بسم الله الرحمان الرحيم


هي والبناء
أقصوصة

أتصدق نفسها أم تصدق هزات السرير والصوت الرنان الذي يهمس في أذنيها واليدين اللتين تمسكانها، لترحل بها إلى ذلك الكون الذي تمنته ألف مرة ولم تجد له الطريق،أو لم يجد لها الطريق إلا في هذا اليوم وفي هذه الساعة المتأخرة من الهزيع الأخير ، حيث يسكن الجميع ، ويغادر المدعوون وتنتظر نتيجة اللقاء كما حددتها الأعراف؟
اللقاء، اللقاء، ماذا حدث في اللقاء؟ لماذا لم يتم ؟ هل الزوج أو الزوجة؟ أسئلة عديدة ترامت على المنتظرين أمام الغرفة، الدفوف لم تقرع، الزغاريد لم تسمع "الطبلة" تنقصها تلك الخرقة المزركشة ببضع قطرات الدم القاتم...الأم تطرق الباب وتصيح والجميع يحلقون في الظنون: " أسرع يا ولدي الناس ينتظرون"
* * *
العريس يسمع النداء من وراء الغرفة ، لو أنه علم عندما كان يتجادل مع أخلائه أن القدر سيصيره إلى هذا لما هزأ وسخر من أصحاب قصص البناء ، ها هو الآن يمضي أكثر من نصف ساعة بدون نتيجة والطلب يزداد عليه أمام عروس كلما دنا منها لتلبية حاجته وحاجتها وحاجة المنتظرين ، بكت ووجمت وأثارت إشفاقه لها،ورجعت لتجلس على حافة السرير مولية ظهرها له.
ماذا منعها من إتمام اللقاء؟أليست هي تلك الفتاة بنت الرابعة والعشرين التي تحدثت الألسن عن تفوقها،أليست هي التي حركت العواطف بقوامها الحسن وشفتيها القرمزيتين ونظراتها الشهوانية وصوتها العذب الطروب؟أليست هي تلك الفتاة التي أغرمت وانتظرت هذا اللقاء أياما وشهورا احترقت فيهما بلهيب الغرام والولع لكي تهدي عفتها لهذا الشاب الذي اختطفته وطارت به لتبعده عن الكثيرات.
* * *
لقد أرغمها الوقت وثقافتها إلى أن تطلب تأجيل البناء من زوجها الذي أخرجته من حيرته الموزعة بين الشعور واللاشعور والذي نطق في نفسه متذمرا:"اليوم عرفت ما البناء" وفتح باب غرفته إلا النصف وأخرج رأسه المتصبب عرقا وصاح للمنتظرين الذين سألوه بنظراتهم وسألهم بظروفه ولسانه بعدما تأكد أن فشله سيذاع ببنائه أو بغير بنائه قائلا:" ماذا تنتظرون أتحسبونني جاهلا مثلكم".