نزهة في الشاطئ
مر اليوم سنة و شهر واحد على لقائي الأول بغاليتي الصغيرة، تخلت الآن سمر عن
استعمال العكازين وصارت تمشي وتتحرك بحرية في البيت والحديقة لكن الجو بارد فنحن
في أشد أيام الشتاء برودة ، كنت أمام المدفأة عندما سمعت طرقا خفيفا على باب غرفتي
وطبعا الوحيدة التي تطرق بابي بهذه الطريقة هي سمر:
-هل يمكنني الدخول؟
-طبعا أميرتي الصغيرة تفضلي.
دخلت سمر وهي تحمل بيدها دفتر تلوين صغير وعلبة من الألوان:
- ماما روان هل يمكنك مساعدتي في تلوين هذه اللوحة التي رسمتها.
-حسنا غاليتي أرني ما رسمت.
رسمت سمر لوحة فنية جميلة رغم بساطتها، بحر واسع هادئ ورمال متموجة وسماء
صافية فيها سرب من الطيور.أخذنا أنا وسمر نلون اللوحة وفجأة توقفت سمر عن
التلوين ثم قالت:
-تعلمين ماما أريد أن أذهب الى البحر.
-إلى البحر! الآن وفي فصل الشتاء!
- نعم أريد فقط أن أراه من بعيد فقط للحظات.
الذهاب إلى الشاطئ في وقت كهذا ضربا من الجنون، الطقس بارد جدا :
-لا يمكننا الذهاب يا سمر لأن الجو بارد وستمرضين، لقد تعافيت من الكسر في ساقك منذ
وقت قصير لا نريد أن تمرضي مرة أخرى.
-فقط لبضعة دقائق أرجوك روان.
-لا يا سمر لا يمكن.
ودون أن تشكرني على مساعدتها في التلوين أخذت دفترها وألوانها وخرجت.
تناولنا طعام الفطور و طبعا سمر احتجاجا على رفضي لاصطحابها إلى الشاطئ أضربت
عن الحديث معي، لقد حاولت أن أكلمها بأية طريقة لكن محاولاتي باءت بالفشل الذريع
لذلك استسلمت وذهبت لأتصل بأبي كي
أطلب الإذن:
-مرحبا أبي كيف حالك؟
-بخير بنيتي ما الأمر؟
-أبي سمر تريد الذهاب إلى الشاطئ هل يمكنني اصطحابها؟
-اليوم وفي هذا الجو؟!
-ماذا قلت أبي، هل أنت موافق؟
-حسنا ليس أكثر من نصف ساعة.مفهوم؟
سمر تنال دائما ما تريده هذه الفتاة الشقية يزيدونها دلالا كل يوم، طرقت باب غاليتي
فوجدتها تلون نفس اللوحة، حسنا أيتها المدللة الصغيرة لقد وافق أبي على ذهابنا إلى
الشاطئ لذا استعدي. طارت سمر فرحا بهذا الخبر وقفزت إلي وعانقتني حتى كدت أختنق،
كم هي رائعة هذه الفتاة.
توجهنا إلى الشاطئ وطبعا كدت أتجمد من شدة البرد أما سمر فلم يكن يبدو عليها أنها
تولي اهتماما للبرد أوغيره المهم أنها نالت ما أرادت:
-سمر حبيبتي نحن لن ننزل إلى الشاطئ سنرى البحر من هنا فقط.اتفقنا؟
-لا نحن سننزل والآن حالا.
سمر توقفي كم هي عنيدة!، انطلقت كالصاروخ وتبعتها ركضا بأقصى سرعتي:
-ماذا قلت يا سمر؟
-فقط للحظات ونعود إلى البيت يا روان.
بقينا نراقب أمواج البحر العالية وهي تذهب وتجيء، ولكن السماء كانت ملبدة بالغيوم
وبدأت قطرات المطر بالتساقط:
- جيد أننا أحضرنا المضلات معنا.قلت في نفسي.
-ماما أرغب في تناول فطيرة كبيرة.
-وهل علي أن أدفع ثمن هذا؟ قلت
-نعم فأنت من دعاني لهذه النزهة. قالت
-آ...حقا أنت صاحبة الفكرة وأنت من عليه أن يدفع يا سمر.
وبالتأكيد ككل مرة علي أن أذعن لرغباتها فهي مدللتي الصغيرة:
-حسنا إذن هيا بنا لشراء الفطائر.
-لا أنا سأنتظرك هنا حتى تعودي. قالت سمر
-لن أتركك بمفردك يا سمر.
-لن أبرح مكاني أعدك.
حسنا لن أتأخر إياك أن تتحركي خطوة.
هزت رأسها إيجابا، بعدها تركتها و ياليتني لم أفعل.
(يتبع)