النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: أقزام البيت الكبير ؟! قصة قصيرة

  1. #1
    التسجيل
    03-11-2009
    الدولة
    مصري مقيم بالسعودية - أبها
    المشاركات
    32

    أقزام البيت الكبير ؟! قصة قصيرة

    أقزام البيت الكبير ؟!
    قصة قصيرة
    كتبها : أحمد كمال
    سعادتي اليوم ليس لها حدود ، فأنا أحمل رسالة خطيرة ، إلى الرجل الأسير ، في البيت الكبير .
    واليوم أيضاً نهاية دوامي في مهنة ساعي البريد .
    منذ عشرات السنين وأنا أنظر بلهفة لهذا البيت الكبير ، من فوق جبل ساحق ، شهيق ، أو من فوق برج عاجي ، معزول ، وفي كل مرة أراه بشكل جديد .
    ويبقى الثابت فيه، بيت كبير ، كبير ، واسع ، فسيح ، له شرفات أربعة ، ويتوسطه مسبح أحمر طويل ، طويل .
    وها أنا ذا بعد مشقة الطريق ، أتأقزم تحت أسوار البيت الكبير ، ويتفصد جسدي عرقاً غزيراً ، وألتقط أنفاسي من الجهد تارة ، والرهبة تارات ، فيا ترى ماذا وراء أسوار البيت الكبير ؟! وكيف يكون الرجل الأسير ؟!
    رحت أتلفت ذات اليسار ، وذات اليمين ، عسى أن أجد مدخلاً لهذا البيت الكبير ، بلا جدوى كنت أبحث ، ففكرت أن أتسلق الأسوار كأنني لا زلت شاباً صغير !! فرنوت بطرف عيني ثم تابعت بعينين متلهفتين ، وإذا برقبتي ترفع رأسي لأعلى ، ثم لأعلى ، حتى فقدت توازني وطحت على الأرض وأنا أصرخ ، أصيح ، وأضحك ، أقهقه على نفسي ، وأنا أفكر في تسلق سور لا أرى نهايته !!
    جلست على الأرض وقد نال التراب من سترتي ، والجهد من جسدي ، واليأس يكاد يملأ قلبي ، أين المدخل لهذا البيت الكبير ؟! ولماذا لهذه الدرجة هو حصن ، حصين ؟! وعدت أشحذ عزيمتي ، وأتطلع للتجول في ساحات وغرف البيت الكبير ، وأنظر للعالم من شرفاته الأربعة ، وأسبح في الحمام المرجاني الأحمر الطويل !! فانتابتني ثورة ، وقمت ، ركضت ، وأنا أتقافز كطفل صغير ، نحو سور البيت الكبير ، ولما دنوت منه بقيت راكضاً ، كأني أسعى لاصطدام رهيب !! وتعالت ضحكاتي مجلجلة ، بهذا الجسد الهزيل ! سأقض أسوار البيت الكبير ؟!
    تلامس كتفي الضعيف ، بأحجار الأسوار ، فتزلزلت الأرض ، واهتز السور ، راح يترنح ، وجاء يتأرجح ، حتى دك السور ، وهوى من حيث لم أرى ، حتى صار ركامه تحت قدمي ، وانكشفت عورة البيت الكبير ، صحن فسيح ، فسيح ، وزحام كثيف ، كثيف ، وإذا بأقزام يحتشدون ، ومن حولي يلتفون ، يعتمرون قبعات حديدية ملونة ، ويحتمون بدروع زجاجية مبلورة ، ويضربون الأرض ضرباً مزلزلا، ويطلقون صيحات مجلجلة ، فجثوت على ركبتي رافعاً يدي فوق رأسي مستسلماً ، ومتوسلاً ، فلما جثوت انسحبوا ؟! كتمت ضحكاتي التي تتدافع من أعماق أعماقي ، ودهشتي التي ملأتني حتى كدت أنفجر منها ، أهذا هو البيت الكبير ؟! وهؤلاء الأقزام من تسكنه ؟! ياله من شيء عجيب ! عجيب .
    وقفت وغطرسة القوة تملأني ، وغرور العمالقة تملكني ، فرحت أتقدم في ردهات البيت الكبير ، وأنا أستبيح كل ما تقع عليه عيني ، أو تلمسه يدي ، وأنا أنادي ، أصرخ ، أصيح :
    _ أين أنت أيها الرجل الأسير ؟! يا ساكن الوهم الكبير !!
    وإذا بمئات الأقزام تحتشد من جديد ، وتلتف من حولي ، وتلقي علي شباك من حديد ، من ثقلها رحت أهوى حتى جثوت على ركبتي ، ثم إستويت والأرض ، وصار وجهي مسحوقاً ، ذليلاً ، فدنا من وجهي نعل حذاء غليظ ، رفعه منتعله على خدي ، وراح بلا رحمة يدهسني كأني له عدو منذ ملايين السنين . وبلا وعي رحت أصرخ ، وأتوسل له أن يرحمني ، وتترائي أمام عيني أجساد معلقة كذبائح على أسوار البيت الكبير ، وأخرى مطاردة في فضاء أضيق من حبل الوريد ، وتزاحمت على أذني صيحات مجلجلة ، وأخرى متألمة ، حتى لم أعد أفرق بينهما ؟! وآخرون بالسياط يجلدون ، وبالنار يكتوون ، وفي الزوايا أجساد فحمتها صواعق الكهرباء ، وحرائر عاريات لم يتبق من أجسادهن إلا العظام ، وفي السراديب عبر أنفاق الظلام ، آلاف ترقد بدون سلام ، فصحت غاضباً في ذلك الحذاء ، وأنا أسأله :
    - من هؤلاء ؟!
    فرد مستغرباً بصوت خشن فيه من القسوة ما تشاء :
    - هؤلاء هم أعداء الزعيم ؟!!
    فأسرعت مستفسراً :
    - الرجل الأسير ؟
    فرد مزمجراً:
    - جلالة الملك ، سمو الأمير ، فخامة الرئيس ؟!
    فصحت فيه وأنا غاضباً :
    - إني احمل رسالة عاجلة للرجل الأسير .
    فضحك ضحكة ليس بها من الضحك إلا الرنين وقال في سخرية :
    - تقصد العملاق الأخير ؟!
    فأشرت بيدي أن نعم ، ووجدت نفسي أجر من قدمي مهيناً ، ذليلاً ، عبر طرقات واسعة ، والأقزام تتأملني كأنني شيء غريب ، أقزام متصارعة ، وأخرى محتلة ، وأخيرة لاجئة وما من مغيث ، ورحت أرقب من بعيد ، بعيد ، وجوه اليأس تملكها ، وعيون الرعب أفزعها ، وأبت إلا أن تخترق أذني بلا رحمة ، أنات ، وآهات ، ونحيب ، لم تكن من البشر ، بل من الأرض ، والأحجار ، والسنين ؟!
    وتوقفت الأحذية ، وراحت تفك أوصادي ، وأنا في حالة بالية ، أستحي من نفسي ، ولا أكاد اصدق ما حل بي من مجموعة أحذية ؟! حتى تنحنح صوت ينبهني ، ملأ قلبي بالطمأنينة ، وأشعرني أنني باق في دنيا جميلة :
    - مرحباً يا ساعي البريد ؟!
    سمعت هذا كترتيل الترانيم ، وتذكرت إنني لا زلت ساعي البريد ، وسأبقى كذلك ، سأبقى حتى لا يعد في الدنيا وليد !! ولكني أجهشت في بكاء شديد ، شديد ، وفاضت من عيني أنهاراً ، تكفي لتفيض أنهار البيت الكبير ، وضحكت في الوقت نفسه ، ضحكات مجلجلة ، رنانة ، وأخذت أهز أكتافي وأقهقه ، من فرحة لقائي بالرجل الأسير ، ربت على كتفي بيده وأمسك بي ، وجذبني لأعلى ، وأنا بجسدي أستجيب ، ولا زلت أجهش في بكائي ، ولا يزال يهزني ضحك مميت ، حتى أدارني إليه ، ولامست أطراف أنامله لحيتي التي مرغت في تراب الوهم الكبير ، ورفع رأسي وأنا لا زلت أجهش في بكائي ، ويهزني ضحك مميت ، ومن بين غرو رقت الدموع ، لمحت نوراً ، منبعث من وجه آسر ، بريء من كل الذنوب ، فرحت أكبح جماح بكائي ، وأضع أصابعي على شفتي لأمنع ضحكاتي ، حتى توقفت تماماً ، فمد يده إلي مصافحاً وهو يكرر :
    - مرحباً يا ساعي البريد
    فنظرت في الأرض على استحياء وقلت بصوت المنكسر الذليل :
    - هذا ما تبقى مني يا سيدي ! فأنا حطام ساعي البريد !
    فعاد ورفع رأسي لأعلى قائلاً :
    - لا تقل هذا فلك العمر المديد !! وإن لي عندك رسالة فهل بقيت ، أم سحقت تحت نعالهم ؟!
    فرحت أفتش في كل أركاني ، ووجهي يكسوه فزع كبير ، حتى لامستها مندسة بين آلام قلبي ، وأحزان صدري ، فصحت وأنا أمسكها وأعطها له :
    - وجدتها يا سيدي ، الرسائل لا تضيع ، يضيع من يحملها !!
    فتح الظرف ، أمسك بالخطاب ، ورقة حمراء ، يسكنها حبر أخضر وهاجاً ، ويحدها خطوط صفراء ، وحمراء ، وبيضاء ، مرسوم فيها صقور ، ونسور ، وغربان ، وتيجان ، وخناجر ، وسيوف ، ونخل ، وزيتون ، ورمان ، وليمون ، وبرتقال ، وأخذ يتمتم قائلاً :
    - ولد الأمل من رحم اليأس ، والبؤس ، والحرمان ؟!
    انتهى



  2. #2
    الصورة الرمزية ياسمين الشام
    ياسمين الشام غير متصل عضوة قديرة ومراقبة سابقة
    .•||• . زهرة المنتدى. •||•
    التسجيل
    25-03-2006
    الدولة
    في قلب الشآم..
    المشاركات
    1,674

    رد: أقزام البيت الكبير ؟! قصة قصيرة

    شعرت أن في القصة معنى لم تفصح عنه جيداً..
    لكن أسلوبها أفضل من سابقتها..وأكثر متانة
    وفقك الله سيدي..

  3. #3
    التسجيل
    03-11-2009
    الدولة
    مصري مقيم بالسعودية - أبها
    المشاركات
    32

    رد: أقزام البيت الكبير ؟! قصة قصيرة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسمين الشام مشاهدة المشاركة
    شعرت أن في القصة معنى لم تفصح عنه جيداً..
    لكن أسلوبها أفضل من سابقتها..وأكثر متانة
    وفقك الله سيدي..
    شكراً لمرورك الكريم
    وتعليقك الرقيق
    مودتي

  4. #4
    التسجيل
    03-11-2009
    الدولة
    مصري مقيم بالسعودية - أبها
    المشاركات
    32

    رد: أقزام البيت الكبير ؟! قصة قصيرة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسمين الشام مشاهدة المشاركة
    شعرت أن في القصة معنى لم تفصح عنه جيداً..
    لكن أسلوبها أفضل من سابقتها..وأكثر متانة
    وفقك الله سيدي..
    شكراً لمرورك الكريم
    وتعليقك المفيد
    مودتي

المواضيع المتشابهه

  1. أقزام البيت الكبير ؟! قصة قصيرة
    بواسطة : أحمد كمال سالم , في الروايات و القصص القصيرة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 25-11-2009, 06:50 PM
  2. أقزام البيت الكبير ؟! قصة قصيرة
    بواسطة : أحمد كمال سالم , في الروايات و القصص القصيرة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 25-11-2009, 06:48 PM
  3. أقزام البيت الكبير ؟! قصة قصيرة
    بواسطة : أحمد كمال سالم , في الروايات و القصص القصيرة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 25-11-2009, 06:46 PM
  4. قصة قصيرة فيها الكثير من المعاني
    بواسطة : the slayer , في المنتدى العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 31-10-2001, 01:19 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •