النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أميرة من كفر خضر ، قصة للشاعر الكبير الدكتور/ عزت سراج

  1. #1
    التسجيل
    31-01-2009
    المشاركات
    51

    أميرة من كفر خضر ، قصة للشاعر الكبير الدكتور/ عزت سراج

    أَمِيرَةٌ مِنْ كَفْرِ خَضْرٍ

    قصة من مجموعة أميرة من كفر خضر
    للشاعر الكبير الدكتور/عزت سراج
    ــــــــــــــــ

    فِي الطَّرِيقِ إِلَى مَطَارِ الْقَاهِرَةِ ـ الذِّكْرَيَاتُ الْمُتَدَاعِيَةُ كَأَمْوَاجِ بَحْرٍ فِي لَيْلَةٍ شِتَائِيَّةٍ عَاصِفَةٍ مُمْطِرَةٍ تَسْحَبُ رُوحِي ، وَتُلْقِي بِهَا تَحْتَ عَجَلاتِ السَّيَّارَاتِ الْمُتَزَاحِمَةِ 0
    كَأَنَّمَا أَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ أَلْتَقِطُ أَنْفَاسِي ، فَتَرْتَدُّ الرُّوحُ إِلَى صَدْرِي جَرِيحَةً كَقِطْعَةِ زُبْدٍ غَادَرَهَا السِّكِّينُ فِي وَجَعٍ لا يَهْدَأُ 0
    تَسْحَقُهَا الْعَجَلاتُ ثَانِيَةً 0
    الذِّكْرَى تَدْفَعُ بِالذِّكْرَى0

    أَدْخُلُ رُوحِي 000
    أَتَوَجَّعُ0000
    أَدْخُلُنِي000
    ثَمَّةَ بِنْتٌ سَمْرَاءُ بِعُمْقِ اللَّيْلِ ، تَفْرِشُ خُضْرَةُ
    عَيْنَيْهَا الْفَاتِرَتَيْنِ فَدَادِينَ الْقَرْيَةِ ، تَنْشُرُ بَهْجَتَهَا عَلَى أَحْزَانِ النَّخِيلِ الْمُرْتَفِعِ وَحْدَهُ فَوْقَ شَطِّ التُّرْعَةِ 0

    تَتَدَاعَى أَشْجَارُ الْجُمَّيْزِ بَعِيدًا خَلْفَ حُقُولِ الْقَمْحِ الْحَزِينَةِ 0
    أَتَوَجَّعُ 000
    ثَمَّةَ وَلَدٌ أَسْمَرُ يَعْرِفُ طَعْمَ السِّكِّينِ السَّاخِنِ فِي جِرَاحَاتِ الرُّوحِ 0
    يَزْدَادُ الْوَجَعُ 000
    000000
    000000
    000000
    الْقَاعَةُ تَضِجُّ بِالْمُسَافِرِينَ الْمُتَزَاحِمِينَ فِرَارًا مِنْ جَحِيمِ الْبِلادِ ، بَحْثًا عَنْ لُقْمَةِ عَيْشٍ لا يَدْفَعُونَ حُرِّيَّاتِهِمْ ثَمَنًا لَهَا000
    يَتَحَوَّلُونَ إِلَى كُتْلَةٍ تَضِيعُ فِيهَا مَلامِحُهُمْ 0
    الْحَرَكَةُ فِي الْمَكَانِ تَزْدَادُ ، وَالصُّفُوفُ مَرْصُوصَةٌ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا ، وَالأَكْتَافُ تُلاصِقُ الأَكْتَافَ ، تَحْمِلُهُمْ أَحْلامُ التَّغْيِيرِ عَلَى تَحَمُّلِ مَا لا يَنْتَهِي مِنْ آلامِ الْوَاقِعِ الْمَرِيضِ وَإِحْبَاطَاتِهِ الْمُتَكَرِّرَةِ 0
    000000
    000000
    000000
    مَا زِلْتُ أُقَاوِمُ ـ فِي أُذُنَيَّ ـ صَوْتَ احْتِكَاكِ عَجَلاتِ السَّيَّارَاتِ بِالطَّرِيقِ ، وَمَشْهَدَ الرَّصِيفِ الْمُتَحَرِّكِ ثَائِرًا عَلَى فَوْضَى السَّيَّارَاتِ الْمُصْطَدِمَةِ بِحَافَّتِهِ ، وَالأَشْجَارُ فَوْقَهُ تَزْدَادُ تَقَارُبًا وَارْتِفَاعًا مُعْلِنَةً غَضَبَهَا الْمَكْتُومَ 0
    000000
    000000
    000000
    دَفَعْتُ بِجَسَدِي الْمُنْهَكِ فِي آخِرِ الصَّفِّ ، وَأَلْقَيْتُ بِهِ بَيْنَ الْجِدَارِ وَالزِّحَامِ 0
    أَخْرَجْتُ جَوَازِي مِنْ بَيْنِ أّوْرَاقِي الْمُبَعْثَرَةِ لأَحْصُلَ عَلَى تَأْشِيرَةِ الْخُرُوجِ ، مُرَدِّدًا ـ فِي انْكِسَارٍ لا يَفْتُرُ ـ :
    { بِلادِي وَإِنْ جَارَتْ عَلَيَّ 000}
    000000
    000000
    000000
    فِي انْتِظَارِ وُصُولِ الطَّائِرَةِ جَلَسْنَا شَارِدِينَ
    تَمْلَؤُنَا الأَشْوَاقُ ، الأَوْلادُ ، الأَهْلُ ، طِيبَةُ أَبْنَاءِ
    الْقَرْيَةِ ، شَوَارِعُهَا الْمُتْعَبَةُ ، وَبُكَاءُ أُمٍّ تُوَدِّعُ
    وَحِيدَهَا لا تَسْتَطِيعُ مِنْهُ فِرَاقًا وَلا تَجِدُ عَنْ رَحِيلِهِ بُدًّا0

    فِي الْجَانِبِ الآخَرِ تَجْلِسُ حَسْنَاءُ فِي الثَّلاثِينَ ، حِجَابُهَا يَكْشِفُ مِنْ رَوْعَتِهَا أَكْثَرَ مِمَّا يُخْفِي ، لَمْ أَسْتَطِعْ مُعَاوَدَةَ النَّظَرِ إِلَيْهَا 0
    فِتْنَتُهَا طَاغِيَةٌ تَأْخُذُ بِالأَفْئِدَةِ ، كَأَنَّهَا جِنِّيَّةٌ هَبَطَتْ مِنْ جِبَالِ الأُولِمْبِ تَجْلِسُ قُرْبِي 0
    ـ مِنْ أَيْنَ جِئْتِ أَيَّتُهَا السَّاحِرَةُ الْمَاكِرَةُ ؟ وَكَيْفَ لامَسْتِ وَجَعِي فِي لَحْظَةٍ خَاطِفَةٍ كَالْبَرْقِ ، فَاسْتَسْلَمَ الْقَلْبُ ؟
    ـ عَلَيَّ أَنْ أُقَاوِمَ سِحْرَ عَيْنَيْهَا ، وَطَلْعَةَ وَجْهِهَا
    الآسِرِ 0

    ـ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتِ إِلَيَّ أَيَّتُهَا الْجِنِّيَّةُ الْبَهِيَّةُ الْفَاتِنَةُ الَّتِي نَصَبَتْ فِخَاخَهَا الْحَرِيرِيَّةَ ، فَسَقَطَ قَلْبِي وَعَلَقَ فِي شِرَاكِهَا ؟0
    000000
    000000
    000000
    صَعَدْنَا الطَّائِرَةَ 000
    لَمْ أُصَدِّقْ عَيْنَيَّ ، فَهَذِهِ الْجِنِّيَّةُ الإِنْسِيَّةُ بِكُلِّ بَهَائِهَا تَجْلِسُ جِوَارِي يُلاصِقُ جَسَدَهَا جَسَدِي 0
    ـ لا شَكَّ أَنَّهَا صُدْفَةٌ دَبَّرَتْهَا الأَقْدَارُ لِتَسْحَقَ مَا تَبَقَّى مِنْ رُوحِي الْكَسِيرَةِ 0
    دَقَّ قَلْبِي بَيْنَ جَنْبِي فِي جُنُونٍ كَذَبِيحٍ يَلْفِظُ آخِرَ أَنْفَاسِهِ مُحَاوِلاً الْفِكَاكَ مِنْ قُيُودِهِ دُونَ جَدْوَى 0
    لِلْمَرَّةِ الأُولَى مُنْذُ سَنَوَاتٍ بَعِيدَةٍ أَشْعُرُ بِخُرُوجِ قَلْبِي مِنْ صَدْرِي أَوْ يَكَادُ 000 اللَّهِيبُ يُشْعِلُ أَعْمَاقِي فَيَشْتَعِلُ الْمِقْعَدُ 000
    أَتَصَبَّبُ عَرَقًا 000
    فَرِحًا ـ كَطِفْلٍ فِي لَيْلَةِ عِيدٍ أَتَحَسَّسُ مَشَاعِرِي النَّابِضَةَ 0
    بَادَرْتُهَا الْحَدِيثَ :
    ـ هَلْ أَنْتِ أَمِيرَةٌ سَعُودِيَّةٌ ؟
    ابْتَسَمَتْ عَيْنَاهَا النَّاعِسَتَانِ السَّاحِرَتَانِ 0
    ـ أَنَا أَعْرِفُكِ مِنْ أَعْوَامٍ طَوِيلَةٍ 00 أَنْتِ مِنْ طَنْطَا ؟
    ابْتَسَمَتْ ثَانِيَةً 000
    ـ مِنْ طَنْطَا
    ـ مِنْ أَيْنَ ؟
    ـ مِنْ كَفْرِ خَضْرٍ
    تَجَاذَبْنَا الْحَدِيثَ بَيْنَنَا غَرِيبَيْنِ : غَرِيبًا يُرَجِّعُ حُزْنَ غَرِيبٍ 0
    أَخَذَتْنِي عَيْنَاهَا الْفَاتِرَتَانِ إِلَى أَحْلامٍ مَوْءُودَةٍ 0
    شَفَتَاهَا كَجَمْرَتَيْنِ تُشْعِلانِ الْحَرَائِقَ فِي
    جُنُونٍ 000 عَلَى صَدْرِهَا تَحُطُّ يَمَامَتَانِ تَنْقُرَانِ أَشْجَارَ الْخَوْخِ فِي بَرَاءَةٍ 000

    تَنَاغُمٌ مُسْتَحِيلٌ بَيْنَ أَعْضَائِهَا 000
    ـ كَمْ حَلُمْتُ بِهَذَا الْوَجْهِ الْعَذْبِ الْجَمِيلِ وَأَنَا
    طِفْلٌ أُمَارِسُ عَذَابَاتِي كُلَّ مَسَاءٍ 000
    رَسَمْتُهُ فِي ذَاكِرَتِي آلافَ الْمَرَّاتِ000

    000000
    000000
    000000
    هَبَطَتِ الطَّائِرَةُ 000
    تَرَكَتْنِي ـ فِي حَرَكَةٍ مُفَاجِئَةٍ ـ وَحِيدًا أَتَجَرَّعُ
    آلامِي 000

    أُرَاقِبُ خُطُوَاتِهَا الْمُسْرِعَةَ وَهِيَ تَبْتَعِدُ مُلَوِّحَةً بِيَدَيْهَا الرَّقِيقَتَيْنِ سَاحِبَةً رُوحِي خَلْفَهَا 0
    الذِّكْرَيَاتُ تَتَدَاعَى000
    مُوجِعَةً تَهْبِطُ فَوْقَ صَدْرِي 000
    تُشْعِلُ جَمْرَتَهَا أَمِيرَةٌ مِنْ كَفْرِ خَضْرٍ 0

    ــــــــــــــــــــ
    قصة من مجموعة أميرة من كفر خضر
    للشاعر الكبير الدكتور/عزت سراج

  2. #2
    التسجيل
    31-01-2009
    المشاركات
    51

    رد: أميرة من كفر خضر ، قصة للشاعر الكبير الدكتور/ عزت سراج

    شكرا لكل الأصدقاء الأعزاء على مرورهم الكريم ولطفهم الذي ليس له حدود ، مع خالص تحياتي وتقديري .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •