"عودة"اليهود..وعقدة روما!!




منذ أن بعث الله عز وجل خاتم أنبيائه ورسله محمد بن عبد الله _صلى الله عليه وسلم_ ثم خرج أصحابه يحملون نور رسالته إلى العالمين، لم يتوقف التآمر الغربي الصليبي ضد هذا الدين لحظة واحدة.


فالموقف الموتور هو هو في حقبة سيطرة الكنيسة ثم في مرحلة العلمنة وكذلك في مراحل الهيمنة الغربية الحديثة (إسبانيا-هولندا ثم فرنسا-إنكترا ثم روسيا-أمريكا ثم تفرد واشنطن بزعامة معسكر الحرب على الإسلام والكيد للمسلمين) .


وظل المستنقع نفسه مصدر تلك الضغائن بالرغم من تبدل الرايات الزائفة والشعارات الباطلة البراقة، فكل من يتربع على كرسي القيادة الصليبية لا يستطيع أن ينسى أن أحفاد الفقراء الحفاة الجياع المتناحرين على مصرع ناقة أو فوز فرس في سباق، طردوا روما من فردوسها الأرضي، ومرغوا أنفها المستعلي المستكبر في التراب.


إن استذكار تلكم الحقائق شرط لازم لفهم كثير من السياسات الغربية التي نعايش آثارها الكارثية على البشرية جمعاء. وكمثال يكفي التأمل في قرارات الكونجرس الأمريكي التي تُمْلي بوقاحة وصلف على الأمم والدول والشعوب الأخرى (البرابرة بالتسمية الرومانية البائدة) ماذا تفعل وكيف وما الذي يجب عليها اجتنابه والكفّ عنه.


فإذا لم نضع"عقدة" روما في خلفية المشهد، فأنّى لنا أن نفهم إقدام الغرورين في الكونجرس على "منح" اليهود حق العودة إلى البلاد العربية التي أُخرجوا منها!!
وبما أن الأباطرة يؤلهون أنفسهم فليس لديهم استعداد لقبول أي سؤال عن من خوّلهم الحق في تقرير مصائر الآخرين، حتى لو اصطدمت أهواؤهم الشاذة بالقانون الدولي الذي وضعوه لحماية مصالحهم وفرض رؤاهم العليلة على الجميع، تحت ستار ما يسمونه"شرعية دولية".

فميثاق هيئة الأمم المتحدة الذي رسمه الغربيون المنتصرون في الحرب العالمية الثانية، يحظر تدخل أي بلد في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. وهو يقرّ-نظريا-حق الشعوب في تقرير مصيرها وتحديد هويتها وأنماط عيشها.


وأباطرة المتكبرون المتجبرون لا يعترفون بمقتضيات العدل، الذي يجعل كل ذي ضمير حر يندهش من صفاقتهم عندما يتبجحون بما يزعمون أنه حق اليهود في العودة، في حين أنهم يحيطون كيان اليهود الغاصب بحماية مطلقة، على حساب شعب فلسطين المشرد من أرضه ودياره بتآمر غربي مديد لم يتوقف يوما.


وتلك الطواويس المزهوّة بريشها، لا يعنيها الكذب على الحاضر القريب، وتأكدها من أن الناس كافة يعلمون علم اليقين أن اليهود خرجوا من البلاد العربية استجابة لأوامر القيادة الصهيونية التي كانت في يد الوكالة اليهودية العالمية ثم استقرت في عاصمة العدوان تل أبيب. وينسى أولئك المتغطرسون أن أسلافهم في الغيّ لطالما هاجموا دولا عربية وأجنبية (كالاتحاد السوفياتي قبل انهياره) لأن هذه البلدان منعت يهودها من الهجرة إلى الكيان الصهيوني الإجرامي.


إن المتفرعنين قديما وحديثا لا يمارسون نرجسيتهم إلا إذا وجدوا تربة ملائمة من الخنوع والاستكانة، تحقيقا للمقول الشعبية الشائعة:قالوا:يا فرعون من فَرْعنك؟قال:تفرعنت وما أحد ردّني!!فلولا الوهن المسيطر على العرب والمسلمين رسميا ولولا تواطؤ الغرب مع سياسات البيت الأبيض لما كان في وسع الديوك بالكونجرس الأمريكي أن يبلغوا هذا المبلغ من التطاول والسفاهة والاستكبار.


غير أن العقلاء هناك يدركون أن التعويل على الوهن الطارئ حماقة تاريخية سرعان ما تتبدد، ولا سيما أن العلاقة بين العالم الإسلامي والعدوان الغربي في العصر الحديث مرت بمراحل مشابهة، حيث بنى ساسة غربيون سياسات بلدانه على أحلام اليقظة هذه ثم أفاقوا على ذيول الهزائم النكراء التي جروها وراءهم. فهم يذكرون الجزائر وعمر المختار والشيخ عز الدين القسام ..... بل إن الخبراء الذين يرون بعيونهم وليس بشهواتهم يجدون الدليل على هواجسهم في فلسطين المجاهدة وفي غزوات الأميركان الفاشلة لكل من العراق وأفغانستان، إذ تبين أن المسافة بين الحلم والواقع ملأى بكوابيس لا نهاية لها سوى الإقرار بهزيمة جديدة.


http://www.almoslim.net/node/91636