النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: أصعب دموع ؟! - قصة قصيرة

  1. #1
    التسجيل
    03-11-2009
    الدولة
    مصري مقيم بالسعودية - أبها
    المشاركات
    32

    أصعب دموع ؟! - قصة قصيرة

    أصعب دموع
    قصة قصيرة
    كتبها : أحمد كمال
    أعمل في هذا المتنزه منذ سنوات ، وهي تأتي على كرسيها المتحرك من قبل أن أعمل ، يدفعها سائق متأنق ، يأتي بها في الصباح ، ويعود بها في المساء ، بقيت لسنوات وأنا أراقبها ، تجلس أمام البحر وتنظر إليه ، كأنها تحدثه ويحدثها ، وفي يدها كتاب لا يغادر كفيها الرقيقين ، داهمني الفضول ، ولما احتلني قررت في هذا اليوم أن أقتحم خلوتها ، وأتعرف عليها ، وأكشف سر هذا الكتاب الذي بين كفيها ، اقتربت وأنا أرتعش ، فجمالها أخاذ ، وجاذبيتها ساحرة ، وكلما اقتربت تداعى إلى أنفي رائحة عطر لم أشتمه من قبل ، وقفت خلفها في خشوع ، وشعرها المنسدل على كتفيها ، ثم على الكرسي ، تنبعث منه حرارة ، تكفي لتدفئتي من برد السنين ، أوشكت أن ألمسه بأطراف أصابعي لكني تراجعت ، تقطعت أنفاسي ، وانتابني شعور مفاجئ بالدوار ، ورحت أترنح ، حتى التفتت إلي بعينيها الخضراوتين ، ونظرت إلي نظرة ثاقبة ، فتجمد الدم في عروقي ، واحمرت وجنتي في آن واحد ، حتى ارتسمت ابتسامة رقيقة على شفتيها العنقودية ، فرددت بمثلها ، ثم أشارت لي بالجلوس ، جلست أمامها وأنا في حلم جميل ، وقالت بصوت ساحر أخاذ ، ووجه آسر خلاب :
    - هل أستطيع أن أخدمك بشيء ؟
    فهززت رأسي مرة بلا ثم بنعم ثم بصمت مطبق ، راحت تنظر إلي مستغربة ، واستجمعت عندها قواي ، وشحذت عزيمتي ، وسللت حماستي وقلت :
    - لقد أردت أن أتعرف عليك ، فأنا أراقبك منذ سنوات !!
    فاحمرت وجنتيها من الخجل ، وراحت تنظر إلى الأرض في ارتباك شديد ، ثم واصلت :
    - أنا لا أقصد مضايقتك ، ولكن الفضول ، وربما الإعجاب جرأني اليوم لأقتحم خلوتك
    فلملمت أشلائها ، وراحت تضحك بهستيرية ، وأنا مستغرب تماماً ، ثم قالت :
    - تراقب امرأة مقعدة في العقد الرابع من عمرها !! أنت غير طبيعياً!!
    وشعرت بأنها لا تصدقني ، وبدت ملامح الضيق على وجهي ، وخيبت الأمل تشع من عيني ، وأوشكت على القيام ، فربتت على كفي بحنو بالغ قائلة :
    - لا تغضب ، أنا مدينة لك بأول ضحكة في حياتي !!
    فسألتها مباشرة وبقسوة :
    - ما ذاك الكتاب الذي بين كفيك ؟!
    فقلبت الكتاب بين كفيها ، ثم نظرت إلي ، ومدت يدها لتعطيني الكتاب ، قائلة :
    - تفضل !! يمكنك أن تقرأه ، إنها ذكريات حياتي !!
    أمسكت الكتاب ورحت أقلب في صفحاته بنهم شديد ، لا أحرف ، لا كلمات ، لا عبارات ، صفحات بيضاء ، ابتلت ، وجفت ، فنظرت إليها مستغرباً ، لتقول :
    - أنا لا أجيد الكتابة مثل الأدباء ، وتلح علي خواطر كثيرة سجلتها بالدموع ، كلها بالدموع !!
    فاتسعت حدقتي ، وثغر فاه ، وهي تنظر إلي وتضحك ، تضحك ، ثم قالت :
    - دعني أوضح لك !!
    ورحت أقلب في صفحات الكتاب وهي تخبرني بكل نوع من أنواع الدموع المجفف على الصفحة
    دموع الغـــــــــــــــــــــــــــــــــضــــــــــــــــــــــــــب
    العنــــــــــــــــــــــــــــــــــاد
    الرضا
    الوفاق
    الصلح
    الوفاء
    الألم
    الوجع
    الاشتياق
    القهر
    الظلم
    الحرمان
    الفقر
    الجوع
    الحب
    اللهفة
    المتعة
    النشوة
    الفراق
    اللقاء
    العذاب
    الانكسار
    الانتظار
    الوحدة
    الغدر
    الخيانة
    الامتلاك
    النصر
    الهزيمة
    الضياع
    الفرح
    الحزن
    الذل
    الرجاء
    القسوة
    الحنان
    الرحمة
    الشفقة
    المواساة
    الندم
    الكره
    الانتقام
    الخوف
    الرعب
    الأمان
    النسيان
    الذكريات
    الحقد
    البغض
    الكرامة
    السماح
    الصفاء
    لكل دمعة قصة كانت تقصها علي ، ومرت الدقائق ، والساعات ، الأيام ، والأسابيع ، الشهور ، والفصول ، وسنوات ، كلمح البصر ، تنتظرني ، وأنتظرها ، وفي كل صفحة دمعة ، ولكل دمعة حكاية ، ودائماً مؤلمة !! ولم يعد في الكتاب غير صفحتين ، بدمعتين ، هذه الدمعة كانت غريبة ، فنظرت إليها متسائلاً ، فردت بضحكتها الصاخبة التي تعودت عليها قائلة في خجل :
    - هذه دموع البصل !!
    فضحكت أنا الآخر ، وأنا لا أريد أن أقلب الصفحة الأخيرة حتى لا أحرم من رؤيتها بعد اليوم ، ولكنها أشارت لي برموش عينيها أن أقلب الصفحة ، فلما قلبتها ، وجدتها بيضاء ، بدون دموع ، وعندها أمسكت بيدي لأول مرة ، وشدت عليهما قائلة بصوت متهدج :
    - هذا أصعب بكاء ، البكاء من دون دموع ، كالألم بدون صراخ !!
    وإذا بي لا أتمالك نفسي ، وتتسلل من مؤقتي ، عبرات ساخنة ، تنساب على خدي ، وتسقط على غلاف الكتاب ، فتريح ظهرها على الكرسي ، وتنظر إلي قائلة :
    - شكراً ، شكراً على التوقيع !!
    وراحت!!
    ورحت أجهش في بكاء شديد ، أو أؤكد التوقيع !!
    انتهى

  2. #2
    الصورة الرمزية ياسمين الشام
    ياسمين الشام غير متصل عضوة قديرة ومراقبة سابقة
    .•||• . زهرة المنتدى. •||•
    التسجيل
    25-03-2006
    الدولة
    في قلب الشآم..
    المشاركات
    1,674

    رد: أصعب دموع ؟! - قصة قصيرة

    غريبة هي قصتك سيدي..
    أسلوك جميل يحتاج إلى الصقل كي يظهر بريقه أكثر
    هي القراءة ولا شيء غيرها يصقل الموهبة

    بانتظار المزيد منك..
    ي

  3. #3
    التسجيل
    03-11-2009
    الدولة
    مصري مقيم بالسعودية - أبها
    المشاركات
    32

    رد: أصعب دموع ؟! - قصة قصيرة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسمين الشام مشاهدة المشاركة
    غريبة هي قصتك سيدي..
    أسلوك جميل يحتاج إلى الصقل كي يظهر بريقه أكثر
    هي القراءة ولا شيء غيرها يصقل الموهبة

    بانتظار المزيد منك..
    ي
    شكراً لمرورك الكريم
    وأعدك بالعمل بنصيحتك
    مودتي

المواضيع المتشابهه

  1. قصص قصيرة جدا
    بواسطة : SAID ABO NAASA , في الرواية و القصة القصيرة المنقولة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-08-2005, 09:15 AM
  2. قصة قصيرة
    بواسطة : الموت الاحمر , في الروايات و القصص القصيرة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 20-07-2004, 03:27 AM
  3. وش أصعب . . .
    بواسطة : la_fy , في المنتدى العام
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 25-06-2003, 04:14 PM
  4. عالم المرأة دموع الرجل هل هي اعز من دموع المرأه .
    بواسطة : BadGuy , في الأسرة و الحياة الزوجية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 19-04-2002, 07:43 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •