السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..
-
-
-
-
لكم رأيت أحكام في الإسلام ما فهمتها و لا عرفت حكمتها, و أمور صعبت على فهمي و استعصت
مداركي على إدراكها, و لكنني سلمت بها و آمنت موقنة بأنها هي الأصح مخطئة ما دونها , و أنها
الحق مبطلة ما سواها, فما أنا بحكيمة زماني و لا بحجة دهري, و لا أنا محصية كل ما خفي و لا
عالمة بكل ما توارى عن الألباب, فكان هذا منهاجي في ما واجهني من أمور تمس الدين و لم
أفهمها و حجتي أحاجّ بها من عارض من المسلمين, فالكافر لا يرضى بما في كتاب الله من الحجج
لكفره به أصلا.
و من ذلكم ما يزعمه البعض من أن الدين الإسلامي ما انتشر إلا بحد السيف, و ما كانت أهداف
المجاهدين في سبيله سوى أهداف سياسية و اقتصادية, كنت مؤمنة تمام الإيمان أن زعمهم باطل
لا أساس له من الصحة, و لكنني مع هذا لم أملك الحجة الدامغة المخرسة لكل فاه تطاول على
الإسلام حتى قرأت مقطوعة أطربت عقلي و تراقصت بها جنبات قلبي, فأردت أن أعزفها لكم بكل
نوتة منها,و لتسمعها قلوبكم و عقولكم و لتتجاهلوا مبادئ السلام و الحرية المزعومة التي
تجاهلها من سنّها !!!
المقطوعة حصاد أنامل محمد الغزالي...
"هناك سؤال يجب أن يوجه إلينا نحن المسلمين, و نحب أن نستمع إليه في أناة, و أن نشرح
إجابته على ضوء من الفكر الحر, و التجرد المطلق, تاركين كل امرئ بعدئذ أن يمحص هذا الرد, و
أن يقلبه على وجوهه كلها, ليقتنع بما شاء!
أم السؤال فهو: لماذا خرج المسلمون الأولون من الجزيرة التي انتشر الإسلام فيها زاحفين على
مصر و الشام و فارس و ما وراء هذه الأقطار؟.
و لماذا لم يعيشوا بدينهم في نطاق أرضهم, مكتفين بإرسال الدعاة من حين إلى حين للفت الأنظار
إلى الرسالة الجديدة, و ما تضمن من مبادئ و نظم؟.
و إذا كان الإسلام لا يخوض الحروب إلا ردا لعدوان, أو منعا لفتنة, فهل هذه الجيوش التي هدمت
الممالك المجاورة, و أقامت فيها كانت تشن حرب دفاع, أم كانت تهاجم فعلا؟
هذا هو السؤال الذي يجب أن نسمعه, و أن نقدم جوابا مقنعا عنه!
و إلا بؤنا و باء ديننا معنا بالصفة التي يستحقها.. و نستحقها معه!
و نحن نرحب بهذا السؤال, و نود أن نسمعه من كل فم, و أن تسمع الإجابة عنه كل أذن!
إن الإسلام يجعل الاعتقاد الصحيح ثمرة الإرادة الحرة.
و كما أن المكره على عمل ما لا يتحمل نتائجه, لأن إرادته استعبدتها قوة قاهرة, فكذلك المكرهون
بالعنف على الدخول في دين ما, لا يعتبرون متدينين به موضوعا, و إن خضعوا له شكلا.
فلننظر ما هي الطرق التي سلكتها هذه الديانات في سيطرتها على الشعوب؟
و لنغض الطرف - أولا- عن قيمتها الذاتية, و مدى ما فيها عن حق و باطل.
ثم لنتساءل: هل نال كل فرد من البشر حقه المطلق في اعتناق الدين الذي يتجه إليه بمحض إرادته؟
و هل الحكومات التي أقامتها هذه الديانات أعطت رعاياها حرياتهم المطلقة في تخير ما يرون من مذاهب و أفكار؟
و هل انفردت الوثنية بالحكم في فارس, لأنها قامت على دعائم مكينة من حرية العقل و الضمير؟
و هل انفردت المسيحية بالحكم في أقطارها الواسعة, لأنها كذلك وليدة إيمان حر و رغبة مطلقة؟
و ما الرأي إذا كانت الحكومة المسيحية ذات السلطة الهائلة قد قامت على أنقاض مذاهب مسيحية
أخرى, خنقها الاضطهاد, و قتلها الكبح و الجبروت النازل بأشياعها عدة قرون؟
و ما الرأي إذا كانت المذاهب المنتصرة بقوة السيف مذاهب مخرفة.
و المذاهب المنهزمة أدنى إلى الرشد و الصدق؟
هل يعتبر الهجوم على هذه الحكومات عدوانا؟
إننا قبل أن نجيب بالتفصيل على هذه الأسئلة, و قبل أن نتبين معالم التاريخ القديم, نؤكد من جانبنا:
أن الإسلام لو استخدم قوة عسكرية ضد حكومات تعتمد سياستها على تأمين حقوق الفرد, و إطلاق
حريته الدينية و لكان قد ارتكب جريمة من أقبح الجرائم, و لجاز أن يؤاخذ بها إلى يوم الدين.
و حسبنا أن نسرد تاريخ الكنيسة في القرون السبعة التي سبقت الإسلام, ثم في القرون الثلاثة
عشر التي أعبقته, لنضع تحت أعيننا سلسلة من المآسي و الفواجع لطخت جبين البشر بالوحل, و
ما زال تاريخ الدنيا يئن من ذكرياتها, و يفزع إلى يومنا هذا من أشبحها! إن اضطهاد المخالفين
كانت صبغة عامة للمسيحية منذ تحولت إلى دولة على يد الإمبراطور الوثني قسطنطين.
و لم يكن اضطهاد أولئك المخالفين عملا فرديا, يبدو حينا و يختفي أحيانا, بل كان, سياسة ثابتة
حاسمة تستهدف أفناء الخصوم و محو آثارهم محوا. و كانت المذابح العامة و القوانين الصارمة
التي توحي بها تُدبر و تُنفذ بوحشية بالغة ( حرب الكنائس لأسد رستم, من منشورات الجامعة
اللبنانية و المؤلف نصراني كما هو معروف) "
-
-
-
-
Another Moon