر وكانوا يتلفتون مخافة ان تهاجمهم المخلوقات وقف بيتر امام الشجره التي لم يكن باديا عليها التجاوب مع طلباته بالسماح لهم بالدخول الي جوفها في هذه الاثناء اقتربت الاصوات المخيفه مجددا واحس الاطفال بانهم ربما ارتكبوا خطئا عندما انصتوا لاقتراح بيتر لم يطل الامر كثيرا فما ان اوشكت المخلوقات على الظهور حتى ظهرت فتحه في جذع الشجرة الكبيره ودخل الاطفال منها وعادت الفتحه الي الانغلاق بعد دخول الجميع نام الاطفال ليلتهم الاولى تلك وهم مطمئنين البال في حضن اولغا الدافيء .