في قديم الزمان عاش تاجر أمين كان يتقي الله تعالى ويخاف عذابه ، وفي رحلة من رحلات تجارته فكر في أن يستقر في بلدته، ويستريح من كثرة السفر وعناء الترحال، بعد أن كبر سنه وضعفت صحته، وانتشر الشيب في رأسه ولحيته . أراد التاجر أن يشتري دارا واسعة تليق به وبمكانته، فذهب إلى رجل قد علم أنه يريد أن يبيع داره فاشتراها منه، و مرت الأيام والتاجر يعيش في داره الجديدة، وإذا به ينظر يوما إلى أحد جدران الدار ويقول في نفسه: لو هدم هذا الجدار لكانت هناك مساحة أكبر للبيت، وبالفعل أمسك بفأسه وأخذ يهدم الجدار، وفجأة رأى شيئا عجيبا: إنها جرة مملوءة بالذهب . صاح التاجر: يا إلهي كل هذا الذهب بهذا الكنز مدفون بداخل الجدار؟ لابد أن أعيده إلى صاحبه وهو صاحب الدار الأول فهو أولى به، وليس لي حق فيه، والمال الحرام يضر ولا ينفع. وحمل التاجر الأمين جرة الذهب وذهب بها إلى الرجل الذي اشترى منه الدار، ووضعها بين يديه قائلا: خذ هذه الجرة فقد وجدتها في الدار أثناء هدم أحد الجدران، فليس لي حق فيها، لأنني قد اشتريت منك الدار ولم أشتر منك جرة مملوءة بالذهب . فقال الرجل: هذه ليست ملكي، بل هي ملكك أنت فقد بعتك الدار بما فيها. واختلف الرجلان وكل منهما يرفض امتلاك جرة الذهب . ولم يجدا حلا للنزاع سوى أن يذهبا إلى قاضي المدينة . وبعد أن سمع القاضي قصتهما قال: لم أر رجلين أمينين مثلكما، كل واحد منكما يرفض مثل هذا الكنز تورعا عن أن يمتلك مالا حراما ليس من حقه؟ وسأل القاضي : ألديكما أولاد؟ فقال التاجر الأمين: نعم لدي بنت . وقال الرجل الآخر: نعم لدي ابن . فقال القاضي: يتزوج الابن من بنت التاجر وينفق هذا الكنز عليهما. فاستصوب الرجلان رأيه ووافقا على الزواج فورا . [أصل القصة في حديث شريف عن حبيبنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، رواه البخاري في صحيحه] .